حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مهرجان كان السينمائي الدولي الثاني والستون

كان 2009

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

أفلام "كان" أبرز محاور "عيد السينمائيين

محمد رُضا

يوم الأربعاء المقبل موعد عشّاق السينما مع الدورة الجديدة من مهرجان “كان” السينمائي الدولي، وبعد 62 سنة على إطلاقه أول مرّة كاملاً (هناك مرّة اغلق فيها أبوابه بعد يومين من افتتاحه إثر غزو ألمانيا لبولندا سنة 1939) لا يزال هذا المهرجان الفرنسي عيداً جامعاً لكل من لديه علاقة ما بالسينما: من النقاد الذين يريدون الاشتراك في فرحة العيد، إلى المخرجين والمنتجين وبقية صانعي الفيلم،إلى رؤساء الشركات التجارية والمؤسسات الثقافية على حد سواء، إلى طلاب السينما في المعاهد وصولاً إلى قطاعات الموظّفين العاملين في حقول الخدمات العامّة مثل قيادة السيّارات الموضوعة بتصرّف النخبة، والحرس الخاص والموظّفين المنتشرين لتأمين الشؤون جميعاً. كل هؤلاء وغيرهم ينتظرون المهرجان لأسباب تتراوح بين العمل الإضافي والمتعة الصافية بالتواجد في مهرجان حافل كهذا.

المحور يبقى تلك الأفلام الكثيرة والمتعددة، وفي جانب ثالث، المتباينة. التي يجمعها المهرجان ليعرضها ما بين الثالث عشر والرابع والعشرين من الشهر ويبلغ عددها في الأقسام الرسمية للمهرجان فقط 58 فيلماً.

أربعة من هذه الأفلام شاهدها هذا الناقد في مناسبات سابقة هي فيلم بدرو ألمودوار الجديد “عناقات مكسورة” المعروض ضمن المسابقة، و”شمشون ودليلة” لوورويك ثورنتون و”ثمين” للي دانيالز، وهما فيلمان يعرضان في نطاق تظاهرة “نظرة ما”، كما فيلم “أمريكا” للبنانية- الكندية شيرين دبس، المعروض في التظاهرة المنفصلة التي تقيمها جمعية المنتجين الفرنسيين تحت مظلّة “نصف شهر المخرجين”.

أبرز هذه الأفلام، نسبة لشهرة مخرجها على الأقل، هو الفيلم الجديد للإسباني بدرو ألمودوار الذي اشترك أكثر من مرّة في مسابقات المهرجان الفرنسي ولم ينل بعد السعفة الذهبية رغم ما يتمتّع به من مكانة وتقدير.في السنوات الأخيرة مال المخرج الإسباني بدرو ألمودوار إلى تكثيف المعنى الآتي من عمق الشخصيات التي يتناولها كاشفة عن المزيد من توجهه البحث عن الهوية الأسبانية في أعماله. ألمودوار أكثر مخرجي فترة ما بعد حكم الجنرال فرانكو شهرة، والوحيد الذي وازاه هذه الشهرة من إسبانيا كان المخرج الراحل لوي بونويل الذي انتهى إلى الهجرة إلى المكسيك بعيداً عن متناول حكم فرانكو اليميني، وفي حين أن أعمال بونويل كانت، في مجملها، سوريالية فإن أعمال ألمودوار، في مجملها، ميلودراميات عاطفية وبضع دراميات داكنة الصورة آخرها، في هذا الاتجاه “تعليم سيئ”، لكن البحث عن ذات إسبانيا في شخصياته لا يتوقّف وهو طابع مشترك بين غالبية السبعة عشر فيلماً التي حققها إلى الآن.

يدور “عناقات مكسورة” عن حب صعب وعلاقة أصعب بين الممثلة التي تحاول الهرب من تعلّق مليونير بها، فرش لها الطريق وصرف عليها وأسسها بين نجمات السينما الاسبانية من فرط إعجابه بها. وإلى حين بادلته التقدير وارتبطت معه بعلاقة عاطفية، لكنها الآن تريد الهرب منها ومنه.

يسرد الفيلم قصّته ذات الإطار البسيط ظاهرياً عبر سلسلة من “الفلاش باك” مصدرها مخرج وكاتب سينمائي سابق يجلس الآن في دارته بعدما أصيب بالعمى (لويس هومار). كيف اكتشف الممثلة الجميلة لينا (كروز) وأحاطها بما يناسب موهبتها؟ وكيف استبدلت لينينا كل طموحاتها الفنية بالعيش الرغيد منذ أن تعرّفت إلى رجل الأعمال أرنستو (جوزي لويس غوميز) الذي ساعدها الوصول إلى ما تبتغيه لكن ليس من أجل جمال عينيها فقط؟

يستعير ألمودوار هنا من السينما الواقعية الإيطالية بعض أوجه التعبير لكنه يعتمد أكثر على نصوص وشروط معدّلة بما يناسب الموضوع الميلودرامي الذي يعمل تحت مظلّته. عملياً، لا الكتابة ولا اختيار مواقع التصوير يؤدّيان إلى ما أدّى اليه النوع المعروف ب”الفيلم نوار”. كذلك لا ينجح التصوير في استعادة تلك الأعمال النادرة في تاريخ السينما في الخمسينات حين كان الأبيض والأسود أكثر تأثيراً في دفع المشاعر، تلك التي داخل الممثلين وتلك التي داخل المشاهدين، إلى التلاقي في فضاء الصالة. لذا فإن النتيجة تخص المخرج وأسلوبه في النهاية ما سيقسم المشاهدين إلى معجبين متيّمين، كالعادة أو حذرين.

إلى ذلك، فإن العنصر المثلي دائم الوجود في أفلام ألمخرج يعاود الإطلالة هنا. في الأساس كل قصص الحب في أفلام ألمودوار لا تشي بالحب الطبيعي بل تحاول أن تؤكد أنه أشبه ب”عناقات مكسورة”، كما يفصح العنوان.

  

الثغرات ربما تهدد "أنذال" تارانتينو

إذ يعرض المخرج الأمريكي كونتين تارانتينو فيلمه الجديد “أنذال غير جديرين بالمجد” مع خطأ مقصود أو غير مقصود في كلمة العنوان “Basterds” في مسابقة مهرجان “كان” المقبل، فإن الكثير يُكتب عنه هذه الأيام ومن باب الاهتمام والتقدير. هو بلا ريب مخرج مختلف في تركيبته الشخصية وما ينتج عنها على الشاشة من تركيبة فنيّة، لكن ذلك لا يعني مطلقاً أنه مخرج جيّد على الدوام أو حتى في غالبية أعماله. في أفضل حالاتها هي أعمال غير متساوية وحين تزداد ثغرات أي منها فإنه من السهل على الفيلم السقوط على نحو فني مدو، لولا بالطبع أن التقدير الغربي (وبعض العربي) ناتج عن أن أسلوب تارانتينو البصري يغلب على رغبة الكثيرين تحليل أعماله بحثاً عن جوانبها غير المؤيدة لمشروع انضمامه إلى صنف “كبار المخرجين”. وبالتالي، فإن معاملته سائرة على هذا الوجه، تكشف بعض أفلامه عن أنها معاملة أعلى، عملياً، مما يستحق.

لا يستطيع المرء الحكم على “أنذال غير جديرين بالمجد” إلى حين عرضه. لكن يستطيع المرء النظر إلى سوابق المخرج، أو بعضها على الأقل، ليرى أين أصاب وأين أخطأ.

بداية من آخر ما عُرض له من أفلام، وهو “برهان موت”، سنجد أن الاهتمام الذي واكب هذا الفيلم عمد إلى الحديث الوفير عن الحوار الذي يستخدمه تارانتينو في أفلامه كما لو كان حواراً مفعماً وبالغ الدلالات. وفي العديد من أفلامه، نجد مثل هذه الحوارات. إنها بين روبرت دي نيرو وسامويل ل. جاكسون في “جاكي براون”، وبين الأخير وجون ترافولتا في “بالب فيكشن”، كما بين روزانا دوسون وروز مغووَن وفانيسا فرتيلو في “مضاد للموت”.

ومع أن الغاية المصرّح بها من الفيلم هي التماثل مع الأفلام التجارية الرخيصة التي أنتجت في السبعينات من القرن الماضي، إلا أن تلك الأفلام لم تحتو على مشاهد حوارية طويلة. ولا كان تقديم الشخصيات يستدعي فيها ذلك التمهيد الطويل. وهذا برهان على أن فترة التمهيد وطولها لا علاقة لهما بجدوى وقيمة الفيلم أياً كان. هذا الحوار بات مقصداً بحد ذاته من أوّل أفلام تارانتينو “كلاب المخزن” حيث نتابع مجموعة من اللصوص العطشى للثراء والعنف في مرحلتين: واحدة قبل سرقة المصرف، وأخرى بعدها. معظم الحوار الذي ينطلق في هاتين المرحلتين لا علاقة له بالقصّة على الإطلاق.

سيكون بالإمكان، حين نرى “أنذال غير جديرين بالمجد”، المقارنة بينه وفيلم روبرت ألدريتش المشابه في تكوينه القصصي وهو “الدزينة القذرة”. كلاهما يحكي عن مهمّة صعبة خلف خطوط العدو النازي وكلاهما يتحدّث عن منفّذين خارجين على المجتمع في عملية قد لا يعودون منها أحياء. روبرت ألدريتش أيضاً حقق أفلاماً بدت مختلفة في الخمسينات والستينات، لكن في حين أنه كان يصر على عملية سينمائية بحتة، فإن هناك اتباعاً لتقاليد في السينما جعلت من أفلامه أكثر جدارة.

الخليج الإماراتية في 10 مايو 2009

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)