جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

تعال إلى حيث النكهة..!!

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

لمتعة المشاهدة طقوس خاصة.. التهاون بها كارثة.. فهذه الصور السحرية البلورية تعد بمثابة الحلم.. تظهر وتختفي عن طريق تلك التلاشيات والمزج.. حيث الزمان والمكان يصبحان مرنين وقابلين للتكيف.. السينما تقتضي منا، فقط، ذاكرة تكفي لربط هذه الصور.. ذاكرة تنسينا كل شيء ما عدا تلك الصور البلورية.. نغوص فيها.. نعيش بها.. لتصبح تجربة مشاهدة أي فيلم في دار العرض لا يضاهيها أي شيء.

لدي طقوسي الخاصة جداً.. في التمتع بمشروع مشاهدة فيلم ما.. تلك الطقوس التي أحرص دائماً على أن أحتفي بها في كل مرة.. أبرزها تلك الإعلانات المصورة التي تعرض قبل الفيلم.. والتي نطلق عليها عامياً وصف (سَمّبَلْ).. لا أتصور بأنني سأستمتع بأي فيلم دون أن أشاهد هذه الإعلانات أولاً، مهما كانت هذه الإعلانات سطحية وتجارية.. فمثلاً تزداد متعتي وأعيش في الذكريات البعيدة عندما يعرض إعلان سجائر مارلبورو.. (تعال إلى حيث النكهة.. تعال إلى عالم مارلبورو).. فهو يذكرني تماماً بسينما المحرق العتيقة، مع بداية السبعينيات.. فلهذا الإعلان طعم خاص جداً.. الجميل في الموضوع، بأن هذا الإعلان لم يتغير كثيراً عن السابق.. إن لم نقل هو هو.. نفس الإعلان منذ ذاك العهد.

للصيف في البحرين، طقس آخر في مجمع السيف، حيث يكتظ بالرواد، خصوصاً مع زحف الضيوف الخليجيين.. لذا من الصعب أن أجد موقفاً لسيارتي عند ذهابي إلى سينما السيف.. وهذا ما حصل ذات مشروع.. عندما ذهبت لمشاهدة فيلم (المترجمة) للمتألقة نيكول كيدمان.

المصيبة بأنني دخلت صالة العرض متأخراً حيث بدأ عرض الفيلم للتو.. يا للهول.. ما هذا النحس.. لقد فاتتني فترة الإعلانات.. فاتني التمتع بجزء من طقوس مشاهدتي الخاصة.. ماذا أفعل.. ساعتها قلت في نفسي.. هل أصدق هذا الشعور الذي ينتابني مع تفويت هذه الفترة والتي تختلف كلياً عن جو الفيلم الرئيسي.

حاولت أن أقنع نفسي أو أتناسى هكذا شعور، لكي لا أفوت علي متعة مشاهدة نيكول كيدمان.. هذه الممثلة المتألقة دائماً.. باعتباري أحد عشاق فنها الجميل.. فمع كل فيلم جديد تؤكد لنا بأنها فنانة قادرة على فعل المستحيل.. وفيلمها الأخير.. أقصد (المترجمة)، كانت فيه وكأنها في ريعان شبابها إضافة إلى تألقها الأدائي.. شعرت ساعتها بأن هناك سحر خاص لدى صناع الأفلام، وبالذات صناع هوليوود، يستطيعون من خلاله إعادة الشباب إلى نجومهم.. وإلا ما هذا الذي أرى.. أم أن هذا نابع من سحر بنت كيدمان نفسها.. أم ماذا؟! كانت بالفعل مشاهدة ممتعة.. وتجربة لا تنسى.

ولكن بالرغم من قدرة هذا الفيلم، الذي أخرجه الأمريكي سيدني بولاك، على شد انتباهي والاستحواذ على تفكيري.. إلا أن خسارتي الأولى لم تغب عن دواخلي في ظل هكذا استحواذ.. أقصد جو الفيلم الممتع.. خسارة مشاهدة الإعلانات والتمتع بها.. إنها خسارة جزء من المشاهدة.. أو جزء من مشروع الذهاب إلى السينما وبالتالي جزء من مشاهدة الفيلم.

بالطبع.. أنا دائماً أحرص على عدم تفويت هذا الجزء الهام.. إلا أن الظروف أحياناً تكون أقوى من إمكانياتي الضعيفة.. في مقابل زحف الصيف وسياحه.. ولكنني عاهدت نفسي أن أكون أكثر حذراً في المرة القادمة.. علي أن أستعد لمثل هكذا مفاجآت.

 

هنا البحرين في

24.08.2005

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)