حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان الخليج السينمائي الرابع ـ 2011

لماذا يخشى صناع الأفلام فى الخليج من كلمة «رقابة»؟!

كتب عصام زكريا

فى دورته الرابعة التى تعقد حاليا (فى الفترة من 14 إلى20 أبريل) يشب مهرجان الخليج عن الطوق ويثبت أنه كبر كفاية لكى يصبح واحدا من المهرجانات العربية المؤثرة والمهمة على خريطة السينما العربية.

حتى أعوام قليلة مضت لم يكن للسينما فى بلاد الخليج وجود يذكر، سوى محاولات متناثرة هنا وهناك لا تشكل معا نهرا يمكن ملاحظته ويمكن أن يغذى الثقافة والمجتمع فى هذه البلاد.. ولكن سرعان ما تتغير الدنيا من حولنا.. وما كنا نعتقد أنه أمر بعيد المنال ويحتاج إلى سنين وعقود لتغييره ها هو يتبدل بسرعة الضوء أمام أعيننا بفضل الأجيال الجديدة من الشباب الذين وصلوا إلى المستقبل وعايشوه فى غفلة من الأجيال السابقة النائمة.

أتابع السينما الخليجية منذ ولادتها قبل حوالى عشر سنوات.. وهو تقريبا نفس عمر «السينما المستقلة» - كما نطلق عليها فى مصر. هذه السينما التى ولدت من رحم التكنولوجيا الرقمية فى الكاميرات الحديثة والكمبيوتر وأجهزة الموبايل.. تلك التكنولوجيا التى لم تكتف بصنع أفلام وتسجيل وقائع ولكنها صنعت ثورات غير مسبوقة فى التاريخ العربى.

أتابع هذه السينما كما أتابع صناعها منذ حوالى عشر سنوات وكنت فى الفترة الأخيرة أشعر أنها وصلت إلى طريق مسدود وأنها استنفدت كل إمكانياتها ومواهب صناعها ولم يعد لديها القدرة على التقدم أو التطور.. ولكن الحقيقة أن هذا الجمود لم يكن سوى إعلان عن جمود المجتمع العربى نفسه، ولم يكن الطريق المسدود سوى مفترق طرق توقف أمامه الشباب طويلا، حائرين ومرتبكين وعاجزين عن اتخاذ قرار، قبل أن يقرروا أخيرا أن على المجتمعات أن تتغير أولا قبل أن تتغير السينما.

قد ينطبق الكلام السابق على مصر أو تونس مثلا أكثر مما ينطبق على بلاد الخليج الراسخة فى جمودها كما يبدو للعين المجردة.. ولكن الأفلام وصناعها الذين يأتون بالعشرات ويتضاعف عددهم كل عام يعكسون قلقا ورغبة فى التغيير ربما تكون غير مدركة بالنسبة لهؤلاء الشباب أنفسهم.. وقد كتبت فى العامين الماضيين عن بعض الأفلام السعودية والكويتية والإماراتية والبحرينية وكيف أنها تشكل ثورات صغيرة مراوغة للرقباء والمشاهدين ضد كل ما هو جامد ومتخلف فى هذه المجتمعات.

لا يحب صناع الأفلام الخليجيون أن يتحدثوا علنا عن الرقابة، والحال نفسه مع السوريين مثلا، وعندما كنت أسأل أو أتحدث عن الرقابة أواجه بالصمت أو تحويل مجرى الحديث إلى شىء آخر، ولكن خلال الليلة الأولى من جلسات مهرجان الخليج وجدت أن هذا هو السؤال الأساسى الذى يطرحه صانع أفلام بريطانى على الشباب الحاضرين.. وكما توقعت تم تجاهل سؤاله.. ومع علمى بأنهم لن يحبوا إجابتى فقد تطوعت بها وقلت له إن السينما هى المجال الأول لاختراق المحرمات فى العالم العربى لأسباب كثيرة منها قدرتها على الوصول والتأثير فى عدد كبير من الناس، ومنها أن وسيط الصورة نفسه من المحرمات وتأثير صورة واحدة عادة ما يكون أضعاف تأثير ألف كلمة،

ومنها أن للسينما لغة عصية على الإمساك وشفرات بين صناع الأفلام وجمهورها قد تغيب على المراقب الخارجى.. ومن هنا أرى أن السينما العربية، حتى الأكثر تجارية منها كما فى مصر، استطاعت دائما أن تتحايل على الرقابات الرسمية والاجتماعية وتمرر أفكارا تمردية وثورية، أو على الأقل تخريبية، عديدة.

ولا يحب صناع الأفلام الخليجية كلمات من نوع التمرد والثورة والتخريب.. ويرتبكون عادة حين يأتى ذكرها.. وبعضهم يرد بالإجابات المتوقعة من عربى مسلم محافظ.. ولكن هذا الارتباك والردود المعلبة لا تنفى أن هناك قلقا وتمردا شديدا يختفى تحت السطح وأنه سينفجر فى يوم من الأيام، بل هى دليل على أنهم يخشون على أعمالهم وأفكارهم من بطش الرقابة فعلا، ويرغبون فى إنجازها دون أن ينتبه لهم حراس الرقابة الساهرون!

يبدو أننى قفزت إلى قلب المهرجان سريعا دون أن أقوم بالعمل الصحفى الإخبارى أولا.. أعتذر وإليكم بعض المعلومات الأساسية:

كما ذكرت هذه هى الدورة الرابعة من المهرجان الذى يعقد سنويا فى دبى، وتنظمه هيئة دبى للثقافة والفنون، ويعتبر بشكل ما الفرع المحلى من مهرجان دبى الدولى بحكم إدارته تحت رئاسة عبدالحميد جمعة والمدير الفنى مسعود أمر الله. الكتلة الأساسية من المهرجان هى مسابقة الأفلام الخليجية، والتى تنقسم إلى خمسة أفرع: الفيلم الروائى الطويل، والوثائقى، والروائى القصير، ومسابقتان لأفلام الطلبة الوثائقية والقصيرة.

أضيف إلى هذه المسابقات هذا العام مسابقة دولية للفيلم الروائى القصير.. وبالإضافة للمسابقات يضم المهرجان أقساما أخرى للأفلام الخليجية والعالمية، وقسما لأفلام الأطفال، كما ينظم برامج خاصة لمخرجين عرب وأجانب وهذا العام مثلا هناك برنامج للمخرج الإيرانى عباس كياروستامى.. ليس هذا فحسب، ولكن كياروستامى الذى يعد واحدا من كبار معلمى السينما فى العالم قام بعقد دورة دراسية للشباب بدأت قبل انعقاد المهرجان بأيام.

يكرم المهرجان أيضا صانع الأفلام الفرنسى جيرار كوران.. وهو مخرج طليعى يصنع منذ السبعينيات تجارب خاصة جدا من الصعب العثور على اسم أو توصيف لها.. وإن كان من بينها مثلا مشروع لتصوير وجوه مشاهير السينمائيين فى العالم لمدة دقائق يجلس فيها كل منهم أمام الكاميرا الثابتة لمدة دقائق معدودة بدون كلام يصنع فيها ما يشاء دون أن يتحرك أو ينهض من موقعه!

المهرجان بشكل عام ملتقى نادر للأفلام غير التقليدية، سواء البدائية التى يصنعها شباب غير دارسين وحتى الأفلام المتطورة جدا التى يصنعها سينمائيون محترفون ضد السينما التجارية السائدة. النموذج الثانى نجده فى عباس كياروستامى مثلا، بينما النموذج الأول نجده فى فيلم افتتاح المهرجان «طفل العراق» الذى صنعه شاب فى العشرين من العمر عراقى مهاجر إلى الدنمارك حمل كاميرا صغيرة وعاد بها إلى مسقط رأسه فى العراق ليصور عائلته والأحداث اليومية التى يمر بها.. وقد أثار الفيلم ببساطته البدائية وتأثيره العاطفى الكبير جدلا واسعا من المناقشات حول مدى استحقاقه لأن يكون فيلم الافتتاح أو اعتباره فيلما من الأصل، فى حين تحمس له البعض واعتبروه مثالا للأفلام المضادة للسينما والدراسة السينمائية الأكاديمية.

بشكل عام، وحسب الأفلام التى أتيح لى مشاهدتها حتى الآن، يمكن أن أقول أن هناك طفرة نوعية فى مستوى الأفلام الخليجية، وأن مهرجان الخليج الذى كان يحتفل فيما سبق بأى صانع أفلام خليجى لمجرد أنه يصنع أفلاما أصبح الآن ينتقى الأفضل من عشرات الأفلام التى ترسل إليه، وقد شهد هذا العام رقما قياسيا فى عدد الأفلام الخليجية المشاركة وصل إلى 114 فيلما كما تشهد دور عرض المهرجان إقبالا متزايدا حتى أن المقاعد تمتلئ بالكامل فى معظم العروض، وهو ما يعكس مدى انتشار السينما وتعلمها وتطور صناعها فى بلاد الخليج خلال السنوات الماضية.

صباح الخير المصرية في

19/04/2011

 

السينما تضع إصبعها على اوجاع العراق

دبي - من هدى ابراهيم 

مهرجان الخليج في دورته الرابعة: مرآة للمجتمعات واسئلة عن الهوية وتمرد على الممنوع.

يعتبر مهرجان الخليج السينمائي مرآة تعكس نبض المجتمعات الخليجية الآخذة في التحول الاقتصادي السريع والتي تواجه تحديات جمة في تحولاتها وعلاقتها بالحداثة والحرية المنشودة في أكثر من بلد عربي.

وصورت افلام المشاركين في الدورة الرابعة من مهرجان الخليج السينمائي، ولاسيما الشباب منهم، زمنا قبل الثورات يحمل ارهاصات المطالبة بالحرية.

ويختتم المهرجان بحفل لاعلان الجوائز يقام مساء الاربعاء.

وجاءت افلام الطلبة خصوصا لتعرض وتحتج، وتنقل واقع المجتمعات العربية التي تنتمي اليها، وازماتها وروحها.

ولم تسكت افلام الطلبة التي تنوعت بين وثائقي وروائي قصير عن الممنوع في المجتمعات الخليجية، فتطرق السعودي منصور البدران في "كاميرة ماهر" لموضوع التصوير الفوتوغرافي في المكان العام، وهو امر ممنوع في بلاده.

وصور هذا الشريط جملة مواقف يتعرض لها احد المراهقين من هواة التصوير نتيجة رغبته المشاركة في مسابقة تصوير عن الاماكن السياحية، وهي مواقف مقتبسة عن تجارب شخصية حقيقية.

وفي مقارعة الممنوع ايضا، صور فيلم وثائقي يحمل اسم "غن اغنيتك" من اخراج العراقي فلاح عمر معاناة فرقة موسيقية صغيرة تغني في الاعراس، من انتشار مفهوم تحريم الموسيقى في العراق اليوم.

وتناول عدد من الافلام التي تفوق فيها الجانب الوثائقي على الروائي جوانب انسانية مثل موضوع هجرة المسيحيين من العراق نتيجة العنف، او اضطرار احدى الفتيات العراقيات الصغيرات للتنكر بمظهر صبي لاعالة عائلتها عن طريق جمع العلب الفارغة من الشوارع في عربة.

كما تطرقت افلام طلاب آخرين الى مسائل مثل الخوف على اللهجة أو اللباس التقليدي مثل "الكندورة" من الاندثار، أو التأثر بالموضة والولع بتقليد الغرب.

غير ان ابرز فيلمين من الامارات في مسابقة الطلبة كانا "شعوب وقبائل" لميسون آل العلي الذي يدعو لتفهم الآخر ويجعل من الاختلاف بين مكونات المجتمع سبيلا للاحتفاء بالتنوع، و"رابيت هول" الذي تسأل فيه فاطمة ابراهيم عن اسباب ازمة الهوية التي يعيشها الشباب في الامارات والتي تشبه ازمة الشباب في الخليج عموما.

الافلام الروائية القصيرة ضمن المسابقة التي ضمت 36 شريطا عالجت شتى المواضيع ايضا. وبرز منها الاماراتي "كرة، حبيبي" لعبدالله احمد الذي يصور يوميات اطفال يحاولون كسر ملل العطلة الصيفية من خلال إدخال فتاة الى فريقهم لكرة القدم.

وتناولت بعض الأعمل موضوع التطرف الديني، كما في "محطة رقم واحد" للكويتي صادق بهبهائي. بينما تناول الكويتي فؤاد المتروك موضوع غزو العراق للكويت من خلال قصة انسانية.

كما يصور "بقايا بشر"، وهو ايضا فيلم كويتي، قصة الصراع النفسي والاجتماعي الذي يعيشه جندي اميركي سابق في العراق ومعتقل كويتي سابق في غوانتانامو يلتقيان في الفيلم.

وقد شاركت الكويت هذا العام بأحد عشر فيلما في المهرجان.

وانطوى الفيلم الاماراتي "موت بطيء" لجمال سالم على شيء من الطرافة في معالجته لقصة رجل قضى ثلاثين عاما في الامارات، ويكون عليه ان يرحل بعد انتهاء خدمته لكنه يرفض.

وشارك 20 شريطا في مسابقة الافلام الوثائقية ذات المواضيع المختلفة وإن كان العراق هو الحاضر الأكبر سواء من خلال مواضيع هذه الافلام أو مخرجيها.

وصور فيلم "الانفال شظايا من الحياة والموت" لمانو خليل ومن خلال شهادات حية فظاعة ما تعرض له الاكراد ابان عهد الرئيس السابق صدام حسين.

وتناول "اينما نعيش" ماساة عائلة عراقية هاجرت الى الولايات المتحدة بعد تعرض ابنائها للخطف. بينما صور "إيران-الجنوب الغربي" مأساة بيئية نقلت قصة جفاف الاهوار في هذه المنطقة على الحدود العراقية الايرانية، التي هجر منها السكان الى مناطق مجاورة عقب اكتشاف النفط فيها.

وروى شريط "موت معلن" كيفية تحول مسرح بغداد الى مسرح للتعذيب بين العامين 2006 و2007 على ايدي عصابات مسلحة استولت عليه بعد ان كان منارة للثقافة.

في سياق مختلف، صور قاسم عبد في "اجنحة الروح" بجمالية عالية طقسا صوفيا في السودان قرب ام درمان دون تدخل منه في الصورة الحية التي تكلمت بنفسها.

وتميز من بين الاعمال الوثائقية خصوصا فيلم "ريتشارد الثالث شخصية عربية مهمة"، الذي لاحقت فيه الكاميرا عملا مسرحيا كويتيا شارك فيه ممثلون من سوريا ولبنان والعراق، وفيه تلميحات الى الاوضاع العربية.

وتناولت اليمنية خديجة السلامي في "الوحش الكاسر" موضوع الفساد في اليمن، في فيلم صورته على مدى ثلاث سنوات سبقت ما يجري اليوم في بلدها.

وفي البورتريهات، صورت نجوم الغانم قصة "حمامة"، المرأة المسنة التي تمتلك قدرات كبيرة على التطبيب العربي، بينما التفت فيلم اماراتي آخر الى بصيرة رجل مسن لا يبصر، وصور فيلم ثالث حياة رجل يعمل منذ حداثة سنه في جمع الحجارة.

وقدم السعودي فهمي فاروق فرحات شريطا تناول تقاليد الزواج السعودي في السابق، وتحديدا في منطقة الحجاز، من خلال رواية شخصين مسنين وحديثهما عن الزواج كمفهوم وعن دور المراة الزوجة في حياتهما.

ويعيد المخرج في هذا الفيلم الانيق والجميل تركيب العرس والاهازيج التي تحيط بالعريس قبل وصوله الى بيت العروس.

فهمي فاروق مشارك ايضا في مسابقة الفيلم الروائي الطويل بشريط "المؤسسة" الذي يبحث في امكانية اختلاط النساء والرجال في مكان العمل.

وشاركت ستة اعمال روائية في هذه المسابقة من قطر والسعودية والعراق.

وشارك في الدروة الرابعة من المهرجان 153 شريطا بينها 114 من الخليج وفي غالبيتها العظمى من الاعمال القصيرة.

ميدل إيست أنلاين في

20/04/2011

 

افتتاح مهرجان دبي "بطفل العراق" .. الجحيم القاتم

محمد موسى - دبي  

اختار مهرجان الخليج السينمائي أن يفتح دورته الرابعة، والمنعقدة حاليا في مدينة دبي الإماراتية، بفيلم تسجيلي بعنوان "طفل العراق" قاتم عن العراق والعراقيين. فمن بين مجموعة الأفلام العراقية المشاركة في المهرجان، والتي يصل عددها إلى أربعة وعشرين فيلما موزعة على مسابقات المهرجان وتظاهراته، وقع الاختيار على فيلم الشاب العراقي علاء محسن ، ليبدأ دورة لم يشأ منظموها أن تكون بعيدة عمّا يضرب العالم العربي من رياح التغيير السياسية. حيث تضمنت كلمتا مدير المهرجان عبد الحميد جمعة، والمدير الفني للمهرجان مسعود أمر الله بحفل الافتتاح يوم الخميس الماضي، تنويهات بثقل الثورات العربية الأخيرة على حركة الفن والسينما، والمسؤولية التي تنتظر صناع السينما، للاستجابة للحركة الاجتماعية والنفسية للشارع العربي.

يقدم فيلم "طفل العراق"، موضوع العودة للبلد الأول للمخرج، وبعد سنوات طويلة من الحياة في بلد آخر( الدنمرك هذه المرة). هذه العودة، كانت قد قدمت في أفلام تسجيلية عراقية عديدة، أنتجت في السنوات التي أعقبت نهاية نظام صدام حسين في عام 2003. إذ قام مجموعة من السينمائيين العراقيين بتسجيل عودتهم الفعلية إلى العراق، وقدموها في أفلام، تأثرت ظروف إنتاج معظمها بالوضع الأمني الصعب في العراق في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد اندلاع العنف الطائفي والاثني، واقتراب العراق من حافة السقوط في حرب أهلية طويلة. إذ ضرب العنف المتصاعد بخطط المخرجين السينمائية. إضافة إلى قسوة المفاجأة التي كانت تنتظر معظمهم، من التغييرات الهائلة التي ضربت البلد في السنوات الثلاثين الأخيرة، وتكسر تلك الصورة المغلفة بالمثالية التي كانوا يحملونها عنه.

رغم تشابه الرحلة التي قام بها علاء محسن مع الرحلات التي قطعها مخرجون عراقيون آخرين، إلا أن الفرق الأساسي بين فيلم "طفل بغداد" وأفلام تسجيلية عراقية مشابهه، هو الفرق بين الجيل الذي ينتمي إليه المخرج الشاب، وذلك للمخرجين العراقيين الآخرين، والذين عاشوا تجارب هجرة مختلفة بظروفها عن التي يمر بها جيل من العراقيين الشباب (وصف العراقيين غير أمين هنا تماما)، عاش معظم حياته في دول غربية، لا يملك ذكريات واضحة أبدا عن البلد الذي تركوه في سن مبكرة كثيرا. جيل يعاني كثيرا من "تركة" البلد الأصلي التي تعقد اندماجه مع المجتمعات الجديدة. حتى ان "العراق"، تحول نفسه إلى احد عناصر الخلاف بين هذا الجيل وجيل الأباء.

لا يبدأ فيلم "طفل العراق" بعاطفية مؤثرة عن حلم العودة للبلد، كتلك التي بدأتها أفلام عراقية سابقة. فالبطل يفصح ومنذ المشاهد الأولى في الدنمرك بأنه لا يرغب العودة إلى العراق، هو يدفع بقوة إلى تلك الزيارة. وان استجابته آخرا وبعد تردد لسنوات، جاءت لإرضاء والدته، التي تركت له تذكرة العودة جاهزة على منضدته، قبل أن تتوجه هي نفسها مع بقية العائلة إلى مدينة الديوانية في العراق.

الرحلة التي قطعها الشاب إلى بلده والتي بدأت من بغداد، قبل أن تتجه جنوبا إلى "الديوانية"، ستتحول إلى كابوس حقيقي للمخرج. الكابوس سينتهي أيضا بفاجعة. فالأم الأربعينية التي كانت تنتظر الابن في مدينة الديوانية، وقدمها الفيلم في مشاهد عديدة، كسيدة تجتهد لإعادة العلاقة بين ابنها وبلدها، ستموت بشكل مفاجئ في العراق،وبعد أزمة قلبية، لتترك الابن يواجه الأزمة الأشد قسوة في حياته.

لا يتضمن الفيلم إشارة عن زمن تصويره. فالفيلم يبقى، وعلى الرغم من التحسن الأمني الملحوظ وخاصة في مدن الجنوب العراقي داخل البيوت العائلية للمخرج، وتندر المشاهد الخارجية فيه. قام المخرج بنفسه بتصوير معظم مشاهد الفيلم. ومنها أيضا المفكرة الصورية التي يسجلها باللغة الدنمركية. اللغة الأقرب للشاب من العربية، التي بدت أشبه إلى لغة الطفل الذي لم ينضج، أي تماما، بعمر المخرج عندما اتجهت عائلته إلى الدنمرك، هاربة من ملاحقة أمنية حكومية عراقية.

ما تكشفه مشاهد عديدة من "طفل بغداد"، عن اليوميات العراقية القاسية، من انهيار الخدمات، إلى تقديم بعض من البؤس الذي خلفه النظام السابق، هو أفضل من الكثير مما قدمته أفلام عراقية تسجيلية في السنوات الماضية. لكن الفيلم بالحقيقة، هو عن المأزق الإنساني الخاص لشاب عراقي عادي في بلده. والأعمق بكثير من مشقات قضاء أيام صيفية حارة جدا في العراق، بما تتضمنه من عادات روتينية يومية فرضتها الظروف الجديدة، كالانتقال بين خدمة التيار الكهربائي الحكومية، إلى خدمة المولدات الكهربائية الخاصة. ومحاولات الجميع الهروب من شدة صيف حر عراقي لا يرحم. فالذي لم يفصح عنه الفيلم، وبقي كقاعدة جبل الثلج، الذي شاهدنا قمته فقط في "طفل بغداد"، هو تلك الحياة التي عاشها الشاب "علاء" في الدنمرك، والشروط التي فرضتها عليه. هناك بعض الإشارات فقط، مثل الحديث عن حكومة يمينية تحكم الدنمرك منذ سنوات، والتي أثمرت سياستها المتشددة رفض طلب لجوء سياسي لعم علاء، والذي بعد أن سئم الانتظار في الدنمرك، عاد إلى "الديوانية"، ليخطف ويقتل بطريقة وحشية. كذلك يقدم الفيلم صورة قديمة لعلاء مع طلاب مدرسته الدنمركية، وربما قريبا جدا من السنوات الأولى لوصول عائلته إلى الدنمرك. في الصورة يظهر "علاء" كطفل اسمر نحيل وسط الطلاب ذو الملامح الأوربية. ليس من العسير تخيل المسار الذي أخذته حياة "علاء" في تلك السنوات الأولى في البلد الجديد، من رغبة تلقائية للتأقلم مع الحياة الجديدة، وما يفرضه العراق، والذي يتصدر الأخبار منذ عقدين من الزمان في التذكير بالحياة الماضية. والتمزق الذي يعجز الكثيرين على حمله، أو إيجاد سلام معه.

يبقى الفيلم مع الشخصية الرئيسية، في محاولاتها لاكتشاف "عراق" جديد تقع في حبه. المحاولة تتعثر دائما، لأسباب تتعلق بعدم جهوزية المخرج لتجربة متطلبة مثل هذه. يتعامل المخرج بصدق كبير مع ذاته ومع الكاميرا، لا أقنعه يلبسها أمام الكاميرا ولا يزوق كلماته لتعجب أحدا. هو يقول ما يؤمن به كل مرة. هذا الاتجاه الذاتي في التعاطي مع التجربة، أحال المستوى الفني للتصوير أحيانا، الى قضية اقل شأنا. فالفيلم اقترب بشدة  بالنهاية من بطله، وقدمه في أكثر لحظاته صدقا وانكسارا بتميز لافت.

ليست مشاهد دفن الأم، هي مشاهد الوحيدة للمقبرة في الفيلم. فالأم كانت قد اصطحبت العائلة كلها لزيارة قبر "العم" المقتول وقبل أيام فقط من موتها المفاجئ. مشاهد المقابر تلك الشديدة التأثير، ستترك ندبتها على الابن أيضا، والذي يكشف وبعد أشهر من عودته إلى الدنمرك، إن ذكرى زيارته إلى العراق، لن تدفع به إلى مسافة أبعد من تلك ما قبل الزيارة. العراق عاد مجددا إلى حياة "الشاب" العراقي!

الجزيرة الوثائقية في

17/04/2011

 

سينمائيو العراق يخطفون الأضواء في اليوم الثاني من أيام مهرجان الخليج السينمائي

دبي - محمد جبار الربيعي  

اختتم المخرج العراقي المقيم في لندن قتيبة الجنابي عروض اليوم الثاني بفيلمه الروائي الطويل "الرحيل من بغداد" الذي اثار اعجاب الجمهور لما له من اسلوب متفرد في طرح الموضوع والذي قال عنه المخرج "انه اسلوبي انا ولم اكن استطيع ان اخرجه بغير هذه الطريقة وعليكم ان تتحملوني وتتحملون فيلمي كما هو" , الفيلم يحكي قصة حقيقية للمصور الشخصي لصدام حسين الذي هرب من العراق بسبب انتماء ابنه الى أحد الأحزاب المعارضة ليتنقل بين البلدان للحصول على مأوى يشعره بالطمأنينة لكنه يبقى حبيس ذكرياته وشعوره بالذنب تجاه ماحصل من قبل النظام السابق من جرائم بحق الشعب لأنه يعتبر نفسه جزءا من تلك المنظومة الحاكمة وساندا لها بكاميرته ورضاه عما كان يحصل من انتهاكات يجعله شريكا فيها , الفيلم جمع بين الأسلوب الوثائقي والروائي في مزج موفق بين خيال المخرج والصور المشاهد الوثائقية "القاسية على المُشاهد " ,"كقطع رأس أحد الضحايا بالسيف" ربما أراد المخرج ايلام المُشاهد الى أقصى درجة ممكنة ليتخيل حجم الماساة التي عاشها العراقيون , المخرج عكس خلال تجوال البطل والخوف الذي كان يلفه من أشخاص ربما وهم يتابعونه ويحاولون النيل منه عكس حالته الذاتية وحال كل المغتربين العراقيين في فترة حكم صدام من أن يُتابع ويُقتل ففي المشهد قبل الأخير يتعرض البطل لاطلاق ناري يرديه قتيلا لكن يفاجأ المشاهد في المشهد الذي يليه انه جالسا في غرفته ولازال ينتظر فرصة لتهريبه الى لندن.

الفيلم الثاني الذي عرض في اليوم الثاني كان الفليم الوثائقي " قبل رحيل الذكريات الى الأبد" للمخرجين مناف شاكر وفلاح حسن وهو عن تأريخ السينما الطلابية في العراق منذ ولادتها وحتى الان , الفيلم يعتبر وثيقة مهمة ليس عن السينما الطلابية حسب بل لتأريخ العراق بشكل عام فقد استعرض الفيلم الاحداث السياسية وأثرها وانعكاساتها على السينما الطلابية وكانت جهود المخرجين واضحة في جمع لقطات وثائقية مهمة , مايحسب أيضا لمخرجي الفيلم انهما لم يكتفيا بنقل الواقع وتوثيق أحداث مهمة وشهادات لأساتذة ومخرجين مهمين كانوا طلبة في ذات يوم بل دخلوا في الكادر وحركوا مجريات الأحداث وأبدوا آراءهم بشكل صريح وجريء وحاولا وضع بصمة على مجريات الفيلم .

أما في فئة أفلام الطلبة فتم عرض فيلم "غن أغنيتك" للمخرج عمر فلاح وهو عن مغني اضطر الى تغيير مهنته التي أحبها بسبب تدخل الوضع الأمني الخطير وتعرضه للخطر بسبب هذه المهنة حولها الى بائع للاجهزة الصوتية للمناسبات كما تناول الفيلم أيضا شخصا آخر يترك مهنته الأصلية مصلح آلآت موسيقية الى خطاط الا انه لم يتركها حقيقة "فهو يمارسها خفية" اما المغني فهو يغني لأصدقائه ليطربهم ويطرب نفسه , الفيلم يستهجن فرض قناعات معينة على الآخرين من قبل البعض في العراق الجديد .

الفيلم الأخير بعنوان " نوارس السلام" وهو عن تهجير معتنقي الطائفة المسيحية من قبل أطراف خفية لم تحدد وتنقل المخرج بين بغداد وأربيل والموصل ودمشق ليسجل لعوائل مسيحية مهجرة , مايحسب للمخرج انه تبنى همّ الأخوة المسيحيين وأظهره للعالم مع انه مسلم وفي العادة يحاول المنتمي الى طائفة معينة إظهار مظلومية طائفته .

وسيعرض للعراق في اليوم الثالث من المهرجان "فيلم الارملة ","فحم ورماد" ,"هيرش اخي" ,"ازهار كركوك "و"وداعا بابل".

أدب وفن في

16/04/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)