حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مهرجان برلين السينمائي التاسع والخمسون

Berlinale

2009

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

على هامش فعاليات مهرجان برلين السينمائي

“يوم التنورة”، فيلم يتناول ظاهرة عنف أبناء المهاجرين في فرنسا

محمد نبيل

بعد تجربة فيلم “بين الجدران” للمخرج “لوران كانتي”، الفائز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان الصيف الماضي، قرر المخرج الفرنسي “جون بول ليليان فيلد”، التطرق مرة أخرى إلى ظاهرة الشغب و العنف المنتشر في صفوف التلاميذ من أبناء المهاجرين في فرنسا. فيلم “ليليان فيلد” حمل عنوان “يوم التنورة”، و عرض في إطار فعاليات مهرجان برلين السينمائي في دورته ال 59.الفيلم الذي أنتج للتلفزيون، و ستعرضه قناة آرتي هذا الشهر قبل خروجه إلى القاعات العمومية، يحاول أن يقدم رؤية نقدية للمجتمع الفرنسي، بلغة سينمائية بسيطة مفعمة بنوع من التراجيديا. الفيلم يجيب عن سؤال جوهري : ما علاقة التنورة بعنف أبناء المهاجرين في فرنسا؟

رفض العهارة بحجة اللباس

يحكي الفيلم عن “صونيا برجورا”(ايزابيل أدجاني)، مدرسة للغة الفرنسية و تعمل في مدرسة، تشهد الكثير من حالات الشغب و العنف، التي يقوم بها التلاميذ المنحدرين من أوساط المهاجرين العرب والأفارقة. وعندما تريد “صونيا” الذهاب إلى العمل، ترتدي تنورة، بالرغم من منع مدير المدرسة على المعلمات ارتداء هذا النوع من اللباس . مدرسة اللغة الفرنسية ترفض أن ينظر إليها كعاهرة، بسبب اختيار نوع من اللباس، ما سبب لها الكثير من المتاعب النفسية.

العنف قاتل في غالب الأحيان، فبسبب تنورتها، أضحت “صونيا ” موضوعا للسخرية من طرف تلاميذها ، لكن بعد عثورها على مسدس في محفظة أحد التلاميذ، قررت مواجهة الساخرين بعنف مضاد و”أسلوب تربوي جديد” . “صونيا” تحمل المسدس في يدها، ليتحول المشهد إلى دراما حقيقة ، يصاب على إثرها  التلميذ “موس” برصاصة طائشة .

عندما يقتل المعلم و المتعلم

يعالج الفيلم ظاهرة العنف والشغب المنتشر في أوساط أبناء المهاجرين في المدرسة، من خلال ربط هذه الظاهرة بالتنورة ، إذ يحاول المخرج توجيه نوع من النقد الاجتماعي للأحكام الجاهزة، التي يصدرها المجتمع الفرنسي ضد النساء المعلمات، اللواتي اخترن التنورة كلباس مفضل في المدارس.

ونعرف أن التنورة هي رداء للمرأة، و يغطي من وسطها إلى أسفل قدمها.و الفيلم يقدم تصورا مفتوحا يعرض من خلاله قضية منع التنورة على المعلمات في المدارس الفرنسية و نتائجها الاجتماعية.

وتفهم حكاية التنورة وتداعياته المجتمعية في فرنسا، من خلال قراءة تاريخ القرن الماضي، الذي شهد اختلافا في الاختيارات بين طول التنورة أو قصرها ، لكن الأحكام عن النساء ظلت تابثة في العديد من المجتمعات كالمجتمع الفرنسي . خطاب الفيلم تختزله البطلة “صوفيا” التي طالبت الوزيرة بتخصيص “يوم للتنورة ” في فرنسا ، كرد فعل على واقع المرأة الفرنسية و لتغيير حالها .

ويظهر الفيلم أن التفاوض أو التواطؤ غير ممكن بين التلاميذ و المدرسة  “صوفيا”، التي ستحمل المسدس في لحظة تتحدث فيها مع التلاميذ عن موليير، وكأن فلسفته لا تلقن إلا بواسطة مسدس . العنف و إصابة التلميذ الإفريقي “موس “، ستحول الفيلم من لحظة للتعلم إلى مشهد يضم رهائن داخل قسم دراسي، ما يثير الذعر و البلبلة في صفوف الصحافيين والدولة والمربون.حالة الارتباك انتهت بمقتل المعلمة و أحد تلامذتها، أثناء تدخل شرطيين انتحلا صفة صحافيين، طالبت “صوفيا” بإحضارهما إلى قاعة الدرس من أجل إعلان خطابها أمام الرأي العام. “صوفيا” التي ستتحدث على الهاتف مع أبيها باللغة العربية، ستفاجئ التلاميذ الذين لا يعرفون أصولها العربية، الشيء الذي يخلق فضاء جديد، لكنه لم يوقف زحف الموت التي قضت على المتعلم و المعلمة .

عندما طالبت “صوفيا” بتخصيص يوم للتنورة في فرنسا، كان الغرض منه تبليغ رسالة المخرج، و مفادها أن إصدار حكم على المعلمة داخل الفصل، يؤدي إلى كارثة.أما جواب الدولة الفرنسية عن القضية المطروحة في الفيلم فكان سلبيا ، من خلال كلام الوزيرة التي رفضت مطالب “صوفيا”، بدعوى عدم الرجوع إلى الوراء، فالنساء في رأيها، ناضلن قرونا عدة في سبيل انتزاع حق ارتياد السراويل، و الآن مدرسة اللغة الفرنسية تطالب “بيوم خاص بالتنورة في فرنسا ” . 

لم يخف المخرج إجابته في مشهد من مشاهد نهاية الفيلم، حين قام زوج “صوفيا” و عائلتها بدفنها بحضور تلميذات المؤسسة، و هن يرتدين التنورة، وكأن الجيل الجديد من الإناث يرفضن أحكام المجتمع الفرنسي حول المرأة المعلمة.

الفيلم خطوة للقضاء على العنف المدرسي

أتت فكرة إخراج هذا الفيلم من معايشة المخرج للمهاجرين و أبنائهم في إحدى ضواحي باريس.وفي هذا السياق، قال “ليليان فيلد” في ندوة صحفية، “إن ما وقع نهاية عام 2005 من أحداث شهدتها ضواحي باريس، خلق لي صدمة “.المخرج يرى فيلمه أنه “لا يحاكم أحد ولا يقدم حلولا، بل هو خطوة نحو الحل “.  الفيلم هو رسالة أعلنها المخرج أمام الصحافيين : “يجب علينا القضاء على العنصرية” .

اختيار المخرج للممثلة “إيزابيل أدجاني” ( Isabelle Adjani) للعب دور بطلة الفيلم، تحكمه دواعي ترتبط بمضمون الفيلم وأبعاده المختلفة. فأدجاني ممثلة فرنسية من مواليد عام 1955، وهي مولودة لأب جزائري، ولها اسم عربي ثان، وهو “ياسمين عجاني”. أدجاني عادت إلى بلدها الجزائر، عام 1988 لكي تدعم الاستفتاء الذي دعا إليه الرئيس الشاذلي بن جديد، وتعلن وقوفها إلى جانب ما سمته بالديمقراطية الوليدة. كما عرف عنها الالتزام بحرية الفكر، وبحثها عن أدوار تضيف شيئاً لمسيرتها الفنية الحافلة بالأدوار الصعبة، سواء على الشاشة الكبيرة أو على مسرح «الكوميدي فرانسيز».أدجاني حاصلة على جائزة سيزر أربع مرات، وذلك عن أدوارها في أفلام  «امتلاك» عام 1982، و«الصيف المميت» عام 1984، و«كاميل كلوديل» عام 1989، و«الملكة مارغو» عام 1995. كما نالت جائزة التمثيل النسائية في مهرجان «كان» عام 1981 عن دوريها في «امتلاك» و«رباعية». ورشحت “أدجاني” لجائزة الأوسكار ولم تحصل عليها .

falsafa71@yahoo.fr

موقع "دروب" في 10 فبراير 2009

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)