جديد حداد

 
 
 
 
 
 

في ذكرى رحيله العاشرة..

أحمد زكي.. الأسطورة

( 4 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

ويواصل أحمد زكي التعبير عن مكنوناته.. فيتحدث بكل عفوية وطلاقة، ويقول: (...ثلاثة أرباع طاقتي كانت تهدر في تفكيري بكيف أتعامل مع الناس، والربع الباقي للفن. أصعب من العمل على الخشبة الساعات التي تقضيها في الكواليس. كم من مرة شعرت بأنني مقهور، صغير، معقد بعدم تمكني من التفاهم مع الناس. وسط غريب، الوسط الفني المصري.. مشحون بالكثير من النفاق والخوف والقلق.. أشاهد الناس تسلم على بعضها بحرارة، وأول ما يدير أحدهم ظهره تنهال عليه الشتائم ويقذف بالنميمة. مع الوقت والتجارب، أدركت أن الناس في النهاية ليست بيضاء وسوداء، إنما هناك المخطط والمنقط والمرقط والأخضر والأحمر والأصفر.. أشكال وألوان...).

(...اليوم علينا معالجة الإنسان.. أنا لا أجيد الفلسفة ولا العلوم العويصة.. أنا رجل بسيط جداً لديه أحاسيس يريد التعبير عنها.. لست رجل مذهب سياسي ولا غيره، أنا إنسان ممثل يبحث عن وسائل للتعبير عن الإنسان. الإنسان في هذا العصر يعيش وسط عواصف من الماديات الجنونية، والسينما في بلادنا تظل تتطرق إليه بسطحية. هدفي هو ابن آدم، تشريحه، السير ورائه، ملاحقته، الكشف عما وراء الكلمات، ما هو خلف الحوار المباشر. الإنسان ومتناقضاته، أي إنسان، إذا حلل بعمق يشبهني ويشبهك ويشبه غيرنا.. المعاناة هي واحدة.. الطبقات والثقافات عناصر مهمة، لكن الجوهر واحد. الجنون موحد.. حروب وأسلحة وألم وخوف ودمار، كتلة غربية وكتلة شرقية، العالم كله غارق في العنف نفسه والقلق ذاته. والإنسان هو المطحون. ليس هناك ثورة حقيقية في أي مكان من العالم.. هناك غباء عام وإنسان مطحون...).

(...الشخصيات التي أديتها في السينما حزينة، ظريفة، محبطة، حالمة، متأملة.. تعاطفت مع كل الأدوار، غير أنني أعتز بشخصية إسماعيل في فيلم عيون لا تنام، فيها أربع نقلات في الإحساس.. في البداية الولد عدواني جداً كريه جداً.. وساعة يشعر بالحب يصبح طفلاً.. الطفولة تجتاح نظرته إلى العالم والى الآخرين.. لأول مرة الحب، وهاهو يبتسم كما الأطفال، ثم يعود يتوحش من أجل المال، ثم يحاول التبرئة، ثم يفقد صوابه.. كلها نقلات تقتضي عناية خاصة بالأداء. في عيون لا تنام جملة أتعبتني جداً، جعلتني أحوم في الديكور وأحرق علبة سجائر بأكملها.. مديحة كامل تسأل: إنت بتحبني يا إسماعيل؟ فكيف يجيب هذا الولد الميكانيكي الذي يجهل معنى الحب، وأي شيء عنه؟ يجيبها: أنا ما عرفش إيه هو الحب، لكن إذا كان الحب هو أني أكون عايز أشوفك باستمرار، ولما بشوفك ما يبقاش فيه غيرك في الدنيا، وعايزك ليّه أنا بس.. يبقى بحبك. سطران ورحت أدور حول الديكور خمس مرات عشر.. لحظة يبوح ابن آدم بحبه، لحظة نقية جداً، لابد أن تطلع من القلب.. إذا لم تكن من القلب فلن تصل.. واحد ميكانيكي يعبر عن الحب، ليس توفيق الحكيم وليس طالباً في الجامعة، وإنما ميكانيكي يعيش لحظة حب.. هذه اللحظة أصعب لقطة في الفيلم...).

 

أخبار الخليج في

16.05.2015

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)