حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مهرجان كان السينمائي الدولي الثاني والستون

كان 2009

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

«كان» يفتتح دورته للمرة الأولى بفيلم تحريك ثلاثي الأبعاد...

«أعلى!»: دراما بصرية واعدة وتكريم لذكرى سبنسر ترايسي

ابراهيم العريس

حدث في مرات أن شاركت أفلام تحريك (رسوم متحركة) في مهرجانات سينمائية كبرى، ومنها مثلاً الفيلم الأميركي «شريك»، الذي عرض جزؤه الأول في احدى دورات مهرجان «كان». وحدث في مرات أن فازت أفلام من هذا النوع بجوائز كبرى في مهرجانات من هذا العيار. ولكن لم يحدث أبداً، قبل دورة هذا العام من مهرجان «كان» أن كرست ليلة الافتتاح، ليلة النجوم والجواهر والأزياء الفاخرة، لفيلم تحريك. انها بدعة، بالتأكيد، لكن اللافت أن أحداً لم يستهجنها، ولا ارتفعت أصوات ولو بقدر أدنى من الاحتجاج. ومن الصعب أن نقول هنا ان الفيلم الذي تم اختياره لافتتاح التظاهرة الرسمية في هذه الدورة، التي تبدأ أعمالها مساء الأربعاء المقبل، فرض نفسه لمستواه الفني أو غرابة موضوعه... فالفيلم لم يشاهد بعد، إلا من جانب صانعيه (شركة بيكسار) ومن قبل لجنة الاختيار في «كان». أي بكلمات أخرى، ان الموافقة العامة على عرض هذا الفيلم - أو، على الأقل، عدم الاحتجاج على عرضه - في الافتتاح، لا علاقة لها بقيمة الفيلم، علماً أنه إذا كان من المعتاد في شكل عام أن يكون فيلم الافتتاح في مهرجان ما، واحداً من أقوى الأفلام المعروضة في المهرجان، فإن هذا التقليد لم يعد وارداً، منذ زمن بعيد، لا في «كان» ولا في غيره... وذلك بسبب بسيط تم التنبه اليه، أخيراً، وهو أن ما من أحد يمكنه، أصلاً، أن يحدد أن فيلماً ما هو الأفضل أو الأقوى، إلا لجنة التحكيم وفي ليلة الاختتام. ومن هنا لم يعد العرض في الافتتاح حكم قيمة، بل تعبيراً عن أن الفيلم المعروض يشكل ظاهرة ما. والحقيقة أن الفيلم الذي نحن في صدده هنا، والذي سيشاهده أهل «كان» في عرضه العالمي العلني الأول، بعد أيام، وهو «!UP»، هو فيلم - ظاهرة في كل معنى الكلمة. ولم يكن في حاجة الى أن يتم اختياره في افتتاح «كان»، كي يؤكد هذا.

جوائز بالجملة

ففي الدرجة الأولى هو فيلم من انتاج «بيكسار»، لحساب والت ديزني. وبيكسار هي المؤسسة التي تقول سمعتها الآن إنها أحدثت خلال السنوات الأخيرة واحدة من أهم الثورات في تاريخ سينما التحريك. بل يقال أيضاً إن «بيكسار» باستوديواتها، وابتكاراتها الجديدة في عالم التحريك، هي التي أنقذت «ديزني» من تفوق دريم ووركز عليها في ميدانها السينمائي الأمثل، أفلام التحريك. وحسبنا أن نذكر بعض انتاجات «بيكسار» الأخيرة حتى نتيقن من هذا: «توي ستوري» (1995) و «حياة بقة» (1998) و «توي ستوري2» (1999) و «وحوش وشركاهم» (2001) و «العثور على نيمو» (2003)، و «سيارات» و «راتاتوي» بعد ذلك وصولاً الى «واللي» الذي كان آخر الفائزين بالأوسكار حتى اليوم. ونعرف أن بيت دوكتر وبوب بيترسون، صاحبي «واللي» هما اللذان حققا «UP»... وهنا قد يكون مفيداً أن نذكر أن أفلام بيكسار حققت حتى الآن 22 جائزة أوسكار (في مختلف المجالات الفنية والتقنية) و4 غولدن غلوب، و3 آمّي...

غير أن UP، يبدو مجدداً، حتى خارج اطار أفلام «بيكسار» في موضوعه وأجوائه أيضاً. إذ هنا، ومن جديد، يعود فيلم التحريك الى الانسان ليروي حكاية عنه وعن مغامراته... حكاية قد تكون حافلة بالمواقف المضحكة والمغامرات الطريفة، لكنه في خضم ذلك، لا يبتعد من الدراما والمواقف العاطفية. وذلك بدءاً من حبكته نفسها التي تروي لنا حكاية السيد كارل فردريكسن، الذي تقاعد بعد عمر قضاه في بيع البالونات. وسنفهم هنا أن كارل حين كان صبياً التقى فتاة حسناء تدعى ايلاي ورغب في الزواج منها... وهي كانت تحلم دائماً بزيارة أميركا الجنوبية. لكن المسكينة ماتت قبل أن تحقق ولو جزءاً يسيراً من أمنيتها هذه. واليوم، إذ وجد كارل نفسه أمام خطر أن يُبعد عن بيته ويوضع في مأوى للعجزة، يقرر أن يقوم برحلة في بلدان أميركا الجنوبية تحية لذكرى فتاة أحلامه الطفلة الراحلة، إذ كان وعدها بذلك. أما الرحلة فسيقوم بها على متن «مركبة» طائرة صنعها من عدد لا يحصى من البالونات. لكنه لن يكون وحيداً في رحلته، بل يصحب معه صبياً في الثامنة يدعى راسل، وكذلك كلباً صغيراً يسميانه داغ. ان هذا هو إطار فيلم UP. ولنا أن نتصور، حتى من قبل مشاهدة الفيلم، أي وعد بصري أخاذ يقدمه لنا: منزل من بالونات يطير من مدينة الى أخرى ومن بلد الى آخر. ولكن أيضاً من مغامرة الى أخرى. ويمكن منذ الآن الحكم بصرياً، في شكل شديد الإيجابية على الفيلم، من خلال صور منه وزعت ونشرت حتى الآن، ومن خلال عرض لبعض المخاطر والمجازفات التي يتعرض لها رحالتنا الثلاثة.

ظاهرة قديمة

لكن هذا ليس كل شيء. وقد يكون من الصعب الافتراض أنه وحده قادر على جعل دورة أساسية وكبيرة من دورات «كان» تضع UP في حفل افتتاحها. إذ يبقى عنصر أساسي، هو الذي يجعل العرض في حد ذاته مناسبة للاحتفال بثورة تقنية جديدة/ قديمة، بدأت تتفاعل مع واقع السينما معطية اياها بعداً انتقالياً مدهشاً. وهذا العنصر هو أن الفيلم مصور ومعروض بأسلوب الأبعاد الثلاثة... اذ ان الفيلم مجسم، ومن المنطقي ان نظارات خاصة (زرقاء وحمراء) ستوزع على المتفرجين قبل دخولهم الصالة. وهي نظارات، من دونها لا تمكن مشاهدة هذا الفيلم... أما معها، فإن الفيلم يتحول الى عالم رائع من الخيال البصري، حيث وكما هو معروف يحول هذا الأسلوب الصور والمشاهد الى عالم مجسم يبدو على الشاشة وكأنه يخرج منها ليملأ الصالة، مشعراً المتفرجين أنهم - هذه المرة - في قلب الحدث. لقد قلنا هنا إنه أسلوب جديد/ قديم، ونعنيه حقاً... لأن أسلوب السينما المجسمة الثلاثية الأبعاد، كان وجد للمرة الأولى بشكله التجاري التطبيقي أواسط الخمسينات من القرن الماضي وصورت به أفلام عرضت بالفعل ووزعت النظارات نفسها لمشاهدتها. غير ان الظاهرة سرعان ما خبت يومها، لأن التطور التقني للفن السينمائي كان لا يزال يجعل التنفيذ باهظ الكلفة، والنتيجة غير دقيقة بل مزعجة أحياناً، ومن هنا صُرف النظر يومها عن الاستمرار، ووضعت المشاريع على الرف، كما وضعت على الرف تقنيات عدة أخرى. أما العودة اليها اليوم، فناتجة، من ناحية من التقدم التقني الذي حصل، مقابل الاستفاضة في الانفاق على كل أنواع الأفلام، ومن ناحية ثانية، من أن السينما تبدو في حاجة متزايدة الى الالتفاف على تقدم التلفزة وتقنياتها في شكل ينافس السينما أكثر وأكثر. ولئن كان الجديد الآن يكمن في أن أسلوب الأبعاد الثلاثة المجسم يطبق على سينما التحريك، فإن السينما تبدو منذ زمن في حاجة الى الاستفادة من هذا الأسلوب السينمائي المتجدد والمستعاد، إذ يبدو أن ثمة الآن مشاريع عدة لتحقيق أفلام مغامرات ضخمة، بالتحريك أو من دونه، ستعرض في الصالات مجسمة... ثم في التلفزيونات بتقنية عالية مدهشة انما من دون تجسيم.

ومن هنا يمكننا القول منذ الآن، ان ثمة في الأفق مرحلة انتقالية لفن السينما، ربما هي في انتظار ما ستكون عليه ردود الفعل، الأكثر أهمية من ردود فعل الجمهور المراهق الذي لا شك يستهويه هذا الأسلوب الجديد، كي تواصل طريقها، محدثة في سينما اليوم ثورة قد تقارن بثورة السينما الناطقة، ثم ثورة السينما الملونة فثورة السينما سكوب... والحقيقة أننا إذا نظرنا الى الموضوع من هذا المنظور، سندرك أهمية عرض الفيلم الجديد UP في افتتاح «كان». أما محبو تاريخ السينما ولعبة التكريمات، فقد يحبون للمناسبة أن يعرفوا أن مخرجي UP، حين رسما ملامح شخصية الفيلم الرئيسة، كارل فردريكسن (وينطق عنه الممثل المعروف ادوارد آزنر)، أصرا على أن تكون ملامحه مقتبسة من ملامح ذلك النجم الهوليوودي الكبير والذي عاش بين 1900 و1967... سبنسر ترايسي ما يعني أن هذا الفيلم قد يصح اعتباره، أيضاً، تكريماً لذكرى واحد من أفضل الفنانين في تاريخ السينما الهوليوودية.

الحياة اللندنية في 8 مايو 2009

 

ما الذي يمكن توقعه من لجنة تحكيم فاتنة الى هذا الحد؟ 

من المعروف عادة أنه حين يختار مهرجان ما، أو أية مسابقة من المسابقات، لجنة التحكيم، يكون قد تحدد سلفاً، إن لم يكن اسم الفائز والفائزين، فعلى الأقل التوجه الذي تسير الاختيارات النهائية اليه. وطبعاً، لا يشذ مهرجان «كان» عن هذه القاعدة، حتى وإن كنا نعرف أن بعض المحكمين، لغرابة أطوارهم، أو لإحداث صدمة ما، يختارون ما هو معاكس تماماً لكل ما كان متوقعاً منهم. وهذا ما حدث العام الفائت في «كان»، حيث أعطت لجنة التحكيم برئاسة شون بن، سعفتها الذهبية الى الفيلم الذي كان متوقعاً أقل من غيره. واستبعد بن من الجوائز صديقيه كلينت ايستوود وانجلينا جولي. فما الذي يمكن توقعه هذا العام من لجنة التحكيم التي ترأسها الفنانة الفرنسية ايزابيل هوبير، وتضم اليها أربعة مبدعين هم المخرج التركي نوري بلغي جيلان، والكاتب الانكليزي - من أصل باكستاني - حنيف قريشي، والمخرج الأميركي جيمس غراي والسينمائي الكوري لي شانغ دونغ، ثم - بخاصة - أربعاً من الممثلات العالميات اللواتي عرفن بثقافتهن الرفيعة: آسيا آرجنتو (ايطاليا)، روبن رابت بن (الولايات المتحدة) شو كي (تايوان، هونغ كونغ) وأخيراً فنانة الهند الكبرى شارميلا طاغور؟

طبعاً لا يمكن التكهن بالنتائج منذ الآن... بل لن يكون هذا ممكناً حتى بعد عرض الأفلام العديدة المشاركة في المسابقة. ولكن في المقابل يمكن القول إن ثمة حساسيات معينة، قد يكون لها دور في نهاية الأمر. فالسينمائيون من أعضاء اللجنة (وحتى حنيف قرشي سينمائي رغم أن شهرته الكبرى تجعله واحداً من كبار الروائيين، فهو كتب سيناريوات عدة، منها «غسالتي الجميلة» لستيفن فريرز، كما حقق شرائط قصيرة)، هم من المعروفين بنخبوية تفضيلاتهم السينمائية، ومن الذين شارك معظمهم في افلام تتسم بأبعاد انسانية أكيدة، ومعظمهم يقف في منطقة مشتركة بين التمثيل والاخراج والكتابة (آسيا آرجنتو هي في المجالات الثلاثة معاً، كما أن روبن رايت بن هي امرأة شون بن، ومن حواريي الراحل جون كازافتس، اضافة الى أنها تعتبر أحياناً أجمل امرأة في هوليوود).

ولنضف الى هذا أن معظم أعضاء لجنة التحكيم هم من رواد «كان» الدائمين، وليس فقط في مجال النجومية (مثلاً، في عام 1978، نالت ايزابيل هوبير، وكانت لا تزال مراهقة غير معروفة، جائزة أفضل تمثيل نسائي عن دورها في فيلم «فيوليت نوزيير لكلود شايرول). فمثلاً نعرف، في هذا السياق أيضاً أن جيمس غراي عرض في تظاهرات «كان» آخر ��لاثة أفلام حققها («الياردات» و «الليل لنا» و «عاشقان») وكذلك حال جيلان («من بعيد» و «مناخات» و «ثلاثة قرود»). ونال جوائز كبيرة... ويمكننا أن نواصل لنذكر شارميلا طاغور، التي مثلت تحت ادارة ساتياجيت راي ومرنال سن، وتعتبر الى جانب شعبانة عزمي، أشهر ممثلات الأفلام الجادة في السينما الهندية. صحيح، في المقابل، أن اسم شوكي، الممثلة التايوانية الأصل، ارتبط بسلسلة فضائح وعشرات الأفلام الأولى ذات الطابع الاباحي، غير أن ثمة في فنها وسيرتها، جانباً آخر، أكثر ثقافة بكثير، حيث نعرف أنها خلال السنوات الأخيرة مثلت، بين أقصى آسيا، وأوروبا وأميركا، أفلاماً مميزة آخرها «نيويورك أحبك» ومن قبله «أخوة الدم»، وبخاصة «ثلاث مرات» تحفة هوهسياو هسين، الذي كانت مثلت معه في «ميلينيوم مامبو» (2001)... ويقول محبو هذه الفاتنة الصينية إنها حسبها أن تكون مثلت في هذين الفيلمين حتى تؤمن لنفسها مكانة لا بأس بها في عالم سينما المهرجانات. ويمكننا أن نضيف هنا الى سيرة شوكي مواقفها من أجل حرية المرأة وانصافها في المجتمع، وهو أمر تشارك فيه ايزابيل هوبير، وشارميلا طاغور، وبخاصة آسيا آرجنتو وطبعاً روبن بن (التي عرفت عنها مواقف راديكالية تتعدى قضية المرأة الى القضايا السياسية والاجتماعية)... ويقيناً أن هذا الواقع يخلق حساسية اضافية قد تلعب دوراً ما، في الاختيارات في نهاية الأمر. صحيح أن عدد السينمائيات النساء، المتسابقات واللواتي يتعين على لجنة التحكيم أن تفاضل بينهن وبين زملائهن الرجال، قليل، ومع هذا لا بأس من النظر ناحيتهن منذ الآن، ولا سيما منهن جين كامبيون التي تعود الى مسابقة «كان» الرسمية، بعد عقد ونصف العقد من فوزها بـ «السعفة الذهبية، عن تحفتها «البيانو».

طبعاً سيكون من الهرطقة، ايراد أي توقع منذ الآن.. ومع هذا، مع لجنة تحكيم مدروسة بعناية مثل لجنة تحكيم دورة هذا العام من كان، يمكن توقع أي شيء... بما في ذلك الوصول الى ما هو... متوقع.

الحياة اللندنية في 8 مايو 2009

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)