حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم (OSCARS 2012)

فيلم "الفنان" صائد الجوائز:

نموذج مثالي لفيلم الإبداع والخيال

أمير العمري

خلال مشاهدة الفيلم الفرنسي "الفنان" L’artist يتساءل المرء وهو يتابع المشاهد المتعاقبة من الفيلم الطريف الذي يعتبر مغامرة فنية كبرى، عن ماهية الفن، عن جوهر الإبداع السينمائي تحديدا، ما الذي يشدنا في السينما، في الأفلام التي تثري خيالنا ووجداننا؟

وتتداعى الأفكار في ذهن المرء وهو يشاهد ويتأمل ويتعجب من قدرة الفنان السينمائي على الابتكار في الخيال، والإحاطة بكل التفاصيل الصغيرة والدقيقة في رسمه للشخصيات، في تجسيده للديكورات، في محاكاته للأساليب، بل وفي قدرته أيضا على المحاكاة الساخرة.

أليست السينما في الأساس، هي فن رواية قصة ممتعة، والقدرة على التعبير عن العلاقة بين شخصين أو مجموعة من الأشخاص في قلب الدنيا، عن المشاعر والأفكار، عن الصراعات الصغيرة، عن قسوة الحياة وعن سعي الإنسان الدائم من أجل التغلب على قيود المكان والزمان، والتحليق فوق الواقع حتى إذا اقتضى الأمر، ولو بالخيال الجميل؟

هذه التساؤلات جميعها تتداعى في ذهن المرء وهو يتابع فيلما بعبقرية الفيلم الفرنسي الذي أثار إعجاب الجميع عند عرضه في الدورة الرابعة والستين من مهرجان كان السينمائي، وكان بعض النقاد قد توقع له الحصول على الجائزة الكبرى للمهرجان، وكان في رأيي الشخصي، يستحقها دون شك، ذلك لأنه تمكن من الوصول إلى "جوهر" فن السينما والتعبير عنه بثقة وتمكن وحرفية رفيعة، وترك بصمة لا تمحى في ذاكرة المشاهدين.

"لفنان" فيلم أخرجه الفرنسي ميشيل هازنافيسيوسMichel  Haznavicius    الذي عرف بأفلامه المثيرة التي تدور في عالم الجاسوسية ولكن بأسلوب المحاكاة الساخرة لأفلام الجاسوسية القديمة أيضا (من الستينيات خاصة أفلام جيمس بوند التي قام ببطولتها شون كونري) والتي تحمل عنوان "أوه إس إس 117"OSS117.

وقد اختار هذه المرة أن يجعل فيلمه يدور على نمط الأفلام الأمريكية الصامتة، وقد صوره بالألوان ثم حوله إلى الأبيض والأسود، وحدد مقاييس العرض في نسبة 4 إلى 3 التي كانت شائعة في الماضي، واستخدم اللوحات المكتوبة التي تقطع الحدث لتعلق أو تشرح أو تلخص بعض كلمات الحوار الذي لا نسمعه بالطبع، وجعلها بالانجليزية.

ورغم استعانته بالممثل المفضل لديه جان ديجاردانJean Dujardin     الذي سبق أن قام ببطولة أفلام الجاسوسية التي أخرجها، وبزوجته الممثلة الفرنسية الأرجنتينية الأصل بيرنيس بيجوBérénice Bejo   التي سبق أن قامت أيضا ببطولة فيلم "القاهرة، عش الجواسيس" لمخرجنا هذا، إلا أنه استعان بعدد كبير من الممثلين المساعدين الأمريكيين والبريطانيين، وجعل الأحداث كلها تدور بالطبع، في لوس انجليس وهوليوود في العشرينيات، وصور فيلمه في شوارع هوليوود القديمة وداخل الاستديو، كما استعان بمؤلف موسيقي منح الفيلم رونقا خاصا بتيماته الموسيقية التي تحاكي الموسيقى المصاحبة للأفلام الأمريكية الصامتة خاصة مع هيمنة نغمات البيانو الإيقاعية الناعمة.

بساطة آسرة

قصة الفيلم بسيطة ومثيرة: نحن في عام 1927.. أمامنا ممثل ونجم من كبار نجوم الفيلم الأمريكي الصامت يدعى جورج فالنتين، ينتقل من فيلم إلى فيلم، يفرض شروطه والمنتجون في ذلك العهد يستجيبون له، فهو "معبود الجماهير". ننتقل إلى عام 1929، حينما بدأت هوليوود تتجه الى الفيلم الناطق.. الأمر الذي يقاومه بل ويرفضه فالنتين رفضا تاما، لأنه لا يعتبره فنا (كان هذا موقف شارلي شابلن لسنوات طويلة بعد دخول الصوت إلى السينما، فقد ظل يخرج الأفلام الصامتة حتى عام 1940 في فيلم "الديكتاتور العظيم").

ومن خلال هذه الفكرة يطرح الفيلم فكرة الفن الرفيع في مقابل الفن التجاري، والتساؤل حول: هل يجب أن يستجيب الفنان لمتطلبات العصر والصناعة، أم من الأفضل أن يتمسك بمبادئه الفنية، وهل يتعين عليه في هذه الحالة أن يدفع الثمن؟

فالنتين يقابل أثناء افتتاح أحد أفلامه على مدخل دار السينما فتاة جذابة تطلق على نفسها "بيتي ميللر" تتميز بخفة الظل والقدرة على الحركة، تستغل وجوده وتظهر في عدد من الصور معه لتلفت الأنظار إليها، فهي ممثلة ثانوية تتطلع إلى النجومية في هوليوود.

يقع فالنتين في حب بيتي، بل ويرشحها للظهور في دور صغير بأحد أفلامه رغم اعتراض المنتج، وأثناء التصوير لا يستطيع أن يمنع نفسه من التفكير فيها فيضطرب أداؤه ويضطر المخرج إلى إعادة التصوير مرات ومرات.

ما يحدث بعد ذلك أن نجم هذه الممثلة يصعد بقوة لكي تصبح إحدى نجوم الفيلم الناطق، في حين يتضاءل حضور فالنتين، بعد أن تجاوزه العصر وأصبحت طريقته في الأداء لا تجذب جمهور السينما الجديد، وبسبب احجامه عن اقتحام مجال الفيلم الناطق بدعوى أن "الجمهور يأتي لكي يتفرج علي وليس لكي يستمع إلي". وسرعان ما تتراكم عليه الديون، فيضطر إلى الاستغناء عن خدم منزله، ويبيع أثاثه كله، ولا يظل مخلصا له سوى سائقه "كليفتون" الذي يرفض الانصراف بل ويصر لفترة على انتظاره بسيارته الفاخرة يوميا أمام منزله، وكلبه الصغير المخلص الشجاع الذي ينقذه من الموت بعد أن كاد أن يختنق مع احتراق منزله بعد أن حطم في نوبة غضب عارم، كل جوائزه ومقتنياته، ثم أشعل النار في شرائط أفلامه القديمة كلها يأسا من استعادة نجوميته.

غير أن "بيتي ميللر" لا تزال تتذكره وتحمل له حبا كبيرا في قلبها حتى بعد أن أصبح بائسا ، وهي تمد له يد المساعدة من بعيد دون أن تجعله يعلم، ويدفعها حبها له إلى العودة لانتشاله الى الحياة من جديد.

ورغم وجود الكثير من المشاهد الكوميدية الخفيفة في سياق الفيلم، إلا أننا أساسا أمام مأساة حول صعود وسقوط ممثل في هوليوود بسبب تغير المناخ السينمائي، وهو أمر لايزال يحدث حتى يومنا هذا.

محاكاة

وفي الفيلم الكثير من المشاهد التي تحاكي ما سبق أن رأيناه في أفلام أخرى كلاسيكية شهيرة خاصة "متروبوليس" لفريتز لانج، و"المواطن كين" لأورسون ويلز، كما أن هناك بعض النغمات الموسيقية المقتبسة من الأفلام الصامتة القديمة، في إشارة تقدير وتحية إلى هذه الأفلام التي لعبت دورا في تشكيل وعينا ووعي المخرج الفرنسي (من مواليد 1967) بالسينما.

ينجح المخرج كثيرا في مطابقة أسلوب الإخراج في هوليوود الصامتة: الإيقاع السريع، الحركة داخل المشهد، تصميم الديكور واختياراه لزوايا التصوير، الإضاءة الناعمة مع تجسيد التناقض الواضح بين الكتل والفراغات، المبالغة قليلا في الأداء التمثيلي، وينجح بالتالي في اضفاء أجواء أفلام هوليوود الصامتة على فيلمه هذا دون أن يفقد طابعه الشخصي. وإن كان الافراط في محاكاة بعض النغمات الشائعة من أفلام أخرى شهيرة (مثل "دوار" لهيتشكوك مثلا) قد ساهم في "تغريب" شعور المتفرج بالفيلم أحيانا.

لكن مخرجنا هذا لا يتوقف فقط عند المحاكاة بل يبتكر الكثير من المشاهد الطريفة التي تضفي على الفيلم طزاجة ورونقا خاصا مثل ذلك المشهد الذي يدور اثناء الحلم في عقل الشخصية الرئيسية (فالنتين) الذي يحلم بدخول الصوت إلى عالمه الصامت.. حيث يصبح لريشة وهي تسقط صوتا ضخما، فينهض من نومه مفزوعا!

ويبرز كثيرا دور الممثل الفرنسي الكبير جان ديجاردان الذي قام بدور فالنتين، بحضوره القوي وقدرته على التنويع والانتقال من المرح إلى الحزن، ومن الرقة الشديدة إلى الغضب، وتجسيد معالم المأساة والانهيار على ملامح وجهه، وتعبيره عن الحب وعن التألم، وعن الكبرياء الذي يرفض الرضوخ.. وهو يبدو مثل مزيج مجسد من دوجلاس سيرك وإيرول فلين وفريدريك مارش وكلارك جيبيل.

كما تثبت برنيس بيجو في دور بيتي، حضورها القوي كممثلة تملك القدرات الاستعراضية، والأداء العاطفي، وروح المرح التي تجعلها تبقى حاضرة في ذاكرة الجمهور.

أخيرا.. فيلم "الفنان" عمل شجاع أيضا لأنه يهجر الصوت المجسم ويدير ظهره لتقنية الفيلم ثلاثي الأبعاد، والشاشة العريضة، لكي يعود إلى عصر البراءة الاول.. عصر السينما.

** هنا ما كتبته عن الفيلم في سياق مقال من مهرجان كان قبل اعلان الجوائز، نشر في هذا الموقع:

"أما أفضل الأفلام من وجهة نظري من حيث التعبير السينمائي والإخلاص لفن السينما في أصله وأساسه الأولى (وهو رواية قصة بطريقة جذابة مبتكرة) فهو الفيلم الفرنسي "الفنان". فهذا فيلم كامل متكامل لا يمكنك سوى أن يستولي تماما على المشاعر والوجدان ولا أبالغ إذا ما قلت إنه بالنسبة لي "التحفة" الوحيدة في المسابقة حتى الآن.

لكني مع ذلك أستبعد أن تمنحه لجنة التحكيم السعفة الذهبية كونه فيلما صامتا (يحاكي السينما الصامتة ويستعيد تقاليدها حرفيا)، ومصور بالابيض والأسود، ورغم كونه من الانتاج الفرنسي إلا أنه ناطق بالانجليزية، وأقول ناطق تجاوزا، فليس في الفيلم كلام بل عناوين مكتوبة تظهر على الشاشة من وقت إلى آخر على نحو اللوحات التي كانت تظهر في الأفلام الصامتة".

عين على السينما في

03/03/2012

 

زائر المهرجانات‏:‏ الأوسكار‏..‏ وجوائزه السياسية

سعيد عبد الغني 

معروف عن الأوسكار‏..‏ إنه في جميع دوراته السينمائية ينحاز إلي الجانب السياسي في منح جوائزه‏,‏ وذلك وفقا للظروف السياسية التي تمر بها الولايات المتحدة الأمريكية أمريكا.

وتكون في حاجة للمساندة من كل مؤسساتها المؤثرة ومنها المؤسسة السينمائية التي تضم الآن‏6‏ آلاف عضو أمريكي في الأكاديمية الأمريكية لفنون السينما صاحبة الرأي في جوائز الأوسكار‏..‏ والفوز بها‏,‏ هذه معلومة يرددها ويعرفها معظم النقاد والصحفيين والفنانين الذين يتابعون الأوسكار‏.‏

وطبعا كانت جوائز أوسكار هذا العام تحمل كثيرا من الانجذاب إلي السياسة‏..‏ الفيلم الفرنسي الصامت الفنان يحصل علي‏5‏ جوائز أوسكار أحسن فيلم للمخرج ميشيل هازنانفسيسوس وأفضل ممثل جان دوجاردان أفضل موسيقي وملابس وأحسن فيلم وهذه الجوائز الأوسكارية للفيلم الفرنسي تحدث له لأول مرة في تاريخ الأوسكار‏,‏ علي الرغم من حصوله علي إحدي عشرة جائزة من المهرجانات العالمية والفوز جعل الرئيس الفرنسي ساركوزي يقول إن جائزة الأوسكار للفيلم الفرنسي تؤكد أن فرنسا صاحبة مرتبة أولي في صناعة السينما وتطورها‏!‏؟ وهذه أول جائزة يحصل عليها ممثل فرنسي من الأوسكار كأفضل ممثل جان دوجاران‏39‏ عاما وطبعا هناك لمسة سياسية لهذه الجائزة من الأوسكار لفرنسا وفقا للظروف الحالية التي تجمع بينهما لمواجهة الأزمات العالمية‏.‏ وطبعا فازت ميريل ستريبن جائزة الأوسكار الثالثة في تاريخها السينمائي بعد ترشيحها للفوز‏17‏ مرة عن فيلم المرأة الحديدية كأفضل ممثلة وكان تعليقها عندما وقفت تتسلم جائزتها‏:‏ كنت أخشي أن يمل الجمهور مني من كثرة وقوفي هنا في انتظار الجائزة‏..‏ وتلعثمت كثيرا وهي توجه الشكر لمانحي الجائزة‏.‏

فيلم هوجو للمخرج الكبير مارتن سكورسيزي حصل علي‏5‏ جوائز أحسن ديكور‏,‏ تصوير‏,‏ منتاج‏,‏ مكساج‏,‏ صوت‏,‏ مؤثرات بصرية‏..‏ هوجو الطفل المختفي في محطة قطارات في باريس أيضا‏.‏

من المفاجآت الفنية فوز الممثل القدير البالغ من العمر‏82‏ عاما بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد كريستوفر بلامر صاحب الفيلم العالمي الشهير صوت الموسيقي الذي قدمه في الخمسينيات وحصل الأوسكار لدوره المساعد في فيلم المبتدئون وأصبح أشهر أكبر الممثلين الذين حصلوا علي الأوسكار في تاريخ الأوسكار‏,‏ ونظر إلي تمثال الأوسكار وهو يحمله في يده علي خشبة المسرح وقال له يحدثه‏:‏ أنت أكبر مني بعامين فقط يا عزيزي أين كنت طوال حياتي؟‏!‏

الممثلة السمراء أوكتافيا سبنسر فازت بجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة مساعدة في فيلم المساعدة عن دورها كخادمة من الجنوب في منزل أسرة من البيض‏..‏ واستقبلت بتصفيق كالعاصفة لتكريمها ولم تستطع أن تتكلم

المفاجأة الأخيرة كانت حصول فيلم انفصال الإيراني علي جائزة أفضل فيلم أجنبي وهزم الفيلم الإسرائيلي المنافس له بقوة فون توتسي والفيلم الإيراني اخراج أصغر فارهادي والفيلم يتناول الأوضاع الاجتماعية في إيران‏..‏ وقال وهو يتسلم جائزة الأوسكار‏:‏ أهدي هذه الجائزة إلي شعب وطني وإلي الذين يحترمون كل الثقافات والحضارات دون تحيز أو اعتبارات رغم العداء الذي يسود علاقة دولتهبالولايات المتحدة الأمريكية ـ لمسة واضحة من الأوسكار ـ للسياسة الأمريكية‏.‏

الأهرام المسائي في

05/03/2012

 

بعد الأوسكار: ميلودارما سبيلبرغ 

ستيفن سبيلبرغ، طفل هوليوود المدلل، مشغول جداً هذه الفترة. كان حاضراً في الأوسكار من خلال عملين، الأوّل «مغامرات تان تان»، والثاني «حصان الحرب» (2011) الذي يعرض حالياً في الصالات اللبنانيّة. العمل الأخير اقتباس سينمائي أيضاً لرواية الأطفال الشهيرة التي كتبها البريطاني مايكل موربورغو عام 1982. سبيلبرغ المتحمّس على ما يبدو لزيادة غزارته الإخراجيّة، نجح في ضمان قاسم مشترك لفيلميه الأخيرين، هو الإصرار على تقديم سينما مستعجلة لا تقدّم شيئاً جديداً يخدم السياق الاجتماعي الراهن، وهو ما ينطبق عموماً على مجمل ريبرتواره السينمائي.

تدور أحداث «حصان الحرب» الذي رشّح أخيراً لجوائز أوسكار عدة في فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى، في مقاطعة ديفون جنوب إنكلترا. يشتري المزارع تيد ناراكوت (بيتر مولان) حصاناً صغيراً من نوع ثوروبريد، رغم معارضة زوجته روز (إيميلي واتسون). يقع الابن آلبرت (جيرمي إيرفين) في حبّ الحصان، ويطلق عليه اسم جوي، ويمضي الوقت في تربيته.

مع اندلاع الحرب، وفشل الحصاد الزراعي، يضطر الأب إلى عرض جوي للبيع، فيشتريه أحد الجنود، رغم معارضة آلبرت الشديدة. يحاول الفتى حينها الالتحاق بالجيش لمرافقة حصانه، فيعده الكابتن نيكولز (توم هيدلستون) بأنّه سيتولّى الاعتناء بجوي جيداً. يُرسَل الحصان مع الكابتن إلى الجبهة في فرنسا، ويشارك في المعارك إلى أن يقع أسيراً في ألمانيا، وتتوالى الأحداث، ليعيش الجمهور في هاجس ما إذا كان جوي وآلبرت سيلتقيان من جديد أو لا.

من خلال الإفادة من خبرته في إخراج أفلام تتناول الحرب كتيمة، يقدّم سبيلبرغ مشاهد حربية جيدة بتصوير سينمائي جذّاب. لكنّ هذا الإبهار لا ينقذ الاقتباس السينمائي الميلودرامي من الوقوع في شباك العواطف الزائدة، ولا يساعد طول مدة الفيلم (146 د.) في تثبيت تركيز المشاهد.

ما يحاول سبيلبرغ إنجازه هنا، هو فيلم عائلي ذو رسالة إنسانية شاملة عن مساوئ الحرب وأهوالها من دون الغوص جدياً في التشعّبات. لا يختلف اثنان على أن ستيفن سبيلبرغ سينمائي متمّكن تقنياً، لكن رهانه على الترفيه السطحي في زمن الأزمات الاقتصادية والثورات أمر غير مقنع. و«حصان الحرب» مثال آخر على السينما البراقة... من الخارج فقط.

الأخبار اللبنانية في

05/03/2012

 

للنجم الفرنسى جان دوجاردان

"الفنان" يحصد الجوائز ولا يعترف به شباك التذاكر

حنان أبو الضياء 

يعيدك فيلم «الفنان» للمخرج الفرنسى ميشيل هازانافيسيوس إلى أحاسيس إنسانية ذات مذاق إبداعى مختلف. لا تعتمد على إبهار القرن الواحد والعشرين من تكنيك وخدع بصرية ولكنها ترجع بك إلى العصر الذهبى للسينما الصامتة المعتمد أولاً وأخيراً على محاولات جادة للوصول إلى روحك بأفكار بمقدار بساطتها وأداء مبدعيها البدائى إلى أنها بها شيء مبهر سره هو الفنان نفسه لذلك لم يكن غريباً حصول الفيلم على العديد من الجوائز وعلى رأسها خمس من الأوسكار وثلاث من جوائز «جولدن جلوب» وجائزة أفضل تمثيل من رابطة المخرجين الأمريكيين، وسبع جوائز فى مهرجان (البانتا) السينمائى كأفضل فيلم وأفضل إخراج وسيناريو، رغم أن استقبال الجمهور للفيلم، لم يكن بمستوى الحفاوة التى لاقاها من عاشقى السينما ومبدعيها، خاصة أنه صامت وبالأبيض والأسود. وفى الغالب يعرض على شاشة أصغر من الحجم المتعارف عليه من باب التكريم لما كانت عليه الأفلام الصامتة فى أوائل القرن العشرين.

وفيلم «الفنان» للنجم الفرنسى جان دوجاردان (أول ممثل فرنسى ينضم إلى نادى الفائزين الفرنسيين بجوائز تمثيل فى حفل الأوسكار الذى كان يقتصر حتى الآن على النساء مع كلوديت كولبير وسيموت سينيوريه وماريون كوتييار وجولييت بينوش) تلعب فيه الموسيقى دور الحوار، وتعود بالزمن إلى العام 1927، حيث الممثل والراقص الأكثر شهرة فى هوليوود مستعرضاً حياة النجم جورجى فالنتاين، نجم شباك فى ذلك الوقت واستطاع المخرج جعل المشاهد يشعر أنه فى تلك الفترة بالأزياء والديكورات والكاميرات، والروح التى تجعلك تتقبل بسعادة واستمتاع بفيلم صامت بالأسود والأبيض، مستخدماً أقصوصة معجبة تلتقى بالممثل المشهور، وقامت بدورها الممثلة «بيرنس بوجو» وبالمصادفة تحصل على فرصة الرقص معه فى أحد أفلامه، حيث يبدو إعجاب جورجى فالنتاين بها ويضع أول خطوة فى نجوميتها برسم (حسنة) على وجهها بقلم الحواجب، ثم تبدأ اللحظة الفاصلة فى عام السينما سنة 1929 عندما تبدأ السينما الناطقة التى يرفضها بقوة فالنتاين ويسخر منها فى مشاهد رائعة عبر فيها أنه حتى لا يتحمل يسمع صوت أى شيء، من الأدوات التى يرتبها وينزعج، ويجرى إلى الشارع وتلوح له المعجبات ويسمع الأصوات الطبيعية كلها، وأعتقد أنه فكرة مبهرة من المخرج لتنبيه المشاهد إلى دخول الصوت إلى السينما. وبالتالى الاستغناء عن الفرق الموسيقية الكبيرة المرافقة للعرض، حيث تعزف من داخل الصالة مقطوعات موسيقية مساعدة للصورة المعروضة على الشاشة. ويستكمل الفكرة بذهابه إلى الاستديوهات فيفاجأ أنها أغلقت وأن الاستديوهات الجديدة صاحبة تقنيات الصوت تعمل، وأن الفتاة التى أعطاها الفرصة الأولى أصبحت مشهورة وهو أصبح فقط مجرد نجم السينما الصامتة، ولكنه يقاوم لإثبات أن عصر السينما الصامتة مازال قائماً وينتج فيلماً يقوم ببطولته وإخراجه مراهناً على نجوميته ويفشل فشلاً كبيراً ولا يشاهده سوى الممثلة التى ساعدها. والتى حقق فيلمها الناطق نجاحاً مبهراً وركز المخرج على ذلك باستعراض الطوابير المنتظرة لمشاهدته، ويؤدى هذا إلى إفلاسه وبيع أثاثه بالمزاد العلنى والانتقال إلى شقة كبيرة ثم يشعل النار فى شقته بعد تدميره نيجاتيف أفلامه ثم ينقذه كلبه فى مشهد من أجمل مشاهد الفيلم والتى تؤكد مقدرة المخرج على السيطرة على أداء الكلب بحيث أصبح أحد ممثلى الفيلم المميزين.

وتستمر الأحداث مؤكدة على عشق الممثلة لجورجى نجم السينما الصامتة، وتقنعه أنه يصلح للسينما الناطقة فينجح ويستعيد نجوميته فى المشهد الوحيد الناطق فى الفيلم.

فى النهاية نحن أمام مقطوعة سينمائية تنحاز إلى عشق البحث عن رؤى الداعية خارج إطار المألوف يقف أمامها عاشقو السينما مبهورين محققة جوائز عالمية ولكن لا تعرف طريقاً إلى شباك التذاكر.

الوفد المصرية في

06/03/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)