حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الثالث

MEIFF

2009

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

فيلم للتونسية رجاء عماري  

«الدواحة».. أسرار النســــــــاء المشوّقة 

المصدر: زياد عبدالله – دبي

يتيح لك الفيلم أن تقدم كل شيء ولا شيء في آن معاً، كما أن المغريات التي يقدمها في زمنه الافتراضي قد تدفع إلى أن يكون الأمر خلطة فنية من الصعب تباين ملامحها، وإن كانت البداية خادعة، وتمتلك إمكانات سرعان ما يتم الانزياح عنها، ونحن نتعقب انقلاب الفيلم وتوجهه إلى مساحة تشويقية تتحول إلى الرهان الأكبر لدى التخلي عن أي رهان آخر.

فيلم «الدواحة» جديد المخرجة التونسية رجاء عماري، له أن يمنحنا فرصة البحث في ما تقدم، والذي يأتي مسلحاً بكل ما له أن يكون نسوياً بالمعنى النقدي للكلمة وهو يقدم قصته وفق رؤية نساء عدة وصراعاتهن المحتدمة المنسجمة مع زاوية رؤية كل واحدة منهن للحياة ونمط العيش وغير ذلك.

عنوان الفيلم الذي يعني باللهجة التونسية «المهد» كما تم التوضيح لنا، لن يكون نفسه في العنوان الإنجليزي للفيلم الذي يصير إلى «أسرار دفينة»، ويمكننا بعد مشاهدة الفيلم اقتراح عناوين أخرى مثل أن يكون «نساء لهن ماضٍ» أو «أموات على قيد الحياة» أو «قصر النساء المنسيات» وغيرها في تعقب لتنقل الفيلم بين أشياء كثيرة.

مع بداية الفيلم نكون أمام ثلاث نساء أشبه بالأشباح، البنت الصغرى تتسلل إلى طابق علوي وتقوم بحلاقة ساقيها فإذا بها تجرح نفسها تحت وطأة الخبط القوي على باب الحمام، وعليه تأخذ بقوة إلى الطابق الأسفل، حيث تعيش مع أختها الكبرى وأمها. ومن ثم نكتشف أنهن يعشن في قصر هائل الحجم لكنه مهجور، ويشغلن طوابقه السفلية حيث كان بيت الخدم، ولنعرف بعد ذلك أن الأم كانت من خدم هذا القصر.

البنت الصغرى كما تقدم لنا مسكونة بأنوثتها المحرمة، تتوق لأن تتبرج وأن تعيش حياتها من دون محرمات كثيرة تمارسها أختها وأمها عليها وبشيء من التطرف الذي يحرمها كل شيء، ولتكون الأم والأخت الكبرى مسكونتين بالهواجس نفسها، لكنهما تستتران خلف قسوة ظاهرية وعلى شيء من الازدواجية، تضعان أقنعة تخفي ما تخفي تحتها وتمارسان كل أنواع التسلط على البنت الصغرى في قمع لكل رغباتها وأحلامها التي لها أن تكتمل عند الرجل.

حدث طارئ يضاف إلى حياة النساء الثلاث، ألا وهو عودة واحد من أبناء مالكي القصر إليه، وسكنه فيه برفقة امرأة، بحيث تتحول قصة الفيلم إلى مجاورة ما يحدث في الطوابق العلوية مع السفلية.

حيث الأغنياء يمرحون ويمارسون الحب ويستمتعون بأوقاتهم، بينما من في الأسفل يعيشون في خوف اكتشاف أمرهم، ويتلقون الفضلات التي يرمون بها، ومع تجرأ البنت الصغرى وصعودها إلى الطابق الأعلى تقع على كل ما يخفى عنها، تشاهد رجلا وامرأة في جماع محموم، ومن ثم تسرق حذاء المرأة الثرية ذا الكعب العالي، كما أنها تتسرب إلى حفلة يقيمونها.

كل ما تقدم يخدم مجاورة الغنى للفقر، الانفتاح والتنعم بالحياة إلى جانب قمع الرغبات والاستقرار على حياة متقشفة في كل شيء، إلا أن هذه القراءة سرعان ما يكتشف بطلانها، مع التقاء الفتاة الثرية في الأعلى مع البنت الصغرى في الأسفل، ومن ثم اعتقال تلك الفتاة وإبقاؤها رهينة حجز النساء الثلاث، وعليه يمضي الفيلم نحو شيء آخر تماماً، ويصبح مسكوناً باكتشاف ماضي النساء الثلاث، وعلى شيء من أفلام الرعب والتشويق، حيث نكتشف ـ ياللهول ـ أن الأم قامت بقتل زوجها الذي اعتدى على ابنته جنسيا وأنجبت منه ابنا يكون مدفوناً في حديقة القصر.

طبعاً يطمح الفيلم إلى تقديم وطأة الماضي على المرأة من خلال البنت الصغرى التي تحرم من كل شيء لا لشيء إلا لأن الماضي الذي لا يد لها فيه قد حصل فيه ما حصل، ولا أعرف إن كانت النهاية المتمثلة في قيامها بقتل أمها وأختها ومشيها في الشوارع بثوب أبيض مخضب بالدماء قد يعني أنها انتصرت على ماضيها.

أجيب عما تقدم بـ«لا»، مع الاستعانة بكل ما يشتت المشاهد عن قراءة كهذه، ضمن ضياع البوصلة وتخبط الفيلم، الذي امتلك امكانية أن يكون غير ذلك، لا بل إن مضيه خلف الماضي بوصفه لغزا علينا أن نشاهد حله يبعدنا تماماً عن الماضي بوصفه مجازاً أو حاملاً لمقولة ما.

تداخل الحياة بين من يسكن طوابق القصر العليا مع السفلى سيكون بمثابة النقطة التي أخرجت الفيلم عن سياقه، لا بل إن ما تبع ذلك سيقودنا إلى فيلم «غوثيك» يمنح هالة من الرعب البسـيط الـذي تحمله القصور الفارهة، مع تذكيرنا في كل مرة عبر مشاهد خاصة أننا أمام نساء يصارعن الشهوات والحرمان.

الإمارات اليوم في

21/10/2009

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)