جديد حداد

 
 
 
 

لقطة

كان يريد أن يفهم

 
 
 

جريدة الوسط

 
 
 
 
 
 

في مقابلة صحفية له مؤخراً، على صفحات مجلة "المرأة اليوم"، تحدث المخرج المبدع خيري بشارة بصراحة ووضوح عن كل شيء.. عن أسباب توقفه عن العمل.. عن موجة الأفلام الحالية.. عن تجربته القادمة.. وكان بالفعل حديثاً مليئاً بالأمل والتفاؤل.

فنحن عندما إفترضنا ـ ذات مرة ـ بأن غياب خيري بشارة كمخرج عن الساحة السينمائية كان بمثابة احتجاج على ما هو متوفر من مادة سينمائية في السنوات الأخيرة.. هذا الإفتراض كان ـ لحسن الحظ ـ خاطئاً.. حيث ذكر بأن غيابه كان نتيجة إحساس داخلي بأنه يجب أن يراجع نفسه وعمله.. (...أحسست بأني قد أجهدت، وكان يجب أن أرتاح كي أفهم ما يحدث معي ومع الآخرين. كي أراجع نفسي قليلاً.. لأنني لو أكملت العمل بالنفس الذي توقفت عنده، وبالحال التي سيطرت عليّ، كنت سأقع في مطبات، ولا أريد أن أجهد أكثر من هذا، أحسست أنني لا أريد أن أفلس، ويجب أن أشحن بطارياتي.. وبالنتيجة أقول: يمكن أن أكون قد ابتعدت عن زمن يتشكل...).

في كلمات بشارة السابقة، نستشف تلك الشفافية والصدق مع النفس ومع الآخرين.. فكلامه هذا ينم عن فنان تهمه مراجعة ما قدمه من أعمال في السنوات الأخيرة قبل التوقف.. أو لنقل في مرحلته الثانية التي اختلف معه فيها الكثيرون.. نتيجة إحساسهم بفقدان ذلك الفنان الأصيل الذي قدم (العوامة 70، الطوق والإسورة).

مخرجاً بهذا الصدق، نفتقده كثيراً.. ولا بد أن يكون متواجداً في الوسط السينمائي الحالي والغريب نوعاً ما، فتواجده سيكون ذا فائدة في تحريك هذا الجو السينمائي، الذي تحدث عنه بصراحة في هذا اللقاء، فقال: (...للأسف همام في أمستردام، إسكندرية رايح جاي، وصعيدي في الجامعة الأميركية.. أفلام لا تعبر عن حال السينما المصرية الأصيلة، بل عن حالها الآن.. ولكن للأسف مرة أخرى، من ينجح يشعر أنه الأقوى، وأن صوته الأعلى. وأصحاب الأفلام الجديدة يقولون بينهم وبين أنفسهم كفانا والسينما الواقعية، فلنضحك وليصل ضحكنا للعالم.. أعود وأقول عندما توقفت عن العمل في السينما لم أكن أعاني من حالة ركود، وإنما من حالة أخرى ليس لها علاقة بأزمة السينما في مصر).. وبالفعل، فقد غاب بشارة عن السينما قبل أن تبدأ هذه الموجة من الأفلام. ثم ختم لقائه هذا مطمئناً الجميع، بأن عودته للسينما أكيدة، حيث قال: (...ليست هناك هزيمة، وأنا أقول لأي إنسان لا تنهزم ولا تنكسر، الواقع لا يعرف غير المنتصر...).

كلمات ختام حديثه، هي التي أعطتنا ذلك الأمل في عودة السينما الأصيلة.. وعودة الفنان المحارب ضد الإستسهال والتقليدية.. فأهلاً بخيري بشارة.

 

الوسط البحرينية في

23.02.2003

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)