تقلبات الجو فاقها جنوح الأفلام وجنون البعض منها في طرحه لمواضيع
تتعلق بالجنس والسلوك الإنساني ومايصاحبه
من عنف.. وإن خففت عنه أفلام حملت مشاعر إنسانية جميلة عكست أحاسيس وعواطف
لبشر تعاطفنا معهم وعشنا معهم نحلم بفوزهم انتصارا لقيم إنسانية وفنية..
وإن كانت هناك أفلام لم تفز فإن ذلك لايعني إنها خرجت من دائرة المتعة التي
حققتها لنا.
نساء فرنسا يشعرن بغاية الفرح والسعادة..
فقد وصل عدد الوزيرات وحاملات الحقائب الوزارية إلي خمس عشرة امرأة.. وهكذا
صدق الرئيس الجديد (فرانسوا هولاند)
وأوفي بما وعد به.
وإذا كانت فرنسا تتيه فخرا بنسائها..
ومدينة (كان) الفرنسية بالفنانات اللاتي جئن إليها من جميع أنحاء العالم ..
فإن هناك أفلاما تحدثت عن الحب الراقي أنصفت صورة المرأة وعلاقتها بالرجل..
وأفلاما أخري شطح فيها الخيال وقدم صورة شديدة السلبية للمرأة وإن اعترفت
أنها تحاكي الكثير من الواقع.
في دورة هذا العام غابت المرأة مخرجة علي الأقل في المسابقة الرسمية
ومعظم أقسام المهرجان..
لذا كان فوز المخرجة البوسنية
(عايدة بجيك) بشهادة خاصة من لجنة
تحكيم
عن فيلمها (أطفال سراييفو)
الذي شارك في قسم (نظرة
ما) شيئا جميلا.. لما يحمله موضوعه من أهمية كبري ويعكس واقعا مؤلما عاشته
هذه البلاد.. رحيمة ٣٢ سنة ترعي شقيقها الصغير نديم
٤١
سنة بعد أن فقدا والديهما في الحرب هي تعمل في أحد
المطاعم وتعد نموذجا جيدا للمرأة المسلمة في مجتمعات تحاول تشويه الإسلام
بكل شكل وصورة..
في اصطدام (رحيمة)
بالسلطة بعد اشتباك شقيقها مع ابن أحد المسئولين..
وتهديدها بالشرطة إلا إنها تشعر بقوتها الداخلية ولاتقر بالهزيمة.. إن
عايدة نموذج رائع لمخرجة تعمل في ظل ظروف شديدة الصعوبة.. وقد سبق وشاركت
بأفلام قصيرة في (كان)
من قبل وفيلمها الروائي الأول ثلج عرض بأسبوع النقاد في (كان) وحصل علي
الجائزة الكبري..
ليجيء فيلمها الثاني أطفال سراييفو وشاركت في إنتاجه فرنسا
وتركيا..
انتصارا حقيقيا لها ولمبادئها ومشوارها الفني القصير..
المشرف.
والحديث عن النساء في (كان)
يدفعنا للحديث عن وزيرات جئن خصيصا لحضور الاحتفالية السينمائية الأولي
منهن من جاءت بصفتها وزيرة للثقافة والاتصالات وهي (أوريلي فيليبتي)
والثانية المخرجة (يامينا بن جيجي)
الوزيرة المفوضة للفرنسيين في الخارج..
والفرانكفونية..
والتي حرصت علي الحضور تحية لزملائها الفنانين ودعمهم.
أما وزير الثقافة اللبناني (كابي
ليون) فقد حرص علي رئاسة وفد بلاده في الفريق الذي شارك في الجناح
اللبناني.. وهكذا تفوز السينما وتتفوق علي السياسة في أحيان كثيرة.
❊❊❊
مهما علوت ..
وعلا شأنك..
وأحاط بك أناس من كل جنس ولون..
لكنهم جميعا مفردات لأشخاص تلتقي بهم بحكم العمل..
الجيرة.. القرابة.. لكن عندما تخلو إلي نفسك وتدخل عالمك الخاص تجده
خاويا.. خاليا.. ليس هناك من (يؤنس) وحدتك.. ويخفف عنك شبحها المخيف..
ساعتها تشعر بالخوف والانهيار..
فالوحدة قاتلة ومرعبة..
وصدق المثل القائل (الحس
علي الحس رحمة).
الوحدة تجعل حياة صاحبها جافة كالأرض البور..
جدباء.. بدون المشاعر.. يشعر الإنسان بالخواء الداخلي..
ويعيش في حالة من الفراغ
العاطفي تجعله يدور في حلقة مفرغة من عدم الاتزان النفسي، خاصة عندما يتقدم
الإنسان في العمر..
ويكون قد فاته الوقت في تكوين حياة أسرية
مستقرة.
هذه الوحدة القاتلة هي التي تدفع بأستاذ علم الاجتماع السابق والذي
يعمل بمجال الترجمة،
وقد تجاوز سن الشباب بكثير وتوفيت زوجته وتعيش
ابنته الوحيدة بعيدة عنه مع ابنتها.
هذا الرجل الثري بالمعرفة،
الفقير في علاقاته الإنسانية، وحدته القاتلة هي التي دفعته للبحث عن رفيقه حتي لو بالأجر
.. يأتنس بها، ولذلك عندما يرسل إليه مدير أحد الملاهي إحدي الفتيات والتي
هي في نفس الوقت طالبة جامعية.. تجده وقد جهز عشاء..
فهو لايبحث عن المتعة التي ربما تعداها سنه لكن عن الرفقة.
هذه الصحبة أو الرفقة التي تبدو فيها الفتاة كحفيدة له تجعله يخوض
مغامرة عندما يصطحبها في الصباح لتؤدي امتحانها..ويلتقي
بمن سيصبح خطيبها..
ويعتقد أنه جدها..
لكنه يكتشف الحقيقة بعد ذلك فيطاردهما..
حتي
يصل إلي منزله ويلقي بحجر علي زجاج النافدة
ليحطمه.. وكأنه يحطم وحدته القاتلة والصمت الرهيب الذي يعيش فيه.. فالرجل
يحتاج لمن يعتني به ويقطع عليه صمت الوحدة بالحوار، بدلا من جهاز »الأنسر
ماشين«.. الذي يربطه بالعالم..
وجارته الثرثارة التي تعرف حكايته من خلال دردشتها.
إن عباس كياروستامي هذا المخرج الإيراني العظيم نجح في فيلمه
(مثل من يحب) أن ينقل إلينا مشاعر رجل عجوز وحيد أراد أن يخرج
عن صمته ووحدته.. وكعادة »كياروستامي« في كل أفلامه فلا مجال للمحظورات..
وكأن الرقابة باتت قابعة بداخله..
ولعل كياروستامي من أذكي مخرجي السينما الإيرانية.. وقد أتاحت لي الظروف
لقاءه أكثر من مرة..
كانت الأولي في بداية التسعينات وذلك في
مركز ثقافة »جورج بومبيدو«
وكان وقتها مشاركا في لجنة تحكيم مهرجان
أفلام سينما الحقيقة الدولي..
وهو واحد من أجمل المهرجانات السينمائية.
ومازلت أذكر أن كياروستامي قال لي إنه لاينوي أبدا مغادرة إيران وإنه
سوف يتجه لتقديم أفلام عن الأطفال والأسرة..
وبالفعل لم يغادر كياروستامي بلده..
ولكنه أيضا لم يكن أبدا جزءا من النظام
القائم..
وبالتالي لم يكن
مرحبا به كثيرا.. لكنه استطاع أن يحافظ علي هويته الفنية الخاصة..
ورؤيته السياسية المعارضة ليظل واقفا علي
الأرض التي طالما عشقها وأحبها كثيرا إيران..
ولم يرحب بالأيادي المفتوحة والممدودة له بالأحضان في بلدان أخري.
الجميل أن كياروستامي قدم فيلمه هذا في اليابان..
وكان في اختياره للفنان »تاداش أوكونو«
الذي تخطي الثمانين من عمره بعدة شهور
اختيارا شديد التوفيق..
وكان واحدا من المنافسين علي جائزة أحسن ممثل
بأدائه الرائع الهاديء.
أما بطلة الفيلم فهي »رين تاكاناش«
وهي من الجيل الجديد من الممثلات الواعدات..
ويبدو أن عام
٢١٠٢ سوف يكون عام السعد عليها لاشتراكها في بطولة أكثر من فيلم .. ومسلسل
تليفزيوني.
وسوف يظل »لعباس كياروستامي«
طعم الكرز في كل تواجد سينمائي يحضره..
كذلك في كل فيلم يقدمه.
أجساد
للبيع
ليت الشباب يعود يوما ..
حتي لو ضحكنا علي السنين..
وخدعنا أنفسنا..
هذا هو منطق »عجائز«
ابتعدن عن سنوات الشباب بمسافات طويلة..
خطها الزمن علي ملامح وجوههن..
وتضاريس أجسادهن التي ترهلت..
وتشوهت من كثرة الدهون والشحوم..
فتحولن إلي كتل من اللحم الأبيض.
لكن الأجساد المترهلة..
والتقدم في العمر لم يمنعا أو يحولا بين بعض الرغبات الحسية.. لأجساد هؤلاء
النسوة اللائي يعانين الوحدة والإهمال..
ويردن أن يشعرن بأنهن مازلن مرغوبات محبوبات حتي لو كان ذلك »بالفلوس«
يعني عملية بيع وشراء في محاولة للسير عكس الزمن..
هؤلاء النسوة خاصة في النمسا والعديد من دول أوروبا الشمالية يذهبن
بالتحديد إلي النيجر من خلال رحلات منتظمة لممارسة الجنس مع الشباب من
أبناء البلاد.. نظير أجر مادي أو إعانة الأسرة..
وهؤلاء النسوة يطلق عليهن في كينيا لقب
(ماما سكر).
الفيلم واحد من أفلام المسابقة الرسمية ويعد واحدا من ثلاثية يقدمها
المخرج (أولريش سيدل)
الجزء الأول الذي عرض يحمل اسم
»الجنة.. حب« أما الجزء الثاني فسوف يحمل »الجنة..
إيمان« والجزء الثالث »الجنة..
أمل«
والأجزاء الثلاثة حكاية لثلاث
من النساء..
الأولي تبحث عن الجنس..
والثانية شقيقتها تعمل في مجال التبشير والثالثة هي الابنة
تبحث عن الأمل في معسكرات الشباب.
فيلم »الجنة ..
حب« أثار استياء كينيا للغاية واعتبر تشويها لصورة شبابها وشعبها.. مع أن
جزءا كبيرا مما ورد في هذا الفيلم صحيح مائة في المائة.
الفيلم بطولة »مارجريت تيسيل«
و»بيتر كازونجو«.. »هيلين يروجا«
أما المخرج النمساوي أولريش فهو من مواليد
٢٥ بفينا.. وقدم العديد من الأفلام التسجيلية..
ليقدم بعدها أفلاما روائية
كلها فازت في مهرجانات عالمية..
ففيلمه الأول
(أيام الكلاب) حصل علي الجائزة الكبري للجنة التحكيم في مهرجان فينيسا عام
١٠٠٢.. بعدها في عام ٧٠٠٢ قدم فيلمه (تصدير واستيراد)
الذي عرض في المسابقة الرسمية (لكان).
من رجل إلي امرأة
هذه
مشكلة أو بمعني أدق قضية هامة في كندا..
حرصت السينما الكندية منذ سنوات عديدة علي طرحها ومناقشتها سواء في أفلامها
الروائية أو التسجيلية والقصيرة..
وهي عن التحول الجنسي خاصة لرجال البعض منهم تزوج
وأنجب..
والبعض الآخر لا.
وإن جمع بينهم أنه بعد سنوات طويلة في عالم الذكورة يرغبون في التحول إلي
الجنس الآخر.. وقد شاهدت منذ سنوات طويلة حكاية أب له ابنة في سن المراهقة
رغب في التحول.. وتأثير ذلك علي العلاقة بينهما،
أما في فيلم المخرج
»إكزافيه دولان« »لورانس بأي طريقة«،
فإنه يطرح فيه حكاية »لورانس«
الذي يعيش حياة سعيدة مع حبيبته
(فريد) في بداية التسعينات إلي أن يقرر أنه لاينتمي إلي عالم الرجال.. وأنه
يشعر بحال أفضل في عالم النساء..
فيقوم بارتداء الملابس النسائية متحديا
الجميع ومصمما علي ذلك ولما كان يهوي الكتابة ويتكسب منها فهو يضع خلاصة
تجربته في كتاب..
وعلي مدي عشر سنوات يتبع إكزافيه بطل فيلمه
(لورانس) في علاقته بحبيبته السابقة والتي يكتشف أنه أنجب منها قبل أن
يتحول سلوكه.. وعلاقته بأمه وبأصدقائه وبكل المحيطين به.
وقد استحقت بطلته
»سوزان كليمان« جائزة أحسن ممثلة في مسابقة »نظرة ما«
التي عرض بها الفيلم.
وذلك مناصفة مع الممثلة
»إيميلي دوكين« بطلة فيلم »الحب دون سيد « وإن كنت أفضل الترجمة »عندما نفقد المنطق«
للمخرج جواشيم لافوس وقد قدمناه في عدد سابق.
وإذا كان المخرج إكزافيه يقول إن أفلامه تحمل الكثير من ملامح حياته
فقد سئل صراحة:
هل هو أحد المتحولين أو يشعر بذلك..
فأجاب بالنفي وأضاف:
لو كان ذلك صراحة لكان أعلنه ولم يخفيه..
لكن القصة روتها له إحدي صديقاته عن علاقتها بالرجل الذي أحبته سنوات طويلة
وأنجبت منه طفلها وفوجئت بهذا التحول الذي لم يكن يخطر ببالها أبدا.. ورغم
أن ذلك أشعره بالراحة إلا أنها لم تكف يوما عن حبه وظلت تتذكر دائما أطياف
علاقتهما السابقة الناجحة.
وحقيقي العيب مش في الحب بل في الحبايب
.. علي رأي الست أم كلثوم.
❊❊❊
ثورات الربيع العربي غيرت وجه التاريخ ليس في بلداننا فقط بل في بلدان
العالم..
وللأسف الشديد فقد كنت أتمني أن يعرض فيلم يوثق لما حدث في
ليبيا ويحدث الآن،
فيلم صنع بأيدي أحد أبنائها أو أبناء المنطقة
العربية لكن ماعرض في (كان)
عن ليبيا فيلم من إخراج »هنري برنار ليفي«
الذي يعد المدافع الأول عن الكيان
والتواجد الإسرائيلي وللأسف الشديد فإن هذا الفيلم هو دعاية شخصية له بين
فيه مدي قوته وقربه من صناع القرار والسلطة في العالم ..
وكيف أن زعماء المعارضة في عالمنا العربي يثقون به ..
إن الفيلم مليء
(بالفجاجة) التي للأسف الشديد باتت ظاهرة واضحة في مجتمعاتنا.
إن هنري ليفي يتباهي بعلاقاته بالزعماء وبكونه نجح في حشد وتحريض دول
العالم ضد ليبيا ومن بعدها تأتي سوريا..
وكيف أنه رجل السلام والباحث عن الحريات.
إن فيلم (ليفي)
أعترف أنه يستحق المشاهدة مرة ثانية لتفنيد أكاذيبه وادعاءاته.. وكفي الغرب
بطولات علي حسابنا.
الجدير بالذكر أن فيلم (قسم
طبرق) أضيف إلي البرنامج الرسمي قبل بداية المهرجان بأيام قليلة.
آخر ساعة المصرية في
04/06/2012
جوائز «كان» خيبة أمل ومجاملات فجة
بقلم : د. رفيق الصبان
يبدو أن ما توقعناه في مقال سابق قد تحقق تماما في نهاية هذه الدورة
البائسة من دورات مهرجان «كان» السينمائي .. الذي أطل علينا بجوائز، كثير
منها يقبل المناقشة والبعض منها يثير العجب قبل الإعجاب. خيبة وتعثر لاشك
أن المستوي العام لهذه الدورة كان يتسم بالرداءة وخيبة الأمل رغم الآمال
الكبري التي حلقت حول كثير من الأسماء البارزة المشتركة والذين خرجت
أفلامهم المنتظرة تحمل «كومات» من الخيبة والتعثر وعدم الإقناع. كين لوتشي
الإنجليزي الساخر صاحب الفيلم السياسي والقادر علي توجيه صفعات قوية لكل ما
يراه ظالما في هذا العالم، سواء جاء من أفريقيا أو من آسيا أو من أوروبا
بلده الأصلي ، اكتفي هذا العام بتقديم فيلم أراد له كما قال في أحاديثه
الصحفية أن يكون «مسليا» عن مجموعة من الشباب عاطلة عن العمل تضطر إلي
ابتكار نوع غريب من السرقة كي تواجه مستقبلا غامضا ينتظرها. لا أعتقد أن
البطالة والتوبة وقسوة المجتمع يمكن أن تكون مادة للترفيه مهما كانت قوة
المخرج وقوة السيناريو الذي يقدمه ومن الصعب جدا أن يضحكنا شاب يحاول أن
يخرج من ورطة انزلاقه الإجرامي ليزداد سقوطا علي أرض الجريمة!! وجاء فيلم
الكندي دافيد كرونبرج بعد رائعته عن فرويد العام الماضي محبطا أيضا تدور
أحداثه كلها في إطار سيارة فاخرة تجتاز شوارع نيويورك المزدحمة يحاول فيها
رجل فاحش الثراء يملك في سيارته كل شيء «السيارة أصبحت مكتبا وجارسونية
وبورصة دوائر أعمال وغرفة نوم وبار» ويريد أن يعثر علي حلاق في آخر الدنيا
ليقص له شعره مجتازا أهوال ومآسي مدينة نيويورك إلي أن يصادف «قاتله» الذي
ربما كان هو أناه أخري. في نهاية غامضة وملتبسة. كل تكنيك جرودنبرج لم يفلح
في التغلب علي سطحية المعالجة وعلي سذاجة الرمز ورأينا أنفسنا شديدي البعد
عن عالم كرونبرج الذي عرفناه وأحبناه وعشقناه أحيانا. الدورة القنبلة أما
أكثر الأفلام انتقادا في دورة هذا العام فكان فيلم البرازيلي والتر ساليس
المأخوذ عن قصة جاك كيرداك «علي الطريق» انجيل الشباب الحديثة في أمريكا.
الفيلم كان يمثل بالنسبة لهذه الدورة «القنبلة» التي ستنفجر وتأخذ في
طريقها كل شيء ولكن يبدو أن القنبلة الثقيلة أصابها البلل قبل أن تنفجر
فخرجت دون أي مفعول وتحولت قصة «علي الطريق» إلي فيلم سياحي يدور في أرجاء
الولايات المتحدة ووضع ستار شائك علي جميع القضايا السياسية والأخلاقية
والاجتماعية التي أثارها الكتاب عند صدوره ومازالت حتي اليوم تبدو نتائجه.
تحول فيلم ساليس كما تحولت ذكريات جيفارا في مذكرات دراجة إلي فيلم يتمتع
بجمال صورة وقوة موسيقي دون أي مضمون حقيقي أخلاقي كان أم سياسي أم
اجتماعي.. كذلك كان حال فيلم الإيراني كيروستامي «مثل عاشق متيم» الذي تدور
أحداثه في اليابان، ومن خلال سيارة تقطع مدينة طوكيو ليلا لتقل عاهرة شابة
إلي فندق رجل أعمال ثمانيني ثم تعود صباحا لتعيدها إلي الجامعة التي تدرس
فيها. دراسة جغرافية وشعرية لمدينة طوكيو لا تشكل أي جوهر حقيقي في سينما
الإيراني الكبير الذي يتابع تجاربه الأوروبية بعيدا عن بلده محققا فشلا تلو
الآخر. والغريب أن أهم ما جاءت به الأيام الآخيرة من المهرجان هو عرض عدة
أفلام خارج المسابقة تحمل اسماء مخرجين كبار آثروا ألا يشتركوا رسميا في
المسابقة كالإيطالي «برتولتش» وفيلمه البديع «أنا وأنت» عن مراهق يهرب من
أسرته ويختبئ في قبو للعائلة ثم تلحق به اخته غير الشقيقة والمدمنة
للمخدرات .. وهناك يكتشف كل منهما الآخر في هذا الحيز الضيق والخانق الذي
أحالته يد المخرج الإيطالي العبقري إلي صورة تنبض بالحياة والحب والحساسية
والحنان. كذلك فيلم الأمريكي «فيليب كوفمان» صاحب خفة الحياة التي لا تحتمل
المأخوذ عن قصة كونديرا والذي يعود هذه المرة يروي صفحات مدهشة من تاريخ
علاقة أرنست همنجواي بكاتبة صحفية رافقته مغامراته والهمته قصته الشهيرة
«وداعا للسلام» دور تعود فيه نيكول كيدمان لاوج تألقها وإبداعها ويعود
كوفمان يحتل مكانته كواحد من كبار مخرجي أمريكا المعاصرين. فيلمان كبيران
عرضا خارج مسابقة هزيلة غير مترابطة سقطت فيها أسماء كبري وترنحت أسماء
أخري ولم ينج من الطوفان الكبير إلا العبقري النمساوي «مايكل هانكي» وفيلمه
المدهش والمليء بالأحاسيس المتدفقة والكبرياء الفني الشامخ والذي أطلق عليه
اسم «هوي» ويتكلم عن موت الرحمة وصلة غريبة تصل به زوجة ريفية تعدت
الثمانين وزوجها المحب العاشق. «إيمانويل ريفا بطلة هيروشيما تعود في دور
لا ينسي أمام جان لويس ترنثبثان» كذلك خرج من الماء دون أن يصاب تماما
بالغرق، فيلم آلان رنيه الأخير «أنت لم تر شيئا بعد» وهو فيلم شديد
الخصوصية يعيدنا إلي أدب جان أنوي ومسرحياته التي اشتهرت في الخمسينات من
خلال مؤلف يدعو ممثليه القدامي والجدد ليقوموا بأداء آخر أدوارهم التي
كتبها لهم قبل موته !! والذي يبدو أنه كان مجرد حجة لخلق عالم من الوهم
يواجه عالم الحقيقة. فيلم شديد الخصوصية ملييء بالحوار.. يعيدنا إلي سينما
فرنسية تقليدية كاد يمحوها الزمن من ذاكرتنا ولكنه عودة مضيئة لمخرج تجاوز
التسعين ومازال يقف شامخا وراء كاميراه. أفلام تحمل كما رأينا أسماء شهيرة
تهتز لها الأطراف جاءت لتزيد من خيبة أملنا ومن مرارة سقوط هذه الدورة التي
كنا نأمل أنها ستعيد الروح الينا. رهان عجيب هذا عن الأفلام فماذا عن
الجوائز ومن الذي ربح ومن الذي خسر في هذا الرهان العجيب الذي كان من
العسير إيجاد حل حقيقي له، وعوضا عن التنازع علي اعطاء الأولوية لبعض
الأفلام عن بعضها الآخر حاولت لجنة التحكيم البائسة أن تجد مخرجا لها من
هذا المأزق الكبير «فهل وجدت». لم يكن من الصعب التكهن منذ البداية بأن
فيلم «هوي» لمايكل هانكي سيفوز بالسعفة إذ لم يكن هناك أمامه أي منافس آخر
سوي الفيلم الروماني «وراء التلال» والذي فاز بجائزتين الأولي مستحقة تماما
للممثلتين الرئيسيتين والثانية قابلة للنقاش وهي جائزة السيناريو والتي كان
من الأفضل لها أن تذهب إلي الفيلم الفرنسي أوديار «الصدأ والعظام». وفي هذه
المناسبة فإن السينما الفرنسية هذا العام قد ظلمت ظلما فادحا عندما تجاهلت
هيئة التحكيم فيلم آلان رينيه الصعب والشخصي تماما، وابعدته عن ذهنها كما
نسيت أو تناست فيلم «أوديار» رغم الأداء الشديد الحساسية لماريون كوتيارد.
الظلم أيضا أصاب بطلي فيلم «هوي» الذين تجاهلتهما اللجنة ارضاء لعيون
الشابتين الرومانيتين اللتان كانتا تستحقان جائزتهما. تماما كجائزة
الدانماركي بطل «الصيد» الذي يذكرنا بالفيلم الفرنسي القديم «سبيل وأيام
الأحد» والذي يروي اتهام طفلة ظلما لرجل بالغ باغتصابها وموته علي يد جمهور
غاضب لا يعرف كيف يميز الحقيقة من الكذب. أما الجائزتان اللتان تثيران
الدهشة والتساؤل إن لم تثيرا الضحك والسخرية منهما فيلم الإيطالي «غاروني»
الذي فاز بالجائزة الكبري عن فيلمه «الحقيقة» عن زيف بعض البرامج
التليفزيونية والذي شممنا فيه رائحة «الكوسا» كما يقول المصريون بطريقة
مؤلمة. كذلك فيلم كين لوشي الذي لم أجد مبررا لمنحه أي جائزة بل اني لم أجد
حتي مبررا لوجوده في المهرجان أصلا لولا اسم مخرجه الكبير الذي فتح له كل
الأبواب. وتبقي جائزة الإخراج التي منحت للبرازيلي الجدير «روجاس» تخطيه
جمال الفيلم الروسي وقوة إخراجه وعودة السينما الروسية بفضله إلي المقدمة
والذي لا يشفع له حتي «جنونه» الحصول علي مثل هذه الجائزة الكبري. نعم لم
يكن أمام اللجنة وأمام هذا السيل من خيبات الأمل التي أتتنا من كبار
المخرجين ومن أفلامهم سوي الهرب إلي لافتة هانكي البراقة لتحتمي خلفها
تاركة عشاق السينما يتحسرون علي دورة كانوا يحسبون لها ألف حساب ولكنها
خرجت بالنتيجة بحساب واحد وفيلم كبير كبير وعدة أفلام صغري.
جريدة القاهرة في
05/06/2012
شركة إسرائيلية تفاجأ بأنها ممنوعة من عرض
«بعد الموقعة» بعد شرائه من المنتج الفرنسى
أحمد الريدى
احتفالات ومشاركات بأحد أكبر المهرجانات، هناك حيث مدينة «كان»
الفرنسية، لكن الفيلم الذى خرج دون جوائز مكتفيا بالحضور المشرف، خرج حاملا
عديدا من علامات الاستفهام، بعد أن أثير حول فيلم «بعد الموقعة» (ليسرى نصر
الله ومن بطولة منة شلبى وباسم سمرة وناهد السباعى)، كثير من التساؤلات،
خصوصا أن الصحف الإسرائيلية نشرت أن الفيلم سيعرض هناك، كما أن منتجه من
الجانب الفرنسى هو جورج مارك بنامو الذى يشاع أنه صهيونى الفكر.. كل هذه
التساؤلات، حاولت «التحرير» استقصاءها عبر أطرافها المختلفة، وكانت النقطة
الأولى هى عرض الفيلم فى إسرائيل وهو ما كان المخرج يسرى نصر الله قد نفاه
مسبقا فى تغريدة قصيرة عبر حسابه الرسمى على «تويتر»، وهناك وثيقة تخص شركة
«Orlando Films»
الإسرائيلية أكدت من خلالها أنها قامت بالفعل بشراء حقوق عرض
الفيلم هناك، عقب بداية عرضه بمهرجان «كان» من قبل الجانب الفرنسى، لكنهم
بعد أن أعدوا تجهيزاتهم، أخبرهم الجانب الفرنسى أن هناك بندا فى العقد يؤكد
عدم قدرتهم على عرض الفيلم فى إسرائيل دون الرجوع للجانب المصرى، وهو شركة
«نيوسينشرى»، وهو ما يعنى حرمانهم من العرض هناك لسوء الحظ، حسب التعبير
الذى جاء فى الوثيقة.
ومن جهتها فقد أكدت رشا الحامولى المسؤول الإعلامى لشركة «نيوسينشرى»،
فى تصريحاتها لـ«التحرير» أن اتفاقهم مع الجانب الفرنسى كان على قيامهم
بالتسويق فى أمريكا وأستراليا وأوروبا عدا إسرائيل، وهو ما ينص عليه العقد،
وبخصوص المنتج الفرنسى جورج مارك بنامو صاحب الجذور الصهيونية، وأنه أحد
الفرنسيين الذين يحملون الفكر الصهيونى، كما تحدث كثير من المقالات
الفرنسية، وكون هذا قد يطرح تساؤلا حول تقديم الفيلم تنازلات كى يشارك فى
«كان»، فقد أكدت رشا الحامولى أنهم لم يلتقوا بنامو سوى مرة واحدة، حين تم
توقيع العقود، وأن اتفاقية الإنتاج المشترك حتّمت على الشركة إرسال العقود
لكثير من الجهات الحكومية، ومنها المجلس الأعلى للثقافة، فكيف توافق الجهات
الحكومية عليها إن كان أحد المنتجين صهيونيا؟ وكيف نقدم تنازلات كى نشارك
فى «كان»، ومن الأولى أن نحصل على جائزة إن كان هذا قد حدث.
التحرير المصرية في
05/06/2012
نصرالله: لم أختبئ لأحمى نفسى من إسرائيل
كتب – محمد شكر:
تحولت ندوة مناقشة الدورة الخامسة والستين لمهرجان كان السينمائى التى
أقامها مركز الثقافة السينمائية إلى حرب كلامية بين المخرج يسرى نصرالله
والمخرج أحمد عاطف على خلفية اتهام الأخير لنصرالله بالتطبيع مع إسرائيل
أثناء مشاركتهما فى فعاليات مهرجان كان السينمائى.
وبدأت الندوة بتقديم للناقد السينمائى سمير فريد تحدث فيه عن الدورة
الأخيرة لمهرجان كان معتبراً أن المشاركة العربية وعلى رأسها فيلم يسرى
نصرالله «بعد الموقعة» هى أهم ظواهر المهرجان واختتم بفتح أزمة التطبيع
وتحدث أحمد عاطف مؤكداً أنه راسل شركة اورلاندو فيلم الإسرائيلية التى
أعلنت عن حصولها على حقوق عرض الفيلم فى إسرائيل من الموزع الفرنسى للفيلم،
بعد ما أثاره أحد الصحفيين الإسرائيليين فى المؤتمر الصحفى لفيلم «بعد
الموقعة» بسؤاله ليسرى نصرالله عن شعورة بعد عرض فيلمه فى إسرائيل، وأضاف
عاطف أن موقف يسرى من عدم مقاطعة مهرجان تورنتو رغم احتفاله بمئوية تل أبيب
بالإضافة لتعامله مع جورج مارك بونامو الذى نادى بتأريخ الثورات العربية فى
أفلام مثل الفيلم الذى قدمه نصرالله دفعه للبحث حول شخص جورج مارك واكتشف
ان مواقفه مؤيدة للكيان الصهيونى وقال ان باسم سمرة بطل الفيلم «شتمه» على
أحد المواقع وأحمد اللوزى مساعد نصرالله كرر ذلك على «تويتر».
ورد يسرى نصرالله على ما أثاره عاطف انه غير مطالب ان يقدم كشف حساب
لمواقفه الوطنية مع كل مشاركة فى مهرجان أو أحد المحافل الدولية التى يتعرض
خلالها للضغوط والابتزاز، وأكد يسرى أنه قرر فى المؤتمر الصحفى أن يواجه
الصحفى الإسرائيلى ويسجل موقفه الرافض لسياسات الكيان الصهيونى ولم يختبئ
وراء العقد الذى وقعه ونص على سحب حق عرض الفيلم فى إسرائيل والشرق الأوسط
من الشركة الفرنسية رغم أن رده القاسى كان من الممكن أن يعرضه لاتهامات
سابقة التجهيز مثل معاداة السامية.
وبرر نصرالله غضبه من تصفيق الصحفيين المصريين فى المؤتمر الصحفى عقب
رده على الصحفى الإسرائيلى، مؤكداً انه تحدث طويلاً عن الأزمات التى
تواجهها مصر من الديكتاتورية العسكرية للتهديد الذى يتعرض له الفن المصرى
بعد سيطرة التيارات الدينية المتشددة ولم يصفق أحد أو يهتم بالأزمات التى
تمس مصر ولكن بمجرد إعلانه عن رفض عرض فيلمه فى إسرائيل حتى تتحرر الأراضى
الفلسطينية هدرت القاعة بالتصفيق وأضاف أنه اعتبر هذا أمراً مستفزاً لهذا
قال «لماذا تصفقون فأنا لى أصدقاء إسرائيليين» وبرر هذا بأن من بين
الإسرائيليين من يؤمن بحقوق الشعب الفلسطينى مثل المخرج عاموس غيتاي
والمخرج أفي مغرابي الذى رفض ابنه ان يخدم فى الجيش الإسرائيلى لأنه يعتبره
جيش احتلال.
وأكد يسرى أنه تلقى اتصالات عديدة طالبته بسحب كلامه فى المؤتمر
الصحفى ولكنه رفض أن يتنازل عن موقفه من إسرائيل، واتهم نصرالله أحمد عاطف
بأنه لم يتحرى الدقة فيما نشره لأنه كان فى إمكانه أن يتصل به أو يسأله قبل
ان يكتب معلومات مغلوطة رغم انه كان موجوداً فى المهرجان وكان من الممكن أن
يبحث عنه بدلاً من أن يراسل إسرائيل لمجرد إثبات وجهة نظره الخاطئة وأبدى
يسرى استياءه من جملة «ماذا يريد يسرى نصرالله أن يفعل بمصر» وهو السؤال
الذى طرحه سمير فريد أيضاً ولم يقدم أحمد عاطف إجابة عنه بالإضافة إلى
تضامن فريد ونصرالله فى التعليق على اتهام عاطف لفيلم «بعد الموقعة» بأنه
فيلم رديء دون أن يبرر أسباب هذا الحكم المطلق وعلق فريد على أن الفيلم جيد
من وجهة نظره وتم استقباله بشكل جيد من نقاد مهرجان كان باستثناء ناقد واحد
فضح نفسه لأنه أعطى فيلم «حب» الفائز بالسعفة الذهبية صفر فى التقييم.
الوفد المصرية في
06/06/2012 |