(قبضة الهلالي - 1990) هو من الأفلام التجارية التي تتخذ من الأفلام
الهندية قدوة لها. الفيلم من إخراج إبراهيم عفيفي، وقام ببطولته إلى جانب
ليلى علوي، بطل مصر في لعبة "الكونغ فو" يوسف منصور. إذن نحن أمام فيلم لا
بد أنه يستثمر بطولات هذا البطل الرياضي ومغامراته، فقد اجتاحت السينما
العربية، ومنذ بداية حقبة السبعينات، نوعية من الأفلام قدمت للمتفرج بطلاً
عجيباً، يطير في الهواء ويطيح بقبضته الفولاذية كل من يقف أمان، فيتناثر
الدم في كل مكان.
وكلنا يتذكر تجربة فيلم (الأبطال - 1974) الذي أخرجه حسام الدين مصطفى،
وقام ببطولته أحمد رمزي وفريد شوقي وآخرون، وهو الفيلم الذي أعتبر أول فيلم
كاراتيه مصري على غرار أفلام الكاراتيه الأمريكية وبطلها الشهير "بروس لي"،
وإن كان الفيلم المصري لم يحقق النجاح الجماهيري المنتظر في ذلك الوقت.
يأتي فيلم (قبضة الهلالي) بعد مرور ستة عشر عاماً على فشل أول تجربة مصرية
في هذا المجال، ليشكل التجربة الثانية التي احتفى بها جمهور الدرجة
الثالثة، هذا الجمهور الذي ارتفعت صيحاته بالتشجيع والهتاف، خاصة في
المشاهد الأخيرة، مشاهد انتقام البطل من أعدائه.
يتحدث مخرج الفيلم إبراهيم عفيفي، مبيناً الفرق بين فيلمه وفيلم (الأبطال)،
حيث يقول: (...الفرق كبير جداً، ففي الفترة التي صنع فيها فيلم (الأبطال)
كانت رياضة الكاراتيه موضة، ولم يكن لدينا لاعب الكاراتيه المحترف، فأدى
الأدوار ممثلون لا تتوافر لديهم المواصفات المطلوبة لهذه النوعية، ولكن في
فيلمنا نقدم بطلاً هو في الحقيقة لاعب رياضي حقيقي...).
والفيلم، مثل كل أفلام الحركة والمغامرات، هو معركة أو صراع بين الخير
والشر، ينتصر فيها الشر طوال الوقت، ثم ينتصر الخير في المشاهد الأخيرة من
الفيلم.
يحكي الفيلم عن الدكتورة ليلى (ليلى علوي) التي تتعرض لحادث سرقة ومحاولة
اغتصاب على يد "الفيومي أبو ركبة" (حمدي الوزير) وتعجز عن الإدلاء بأوصاف
المجرم للشرطة، حيث أنه استخدم فانلته كقناع غطى به وجهها، وإن كانت ليلى
بغريزتها تبدأ بالشك في "الفيومي" أثناء عملية عرض لبعض المجرمين المعروفين
في قسم الشرطة.
من جانب آخر، تبدأ ليلى وشقيقها صابر (يوسف منصور) في البحث عن الشاهدة
الوحيدة ميرفت (جالا فهمي) المرأة المتزوجة التي شاهدت الحادث وهي في شقة
عشيقها، مما يمنعها من الشهادة وهي زوجة لشخصية هامة ومعروفة في المجتمع،
لكن ليلى وشقيقها يصران على إجبار هذه المرأة على الشهادة. وفي نفس الوقت
يراقبان "الفيومي"، ويكشفان مكان إقامته مع أعوانه، ويتأكدان بأنه هو
المجرم.
هنا يقرر صابر أن يواجه المجرمين، إلا أنهم كمجموعة يوسعوه ضرباً مبرحاً
عندما تعرض لهم، وبعد أن عجز القانون عن الوصول إلى زعيمهم. لذا يشرع في
الاستعداد للانتقام والدفاع عن نفسه وعن شقيقته. وهكذا يبدأ في تعلم رياضة
الكاراتيه أو الكونغ فو.
ومع تصاعد الأحداث، تذهب ليلى إلى الفيلا الفاخرة التي تعيش فيها ميرفت،
لإقناعها بالشهادة، بينما في الجانب الآخر يكتشف "الفيومي" أن وجود هذه
الشاهدة على قيد الحياة يشكل خطراً عليه، لذلك يدبر لقتلها في نفس الوقت،
بحيث يبدو الأمر وكأن ليلى هي القاتلة، وبالفعل يتم القبض على ليلى بتهمة
قتل ميرفت.
وهكذا يكون على صابر، بعد أن أتم تدريباته كاملة، أن يخلص شقيقته من هذه
الورطة (حبل المشنقة)، فيذهب إلى المجرم وأعوانه في عقر دارهم (الديسكو)،
إلا أنه لا يجد الفيومي، فتدور بينه وبين أعوانه معركة رهيبة تنتهي بالطبع
بانتصاره على الجميع. واعترافهم بان السارق والقاتل هو الفيومي.
وزيادة في الإثارة، تكون ليلى قد توجهت إلى ديسكو الفيومي متنكرة لي تقتله،
لكنه يكتشف أمرها فيقوم بتقييدها استعداداً لقتلها. ومن الطبيعي أن يصل
الشقيق المنقذ في الوقت المناسب لتبدأ المعركة الفاصلة، والشقيقة مقيدة
بالحبال على عمود أعلى التل تصرخ أثناء المعركة، صابر.. صابر.. صابر، وفي
النهاية تصل الشرطة لتقبض على الفيومي وأعوانه.
إن فيلم (قبضة الهلالي) كما ذكرنا سابقاً يشابه إلى حد كبير الأفلام
الهندية التجارية. فقد حاول فيه المخرج أن يجمع كل شيء من خلال أحداثه.
مشاهد عنف، محاولة اغتصاب، سرقة وقتل وجو عصابات، رقص وغناء لا معنى لهما،
ثم المعارك الطاحنة التي ينتصر فيها البطل طبعاً.
والفيلم بشكل عام، لا يقول شيئاً عميقاً، لكنه يدعو إلى ضرورة أن يتسلح
الإنسان بالقوة والشجاعة ليتمكن من الدفاع عن نفسه ضد أعدائه.
وإذا كان سيناريو الفيلم، الذي كتبه بسيوني عثمان، قد احتوى على ثغرات
ومصادفات قد أدت إلى ضعف النسيج الدرامي للحدث، وهي ثغرات تعودنا أن
نشاهدها في أي فيلم من أفلام المغامرات والبطولات الفردية، إلا أن المخرج
استطاع أن يقدم فيلماً مشوقاً ونظيفاً بعيداً عن الابتذال الرخيص. |