هذا الأسبوع، سيكون حديثنا عن فيلم من أفلام هذا المخرج المتميز.. المخرج
الذي عشق السينما، وتخصص أكثر في نوعية الأفلام ذات الحبكة
البوليسية، وذلك عندما أحس بأنه من خلال حدث بوليسي ما، يمكنه أن يقول
الكثير
ويعالج مواضيع نفسية وإجتماعية وسياسية دون الحاجة الى الصراخ أو المباشرة.
لذلك
كان فيلمه السينمائي الأول (المنزل رقم 13 ـ 1952) حدثاً سينمائياً فريداً،
وبداية لمدرسة مصرية في السينما، كان كمال الشيخ هو رائدها.
أما في فيلمه)
الطاووس ـ 1982) فلم يقدمه في قالب سياسي أو
جاسوسي، كما في (الهارب) أو (الصعود
الى الهاوية)، وإنما قدم
الجريمة كما إعتادت السينما الأمريكية أن تقدمها. كتب سيناريو الفيلم عبد
الحي أديب عن نص أجنبي، إستطاع بمهارته وتقنيته أن يمصره
ويعطيه الجو والمذاق المحلي المصري. قام ببطولة الفيلم نور الشريف، ليلى
طاهر،
صلاح ذو الفقار، رغدة.
يتناول الفيلم تلك الرغبة المكبوتة بين الشعور
واللاشعور الكامنة بين البؤرة
والهامش، معتمداً على تحليلات لنظريات في علم النفس. وفكرته تدور حول رجل
(نور الشريف) يعشق أخت زوجته (رغدة) ويتوهم أنها تحبه. ويفكر في الإرتباط
بها لتعوضه عن الحب الذي إفتقده مع زوجته (ليلى طاهر)، لذا نراه
يخطط للتخلص منها بقتلها.
وبالفعل يخنقها ويتركها داخل سيارتها في مكان مهجور. وهو بالتالي يكون
محتاطاً لكل شيء، بحيث لا يترك أي أثر لجريمته، مما يجعل مهمة
الشرطة صعبة في التوصل الى
القاتل. إلا أن معالم الجريمة تتضح في النهاية، حيث
تتوصل الشرطة للقاتل إثر خطأ
وحيد وقع فيه، ألا وهو حكاية الدبوس (الذي على شكل
طاووس) الذي كانت تلبسه الزوجة.
إن المخرج كمال الشيخ، بإعتباره أفضل من صنع
الفيلم البوليسي في السينما
المصرية، يقدم في (الطاووس) فيلماً بوليسياً من
الدرجة الأولى، فيه الكثير من
التشويق والإثارة.. فيلماً قوياً مترابطاً سريع
الإيقاع، الشخصيات فيه مدروسة
بعناية تنطق بحوار مركز وموضوع ببساطة ليس فيه أي
تطويل أو حشو. فيلماً يمتاز بكادرات تصوير جميلة وقوية، خصوصاً مشاهد
الفلاش باك
الشفافة، والتي تدل على مقدرة حقيقية لمدير التصوير رمسيس مرزوق في ترجمة
الفكرة المكتوبة.
وبالرغم من كل هذا، إلا أن هناك بعض الملاحظات على السيناريو. فمثلاً لم
يكن هناك مبررات كافية عند البطل لقتل زوجته، فهي جميلة وشابة وتحبه. ثم أن
الفيلم لا يبين لنا أو لا يهتم بتوضيح أي تجاوب في المشاعر من قبل أخت
الزوجة
تجاه البطل يكون حافزاً يدفعه للقتل. ولكننا لا يمكن أن ننسى ذلك الأداء
المتميز
الذي قدمه الفنان نور الشريف، فقد نجح في تقديم شخصية مركبة وصعبة معبراً
عن جميع
مراحل تطورها. |