جديد حداد

 
 
 
 
 

في "سكر بنات":

نادين لبكي.. تجمع ورق هذيانها

 
 
 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

في فيلم (سكر بنات)، تبرز أيضاً شخصية الجارة روز (سهام حداد) التي ضحت بحقوقها الإنسانية الطبيعية في الحب والزواج، حتى عندما شعرت بنبض قلبها من جديد، وتفويت الفرضة لإظهار مشاعرها المكبوتة منذ سنين طويلة، وتختار الإعتناء بشقيقتها ليلي (عزيزة سمعان)، تلك العجوز (التي أضافت الكثير من المرح لروح الفيلم)، تلك الفاقدة لقدراتها العقلية نتيجة علاقة حب سابق.. شخصية فريدة ورائعة أستوحتها لبكي عن قصة حقيقية لفتاة لبنانية أحبت ضابطاً فرنسياً ومنعها أهلها من الإرتباط به، بل وخبأوا عنها رسائله التي لا تزال تبحث عنها في الشوارع وتحت السيارات.

شخصية الرجل في الفيلم.. هي منبع المشاكل التي تعانيها النساء، بالرغم من حظوره الخفي في الفيلم.. حيث نراه مرة في شخصية العشيق والخائن لزوجته، المتنكر لحبيبته.. ولكنه يضل نكرة لا يكشف الفيلم عن وجهه.. ومرة أخرى يحظر من خلال الشرطي المعجب بليال.. هذا إضافة إلى شخصيات رجالية أخرى، لم يكن دورها فاعلاً في حل مشاكل الشخصيات النسائية، إن لم تكن هي سبب هذه المشاكل.

بعيداً عن الميلودراما الفاجعة..!!

الفيلم، من خلال كل هذا الكم من الشخصيات والمشاعر والأحاسيس، والكثير من المشاكل والصعاب، لا يتجه نحو الميلودراما أو البكائيات تماماً.. فهذه الوجوه النسائية المتعددة التي تقدمها نادين لبكي.. يعشن هذه الظروف الصعبة، ظروف ليست من صنعهن، بل فرضت عليهن.. ليواجهنها ويحاولن التغلب عليها بأنفسهن.. لا ينتظرن أحد لمساعدتهن وحل هذه المشاكل.. إنها قدرهن الذي يجب عليهن التوافق معه والتغلب عليه.. كل حسب قدراته..!!

تتحدث لبكي عن شخصياتها النسائية، فتقول: لسن نساء حزينات، إنهن يحاولن التغلب علي مصاعب حياتهن من خلال السخرية. أنا أري انهن مناضلات .ثم أن النضال ليس موازيا للتمرد فالشخصيات يتأقلمن مع الوضع ويحتلن عليه ويحاولن القيام بما يردنه بذكاء. في هذه البلاد، لا أظن ان التمرد هو دائما الحل .

هذا هو فيلم نادين لبكي.. فيلم صادم وجريء في فكرته وطريقة معالجته.. فيلم يتناول ويعالج قضايا ومواضيع ساكنه في مجتمع لبناني متحضر.. أو هكذا كنت أتصور قبل مساهدتي للفيلم.. فأغلب القضيايا التي ناقشها الفيلم، هي موجودة في غالبية المجتمعات العربية من البحرين وحتى المغرب.. ظاهرياً تبدو مجتمعات متحضرة، لكن التقاليد والعادات العتيقة، مازالت حاضرة ومتأصلة في هذه المجتمعات.. مجتمعات شرقية حاولت لبكي الحديث عنها بجرأة، دون الدخول قدر الإمكان في خانة الممنوع.. معبرة عن طبيعة إنسانية للمجتمع اللبناني وكيف أنه قادر على السخرية من مقدراته الحياتية وحالاته النفسية والإجتماعية.. وذلك من خلال نماذج نمطية من الطبقة الوسطى، أي البعيدة عن الفقر المدقع، أو الغنى الفاحش.. هذه الطبقة التي تعيش صراعاً إجتماعياً بين الذهاب إلى أحلامها، أو الرضوخ للمجتمع والواقع.. طبقة تحاول التطلع لمرحلة منفتحة ومتحضرة، لولا أنها محاظة بالكثير من القيود والقواعد التي حددتها التقاليد الشرقية في المجتمع اللبناني..!!

 

أخبار الخليج في

09.03.2008

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)