حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2010

نادية الجندي بين «بمبة كشر» ملكة الرقص الشرقي و«نازلي» ملكة مصر!

بقلم : ماجدة خير الله

في السنوات التي قام فيها المخرج يحي العلمي برئاسة قطاع الانتاج خلفا لممدوح الليثي،تم إنتاج مسلسل كوميدي بإسم الهانم خارج الخدمه "علي ما أعتقد" مأخوذ عن قصة كتبتها هالة سرحان،وتحولت الي مسلسل كوميدي تم عرضه في شهر رمضان و لعب بطولته سمير غانم وجيهان نصر"قبل اعتزالها"!وبلغت سخافة المسلسل حداً لايطاق،حتي أصبحت المادة اليومية للصحافة الفنية،وقبل أن ينتصف الشهر الكريم، إتخذ وزير الاعلام الاسبق "صفوت الشريف" قرارا بوقف المسلسل ومحاسبة من اشرفوا علي إنتاجه! وفي العام الماضي قدمت قناة النايل سينما برنامجا باسم الجريئة قامت بتقديمه إيناس الدغيدي واثار البرنامج حالة من الضيق والاشمئزاز لدي غالبيه المشاهدين،وأصبحت حلقاته المستفزة وجبه يوميه للصفحات الفنية،ومع ذلك لم يحرك أحد من المسئولين في التليفزيون ساكنا،والأدهي من ذلك أن قناة النايل سينما تحدت الراي العام واذواق الناس وقدمت هذا العام ايضا برنامج الجرئيه والمشاغبين الذي تقدمه ايضا ايناس الدغيدي؟؟ وتستضيف من خلاله كناسه الدكان، وسقط المتاع "مع إستثناءات قليلة جدا" من نجوم الصف الثاني والثالث احيانا! ويصعب ان تعرف للبرنامج الذي حصلت عنه إيناس الدغيدي علي أجر مليون جنيه،هدفا أو معني؟ومع وجود ضيوف من نوعيه طلعت زكريا وابو الليف وتامر هجرس وبسمة وهبي  والمعتزلة سهير رمزي والراقصتين دينا ولوسي يمكن أن تدرك قيمة البرنامج ونوعية الاسئلة المطروحة والإجابة! واشك كثيرا أن يكون المهندس اسامة الشيخ من متابعي البرنامج،لإنه لو فعل لكان أمرا ليس فقط بوقف البرنامج ولكن بغلق قناة النايل سينما بالضبة والمفتاح، خاصة أنه تفوقت هذا العام علي نفسها وأصبحت تقدم كل يوم فضيحتين وليست واحدة، "الجريئة والمشاغبين" وبرنامج استوديو مصر!

البرامج المدللة

يعرف القاص والداني أن عمر زهران رئيس قناة السينما،هو الفتي المدلل لرئيس الاتحاد اسامة الشيخ، وللفتي طموح طاغ رغم ضعف إمكانياته وتواضع مواهبه،وهويرسم علي "تقيل قوي" وغايته أو هدفه الأكبر هو ابتلاع القنوات المتخصصه جميعا ليجلس علي مقعد هاله حشيش،  ولانعرف ان كان أسامه الشيخ يعده ويجهزه لهذا المنصب أم لا؟لانه في حالة نعم،فسوف تكون كارثة لن يستطيع احد ردها وسوف تؤدي بالجميع الي نهاية غير متوقعة مهما كانت قوة أطرافها فهناك حقيقة لايمكن إنكارها أو تجاهلها وهي الأداء السييء المريع لقناة النايل سينما التي يرأسها عمر زهران،يدركها من يتابع برنامج ستويو مصر الذي يقدم يوميا علي الهواء منذ بداية الشهر الكريم !

ويبدو ان رئيس القناة قد عقد العزم وبيت النية علي الإحتفال والاحتفاء بالمسلسلات التي حققت حالة واضحة من الفشل،وخاصمها الجمهور وانصرف عن متابعتها"أكتب الموضوع في السادس والعشرين من رمضان" خد عندك السائرون نياما،أكتوبر الآخر،مذكرات سيئة السمعه،حرمت يابابا،القطة العميا" ونظرا لحالة التخبط وعدم وضوح الهدف من البرنامج استضاف في إحدي لياليه نبيلة عبيد وفي ليلة اخري إستضاف نيللي لتجلس كل منهما علي الهواء وتدور المناقشة حول لاشيء لمدة ساعتين يتخللهما بعص وصلات من خفة الدم المتبادلة مع مذيعات البرنامج! ثلاثون ليلة من العبث بدون محاسبة ولامساءلة !وحتي تدرك مدي سوء مايقدم علي قناة السينما ،لابد وان تتابع مايقدمه برنامج رمضان بلدنا علي قناة "أون  تي في "الذي تقدمه سلمي الشماع،او برنامج القاهرة اليوم الذي يقدمه عمرو أديب فكل منهما يستضيف صناع المسلسلات الناجحة التي حققت اقبالا جماهيريا ملحوظا مع مناقشة موضوعية وبصيغة محترمة ومهنية، بدون اللجوء للهرج والطبل والزمر وشغل الموالد الذي تقدمه قناة النايل سينما،وطبعا هناك فرق كبير بين أن تحتفي بالنجاح وأن تحتفي بالفشل وتحاول "تجميله" أو تبليعه للمشاهد بالعافية ! ثم لابد وأن تتساءل ماالثمن الذي يدفعه أصحاب الاعمال الفاشلة حتي يتم غسل سمعتهم وغسل ادمغة الجماهير لحسابهم؟؟

بين الجرأة والوقاحة

ما المشعيارأو المعايير التي تحدد نجاح او فشل عمل فني ما؟ الغريب ان اصحاب الاعمال المتميزه يبدون في  حالة واضحه من التواضع وأحيانا لايتحدثون عن انفسهم مطلقا،في حين تنتاب من فشلوا حالة من الجرأة تصل احيانا لدرجة الوقاحة في استفزاز الناس وإدعاء النجاح! وإذا كنت قد تابعت حقلة استوديو مصر التي استضافت فريق العمل لمسلسل ملكة في المنفي لأدركت أن اصحاب العقول في نعمة! ولا اعرف فكرة من هذه التي أوحت لرئيس القناة أن يقدم نادية الجندي بين صفين من الكومبارس يصل عددهم الي خمسين يرتدون ملابس التشريفه وينحنون عندما تهل عليهم ،تصل الملهاة الي منتهاها عندما تجلس نادية الجندي علي كرسي العرش الذي أعده لها البرنامج ،لتشعر بحالة من النشوي والسعادة وكأنها حققت نجاحا فعليا رغم أن مسلسلها ملكة في المنفي لا يقل كارثية عن  مسلسل قلبي دليلي الذي قدمه نفس المخرج محمد زهير رجب في العام الماضي! وإذا كنت تتابع حلقات المسلسل مثلي فسوف تضحك كثيرا ولكن هذا الضحك الذي يشبه البكاء النابع من الغيظ والقهر وأن تتابع مجموعة من ممثلي الدرجة الثالثة وهم يلعبون أدوار الامراء والاميرات والملوك بينهم عمر زهران رئيس قناة السينما نفسه يلعب شخصية اسماعيل شيرين؟؟ أما ناديه الجندي فقد ضربت المنطق في مقتل، وازاحت شخصية الملكة نازلي لتقدم الشخصية الوحيدة التي تتقنها ،وبنفس الاسلوب الذي لاتعرف غيره،وسوف تندهش عندما تجدها في كل مشهد لاتظر الي من تحادثه وتفضل النظر في عين الكاميرا وكأنها تنظر لنفسها في مرآة،حالة من البلادة وضعف الأداء انتابت معظم أبطال العمل وبدي شريف سلامة الغلبان وهو "يعافر" ويحاول إنقاذ نفسه وينجو بشخصية رياض غالي من هذا العبث الذي غلف معظم الاحداث، وحول المآسي الي كوميديا فارس خاصة في مشهد استقبال نازلي لخبر وفاة ابنها فاروق"آخر ملوك مصر"!

تعتبر نادية الجندي وغيرها ممن فشلوا هذا العام أو في الاعوام السابقة او القادمة أن أعداء النجاح يتربصون بها، ويهيلون التراب علي إنجازاتها الفنية ونجاحها المادي وسوف تنسي اشاده نفس النقاد بدورها الجميل في فيلم "الرغبة" للمخرج علي بدرخان فقد كان الوحيد الذي استطاع أن يضبط "زوايا العجل" ويلجم انفعالاتها الزائدة واسلوبها الكاريكاتيري في الاداء وكنت أظن أنها قد تخلصت من هذا الاسلوب الذي لازمها لأكثر من أربعين عاما حيث قدمت اول بطولة مطلقة في "بمبه كشر" عام 1974، وقبلها لعبت أدوارا ثانوية في صغيرة علي الحب وميرامار وكانت زوجة للنجم الراحل عماد حمدي، وإذا تابعت أسلوبها في الأداء فسوف تكتشف أنها قدمت شخصية "الملكة" نازلي بنفس أسلوب اداء بمبة كشر"ملكة" المسارح والرقص الشرقي!!!

جريدة القاهرة في

07/09/2010

 

سقوط الخلافة.. وثيقة إبداعية مشحونة بالعشق والدم والجنون

بقلم : د.وفاء كمالو 

لحظة فارقة في تاريخ الشرق، شهدت سقوط أكبر إمبراطوريات الحكم، حين خسر آخر سلاطين الدولة العثمانية.. رهانه مع الوجود، ولم يدرك السلطان عبدالحميد، أن سقوطه التراجيدي أصبح قدرًا لا يملك أن يمنعه وحده فالمحنة كانت شرسة، مسكونة بميلاد التسلط والقهر.

تناول المؤلف اللامع يسري الجندي، أبعاد هذه اللحظة المتوترة وطرحها من خلال مسلسل «سقوط الخلافة»، الذي جاء كوثيقة إبداعية مبهرة، منسوجة من وقائع التاريخ وحدود الجغرافيا، من مؤامرات السياسة وجموح السلطة، ومن جدل الفكر مع تيارات العذاب الإنساني المشحون بالدم والعشق والجنون. هكذا نصبح أمام ملحمة عربية مدهشة، أثارت ردود فعل صاخبة، اشتبكت مع فيض الجمال الآخاذ، الذي انتزع إعجاب جماهير الفضائيات العربية، وأثار تساؤلاتهم، وامتلك إمكانات مخاطبة العقل والوعي، عبر الطرح الفريد لجذور العجز العربي، وتخلف العالم الإسلامي.

وقائع القهر والزيف

يأتي هذا المسلسل كإنجاز ثقافي وفني رفيع المستوي، يرسم مسارات للجدل العلمي بين الماضي والحاضر، ويكشف عن وقائع القهر والزيف والاستبداد، وأسرار التخلف والسقوط، من خلال أضواء الكشف العارم عن مرحلة تاريخية حرجة، عمرها أكثر من ستة قرون، شهدت أحداثًا كبري شكلت ملامح العصر الحديث، ويذكر أن هذه المرحلة ظلت غائبة عن مجال الدراما المصرية، ولم يتم تناولها بشكل تفصيلي واضح يكشف أبعاد الدولة العثمانية، وطبيعتها الأممية ذات الأعراق المتعددة.

وفي هذا السياق نجح مسلسل سقوط الخلافة في تجميع الخيوط غير المعروفة للعامة، وكشف عن صراع السلطان عبدالحميد مع الأخطار التي أحاطت بدولة الخلافة، حيث الدور اليهودي، والفكر الأوروبي، ونفوذ السفراء الأجانب، وضرورة ظهور الدولة القومية علي أنقاض الكيانات الأممية الكبري.

تناغم عربي

كان التأليف والسيناريو والحوار للمثقف المصري الكبير يسري الجندي، والإخراج للفنان السوري الجميل محمد عزيزية، أما الإنتاج العربي الضخم فقد جاء كمشاركة بين قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري، مع شركة ايكوميديا قطر الدوحة، ويذكر أن فريق العمل قد جمع بين كبار نجوم وفناني مصر وسورية والأردن والعراق.

سقوط تراجيدي

ارتبطت لحظة السقوط التراجيدي المخيف بحادثة سفك دم السلطان عبدالعزيز، التي جاءت كجريمة وحشية كشفت عن بركان المؤامرات المتفجر في قصر الخلافة، وعلي مستوي آخر يظل البحث عن القتلة خطًا دراميًا ممتدًا، مشحونًا بالإثارة والتشويق، وممتلكًا لإمكانات الكشف عن عوامل الانهيار السريع، عن شراسة التربص الغربي، وعن السقطة التراجيدية الكبري في حياة السلطان عبدالحميد، الذي اندفع إلي الاستعانة بالحركة الصهيونية كمحاولة للخلاص من أشباح الهزائم والانكسارات، وذلك رغم حسن نواياه، وحسه الوطني العارم، وعدم إدراكه لحجم الكارثة السياسية والإنسانية، التي لا تزال ممتدة حتي الآن، والتي تفسر بوضوح أسباب مهانة المسلمين حاليًا، وطبيعة رؤية الغرب لهم.. تلك الرؤي، التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأسباب سقوط الدولة العثمانية.

كان الظلام شاهدًا علي جريمة قتل خليفة المسلمين السلطان عبدالعزيز، حيث اندفع الملثمون الأقوياء إلي حجرته.. وذبحوه وقطعوا لسان الأغا جوهر، وعبر جماليات صياغة المذبحة اللعينة تفتحت المسارات أمام الخلل المدمر، وكشفت الأحداث المثيرة عن سقطة ولي العهد «مراد باشا»، الذي تحالف دون أن يدري مع المعارضين ليشقوا أنهار الدم باسم الحرية والسلطة والدستور، ويقتل السلطان ليمتلك مراد العرش الدموي الآثم، لكنه لا يستوعب معني اللعبة، ويسقط في قبضة العذاب والغياب.

تتضافر إيقاعات الخلل، وتهتز أركان الطبيعة، وتسقط منظومة القيم ويأخذنا ثراء الحالة الجمالية المدهشة إلي اشتباكات ساخنة مع روح التراجيديا الإغريقية، وأصداء الدماء والأشباح الشكسبيرية، حيث السلطان مراد الجالس علي عرش خلافة الأمة الإسلامية، وهو محاصر بالعجز والدم والجنون، معذب بإدراكه لإيقاعات السقوط، وبحقيقته كألعوبة سهلة في يد «مدحت باشا» الباحث عن الدستور والحرية وعن تركيا الحديثة، التي تشاغبه بأحلام استبداد جديد، يدفعه إلي جموح عنيد.

وهج مثير

بعثت «أم السلطان مراد»، الفنانة الجميلة «سميحة أيوب» حالة من الوهج المثير عبر أداء رفيع المستوي لشخصية مركبة مسكونة بشراسة القوي وامتلاك السلطة وبريق العرش، حيث اندفعت إلي تيارات التناقض في دفاعها اليائس عن ابنها الخليفة المعذب، الذي أصر علي أن يطلق سراح روحه ويقضي علي الجميع، وتبلورت تلك الحالة عبر الحوار الرشيق ولغة الكاميرا وتفاصيل اللقطات وخطوط الحركة، حيث جماليات تداخل الوعي واللاوعي، وصعود تيارات الدم والموت واشتباكها بالسلطة والحب والجنون. وهزائم الأعماق بعد أن مزقتها تيارات الشر والعذاب، تلك الرؤي التي جسدها الفنان العراقي «باسم قهار»، الذي عزف بأدائه المتميز علي أوتار الفن الراقي الجميل. وفي نفس السياق جاءت الفنانة المصرية الكبيرة «عايدة عبدالعزيز»، التي تلعب دور أم الخليفة الشهيد السلطان عبدالعزيز لتضعنا بأدائها اللامع الرصين أمام مفارقة وجودية وسياسية ثائرة، حيث الثأر والعذاب والانتظار، والبحث المخيف عن مواجهات الحقيقة المراوغة.

ترددت أصداء فضيحة السلطان المصاب بالهوس والجنون، واندفع مدحت باشا وأعوانه المعارضون إلي اقتحام القصر لخلع مراد ونفيه بعيدًا عن العرش، لينتهي زمن حكمه القصير وتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ دولة الخلافة، يقودها السلطان عبدالحميد الذي عاش صراعًا مريرًا مع إيقاعات دولة تنهار وتسقط في دوامات التآمر والغياب، حيث الضعف والفساد والإسراف ومؤامرات المعارضين، وتوجهات مدحت باشا والمثقفين، الذين لا يعترفون بالسلطان ويرونه لا يصلح إلا لعمل اللعب الخشبية، وزيارة التكايا وتأمل المولوية، ورغم وحشية الصراع في الداخل، والتكتل الأوروبي والروسي في الخارج، ظل السلطان يبحث عن العدالة، وعن شرف الأمة، واضطر إلي المهادنة والتنازلات بعد أن أصبح الروس علي أبواب اسطنبول.

معارضة شرسة

لقد سقطت الدولة العثمانية من داخلها بعد أن آمن المثقفون بالفكر الغربي، وأصبحوا أعضاء في الجماعات الماسونية، وكانت حركة تركيا الفتاة هي حركة المعارضة الشرسة للسلطان عبدالحميد، وتبلورت أهدافها في ضرورة سقوط الدولة الأممية التي لم تعد تتناسب مع السياسة الأوروبية الباحثة عن صيغة الدول القومية، ويذكر أن تيارات المقاومة لم تولد من رحم السياسة، لكن ميلادها كان مرتبطًا بالأدباء والمثقفين.

تكشف الأحداث السريعة الثرية المتوترة عن فجوات التناقض السياسي، وعن مؤشرات سقوط آخر سلاطين دولة الخلافة، الذي غرق في دوامات التآمر المخيف، فحين اكتشف خيانة الصدر الأعظم جلال باشا زوج اخته جميلة، وتأكد من مشاركته في اغتيال السلطان المقتول «عبدالعزيز»، نجده يتجه بقوة نحو «مدحت باشا» أشرس معارضيه ليضعه في قلب الأحداث ويصبح هو الصدر الأعظم الجديد. وإذا كانت المصــادر التاريخيــة تلقـب مدحت باشا بـ «أبي الدستور»، فقد رأيناه علي المستوي الدرامي في المسلسل كنموذج للبحث عن التغيير الراديكالي، وعن الدستور والديمقراطية، وفي نفس السياق امتلك المنظور الفني إمكانات جدلية هائلة كشفت عن أبعاد التسلط الساكن في أعماق هذا المعارض الماسوني الذي يري أنه سيد كل هذه البلاد ومخلصها المنتظر، ومنقذها من الاستبداد والعذاب.

فخ الديون

تقترب نهاية الوطن وتتضح الأهداف الحقيقية لأوروبا عبر فخ الديون التي فتحت أبواب مصر للإنجليز، ويظل المتلقي في اشتباك مثير مع وقائع ارتباط الفقر بالسياسة والمجتمع، والحرب بالدم، والتاريخ بمفارقات السقوط الكاشفة عن علاقة فقراء مصر بحفل الإمبراطورة أوجيني، ودلالة عضوية توفيق باشا في محفل الماسونيين، وحقيقة أحلام الغرب الجامحة، التي تعود الآن إلي فكرة التكتلات والتوحد والكيانات الكبري.

هكذا تمتد إيقاعات الجدل العلمي المثير ونعلم أن مدحت باشا هو قاتل السلطان عبدالعزيز، الذي تنازل عن قطعة من أرض فلسطين لليهود، لكن لايزال الباشوات يمزقون البلد، ولا يزال السلطان عبدالحميد يبحث عن عدالة مراوغة، وعن إنقاذ شرف الأمة الإسلامية، ورغم ذلك فهو لن يستطيع، وسيعلن إفلاسه ليسقط، وتسقط معه الخلافة، تلك الأحداث التي ستكشف عنها الحلقات الباقية من الملحمة العربية الكبري.

لغة وفكر

يأتي المستوي الجمالي والتقني للمسلسل ليكشف عن لغة وفكر المخرج محمد عزيزية، الذي يمتلك منظورًا فنيًا شديد الابهار والرشاقة، حيث نعومة حركة الكاميرا، والكادرات الساحرة، وإيقاعات الميزنكادر، وهارمونية الضوء والألوان وأسلوب تصوير المشهد أكثر من مرة حيث الزوايا المختلفة، التي يتم تجميعها في المونتاج، لنصبح أمام صورة شديدة الثراء والبريق، تبدو سينمائية، لكنها نتاج للتوظيف الدقيق والصعب لأكثر من كاميرا. كان المونتاج نجمًا من نجوم المسلسل حيث الإيقاع والتصاعد والجماليات المغايرة، والدلالات الثائرة، وهو في النهاية بصمة إبداعية رشيقة تحمل فكر ورؤي الفنان المخرج محمد عزيزية، أما فخامة الديكور وثراء القصور ودهشة الابهار والأناقة فهي تأكيد لجماليات التضافر بين أسلوب التصوير عبر الزوايا المتعددة، وحركة الكاميرا وفن المونتاچ، وفي نفس السياق تكتمل سيمفونية الجمال عبر موسيقي الفنان «رعد خلف»، التي جاءت كنص درامي مواز مسكون بالهمس والعشق والدم والخيانة والمؤامرات، تلك اللمحات التي عمقت تيارات المشاعر الإنسانية المدهشة، التي بعثها فريق هذا العمل المتميز من كبار نجوم وفناني الوطن العربي ويذكر أن بطل المسلسل الفنان السوري «عباس النوري»، قد عاش تجربة حب مثير امتلك بها مفاتيح شخصية السلطان عبدالحميد، وعزف علي أوتارها كسياسي وزعيم وإنسان وقد انطلقت تيارات الأداء الجميل عبر مشاركة نجوم مصر الكبار سميحة أيوب، عايدة عبدالعزيز، أشرف عبدالغفور، أحمد راتب، رضا الجمال، سامح الصريطي، عبدالرحمن أبوزهرة، سناء شافع، أحمد ماهر، أحمد عبدالحليم، وفاروق فلوكس. ومن النجوم العرب جهاد سعد، باسم قهار، عامر علي، عبير عيسي، نادية عودة، سامي قفطان وميسون أبوأسعد. وفي هذا السياق كان الأداء التمثيلي لبعض الحوارات يبدأ واضحًا وينتهي خافتا هامسا مشحونًا بالانفعالات، ورغم توترات هذه الحالة إلا أن نهايات الجمل غالبًا ما تغيب ولا يكتمل معناها. وإذا كان أداء بطل المسلسل النجم الجميل عباس النوري قد أثار حالة من الوهج والجدل والتساؤلات إلا أن إيقاع التصاعد قد أفلت منه في بعض المناطق عبر استغراقه في توظيف التنهدات والآهات واشعال السجائر والسيجار كمعادلات للحيرة والتفكير.

إنجاز إبداعي

من المؤكد أن مسلسل سقوط الخلافة هو إنجاز إبداعي وفكري شديد التميز وهو نموذج للدراما التاريخية التي تثير وعي المتلقي وتحترم عقله وتضيف إلي معلوماته، وإذا كانت المقارنة تفرض نفسها بين هذه التجربة ومثيلاتها من الأعمال الجادة، وبين الكثير من مسلسلات رمضان المنسوجة من السخف والتفاهة والاستخفاف والاستهبال، فإن النتائج تؤكد أن التجارب التي تمتلك شرعية الانتماء للفن والثقافة ستظل علامات فارقة وباقية في تاريخ الوعي الإنساني.

جريدة القاهرة في

07/09/2010

 

سامح الصريطي :

الشيخ عيسي شخصية مليئة بالتناقضات وتقديم خمسة مسلسلات لا يعيبني

بقلم : كمال سلطان 

أصبح الفنان سامح الصريطي ضيفا مميزا علي مائدة الدراما الرمضانية في كل عام وبأكثر من عمل فني وفي هذا العام يطل علينا من خلال خمسة أدوار مختلفة حيث يشارك في بطولة مسلسل "شيخ العرب همام" أمام النجم يحيي الفخراني ومسلسل "قضية صفية" أمام النجمة مي عز الدين ومسلسل "أزمة سكر" أمام النجم أحمد عيد ومسلسل " مازلت آنسة" أمام النجمة إلهام شاهين ومسلسل «سقوط الخلافة» أمام النجم السوري عباس النوري.

وفي هذا الحوار يفتح لنا سامح الصريطي قلبه ويحدثنا عن تلك المسلسلات وعن سر تفضيله لعرض أعماله في رمضان كما يحدثنا عن فترة عمله كمدير للفرقة القومية للفنون الشعبية كما يتطرق الحوار إلي العديد من القضايا الفنية والشخصية .

سألته أولا ًعن الدور الأقرب إليه في المسلسلات الخمسة التي تعرض له حاليا فأجاب: لا أستطيع اختزال الجهد الذي بذلته في هذه المسلسلات في عمل واحد لكنني حرصت تماما علي التنويع في أدواري حتي لا يشعر المشاهدون بالتكرار والملل .

·         وكيف استطعت التوفيق بين مواعيد التصوير مع اختلاف الشخصيات واختلاف أماكن التصوير؟

- عن طريق خطة عمل أضعها لنفسي، وإذا نظرنا للإنسان المصري بصرف النظر إن كان فنانا أو شخصا يعمل في أي مهنة أخري فستتعب من كم الأعمال التي يقوم بها كل يوم، وقد نري مسئولا كبيرا لديه العديد من الأعباء في القاهرة ثم نفاجأ به يفتتح مشروعا ما في أسوان في اليوم نفسه، وأنا أحرص تماما علي عمل جدول بمواعيدي وأنسق مع كل مخرج من مخرجي المسلسلات التي أشارك بها .

 العرض الرمضاني

·         هل يسعدك عرض أعمالك في رمضان أم أنك تفضل عرضها بعيدا عن زحام الدراما الرمضانية؟

- بداية ظهوري علي الشاشة كان في شهر رمضان في مسلسل اسمه "رمضان والناس " مع الفنان الراحل محمود مرسي وكان من إخراج محمد فاضل، حرصت بعدها علي التواجد مع جمهوري في شهر رمضان من كل عام، فشهر رمضان يكون به نسبة كثافة عالية وتعامل الأعمال الفنية التي تعرض خلاله معاملة خاصة من جانب الصحافة والإعلام، وبصفة عامة فإن أكثر ما يسعدني  هو عرض الأعمال التي أشارك بها بمجرد الانتهاء من تصويرها بغض النظر عن رمضان أو أي وقت آخر .

·     شخصية الشيخ عيسي في مسلسل "شيخ العرب همام" شخصية محيرة للمشاهدين، فهل هو شرير أم مظلوم ومضطهد من شيخ العرب؟

 - شخصية الشيخ عيسي ستتضح معالمها في نهاية الحلقات وهو ابن عم شيخ العرب همام وهي بالفعل شخصية محيرة وهو يتعجب من سيطرة شيخ العرب علي كل شيء وعلي السلطة لسنوات طويلة رغم انه لم يكن لديه أولاد في بداية الحلقات بينما عيسي لديه الأولاد ولا يستطيع أن يحكم مثل همام ومع تطور الأحداث سنكتشف أشياء كثيرة في شخصية الشيخ عيسي .

شخصيات نمطية

·         تعود لتجسيد دور المحامي من جديد من خلال مسلسل "أزمة سكر" فما سر براعتك في تجسيد هذا الدور؟

- أنا لم أكرر دور المحامي كثيرا كما يشيع البعض ففي السينما قدمته مرتين في ملاكي إسكندرية ثم خيانة مشروعة وفي التليفزيون أيضا قدمته مرتين في مسلسل "رمانة الميزان" و"الدالي" وفي كل مرة كنت أقدم المحامي بصورة مختلفة وأتحدي من يقول إن هناك دورا يشبه الآخر والشخصية التي يمكن أن تتهم بالنمطية هي شخصية وكيل النيابة إلا إذا تم التعرض لحياته الشخصية .

·     تتعاون مع عدد من النجوم العرب من خلال مسلسل "سقوط الخلافة"، فما رأيك في هجوم البعض علي التواجد السوري في الدراما المصرية؟

- هذه ليست المرة الأولي التي أتعاون فيها مع مبدعين عرب ومنذ فترة طويلة ونحن تجمعنا أعمال وأنا سعيد بالتعاون مع نجوم من كل الأقطار العربية من خلال مسلسل "سقوط الخلافة" وقد انتهزنا فرصة وجود الفنان عباس النوري في القاهرة وقمنا بعمل مسلسل إذاعي بعنوان حقيقة الأوهام تتم إذاعته حاليا علي إذاعة صوت العرب، والحقيقة أن الفنانين يصلحون ما يفسده السياسيون فهناك العديد من الخلافات السياسية والأمر الوحيد الذي يجتمع عليه العرب هو الفن وهذا علي مدار التاريخ فأم كلثوم مثلا كانت كل الأمة العربية تجتمع علي صوتها وكذلك فيروز، ومصر هي حضن المبدعين العرب وهي قلعة الفن وهناك أياد خبيثة تسعي لإنهاء هذا الدور وقد أفسدوا حياتنا الثقافية والسياسية والرياضية أيضا، ويجب ألا نسمح لهم بإنهاء دورها الريادي في الوطن العربي .

تنظيم واستقالة

·     أعدت الروح للفرقة القومية للفنون الشعبية ثم فوجئنا بك تستقيل من منصبك بسبب خلاف مع أحد أعضاء الفرقة، ألم يكن هناك حل سوي الاستقالة؟

- أنا مؤمن جدا بالدور الثقافي للفرقة وحققت بها نجاحات كبيرة بالخارج وأنا كل ما فعلته أنني وضعت لهم نظاما ومقاييس محددة للراقصين ولكنني لم أجد الدعم المطلوب كما حدثت بعض التدخلات التي لم تروقني فقدمت استقالتي من إدارة الفرقة منذ حوالي ثمانية أشهر متمنيا لهم التوفيق .

·         لديك العديد من التجارب المسرحية الناجحة، فأين أنت من المسرح حاليا؟

- جميع تجاربي المسرحية كانت علي خشبة مسرح الدولة حيث قدمت بالفعل العديد من العروض الناجحة مثل الحب بعد المداولة وعطشان يا صبايا وتذكرة للجنة وذات الهمة التي حققت نجاحا كبيرا وقمنا بعمل العديد من الجولات الفنية، وأنا في انتظار النص الجيد الذي يعيدني للمسرح قريبا .

·     تفوقت علي كل نجوم سوريا في عقر دارهم ونلت الجائزة الذهبية في "رالي اكتشف سوريا" حدثنا عن تجربتك في هذا السباق؟

- لم أكن أعرف مناطق سوريا كلها حتي دعيت للمشاركة في رالي اكتشف سوريا فبهرتني الأماكن الأثرية والسياحية بسوريا والتي لم أكن أعلم عنها شيئا واكتشفت أن سوريا بها العديد من المناطق السياحية ولكنها لا تجيد الإعلان عن نفسها بصورة جيدة وفي العام الأول من السباق تعطلت بي السيارة ولم أكن مدركا للمسألة جيدا لكن في العام التالي استعددت لهم جيدا فاستطعت الفوز بالمركز الأول .

·         والدك شيخ طريقة وسمح لك بدخول الفن، فهل يمكن أن تسمح لبناتك بنفس الشيء؟

- أهم شيء أنني ربيتهم علي المبادئ الصحيحة وان أرادوا دخول الفن فأنا لن أمنعهم، فأنا والدي كان يقول لي دائما أن الموهبة هبة من الله وكان دائما يقول لي أنت معك سلاح رهيب وهو موهبتك الفنية فحافظ عليها .

جريدة القاهرة في

07/09/2010

 

المؤرخون يؤكدون:

مسلسل كليوباترا تشويه فج للتاريخ

بقلم : إيريني حكيم 

تزامن مع عرض مسلسل "كليوباترا" حاليا علي عدد من الفضائيات موجة حادة من الهجوم والنقد من قبل المتخصصين.. ومن المفترض أنه يتناول شخصية وفترة حياة الملكة كليوباترا السابعة، والمسلسل سيناريو وحوار قمر الزمان علوش وإخراج وائل رمضان، وسبب الهجوم وجود العديد من الأخطاء التاريخية والأثرية الجوهرية في المسلسل والتي يمكن أن يلاحظها المتخصص من الحلقات الأولي، وعلي رأسهم الأستاذ الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار.

لقد ذكرت الممثلة سُلاف فواخرجي بطلة المسلسل في إحدي حواراتها  أنهم في هذا المسلسل "لا يحرفون التاريخ لان هناك عالم ودكتور آثار متخصصا يتابع ما يقومون بعمله وقام بتوثيق كل شيء ويتابع مع المخرج". ثم تكمل حديثها وتذكر أن ما قيل عن الاعتراض علي اختلاق المؤلف لشخصية "كاري" التي قدما الممثل فتحي عبد الوهاب لا يعنيها لأنهم يقدمون عملا دراميا وليس تاريخا ومن خلال شخصية "كاري" يظهرون مدي تواصل الملكة بعامة الشعب وحبها لهم كما ذكر أيضا الممثل فتحي عبد الوهاب في أحد حواراته التليفزيونية عن المسلسل بأن شخصية "كاري" شخصية رمزية تشير إلي الحب بين الملكة والشعب وان هذا يرجع إلي عبقرية المؤلف في كتابة النص.

استقراء التاريخ وتحريفه

إذا كان المسلسل هو مجرد عمل درامي فلماذا يلتزم فريق العمل إذن بوجود عالم آثار ودكتور متخصص بمتابعة وتوثيق كل شيء كما ذكرت بطلة المسلسل، ومن ناحية أخري إذا كان موجوداً فكيف يوجد كل هذا الكم من الأخطاء التاريخية التي لا ينفي وجودها الاستمرار في إنكارها.

يري الأستاذ الدكتور زاهي حواس انه ليست هذه أبداً الحياة المصرية الفرعونية التي امتزجت بالحياة اليونانية، وفجرت طاقة عظيمة في مصر خلال عصر البطالمة. وإنه بالرغم من أن الدراما تتطلب إضافة شخصية وحذف أخري، لكن هناك أسسًا تاريخية لا نقبل تحريفها مثل شكل المعابد والملابس وطريقة الحياة، وصناع هذا العمل فشلوا في الوصول إلي الشكل الحقيقي لهذه الأشياء المهمة، فهم حرفوا كل شيء.

وفي تصريح خاص للقاهرة أكد الدكتور أحمد عتمان أستاذ الدراسات اليونانية واللاتينية بكلية الآداب بأن المؤلف من حقه أن يتصرف في المادة التاريخية بحيث لا يخالف التاريخ ولا يلوي عنقه، فبهذا يزوّر التاريخ وينشر الأخطاء ويثبتها في أذهان العامة وهذا اعتداء علي تراثنا.

ويضيف د. عتمان: يعود النجاح في انجاز عمل ثقافي وفني إلي الدراسة الجيدة والأمانة في بذل الجهد، وعدم الاستسهال في تقديم الأعمال التاريخية، إذ المؤلف يستقرئ التاريخ ويستنبط المفردات ويتحدث عنها ولكنه لا يغير في التاريخ.

فعلي سبيل المثال - والكلام للدكتور عتمان- عندما قمت بكتابة مسرحية "كليوباترا تعشق السلام" بعد دراسة استمرت لعشر سنوات تلك المسرحية ترجمت لأربع لغات، واستخدمت كمرجع في إعداد الرسائل العلمية. وقد حصدت نجاحا كبيرا علي المستوي الثقافي والمادي حيث أعيدت طباعتها أكثر من مرة.

ويضيف د. عتمان أن قطاع الإنتاج المصري لا يحترم عقول المشاهدين فانه يبيع ماء ملوثا في حارة السقايين ولقد أهدر أموالا طائلة وأضاع وقت المشاهدين في الإشارة إلي أخطاء فادحة، فأصبح يبيع تاريخنا وتراثنا بأرخص الأثمان.

فن استخدام المفردات

كيف يمثل الشعب المصري لص هو كاري؟ فاذا كان الممثل المصري فتحي عبد الوهاب قد ذكر في حواره التليفزيوني سالف الذكر أن هذا الدور الذي يتضمن علاقة حبه لكليوباترا، يرجع إلي عبقرية المؤلف في كتابة النص، فإن د. احمد عتمان يري أن هذا كلام فارغ، ويتساءل أين الشخص المصري المحترم؟ أين الفلاح والراعي المصري؟ أين شخصية المصري الجاد الطيب؟ أليس هناك إلا هذا اللص ليمثل الشعب المصري؟!

ويذكرالأستاذ الدكتور هاني حنا عزيز أستاذ علم المتاحف بالمعهد العالي للدراسات القبطية، أن شخصية "كاري" أو بالأحري فكرة تقديم شخصية ما ممثلا للشعب المصري إذا جاز هذا التعبير لم تكن أول مرة يتم ابتكارها في قصة عن الملكة كليوباترا، فقد ضمنها الكاتب إبراهيم الورداني في فيلم "القبلة الأخيرة" حيث تضمن الفيلم قيام الفنان رشدي أباظة بدور مخرج يقوم بإخراج فيلم لكليوباترا التي تقوم بدورها زوجته التي جسدتها الفنانة ماجدة حيث يقدم لنا طموحه في تقديم فيلما عن نزوات كليوباترا وليس فيلما تاريخيا، معتبراً انه يقدم فيلم من وجهة نظره الخاصة عن كليوباترا كما ورد بنص الفيلم، وقدم شخصية عشيقها العبد المصري "رامي" وعبّر عن علاقة الحب الساخنة بينهم.

و نجد في شخصية "رامي" شخصية العبد المصري الشهم والطيب، ولا نغفل أن قصة كليوباترا بالفيلم لم تكن هي القصة المحورية فكل ما ورد بها كان خلفية في الأحداث للقصة الرومانسية الرئيسية. ويضيف د. حنا أنه من المهم أيضا أن أشير إلي المشاهد البسيطة المتعلّقة بتصوير فيلم كليوباترا وسط مشاهد الفيلم الرئيسي فقد قدمها المخرج الكبير محمود ذو الفقار بمهارة من حيث الديكور والملابس حتي تصميم الرقصة البسيطة التي أديت أمام كليوباترا أفضل بكثير من الحركات الساذجة غير المتقنة التي قُدمت في الحلقة الأولي من المسلسل، ومع ذلك فإن هذا الفيلم من إنتاج 1967 ولم تكن قصة كليوباترا هي محور الفيلم.

علاقة المصريين بكليوباترا

فيما يختص بطبيعة العلاقة بين الشعب المصري والملكة كليوباترا يذكر الأستاذ عاطف عوض مدرس الآثار بالمعهد العالي للدراسات القبطية أن علاقة كليوباترا بالشعب لم تكن قط بهذا العمق والحب لكي يرمز له بعشق بين رجل وامرأة.

ويذكر انه كان هناك انفصال بين الطبقة الحاكمة وبين الشعب حيث انه كان من الصعب أن يكون هناك تلاحم واتصال وثيق بين طبقة حاكمة لها أصول أجنبية يونانية وبين الشعب مع اختلاف البيئة والثقافة واهم من ذلك وطنية الشعب المصري، خاصة أن الملوك البطالمة لم يتحولوا إلي مصريين ولكنهم تمصروا لأجل التقرب للشعب، واظهروا هذا التقرب خاصة في الأماكن التي يتركز بها المصريون كالوجه القبلي فنجد فيه معابد  بطلمية متعددة، أما في الوجه البحري حيث يكثر وجود عناصر أجنبية مع المصريين فيندر وجود المعابد البطلمية بل نجد بالأكثر معابد يونانية خالصة.

ويؤكد ذلك الثورات التي قام بها شعب الإسكندرية ضد الملكة كليوباترا وتخوفها هي أيضا منها مثال علي ذلك هروبها إلي الحدود الشرقية بعد نجاح أخيها في إثارة شعب الإسكندرية ضدها بسبب رغبتها في الانفراد بالسلطة بعيدا عن بطليموس الثالث عشر.

وأخيرا فالمعروف انه إذا كان المؤلف يريد أن يقدم شخصية تاريخية ما من خلال إبداعه الشخصي، حيث يضيف ويستبعد من تاريخ شخصيتها وحياتها مبتعداً عن الحقائق التاريخية التي يلزم ألا يتجاهلها، فإنه يجب إضافة تنويه إلي مقدمة المسلسل بأن المسلسل لا يلتزم بالأحداث التاريخية وأنهم يقدمون قصة خيالية من وجهة نظر الكاتب كما يكتب مثل هذا التنويه في العديد من الأعمال الدرامية، وذلك لتعريف المشاهد خاصة من لم يدرس هذا التاريخ.

وأخيرا يطالب د. عوض فريق العمل بالمسلسل ولاسيما مؤلفه ومخرجه بالإفصاح عن اسم هذا المتخصص في التاريخ والذي راجع العمل بناء علي ما ذكرته الممثلة سُلاف والذي استقوا منه أحداث المسلسل وتكوين رأيهم عن شخصية كليوباترا وذلك احتراما لعقلية المشاهد العربي.

جريدة القاهرة في

07/09/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)