شعار الموقع (Our Logo)

 

 

ترى نفسها رائدة من رواد «ثورة الجسد»، تقتحم بجرأة مثيرة للمشاكل المسكوت عنها في المجتمعات الشرقية، وتنزع الأغطية عن تفاصيل المشاعر الخاصة بين المرأة والرجل، وتتبني بأسلوبها السينمائي الصريح مفاهيم مدرسة فرويد في النظر إلى الجنس كمفتاح لفهم وتحليل طبيعة الشخصيات، لذلك تثير أفلامها موجات من الصراع الساخن مع التيارات المحافظة في المجتمع العربي، ليس على المستوى الإعلامي وفقط لكنها تصل في كثير من الأحيان إلى ساحات القضاء.

بعد سنوات من المشاكسات التي هددت مصيرها بالسجن والجلد يبدو أن عزيمة المخرجة المثيرة للجدل أقوى مما تخيله كثيرون حيث لم تثنها العواصف التي هبت في مواجهة فيلمها المقبل «الباحثات عن الحرية» عن مواصلة مشروعها الذي اعتذرت عن المشاركة فيه أكثر من ممثلة بسبب جرأة المشاهد الجنسية التي تتضمنها الأحداث.

تقول إيناس: لقد عزمت أمري منذ سنوات عملي الأولى في السينما على مواجهة التخلف والجمود الذي نعيشه، وفضح الازدواجية التي تتفشى بشكل مذهل في كافة تصرفاتنا، لهذا اعتدت على المشاكل والمهاترات التي تبدأ عقب عرض أي فيلم من أفلامي، وأحيانا قبل العرض لمجرد الإعلان عن عنوان الفيلم.

  • هذه المرة يبدو أن الخلاف حول الفيلم لم يكن من خارج الوسط الفني فقط، بل اعتذرت عن المشاركة نجمات كثيرات بسبب الجرأة الزائدة؟

- هذا الكلام غير صحيح، وهناك من يحاول الترويج لنفسه على حسابي، وأؤكد لكم أن ما أثير حول اعتذار أكثر من فنانة عن المشاركة في فيلم «الباحثات عن الحرية» مجرد أخبار صحافية «مفبركة»، ربما دستها بعض الممثلات بغرض البقاء تحت الضوء، لأنني لم أرشح أي واحدة ممن ترددت أسماؤهن.

  • قيل أن أكثر من عشر ممثلات وعارضات لبنانيات تم ترشيحهن لدور الصحافية اللبنانية قبل أن يستقر أخيرا عند «نيكول بردويل»؟

ـ لم يحدث ذلك، على الرغم من أنني قرأت مثل هذه الأخبار في الصحف، لكنني أوضح لأول مرة حقيقة ما حدث قبل اختيار نيكول، لقد سافرت إلى لبنان بالفعل للبحث عن ممثلة مناسبة لبطولة الفيلم، ولم أكن قد حددت بعد فكرتي النهائية عن الممثلة التي ستلعب دور «أمل»..

  • هل أختار ممثلة محترفة تجيد التمثيل بصرف النظر عن جمالها، أم أختار فتاة حسناء كما يتطلب الدور في المواصفات الخارجية للشخصية، ثم أدربها على التمثيل لأستخرج منها ما أريده؟

- وبعد مساعدة من الفنان اللبناني سمير شمعي شاهدت العديد من الفتيات والممثلات الناشئات وزادت حيرتي حتى التقيت بملكة جمال لبنان السابقة نيكول بردويل وأعجبني جمالها، وشخصيتها فاخترتها لأداء الدور.

  • وماذا عن اعتذار هيفاء وهبي، ونيكول سابا، وبعض عارضات الأزياء اللبنانيات اللاتي عرضت عليهن الدور؟

- لقد قلت ما أعرفه، ولن أدخل طرفا في مهاترات أو شائعات

  • وبالنسبة لدوري الفتاتين المصرية والمغربية؟

- لم تحدث أية تغييرات، فمنذ البداية كنت مستقرة على داليا البحيري لدور الفتاة المصرية، وسناء موزيان لدور الفتاة المغربية خاصة بعد أن شاهدتها وهي تغني في المغرب فشعرت أنها الأقرب إلى شخصية سعاد.

  • قرأنا أنك غاضبة من هند صبري لأنها رفضت هذا الدور؟

- أنا لا أغضب من أحد لأنني لست طفلة، كل إنسان حر في قراراته، حتى لو كانت قد رفضت فما العيب في ذلك؟.. لكن الذي حدث أنني سافرت إلى المغرب للبحث عن مواصفات الشخصية التي أريدها وعثرت عليها.

  • لماذا لا تعتمدين على الممثلات المصريات وتلجأين دوما لاستيراد فتيات من الخارج؟

- الأسباب كثيرة ومريرة ومنها على سبيل المثال أن الفنانات المصريات في هذه المرحلة أقل موهبة من الأجيال السابقة، وطموحاتهن محدودة، وأفكارهن عن السينما متأثرة بمفاهيم عجيبة عن السينما النظيفة.

ورفض القبلات والعري، وأشياء من هذا القبيل ربما لإرضاء غرور بعض المنتجين ومسايرة موجة «كوميديا الرجال» أو الهروب من هجوم الصحف الدينية وأولئك الذين يحاربون الفن بسيف الأخلاق، لذلك في رأيي لا تستطيع أي من الممثلات المصريات الموجودات على الساحة حاليا أن تتحمل بطولة فيلم بمفردها بسبب ضعف الطموح من ناحية والخوف الشديد من العقاب الأخلاقي الذي تم زرعه داخلهن من ناحية أخرى.

  • هناك العديدات اللاتي يقمن بالأدوار الجريئة مثل غادة عبد الرازق ووفاء عامر.. ألم تشاهدي منة شلبي مثلا في «الساحر»؟

- أولا أنا لا أبحث عن مجرد الجرأة في خلع الملابس، أنا أبحث عن ممثلة بمواصفات شكلية ونفسية وسنية معينة، ثم أن منة شلبي «خوفوها» فبدأت تعيد حساباتها، وهند صبري التي تحدثت عنها من قبل خضعت لعملية غسيل مخ فأصبحت تخاف من أدوار الإغراء والأفلام الجريئة.

  • هل هذا يعني أن التمثيل النسائي في مصر يتراجع؟

- لا أحب أن أتقمص دور القاضي واطلق أحكاما عامة، يكفي أن أقول: أين جيل مديحة كامل الله يرحمها ويرحم ايامها؟ أين يسرا وميرفت أمين ونجلاء فتحي؟ أين زمن الفنانات الموهوبات اللاتي كن يجبرن الجمهور على الخروج من دفء البيت لمشاهدة أفلامهن اللاتي كن يتحملن مسؤولية بطولتها بمفردهن؟.

  • كيف تفسرين هذا التراجع؟

- هذه حالة عامة في المجتمع، ثم أن تراجع السينما وانتشار التليفزيون أدى إلى عدم ظهور نجمات للسينما بالمعنى الذي نعرفه، كل مالدينا الآن ممثلات للتليفزيون. و«يعني حاجة بيتي» لم يعتدن على جرأة السينما، ويفكرن في إرضاء أذواق «ستات البيوت».

  • قلت ان لديك العديد من الأسباب الأخرى للجوء إلى الممثلات غير المصريات؟

- الأسباب كثيرة منها مثلا رغبتي في فتح المجال أمام أفلامي للعرض في الدول العربية الأخرى خاصة التي أختار بطلات أفلامي منها وهذا أمر هام في التواصل الفني والجماهيري مع الأسواق المحيطة بنا والتي تراجعت بسبب الفضائيات والدراما التليفزيونية، كما أن هناك سببا مهما في هذا الفيلم يتعلق بالمصداقية الفنية، فمن الأسهل أن تقوم ممثلة لبنانية بأداء الشخصية اللبنانية.

وممثلة مغربية بأداء شخصية المطربة المغربية، وممثلة مصرية بأداء دور الفنانة التشكيلية المصرية، بدلا من أبذل جهدا بلا معنى في التدريب على اللهجات ومراجعتها وتدقيقها مع ممثلات لا يجدنها.

  • لماذا تعتمدين في أفلامك الأخيرة على وجوه جديدة؟

ـ لأني مللت العمل مع النجوم ثم إن أي فيلم من الممكن أن ينجح إذا كان مخرجه ناجحا بصرف النظر عن أبطال العمل، وهذا هو الطريق الذي سأسلكه دائما في السنوات المقبلة.

  • من أين أتيت بقصة فيلم الباحثات عن الحرية؟

ـ الفيلم مأخوذ عن قصة «غابة من الشوك» للكاتبة هدى الزين وتدور أحداثه حول ثلاث فتيات من مصر ولبنان والمغرب يهجرن بلادنهن لأسباب اضطرارية ويلتقين في باريس بحثا عن الحرية، فيواجهن العديد من المشكلات أثناء بحثهن عن حريتهن، وفي النهاية يكتشفن أن الحرية داخل الإنسان وليست في خارجه .

  • وهل الجنس ضروري للتعبير عن مثل هذه القضية؟

ـ لا، لأن هناك أفلاما كثيرة ناقشت الجنس أو تحدثت عنه ولم تنجح، المشكلة ليست في استخدام الجنس أم لا؟، المشكلة هي كيف يتم توظيف الجنس داخل العمل الفني بحيث يتم من خلاله توصيل رسالة ولا يتحول إلى مجرد اضافة بلا معنى يمكن الاستغناء عنها.

  • هل يقتصر البحث عن الحرية على حرية الجسد وفقط؟

- لا طبعا فالمسألة رمزية، ثم إذا كان الجنس أمرا أساسيا في الحياة، فلماذا نتجنب مناقشته ونظل نخفي رؤوسنا داخل الرمال مثل النعام للهروب من الخطر الذي يهددنا؟

  • هل تأثر فيلمك الأخير «مذكرات مراهقة» بحذف المشاهد الساخنة عند عرضه على قناة ART للأفلام مؤخرا؟

ـ في الحقيقة الحذف لم يخل بدراما الفيلم لأنهم تركوا بعض الأشياء التي توضح ما حذف من مشاهده.

  • لماذا غضبت إذن من المحطة وأثرت ضجة؟

ـ لم أغضب بسبب حذف المشاهد التي رفضتها الرقابة ولكنني غضبت بسبب عرضهم المشاهد المحذوفة بعد ذلك بمفردها خارج سياق الفيلم، لأن هذا يسئ للفن ويقدم المشاهد من دون الأفكار التي يطرحها الفيلم مما يجعلها أقرب إلى مشاهد «البورنو»، وعموما لقد اعتذر لي المسئولون في القناة وانتهت الأزمة على خير.

  • هل يعني هذا الموقف أنه من الممكن حذف أو تخفيف المشاهد الساخنة داخل أفلامك من دون الإضرار بالدراما؟

ـ لماذا نفكر دائما في الحد الأدنى؟ أنا أريد أن أقدم الحياة داخل أفلامي كما نعيشها، لماذا تطلب من الناس مثلا أن تكتفي بنصف وجبة، أو ترتدي القليل من الملابس في الشتاء، طبعا لن يموتوا، ولكن هذا يعبر عن أزمة، ولا يمثل الوضع الأفضل، خاصة وأن الجنس هو أحد أعمدة الحياة الأساسية.

  • هل تستخدمينه من أجل ضمان الإقبال الجماهيري وزيادة الإيرادات؟

ـ لا أنكر أن أفلامي حققت إيرادات تفوق العشرين مليون جنيه وهذا شيء جيد بالنسبة لي، لكنني لا أستخدم الجنس لمجرد هذا الهدف التجاري لأنني لدي قضية أتبناها منذ بداياتي، وأطمح للتعبير عنها.

  • وماهي طموحاتك؟!

ـ طموحاتي كثيرة، وتشغل بالي قضايا كثيرة أهمها «قضية الخلع» التي أجد فيها استهانة بحقوق المرأة، وأتمنى أن تكون لديّ فرصة حتى أصنع كل ما أريد.

  • هل حققت جانبا من طموحاتك القديمة؟

ـ إلى حد كبير فأنا ناجحة وجريئة وأقول ما يجب أن يقال والنجاح دائماً يسبب الغيرة والجدل ويعني أن الإنسان الذي يواجه الهجوم به ما يميزه عن الآخرين وأحد دلائل نجاحي هو اختيار مجلة «التايمز» لي كإحدى الشخصيات النسائية المؤثرة في الشرق الأوسط واختارت إلى جانبي الملكة رانيا من الأردن وشيرين العبادي، الفائزة بجائزة نوبل من إيران ونساء أخريات أثرن بشكل واضح في مجتمعاتهن.

جريدة البيان في  24 فبراير 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

بسام الذوادي ـ لقاء

      مهرجان البندقية.. يكرم عمر الشريف

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

آسيا جبّار عبّرت عن الهواجس الدفينة للمرأة

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

مخرجة المشاكل تفتح النار:

"إيناس الدغيدي"

لم يعد لدينا نجمات يتحملن بطولة الأفلام

ناهد صلاح