جديد حداد

 
 
 
 
 
 

أربع سنوات على رحيل العقاد

(2 ـ 2)

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

بدأت حكاية مصطفى العقاد السينمائية عندما غادر بلدته الأصلية في مدينة حلب السورية إلى الولايات المتحدة وهو لم يتعدى العقد الثاني من عمره. وهناك التحق بجامعة جنوب كاليفورنيا ونال شهادته في حقل الدراسات السينمائية، مما مكنه من العمل مع أشهر مخرجي السينما العالمية مثل المخرج الأميركي "سام بكنباه" أحد أبرز الأسماء في الفن السابع بأميركا والذي كانت أفلامه تحمل سمة العنف الموظف دراميا، وهو الذي اعتبر في نظر النقاد من جيل التلفزيون، قام العقاد بالعمل مساعدا لبكنباه في أكثر من عمل قبل أن يقرر المضي بعيدا في عالم السينما ويأخذ على عاتقه تحقيق أفلامه الخاصة به، وهي لا تتجاوز عادة الأفلام البسيطة المستقلة ذات التكلفة المتواضعة في ميزانياتها، ولكنها مكنته لاحقا من الدخول إلى حقل الإنتاج السينمائي وفي هذا الإطار قدم بالتعاون مع مخرجين مكرسين مثل "جون كاربنتر" سلسلة أفلام العنف والرعب التشويقي المسماة «الهالوين» وهذا ما جعله يجني مردودا لا بأس به من إيرادات شبابيك التذاكر نظرا للنجاح التجاري الطاغي الذي كانت أفلام هذه السلسلة تثير إعجاب مشاهديها في مناسبات آخر السنة كل عام وتحديدا في مواسم الأعياد.

نقترح بأن نصف العقاد بأنه كان أمير الأحلام، تلك التي حقق بعضها، وبقى البعض الآخر في نطاق الحلم.. مصراً على المضي بها إلى حيث تنتهي به النهايات.. فقد أمضى عشرين عاماً يبحث عن منتج لفيلمه (صلاح الدين) الذي كان جاهزاً كسيناريو ورؤية إخراجية.. فها هو يرحل قبل تنفيذه.. مثله مثل الكثير من هذه الأحلام.. كان أيضاً يحلم بتنفيذ فيلم عن الأندلس، هذه الحقبة التاريخية التي تمثل في نظره مرحلة من المجد العربي، سياسية وثقافية وفنية.

لقد أمضى العقاد عمره وهو يحلم ويحلم، وكان آخر أحلامه، التي أعلن عنها قبل رحيله، هو بناء مدينة سينمائية عالمية ذات مناخ عربي إسلامي.. فقط لنتخيل بأن هذه الأحلام كانت لدى رجل في السبعين من عمره، وليس شاباً يبدأ مشوار حياته.. فالعقاد كان شعلة من الحماس لم ييأس يوماً من عدم تحقيق أحلامه، ولم تخمد هذه الشعلة إلا بعد رحيله عن عالمنا.. تلك الشعلة التي انطلق بها إلى هوليوود وهو في العشرين.

برحيل مصطفى العقاد عن عالمنا منذ أربع سنوات.. سبب ثغرة هائلة وظل مكانه كبيراً، ذاك الذي لن يستطيع أحد على شغره.. إنه بهذا الرحيل قد فقدت السينما والفن العربي بشكل عام، واحداً من أبرز شخصياتها.. كما أن هذا الرحيل قد أثار الكثير من الأسئلة..!!

فرحيل مصطفى العقاد، إثر إعتياله الفاجع، قد جعل من اسمه علامة بارزه يتردد في جميع الأوساط الفنية وغير الفنية.. وجعل اسم العقاد يتردد على ألسنة الجميع من جديد.. بل أن الشتائم أصبحت تحاصر المجرم من كل حدب وصوب.. ثم أتى ذلك الاحتفاء العربي المتأخر بهذا الفنان العملاق.. حيث تم بعد رحيله اهداء دورتي مهرجاني دمشق والقاهرة إلى روح الفنان العالمي مصطفى العقاد.. مما جعل الكثيرون يشككون في هذا التكريم.. ألم يكن العقاد طوال هذه السنين أمامهم، يعمل ويخطط ويحلم.. فلماذا نعطي مبدعينا دائماً، وسام استحقاق عندما يسبقنا الموت في فعل ذلك..؟!

 

أخبار الخليج في

21.12.2008

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)