جديد حداد

 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

مشوار عمر ( 1 )

 
 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

في فيلم (مشوار عمر - 1985)، يبدأ مخرجه محمد خان، البحث في التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على المجتمع المصري.. حيث يتناول تأثيراتها النفسية على الإنسان، بأسلوب سينمائي جديد وخلاق وغير مباشر في نفس الوقت. فهو هنا يتناول قضية اجتماعية هامة وخطيرة.

قضية الفيلم، هي قضية الشباب الفاقد لكل الأحلام والطموحات والذي ينحدر من سلالة الطبقة البورجوازية الجديدة، التي أثرت ثراء سريعاً في ظل سياسة الانفتاح الاقتصادي، وساهمت بشكل كبير في بروز المجتمع الاستهلاكي. ومن ثم ظهرت ثروات مادية ضخمة وخيالية.. ثروات تحطمت فوقها كل أحلام وطموحات أبناء هؤلاء الانفتاحيين الأثرياء. حيث لم يعد هؤلاء الشباب في حاجة إلى الحلم بالحصول على سيارة مثلاً.. أو الحاجة للدخول في أية مشاريع استثمارية لضمان المستقبل، فكل شيء سهل وميسور وفي متناول أيديهم. ومع ضياع الحلم والطموح لدى هؤلاء الشباب، أصبحوا يفتقدون لأي هدف حقيقي واضح، وانعدمت في داخلهم روح تحمل المسئولية، كما أصبحوا يعيشون على هامش هذه الحياة.

هذا ما قدمه محمد خان ورءوف توفيق (كاتب السيناريو) من خلال هذا الفيلم، وذلك عندما أخذانا مع عمر (فاروق الفيشاوي) في مشوار مليء بالمفاجآت استغرقت أحداثه ثمان وأربعون ساعة فقط. فعمر هذا هو ذلك الشاب الذي يملك كل شيء دون أن يؤدي أي شيء. فبالرغم من أنه يحمل مؤهلاً جامعياً إلا أنه لا يجد ضرورة لأن يعمل، معتمدا علي ثروة والده تاجر المجوهرات في تأمين حياة رغدة وسهلة له. ولهذا نراه شاباً مدللاً ومستهتراً وغير مسئول، لا يخطط للوصول إلى هدف معين ويعيش حياته بلا معنى بعيدة عن الاستقرار الاجتماعي والنفسي. فهو يملك سيارة فخمة وثمينة اشتراها له والده.. هذه السيارة بشكلها وطرازها الأخاذ تتحدى كل من يراها، وتترك في عيونه نظرة هي مزيج من الحسد والإعجاب، وهي بالطبع جزء لا يتجزأ من شخصية عمر، لا يعيش إلا بها ولها، ولا يتركها إلا ليعود إليها. فكل أحداث الفيلم تسير بشكل متواز معه ومعها، لذلك تظل ماثلة أمامنا دائماً حتى عندما تسرق، وذلك عندما نلاحظ التغيير المفاجئ الذي يحدث لشخصية عمر بسبب فقدها، وكأنما يفقد بذلك كل مكونات شخصيته.

هذا الشاب يتعرض للاستجواب من قبل فتاة (سمية الألفي) كانت تربطه بها علاقة عاطفية عندما كان يسكن نفس الحي الشعبي الذي تسكنه، وقبل أن ينتقل إلى حي آخر أنيق يناسب مركزه المالي، ناسياً أصوله الاجتماعية وناسياً جيرانه ورفاقه. هذه الفتاة تحاول استفزازه عندما تواجهه ببعض الحقائق التي لا يرغب في مواجهتها. ولكن هذه اللحظة ليست هي محور الفيلم، بل يتجاوزها الفيلم سريعاً باعتبارها بداية الامتحان الصعب والتجربة الحياتية الهامة التي يعدها لعمر.

 

أخبار الخليج في

17.04.2016

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)