حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي الرابع والستون

السينما الكويتية تنهض من جديد

«تورا بورا» لوليد العوضي: السينما ضد الإرهاب

عبدالستار ناجي

العرض العالمي الاول للفيلم الروائي الكويتي «تورا بورا» للمخرج وليد العوضي قدم ضمن عروض السوق الدولية للفيلم في مهرجان «كان» السينمائي الدولي. وهو أمر يشكل اضافة ايجابية لرصيد هذا العمل وللسينما الكويتية بشكل عام والتي تعود مجددا لتنهض مبشرة بحراك سينمائي سوف يتجدد وينبض بالحياة وهو امر نراهن عليه في قادم الايام.

ونعود لفيلم «تورا بورا» الذي يعتمد على سيناريو كتبه المخرج وليد العوضي بالتعاون مع رياض سيف وقام ببطولته الفنان القدير سعد الفرج الذي حضر مع الفيلم خصيصا الى مهرجان «كان» السينمائي الدولي. ويشارك في البطولة ايضا الفنان خالد امين واسمهان توفيق وعبدالله الزيد وعبدالله التورة بالاضافة الى العربي الساسي وقيس ناصيف وعثمان توفيق وياسين حجيم وعبداللطيف ابو شقرا.

منذ اللحظة الاولى يذهب بنا وليد العوضي الى اجواء حكاية اب وام يقوم برحلة للبحث عن ابنهما الذي فقد منذ زمن وجاءت الاخبار على انه سافر للجهاد في افغانستان وتم تنظيمه من قبل احدى المنظمات في ذلك البلد الذي تعصف به الريح من كل مكان. الاب «سعد الفرج» والام «اسمهان توفيق» والابن هو عبدالله التورة» والرحلة مشبعة بالعذابات والمصاعب بل هي الموت الحقيقي ففي كل مشهد حكاية مغامرة وكم من الرصاص الذي ينهمر من جنود «طالبان» حيث الحرب الاهلية تمزق اوصال ذلك البلد الذي ما ان انتهى من حب حتى فتحت امامه ابواب جهنم حرب تلد اخرى ونزيف الداء لا يتوقف وهي لا تعرف كبيراً او صغيراً ولا تفرق بين رجل او امرأة.. كل شيء مستباح.. ويفلح وليد العوضي منذ اللحظة الاولى في ان يضعنا في تلك الاجواء المشبعة بالخوف والذعر والترقب والتي تبقى تحبس الانفاس.

ولمزيد من المواجهات يلحق بالأسرة ابنهم الاكبر «خالد امين» من اجل استعادة والده ووالدته وايضا شقيقه الذي كان يستعد لعملية استشهادية كما كان يقال له ضد احد المعسكرات الاميركية. فاذا به حينما يصل الى حيث المكان المقرر يكتشف بانه امام مدرسة للاطفال فيقرر إلغاء المهمة والعودة ولكن ذلك القرار لا يعجب امير المجموعة ومساعده اللذين أمرا بوضع ذلك الشاب في السجن الى ان تتم تصفيته لاحقا لانه عصى الاوامر.

بينما يواصل الاب الكهل وزوجته المتعبة والتي فقدت ادويتها أثناء الرحلة فكلما اقتربوا من معسكر تورا بورا عصفت بهم الظروف الى طريق آخر ومشاكل اكبر تكشف لنا ويلات ذلك الشعب والظروف القاسية ويساعدهم في الرحلة احد الشباب من «البشتون» عبدالله الزيد.

وكلما نتوقع التقاء الاسرة تأتي مفاجأة لتغير مسارتهم رغم ان كلاً منهم كان يسير صوب «تورا بورا» حيث معسكرات الثوار والمجاهدين...

وفي أجواء ذلك المخيم وتلك المعسكرات نكتشف منهجية التحرك الذي تتبعه قيادات تلك التنظيمات في التنظيم والتجنيد ومسخ العقول وتجنيد الابرياء والوعود بالجنة والحور العين وكم من الحكايات التي قدمها لنا العوضي معتمدا على كم من البحوث والدراسات والحكايات المعاشة.

وتمضي الرحلة.. تمرض الام ويتم عزلها عن زوجها «ممنوع الاختلاط» ويتم التفريق بينهما فتتعقد الرحلة ويصل الابن الاكبر الى المنطقة ذاتها ليعرف من خلال مصور فلسطيني يعمل في المنطقة بأنه صور والده ووالدته فور وصولهما.

ولا نريد الذهاب الى تفاصيل المشهديات التي راحت تتطور بايقاع سينمائي عالٍ واحترافية عالية في التمثيل من قبل النجم القدير سعد الفرج الذي اخذنا الى اجواء شخصية الرجل الكويتي الساخر في البداية والذي تورط لاحقا في عوالم ومخاضات تلك الحرب الطاحنة بحثا عن ابنه الذي تم التضليل به.

رحلة الألم والقسوة.. ومشهديات سينمائية كتبت بحرفية ونفذت بمواصفات انتاجية عالية المستوى.. رحلة البحث عن الابن والحقيقة في عوالم تلك التنظيمات الارهابية التي دمرت الشيء الكثير من عقول ابنائنا الشباب.

شخصيات كتبت بمساحة من التحليل ولكل منها محاورها ومساراتها واهدافها التي تتداخل وتتشابك لتشكل البناء الدرامي المتماسك لهذا العمل الدرامي السينمائي الكويتي الجميل بفكره واسلوبه وعناصره التي يدهشنا حضورها بالذات النجم القدير سعد الفرج الذي كلما اطل على الشاشة كانت ملامح الالم ترتسم على وجهه.

في العمل الصورة في بهائها حيث الظروف الجغرافية، مشيرين الى ان العمل صور بكامله في مدينة ورزازات «جنوب المغرب» والتي باتت اليوم اهم الاستديوهات التي تستقبل اكبر الاعمال السينمائية العالمية. مع التشابه الكبير بين الجغرافيا في المغرب وافغانستان.

في الفيلم ايضا موسيقى تصويرية أضافت الكثير الى اجواء العمل صاغها الفنان رياض خلف. تريدون نهاية الفيلم وهذا ما نتركه الى المشاهدة في صالة العرض لان دور الناقد ليس بالحكواتي الذي يروي حكاية هذا الفيلم او ذاك بل الباحث عن المضامين الفكرية والابداعية واذا لم يكن في هذا العمل اي شيء يقوله سوق تقديم وجهة نظر عربية ومسلمة وخليجية وكويتية واضحة في موضوع الارهاب والتطرف فهذا بحد ذاته انجاز نحيي عليه المخرج المنتج وليد العوضي الذي سفح ثلاثة اعوام من التحضير والاعداد والانتاج والتصوير والاخراج لعمل يذهب مباشرة ليعلن ذلك الموقف الذي يؤكد مواقف الكويت ودول المنطقة تجاه الارهاب والتطرف واستغلال ابناء المنطقة في حروب ومغامرات تضليلية تذهب بهم الى الكارثه.

فيلم كبير ثري بالمقولات.. بالاداء السخي للفنان الكبير سعد الفرج الذي يؤكد يوما بعد آخر نضج حرفته وسيطرته على ادوات حرفته كممثل يعرف تماما كيفية الذهاب الى الشخصية والحدث والدلالة والمضمون وهكذا هو شأن الكبار في حرفتهم وفنهم. ويبقى ان نقول

- فيلم «تورا بورا» السينما حينما تكون ضد الارهاب. حيث الموقف الصريح بتوقيع المخرج الكويتي وليد العوضي. وهي دعوة للمشاهدة والتأمل والاستمتاع.  

وجهة نظر

لماذا ؟

عبدالستار ناجي

الحدث الاهم هنا فى كان خلال الايام الماضية لمهرجان كان السينمائي يتمثل فى تلك التصريحات الكبيرة والمستفزة التي اطلقها المخرج الدانماركي لارس فون ترير، او التي حملها الاعجاب بشخصية زعيم الرايخ الالماني ادولف هتلر. وايضا التصريحات العدائية لليهود ولاسرائيل على وجه الخصوص.

ورغم الموقف السلبي الخاص تجاه الممارسات العدوانية للحكومة الاسرائيلية، الا ان تلك التصريحات العدوانية ضد اليهود تبدو امرا غير مبرر، وايضا ذلك الموقف المقرون بالاعجاب لادلف هتلر الذي يأتي غير مبرر وغير منطقي لمخرج له مكانته وقيمته الفنية الا اذا كان فون ترير يريد ان يعوض مساحة من الخلل التي اقترن بها عمله السينمائي الاخير الذي عرض فى المسابقة الرسمية.

ومن هذا المنطلق نستطيع التأكيد ان فون ترير كان يعلم جيدا انه بعيد عن الجائزة ولهذا اراد ان يقلب الطاولة حتي يمكن تبرير عدم فوزه بالجائزة بان المهرجان ضده وان اليهود يحركون كل شيء. فما كان من المهرجان الا التنديد بتلك التصريحات ما دفعه للاعتذار وهو امر لم يعد يجدي لان فون ترير وضع فى القائمة السوداء، واتهامه الصريح بالعداء الى السامية.

لا ندري ماذا يدور فى رأس بعض المبدعين وهم يصرحون بعدائهم لليهود ولاسرائيل فتكون نهايتهم؟

قد تكون لنا بعض الملاحظات على اسرائيل ولكن التسامح فى التهجم على اليهود سيفتح الباب على مصراعيه للحديث عن العرب والمسلمين وغيرهم.. وهنا تكون الفوضى.

وهى دعوة للحوار

وعلى المحبة نلتقي

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

22/05/2011

 

فارق هائل بين استقبال نجوم السينما المصرية في "كان" والمهرجانـات العربيـة

مراسـم السـير علي السـجادة الحمـراء .. طبقية

رسالة كان: خيرية البشلاوي 

السير علي السجادة الحمراء في أحد أشهر المهرجانات العالمية يعتبره أهل السينما امتيازاً كبيراً يتفاخرون به. حتي ان بعض شركات الانتاج مستعدة أن تشتري هذا "الامتياز" بهدف أغراض الدعاية والمباهاة.. فلغة المال تشتري السجاجيد الحمراء وغير الحمراء. وأحياناً اعتبارات السياسة!

ولكن مراسم السير علي السجادة الحمراء في مهرجان مثل "كان" لا تكتمل بصعود السلالم. وإنما تسبق هذا موكب السيارات الفارهة والاستقبال الخاص عند نهاية السجادة من قبل المسئولين عن المهرجان.

وهذا الامتياز الكبير لا يحظي به كاملاً وعلي المستوي الرسمي غير النجوم العالميين الكبار وصناع الفيلم من المشاهير .. والحمد لله أن القائمة الفرنسية تضم يوسف شاهين وإن كان لم يخلفه مصري آخر يحظي بنفس المكانة ولم تتحقق له نفس الشهرة.

هناك علي أي حال "طبقية" في مراسم الاستقبال وفي تفاصيل الضيافة وأشكال التكريم في اطار هذه الاحتفالية السينمائية الكبري.

"تحية مصر" وثورة "25 يناير" تضمنت عروضا لفيلمين هما "18 يوم" و"صرخة نملة" وقد جاءت ضمن فعاليات المهرجان الثانوية.. لقد سار أبطال الفيلمين علي السجادة الحمراء.. دون موكب ودون استقبال من المسئولين الكبار عند نهاية السلالم. وسار إلي جانب النجوم والمخرجين المصريين السيدة ماجدة واصف باعتبارها المنسقة التي عُهد إليها ترتيب الاحتفالية .

و"ماجدة" فرنسية من أصل مصري. أو مصرية بجواز فرنسي. ولكنها في الحالتين مخلصة جداً لفكرة "المراسم" ومستوي "التمثيل" وحريصة علي "النظام" كما تراه بعيون فرنسية.

أتخيل لو اجتمع هؤلاء النجوم المصريون من مستوي يسرا ومني زكي وأحمد حلمي وعمرو عبدالجليل وحتي رانيا يوسف وأروي في مهرجان عربي إذن لتعذر الوصول إليهم من جماهير الناس. ولاختلفت جذريا مراسم الاستقبال والترحيب وانطلقت سيارات الاستقبال والحفاوة.

إن هؤلاء النجوم ومثلهم من نجوم المخرجين مثل يسري نصرالله وكاملة أبوذكري وسامح عبدالعزيز ومحمد علي.. وباقي طاقم الفيلمين المصريين كانوا في "كان" ومعهم الممثل محمود عبدالعزيز الذي جاء مثل شخصيات كثيرة مصرية لحضور المناسبة من أجل مصر. وليس من أجل المهرجان الدولي.

عموماً المصريون قادرون علي خلق "حالة" من المرح والحضور والدفء الإنساني تجلت أثناء العرض المصري لفيلم "18 يوم" رغم عدم تمكن كثيرين من الذين تحمسوا للحضور واصطفوا في الطوابير أملاً في الفرجة علي الفيلم. ثم ظهر أن عدم تمكنهم من الدخول كان بحجة امتلاء القاعة وان مسألة تتعلق بسوء التقدير أو التنظيم. لأن القاعة كانت مليئة بالمقاعد الخالية.

وهذه "الحالة" المصرية الخاصة بدت في "أروق" وأجمل تجلياتها أثناء الاحتفال بالثورة مع فرقة "وسط البلد" التي غني أعضاؤها حتي إلي ما بعد منتصف الليل علي عكس الشروط المتبعة التي تقضي بانتهاء الحفل في ساعة محددة. ولكن حالة الحماس جعلت المدعوين يملأون الصالة والشرفة المطلة علي البحر المتوسط وفي ليلة اكتمل فيها القمر وأطل بسحره وسط تكوين طبيعي بديع وكأن "الكون" جعله "مندوباً" للمشاركة في هذه الاحتفالية.

فيلم "18 يوم" ليس واحداً وإنما عشر تجارب قصيرة روائية.. وكما أشرت بدأ بفكرة طرحها مروان حامد وانتهي بمشاركة كبيرة لمخرجين وكتاب وسيناريو وممثلين. في أول تجربة جماعية من نوعها. تذكرنا مع الاختلاف بالفيلم العالمي الذي تم انتاجه وشارك فيه مخرجون من العالم حول حادث "سبتمبر 2001" الذي هز العالم. فالتجارب الجماعية حول موضوع واحد نادرة لأنها ترتبط بأحداث كبري.. وفيلم "18 يوم" انعكاس لثورة 25 يناير .. وإذا كان يوسف شاهين قد شارك في الفيلم الأول فإن يسري نصري أحد الذين كانوا وراء الفيلم الثاني.

حين طرحت الفكرة كانت الثورة في بدايتها. ولم يكن المشاركون فيها علي يقين من نجاحها. فالرئيس السابق كان لا يزال في الحكم. ولو فشلت فسيكون الهلاك مصير الذين شاركوا في هذه "الاحتجاجات" كما كان يسميها المسئولون حينئذ.

نستطيع القول ان الفيلم أو مجموعة التجارب المكوّنة له تمثل ردود فعل سريعة وأولية وحذرة نوعاً ما إزاء هذه الانتفاضات الشعبية الهادرة التي عمت المدن المصرية.

وقد تنوعت مستوياتها الفنية. مثلما اختلفت شحنات الخواطر والأفكار التي ولدتها. وأيضا مستويات الصدق الفني في عناصر التشخيص والحالات الإنسانية التي عالجها المخرجون وكتاب السيناريو.. ومن الادعاء ان اعتبر ان هذه السطور السريعة التي اكتبها في "مقهي" في مدينة كان. نقدا أو تحليلاً للأفلام العشرة. وإنما انطباع ولدته مشاهدة واحدة إبان احتفالية يغلب عليها الحماس.

خِلقـة ربنـا

من وجهة النظرالشخصية أعجبني جداً فيلم المخرجة كاملة أبوذكري عن سيناريو لبلال فضل الذي يتناول شخصية فتاة صغيرة تصنع الشاي لزبائن الرصيف مقابل قروش قليلة. فتاة تجتهد من أجل توفير لقمة العيش وتجاهد في نفس الوقت من أجل أن تبدو أجمل علها تحصل علي عريس. فتصبغ شعرها باللون الأصفر رغم اعتراض أمها.

هذه الشخصية البسيطة التي لم تدخل مدرسة ولا تعرف في السياسة وليس لديها هم آخر سوي لقمة العيش والزواج. تتحول دراماتيكيا عندما تشهد بأم عينيها مظاهرات التحرير وتعي بحدسها التلقائي دوافع هذه الحشود المجتمعة في الميدان. فتقفز السور الحاجز وتندمج وسط الجموع..

أداء ناهد مدحت السباعي تلقائيا وصادقا ويجسد نموذجا حقيقيا للفتاة المطحونة. أيضا شخصية الأم سلوي محمد علي ولذا جاء الفيلم مثل قطعة حية في كيان بشري أكبر.

أعجبني أيضا فيلم المخرجة مريم أبوعوف حول شخصية الفتوة الغافل الذي يتم استئجاره مقابل خمسين جنيهاً ليشارك في التصدي للثوار وزوجته التي ظلت تعيش لقناعات مزيفة حول "الرئيس" .. وبعد معركة الجمل تكتشف أن نقود زوجها غارقة في دماء الشهداء الأبرياء.

هند صبري في الفيلم بدت أيضا مثل تفصيله متسقة مع المشهد العام الأكثر تحولا. وكذلك آسر ياسين الذي يتشابه مع آلاف يتم استئجارهم للبطش وقتل المتظاهرين.

تتكرر في الأفلام العشرة فكرة "عودة الوعي" بتنويعات مختلفة. وكذلك بعض الشخصيات التي سكنت الوجدان الجمعي كأشرار مثل ضابط أمن الدولة الذي تكرر في عدد من هذه التجارب التي ضمها الفيلم. وأكثرها قربا من الصورة الشائعة تلك التي جسدها الممثل إياد نصار في فيلم المخرج مروان حامد.

نلاحظ أيضا أن الأفلام الأكثرقرباً من المتفرج ليست بالضرورة لأكبر المخرجين أو أفضلهم.. هناك تجارب لشباب يبدأون -ربما- مشوارهم الفني مثل أحمد علاء.

ونلاحظ أن معظم الشخصيات التي ظهرت في هذه التجارب مستوحاة من تجارب الأيام الـ"18" التي استمرت فيها المظاهرات.

احدي هذه التجارب مستمدة من الواقع الافتراضي الذي يغرق فيه نسبة كبيرة من الشباب وأعني الانترنت والفيس بوك. مثلما نري في فيلم المخرج أحمد عبدالله "النافذة" ولعب دور البطولة فيه الممثل أحمد الفيشاوي مجسدا شخصية غارقة وسط هذا "الواقع" المغلق داخل جدران حجرته. وحتي يكتشف عبر النافذة واقعاً آخر حقيقيا وليس افتراضيا.

في الأفلام العشرة تتداخل ردود الأفعال والأساليب ويمتزج الإحساس الكوميدي بالعبثي بالانفعالات الدرامية مع النزعة الواقعية مع الخيال الشعبي.

في فيلم "أشرف سبرتو" للمخرج أحمد علاء تتابع تجربة حلاق رجالي ورث المهنة عن أبيه. يجد نفسه فجأة متورطا في الحدث الكبير ومنخرطا فيه بكل مشاعره. حين يتحول دكانه الصغير إلي ما يشبه المستشفي الميداني للجرحي من المتظاهرين. ويتحول هو نفسه إلي "جراح" يضطر إلي خياطة الجروح.

أيضا فيلم المخرج محمد علي الذي اختار نموذج الانتهازي الصغير الذي وجد في بيع "الاعلام المصرية" في الميدان مناسبة للتربح.

اختار المخرجون نماذجهم من شرائح اجتماعية متباينة. علي سبيل المثال اختار يسري نصرالله نماذجه من الطبقة المتوسطة الميسورة. اللامبالية في الأغلب بما يدور حولها حتي تبدأ في التأثر بما جري في معركة "الجمل" التي كسرت مشاعر اللامبالاة وشدت الجميع بشكل أو آخر إلي الاندماج في الأحداث الدراماتيكية التي تؤثر في كيان المجتمع ككل.

وتتميز بعض الأفلام عموماً باختبارات طريفة لصناعها مثل الشخصية التي عالجها خالد مرعي ولعب بعدها "أحمد حلمي" مشخصا بعض ملامح الشخصيات التي لعبها في أفلام سابقة. شخصية أحمد حلمي في الفيلم تعاني من مرض السكر وقد تعرض لغيبوبة فلما عاد إليه الوعي لم يتبين ما جري حوله ولم يجد ما يأكله داخل المحل سوي "كحك بسكر" أو بقايا منه. إنها حالة من الغفلة المرضية الرمزية ثم الاستيقاظ القصري علي تحولات كبيرة. إنها حالة عقلية أوفكرة تكاد تكون عامة في كل الأفلام علي نحو مباشر أو ضمني.

صرخة النملة علي الشاطئ

يمكن للمتفرج المصري أن يصاب بالدهشة عندما يشاهد هذا الفيلم "صرخة نملة" والعنوان "رمزي" بالمناسبة. والفيلم من تأليف طارق عبدالجليل وإخراج سامح عبدالعزيز.

أقول سوف يصاب بالدهشة لو عرف أن الفيلم تم إخراجه قبل ثورة 25 يناير وأن صُناعه أضافوا -ربما- دقائق قليلة بعد قيام الثورة حت يصبح معبراً تماماً عن الظروف التي فجرتها.. ولذا جري اختياره ضمن البرنامج الخاص بتكريم مصر في مهرجان "كان" السينمائي الرابع والستين.

عرض الفيلم يوم الخميس الماضي علي شاطئ الكروازيت وفي الهواء الطلق في "سينما الشاطئ" المكشوفة.

عند الدخول يتسلم كل متفرج "بطانية" بيضاء جميلة حتي تقيه من البرد "!!" وعليه أن يسلمها بعد انتهاء الفيلم.. إنها طريقة جديدة للدعاية. وإن كنا تصورنا انها "هدية".

يشارك في بطولة الفيلم عمرو عبدالجليل ورانيا يوسف والفيلم نفسه انتاج كامل أبوعلي.. وهو عمل تجاري ميلودرامي مثل أغلب الأفلام التي عالجت موضوع العشوائيات. ويتناول نفس الشريحة الاجتماعية المطحونة. ويستعرض أشكال الحياة المتدنية التي تحياها.

جُـودة

تتمحور الأحداث حول شخصية "جودة" الذي يسافر إلي العراق ويعيش هناك عشر سنوات سجينا وذليلا ثم يعود لكي يواجه في وطنه حياة أكثر ذلاً وتعذيباً.

يعتمد السيناريست والمخرج علي نفس التوليفة الناجحة تجاريا والتي تمزج السياسة بالواقع المجتمعي وتكتسب نفس الخشونة والسوقية.

وأكثر ما يثير التعاطف مع الفيلم الجرأة الشديدة والمباشرة في فضح مظاهر الفساد والخراب النفسي والأخلاقي. وهي الدوافع التي حركت ثورة 25 يناير. وبنفس الجرأة يرسم صورة "ضابط أمن الدولة" الذي تكررت بتنويعات مختلفة ولكن دون تزييف أو مبالغة في معظم الأعمال.

ولولا حدوث ثورة 25 يناير لما تمكن الفيلم من الافلات من الرقابة والسؤال: كيف كان سيعرض هذا الفيلم؟؟

وفي المؤتمر الصحفي الذي عقد في مدينة "كان" حول الفيلم الذي لم يكن قد عُرض بعد. وهذا أيضا خطأ في التنظيم.. فكيف يناقش الناس فيلما لم يشاهدوه؟

في هذا المؤتمر الذي لم يحضره سوي عدد قليل. قال المؤلف طارق عبدالجليل إن أمن الدولة قدم 21 ملحوظة حول الفيلم. مما يعني أنه كان سيتعرض لتشويه كبير.

وعندما سئل المنتج عن مستقبل السينما بعد الثورة.. قال إنه يتخوف من المستقبل ومن دور "السلفيين" في افساد مناخ الحرية.. الجميع يتخوف من أسراب طيور الظلام التي أتصور انها الخلف الطالح لأمن الدولة أي أفسد خلف لأفسد سلف.

رنات - "النبع".. وتلاقي الثقافات

خيرية

في الفيلم الفرنسي "النبع" تقرأ ضمن العناوين أسماء ممثلين وممثلات من فلسطين والمغرب وقائمة طويلة مشتركة من الفنيين تضم أسماء عربية وغربية بالإضافة إلي مؤسسات انتاجية من فرنسا وبلجيكا والمغرب.. أما المخرج فهو يهودي فرنسي "رادو ميهالينهو" من مواليد بوخارست عام .1956

الفيلم تجربة "عولمية" ايجابية تستحق الإشادة.. أولا بسبب التوليفة المشتركة الجيدة من فنانين عرب مهاجرين في الأغلب وصناع سينما من الغرب.. وثانيا لأن موضوع الفيلم الفرنسي يناصر المرأة العربية ويقف ضد الإهمال الحكومي الذي يجعل قرية نائية تعاني من الإهمال حتي انها تظل محرومة من وصول الماء إليها وثالثا وهذا في رأيي هو أكثر ما لفت نظري التناول الموضوعي والإنساني المستنير لمخرج يهودي بالإضافة إلي اللغة الجمالية البديعة والأداء المميز لمجموعة الممثلين العرب وأذكر منهم هيام عباس وصالح بكري وهما من فلسطين والمغاربة ليلي بختي وحفيظة هرزي وبيونا ومحمد مجد وآمال أطرش.. إلخ.

تدور الأحداث في قرية مغربية فقيرة لا تصلها المياه حيث اعتادت النساء منذ زمن طويل ان تحمل الماء في جرادل فوق أكتافهن ويسرن بها مسافات طويلة من الجبل بينما الرجال يبقون في البيوت يشربون الشاي والدخان ولا شيء آخر.. فبدون ماء لا توجد زراعة ولا يتم بناء ولا تتوافر أعمال.

بعد سلسلة من الأحداث تقرر النساء بقيادة زوجة الشابة إعلان "الإضراب عن ممارسة الحب" مع أزواجهن.. في هذه البيئة حيث ينتشر الجهل والتقاليد الذكورية العتيقة تتعرض النساء لأشكال شتي من القمع من قبل الأزواج الذين يخضعون لسلطة دينية تفسر الدين علي هواها.

المخرج اليهودي يطرح هذا الموضوع الحساس بعد دراسة مستفيضة وتوظيف وفهم مستنير للدين وللترات العربي مستخدما لغة بصرية وتابلوهات غنائية مبهجة وديكورا بسيطا ومدروسا وشخصيات يمكن تصديقها.

في حديث له يقول: الفيلم عن قصة حقيقية حدثت في تركيا في قرية شبيهة عام 2001 ومنذ فترة وأنا أشعر بأنني كيهودي فرنسي لست مؤهلا لتناول الموضوع ولا الكلام عن ثقافة لا أعرف عنها الكثير ولكنني كنت مقتنعا جدا بأن الموضوع لن يكون قويا ولا مؤثرا إلا إذا عولج في سياق ديني إسلامي يسمح للمتفرج ان يفهم القرآن والإسلام الذي لا يعرفه أغلب الناس إلا من خلال كلشيهات وتخيلات ليست صحيحة .

ويقول: البداية بحثت عن مخرجة عربية تستطيع ان تتفهم علي نحو دقيق وجهة النظر التي يطرحها المشروع ولكنني لن أجد فأقنعني المنتجون المشاركون ان أقوم بإخراجه وقبلت بشرطين: ان يسمحوا لي بفترة دراسة وبحث كافية ودراسة ميدانية للقرية وللنساء اللاتي يعشن بها حتي تتولد علاقة حميمة مع ثقافتهن والظروف اللاتي يعيشنها.. الفيلم نموذج لتلاقي الثقافات ومحاولة لفهم الآخر وليس نفيه أو إقصاءه.. وهذه احدي وظائف السينما.

المصرية في

22/05/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)