شعار الموقع (Our Logo)

 

 

فازت السينمائية اللبنانية الشابة ميرنا معكرون اخيراً في مهرجان برلين السينمائي الدولي بجائزة عن فيلمها "برلين - بيروت". وعبرت ميرنا في حديث الى "الحياة" عن سعادتها الكبيرة بالفوز الذي لم تكن تتوقعه كما قالت, وأضافت: "فرحت كثيراً عندما تلقيت خبر الفوز خصوصاً مع كل ما تكبده فريق العمل من مشقات, وأذكر هنا في شكل خاص مهندس الصوت فرانك بهنكي والمسؤولة عن المونتاج سيمون كلير اللذين تعبا كثيراً معي, وأعطياني الكثير من وقتهما وجهدهما وطاقتهما... لقد آمنا بالفيلم كما فعلت انا وفي النهاية هي جائزة لبيروت وللبنان ايضاً.

حرارة وتصفيق

"نظرتك الى برلين" هو عنوان المسابقة التي اختير فيها سيناريو فيلم "برلين - بيروت" بين اكثر من 120 عملاً من مختلف دول العالم الى جانب فيلمين آخرين الاول من سويسرا والثاني من اميركا شاركاه في امسية المهرجان التي كان للسينما اللبنانية فيها نصيب عبر فيلم معكرون.

وتصف معكرون الاستقبال الحار الذي لقيه الفيلم في برلين قبل عرضه في بيـروت فتقـول: "أثر فيّ كثيراً كل ذلك التصفيق الذي اشتعل في الصالة بعد العرض الاول للفيلم. اذ ما كـان من شأن الاستقبال ان يكون ابداً اكثر حرارة مما شهدته. وبصراحة لم أكن اتوقع رد الفعل هذا. من جهة ثانية كان يوجد بين الحضور بعض اللبنانيين الذين "عشقوا" العمل كما قالوا لي خصوصاً لمعرفتهـم بكـل زاويـة من كلا البلدين". فماذا عن هذا العمل؟

"برلين - بيروت" مقاربة شخصية لمدينتين متباعدتين في الجغرافيا, واحدة في الغرب والأخرى في الشرق, إلا انهما متشابهتان في الكثير من التفاصيل كما رأتها عين المخرج. بين برلين وبيروت الكثير من اوجه الشبه, مدينتان خارجتان من حرب ضارية بعد ان تعرضتا لأبشع انواع القصف والدمار والتقسيم. وعلى رغم اعادة البناء لا يزال الناس في كلتا المدينتين يشيرون الى شرقية وغربية. التناقض سمة المدينتين الحقيقية: بناء حديث وقديم, تطور وتخلف, غنى وفقر... كل تلك التناقضات تكون في شكل ما السحر الذي يتدفق منهما من دون ان ننسى ما تمثلانه من ثقل في البلدين كونهما مركز القوة والقيادة والسلطة السياسية.

البطلة هي مخرجة الفيلم نفسها التي تنقل الينا شيئاً فشيئاً الوجه الأنثوي لهاتين المدينتين بالسحر والجرح والشغف, التي تحيط وتقودنا معها الى اجزاء برلين وأجزاء من بيروت... نسمعها تتكلم, تروي القصص, الذكريات والمغامرات, فتمتزج الاماكن وتتشابك الاحداث الى حد الشعور بأننا امام مدينة واحدة لا مدينتين: تدخل احد احياء من برلين فتخرج من زقاق في بيروت مزج حقيقي... الشوارع, الابنية, الاصوات, الوجوه, كلها واحدة". والسؤال: ما الذي دفع معكرون الى هذا التصور على رغم انها عاشت في بيروت الفترة الزمنية الاطول من حياتها وبالتالي برلين غريبة عنها؟

دفء الوطن

وبالفعل عاشت معكرون في بيروت طوال حياتها زارت خلالها برلين ثلاث مرات. في المرة الاولى لم تكن قد اكتشفت هذه المدينة عن قرب بعد, كون الرحلة لم تمتد اكثر من يوم واحد, الى ان شاركت في "برلينال 2003" لمدة اسبوع اكتشفت بفضله المدينة وايقاعها وتقول: "في هذا الاسبوع اكتشفت الامكنة والطرقات, التقيت عدداً من السكان وتعرفت الى نمط حياتهم اليومية.

ولا يمكن ان تتصوري حجم التأثر الذي اصابني, شعرت بأن جزءاً من بيروت موجود في برلين: الابنية, الامكنة, الاسوار, كلها تبدو متشابهة. كذلك شعرت بدفء بيروت وروحها في هذه المدينة التي سرعان ما وقعت في غرامها. من هنا جاءتني فكرة الفيلم الذي اردت من ورائه ان يشاركني الجمهور المشاعر التي اكنها لهاتين المدينتين ولأظهر نظرتي الخاصة اليهما. انه فيلم خاص جداً, من هنا تعمدت ان اكون انا نفسي امام الكاميرا". والحال انها لم تكن المرة الاولى التي تقف فيها ميرنا معكرون امام الكاميرا في دور تمثيلي اذ سبق ان شاركت في الكثير من الافلام اللبنانية نذكر منها على سبيل المثال: "كان يا مكان بيروت" من اخراج جوسلين صعب, "متحضرات" لرندا الشهال, "ألف ليلة وليلة" لهادي زكاك, "صندوق عجب" لرضا الباهي وغيرها من الاعمال.

وعلى صعيد الاخراج في مسيرة ميرنا معكرون الفنية اربعة اعمال هي: لقاء (1995), قصص راشدين (1997), غموض (1997), وأخيراً الفيلم التسجيلي "برلين - بيروت" الذي سيعرض قريباً في لبنان في عرض من تنظيم معهد غوته في بيروت.

ويبقى السؤال ما اهمية هذه الجائزة في مستقبل ميرنا معكرون المهني وهل سيكون لها تأثير في المشاريع المستقبلية؟ تجيب: "لا شك في ان هذه الجائزة دعم كبير لي للمستقبل. فهي تساعد الناس على التعرف الي وبالتالي تُسهل امكان حصولي على الدعم المادي والتمويل من داخل المانيا لمشاريع اخرى, علماً ان الفيلم الاخير "برلين - بيروت" هو من تمويل صندوق برلين البلدي لتمويل الافلام. والواقع انه بعد حصولي على هذه الجائزة تلقيت عروضاً عدة الامر الذي مدّني بثقة كبيرة في النفس خصوصاً لفكرة ان المنتجين يرحبون بالتعامل معي وباتوا على معرفة بي. مهما يكن من امر فأجمل جائزة حصلت عليها خلال المهرجان كانت محبة الناس, اذ لا يمكن ان تتصوري شعوري عندما يقترب مني احدهم ويسلم علي بحرارة ويقول لي انه اعجب كثيراً بالعمل. فوحدها هذه الكلمة تنسيك كل التعب الذي تتكبدينه وتمدك بقوة, اذ سرعان ما يتحول الارهاق الذي دام سبعة اشهر الى نشوة لا مثيل لها". وتختم: "مما لا شك فيه ان الجوائز اساسية في تقدم الفنان اذ تعطيه الدفع للامام والقدرة على الانتاج اكثر وأكثر. من هنا انا اليوم في صدد كتابة سيناريو فيلمي الطويل الاول, اذ اشعر حالياً برغبة كبيرة في اعادة التجربة من جديد".

جريدة الحياة في  27 فبراير 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

بسام الذوادي ـ لقاء

      مهرجان البندقية.. يكرم عمر الشريف

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

آسيا جبّار عبّرت عن الهواجس الدفينة للمرأة

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

"برلين ـ بيروت"

حينما يتحول إرهاق سبعة أشهر إلى نشوة غامرة

فيكي حبيب