حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي الرابع والستون

«كان»: الواقع وخيباته في أعمال واعدة

ابراهيم العريس

من الواضح ان اي حديث عن الدورة الجديدة لمهرجان «كان» السينمائي (11-22 أيار/ مايو)، لا يمكن ان يبدأ إلا بذكر ما يعتبره البعض فضيحتي توزيع الجوائز في الدورة الفائتة: السعفة الذهبية لفيلم «العم بونمي...» التايلاندي، وجائزة افضل ممثل، للإيطالي ايليو جرمانو، شراكة مع بارديم، بطل فيلم «بيوتفيل». ففي رأي كثر يومها، لم يكن «العم بونمي...» يستحق جائزته. وكذلك كانت حال الممثل الإيطالي بطل «حياتنا»، الذي لم يكن أداؤه ليبرر شراكته مع بارديم في الجائزة نفسها. طبعاً لم يكن هذا الرأي المزدوج رأي الجميع، غير انه كان رأياً حاضراً بقوة... عززه الفشل التجاري، لاحقاً، للفيلمين المعنيين، كما عززه النجاح الكبير الذي حققه «عام آخر» لمايك لي، الذي طلع من مولد العام الفائت بلا حمّص، مع انه اعتُبر وسيُعتبر بعد ذلك من اهم إنتاجات العام.

طبعاً، مع توالي الأسابيع والشهور، نُسي كل هذا الى حد كبير، ليعود ويعوم على السطح في هذه الأيام، ولا سيما بعدما أُعلن عن برنامج دورة «كان»، حيث تبين من جديد ان هذه الدورة تمكنت من استقطاب أعمال بعض كبار اصحاب التواقيع المهمة في سينما اليوم في العالم، إلى حد ما، في المسابقة الرسمية، ما يعني - حتى من دون ان يكون أحد قد شاهد أياً من أفلام هذا العام، حتى الآن - ان المنافسة ستكون كبيرة للحصول على الجوائز في النهاية. فحين يكون لديك لارس فون تراير، وبدرو ألمودافار وتيرنس مالك وناني موريتي ولين رامزي ونومي كاوازي وأكي كورسماكي، والتركي نوري بلجي جيلان وآلان كافالييه في المسابقة الرسمية الأساسية، ولندع جانباً وودي آلن الذي يعرض آخر أعماله «منتصف الليل في باريس» في ليلة الافتتاح، إنما خارج المسابقة الرسمية، يحق لك ان تقول ان هذه الدورة قد تكون مميزة - حتى وإن كان في وسع المرء ان يحاجج، فإن الأسماء الكبيرة باتت تبدو خلال السنوات الفائتة أقرب الى إثارة خيبة الأمل -. ثم حين يكون لديك في ثاني أكبر تظاهرات «كان»، أي «نظرة ما...» وبعد الافتتاح بفيلم «قلق» لغاس فان سانت، إيضاً خارج المسابقة الرسمية، أحدث أعمال برونو دومون وروبير غيديغيان وإريك خو، وفيلمان أولان لصاحبيهما على الأقل... سيكون في وسعك ان ترى، ولو نسبياً، أن «كان» يحاول جاهداً، ان يخرج من كبوات بعض دوراته الفائتة.

بعض التاريخ ايضاً

ومهما يكن من أمر، ومهما كانت النتائج، أو خيبات الأمل، مؤكد ان مسؤولي «كان» يمكنهم، هذه المرة، وككل مرة، ان يقولوا في النهاية: «لقد اتينا بأحدث إنتاجات كبار السينمائيين، وتمكّنا من العثور على إنتاجات لافتة لأسماء جديدة (5 أفلام في التظاهرتين الأساسيتين، من اصل نحو 40 فيلماً: 20 في المسابقة الرسمية، و19 في «نظرة ما...»)، إضافة الى عشرة أفلام خارج المسابقات وفي العروض الخاصة (منها أعمال لجودي فوستر وروب مارشال وريتي بانه ومايكل رادفور). وإزاء هذا كله، إضافة الى أفلام «اسبوع النقاد» ثم «نصف شهر المخرجين» (التظاهرة التي سنعود إليها لاحقاً باعتبارها مستقلة التنظيم)، يصبح في مقدور «كان» ان يقول انه، من جديد، يقدم صورة ما لما يحدث اليوم في عالم السينما، ناهيك بالتفاته، المحبّب عادة، الى بعض تاريخ هذه السينما، أو ما سيصبح عما قريب، تاريخاً. نقول هذا ونفكر في التكريم الكبير الذي سيكون من نصيب برناردو برتولوتشي. كما في استعادة فيلمين من الكلاسيكيات الضخمة: «صورة مشتتة لطفلة ساقطة» (1970) لجيري شاتسبرغ، و «البرتقال الآلي» (1971) لستانلي كوبريك، ناهيك عن تكريم خاص لذكرى الراحلة حديثاً إليزابيث تايلور، وزميلتها آفا غاردنر، وفتيات ماك سينيت. والحقيقة اننا اذا شئنا رسم لائحة للتكريمات، وللعروض المتنوعة، سيضيق علينا المجال هنا. لذا من الأفضل العودة الى بعض العروض الرئيسة، لعلها تعطي صورة ما عن راهن السينما، أو راهن إنتاج كبار مبدعيها، الذين نعرف ان معظمهم افتتح حياته السينمائية منطلقاً من دورات باتت تاريخية وقديمة لـ «كان». وذلك بعد إشارة لا بد منها، الى انه على رغم الحضور الذي نتمنى ان يكون مميزاً لسينمائيتين عربيتين شابتين في تظاهرتي «نظرة ما»... و «نصف شهر المخرجين»، هما نادين لبكي من لبنان، وليلى كيلاني من المغرب (راجع مكاناً آخر في هذه الصفحة)، تكاد السينما العربية تغيب تماماً، ولا سيما منها السينما الفلسطينية التي كانت اعتادت ان تجعل من دورات «كانية» سابقة منطلقاً لها. وفي المقابل يحضر السينمائيون الإسرائيليون بقوة، وفي تظاهرات عدة، بدءاً من المسابقة الرسمية (جوزيف سيدار صاحب «لبنان» في جديده «هيئارات شولاييم»، الذي يرسم صورة ما للصراعات المعتملة داخل المجتمع الإسرائيلي، كما يبدو). أما إيران التي تغيب مجدداً، فستحضر بقوة، ولكن فقط عبر تكريم المهرجان، بأشكال متنوعة، للسينمائي جعفر باناهي، الموضوع في الإقامة الجبرية، علماً أن ثمة حديثاً هامساً منذ الآن، عن مفاجأة ايرانية خلال الدورة!

وفي عودة هنا الى ما بدأنا به، أي افلام اصحاب الأسماء اللامعة، نشير أولاً الى ان الافتتاح، مع فيلم «منتصف الليل في باريس» لوودي آلن سيكون صاخباً، أولاً لأن آلن صوّر فيلمه في باريس، بعدما كان سبق له ان صور أفلاماً في لندن وبرشلونة، ويصور الآن في روما، وثانياً، بسبب حضور السيدة الفرنسية الأولى في أحد أدوار الفيلم. ومن هنا يتوقع ان تسرق كارلا بروني ساركوزي الأضواء ليلة الافتتاح، حتى وإن كان الذين شاهدوا الفيلم حتى الآن، وهم قلة، لم يتوقعوا مستقبلاً فنياً كبيراً للسيدة! وعدا عن حضور كارلا في الفيلم، يتحدث هذا الأخير عن خيبة عائلة اميركية تأتي لتعيش في فرنسا، لكن صدماتها تتوالى. من جديد إذاً، وبعد «نهاية هوليوودية»، يحاول آلن أن يستفز الفرنسيين، لكنه يعرف ان حبهم له أقوى من اي استفزاز.

فون تراير يحاول ان يستفز ايضاً، ولكن ليس الفرنسيين وحدهم، بل الجميع، وذلك في فيلمه الجديد «كآبة» (ميلانكوليا)، الذي كان أعلن هو نفسه انه سيكون «أسوأ من سابقه» «عدو المسيح»...». والسؤال الآن: كيف سيكون فيلم كهذا يتحدث عن حلول نهاية العالم بفعل كوكب يصطدم بالأرض خلال الاحتفال بعرس كريستين دانست؟ مهما يكن، هذا كل ما عُرف عن جديد لارس فون تراير حتى اللحظة. وفي المقابل لا يعرف أحد اشياء كثيرة عن جديد التركي جيلان «كان يا ما كان في الأناضول». ولكن من المرجح ان يكون هذا الفيلم مختلفاً كلياً عن آخر ثلاثة أفلام لجيلان، الذي فاز مرتين على الأقل بجائزتين كبيرتين في دورات سابقة لـ «كان». أما الإسباني الكبير ألمودافار، فليس صعباً التكهن بحكاية فيلمه المشارك وهو «الجلد الذي أسكنه»، وذلك لأنه مأخوذ عن رواية معروفة، تنتمي في آن معاً الى أدب الرعب والأدب الفلسفي، وتتحدث عن طبيب جراح، يسعى من خلال عملية زرع جلد... في وجه زوجته، للانتقام من مغتصبي ابنته.

صور ستبقى

أما تيرنس مالك، الذي يصل أخيراً الى «كان»، بعدما كان فيلمه الجديد أُعلن مرات ومرات من قبل ثم أُجّل، ثم أُعلن عن عرضه في «برلين» ثم أُجّل، فإنه يعرض اخيراً فيلمه الجديد هذا (من بطولة شون بن وبراد بيت) وعنوانه «شجرة الحياة»، ليعود الى واجهة الحياة السينمائية من جديد، بحضوره المتوقع أن يكون كبيراً، أكثر مما بغيابه الطويل والأسئلة المطروحة حوله منذ ثلث قرن على الأقل، لم يحقق فيها من الأفلام سوى عدد يُحصى على أصابع اليد الواحدة. مالك اللبناني الأصل (من شكا كما اكد هو قبل سنوات في حديث صحافي)، كتب السيناريو بنفسه لحكاية عن رحلة مراهق من تكساس، من براءة الطفولة الى خيبة البلوغ. وهذا الفتى هو، في الفيلم، واحد من ثلاثة إخوة، لا يكف والدهم عن محاولة تعليمهم كيف يعيشون. في النهاية يبدو الفيلم، وفق ما كُتب عنه حتى الآن، سوداوياً «يتحول فيه العالم الى متاهة كبيرة».

من ناني موريتي هناك فيلم «صار عندنا... بابا»، الذي يدنو، كالعادة، من الواقع الإيطالي المعاصر، في لغة «نضالية ساخرة» لا توفر احداً، وهو نفس ما سيحاوله الإيطالي الآخر في المسابقة الرسمية باولو سورنتينو في فيلمه «لا بد من ان هذا هو المكان». وفي المقابل تعود الاسكتلندية لين رامزي في فيلمها الجديد «نحتاج الى الكلام عن كيفين» المتحدث عن أم تحاول ان تحكي حكاية ابنها الذي قتل في المدرسة الثانوية عدداً من رفاقه والأساتذة. في هذا الإطار، قد يبدو الفيلم شبيهاً بـ «فيل» فان سانت، الذي فاز في «كان» قبل سنوات، في الوقت الذي قد يبدو فيه الفيلم الذي شارك به هذا الأخير في هذه الدورة من «كان» - «قلق»- أقرب الى سينما لين رامزي المعهودة... فهل في الأمر صدفة؟

ما الذي يبقى بعد هذا؟ الكثير والكثير الذي سنعود إليه، ويشغلنا ويشغل كل الصحافة السينمائية في العالم للأسابيع وربما للشهور المقبلة، من «هافر» للفنلندي كوريزماكي، الى «الفتى ذو الدراجة» للأخوين داردين، وجديد كاوازي «هاينزو نوتسوكي»... أفلام وأفلام، وصور وصور وصور ونظرات الى العالم، غير اننا، منذ الآن نراهن على ان بعض أجمل هذه الصور، سيكون لنساء عربيات... وليس فقط في فيلم نادين لبكي، بل خصوصاً في فيلم «ينابيع النساء» للروماني المقيم في فرنسا، رادو ميهاليانو، والذي جمع فيه ثلاثاً من اجل الممثلات الفرنسيات ذوات الأصول المغربية (ليلى بختي، حفصية حرزي وسابرينا وزاني) في حكاية ريفية عربية، عن نساء يعلنّ إضراباً عن الحب احتجاجاً على الظلم اللاحق بهن. ومؤكد ان المقاربة ستفرض نفسها هنا، مع فيلم نادين لبكي... من حول المرأة العربية وحياتها ومواقفها.

الحياة اللندنية في

22/04/2011

 

نادين لبكي في «نظرة ما» من «كان» على لبنان الممزق

بيروت - فيكي حبيب 

لم يأتِ اختيار الدورة الجديدة من مهرجان «كان» لفيلم السينمائية اللبنانية الشابة نادين لبكي «هلق لوين؟»، مفاجئاً. على الأقل، بالنسبة الى أولئك المراهنين على موهبة هذه المخرجة الثلاثينية التي عرفت كيف تقتنص الحضور بين أسماء كبيرة في المهرجان السينمائي الأعرق، مرةً، ولم يكن غريباً ان تفعلها مرةً ثانية.

لماذا نادين لبكي؟ قد يسأل بعض الحاقدين على كل نجاح. وربما سيكون بعض الإجابة في استعادة ما توقعناه على هذه الصفحات لهذا الفيلم قبل ايام من انتهاء السنة المنصرمة في معرض مقال يستشرف آفاق السينما اللبنانية للسنة الجديدة. كتبنا حينها: «(...) لم يعد مبالغاً أن تتطلع مشاريع لبنانية كثيرة للوصول الى المهرجان الأعرق في العالم («كان»). ولا نكون هنا كمن يضرب في الرمال إن قلنا ان أكثرها حظوظاً في الموسم المقبل فيلم نادين لبكي الروائي الطويل الثاني الذي أنهت تصويره قبل أيام. فمن يعرف المنتجة الفرنسية آن دومينيك توسان لا يتردد في القول إنها كما عرفت كيف تصل بـ «سكر بنات» الى «كان»، لن تعجز عن إعادة الكرة مع الفيلم الجديد. ومنذ الآن، تبدو قصة الفيلم من قماشة تلك القصص التي تدغدغ مهرجاناً مثل المهرجان الفرنسي: «في قرية لبنانية نائية حيث يعيش المسيحيون والمسلمون بسلام جنباً الى جنب، تحاول مجموعة من النساء نهي الرجال عن الدخول في أتون الحرب».

باختصار، «نساء وحرب وتعايش ديني» ثالوث قادر على اختراق اكبر المهرجانات وأصعبها، خصوصاً إذا توافرت فيه الحساسية النسائية العالية التي ميّزت فيلم نادين لبكي الأول «سكر بنات»، ما ساهم يومها في تحقيق هذا الأخير نجاحاً كبيراً وتسويقه في عدد كبير من البلدان الأوروبية وفي أميركا، في سابقة بالنسبة الى فيلم لبناني، بل بالنسبة الى فيلم عربي».

يومها، لم نخشَ تسمية «هلق لوين؟» («الآن، الى أين؟») دون سواه، مراهنين على موهبة لبكي الفذة وعلاقات توسان الواسعة.

وواضح ان الرهان كان في محله باختيار هذا الفيلم ليمثّل العرب في تظاهرة «نظرة ما» في المهرجان الفرنسي، إلى جانب فيلم «على الحافة» للمخرجة المغربية ليلى الكيلاني الذي يشارك في تظاهرة «أسبوعي المخرجين»... ما يعني ان السينمات العربية كلها من المحيط الى الخليج، عليها ان تكتفي بهذين التمثيلين النسائيين في أكبر مهرجان عالمي.

الآن، نتوقع ان يثير «هلق لوين؟» سجالات ويفتح نقاشات حول موضوعه المثير الذي يعود الى عهد لم تطوَ صفحته بعد: «الحرب اللبنانية». ولعل في ملخص الفيلم جزءاً من الصورة: «على الطريق المؤدي الى مقبرة القرية، نساء متشحات بالسواد يَسِرنَ تحت حرارة شمس حادة، جاذبات نحوهنّ صور أزواجهن، آبائهنّ أو أبنائهنّ...

بعضهن يرتدين الحجاب، وأخريات يضعن الصليب على رقابهن، وجميعهنّ يشتركن في الحداد ذاته، قبل ان تنقسم المسيرة الى اثنتين...

ضمن خلفية بلد مزقته الحرب، يتناول «هلق لوين؟» إصرار مجموعة من النساء من مختلف المذاهب، على حماية عائلاتهن وقريتهن من التهديدات الخارجية. هدف واحد يوحدهنّ: تشتيت انتباه الرجال وإبعادهم عن الحرب بجعلهم ينسون غضبهم والاختلاف في ما بينهم. ولكن حين تأخذ الأحداث منحى تراجيدياً، ماذا يمكن ان تفعل النسوة لتجنب خسارة ما تبقى؟».

سؤال سيرد عليه العرض العالمي الأول لـ «هلق لوين؟» في مهرجان «كان» خلال الأيام القليلة المقبلة. اما الآن، فنكتفي بالقول ان الفيلم رُصدت له موازنة قدّرت بأربعة ملايين يورو، وكتبت له السيناريو لبكي وجهاد حجيلي ورودني الحداد بالاشتراك مع توماس بيدجين، وهو من إنتاج «آن ماري توسان- أفلام تورنيل». أما البطولة فأسندت الى عادل كرم وأنجو ريحان. ولعل خيار البطولة هذا، قد يبدو لوهلة في غير محله، خصوصاً ان هذا الثنائي عرفه الجمهور اللبناني في البرنامج الترفيهي الساخر «لا يملّ»، ولكن حين ننسى هذا البرنامج ونتذكر الدور المميز الذي لعبه عادل كرم تحت إدارة نادين لبكي في «سكر بنات» ومساهمات انجو في المسرح والسينما وحتى الإعلانات (تجسيدها المميز لإعلان عن حقوق المرأة اللبنانية) ندرك ان نادين لبكي تعرف جيداً ماذا تريد، أو على الأقل تمتلك عيناً ثاقبة لرصد طاقات لبنانية شابة لم تُعط المساحة المناسبة لتقول كل ما لديها.

ولعل هنا قوة لبكي التي لفتت إليها الأنظار منذ أعمالها الأولى في الإعلانات أولاً، ثم الكليبات، قبل ان تشق طريقها بثقة كبيرة في عالم السينما مع «سكر بنات» الذي حقق نجاحات من حول العالم، ووزع الى أكثر من 42 بلداً.

وكالعادة، لن تكتفي لبكي في هذا الفيلم بالإخراج، بل تشارك أيضاً تمثيلاً، هي التي أثبتت قدرتها على الجمع بين المهنتين وباحتراف كبير.

إزاء هذا، لا شك في ان مسيرة نادين لبكي في تصاعد مستمر. فبعد بدايتها الأولى في «كان» قبل أربع سنوات من خلال ثالث أكبر تظاهرة في المهرجان (أسبوعي المخرجين)، تصل لبكي اليوم الى ثاني أكبر تظاهرة («نظرة ما») مع أسماء كبيرة في عالم الفن السابع، مثل غاس فان سانت الذي يفتتح التظاهرة بفيلمه الجديد «قلق» وآخرين لا يقلّون شأناً، وفي جعبتها وجع شعب قد يكون هناك من زوار «كان» من يسمع به للمرة الأولى. فهل ستنجح في اقتناص التصفيق؟

الحياة اللندنية في

22/04/2011

 

إليزابيث الأوروبية وبلموندو الطليعي وبرناردو آخر الكبار

ابراهيم العريس 

ضمن إطـــــار اهتمامه المعتــــاد بتـــــاريخ السينما وتــــكريمه لكبــــار مبدعيـــــها، يكرم مهرجان «كان» في دورته لهذا العام عدداً من هؤلاء. وإذا كان تــــــكريم اليزابيث تايلور الراحـــــلة حديثاً، يفرض نفسه ليس فقط لكونها واحدة من أبرز النجمات في تاريخ الفن السابع، وواحدة من أكثر الممثلات أوروبية في السينما الأميركية، بل كذلك لكونها صديقة قديمة للمهرجان السينمائــــي الفرنسي الكبير، هي التي اعتادت زيارته، في شكل علني أحياناً - ولدوافع إنسانية مثل جمع التبرعات لمكافحة السيدا -، وفي أشكال أقل علنية في أحيان أخرى، فإن التكريمين الأبرز سيكونان من نصيب النجم الفرنسي جان - بول بلموندو من ناحية، والمخرج الإيطالي برناردو برتولوتشي من ناحية أخرى. وذلك إضافة الى تكريمين آخرين ينطلقان من عرض فيلمين: تكريم ستانلي كوبريك بعد 12 عاماً من غيابه، عبر عرض نسخة مرممة من فيلمه الأشهر «البرتقال الآلي» وتكريم الأميركي جيري شاتسبرغ عبر عرض فيلمه: «صورة مفككة لطفلة ساقطة».

من المؤكد مبدئياً ان تكريم بلموندو، في حفل خاص يوم 17 أيار (مايو) سيكون مناسبة اجتماعية صاخبة. ولكن مناسبة فنية أيضاً... إذ عبر سمعة هذا الممثل الظريف النجومية والتذكير بكونه لعب أدواراً بطولية في عدد كبير من أكثر الأفلام ذات النجاح التجاري في تاريخ السينما الفرنسية (والإيطالية أيضاً)، ستكون المناسبة صالحة أيضاً للتذكير بأن بلموندو كان في بداياته فناناً طليعياً، مثّل في بعض أبرز أفلام مخرجي الموجة الجديدة، من جان - لوك غودار (في الفيلمين الأشهر لهذا الأخير «على آخر رمق» و«بيارو المجنون»)، الى كلود شابرول ولوي مال... وصولاً الى الإيطاليين دي سيكا ولاتوادا، والفرنسيين جان بيار ملفيل وفرانسوا تروفو وآلان رينيه. ربما يكون المهتمون بالسينما الجادة غير غائبين عن إدراك هذه الحقيقة وتذكّرها، غير ان التكريم «الكاني»، سيكون أشبه بتذكير للجمهور العريض ولجيل اليوم من هواة السينما، بأن بلموندو«ليس النجم الخفيف الذي يعتقدون»... هو الذي عرف في أحيان كثيرة كيف يضع شعبيته وقوة أدائه في خدمة سينما توصف عادة بأنها «صعبة» و«نخبوية».

«صعبة» و«نخبوية» هي كذلك سينما المكرم الآخر، ولكن في حفل الافتتاح، مساء 11 أيار، السينمائي الإيطالي الكبير برناردو برتولوتشي، الذي يمكن اعتباره - مع فارق السن - آخر الكبار المتبقين من أجيال العمالقة في الفن السابع الإيطالي والعالمي، حتى وإن كان قد غاب عن ساحة الإخراج منذ عام 2003 حين حقق فيلم «الحالمون» (أو«الأبرياء»)، الذي أتى أشبه بسيرة ذاتية مواربة له، وكذلك بسيرة ما لربيع أيار 1968 الفرنسي. في هذه الأيام، وإذ يكرم وسط ما يبدو انه غياب في مهب النسيان، ينتفض برتولوتشي سينمائياً من جديد، حيث ينجز حالياً أشغال ما بعد التصوير لفيلم جديد له عنوانه «أنا وأنت» يرجح البعض أن يكون فيلم الافتتاح لدورة العام المقبل من مهرجان «كان». وفي انتظار ذلك، وإذ يعيش برتولوتشي هذه الأيام عامه الواحد والسبعين ويبدو، نظرياً على الأقل، منتمياً الى جيل سابق، يأتي التكريم - الصاخب بالتأكيد - في «كان» ليضمه الى الكبار، الذين ما فتئ هذا المهرجان «يُدخلهم» تاريخ الفن السابع من الباب العريض وعبر سعفة ذهبية خاصة، من برغمان وجان رينوار ثم يوسف شاهين في الماضي، الى وودي آلن وكلينت إيستوود في أزمان أقرب الينا. والحقيقة ان مهرجان «كان» لا يفعل إلا الصواب حين يضم هذه الالتفاتة في سهرته الافتتاحية وبالتواكب مع عرض فيلم وودي آلن الجديد «منتصف الليل في باريس» (خارج المسابقة)، الى مخرج يحمل اثنان من أبرز أفلامه إما اسم العاصمة الفرنسية، أو صورة لجزء من تاريخها. ونعني بهذا فيلميه الأشهر «آخر تانغو في باريس» (1972)، و«الحالمون» (2003). غير ان اللافت هنا هو أن كلاً من هذين الفيلمين شكل فضيحة (أخلاقية) حين عرض، كما كانت حال فيلم آخر لبرتولوتشي وهو«لا لونا» (1979) من تمثيل جيل كلايبرغ... كما ان اللافت أيضاً هو واقع ان هذه الأفلام الثلاثة تعتبر من أقل أفلام برتولوتشي تجديداً وقوة من الناحية الفنية. ذلك ان أفلام هذا الفنان الذي بدأ مساعداً لفيسكونتي وبازوليني، وبدأ حياته متشرباً الشعر (إرثاً عن أبيه) والثورة (لكونه من فتيان سنوات الستين الصاخبة) والثقافة الفرنسية، أفلامه الكبرى هي غير هذه... هي: علامات في تاريخ السينما، تحمل - كما نرى في مكان آخر من هذه الصفحة - عناوين كبيرة، مثل: «قبل الثورة» و«الشريك» و«إستراتيجية العنكبوت»، ثم بخاصة «القرن العشرون 1900» و«الإمبراطور الأخير» و«السماء الواقية» (أو«شاي في الصحراء») و«الممتثل». وانطلاقاً من هنا، ولمناسبة هذا التكريم الذي آن أوانه لواحد من كبار مبدعي الفن السينمائي، نتوقف في الفقرات المجاورة عند بعض أبرز سمات حياته وفنه.

الحياة اللندنية في

29/04/2011

 

"لا خوف بعد اليوم" بدأ تصويره قبل فرار ابن علي

تونس تنافس على سعفة "كان" بفيلم عن ثورة الياسمين

تونس – وكالات 

يشارك الفيلم الوثائقي "لا خوف بعد اليوم"، الأول من نوعه عن "ثورة الياسمين" في تونس للمخرج مراد بن الشيخ، ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان "كان" السينمائي، الذي يُقام من 11 إلى 22 مايو/أيار المقبل، وفق ما أعلن المنتج التونسي حبيب عطية.

وقال عطية لوكالة "فرانس برس" السبت 30 إبريل/نيسان "القائمون على المهرجان اختاروا الفيلم للمشاركة في المسابقة الرسمية للفوز بالكاميرا الذهبية"، ما اعتبره "فرصة هامة ومشاركة تبعث على الافتخار بالنسبة للمخرج والمنتج ولتونس كلها".

وشدد على أن أهمية هذه الفرصة تكمن في أنها "تأتي بعد غياب طويل للسينما التونسية في هذا السباق"، مذكرا بأن "آخر مرة شاركت فيها تونس في المسابقة الرسمية تعود إلى أكثر من عشر سنوات من خلال فيلم (موسم الرجال) لمفيدة التلاتلي".

وفي السياق ذاته سجلت وزارة الثقافة التونسية "اعتزاز قيمة حضور تونس في هذه التظاهرة السينمائية الدولية العريقة"، واصفة المشاركة "بالحدث المتميز".

واعتبرت الوزارة أن "مساندة الأعمال الفنية التونسية تحقق الإضافة النوعية والإشعاع الثقافي" لتونس ما بعد ثورة الياسمين.

وفيلم "لا خوف بعد اليوم" إنتاج مؤسسة "سيني تي لي فيلم" أكبر شركة إنتاج في تونس منذ تأسيسها مطلع الثمانينات على يد الراحل أحمد بهاء الدين عطية.

ويتناول الفيلم على مدى 73 دقيقة يوميات شخصيات وطنية وحقوقية وإعلامية ونشطاء سياسيين ومواطنين عاديين خلال الثورة الشعبية، التي شهدتها تونس اعتبارا من منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني.

ومن بين هذه الشخصيات راضية النصراوي المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، والمدونة لينا بن مهني، والصحفي كارم شريف وأفراد عائلته.

وبدأ المخرج التونسي تصوير المشاهد الأولى للفيلم قبل أيام قليلة من فرار الرئيس التونسي من البلاد، واستمرت عملية التصوير حتى 15 إبريل/نيسان.

ودرس مراد بن الشيخ الفنون الجميلة قبل أن يتخصص في السينما، ومن أعماله التسجيلية "السينما في البلدان العربية" 1997م، و"حكايات المتوسط" 2007م، كما أخرج فيلمين قصيرين "راعي النجوم" و"الغفران جنة وجحيم".

وتنظم الغرفة النقابية الوطنية لمنتجي الأفلام بدعم من وزارة الثقافة والمحافظة على التراث التونسية بالمناسبة جناحا للتعريف بتونس "كوجهة ملائمة لتصوير الأفلام الأجنبية"، ولقاءات بين السينمائيين والمهنيين التونسيين ونظرائهم في مختلف أنحاء العالم حول أعمالهم السينمائية؛ للتعريف بمختلف التظاهرات السينمائية في تونس ومن أبرزها أيام قرطاج السينمائية، التي ستُقام في خريف عام 2011م.

وفي البرنامج أيضا تكريم لـ"أبي السينما التونسية" الراحل طاهر شريعة مؤسس أيام قرطاج السينمائية في عام 1966م، أعرق التظاهرات السينمائية العربية والإفريقية، الذي غيبه الموت في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2010م عن عمر يناهز 83 عامًا.

وسبق لمهرجان كان أن احتفى بالسينما التونسية في مناسبات عديدة لا سيما عام 2006م ضمن قسم "كل سينمات العالم"، الذي يهدف إلى إبراز الخصوصية الثقافية للإنتاج المحلي.

الـ mbc.net في

30/04/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)