حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2010

رسالة «وحيد حامد» وصلت للناس في آخر الحلقات

بعد أن وصلت رسالة «الجماعة» علي مدي عشرين حلقة

بقلم : حمدي البطران

وحيد حامد كاتب حر وله رأي، وهو يعد من الكتاب الذين تبنوا قضية ودافعوا عن رأيهم، كما أنه لم يغير رأيه طوال ثلاثين عاما، تبني قضية المواطن البسيط  في أعماله الأولي. ومع مطلع الثمانينات كان أول من نبه الي خطورة فكرة توظيف الأموال، وانتقد المسئولين الذين عملوا مع شركات توظيف الأموال بعد نهاية خدمتهم في الدولة . وعندما بدأت أنياب الإرهاب تنشب في جسد المصريين من الأهالي والأقباط ورجال الشرطة وأصحاب الفكر، كان وحيد حامد أول من تبني بشجاعة منقطعة النظير مقاومة الإرهاب، وذلك في الوقت الذي صمت فيه الكثيرون .

كتب وحيد أعمالا درامية ناجحة تعكس وجهة نظره في قضية الإرهاب كما يراها والرجل من الكتاب القليلين الذين لم تتغير اهتماماتهم أو قضاياهم مثل عدد كثير من الكتاب الذي تتغير آراؤهم من الثمانينات إلي التسعينات إلي الألفية الثانية، وهو معه لا يزيد علي أصابع اليد الواحدة من الكتاب الذين ظلوا تشغلهم الديمقراطية واهتمامات المواطن البسيط وحمايته من سطوة الحكومة والجماعات المتطرفة علي قدم المساواة.

فهو يري أن الإرهاب لا دين له، ويري ونحن معه أن فكرة الدولة الدينية وإن كانت تصلح في دول بدوية وشرقية إلا أن مصر بالذات لها طبيعتها التي ينبغي أن تكون الدولة فيها لجميع أبنائها دون فئة دينية دون أخري.

دعاية الجماعة

مما لاشك فيه أن جماعة الإخوان المسلمين ما كان لها أن تنال تلك الدعاية إلا من خلال  مسلسل الجماعة من تأليف وحيد حامد .

وهو في مسلسل الجماعة الذي أذيع في القنوات كان يود إبلاغ رسالة بالغة العمق إلي الناس، وهي أن السياسة لا تتفق مع الدين، وأن السياسة هي الاغتيالات والنفاق والكذب ونكث الوعود، وأنه لا مانع من التضحية بآخرين في سبيل الوصول للحكم، وأن من يريد التدين فليلتزم بتعاليم الدين الحنيف دون أن يؤذ الآخرين .

رسالة وحيد حامد وصلت للناس في آخر الحلقات، ولكن بعد أن وصلت رسالة جماعة الإخوان المسلمين علي مدي عشرين حلقة

المسلسل أذيع في الفضائيات علي مدي 28 حلقة، ينشر مبادئ وأهداف جماعة الإخوان المسلمين، علي لسان مرشدها العام الشيخ حسن البنا، وفي كل حلقة يقول حسن البنا إننا جماعة دينية نهدف الي إعلاء شأن الإسلام .

وهذا وحده يكفي لأن تلقي الجماعة تعاطفا شعبيا، أما بقية أهداف الجماعة وتطلعاتها السياسية لحكم مصر فهو لا يهم المواطن العادي البسيط .

الجيل الجديد من الشباب كل أفكاره عن جماعة الإخوان المسلمين استمدها من الإعلام الرسمي للدولة بأنها جماعة محظورة تسعي لقلب نظام الحكم والوصول الي السلطة، ويقرأ يوميا أنباء اعتقالات كوادرها وأعضائها، ويتساءل - لماذا تعتقل الحكومة هؤلاء المسلمين ؟

المسلسل أجاب عن أسئلة جيل الشباب الجديد الذي لم يعاصر قضية الإخوان الكبري في عام 1965، وجاءت الإجابة من خلال الحوار الدرامي أن الاعتقالات بسبب محاربة الجماعة لأعداء الإسلام من الإنجليز واليهود، ومحاربة الدولة التي لا تطبق شرع الله .

وبالتالي فكل معلوماته عن تلك الجماعة أنها جماعة إرهابية، شأنها شأن بقية الجماعات التي كانت تقتل الناس في الثمانينات وبداية التسعينات، وهذا في حد ذاته لا يكفي لإقناع بسطاء الناس بعدالة قضية مكافحة جماعة الإخوان لمنعها من الوصول الي الحكم .

يصور المسلسل المقدرة التنظيمية الهائلة لحسن البنا وتطلعاته السياسية، والسرعة التي انتشرت بها الدعوة الي الجماعة الإسلامية، وحماس أعضائها ورغبتهم في رفع شأن جماعتهم . وقدرته الهائلة علي جذب الناس والسيطرة عليهم . ويتابع المواطن العادي رحلة حسن البنا اليومية لتشكيل تلك الجماعة في المساجد، وإعلان رغبته في مقاومة المحتل الإنجليزي، وتطهير مدينة الإسماعيلية من الخمارات وبيوت الدعارة، وإعلانه عن مساندة الملك فاروق ضد المحتل الإنجليزي، وكلها أهداف نبيلة في نظر المواطن البسيط .

أما في نظر المواطن المثقف الواعي والمدرك فهي أهداف مرحلية للوصول الي هدف أعلي هو حكم مصر، وحسن البنا لم يخف أحلامه ولا تطلعاته تلك، فهو صرح بها في بداية حركته في أول المسلسل .

وربما تساءل المواطن المسلم العادي مستسلما: وما الخطر علي الإسلام من جماعة حسن البنا؟

وتكون الإجابة في المسلسل، أن الخطر كان فقط خوف الحكومات المتعاقبة في مصر من هيمنة حسن البنا وجماعته علي مقاليد الأمور، وهي أمور لا تشغل بال المصريين عموما، فهم يرون أن وصول جماعة الإخوان المسلمين الي الحكم شأنها كشأن وصول حزب الوفد أو أي حزب آخر الي الحكم، لم ير المصريون في حكم هؤلاء ما يوجب التمسك، لأجل ذلك ربما تطلع المواطن الي حكم الجماعة كنوع من التغيير الذي ينشده .

أفكار «أبوباشا»

ما حدث في مسلسل الجماعة حدث تماما في أعقاب اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات في أكتوبر 1981، وجاء اللواء حسن أبو باشا كأول وزير داخلية في عهد الرئيس حسني مبارك معتنقا فكرة الحوار مع الجماعات الإسلامية، وان  الحوار يعتبر بداية منطقية وأسلوب جديد يجب ان  تواجه به الدولة التطرف . كان  منطق حسن أبو باشا نبيلا، ويقوم علي الاعتبارات التالية :

- الوصول الي وصول أفكار الجماعات الإسلامية ومصادره الحقيقية .

- مدي اتفاق هذا الفكر مع أحكام القران الكريم والسنة النبوية الشريفة، وما اتفق عليه فقهاء المسلمون علي مر التاريخ .

-ان  تدور المناقشات في حرية تامة دون مصادرة علي رأي أو فكر  . 

وقد بدأ حسن أبو باشا الحوار مع الجماعات الإسلامية في بداية عام 1982 واستمر حتي عام 1984 .

بدأ وزير الداخلية اللواء حسن أبو باشا، ومعه مدير المباحث العامة في ذلك الوقت إجراء اتصالات مع بعض رجال الدين المعتدلين مثل الشيخ محمد الغزالي وعبد الصبور مرزوق وعبد الصبور شاهين،  وتم الاتفاق ان  يقوم التليفزيون بتسجيل تلك الحلقات لإذاعتها بعد ذلك في برنامج " ندوة للرأي " والذي كان يقدمه الإعلامي اللامع حلمي البك، وكان في مواعيد تعتبر ذروة المشاهدة . وقد امتد الحوار ليشمل محافظات أسيوط والمنيا والقاهرة والإسكندرية والإسماعيلية والمصانع والنقابات العمالية، وقد تحقق أكثر من 40 حواراً وأكثر من مائة ندوة، وكان  من المشاركين فيها الدكتور الأحمدي أبو النور والدكتور عبدالله شحاتة.

صحيح أنه كان من رأي اللواء حسن أبو باشا أن هناك بعض التحفظات بخصوص إذاعة الحوارات في التليفزيون، منها أن  إذاعة تلك الحلقات يمكن أن  تفتح بابا للجدل الديني السلبي . ولأجل هذا كان  ينبغي أن  يوافق الدكتور فؤاد محيي الدين رئيس الوزراء في ذلك الوقت علي الفكرة .

عرضت الفكرة علي الدكتور فؤاد محيي الدين رئيس الوزراء في حلقتين تم تسجيلهما، ووافق في النهاية علي إذاعة الحلقات .

كان  حسن أبو باشا يهدف الي حماية الشباب من الوقوع في الفهم الخاطئ، وتحصينهم ضد الدعاوي المغرضة . وإعطاء فرصة للمتورطين في اعتناق الأفكار والتنظيمات المنحرفة لكي يراجعوا أنفسهم بعد ان  يستمعوا الي الشرح الصحيح للفكر الخاطئ والأسانيد الخاطئة .

غير أن حلقات برنامج ندوة للرأي انجرفت نحو مناقشة بعض القضايا الفرعية وليست الأساسية في فكر التكفير والاستحلال والحاكمية التي ظهرت الي الوجود مع أفكار الجماعة الإسلامية . ولم تقترب الحوارات التي أذيعت وقتها من جوهر أفكار التطرف، فقد تركزت معظم المناقشات حول ما يجب أن يرتديه المؤمن، وفضائل إطلاق اللحية والحجاب ,وأخلاق المسلم, وفضائل السواك وغيرها من القضايا الفرعية .

تعاطف مع  المتطرفين

والذي حدث أن الناس وقتها تعاطفت مع المتطرفين عندما شاهدوا قدرتهم علي المجادلة والإقناع، وحفظهم للقران الكريم والأحاديث النبوية، فضلا عن قدرتهم علي الدفاع عن وجهة نظرهم .

كما ساعدت تلك الندوات علي نشر أفكار الجماعات الإسلامية علي الملأ .

وهو ما حدث بالفعل عندما بدأت الجماعة الإسلامية عملياتها ضد الحكومة المصرية في نهاية الثمانينات حتي منتصف التسعينات، فقد كان رجال الشرطة يقفون عاجزين أمام محاولات الاعتداء عليهم، واختباء أعضاء الجماعات في بيوت الناس، وفضلا عن أنه لم تتوافر أي معلومات لدي رجال الأمن عن القتلة أو أماكن تواجدهم، فقد كانوا يختبئون في بيوت الناس وهؤلاء كانوا يمتنعون عن الإدلاء بأي معلومات، أو حتي الإدلاء بشهاداتهم . صحيح أن الناس كانت تخاف من بطش تلك الجماعات ولكن كان نوع من التعاطف الشعبي معهم ربما لأن الناس كانت متأثرة بما أعلن عن أنهم لا يهدفون إلا إعلاء كلمة الله .

وفضلا عن هذا ظهرت في فترة الستينات تنظيمات متطرفة جديدة منها التكفير والهجرة، وطلائع الفتح، والعائدون من أفغانستان، والشوقيون، والناجون من النار والعائدون من ألبانيا، وتنظيمات أخري . وكل تلك التنظيمات ساهمت بنصيب فعال في الاغتيالات والتدمير والخطف والترويع التي كان ضحيتها المصريين .

كنا نتمني أن يعيد وحيد حامد التفكير قبل أن يقدم علي تقديم المسلسل علي عموم الناس بسطائهم ومثقفيهم، وكان يكفيه فيلم الإرهابي وطيور الظلام ومسلسل أوان الورد، وغيرها من الأعمال الناجحة . ولكن ما حدث قد حدث، وعليه أن يفكر في مسلسل آخر يمحي ما أحدثه مسلسل الجماعة.

جريدة القاهرة في

21/09/2010

 

مشكلة مسلسل «الجماعة» مع «الجماعة»

بقلم : صلاح عيسي 

علي امتداد ليالي رمضان التي تابعت خلالها مع عشرات الملايين من المشاهدين حلقات المسلسل التليفزيوني «الجماعة» الذي كتبه السيناريست المقتدر وحيد حامد، وأنا أحاول البحث عن سبب معقول لحملة الهجوم المكثفة التي واجهت بها جماعة الإخوان المسلمين المسلسل، فلم أجد فيما نشرته الصحف ومواقع الإنترنت من تصريحات وتعليقات، سببًا- يتعلق بالمسلسل نفسه- يبرر هذا الهجوم الكاسح علي عمل فني لم يكن أحد قد شاهده كاملاً بعد، ولكني وجدت هجومًا ينطلق من وساوس متسلطة لدي جماعة الإخوان والمتعاطفين معهم، بأن المسلسل هو جزء من حملة إعلامية رسمية ضدهم، تسعي لتلفيق التهم التاريخية لهم، وتشويه ماضيهم وحاضرهم، وتستهدف التأثير سلبًا علي فرص المرشحين من أعضاء الجماعة في الانتخابات البرلمانية الوشيكة، بدعوي أن كاتبه صاحب موقف معلن مما سمته هذه التعليقات بـ «الفكرة الإسلامية»، وأن هناك تخطيطًا مسبقًا وراء إنتاج وعرض المسلسل مع بشائر الحملة الانتخابية التي تجري خلال الأسابيع المقبلة.

وبصرف النظر عن أن مصطلح «الفكرة الإسلامية» يبدو مصطلحًا مطاطًا غير محدد المعني، يوحي بأن كل من يعادي أو ينتقد الإخوان المسلمين إنما يعادي الإسلام نفسه، وينطلق من الفكرة الخاطئة التي تبناها ويتبناها فريق منهم، بأنهم ليسوا «جماعة من المسلمين»، بل هم «جماعة المسلمين»، الذين لا يجوز شرعًا لأي مسلم أن يخرج عنها، مما ينطوي علي حكم بتكفير وحيد حامد، فإن حملة الهجوم علي المسلسل التي استبقت عرضه، استنادًا إلي مثل هذه الأحكام الجائرة والوساوس المتسلطة، تنطوي علي مخالفة شرعية لتعاليم الإسلام التي توجب علي المسلم أن يحكم علي الظاهر لا علي الباطن، وعلي الأفعال لا علي النيات وألا يشق عن قلب غيره، خصوصًا أن الحقائق المعروفة للجميع تؤكد أن المسلسل كتب منذ أربع سنوات، وكان مقررًا أن ينتج منذ عامين، ولولا عقبات إنتاجية، وبالتالي فلا صلة لكتابته، ولا لعرضه بالانتخابات النيابية الوشيكة.

ومع التسليم بأن جماعة الإخوان المسلمين- بصفتها كجماعة- قد تراجعت عن فكرة إقامة دعوي قضائية للمطالبة بوقف عرض المسلسل، لعوامل قد يكون من بينها اكتشافها أنه لا ينطوي علي تجن كبير أو تعمد لتشويه تاريخها، وإن كان من بينها علي سبيل القطع، إدراكها بأن لا حق قانوني لها في إقامة مثل هذه الدعوي، لأنها ليست جماعة قائمة من الناحية القانونية، وليست شخصية اعتبارية يجوز لها أن ترفع باسمها الدعاوي ضد آخرين، فإن الحملة تكشف عن أسلوب خاطئ في التربية السياسية والفكرية لأعضاء الجماعة، تجعلهم يضيقون أشد الضيق بأي خلاف في الرأي، أو أي انتقاد لسياسة جماعتهم أو رموزها التاريخية، ويتعاملون مع هذا التاريخ باعتباره حقًا لا يأتيه الباطل من أمامه أو من خلفه، ومع هؤلاء الرموز باعتبارهم شخصيات لا تخطئ في قرار، أو تسيء تقدير أي موقف، فهي معصومة من الخطأ، محصنة ضد إساءة التقدير.

وتكشف الحملة كذلك عن أن الأجيال الوسيطة التي تقود الجماعة الآن والتي لم يولد معظمها إلا بعد اختفاء الجماعة عام 1954، وكان طفلاً رضيعًا حين تعرضت لضربة 1965، والأجيال الشابة التي تشكل الكتلة العظمي من  أعضائها، لا تعرف إلا القشور عن تاريخها، ولم تقرأه في مصادره المتنوعة، وأن ثقافتها في هذا المجال تعتمد أساسًا علي ما تلقنته عنه في الاجتماعات التنظيمية المغلقة، التي تركز عادة علي أن الجماعة كانت طوال تاريخها ضحية لمؤامرة صهيونية صليبية علمانية، تستهدف تحطيمها، بهدف تشويه الإسلام نفسه، وأن كل ما ينسب إليها من أخطاء إنما هو افتراءات يفتريها هؤلاء.

والمحصلة التي يقود إليها هذا الأسلوب الخاطئ في التربية، وهذا التأويل الخاطئ للتاريخ، لا يمكن أن تنتج إلا أجيالاً فاشية، تنطلق من تقديس ما لا يحل تقديسه من البشر والأفكار، ونتوهم أنها وقياداتها معصومة من الخطأ، فهي تملك الصواب المطلق، وكل من يري غير ما تراه، هو علي خطأ مطلق، وهو منهج في التفكير لابد وأن يقود أصحابه إلي ممارسة العنف ضد كل من يختلفون معه في الرأي، وهو عنف يبدأ بتكفيره، ثم باستخدام السلاسل والقبضات الحديدية في تأديبه وينتهي بقتله باسم الله.

وليس في مسلسل الجماعة ما يستطيع أي منصف أن يعتمد عليه ليؤكد الادعاء بأنه جزء من حملة سياسية رسمية مخططة ضد الإخوان المسلمين، تستهدف تشويه تاريخهم، أو الإساءة إلي سيرة المرشد المؤسس حسن البنا، ففضلاً عن أنه ينطوي علي انتقادات حادة للحكم القائم تتجاوز أحيانًا ما وجه من انتقادات للجماعة، فقد قدم سيرة المرشد المؤسس بشكل حقيقي، كإنسان مثالي، تتملكه فكرة سامية هي أن يعيد مجد الإسلام، وهي فكرة أوقف عليها كل حياته وكل نشاطه، ووضع في خوضها كل مواهبه المتعددة، وموارده المحدودة، علي نحو كان مثار إعجاب الذين شاهدوا المسلسل، خصوصًا أن الممثل الذي أدي الدور «إياد نصار» قد تقمص الشخصية بشكل أضفي عليها الكثير من الجاذبية والألق.

وبصرف النظر عن بعض التفاصيل الصغيرة، غير المهمة التي يمكن الاختلاف بشأنها مع المسلسل، سواء من الناحية الفنية أم التاريخية، فإن مشكلة مسلسل «الجماعة» مع «الجماعة» تكمن في رسالته الأساسية، وهي جوهر أي عمل فني وأي تقييم تاريخي، وهي رسالة تقول بوضوح إن حسن البنا أقرب ما يكون إلي بطل تراجيدي، حقق نصره التاريخي حين أسس جماعة كبيرة، تسعي بدعوة المسلمين للالتزام بأصول دينهم وأداء فرائضه، والالتزام بآدابه، حتي وصل إلي القمة، لكنه- ككل بطل تراجيدي- وقع في خطئه التاريخي، حين أقحم جماعته في السياسة ليقوده ذلك إلي استخدام العنف في الصراع السياسي، فيؤسس الجهاز الخاص الذي كان أقرب ما يكون إلي جيش كامل، يمارس كل ما تمارسه الجيوش، ويملك الكثير من الأدوات والإمكانات والمؤسسات التي تملكها، إلي أن جاء الوقت الذي فقد فيه سيطرته علي هذا الجيش، الذي شعر بقوته وأنه مصدر كل ما حققته الجماعة من هيبة ونفوذ، فبدأ يقوم بعمليات العنف لحسابه ولحماية نفسه، وليس لحساب الجماعة، أو حتي لهدف تحقيق الفكرة الإسلامية، لينتهي هذا بحل جماعة الإخوان المسلمين، ثم باغتيال حسن البنا نفسه.

تلك هي الرسالة التي أراد المسلسل أن يوجهها إلي جماعة الإخوان المسلمين، وهي استخلاص تاريخي صحيح ودرس ينبغي أن يعيه الإخوان، لأنه لمصلحتهم ولمصلحة الوطن، ولمصلحة الإسلام.

وخلاصته المفيدة: لا سياسة في الدين، لأن ذلك هو الذي يقود إلي العنف الذي يفسد السياسة ويفسد الدين ويدمر الجماعات والأوطان.

جريدة القاهرة في

21/09/2010

 

«قصة حب» بعد رمضان: النقاب بطلاً مطلقاً

محمد عبد الرحمن 

لم يظهر النقاب فقط في مسلسل «قصة حب» هذا العام، بل شاهدناه أيضاً في «الجماعة» و«قضية صفية». مع ذلك، يبقى العمل الذي لعب بطولته جمال سليمان الأقرب إلى المشاهد

كما يحدث في رمضان من كل عام، يكتشف الجمهور والنقاد في الأيام الأخيرة أن هناك مسلسلاً مميزاً ضاع وسط الزحام، وينصح الجميع بعضهم بعضاً بضرورة متابعته لدى إعادة عرضه بعد رمضان. هذا النموذج انطبق بشدة على مسلسل «قصة حب» من بطولة جمال سليمان، وبسمة وخالد سرحان، وتأليف مدحت العدل. حمل العمل توقيع إيمان حداد التي نجحت في أولى تجاربها الإخراجية في صياغة دراما تلفزيونية شديدة الإنسانية تحاول أن تكشف سلبيات المجتمع وتعالجها في الوقت نفسه. إذ لم يقف صنّاع المسلسل كالمتفرجين يعرضون ما يحدث من دون تدخل منهم، وساهمت في ذلك شجاعة المؤلف مدحت العدل. إذ منح النقاب البطولة المطلقة لأول مرة على شاشة التلفزيون من دون أن يقع في الحفرة التي صنعها معارضو ومناصرو الزي الأسود الذي يزداد انتشاراً في مصر وتكتفي الدولة بحظره قانوناً من دون البحث في أسباب انتشاره. المسلسل الذي أعاد لجمال سليمان الكثير من البريق لدى الجمهور المصري، ينطلق من محاولة ناظر مدرسة تأسيس مدرسة مثالية ويواجه الفساد بكل صوره. وهو الأخ الكبير الذي لم يتزوج حرصاً على رعاية أشقائه الأربعة. وعندما يقع في الحب للمرة الأولى، يكون الطرف الثاني أرملة ترتدي النقاب يلتقيها من دون أن يرى وجهها بالطبع بصفتها أماً لطالب متشدد دينياً.

نجحت إيمان حداد في أولى تجاربها الإخراجية

يجتمع سليمان مع والدة الطالب ثم يكشفان نشاطات مريبة من جماعات متشددة هدفها غسل أدمغة هؤلاء الفتيان. كل هذا في قالب بعيد تماماً عن الجمل المحفوظة والشخصيات التقليدية وصولاً إلى نهاية تبث التفاؤل لدى من كفر بإمكانية التغيير. إذ يعي الفتى سريعاً الفخ الذي كان يُنصب له، ويرتبط الناظر بالأم التي تخلع النقاب عن اقتناع وتندمج في المجتمع من جديد. وينجح الأشقاء في التخلص من أنانيتهم ويتركون للأخ الأكبر منزل الأسرة ليقيم فيه تعويضاً عن السنوات التي قضاها في رعايتهم. بينما يخفق الناظر في تجاربه داخل المدرسة لكنه في النهاية يؤكد أن المبادرات الفردية تلعب دوراً كبيراً في إصلاح التعليم الذي يعد إحدى أبرز أزمات مصر في الآونة الحالية. وساعد نص المؤلف ورؤية المخرجة على الوصول بسهولة للجمهور من خلال الأداء المميز لطاقم الممثلين حتى الذين لم يظهروا بهذه القوة من قبل في مسلسلات أخرى.

وإلى جوار جمال سليمان، ظهرت بسمة بقوة في شخصية هي أفضل ما قدمته على الإطلاق، كما تميز خالد سرحان في شخصية ضابط أمن الدولة الذي يرفض ضغوطات زوجته من أجل استغلال وظيفته. وهو ما ينطبق على باقي الممثلين، انتصار، وأميرة كرارة، وكارولين خليل، ومنى هلا ورمزي لينر.

مع ذلك، لم يظهر النقاب فقط في مسلسل «قصة حب» هذا العام. في الحلقات الأولى من مسلسل «الجماعة»، أشار وحيد حامد إلى وجود أشخاص مهمتهم إقناع الفتيات بارتدائه بعدما فوجئ وكيل النيابة (حسن الرداد) بأن الخادمة التي تعمل لديه ارتدت النقاب ولن تخلعه ما دام في المنزل. فيما استعانت به أيضاً الممثلة مي عز الدين في مسلسل «قضية صفية» للتخفي من مجموعة من الأشخاص طاردوها للحصول على أرضها بالقوة. مع ذلك، ظل مسلسل «قصة حب» الوحيد الذي قدم النقاب من زاوية إنسانية وعلى مدى معظم حلقات العمل.

الأخبار اللبنانية في

21/09/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)