أذكر منذ سنوات، عندما أعلن مهرجان الإسكندرية السينمائي، عن منحه جائزة (نجمة القرن) لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة.. حينها قامت القيامة وأخذت الصحافة حيزاً ليس بالصغير، لتبيان الخطأ من الصواب في هذا الاختيار، وأظهر المعارضون بيانات شجب واستنكار، لهذا الإجحاف بحق نجمات السينما العربية الأخريات.. أمثال سعاد حسني، ماجدة، مريم فخر الدين، هند رستم، وغيرهن كثيرات.

ربما أختلف مع هذا اللقب، ولكن من وجهة نظري، بأن هذا الاختيار نابع من فكر القائمين على المهرجان، وبالطبع من حقهم.. وليس من حق أحد أن يمنع هذا الاختيار أو يصادر هذه الحرية، حتى ولو اختلفنا معه. فموضوع الألقاب موضوع شائك جداً.. وشخصياً لا أحبذه.. باعتبار أن لقب مثل (نجمة مصر الأولى) أو (نجمة القرن) بالطبع سيظلم كثيرات يستحقون هذا اللقب.. ثم يأتي أحد ويحتكره لشخص واحد.. تصوروا ماذا سيحدث.

قرأت ذات مرة.. بأن العبقري بيتهوفن سأل: ما هو الفرق بينك وبين موتسارت؟ فأجاب: هو نفس الفرق بين الجلال والجمال.

أعتقد تماماً، بأن لكل فنان أسلوباً وخصوصية معينة.. ولابد أنه بذل جهداً كبيراً لتجسيده في أدواره على مدى مشواره الفني الطويل.. وهو بذلك لم يتوقع من أحد أن يضع له أي لقب أو جائزة مقابل هذا الجهد الذي بذله.. فالاجتهاد الفني رغبة يحققها الفنان لكي يرضي ضميره ويحقق ذاته من خلال شيء يحبه ويعشقه.

وأعتقد أيضاً.. بأن الكثيرون يتفقون معي في ذلك.. ولكن هل من أحد تمعن في مجموعة الأدوار التي قام بها أي فنان.. أحياناً نراه في دور يشكل علامة بارزة في مشواره.. وأحياناً نراه في دور يخجل منه حتى هو نفسه.. لذا دعونا نركز أكثر على الدور أو الشخصية التي يؤديها أي فنان.

فمثلاً.. نقول: سعاد حسني، في دور شفيقة التي قدمته في فيلم (شفيقة ومتولي)، كانت أكثر من رائعة.. وبالتالي لا يمكننا أن نتخيل أي فنان آخر في هذا الدور. أو نقول: بأن فاتن حمامة، في دور فاطمة التي قدمته في فيلم (ليلة القبض على فاطمة)، قد تفوقت على نفسها.. وبالتالي لا يمكننا أن نتخيل أي فنان آخر في هذا الدور.. هنا يكمن سر الفن الأدائي عند أي فنان.. في الشخصية التي يقوم بأدائها.