جديد حداد

 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

المستحيل

 
 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

قدم المخرج حسين كمال في فيلم (المستحيل ـ 1965)، عن قصة مصطفى محمود، مشكلة اجتماعية نفسية بأسلوب فني جيد وجديد على السينما المصرية آنذاك. حيث لجأ فيه إلى تطبيق خبراته الفنية التي اكتسبها من دراسته وعمله في التليفزيون. وقدم فيلماً بطله هو التصوير السينمائي. حيث اهتم بالناحية التشكيلية فيه، من تقسيم الكادر وتوزيع الظل والضوء في المشه. وكان مدير التصوير عبدالعزيز فهمي هو من ساهم بشكل رئيسي في تجسيد ما أراده حسين كمال.

بطل المستحيل (كمال الشناوي) يعاني من سأم في حياته التي رسمها له والده.. سأم من كل شيء، من بيته الذي تخيم عليه الكآبة والحزن، من زوجته (كريمة مختار) وعقلية المرأة العربية التقليدية المتخلفة. يعيش في رتابة الواقع المحيط به، ويحاول الخروج منه بأية وسيلة. يتصل بعلاقة بزوجة جاره (نادية لطفي) التي أخذت مكان أختها بزواجها هذا، والذي كان خارجاً عن إرادتها. وتعيش أيضاً حالة نفسية عصيبة. إنهما يلتقيان وكل منهما يعيش هذا السأم، إنها علاقة عاطفية غير طبيعية، فالمأساة التي يعيشانها هي التي جمعتهما. فكل منهما لم يختر حياته، تلقاها جاهزة ولم يساهم في خلقها. يحاولان أن يتغلبا على كل هذا إلا أنهما يصدمان بالمستحيل، بالواقع المفروض على كل منهما.

كان حسين كمال مصراً على الدقة في التفاصيل، بمعنى أنه اهتم اهتماماً كبيراً بتفاصيل الشخصيات والإضاءة والديكور والإكسسوا، حيث قال إن هذا يمكنه من (...التركيز على الإطار الذي توضع فيه الشخصية، على أن الشخصية ليست إلا عنصراً من عناصر التعبير في الفيلم ولابد من وجود تكامل بين هذه العناصر جميعاً. وأنا لا أهتم باللقطة فحسب بل بالكادر نفسه وليس اهتمامي من الناحية الجمالية كما يقول النقاد عني، فأنا لست مخرج كادرات جمالية، وإنما اهتمامي ينصب في الأساس على معطيات الكادر الدرامية. هذه العناصر جميعاً التي تدخل في بناء الكادر أو اللقطة، موظفة لتقول شيئاً محدداً...).

وهذا ما نجح حسين كمال في تجسيده.. فنحن نلاحظ إن تفاصيل حجرة النوم الخاصة بالبطل وزوجته، تشعرك بمدى انهيار الحياة الزوجية التي يعيشها البطل. كذلك الإضاءة في الحجرة والتي تشعرك بالكآبة، وعند فتح النافذة، نلاحظ اندفاع ذلك الضوء الساطع والحاد، ليعطيك الإحساس بأنك في صيف حار ومقبض، مما يجسد الإحساس لدى الزوج بالضيق والرغبة في الهرب. إن جميع العناصر من ديكور وإضاءة وإكسسوار وزوايا التصوير، ساهمت مجتمعة في تجسيد الإحساس بانهيار الحياة الزوجية بين البطل وزوجته.

أما حجرة نوم سيدة المجتمع المغامرة (سناء جميل) فيقول عنها حسين كمال: (...كانت تشبه الغابة بقوانينها الخاصة، هناك ديكور فخم جداً لكنه خاو.. خال من الانطلاق، فراغ كبير هي ضئيلة في داخل، وكانت حول السرير تماثيل أفريقية، كل تمثال منها يمثل علاقة من علاقاتها، وهكذا يمكن أن ندرك بأن علاقاتها هذه تتصف بالبدائية والهمجية رغم إدعائها التحرر والانطلاق.

 

أخبار الخليج في

06.09.2017

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)