حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان الخليج السينمائي الخامس ـ 2012

اضغط للذهاب إلى الموقع الرسمي للمهرجان

جحيم «تورا بورا» يطرح السؤال:

أي سينما في منطقة العواصف؟

دبي - فيكي حبيب

تحتضن الدورة الخامسة من مهرجان الخليج السينمائي - الذي افتتح عروضه الثلثاء ويستمر لأسبوع -، قضايا إشكالية تواجه شباب العرب في سعيهم لبلوغ عالم أفضل بعدما ارهقتهم السياسة وأعياهم استغلال الدين. ولعل فيلم الافتتاح «تورا بورا» للكويتي وليد العوضي يختصر جزءاً مما ينتظر المشاهدين خلال أيام المهرجان: أفلام لا تبتعد عما يمكن تسميته «سينما النيات الحسنة». ولكن، إذا كان قد قيل قديماً ان طريق الجحيم مفروشة بالنيات الحسنة، فإن ما يقال اليوم في ما يخصّ هذا النوع من السينما هو ان طريقه لن يكون أفضل مصيراً... وبالتالي لن يتذكره التاريخ السينمائي إلا لماماً، حتى وإن كان يطرح قضايا تؤرق العالم أجمع، مثل الإرهاب باسم الدين. 

صحيح ان العوضي طرق باباً في غاية الأهمية، مثل الدنو من معسكر «تورا بورا» في أفغانستان وعمليات غسل دماغ الشباب المسلم بحجج، الدين براء منها... لكنه (المخرج)، وهذا هو الأهم، فوّت على نفسه فرصة كبيرة ليضمّ فيلمه الى قائمة السينما العربية المميزة التي صوّرت هذه الإشكالية بحرفية وإتقان. ففي عالم الفن السابع لا يهمّ «ماذا يُقال؟» ان لم يُقترن بـ «كيف يُقال؟». وإذا كان العوضي نجح في الشق الأول، أي باختيار موضوعه، فإنه أخفق في الشق الثاني، إذ بدا الفيلم تبسيطيّاً بعض الشيء في طريقة المعالجة. فماذا عن القصة؟

«أم طارق» و «ابو طارق» كويتيان ميسورا الحال يقرران ان يقتفيا أثر ابنهما «احمد» الذي التحق بالجماعات الإرهابية في «تورا بورا» بهدف الجهاد. يصل العجوزان بداية الى باكستان، ومن حدودها يعبران الى الداخل الأفغاني برفقة دليل يقلّهما بباص يعجّ بالماعز والبشر. يعترض عناصر من طالبان طريق الباص، يقتلون الدليل، ويخلون سبيل الآخرين، مكتفين بأخذ حقيبة «ام طارق» كغنيمة. 

سيراً على الأقدام يتوجه الجميع الى البيوت الرملية المخفية بين الجبال، ومرة جديدة، يواجهون بطش المتطرفين الذين بعد ان يكتشفوا جوازي سفر العجوزين في الحقيبة المسروقة، يعودون للبحث عنهما، ولكن من دون جدوى، بعد ان ينقذهما احد ابناء القرية («نزيه») ويخبئهما في منزله. 

يُقنع «ابو طارق» الرجل بأخذه الى «تورا بورا» على رغم خطورة المكان، وينجح بدغدغة مشاعره الأبوية بعد ان يفشل بإغراءاته المادية. وهكذا ينطلق الثلاثة في رحلة على الأقدام الى «الجحيم»، قبل ان يضطرهم تدهور صحة «ام طارق» الى العودة أدراجهم الى مقرّ الأمم المتحدة على الحدود الباكستانية بمساعدة رجل من المنطقة لا يلبث ان يردى قتيلاً لمدّه يد العون الى الزوجين. وعلى الفور، يقع «ابو طارق» ورفيقه في يد عناصر طالبان، فيقتادونهما الى معسكر «تورا بورا» حيث يُقتل «نزيه»، ويطلق سراح «ابو طارق» بعدما قرر «أمير الجماعة» ان يعيده الى معسكر الأمم المتحدة لمعرفة من يقف وراءه وكيف استطاع عجوزان ان يدخلا الى معقله. ولعل هذا السؤال بالذات هو اكثر ما أخفق المخرج في الاشتغال عليه، إضافة الى عدم سيطرته على الإيقاع وادارة الممثلين. وقد بدا ذلك جلياً في عملية بناء الشخصيات التي ظلت سطحية، من دون اي جهد من المخرج لولوج أعماقها وصولاً الى إقناع المتفرج بقصته التي تنتهي بعودة الابن الضال، بعد ان تخسر العا16ئلة «أم طارق»... 

استسهال

المؤسف ان الفيلم، وعلى رغم تحميله قصة إنسانية جميلة، لم يستطع ان يبتعد من فخ الاستسهال او الخطاب المباشر، ما افقده قيمة، كان يمكن ان تكون له... خصوصاً انه من اوائل الأفلام العربية الروائية الطويلة التي صوّرت ممارسات طالبان الوحشية وقتلهم النساء والاطفال بدماء باردة من دون ان يرف لهم جفن. 

كما ان قصة الابن الضال «احمد»، وتوبته المفاجئة، لم تكن محبوكة بعناية. فهو، وبعد ان يظهر في بداية الشريط في كلمته الأخيرة امام الكاميرا قبل ان ينجز عمليته «الاستشهادية» ضد ثكنة عسكرية، يُفاجأ بأن الهدف ليس إلا مدرسة للأطفال، فيعدل عن إكمال مهمته، ويواجه أمير جماعته بأنه ليس مجرماً، فيكون مصيره السجن، قبل ان يتحرر بعد انشقاق الجماعة والانقلاب على أميرها. قصة، كان يمكن ان تساهم في نجاح الفيلم لو ان المخرج رصد الشخصية من الداخل، وتابع تدرجها النفسي والذهني وصولاً الى ما آلت اليه، لكنّ كاميرا العوضي لم تخترق بواطن الشخصيات، إنما اكتفت بالدوران الخارجي على رغم ان الفيلم لم يخل من المفاتيح التي كان يمكنها ان تلعب في مصلحته. ومنها، مثلاً، استفهام يطرحه «ابو طارق» الذي ادى دوره ببراعة الممثل الكويتي المخضرم سعد الفرج، يسأل فيه: «كيف يمكن مسلماً ان يقتل شقيقه في الإسلام من دون اي سبب؟». لكنّ السؤال ظل سؤالاً، من دون ان نرى له ترجمة على الأرض، يكون فيها البوصلة التي توجّه عملية بناء الشخصيات التي بدت هزيلة مقارنة بالأفكار الكبيرة التي يحملها الشريط. 

مفاجآت... لا مفاجآت 

وإذا كان هذا ما يقال عن فيلم الافتتاح، فإن الأفلام الأخرى المشاركة في مسابقة الافلام الخليجية الطويلة، لا تحمل في غالبيتها اي مفاجآت، خصوصاً ان ثلاثة فقط من أصل 9 أفلام تعرض للمرة الأولى. ومع هذا لا يمكن إلا ان نحيي «هيئة دبي للثقافة والفنون» لإيمانها بأهمية هذه المناسبات الثقافية كمنصة لـ «تعزيز المواهب السينمائية والوصول بها الى آفاق الإبداع»، كما جاء في كلمة رئيسها الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم في حفلة الافتتاح.

وما يُقال في الأفلام الطويلة لا ينسحب في شكل كامل على الأفلام القصيرة، التي، يحمل بعض ما شاهدناه منها حتى كتابة هذه السطور، طموحات تشي بمستقبل واعد لمخرجيها.

العيد الخامس

ولا شك في ان المهرجان الذي يحتفي هذا العام بعيده الخامس، لا يزال يراهن على التراكم للوصول الى هدفه. من هنا يصبح عرض 155 فيلماً في هذه الدورة، منها 102 من الخليج، أمراً في غاية الأهمية. وتتصدر الإمارات اعلى القائمة من حيث الأفلام المعروضة، اذ تشارك بـ 42 فيلماً، يليها العراق بـ16 فيلماً والبحرين بـ12 والسعودية بـ11، فضلاً عن 7 افلام عمانية و3 افلام من كل من قطر واليمن.

واذا أضفنا فتح باب العروض بالمجـــان امام الجمهور، وإقامــة عـــروض لأهم الأفلام المشاركة فــــي مــــسرح أبو ظبي تزامناً مـــع عروض دبـي في «دبي فيستفال سيتي» في محاولة لتوسيع رقعة المهرجان واستهدافه أكبر عدد من الجمهور الخليجي، فإن هذا إن كان يــــدلّ على شيء فعلى ان المهرجان يسير بخطى ثابتة نحو أهدافه. وواضح ان الوقت لا يزال مبكراً جداً لتحقيقــــها، حتى وإن ظل بعض الأصوات يردد بمشروعية: أي سينما في الخليج؟ 

هنا بالذات تتبدى جرأة القائمين علــــى المهرجان لولوجهم الدرب الذي فتح الطريق امام مهرجانات أخرى لمسانــــدة سينمائيي المنطقة، فكان، هو الوريث لـ «مسابقة أفلام من الإمارات» التــــي اسسها «الأب الروحي» للسينما الخليجية مسعود امرالله في 2001، كان «الاخ الأكبـــر والراعي الاول لسينمائيي الخليج، طلاباً ومحترفين، كتـــاباً ومخــــرجين، وكانت لهم المسابقة الخليجية، وأخرى للأفلام الدولية، ومبادرة الأفلام الخليجية القصيرة بالتعاون مع صندوق دبي السينمائي، وسوقاً لسيناريو الأفلام الخليجية»، كما جاء على لسان رئيس المهرجان عبدالحميد جمعة في كلمته الافتتاحية. كل هذا من دون ان ننسى الجلسات التعليمية التي أنتجت أفلاماً قصيرة من إشراف المخرج الإيراني عباس كياروستامي وتوقيع اكثر من 45 مخـــرجاً من العالم العربي وإيران وألمانيا والدنمارك تحت عنوان «الوحدة والعزلة» او انفتاح البرنامج الى ما هو ابعد من سينما الخليج من خلال مسابقة الأفلام الدولية وتظاهرات مثل «تقاطعات» او «افلام للأطفال» او «تحت الضوء». 

أمام هذا كله، وكما يقول مدير المهرجان مسعود امرالله، فإن «هذا التجمع السنوي الذي تريده الغالبية «بوابة رئيسة للرؤى والأفكار والصور والإرث والكثير من الهموم الإنسانية المشتركة، يبدو اليوم اكثر التصاقاً بمبدعي الخليج، وتبدو العلاقة المتبادلة بين المبدع والمهرجان أكثر قرباً والتصاقاً من اي وقت مضى».

أي سينما في الخليج؟ بعد هذا كله لا تعود الإجابة ضبابية، ففي حماسة سينمائيي المنطقة وجهود محبي السينما من القائمين على المهرجان، والدعم الرسمي، يصبح التحول مسألة وقت، ليس أكثر.

بسام الذوادي والفن السابع ... سيرة عشق

هو اول من دقّ باب السينما الروائية الطويلة في البحرين. واول من اسّس مهرجاناً فيها، وهي حلم راوده منذ نعومة اظافره، فهجر لعب الأطفال وسكن عالمها. هو بسام الذوادي، المخرج البحريني الشاب، وهي السينما، لعبة الكبار... وما بينهما قصة ولع وافتتان وتضحية. تضحية؟ نعم، هي كذلك، حين يُبادل المراهق مجموعة قصصه المصورة العزيزة على قلبه بآلة عرض أفلام. أو حين يبيع الشاب الناضج أثاث منزله وسيارته لسدّ عجز موازنة إنتاج أحد أفلامه.

درب بسام الذوادي، درب محفوفة بالأشواك... مادياً، ولكن أيضاً مجتمعياً، فأن تغامر بإنتاج اول فيلم في بلاد محافظة بعيدة من تقاليد الفن السابع، لا بد أن تكون إما مجنوناً وإما عاشقاً. وفي حالات العشق يعطي الحبيب من دون ان يسأل. وبسام الذوادي عاشق اول للسينما. من هنا لم يكن غريباً ان يكرمه «مهرجان الخليج السينمائي»، ويمنحه جائزة «تكريم إنجازات الفنانين»، تقديراً «لإسهاماته المميزة في تعزيز صناعة الأفلام بالمنطقة، ودوره الرائد في قطاع السينما البحريني مع إخراجه أول فيلم بحريني روائي طويل بعنوان «الحاجز» عام 1990».

ثقل كبير يحمله الزوادي على كتفيه لوضع السينما البحرينية على خريطة السينما العربية. لكنّ إصرار هذا المخرج السينمائي المتفرغ في وزارة الثقافة البحرينية منذ عام 2007، والعضو المؤسس في «جمعية السينما لدول الخـــــيج العربية»، ومؤسس «مهرجان السينما العربية» الأول فـــي البحرين (عام 2000)، اصرار كبير... مثل اصراره على الاشتغال على افلام تنحاز الى الذاكرة، من خلال حكايات تــــلامس هموم المجتمع وقضاياه بأسلوب بسيط وقويّ، فالســينما بالنسبة الى بسام الذوادي، عبارة عن ذاكرة، «فنحن حين نفتقد شيئاً نعود الى وراء. وجميعنا نفتقد الزمن الجميل، ونفتقد أشخاصاً وأمكنة أو قيماً ما عادت موجودة اليوم».

السينما اذاً سفر عبر الزمن مع بسام الذوادي. هو الذي بدأ مسيرته بإخراج فيلمين قصيرين («القناع» و «ملائكة الأرض») فيما كان لا يزال طالباً في القاهرة (يحمل شهادة بكالوريوس المعهد العالي للسينما في القاهرة، قسم الإخراج)، قبل ان ينضم إلى التلفزيون البحريني عام 1985 ويتولى إنتاج عدد من البرامج والإعلانات التجارية والبرامج التعليمية والثقافية، وصولاً الى تحقيقه 3 افلام روائية طويلة هي «الحاجز» (1990) و «زائر» (2004) و «حكاية بحرينية» (2006).

الحياة اللندنية في

13/04/2012

 

 

لقطات..غير سينمائية

لماذا «خسف» العوضي بالنجم سعد الفرج فأثار الاستياء؟!

دبي - ليلى أحمد: 

·         بنات الفن بين الـ «قز» في الأسواق وحضور الندوات والأفلام

·         المهرجان يجفف منابع «دهن» الحاضرين بفعاليات من10 صباحا حتى 2 بعد منتصف الليل

- في حفل افتتاح المهرجان، صعد المخرج الكويتي وليد العوضي لـ «يقول بوئين» عن فيلمه «تورا بورا»، وكانت ادارة المهرجان قد طلبت منه ان يستدعي الفنان الكبير سعد الفرج، ليصعد الى خشبة المسرح من أجل تكريمه عن تاريخه الفني الحافل، ومشاركته بفيلم الافتتاح، الا ان العوضي قال كلمته، وهبط من المسرح، دون ان ينادي على الفرج!! الامر الذي أثار استياء ادارة المهرجان، والجمهور الخليجي.

- باسمة حمادة، وعبير الجندي، وهيفاء حسين، وزوجها حبيب غلوم، موجودون طوال الوقت في «لوبي» الفندق، ويحرصون على حضور الأفلام، بينما أحمد ايراج يحضر «نص نص»، وزوجته زينة كرم «غائبة» عن الأفلام، والندوات، وكذلك شهد الياسين...يمكن طايحينله «قز» بالأسواق!

- اصطادت كاميرا «الوطن» الفنان سعد الفرج، وهو يتناول طعامه، جالسا مع الفنان المغربي عربي الساسي الذي قدم شخصية أمير الجماعة في «تورا بورا».

- صلاح الملا حضر بعد اليوم الرابع من المهرجان!.

- أصدر المهرجان عدة كتب توزع بالمجان، هي «الوجوه المتعددة للفنان جميل راتب تأليف محمود قاسم، و«السينما العربية في بحر المتغيرات» تأليف محمد رضا، و«في مرآة السينما» مقالات لنجاح كرم، اعداد بشار ابراهيم، وكتاب و«دي في دي» للسيناريست والمخرج الاماراتي محمد حسن أحمد، بعنوان «مد يدك وانزع الضوء».

- فعاليات المهرجان متعبة جدا للجميع، حتى ان المخرج جواد الأسدي عضو لجنة التحكيم قال لـ «الوطن»: «من عشرة الصبح الين عشرة بالليل بينهم بس فترة الغدا... جدا ارهاق مو جاي أشوف اصدقائي».

- لم يكن هناك احتفاء بنجوم خليجيين، ولم يحضر أحد من الرواد الأوائل غير سعد الفرج، ومع ذلك لم يرتب له برنامج ضمن فعاليات المهرجان...اللهم الا لقاء تلفزيوني مع محطة يتيمة!!.

- غرفة المركز الاعلامي تعج بمحررين من جنسيات الكرة الارضية، الا ان أجهزة الكمبيوتر ليست بنشاط وجودة المحررين..يااما «خربانة» أو «بطيئة»..والا «يا..سكتة قلبية»..جننونااااااااااااا.

- من أجمل فعاليات المهرجان، الورش المتخصصة التي ينتسب إليها الراغبون في تعلم كتابة «سيناريو الفيلم»، وحاضر بها المخرج محمد خان من مصر، وميشيل كيلو من لبنان، ورمضان فريد من البحرين.

- تقام في الساعة 12 بعد منتصف الليل، وبعد هلاك يوم كامل المؤتمرات الصحافية، ايمانا من المهرجان بتجفيف منابع «دهن» الضيوف الحاضرين» !!.

الوطن الكويتية في

13/04/2012

 

من بين مهامه تحفيز الشباب والاحتفاء بالتجارب المضيئة

«الخليج السينمائي» يضيء شمعته الخامسة بحضور النجوم

علي العزير 

للسنة الخامسة على التوالي يشرع مهرجان الخليج السينمائي أبوابه أمام الإنجازات الواعدة، يحتضن الجهود المضنية التي بذلت على امتداد العام لتحقق الوعد بالأفضل، تتراكم الصور فوق شاشاته المضيئة، وتحدق العيون الباحثة عن الدهشة في ثناياها فتعثر على ضالتها، ويغدو الحلم حقيقة، أسماء جديدة تقتحم لائحة الضوء، وأخرى مخضرمة تتكرس وتترسخ على امتداد أفقها الشاسع، هكذا تصبح للخليج لغته البصرية المتوهجة، وهكذا يصير للمنطقة الزاخرة بالتاريخ والآمال امتدادها المستقبلي، وفق مسار من الحركة المتقدة تجري صياغة المستقبل، يحصل ذلك على وقع ومضات مترفة بالموهبة والتوق النازع دوماً نحو الأفضل.

(دبي) - إن كان ثمة ما يمكن استخلاصه من هذه التجربة، التي غدت مع السنين موعداً صادقاً مع الإنجاز الحقيقي، فهو ذلك العناد المحبب الذي يمارسه أبناء الغد من أهل الخليج العربي، منظمين للمهرجان في الإمارات العربية المتحدة، أو ملاقين له من الإمارات ومحيطها الخليجي، عبر أفلام لا تزال تختبر المخاض الصعب في كل ولادة لها، لكنها إذ تمعن في الإنجاب تغدو مواليدها أكثر ألقاً، وأشد إقناعاً، المهرجان الذي كان قبل أعوام خمسة أقرب إلى تجربة أو مغامرة تحتمل الربح أو الخسارة صار عنواناً مؤكداً للفوز باعتراف المخضرمين، وانتزاع الثقة من أصحابها الذين طالما اعتادوا أن يضنوا بها، رافضين منحها إلا لمستحقيها الحقيقيين..

ملامح متنوعة

عاماً إثر عام، ودورة مهرجانية تلو الأخرى، تقترب منطقة الخليج العربي من أن تبني عمارة ذاكرتها الجمعية، ترصف حجارة التاريخ والجغرافيا جنباً إلى جنب لتقيم جدار الثقة، وتترك للإبداع الحقيقي أن يمارس حنينه الأزلي نحو شغف الشموخ المستحق..

وجوه من منابت شتى ومدارس متعددة تلقاها في أروقة المكان.. أسماء كبيرة، وأخرى متواضعة الحضور، أما الأحلى فتلك الملامح الغضة التي تحمل الكثير من البشرى، ثمة متسع للجميع في هذه الأروقة الموشاة بالأمل، والأهم ربما، هو ذلك الاستعداد الفطري لاعتراف الجميع بالجميع.. المعيار هو اقتراف متعة الفوز، فإذا تم ذلك غدا فالجميع شركاء وتنعدم تداعيات المنافسة وتوابعها.

الجهاد المزيف

كان فيلم “تورا بورا”، الذي أنجزه المخرج الكويتي وليد العوضي، وتوزعت بطولته على الكبيرين سعد الفرج، وأسمهان توفيق، محطة انطلاق المهرجان، وهو يتناول ثنائية الحب والكراهية حيث يسيران في تواز مدهش، ويتطرق العوضي في فيلمه إلى رحلة والدين نحو مدينة “تورا بورا” الأفغانية، أملاً في العثور على ابنهما أحمد الذي أغوته فكرة الجهاد، فقرر الانخراط في أحد التنظيمات المسلحة.

المؤكد أن فكرة الفيلم ليست متخيلة، فثمة وقائع صارخة تضج بها الساحة الخليجية محورها عائلات خسرت أبناءها في مواقف مماثلة، وذلك جراء استغلال التنظيمات المشار إليها حماسة الشباب ونزعتهم الجارفة للتغيير، يصر المخرج على العمق الإنساني في فيلمه، معلناً تفادي السياسة عن سبق ترصد، فالهدف، كما يجزم، هو مقاربة إنسانية للآلام الناجمة عن تزوير البعض للمعطيات الدينية.

سوق سيناريو خليجية

تنطوي المسابقة الرسمية للأفلام الخليجية الطويلة، على تسعة أفلام، خمسة منها من العراق، واثنان للإمارات العربية المتحدة، وفيلم واحد من قطر، يشار إلى أن لجنة تحكيم المسابقة تلقت 1250 طلب مشاركة في المهرجان وكان قرارها بالاحتفاظ بـ 150 فيلماً، بينها 102 خليجية في هويتها الإنتاجية، أما الجديد الذي يحمله المهرجان في دورته الحالية فيتمثل بسوق سيناريو خليجية، هي في جوهرها مجموعة ورشات عمل يتولاها كل من المخرج المصري محمد خان، والمخرج اللبناني ميشال كمّون، إضافة إلى المؤلّف البحريني فريد رمضان. حيث يشكل الأمر، برأي رئيس المهرجان، عبد الحميد جمعة، فرصة أمام المواهب الناشئة تتيح لها النهل من معين الخبرة السينمائية الفذة التي تتمتع بها رموز من أبناء الفن السابع، خاصة أن السيناريو عامل أساسي وحاسم في بناء فيلم سينمائي مكتمل الشروط.

تظاهرات متنوعة

بين المسابقات الأخرى التي يقيمها المهرجان واحدة تشتمل على أفلام قصيرة روائية ووثائقية من الخليج، وأخرى لأفلام الإمارات القصيرة، يهدف المهرجان من وراء ذلك إلى تعزيز الحضور الشبابي في الحراك السينمائي حيث ثمة 14 فيلما قصيرا من الإمارات، تقارب التحديات المعيشة اعتماداً على الكثير من التجربة المعززة بالجرأة، فيما تنطوي تظاهرة “تقاطعات” التي تبقى خارج إطار المسابقة على 71 فيلما من فئة الأفلام القصيرة. كذلك تفعل تظاهرة “أضواء”، التي تنطوي لائحتها على 21 فيلما، منها ستة إماراتية وخمسة سعودية، في حين تأتي الأفلام الباقية من دول عربية مختلفة، وهي خارج سياق المنافسة.

تظاهرة أردنية

أيضاً هنالك خطوة مشجعة ومرحباً بها خطاها المهرجان لهذا العام تجاه الأردن، حيث أطلق برنامج “الأردن في دائرة الضوء”، مشتملاً على خمسة أفلام تمثل بواكير نهضة سينمائية أردنية، أو هكذا يؤمل أن تكون. تتنوع الأفلام الأردنية المشاركة في استهدافاتها الدرامية لكنها تتقاطع عند الشعور بالثقة بإمكانية استنهاض وتثمير الحراك السينمائي في دولة ظل اسمها بعيداً عن صالات السينما طيلة المرحلة الماضية، حيث تقارب المخرجة سارة قصقص في فيلمها “حالة نفسية” تعقيدات النفس البشرية، والمفاجآت المذهلة التي تطرحها على بساط البحث بين حين وآخر، وذلك من خلال تناولها لحكاية فادي، الشاب الفاقد للذاكرة، والذي لا يكف عن البحث عن والده وسط جملة من المفارقات الحدثية المعبرة. كذلك يقدم المخرج أنس البلوي حكاية أكرم، الطفل العنيد الذي يمتلك حلماً يتسم بقدر من الغرابة المحببة، وهو يعكس إصرار الولد ذي الأعوام الأحد عشر على أن يكون مدرباً مشهوراً في مجال سباقات الإبل. أما المخرجان محمد الحشكي وثريا حمدة فتعاونا على إخراج فيلم “عبور” عن طفل آخر يدعى ليث، هو في الثامنة من عمره، لكن أسئلته، كشأن مثيلتها للأطفال غالباً، تتخطى سني عمره، وتتناول القضايا الوجودية مثل الموت والحياة، وسوى ذلك من الاقتراحات المعلقة. في القائمة الأردنية فيلم “بهية ومحمود”، وهو يأتي على إيقاع الحكاية الشعبية المصرية “بهية وياسين” التي امتلكت صيتاً ذائعاً تخطى حدود مصر، وزمان الأحداث التي أنتجتها، وقد حصل الفيلم الأردني على مجموعة جوائز، وهو يتطرق إلى الملامح التي تعتري وجه الحب الإنساني مع تقدم طرفيه في العمر.

أما المخرجة كاتيا التلّ فتشارك في التظاهرة بفيلم “انبثاق” الذي يطرح قضايا القوانين الإنسانية على بساط البحث، ويطرح الأسئلة عن الواقع الذي يمكن للمصير البشري أن يؤول إليه فيمل لو تم تجاوزها والتغاضي عنها.

كياروستامي أيضاً هناك

مستوحيا أساليب عمل المهرجانات السينمائية العريقة، يقيم مهرجان الخليج لهذا العام تظاهرة احتفائية بالمخرج الإيراني الاستثنائي عباس كياروستامي، حيث يعرض ما يزيد على 40 فيلما للمخرج المتميز، تتقاطع موضوعاتها عند مفهومي الوحدة والعزلة، ويأتي الاحتفاء بكياروستامي بمثابة اعتراف بما لهذا الرجل من أياد بيضاء على السينما الإيرانية التي ارتقت بجهود قلة من العاملين فيها إلى مصاف التجارب العالمية العريقة، بحيث صار يستحيل قراءة واقع الفن السينمائي المعاصر دون إفراد حيز رحب للمنجز الإيراني المتميز في إطاره.

الإتحاد الإماراتية في

13/04/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)