حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي الخامس والستون

يوم أفلام الإرهاب في مهرجان كان السينمائي

أمير العمري- كان

كان يوم السبت 19 مايو في الدورة الـ65 في مهرجان كان السينمائي يوما لتسليط الأضواء بقوة على موضوع الإرهاب باسم الدين، والقتل باسم الجهاد الاسلامي. فقد عرض فيلمان، أولهما عرض في تظاهرة "نصف شهر المخرجين" وهو فيلم "التائب" للمخرج الجزائري الشهير مرزاق علواش (عمر قتلته الرجولة، مغامرات بطل، حي باب الواد...) والثاني عرض في قسم "نظرة ما" وهو فيلم "ياخيل الله" للمخرج المغربي نبيل عيوش. والفيلمان من الإنتاج الفرنسي بالكامل وإن نطقا باللغة العربية وصورا في كل من الجزائر والمغرب.

الفيلمان يتراوحان في مستواهما الفني وطريقة مخرجيهما في التعبير عن الموضوع بشكل لافت للنظر. فعلى حين يمكن القول ان الفيلم الأول "كارثة" فنية على كل المستويات، ومؤشر على سقوط مخرجه وافلاسه السينمائي، جاء الفيلم الثاني عملا فنيا بديعا، مدروسا بعناية ودقة، مليئا بالتفاصيل التي تثري الموضوع، متمتعا بإيقاع رصين متصاعد نحو تلك الذروة التي نعرفها من خلال الأحداث في الواقع غير أنها تصدمنا بقوة.

فيلم "التائب" ينطلق من صدور قانون في الجزائر في أواخر التسعينيات يسمي "قانون العفو والوئام الوطني" يضمن العفو عن كل الذين حملوا السلاح وخاضوا حربا ضارية ضد النظام باسم فرض نظام إسلامي بديل في الجزائر، وارتكبوا خلال تلك الحقبة من التسعينيات، الكثير من المجازر الدموية.

ويرتكز الفيلم على قصة ذلك الشاب الذي انضم الى احدى جماعات العنف باسم الدين، ثم قرر أخيرا التخلي عن "الجهاد" وترك الجبال والعودة الى الحياة المدنية الطبيعية مستفيدا من قانون الوئام الوطني.

يعود الشاب بالفعل، يحلق لحيته، ويلتحق بالعمل في مقهى، يتعرض لمحاولات التصفية من جانب الفصيل المسلح الذي كان منتميا له لكنه يتمكن من النجاة، تتعلق أنظاره بفتاة تمر بين وقت وآخر أمام المقهى، لكنه يقرر لسبب لا ندريه، أن يبتز صاحب صيدلية، فيتصل به ويقول له ان لديه معلومات عن المكان الذي دفنت فيه ابنته التي كانت قد اختطفت منذ سنوات على أيدي الجماعات المسلحة، ويطلب مبلغا كبيرا من المال.

الصيدلي يتصل بزوجته التي هجرته عقب وقوع الحادثة، ويلتقي الاثنان بالشب الذي يقودهما الى المنطقة الجبلية حيث يشير الى مكان دفن الابنة. وينتهي الفيلم عندما يتعرض الثلاثة لقتل على أيدي مجموعة من المسلحين.

التائب هنا اذن ليس تائبا، بل يتحول فجأة الى مبتز يرغب في الحصول على المال، أي في الاستفادة من تجربته واستغلال ما يعرفه من معلومات يقول انها جاءته من طرف آخر، هو جار لأسرة الصيدلي في السكن، كان قد تحول أيضا الى الارهاب. واكنه ينفي أن يكون قد مارس القتل بيديه، لكنه يصر أيضا على أن يرى المال قبل أن يقود الزوج وزوجته أو طليقته، الى مكان دفن ابنتهما.

هذا التخبط الفكري الواضح في الفيلم يرتبط بأسلوب في السرد أقل ما يقال عنه أنه أسلوب عقيم، فالأحداث- إذا صح أن هناك أحداثا في تلك الدراما المفتعلة- تسير سيرا بطيئا جدا دون سبب، ويخفي المخرج الكثير من المعلومات في النصف الأول من الفيلم عما يخبئه بطل الفيلم، أي ذلك الشاب الذي يفترض أنه أصبح تائبا أي نبذ العنف وقرر أن يصبح جزءا من المجتمع. هنا يحاول علواش أن يشد انتباه المشاهدين عن طريق اخفاء ما تدبره تلك الشخصية، لكنه عندما يكشف عن حقيقة الشخصية فإنه يعبر عن ذلك من خلال الحوارات الطويلة الساذجة، ومن خلال مناظر رد الفعل على الأم وهي تبكي وتنوح ثم تبدأ أيضا في نبش مكان دفن ابنتها وكأنها تريد استخراج جثتها في مشاهد طويلة بلا معنى.

والحقيقة أن موضوع الفيلم الذي يبلغ زمن عرضه ساعة و24 دقيقة يمكت جدا اختصاره الى 24 دقيقة فقط، فربما يعتدل ايقاعه.

ولذلك لم يكن غريبا أن ينسحب عشرات النقاد من عرض الفيلم.

خيل الله

الفيلم الثاني "ياخيل الله" يصور كيف كان ممكنا أن يتحول مجموعة من الشباب صغير السن، من سكان الأحياء القصديرية البائسة في الدار البيضاء، الى قتلة باسم الإسلام والجهاد الإسليامي ضد الفسق والمجتمع الكافر، عندما شاركوا جميعا في سلسلة من التفجيرات التي طالت عددا من المطاعم والأماكن السياحية في المدينة المغربية في 16 مايو 2003.

سيناريو الفيلم منسوج ببراعة، فهو يبدأ من طفولة هذه المجموعة من الأطفال، مصورا مظاهر الفاقة والبؤس والاحباط والتفسخ العائلي التي يعيشونها، والتي تغذي لديهم القناعة في النهاية، باللجوء للعنف استنادا الى أن تلك الدنيا ليس فيها سوى الظلم، وأن من يأخذ المبادرة بيده لقتل أعداء الدين والله، سيدخل الجنة.

تسلسل بديع من الطفولة الى الشباب، وتصوير بديع لعلاقات الصداقة والقرابة التي تربط مجموعة الشباب، وكيف يتم استدراجهم الى أن يصبحوا أعضاء في ذلك التنظيم الذي يسعى الى القتل والارهاب باسم الدين، من خلال تفاصيل تفيض بالواقعية، وأداء تمثيلي رائع لمجموعة الشباب الذين شاركوا في الفيلم ومعظمهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا.

عنوان الفيلم حسب ما تذكر المعلومات المتوفرة عن الفيلم، مقتبسة من حديث شريف يقول "انطلقوا ياخيل الله" وذلك في دعوة إلى الجهاد.

ليس في الفيلم إدانة لمجموعة الشباب بقدر ما فيه من التحليل الاجتماعي الذي يرد الظاهرة الى أصولها الحقيقية: القهر الاجتماعي والكبت والفقر والتهميش والسياسات التي تزيد الهوة بين الأغنياء والفقراء، وانتشار مظاهر الاستفزاز في مجتمع معظمه من الفقراء، واستغلال جماعات العنف السياسي والمتاجرين باسم الدين للموقف لتجنيد الشباب.

وشتان ما بين فيلم نبيل عيوش السابق "كل ما تريده لولا" الذي كان فيلما :استشراقيا" زائفا، وبين هذا الفيلم الذي يعد من أفضل الأفلام التي تناولت الموضوع من الناحية الدرامية والسينمائية.

** نشر هذا المقال في جريدة "الوطن" المصرية 

عين على السينما في

04/06/2012

 

«كان» 2012 أربعـة أفـلام عربية تحصـد الريح!

أوس داوود يعقوب 

يعدُّ مهرجان «كان» السينمائي في الجنوب الفرنسي، من أكبر المهرجانات السينمائية في العالم، بل المهرجان السينمائي الأول عالمياً

وفي هذه الدورة الـ(65) علق السينمائيون والنقاد العرب آمالاً كبيرة على مشاركة أربعة سينمائيين عرب في ثلاثة أقسام من مسابقات المهرجان الرسمية غير أن هذه الآمال منيت بخيبة كبرى، إثر الإعلان عن النتائج النهائية لمسابقات المهرجان في حفل الختام، يوم السابع والعشرين من الشهر الماضي، حيث لم تحصد المشاركات العربية الأربع في مختلف مسابقات المهرجان إلا الريح.!!.

وبهذا يطوي السينمائيون العرب منذ أيام صفحة أخرى من تاريخ خيباتهم، التي يمنون فيها مع ختام كل دورة من دورات مهرجان «كان» .. لتبقى لنا بعض الذكريات الجميلة التي خلدها العملاقان الجزائري محمد لخضر حامينا، والمصري يوسف شاهين، إضافة للمسات بعض السينمائيين العرب، أمثال: اللبناني مارون بغدادي، والفلسطيني إيليا سليمان، والجزائري رشيد بوشارب..   

أول الأفلام العربية التي شاركت في هذه الدورة من المهرجان، فيلم «بعد الموقعة» للمصري يسري نصر الله، الذي شارك في المسابقة الرسمية على «السعفة الذهبية لأفضل فيلم طويل»، حيث احتدمت المنافسة في هذا السباق، بين فيلم نصر الله، و21 عملاً سينمائياً آخر، من توقيع أبرز المخرجين في العالم. وقد نال المخرج النمساوي مايكل هانيكيه انتزع جائزة السعفة الذهبية للمهرجان عن فيلمه «الحب» الذي اشترك بتمثيله الممثلان المخضرمان  جان لوي ترانتينيان (81 عاماً) وايمانويل ريفا (85 عاماً) ويصور الفيلم قصة حياة زوج يعشق زوجته ويهتم بها ويرافقها في رحلتها نحو الموت.

الفيلم الثاني: هو «فلسطين، صندوق الانتظار للبرتقال»، وهو فيلم سوري قصير للمخرج بسام شخص (المقيم في هولاندا)، ويعدُّ أول فيلم سوري يصل إلى منافسات مهرجان «كان». ويدور موضوعه حول الصراع الفلسطيني- الصهيوني، متناولاً قصة اثنين من صناع الأفلام الفلسطينيين الشباب، يجدان أن عليهما إعادة صياغة أحلامهما وطموحاتهما أمام حقيقة أعباء الميزانية القاسية التي يواجهانهما.

أما الفيلم الثالث: فهو بعنوان «هذا الطريق أمامي» إخراج الفرنسي (من أصل مغربي) محمد بوروكبة.

وقد خاض الفيلمان منافسة قوية مع تسعة أفلام عالمية أخرى على «السعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير»، تم اختيارها من بين (4500) فيلم تقدمت لدخول المنافسة.

فيما حاز المخرج التركي رضوان يسيلباس على جائزة «السعفة الذهبية للفيلم القصير»، عن فيلمه «الصمت»، الذي كتبه وأنتجه المخرج أيضاً، وهو الثاني في «ثلاثية نسائية» له. ويروي الفيلم قصة امرأة تريد أن تزور زوجها في السجن في ديار بكر في العام 1984.

كما شارك الفيلم المغربي «أحصنة الله» للمخرج الفرنسي المغربي نبيل عيوش، في قسم «نظرة ما»، إلا أن الفوز في هذه الفعالية كان من نصيب فيلم المخرج المكسيكي ميشال فرانكو عن فيلمه «ديسبويس دي لوثيا» الذي يتناول موضوع العنف في المدارس. وشارك الفلسطيني إيليا سليمان في فيلم جماعي بعنوان «سبعة أيام في هافانا»، أنجزه مع ستة مخرجين آخرين، في المسابقة نفسها.

كما حضر العرب أيضاً في تظاهرة السينما الناشئة، التي تقدِّم تجارب وليدة ومميَّزة، وذلك من خلال فيلم  «ورائي أشجار الزيتون» للمخرجة اللبنانية الشابة باسكال أبو جمرة، إنتاج الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا).

أما تظاهرة الورشة السينمائية، التي تهدف إلى تمويل المشاريع السينمائية الشابة، فقد ضمت ثلاثة مشاريع عربية للجزائري محمد بن إسماعيل، والفلسطينية مي المصري، والأردني محمود مساد.

الجزائري لخضر حامينا الفائز العربي الوحيد

تعود علاقة السينما العربية بمهرجان «كان» إلى سنواته الأولى أواسط الأربعينيات (أي مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية) حينما كانت الأفلام المصرية تجد لها فسحة في التظاهرة الوحيدة المتاحة آنذاك وهي المسابقة. بعد ذلك تسلَّلت أفلام لبنانية ثم تونسية وجزائرية ومغربية، ولاحقاً فلسطينية، واتسعت الحلقة في بعض الدورات لتحتوي على أفلام من كل هذه الجنسيات أو في معظمها معاً، وضاقت في أعوام أخرى، فلم تحو إلا على فيلم أو اثنين، وفي سنوات أخرى لم تحو أي فيلم على الإطلاق.

وقد عرفت جائزته الكبرى المسماة «السعفة الذهبية» طريقها إلى السينمائيين العرب عن طريق السينمائي الجزائري محمد لخضر حامينا، عن فيلمه «وقائع سنين الجمر»، وكان ذلك في دورة عام 1975م، ومنذ ذلك التاريخ بقيَّ (حامينا) المخرج العربي الوحيد الذي يفوز بـ«السعفة». ذلك أن السينمائي المصري الكبير الراحل يوسف شاهين منح «السعفة الذهبية» في الدورة الخمسين للمهرجان عام 1997م، تكريماً عن مجمل أعماله السينمائية ولا تتعلق بفيلم معين.

وباستثناء (حامينا) و(شاهين) لم ينل أي عربي آخر «سعفة كان الذهبية»، غير أن مخرجين عربيين فازا بجائزة «لجنة التحكيم الخاصة» للمهرجان، و(هي ثاني أكبر جائزة تمنح في «كان» ويعدها السينمائيون الجائزة التقديرية الأولى» لأن لجنة التحكيم تحدّدها على مزاجها السينمائي الفني الخالص، فيما يعرف في المقابل أن منح الجائزة الأساسية أي «السعفة الذهبية» حتى وإن كان فني البعد غالباً، إنما يخضع لحسابات واعتبارات متنوعة).

كما فاز في العام 2006م الممثلون الجزائريون الأربعة (سامي بوعجيلة وجمال دوبوز وسامي ناسيري ورشدي زيم) بجائزة التمثيل عن أدوارهم في فيلم «بلديون» للمخرج الفرنسي الجزائري الأصل رشيد بوشارب، علماً أن فيلم «خارجون على القانون» لبوشارب شارك في «المسابقة الرسمية» في دورة العام 2010م أيضاً.

وتسجل الذاكرة أن الفائز الأول بجائزة «لجنة التحكيم الخاصة»، هو السينمائي اللبناني مارون بغدادي عن فيلمه «خارج الحياة» في دورة العام 1991م، وقد تقاسم الجائزة مع الفيلم الدانمركي «أوروبا».

أما الفائز السينمائي العربي الثاني بهذه الجائزة الكبرى، هو الفلسطيني إيليا سليمان عن فيلمه «يد إلهية» في دورة العام 2002م.

ليبقى منح «السعفة الذهبية» لسينمائي عربي وقفاً على (حامينا) وعلى فيلمه «وقائع سنين الجمر»، ومنذ ذلك الحين دخل الفيلم حلقة كلاسيكيات السينما العالمية، واعتبر واحداً من الأفلام التاريخية الأضخم التي حققت خارج هوليوود، وليصبح من علامات السينما في القرن العشرين، بفضل فوزه في مهرجان «كان».

والمعروف أن محمد لخضر حامينا ولد عام 1934م  في قرية «مسيلة» بالقرب من مدينة «صطيف» الجزائرية، درس في كلية الحقوق في «اكس آن بروفانس»، جنوب فرنسا، ثم جنّد بالقوة في الجيش الفرنسي، فهرب بعد شهرين وتوجه إلى تونس عام 1958م حيث انضم إلى قسم الإعلام في دوائر الحكومة الثورية الجزائرية المؤقتة. وهكذا بدأت حكايته مع الفن السابع والكاميرا. وهي حكاية لا تزال متواصلة حتى الآن، حقق الكثير من الأفلام الروائية والتسجيلية النضالية، منها: الفيلم الثوري «رياح الأوراس» (عام 1965 ـ 1966م)، الذي أطلق العنان للسينما الجزائرية ونجاحاتها. بعد ذلك أنجز فيلم «حسن ترو» (عام 1967م)، والذي يعد واحداً من أنجح الأفلام الجزائرية. وفي (عام 1972م) أنجز فيلم «ديسمبر» الذي اتبعه بفيلم «وقائع سنين الجمر». وكان فيلم «الصورة الأخيرة» (عام 1985م) آخر أفلامه، حيث لم ينجز (حامينا) أي أفلام خلال السنوات الأخيرة.

شاهين «سعفة الخمسينية»

في دورة العام 1997م روجت وسائل الإعلام المصرية والعربية أن السينمائي الكبير يوسف شاهين فاز بجائزة «السعفة الذهبية» عن فيلمه «المصير»، ورغم أن الفيلم كان مشاركاً في المسابقة الرسمية، إلا أن «المصير» لم يفز بـ«السعفة»، وإنما صاحب «الأرض»، و«العصفور»، و«المصير» هو الذي فاز بـ«السعفة الخمسينية» عن مجمل إنتاجه السينمائي. وكان المهرجان قد اعتاد أن يمنح في عام تحمل دورته رقماً مدوراً، جائزة كبرى لمبدع من كبار مبدعي السينما في العالم. وقد فعل ذلك في الدورة العشرين للمهرجان حين أعطى «سعفة العشرينية» للمخرج السويدي الكبير انغمار برغمان.

أما المخرج اللبناني مارون بغدادي (1951-1993م)، فيعدُّ من أبناء جيل إعادة تأسيس السينما اللبنانية، الذي كان قد سمي بجيل الحرب. انتقل إلى فرنسا قبل أعوام من تحقيقه فيلم «خارج الحياة»، بعد أن أتعبته الحرب اللبنانية، التي كان لسنوات طويلة جزءاً منها، حيث كان قد وضع موهبته السينمائية، في ذلك الحين في خدمة «الحركة الوطنية» اللبنانية، الداعمة لوجود المقاومة الفلسطينية في لبنان. ومنذ بداية الحرب الأهلية (1975 ـ 1989م) كان (مارون) قد اختار موقعه، محققاً عدداً لا بأس به من أفلام لمصلحة «الحركة الوطنية»، منها فيلم عن ذكرى رحيل كمال جنبلاط، وأفلام عن شهداء الجنوب. وكان فيلمه الروائي الطويل الأول «بيروت يا بيروت» (عام 1975م). رحل (مارون) في حادث مفجع بعد فوزه في «كان» بأكثر من عامين، وبعد أن أنجز فيلماً فرنسياً أخيراً، هو «فتاة الهواء»، وكان يستعد لإخراج فيلم موضوعه، عودة شخص يشبهه إلى لبنان بعد غياب سنوات طويلة خلال الحرب. وفي العام 2002م نال المخرج الفلسطيني إيليا سليمان جائزة لجنة التحكيم عن فيلمه «يد إلهية». ولعلها المرة الأولى التي يتم فيها تداول اسم فلسطين سينمائياً وإبداعياً على ذلك المستوى العالمي.

أنجز (إيليا) حتى يومنا هذا أربعة أفلام هي: «سجلّ اختفاء»، و«يد إلهية»، و«الزمن الباقي» 2008م، وقد رشح هذا الفيلم للمشاركة في «المسابقة الرسمية» لـ «كان» (2009م)، غير أنه لم يفز بأي جائزة. وتشكل هذه الأفلام الثلاثة معاً فيلماً واحداً لموضوع واحد وبأسلوب سينمائي مبتكر كأنه عمل سينمائي مفتوح، يمتاز بتفرده وشدة خصوصيته. حيث تختلط في سينما (إيليا) صور الواقع بالمتخيّل، والسياسي بالهزلي، وصورة الذات بالصور المستقاة من العالم الخارجي، والحكايات العائلية الصغيرة بالتاريخ الكبير، والموت بالمنفى.

وآخر أعمال (إيليا) فيلم «سبعة أيام في هافانا»، الذي يشارك في هذه الدورة ضمن تظاهرة «نظرة ما»، والفيلم إنتاج جماعي، وقد عمل على إخراجه إلى جانب (إيليا) كوكبة من السينمائيين العالميين، هم: (لوران كانيه، وبنيتشيو ديل تورو، وبابلو ترابيرو، وخوليو ميديم، وخوان كارلوس تابيو، وغاسباو).

العرب في «كان»!

تعود علاقة السينما العربية بمهرجان «كان» إلى سنواته الأولى أواسط الأربعينيات (أي مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية) حينما كانت الأفلام المصرية تجد لها فسحة في التظاهرة الوحيدة المتاحة آنذاك وهي المسابقة بعد ذلك تسلَّلت أفلام لبنانية ثم تونسية وجزائرية ومغربية، ولاحقاً فلسطينية، واتسعت الحلقة في بعض الدورات لتحتوي على أفلام من كل هذه الجنسيات أو في معظمها معاً، وضاقت في أعوام أخرى، فلم تحو إلا فيلماً أو اثنين، وفي سنوات أخرى لم تحو أي فيلم على الإطلاق.

تشرين السورية في

04/06/2012

 

نيكول كيدمان.. سر تجسيد الأيقونات

سعيد المحمود 

دور مثير وخاص في فيلم The Paperboy، قدمته النجمة نيكول كيدمان، قمة التألق، في مهرجان كان، وفي فيلمها الجديد... ومعها كان الحوار الآتي:

§         قدمتِ مشاهد ساخنة في الفيلم، هل كان تمثيلها صعباً؟ 

أنا أعشق التحديات، أحب أن أكون مثيرة وأن يقلب دوري الموازين. طبيعتي تدفعني إلى تجاوز الحدود، وعدم اقتراح هذه الأدوار علي جعلني أشعر بالكبت... تقديم فيلم كهذا، في الرابعة والأربعين من عمري، أمر في غاية التحرر. لم أكن أعرف أننا سنبلغ هذا الحد، هذه المشاهد لم تكن مكتوبة في السيناريو، لقد تم تصويرها في لحظتها. مشهد السجن، أعلمتني به شقيقة لدانيلز التي تزور السجن، أما المشهد الجنسي على آلة الغسيل الذي يأتي في نهاية الفيلم، فقد صورناه في اليوم الأول.

لم نكن، أنا وشريكي جون كوزاك، نستخدم أسماءنا الحقيقية أثناء الحديث، بل كنا ننادي بعضنا بأسماء شخصياتنا، لم نتعارف حتى آخر يوم تصوير!

كنت في غاية الاندماج بالشخصية، هذه الحالة، عشتها مرة واحدة فقط في فيلم The Hours، إنها حالة أقرب إلى الحلم.

§         هل أنت جاهزة فعلاً لتقديم أي مشهد؟

لا. مشاهد الضرب، أو تعذيب الأطفال، مرفوضة تماماً بالنسبة لي. حصل أن رفضت سابقاً العديد من أدوار الأم التي تعامل أطفالها بشكل سيء.

§         لماذا تصرين دائماً على تقديم دور غير عادي، أو على تقديم الشخصية الـ (كاراكتر)؟

لا أعرف معنى (العادي)، لكنني أفهم صراع الإنسان في سبيل بقائه، وأفهم الأرواح المُعذبة. كل هذه الشخصيات، المليئة بالانكسارات، تجعلني أسافر إلى عوالم أخرى، وتسمح لي بالحفاظ على توازني كي أعيش حياة بسيطة مع زوجي وأطفالي.

هذه الأدوار لا تدمرني، مع أنها تسبب لي الكوابيس أحياناً، إنها تُغني إنسانيتي.

أنا أتفق بشكل خاص مع المخرجين الذين يتجاوزون الحدود، أصحاب الذوق الخاص والشخصيات القوية.

§     جسدتِ العديد من الشخصيات الحقيقية مثل: فيرجينيا وولف، ديان آربوس، مارتا جيلهورن... وقريباً ستقدمين شخصية غريس كيلي في فيلم Grace de Monaco تحت إدارة المخرج أوليفييه داهان. ما سر انجذابكِ إلى هذه الأيقونات؟

 لأنهن يسحرنني، مارتا جيلهورن كانت امرأة استثنائية ومن الرواد، لقد حطمت الكثير من الحواجز والتابوهات، إنها مراسلة صحفية عظيمة، ومن أوائل النساء اللواتي خضن المناطق الحربية. كانت تجمعها علاقة عاصفة مع هيمنغواي وقد ألهم الاثنان بعضهما.

بالنسبة لغريس كيلي، كانت منغلقة في مكان خاص، لكنها كانت فريدة من نوعها، ما يهمني هو الدرب الذي سلكته، من الفن إلى المَلكية.

تشرين السورية في

04/06/2012

 

«صرخة نملة».. ضيف شـرف كـان

جهاد أبو غياضة 

يغوص فيلم «صرخة نملة» وهو الذي كتب ونفذ الجزء الأكبر منه قبل ثورة 25 يناير التي أطاحت بحكم الرئيس حسني مبارك، في عمق مشكلة مصر وأزمة الحياة فيها، 

والتي مردها إلى الفساد السياسي منبع الشرور واصل الداء، وبعد أن كان مقرراً أن يكون اسمه «الحقنا يا ريس» تم تغيير الاسم وحتى النهاية لتناسب واقع تبدل الحال في مصر.

هكذا سنبحر مع قصة المواطن المصري «جودة» الشعبي البسيط، والشاب المتزوج حديثاً، الذي يضطر للسفر إلى العراق للعمل حتى يستطع الإنفاق على أهله نتيجة غلاء المعيشة، ولكن تحتل العراق ويقبض عليه ويدخل السجن، ثم يعود لمصر بعد عشر سنين، وكل من يعرفه يؤكد جازماً أنه قد مات، وقد تقبل أهله العزاء به.. وبعد العودة وسط دهشة الجميع يبدأ رحلة البحث عن العيش الكريم في بلده، وخصوصا بعد اختفاء زوجته وابنه، فيعمل في قهوة ليكتشف هول الفساد والخراب الذي يلف مصر، ويبدأ بفضح الكثير منه حتى لو شارك هو في بعضه من أجل أن يجد قوت يومه، ولتكون الكوميديا والسخرية من الأوضاع المحرك الرئيس للأحداث، ولكنه دائما يقع في المصائب التي تقوده إلى «أمن الدولة» الذي يقنع جودة بأنه مجرد نملة، ولكي يأكل عيش في هذا البلد لا بد من أن يحفر حفرة صغيرة في داخل الحيط، لكي يختبئ فيها، ويكون شعاره «كون نملة على شان تاكل سكر». وفي رحلة البحث عن زوجته وابنه يكتشف أنهما في لبنان، وزوجته تعمل راقصة هناك، فيقرر الانتفاض، بعد أن لبس كل جرائم السياسي الذي علا كواجهة لاستثماراته، وهنا تتداخل الأحداث لنشهد نزول الجماهير إلى ميدان التحرير ومطالبتها بتنحي مبارك.

الفيلم من تأليف السيناريست طارق عبد الجليل مؤلف أفلام «عايز حقى، جواز بقرار جمهوري، ظاظا» وكلها أفلام خاصة بموضوعة منصب وسياسة رئيس الجمهورية ودوره في حال البلاد، وعلاقة الشعب بالحقوق المدنية والدستور. أما المخرج «سامح عبد العزيز» صاحب البصمة الإخراجية المميزة في فيلميه «كبارية» و«الفرح» والذي قدم رؤية إخراجية تقوم على تشابك الأحداث وتداخل الأزمنة والشخصيات عبر مشاهد «الفلاش باك» وهو ما قد يجده المشاهد مربكاً ومشتتاً بعض الشيء، ولكن قد عكست الكاميرا وحركتها المميزة وزاوية التصوير تطورات ونمو الشخصيات بحرفية جميلة وبتغذية من الموسيقا التصويرية التي وضعها الموسيقار «خالد داغر».

الفيلم من بطولة: عمرو عبد الجليل - حمدي أحمد - رانيا يوسف - فريدة الجريدى، والفنان سلوم حداد.. ويعد الفيلم أول فيلم روائي طويل يتناول أحداث ثورة 25 يناير، وقد تم تصوير بعض مشاهده بكاميرا السينما داخل ميدان التحرير إضافة لمشاهد أخرى من الميدان تم الحصول عليها من بعض الفضائيات التي صورت الأحداث عن قرب، وقد اختير ليكون ضيف شرف مهرجان «كان» السينمائي لدورة عام 2011.

تشرين السورية في

04/06/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)