جديد حداد

 
 
 
 

لقطة

السينما والحرب (2 ـ 2)

 
 
 

جريدة الوسط

 
 
 
 
 
 

السينما مرشحة دوماً لأن تكون من أهم العوامل التي تساهم في تشكيل وصياغة الوجدان الشعبي.. حيث إن أهمية هذا الدور ينبع دوماً من واقع المجتمع الثقافي والاجتماعي نفسه، بمعنى فقدان التأثير المهم للكلمة المكتوبة على الجماهير، التي تعاني على سبيل المثال من الأمية. لذلك تبقى الغلبة للإذاعة المسموعة (الراديو) والمرئية (السينما والتليفزيون).

فيما يخص السينما العربية، في تعاطيها مع الحرب، وبالذات بالنسبة للأفلام التي تناولت حرب أكتوبر. فعلى مدار ربع قرن، لم تنتج السينما المصرية سوى تسعة أفلام روائية عن حرب أكتوبر. هذا عدا العديد من الأفلام التي ورد ذكر حرب أكتوبر بها وروداً عابراً، ومن هذه الأفلام: أبناء الصمت، الرصاصة لا تزال في جيبي، العمر لحظة، الوفاء العظيم، حتى آخر العمر، بدور، وأخيراً حكايات الغريب. ولم تسلم معظم هذه الأفلام من السمات التقليدية في السينما المصرية؛ فعلى الرغم من كونها أفلاماً ذات طابع عسكري على ما يبدو ظاهرياً، فإنها تدخل بشكل قسري أحياناً حدوتة رومانسية تقوم دعامتها الأساسية على علاقة عاطفية بين البطل والبطلة.

في الواقع، إن السينما المصرية لم تشهد فيلماً عسكرياً بالمعنى السينمائي يعالج هذه الفترة، سوى فيلمين اثنين فقط هما: "أبناء الصمت"، و"أغنية على الممر" الذي تناول حرب 67.

فيلم "أبناء الصمت"، من إخراج الشاب (حينئذ) محمد راضي، يعتبر من أهم الأفلام التي تناولت حرب الإستنزاف، كما يؤكد بأن نصر أكتوبر لم بأت من فراغ. هذا إضافة إلى أنه يتلمس أسباب هزيمة حزيران من خلال وعي كامل بالظروف النفسية والإجتماعية والسياسية. ويقدم الفيلم بطولات الجندي المصري ابان حرب 1973 وما قبلها من حرب الاستنزاف بدءا من معركة رأس العش وحتى لحظة العبور العظيم وتحطيم خط بارليف المنيع ورفع العلم المصري على ضفة القناة الشرقية.

أما "أغنية على الممر" فهو العمل الأول لجماعة السينما الجديدة التي تكونت بعد هزيمة حزيران. الفيلم من إخراج علي عبد الخالق، ويتابع في أحداثه أربعة جنود وشاويش، في السابع من حزيران، يدافعون عن ممر عسكري ويقاومون دبابات العدو الزاحفة. وهم بال مؤن ولا ذخيرة كافية وبلا إتصال مع القيادة. الخط العام للفيلم يحاول تقديم واقعة من حرب حزيران، تحكي عن صمود أولئك الرجال في وجه العدوان الإسرائيلي. وتناول هذه الحادثة من قبل فنان سينمائي، تعتبر خطوة جريئة ومهمة تلعب دوراً دعائياً يساعد على رفع معنويات الجنود العرب خلف خط النار.

السينما التسجيلية الوثائقية المصرية، كانت أصدق في تناولها للحرب، ليس لأنها سينما الحقيقة، وإنما جاء ذلك من حجم الصدق الفني الذي يحمله صانعوها. ففيلم مثل (جيوش الشمس) للمبدع شادي عبد السلام، وفيلم مثل (صائد الدبابات) للمخرج خيري بشارة، وفيلم مثل (جريدة الصباح) للراحل عاطف الطيب، لهي أفلام سجلت بواقعية تأثير هذه الحرب على النفس البشرية، نفسياً وإجتماعياً.

 

الوسط البحرينية في

30.03.2003

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)