كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

تثير جدلاً من آنٍ لآخر رغم ندرتها

دراما الأئمة بين المسموح والممنوع

القاهرة  أحمد عطا

قدمت الدراما التلفزيونية العديد من الأعمال الدرامية التي تناولت حياة الأئمة بعضها حقق نجاحاً وتفاعل معها المشاهد، وكانت شديدة التميز على مستوى الشكل والمضمون، والبعض الآخر لم يلتفت إليه المشاهد ولم يترك بداخله أي انطباع أو انسحاب يجعل المشاهد يسترجع حياة هؤلاء العلماء الذين أثروا الحياة الإسلامية، ومن هذه الأعمال “إمام الدعاة” الذي رصد قصة حياة “الشيخ محمد متولي الشعراوي، وابن حزم، والإمام النسائي، والإمام الشافعي”، وأخيرا مسلسل الإمام “عبدالحليم محمود” الذي يستعد به الفنان حسن يوسف لرمضان المقبل.

في هذا التحقيق نفتح ملف دراما الأئمة لما يحمله من قيمة فنية وقدوة ومثل للأجيال والتعرف الى المسموح والممنوع في تناول السير الذاتية لهؤلاء العلماء.

الفنان حسن يوسف يقول: لا بد أن نعي الهدف الحقيقي من وراء طرح هؤلاء العلماء في عمل درامي، فالهدف ليس التسلية والسرد الدرامي التقليدي من خلال عملية التجسيد الدرامي بقدر ما هو طرح عطاء ودور هؤلاء العلماء الأجلاء في الفقه والتنوير، بالإضافة إلى القضايا والمعارك التي خاضوها ولدينا مثل كبير الشيخ محمد متولي الشعراوي وهو أكبر مثل لأننا عاصرناه، وكم خاض من معارك كثيرة فكرية تفاعل معه المسلمون في بقاع الأرض لإيمانه الشديد بالرسالة التي يقوم بها، وهو ما ظهر بشكل واضح عند تجسيد شخصيته في مسلسل “إمام الدعاة” الذي استغرق تحضيره وقتا طويلا، فالهدف نبيل من خلال إنتاج هذه الأعمال ولكن الأهم هو كيفية إلقاء الضوء عليهم لأن حياتهم مليئة بالعطاء المتواصل حتى آخر نفس في حياتهم، وهذا لا يتحقق إلا إذا كانت هناك جهات قوية وراء هذه الأعمال، ومخرج يتميز بقدرته على استعراض التفاصيل التي تهم المشاهد، ولهذا تجد المشروع الحالي الذي أرصد فيه واحدا من الأئمة العظماء وهو قصة حياة الإمام عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الراحل واستغرق التحضير والكتابة للعمل عامين، وأتمنى أن يخرج بالشكل الذي يليق بعالم في حجم الإمام عبدالحليم محمود الذي لا تزال كتبه تتصدر المكتبة الإسلامية وتنهض بالأجيال.

المؤلف بهاء الدين إبراهيم الذي قدم العديد من الأعمال الدينية التي تناولت حياة الأئمة منها ابن حزم والشعراوي يقول: دراما الأئمة لها مذاق خاص واستعداد نفسي لابد أن يتمتع به المؤلف نظرا لأهمية وقيمة الشخصية التي يتم إلقاء الضوء عليها والأمانة التي تقتضيها وتفرضها قيمة هذه النوعية من الأعمال، وهذه الدراما أعتبرها وثيقة درامية تتوارثها الأجيال مدعمة بالأسانيد والحقائق الثابتة، وهنا لابد أن يتمتع المؤلف بعقلية بحثية حتى لا تتعرض هذه الشخصيات للتشويه، والأمر يحتاج لجهد كبير واطلاع على كل التفاصيل المحيطة بهذه الشخصية، وهناك شيء آخر وهو فريق العمل أو الفنان الذي سوف يؤدي هذه الشخصية وعليه أن يتعايش مع المؤلف لمعرفة التفاصيل المرتبطة بحياة هؤلاء العلماء الأجلاء، وهنا يجب ألا يكتفي الفنان بالسيناريو المكتوب ويدخل في مرحلة نقاش واسع ينضم إليه المخرج حتى يخرج العمل بالشكل اللائق.

وتقول الفنانة القديرة عفاف شعيب: نحن في أمس الحاجة إلى هذه النوعية من الأعمال، ولكن علينا أن نقف ونفكر كيف تخرج بالشكل اللائق الذي يجعل المشاهد في حالة انسجام دائم وتفاعل مع هؤلاء الشوامخ، ولكن هذه النوعية من الأعمال تواجه صعوبات من الجهات الإنتاجية حتى أصبحت نادرة ولا أعرف السبب حتى الآن، فهذه الأعمال تضفي النصح والإرشاد والتوجيه للأجيال الحالية التي هي في أمس الحاجة إلى القدوة ولكن بعض الأعمال التي تناولت حياة الأئمة كانت دون المستوى وهذا يتوقف على فريق العمل المشارك في المسلسل.

أما المخرج وفيق وجدي فيقول: خطورة هذه الأعمال في مدى المصداقية التي تتخلل الأحداث الدرامية لأن المشاهد بطبيعة الحال قارئ جيد عن هؤلاء الأئمة، وهنا لابد من وقفة للتحضير الجيد والإنتاج الضخم الذي يجب أن تشارك فيه أطراف كثيرة، بالإضافة إلى النص القوي الذي أصبح نادرا خلال هذه الفترة بالنسبة لهذه النوعية من الأعمال، ولهذا تجد مسلسل “إمام الدعاة” وعصر الأئمة و”عمر بن عبدالعزيز” من أفضل الأعمال على الإطلاق على مستوى الشكل والمضمون، وما زال المشاهد يتابعها حتى الآن بالإضافة لأن هناك نواحي فنية كثيرة يجب أن تدعم هذا العمل بشكل لائق ومؤثر ومنها التكنولوجيا الحديثة في تصوير هذه الأعمال والملابس والديكور وكل هذا يثري الأعمال الدينية والتاريخية.

ويشير الفنان محمد رياض الذي قدم العديد من الشخصيات الدينية إلى أن السيناريو هو الأساس الذي تكون من خلاله البداية، ويقول: هذه النوعية من الأعمال تحتاج إلى مهارة فنية من المؤلف وإبداع خاص ووقت طويل للكتابة، ولهذا تجد مسلسل “ابن حزم” قد حصل على أعلى نسبة مشاهدة عند عرضه لقوة النص والإخراج معا والوفرة الإنتاجية التي تفتقدها الأعمال الدينية والتاريخية خلال الفترة الأخيرة ولا أعرف السبب، فدراما الأئمة ممكن أن تكون كتابا مرئيا يتصفحه المشاهد حيثما أراد ويحصل منه على قدر وفير من المعلومات الصحيحة وهنا تظهر القيمة البحثية في هذه الأعمال المهمة والمؤثرة والتناول الفني الرائع والجذاب على الإطلاق.

أما الكاتب والناقد الدكتور محمد عنان فيقول: هذه الأعمال في غاية الخطورة لتأثيرها الشديد والمباشر. وهنا لابد من وقفة: هل النص تناول كافة الجوانب الإيجابية والصعاب التي واجهت هؤلاء العلماء أم تم تناوله بشكل مسطح لا يليق بهم؟ وهنا لا بد أن تراجع النص أكثر من جهة وليس جهة واحدة من الناحية الفنية والدينية، فالمراجعة مطلوبة حتى نستعرض حياة هؤلاء الأئمة بالشكل الفني والإبداعي الذي يليق بهم، ولهذا تجد مسلسلي “عصر الأئمة”، و”إمام الدعاة” من أفضل الأعمال لقوة النص.

ويقول المخرج مصطفى الشال: لا توجد جهات إنتاجية تمنح المخرج الوقت الكافي ليطلق لإبداعاته العنان حتى يخرج بالشكل اللائق إلا ما ندر، ولهذا تجد الأعمال التي خرجت بشكل متميز أخذت الوقت الكافي في التحضير والتنفيذ وهذا لم يتوافر في أعمال كثيرة، فالتحضير لابد أن يستغرق وقتا طويلا وعلينا أن نتفق أن الثراء الفني في هذه الأعمال يجعل المشاهد في حالة تفاعل وانسجام عند استعراض أحداث هؤلاء الأعمال والثراء يعني إنتاجا ضخما، وهذا غير موجود الآن إلا في الدراما السورية نظرا لرخص التكلفة الإنتاجية لديهم والطبيعة التي تتمتع بها بلادهم.

ويتساءل الفنان محمد وفيق: أين النصوص الجيدة التي نحترم بها حياة هؤلاء العلماء؟ فالكاتب والشاعر الراحل عبدالسلام أمين كان يأخذ وقتا طويلا في القراءة والبحث والتحضير ليخرج لنا بشخصية كل عدة سنوات، والآن لم يبق لدينا سوى المؤلف الدكتور بهاء الدين إبراهيم، ودراما الأئمة التي تتحدث عنها في غاية الخطورة نظرا للثراء الإنساني والفكري في حياة هؤلاء الأئمة الذين يجب أن نحترمهم، ولهذا لم تعد كما كانت في أعمال: “ابن حزم، إمام الدعاة، عصر الأئمة، وعمر بن عبدالعزيز”، فهذه الأعمال من أفضل ما تناولت حياة الأئمة، بالإضافة إلى المشكلة الأساسية وهي انصراف الجهات الإنتاجية عن هذه النوعية من الأعمال.

الخليج الإماراتية في 16 يناير 2008