حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رحيل الكاتب أسامة أنور عكاشة

عميد الدراما التليفزيونية

محمد رفعت

ليس غريباً أن تكون «المصراوية» هى آخر ما كتب عميد الدراما التليفزيونية الراحل أسامة أنور عكاشة،فقد عاش عاشقاً لهم راصداً لأحوالهم ، حالماً بنهضتهم،غارساً قلمه وخياله فى تراب وطنهم، فلم يكن «عكاشة» مجرد سيناريست يكتب السهرات والمسلسلات، ولكنه كان مفكراً وصاحب وجهة نظر شديدة العمق والخصوصية، وعاش ومات، وهو يحلم بالفارس النبيل الذى تتجسد فيه معانى الإخلاص والوطنية وتجتمع حوله أفئدة الناس، ويقودهم للخلاص من السلبية والتبعية وطوفان الأخلاق المستوردة والقيم الفاسدة. وظلت هذه الفكرة تلح عليه فى كثير من أعماله، وخ?صة فى «رحلة أبو العلا البشرى» ذلك المعلم الحالم الذى حاول أن يواجه طواحين الانفتاح السداح مداح ورموز الغش والتدليس، فلم يستطع أن يقف أمامها وحده، وسحقته كما سحقت غيره من المهمومين المعذبين بحب الوطن والحلم المستحيل.

وليس غريباً أن ينسحب «عكاشة» من الحياة العامة تحت وطأة الإحباط والمرض، بعد أن تصور أنه يستطيع أن يشارك فى الحياة السياسية، وانضم بالفعل لأحد الأحزاب الوليدة، لكنه سرعان ما اصطدم بالصراع الطفولى على زعامة الحزب، فكان قراره بتجميد عضويته بعد أن عينوه فى أحد المواقع القيادية بالحزب دون حتى أن يستشيروه، وعاد إلى منبره الطبيعى لتوصيل فكره إلىالناس ورؤيته للإصلاح ومحاولته لتغيير الوعى الزائف بالكلمة والصورة.

وأصدر رواية جديدة عاد فيها لتناول أحد موضوعاته الأكثر إلحاحاً على قلمه، وهى تحالف الثروة والسلطة، وهو الخطر الذى حذر منه فى «ليالى الحلمية»و «الراية البيضا» وأعمال كثيرة أخرى.

فقد كان هذا المثقف الموسوعى متابعاً ومحللاً لكل مايحدث فى مصر من تطورات وأحداث، ولم يكن فى يوم من الأيام درويشاً من دراويش الناصرية، كما يدعى البعض، وكان يدافع دائماً عن المشروع وليس عن الشخص. وأصابته الحملة الشرسة التى شنتها ضده إحدى الصحف بدعوى كراهية الرئيس الراحل أنورالسادات، وطالبت فيها بمنعه من كتابة فيلم عنه بحساسية شديدة إزاء هذه الحقبة المثيرة للجدل من تاريخنا المعاصر، وكان يثور بشدة إذا وجه إليه أحد الصحفيين سؤالاً حول هذا الموضوع. فقد عانى بشدة، كما عانى غيره من المثقفين والمبدعين من شهوة التصني? والتلوين السياسى، وإن ظل حبه لعبد الناصر ملازماً له ومخيماً على أفكاره وآرائه السياسية. وظل إيمانه بالاشتراكية ملمحاً رئيسياً من ملامح تكوينه الوجدانى، بالإضافى إلى عشقه الشديد للإسكندرية التى كتب فيها معظم أعماله، وقدم عنها ثنائية زيزينيا الرائعة.

وفى الإسكندرية أيضاً دارت أحداث روايته الأخيرة التى عاد بها إلى أحضان الأدب «سوناتا لتشرين»، وأقل ما يمكن أن نقدمه لهذا المبدع الجميل أن تعيد هيئة الكتاب جمع وطباعة قصصه وأعماله الأدبية التى قدمها، قبل أن يتحول إلى الكتابة التليفزيونية. فقد ظل «عكاشة» مؤمناً حتى النهاية بأن الأدب المكتوب هو الأصل وأنه الأبقى والأكثر خلوداً مهما كان حجم الشهرة والنجومية التى تحققها الكتابة للسينما والتليفزيون.

والغريب أنه لم يحاول أبداً تحويل أعماله القصصية إلى مسلسلات أو أفلام، وكان حريصاً على أن يوجه العمل الفنى منذ البداية إلى الوسيلة أو «الميديا» التى سيعرض من خلالها للجمهور، ربما لأنه لم يكن محتاجاً لتكرار نفسه أو اجترار أفكاره القديمة، ولذلك فلن تجد فى أعماله رغم كثرتها وتنوعها تشابهاً فى الطرح أو المعالجة، لكنك تستطيع بسهولة شديدة أن تميزها وتتعرف على كاتبها، لأن أعماله كلها «سينييه» أو ماركة درامية مسجلة، وقدرته على الحكى والسرد والحوار لا يستطيع أحد أن يقلدها أو يحاكيها.

أكتوبر المصرية في

06/06/2010

 

أسامة أنور عكاشة أفلامه امتداد لمشروعه التليفزيونى

محمود عبدالشكور 

لم تستفد السينما من طاقة الكاتب الكبير الراحل «أسامة أنور عكاشة» الذى ودَّعناه بعد صراع طويل مع المرض، ويبدو أنه هو أيضاً لم يجد فيها نفسه بعد أن ترجم للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الكبرى التى مرت بها مصر فيما يقرب من معظم سنوات القرن العشرين، وذلك فى أعماله التليفزيونية الشهيرة التى بدأت عام 1976 بمسلسل عنوانه «الحصار» بطولة «صلاح قابيل» مروراً بأعماله الكبرى مثل «ليالى الحلمية» بأجزائها، و«الشهد والدموع» بجزأيه، و«رحلة السيد أبو العلا البشرى» «جزءان»، و«عصفور النار» و«قال البحر» و«الراية البيضا» و«أرابيسك» و«امرأة من زمن الحب»... إلخ.

لو شاهدت هذه الأعمال لتكونت لديك لوحة هائلة عن أهل المحروسة والتغيرات التى حدثت لهم، واختلال بناء القيم لينفتح المجال للبحث عن المادة والحصول على النفوذ بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة.

حصاد «أسامة» فى السينما المصرية محدود، ويدور فى نفس الفلك تقريباً «ماذا حدث للمصريين؟» وكيف تغيروا عندما تغيرت الظروف والأحوال!؟كانت البداية عام 1989 بفيلم «كتيبة الإعدام» من إخراج عاطف الطيب.

ثم فيلم «تحت الصفر» فى العام التالى «1990» من إخراج «عادل عوض» وجاء فيلم «الهجامة» عام 1992 من إخراج «محمد النجار»، وفى نفس العام قدم فيلماً مهماً هو «دماء على الأسفلت» من إخراج عاطف الطيب، وكان هناك مشروع لم ينفذ لكتابة فيلم عن حرب أكتوبر بسبب الهجوم الذى تعرض له «أسامة» لموقفه من حقبة الرئيس «أنور السادات»، ولكننا نلاحظ على الأفلام التى ظهرت إلى النور أنها تتعامل مع الدراما الاجتماعية ذات الخلفية السياسية، ولذلك لم يكن غريباً أن يكون هناك فيلمان من أعماله من إخراج نجم الواقعية الجديدة الراحل «عاطف الطيب» المهموم أيضاً بفكرة التغيرات الاجتماعية التى هزَّت الطبقة الوسطى وقلبت كل الموازين، وجعلت جيلاً بأكمله - وهو جيل عاطف وأسامة - يشعر بالاغتراب الكامل داخل وطنه، وأفضل ما يعبر عن هذا المعنى فيلم «عاطف الطيب» الأهم والأشهر «سواق الأوتوبيس»، وتتردد فى أفلام أسامة القليلة نفس الفكرة تقريباً حيث يجد أفراد هذا الجيل أنفسهم فى موقف الدفاع عن النفس، بل إن الشخصية التى لعبها «نور الشريف» فى «كتيبة الإعدام» تنتهى بالخيانة فى حين أنها خدمت الوطن فى صمت، وسيلعب «نور الشريف» نموذجاً آخر فى «الموت على الأسفلت» غاب ثم عَاد فتسلَّم أشلاء أسرته، وأصبح بالفعل زائداً عن الحاجة: لا يستطيع أن يتبنى المفاهيم الجديدة السائدة، ولا يستطيع أن يقاومها ويمنعها من غزو أسرته الصغيرة أو وطنه بأكمله.

الخطوط فى أفلام «أسامة أنور عكاشة» واضحة تماماً، وهناك انحياز صحيح لقيم أساسية كالأمانة فى مقابل الخيانة والجمال فى مقابل القبح والصدق فى مقابل الكذب. فهو ليس ضد الذين صعدوا إلى أعلى ولكنه - مثل أستاذه الكبير «نجيب محفوظ» فى «أهل القمة» يطرح هذا التساؤل: كيف صعدوا؟ ما الذى قاموا ببيعه وما الذى اشتروه؟ والحقيقة أنك لا تستطيع تحديداً أن تتحدث عن «أسامة أنور عكاشة» أو «وحيد حامد» أو «بشير الديك» أو «عاصم توفيق» أو «رءوف توفيق» وغيرهم ممن قدموا أفلاماً ترصد التحولات الكبرى فى المجتمع المصرى إلاَّ ويأخذك هذا الخط إلى عميد الرؤية وترجمان الوطن «نجيب محفوظ» وقد حاول «أسامة أنور عكاشة» بالفعل أن يتبنى مشروعه وينقله إلى الدراما التليفزيونية فأنتج أعمالاً تعد بالفعل التأريخ الدرامى الاجتماعى للوطن خلال سنوات القرن العشرين.

كان يمكن أن يقدم «أسامة» المزيد من الأفلام التى يتصدرها فيلماه مع «عاطف الطيب»، ولكن الظروف تغيرت، والواقعية الاجتماعية انحسرت، ومخرجوها غابوا عن الساحة، وتفرغ «أسامة» للتليفزيون ليواصل مشروعه فى أعمال مختلفة من أبرزها «المصراوية»، المهم أنك قد تختلف أو تتفق معه ولكنك لا تستطيع أبداً إنكار موهبته ولا أنه كان صاحب مشروع ورؤية للماضى والحاضر والمستقبل.

أكتوبر المصرية في

06/06/2010

 

أحلام «عكاشة»

محمد حسن 

توفى الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، ولم تتحقق أحلامه.

الحلم الأول هو تصوير الجزء الثالث من مسلسل «زيزينيا» بعد مرور أكثر من عشر سنوات على عرض الجزء الثانى، وكان يقول إن زيادة الأجور التى أصبحت مرضاً يهدد الحياة الفنية حالت دون تنفيذ هذا الجزء من جانب قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون.

والحلم الثانى كان هو رغبته الشديدة فى أن يقوم العملاق محمود مرسى باستكمال دوره فى مسلسل «وهج الصيف»، ولكن رحيل محمود مرسى المفاجئ بعد أن صور عشرة مشاهد فقط منع «عكاشة» من تحقيق هذا الحلم.

أما الحلم الثالث فلم يتم أيضاً، فقد كان يريد المبدع الراحل أن يستكمل نجوم الجزء الأول لمسلسل «المصراوية» وهو هشام سليم وغادة عادل وروجينا تصوير الجزء الثانى ولكن للأسف لم تتحقق هذه الأمنية، وهشام ارتبط وقتها بتصوير «حرب الجواسيس»، وغادة عادل طلبت أجراً خرافياً، أما روجينا فرفضت العمل.

أكتوبر المصرية في

06/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)