حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مهرجان كان السينمائي الدولي الثاني والستون

كان 2009

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

كان يهرب من الأزمة إلى الأمام: دورة المخرجين الكبار

هوليود - محمد رضا

بين اثنين

في حين تتألّف لائحة مهرجان برلين أو لائحة مهرجان نيسيا من خليط من المخرجين الجدد والمتوسّطين والقدامى، تتألف لائحة مهرجان كان عادة من خليط من المخرجين الكبار. الجدد موجودون لكن بحدود، والتفضيل لمن يحمل اسماً أكبر من قصر المهرجانات ذاته.

هذا العام لا يختلف إلا في أن عدد المخرجين (الكبار) المشتركين فيه أعلى من عددهم في السنوات السابقة..

فمن بين الأفلام العشرين المشتركة في المسابقة نجد تسعة عشر مخرجا سبق لهم الاشتراك في دورات كان السابقة.. الوحيد الذي يشترك لأول مرّة هو المخرجة الفرنسية إيزابيل كواكست التي تتقدّم بفيلمها Map of the Sounds of Tokyo وهو فيلم تشويقي صوّرته المخرجة في اليابان مع فريق مختلط من الممثلين بينهم الياباني رينكو كيكوتشي والفرنسي سيرغي لوبيز ويدور حول موظّف في سوق السمك في الظاهر بريء مثل سمكة خرجت من الماء وفي الباطن قاتل مأجور.

زبائن المهرجان

أكثر المخرجين الذين يؤمّون هذه الدورة الثانية والستين التي تنطلق بعد أسبوع، تردداً على كان هو البريطاني كن لوتش الذي أم المهرجان عشر مرّات من قبل.. هذا العام هو في فيلم مختلف بعض الشيء عن أعماله الاجتماعية - السياسية السابقة هو Looking For Eric دراما خفيفة حول ساعي بريد يطمح للاشتراك في مباريات كرة قدم لكن في حياته ومستواه البدني كما النفسي أموراً لا تسمح له بذلك.مخرج آخر من المترددين كثيراً هو الفرنسي الآن رينيه الذي أمّ المهرجان الفرنسي أول مرّة سنة 1959م حين قدّم (هيروشيما حبيبيتي) الذي نال عنه السعفة الذهبية.

أما الباقون، من أمثال الأسباني بدرو المودوفار والفرنسي جاك أوديار والإيطالي ماركو بيلوكيو والهولندي ميشيل هانيكَ والأميركي آنغ لي والفلسطيني إيليا سليمان والكوري بارك تشان- ووك والأميركي الآخر كونتين تارانتينو والدنماركي لارس فون تراير... كلّهم سبق لهم الاشتراك من قبل وبذلك يؤلّفون مفهوم (الزبون) الذي يشتري من محل ما فيداوم العودة إليه في كل مرّة لديه فيلماً جديداً.. ليس إن (كان) يشكو من تكرار الأسماء.. بالنسبة إليه، وفي محيط من المآزق الماديّة، فإن عودة المخرجين المعروفين (أو (الكبار) كما يفضل البعض القول) هي هديّتهم إلى المهرجان الذي سبق لهم وإن دفع بمشاويرهم المهنية إلى الأمام حين اختاروا الاشتراك فيه من قبل.

إذا أردت، هي مسألة إفادة متبادلة: المخرج يعود إلى رحاب المهرجان الأكبر في العالم، والمهرجان يجد سهلاً الحفاظ على أهميّته تلك وتخطّي المنافسات باستقبال العائدين إليه من زبائنه السينمائيين في كل مرّة. وفي خضم الأزمة المالية، فإن آخر ما يريده كان لنفسه هو أن يتعثّر ويقع لأن النهوض ليس هيّناً على الإطلاق. وهو يتجنّب الوقوع طالما أنه قادر على إثارة اهتمام الإعلام والمحفل السينمائي بأسره بما يعرضه من أعمال. إذا ما سقط في تجربة استحواذ هذا الاهتمام بحث هؤلاء عن بديل. وحتى ولو لم يفعلوا سريعاً، فإن الوضع الاقتصادي والغلاء كان كافيان للبقاء بعيداً عن احتفالاته وقراءة أخباره ونشاطاته بواسطة الإنترنت.

الإبداع العربي بالغياب

إذاً هذا المهرجان، وبعض أهم المهرجانات العالمية الأخرى، ليس أمامه سوى الهرب إلى الأمام في مواجهة الأزمة وغايته النجاة. والأسماء الكبيرة التي يحشدها هذا العام هي حزام أمانه والسبب المهم الذي به سيصادر الأزمة الاقتصادية القائمة عوض الاستسلام لها أو تركها تصادره.. لكن باستقبال هذا العدد الكبير من المخرجين المعروفين، فإن شكل الدورة لا يمكن أن يحوي أعمالاً من اتجاهات العالم الأربعة أو من قاراتها الخمس.. مثلاً الإبداع العربي متمثّل بالمخرج الفلسطيني إيليا سليمان، على الرغم من أن الإنتاج إسرائيلي، لكن في المقابل سوف نجد أن السينما اللاتينية الأميركية غير متوفّرة على الإطلاق لا في المسابقة ولا في التظاهرات الرسمية الأخرى.

وفي حين أن الأفلام القادمة من أقطار آسيوية (غالباً شرق آسيوية) تحتل مكانة مهمّة بوجود أعمال كورية وفيليبينية وتايوانية إلى جانب الفيلم الفلسطيني وعنوانه (الزمن الذي يبقى)، فإن أوروبا الشرقية من روسيا إلى المجر ورومانيا وبولندا وجمهورية التشيك وسواها إما غير موجودة أو موجودة بصورة محددة مكتفية بالإطلالة الموجزة.

والهند بدورها غير موجودة كذلك القارة الإفريقية (باستثناء فيلم واحد خارج المسابقة) ولا داعي لنكرر أن الدول العربية تبتعد مجدّداً كما لو كانت آتية من كوكب بعيد ولن تصل إلى المنصّة إلا بعد ألوف السنوات الضوئية.

فلا المصرية تملك الوسيلة، ولا اللبنانية والسورية والخليجية تملك القدرة، وحتى الدول القريبة من الحدود الفرنسية مثل المغرب والجزائر وتونس، تجد نفسها عاماً بعد عام غير قادرة على اجتياز المسافة بين الساحلين بأفلام جيّدة.

والناقد أو السينمائي العربي الموجود هناك يحاول أن لا يبدو متأثّراً لكنه يدرك، إذا ما سمح لنفسه ببعض التأمّل، أنه منتم هنا إلى أقليّة لا محل لها من الإعراب. تكمن في خانة هامشية لا يُكترث لها كثيراً إذا ما أم المهرجان أو لم يحضره مطلقاً.. يتسلّى البعض، كما فعلت في العام الماضي، بفكرة أنه من عداد لجنة التحكيم التابعة لاتحاد النقاد الدوليين العرب، لكنه في الوقت ذاته يعلم أن الأمور الفاصلة في هذا المحفل ليست بيد أي ناقد من أي مستوى أو من أي مكان.

تبادل ثقافات

على الرغم من ذلك، يشعر الواحد أنه من الأفضل أن يحضر على أن لا يحضر. يدرك أن لديه مسؤولياته تجاه قرائه وهي مسؤوليات مساوية تماماً لأي ناقد فرنسي أو أميركي أو بريطاني تدعوه إدارة المهرجان على حسابها. كل ما في الأمر أن معظم النقاد العرب إما يشاركون صحفهم بالتكاليف أو يدفعون التكاليف كلها من جيوبهم الخاوية، هذا ما يفسّر السبب الذي من أجله انحسر حتى الإقبال الإعلامي العربي من معدّل 50 صحافياً وناقداً في الثمانينات إلى نصف هذا العدد (أو أقل قليلاً) في السنوات الثلاث الأخيرة.

هذا كله لا يدخل بالطبع ضمن المواضيع المطروحة على الشاشة.. لن يفكّر أحد في إخراج فيلم عن ناقد يحب السينما ويخاف أن يغيب عن عيدها الكبير هنا فيؤلب عليه الديون وينكش آلام أوضاعه المادية لأجل أن يحضر.. ما نجده هنا، هذا العام تحديداً، مجموعة من الأفلام التي يغلب عليها موضوع التبادل الاجتماعي والثقافي بين الدول. بكلمات أوضح: أبطال عدد من الأفلام هم شخصيات غريبة على المجتمع الذي تزوره، أو هي من المجتمع ذاته لكنها غريبة عنه على أي حال.. ربما فتحت المخرجة الأميركي صوفيا كوبولا والمخرج التركي فاتح أكين الباب بشكل موسّع حين حققا قبل أربعة أعوام فيلمين في هذا المجال. صوفيا أنجزت (مفقود في الترجمة) عن الأميركي الذي يمضي أياماً معزولة في اليابان، وفاتح أكين حقق (صّدام) حول التركي- الألماني الذي يعود بحثاً عن فتاة سبق لها الهجرة إلى ألمانيا ثم عادت أدراجها إلى تركيا وكيف تعاملت مع التباين الثقافي والاجتماعي بين البلدين.. هذا لأن هذا الوضع نراه مطروحاً في عدد من الأفلام الجديدة عبر قصص مختلفة.

في (وجه) الذي يقدّمه المخرج التايواني تساي مينغ-ليانغ في إطار مسابقة هذه الدورة نجد قصّة مخرج فرنسي يصوّر فيلمه في تايوان. فيلم المخرج الصيني (المولود في هونغ كونغ) جوني تو، وعنوانه (انتقام) يدور حول قاتل فرنسي سابق يعيش ويعمل الآن طبّاخاً في بعض المطاعم الشهيرة، مطلوب منه العودة إلى هونغ كونغ لينتقم من قتلة ابنته التي كانت تعيش هناك.

في (الفراغ) لغاسبر نو نجد حكاية شاب فرنسي وشقيقته يعيشان في طوكيو ويعملان في تجارة المخدّرات. والعيش في البلد الأجنبي ضمن متاعب مزدوجة هو موضوع فيلم (خريطة الأصوات في طوكيو) لايرابيل كواكست كما سبق القول.

بالنسبة لهذه الأفلام فإن الغربة أو الانتقال عبر الثقافات إلى البلد الآخر ناتج عن رغبة في العمل خارج القانون لأي سبب كان. بذلك، فإن العديد من الأفلام المشتركة في المسابقة هي أفلام تشويقية (او ثريلر) طبعاً تختلف في أنها تحاول أيضاً أن تكون فنيّة، لكن تحقيق الفيلم التشويقي الناجح لا علاقة صميمة له بأن يكون فيلماً فنيّاً ناجحاً وسنجد عن المخرج الدنماركي فارس فون تراير أزمة تبرير انسياقه صوب السينما التشويقية في فيلمه الجديد (ضد المسيح) الذي يعرضه في المسابقة.

طبعاً ليست كل الأفلام المشتركة في المسابقة تدور حول الجريمة، وإلا لكان المهرجان قرر أن ينقلب إلى مهرجان متخصص بالسينما البوليسية مثلاً، لكن الواضح أن مشاهدة الجثث والاستماع إلى طلقات الرصاص سوف يتكرر في أكثر من فيلم دون أن يعني هذا أن كل الأفلام المشتركة على هذه الشاكلة.

مثلاً سيكون بالإمكان الاتكال على الأسباني بدرو المودوفار ليقدّم الفيلم العاطفي الكوميدي ذي الرقّة حين يعرض فيلمه الجديد (عناقات مكسورة) مع ممثلته المفضلة بينيلوبي كروز، وعلى المخرج كن لوتش ليقدّم لنا فيلما بريطانياً صميماً في (البحث عن أريك) أو على المخرج الفرنسي الآن رينيه ليقدّم لك موضوعاً فرنسياً مفعما بحب الفن في (مجانين الأعشاب).

أما الاشتراك الأميركي فمحكوم بخصوصية مخرجيه. طبعاً الافتتاح هو للفيلم الكرتوني الجديد Up الذي لا يدخل المسابقة، لكن الفيلمين الآخرين القادمين من الولايات المتحدة وهما (أنذال غير جديرين بالمجد) لكونتين تارانتينو و(اخذ وودستوك) متباعدان بعد السماء عن الأرض. الأول مخرج إثاري جيد الناصية عموماً، لكنه أكبر حجماً بقليل مما يستحق، والثاني مخرج يؤمن بأدواته الدرامية وباختياراته (السلمية) غير الاستعراضية وهو يبحث هذه المرّة عن بعض جوانب الحياة الأميركية في الستينات

الجزيرة السعودية في 8 مايو 2009

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)