جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

سينمائية القصيدة

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

عنوان مثير وجاذب.. ذاك الذي يوحي بأهمية القصيدة في سبر أغوار الصورة المعبرة. إلا أن قراءة ما خلف هذا العنوان يوصل لمشروع سينمائي أعد له ويستعد لتنفيذه السينمائي اليمني حميد عقبي.. في مشروع لترجمة بعض القصائد الشعرية بالصورة.

نحن هنا أمام إشكالية طال النقاش فيها على مدى سنوات طويلة.. علاقة السينما بالأدب.. وهي علاقة مشوبة بالحذر بل ومشكوك فيها.. فعلى مدى تاريخ السينما الذي تجاوز المائة عام.. كانت هذه العلاقة بمثابة النقل الحرفي من الأدب إلى السينما، إلا فيما ندر.. وهي بالطبع ليست العلاقة المرجوة.. فمن ضمن عشرات الأفلام التي قدمت مواضيع منقولة من الأدب أو حتى المسرح.. لا يبقى في ذاكرة السينما سوى عدد قليل من الأفلام التي أخذت من الأدب ولم تنقل منه.

لنأخذ مثالاً بارزا في سينمانا العربية.. فداود عبدالسيد عندما أراد أن يقدم رواية المصري إبراهيم أصلان.. كتب السيناريو على أساس أن يأخذ الجو العام الذي بهره في هذه الرواية.. وبنى مشروعه على إحدى الشخصيات الثانوية في الرواية وجعلها الشخصية المحورية في فيلمه.. وكذلك بنى شخصيات أخرى أحبها أو قصد منها ما أراد أن يقوله.. لنشاهد بعد ذلك، فيلماً من أفضل ما قدمته السينما المصرية على مدى تاريخها الطويل.. فيلم تفوق كثيراً على الرواية.. في فيلمه هذا لم يشعرنا عبدالسيد بتاتاً بأنه اعتمد على رواية أدبية في ما صوره من حالات ومشاهد تعبيرية.. هكذا يكون الفن المأخوذ عن الأدب.. وإلا فلا!!

القصة أو الرواية وحتى القصيدة الشعرية.. كتبها المبدع ضمن حالة شعورية معينة، ولابد أنها نتاج حالات نفسية واجتماعية خاصة.. فماذا يمكن أن يجني السينمائي عندما يترجمها أو ينقلها إلى السينما؟! ما الجدوى من أن تخلق جو فني شعوري.. هو موجود أساساً ووصل إلى المتلقي عن طريق شكل فني آخر؟! هنا يكون السينمائي أمام نص منجز.. سبق خلقه.. وبالتالي عليه أن يكون حذراً جداً في تعامله مع النص الأصلي والتخلص من سيطرته.. والانطلاق بإبداعه إلى آفاق فنية رحبة متحررة.. هذا وإلا سيكون السينمائي في موقف صعب ومحرج لا يحسد عليه.

ما يدعو له السينمائي حميد عقبي.. هو ومن تبرع للعمل معه من سينمائيين عرب وأجانب.. لترجمة قصائد منجزة، يمكن اعتبار هذه الدعوة ـ وإن جاءت مصحوبة بضجة إعلامية أفسدت الفن وبشرت بالشهرة والصيت قبل حدوث فعل الفن ـ مغامرة فنية محفوفة بالمخاطر.. باعتبار أن المتلقي لن يقبل أي فشل لهذه التجربة.. ولن يقبل أي تبريرات ساهمت في عدم نجاحها. هذا على العكس.. لو أن هذه المجموعة السينمائية الطموحة قد شرعت في إنجاز أفلام معينة تتصف بالجو الفني الشعري.. فلاشك بأن النتائج ستكون مذهلة.

 

هنا البحرين في

22.09.2004

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)