كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

فيلم الأسبوع

العصابات الامريكية

بقلم : رفيق الصبان

مرة أخري.. يأتينا الصراع الدائم بين رجال الشرطة وبين عصابات المخدرات من خلال فيلم أمريكي.. بعد أن رأيناه علي شاشاتنا من خلال عدة أفلام مصرية ناجحة.. أهمها فيلم الجزيرة لشريف عرفة وخارج علي القانون لأحمد نادر جلال.

وكما في الفيلمين المصريين.. يركز الفيلم علي قوة العصابة المكونة هذه المرة من الرجال السود الذين شكلوا ما يشبه المافيا السوداء.. متنافسين مع العصابات الايطالية التي كانت دائما الجذر الحقيقي للمافيا!.. التي سيطرت وربما لاتزال علي سوق المخدرات في أمريكا.

ويقدم الفيلم صورة شديدة القسوة لجهاز الشرطة الامريكي المتواطيء والمرتشي والذي يغمض العين عما تفعله هذه العصابات السوداء من تهريب للمخدرات وتوزيعها والاتجار بها وتحقيق الملايين من الدولارات أرباحا صافية لها.. بل إن الامر هذه المرة وهنا وجه خطورة وأهمية وجرأة فيلم 'ريدلي سكوت' الاخير لا يقتصر علي جهاز الشرطة الذي دب الفساد فيه من الرأس وحتي اخمص القدم.. بل انه يتجاوز حدوده.. ويكشف تواطؤ.. الجهاز العسكري.. في مساعدة العصابة.. وتهريب المخدرات من موطنها الاصلي.. في حقول آسيا.. الي داخل الولايات المتحدة.. من خلال الطائرات العسكرية.. التي تحمل جثث الشباب الامريكيين الذين قتلوا في حرب الفيتنام 'احداث الفيلم تدور في أيام هذه الحرب الفاشلة التي فقدت فيها أمريكا سمعتها وجلالها.. وهي بهذا الفيلم الجريء تجعلنا نكتشف أيضا ضياع شرفها'.. وأهم ما في هذا الامر وهذا الاقتحام ان الفيلم يؤكد منذ فتراته الاولي انه مستمد من احداث واقعية حدثت فعلا في الستينيات من القرن الماضي.. وان رجل العصابات الاسود الذي تدور حوله وقائع الفيلم كلها لازال علي قيد الحياة.. بعد أن امضي مدة العقوبة التي حكم عليه بها.

اما الشرطي النبيل الذي واجه ورفض جميع المغريات والرشاوي لكي يبتعد عنه.. متجاوزا بذلك أوامر رؤسائه الكبار.. وكبار قادة الجيش الذين اشتركوا في هذه العمليات القذرة.. فهو يبدو لنا في أول الفيلم في مهمة يتابع بها عملية تهريب مخدرات.. ويرفض الاحتفاظ بحقيبة تحتوي علي مليون دولار.. يسهل جدا عليه الاحتفاظ بها دون اية مسئولية.. ورغم جنون زميله المرافق.. الذي يريد ان يتقاسم معه المبلغ يصر الشرطي النبيل علي موقفه ويسلم المال الي رؤسائه.. الذين تستبد الدهشة بهم أيضا لهذه الامانة الخارقة للعادة التي لم يتعودوا عليها(!!!!!)

ومن خلال احداث الفيلم كلها لا يتغير موقف هذا الشرطي الشريف قيد أنملة.. ويتابع تصرفاته المثالية.. والتي تصل الي حد مواجهته الجيش وقواده.. وإلي كشف نشاط زملائه من جهاز الشرطة. وافساح المجال للقبض عليهم.

ولابد من التنويه ان هذا الشرطي النبيل الخارق للعادة.. يظهر لنا في كثير من مشاهد الفيلم عاري الصدر.. وعقد صغير يحمل النجمة السداسية يبرق علي عنقه(!!!)

ما علينا.. فقد عودتنا الكثير من الافلام الامريكية الاخيرة ان نري 'يهودا' يقومون بإنقاذ العالم من الكوارث التي تهدده.. أو التي تحيط به، خصوصا في أفلام الخيال العلمي التي يواجه فيها كوكب الارض هجوما من عالم آخر.. يتصدي له دائما في آخر لحظة عالم يهودي يملك الحكمة وقادر علي الانتصار علي كل قوي الشر.

المهم.. اننا في فيلم ريدلي سكوت الاخير.. نواجه صراعا.. بين خير مطلق يمثله الضابط الشريف الذي يلعب دوره بسلبية تثير الدهشة الممثل الاسترالي الشهير راسل كرو.. الذي صعد الي سماء النجومية الكبري.. بعد فيلمه الشهير 'المصارع' الذي اخرجه له أيضا ريدلي سكوت.

واعتقد ان 'كرو' قد قبل بأداء هذا الدور الباهت والبعيد عن اية مشاهد كبري تعطي للممثل قيمته وتفسح له مجال الاجادة والتفوق.. رغبة منه برد الجميل للمخرج الكبير الذي فتح أمامه الأبواب الكبيرة للمجد والشهرة العالمية.

في المقابل حظي دينزل واشنطن بفرصة ذهبية ليؤكد موهبة جبارة عرفناها عنه في أفلام سابقة نال من أجلها أكبر وأرقي الجوائز في حفلات الاوسكار وبعض المهرجانات الدولية الكبري.

انه في هذا الفيلم الجديد يلعب دور الاب الروحي الأسود.. في غابات نيويورك وحواريها وشوارعها والتي اجاد المخرج الكبير.. اعادتها للحياة.. وجعلنا نعيش معها فعلا وكأننا في الستينيات من القرن الماضي.

واشنطن هو حقا.. فرانك لوكاس زعيم العصابة السوداء بكل انفعالاته بكل دهائه بكل قسوته.. وكل حنانه تجاه أسرته.. وعشقه لزوجته وطاعته لأمه. انه يجعلنا نصدقه في كل كلمة حوار ينطق بها وفي كل تصرف يقوم به لقد جعله السيناريو الماهر الذي كتبه ستفن زيليان الشمس الملتهبة التي تدور حول رحاها جميع الشخصيات.. والتي تختلج وتعيش من خلال النور الباهر الذي يمدها به.

ولا يمكن الا أن يتوقف المشاهد أمام مشاهده مع أمه التي لعبت دورها باتقان 'روبي دي' والتي لن استغرب مطلقا لو فازت هذا العام بجائزة أحسن ممثلة مساعدة خصوصا مشهد المواجهة الاخيرة بينها وبين ابنها.. بعد ان تجمعت الخيوط حول عنقه وكاد أن يفقد كل شيء.أو مشاهده الاخيرة.. وهو يشهد انهيار عالمه.. حجرا وراء حجر.. دون أن يجد طريقه للدفاع عن نفسه أو عن أسرته التي تربطه بها روابط دم لا يمكن نسيانها أو تساقط مملكته ورفاقه وخيانة أخيه.. في انفعال داخلي مكتوم وحارق عرف الممثل الاسود كيف يعبر عنه بأداء تمثيلي خارق حقا.

أخبار النجوم في 19 يناير 2008