كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

ليل ونهار

حين "مسخرة" !

محمد صلاح الدين

من ينكر أن هناك الملايين من المصريين يعيشون في العشوائيات.. وذلك بسبب السياسات الإسكانية الفاشلة التي تعاقبت علينا من حكومات لا تفهم في خدمة المواطنين شيئاً.. حينما اعتقدت ان السكني والمساكن هي للقادرين فقط.. أما محدودو الدخل والفقراء. فلهم العراء سقفاً.. والشقاء داء ودواء!!

لذلك حين يوجعنا خالد يوسف في فيلمه "حين ميسرة" ويقدم لنا إحدي صور انتشار الجريمة والتطرف والشذوذ والبلطجة. فانه يقدم لنا سينما واقعية تعبر عن فئة مسكوت عنها. رغم انها شديدة الخطورة وتشكل قنبلة موقوتة يمكن لها أن تنفجر في وجه المجتمع في كل وقت.. وان كانت تحمل الكثير أيضاً من الفجاجة والمباشرة.. بعكس نظرية الفن الجمالية التي تتطلب رؤي فنية تقدم الواقع. ولكن بصياغة وإحساس فنان يمتلك أدوات تعبير رحبة.. تعمق ولا تصرح.. تشرحّ ولا تجرح.. وإلا تحول العمل الدرامي إلي فيلم تسجيلي تقريري وليس معقولا أن اتحدث عن "مسخرة" بمخسرة مثلها.. وكأنه لا دور فني للمبدع؟!

ان البناء العام للفيلم كان عشوائيا هو الآخر مثلما كانت مادته وشخوصه. فجمع المخرج مع السيناريست ناصر عبدالرحمن كل موبقات العشوائيات في سلة درامية واحدة.. فجاءت صعوبة تصديق الحالة بهذه الصورة. برغم ادعاء المخرج في تتر النهاية وبصوته ان الواقع أفظع مما قدمه.. قد يكون هذا صحيحاً. ولكنه لا يجتمع كله في موقع وزمن واحد.. من هنا تجيء محاولات مخرجي الواقعية الذين سبقوه في هذا الموضوع أمثال أبوسيف وعبدالسيد والطيب والكاشف أكثر وضوحاً لأنها أكثر تأنيا وتخصيصاً!

فمثلاً الحي الذي يعاني انفلاتاً أمنياً واخلاقياً كان كافياً للغوص في المشكلة. ولكننا خرجنا للإرهاب الذي صنع معركة حربية كبري مع الشرطة التي بدورها تعذب في "المعذبين" وكأنهم مسئولون وحدهم عن أحوالهم ثم التطرق لحكايات التوربيني وصفقات رجال الأعمال التي تتم بأجساد النساء. ومشاكل التبني الوهمية التي تزيد من أطفال الشوارع وغيرها من الموبقات التي تحتاج إلي أكثر من فيلم لتناولها. مما أوقعه في أخطاء زمنية مثل ابن سمية الخشاب الذي يكبر سريعاً. بينما "أخوة" عمرو سعد لا يكبرون مع انهم تواجدوا قبله بسنوات وغيرها!!

بالفيلم بعض التشكيلات البصرية الموحية خاصة في الحي العشوائي وأبرزها الأحداث السياسية التي كانت في خلفية الشاشة ومنها الغزو الأمريكاني للمنطقة وسقوط بغداد بسقوط القيم الاجتماعية والتسبب والاهمال الذي يوصلنا بالفعل إلي الغزو بكافة أشكاله وصوره. وكذا تعذيب المواطنين بالتوازي مع حرية المنحرفين. وأتعجب ممن يتحدثون عن مشهد السحاق العارض والمعبر عما صدرته لنا العولمة. ولا يتحدثون مثلاً عن مشهد اغتصاب البطلة الفج المباشر والخالي من أي تعبير فني وهكذا!!

أهم ما في الفيلم غير موضوعه الموجع طبعاً. تلك الحالة التمثيلية الفائقة لمجموعة كبيرة من الموهوبين الذين تخلوا عن الفكرة العقيمة في قياس الأدوار بالشبر. فعزف هؤلاء سيمفونية الاستبعاد الاجتماعي من حكومات "مطنشة" وعاملة نفسها "عمية" أو نايمة أو نامية.. ما تفرقش!!

Salaheldin-g@Hotmail.com

الجمهورية المصرية في 17 يناير 2008