حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رحيل الكاتب أسامة أنور عكاشة

عن مبدع لا يغيب

راسم المدهون

برحيل أسامة أنور عكاشة، فقدت الدراما العربية واحداً من أبرز فرسانها، على المستوى الفني، وأكثرهم غزارة وتنويعاً على مدار العقود الثلاثة الماضية.

اليوم ومع رحيل هذا المبدع، نستذكر أنه من حقق للدراما التلفزيونية انتقالها الجميل من مسلسلات الحكايات المسرودة إلى مسلسلات «الرواية التلفزيونية»، وكرّس فنه الدرامي لرؤية الحراك الاجتماعي في وطنه مصر، سواء من خلال التاريخ السياسي والاجتماعي القريب، أو حتى في تلك الأعمال التي تناولت الواقع المصري الراهن، وما يعيشه من معضلات.

نتذكر أعماله الكثيرة، ولكن بصورة خاصة عمله الملحمي «ليالي الحلمية» الذي عاش معه المشاهد تاريخاً بصرياً مفعماً بالرؤية العميقة، وبسياقات فنية عالية، جعلت المسلسل يثير جدالات فنية وسياسية لسنوات.

أهم ما تميزت به أعماله أمانة التعبير عن أفكار مختلف القوى، وبالذات الفئات الدنيا، والقدرة على ملامسة أوجاع الناس. وأيضاً ما حملته تلك الأعمال من ملاحظة للتغيرات التي تحدث بفعل عوامل اقتصادية وقعت في هذه المرحلة أو تلك من تاريخ مصر. المشاهد يجد نفسه دائماً أمام رؤى موضوعية لا تنحاز للموقف المسبق، بل للحقيقة الموضوعية، والتي رأيناها دائماً المحرّك لأفعال الشخوص لا باعتبارهم أبطالاً دراميين وحسب، ولكن بوصفهم تعبيرات اجتماعية وسياسية عن بناء اجتماعي له تراكيبه ومفرداته.

كاتب «تلفزيوني موسوعي» عرف كيف يوظف الدراما التلفزيونية للفكر الإنساني النظيف من دون أن يستسلم للشعارات.

هكذا أعادت أعماله الكثيرة الاعتبار الى الحقيقة التي غالباً ما أهالت عليها أيديولوجيات المراحل السياسية المتعاقبة غبارها، فرأينا حقائق لمواقف هذه الفئة الاجتماعية – السياسية أو تلك، بلا تجنٍّ أو مبالغة. ولعلّ هذه النقطة بالذات، هي في أساس بنائه الفني كلّه، والذي ما لبث أن أصبح مدرسة لها أتباعها من كتاب الأجيال التي أعقبت تجربته. يكفي أن نشير إلى أن الكاتب الراحل هو أوّل من منح الكاتب التلفزيوني العربي مقامه الرفيع باعتباره أساس العمل الدرامي الذي تنهض على إبداعه العملية الدرامية.

أسامة أنور عكاشة، كاتب من قماشة مختلفة. ذلك ليس وليد غزارته فحسب، لكنه أيضاً وليد ما حملته تلك الغزارة من بنى فنية ساهمت في تعميق العلاقة بين جمهور المشاهدين المواطنين، وبين الشاشة التي غدت مع أعماله ساحة للجدال الصحي الغائب في صورة شبه كلّية من المجتمعات العربية بفعل غياب الأفق الديموقراطي. فمن أبرز ميزات كتابته تلك الروح الديموقراطية التي تمنحها للشخصيات، أي التي تتجنّب حشرهم في مواقف مسبقة للمؤلف، بل تتركهم ينطلقون في التعبير.

رحيل أسامة أنور عكاشة، هو بكل المقاييس خسارة للدراما، خصوصاً في هذه المرحلة الملتبسة في الساحة الفنية، حيث تنامت عادات إنتاجية طفيلية تنحاز للنجم ولشركات الإعلان، وتنحسر خلالها – إلا في حدود بالغة الضيق – الأعمال الجادة والموضوعية.

الحياة اللندنية في

04/06/2010

 

«الطريق 2000» مسلسل لن يشاهده أسامة أنور عكاشة

كتب مصطفى ماهر - جرجس فكري 

بعد مرور ساعات قليلة من غياب «الأب» كانت «روزاليوسف» هناك داخل مكتبه أو شقته أو ورشته الدرامية أو محل ميلاد معظم أعماله الشهيرة حسب وعد «الابن» المخرج هشام عكاشة لنا فى أول زيارة أو مواجهة فى غيابه وكان لها تأثير خاص.

هشام أسامة أنور عكاشة شاركنا فى تأمل أركانه الحزينة وذكرياته التى ترجمتها الجوائز التى حصل عليها وصوره المعلقة على جدرانه تتصدرها صورة كبيرة لأسامة بين عائلته ومن بينهم هشام صغيرا وأخرى تجمع بين عميد الرواية نجيب محفوظ وعميد الدراما فى حوار مازال ينبض .

على مكتب زعيم الدراما أوراق وسيناريوهات لم تكتمل لمحنا من بينها المشهد رقم 2 من مسلسل «الطريق 2000» وهو المشروع الأخير الذى كان يكتبه وكان مقدراً أن يخرجه صديقه إسماعيل عبدالحافظ.

وهو آخر ما كتب قبل رحلة العلاج الأخيرة.. هشام قال لنا بحزن عميق: هذا المسلسل معه عملان آخران هما «تنابلة السلطان» وكتب منه 15 حلقة فقط، و«رز الملائكة» الذى كنت سأقوم بإخراجه وكتب منه حلقة واحدة، وقد رشحت السيناريست مجدى صابر لاستكماله لأن «أبى» كان يرى نفسه فيه. أحداث مسلسل الطريق 2000 حسبما جاء فى مسودة المشهد الذى حصلنا عليه من هشام عكاشة تدور تفاصيله داخل مكتب محاماة وأبطاله : صابر الرحمانى ومنير ونشوه ويدور فيه حوار بينهم نفهم منه أنه حول ملفات القضايا والمذكرة القانونية لشركة إخوان الشافعى.. ويتوقف المشهد عند حوار نشوه التى تؤكد للرحمانى - ويبدو أنه - أى الرحمانى - كان مشروع شخصية درامية جديدة لعكاشة - على موعد بعد ربع ساعة مع مندوب نفس الشركة.

«هشام» متقمصاً شخصية والده الكاتب العملاق قدم لنا فى نهاية كلامه معنا سيناريو مشهد كتبه بعد رحيله بساعات بعنوان «الفارس يرتحل» تتصدره صورة والده الفارس وهو يرحل تاركا جواده إنها التركة الثقيلة التى تركها «أمير الأدب الدرامى».

مجلة روز اليوسف في

05/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)