حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم (أوسكار) ـ 2009

OSCAR

2009

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

من أفلام الأوسكار

في «الطريق الثوري».. زواج عصري وأحلام مجهضة

كتب عمـاد النويـري

الحياة الزوجية بكل ما فيها من سعادة وشقاء، وهيام وغرام وانتقام، وطموح وأمل ورتابة وملل، هي موضوع فيلم «الطريق الثوري» من بطولة كيت وينسلت وليوناردو دي كابريو ومن اخراج سام مينديز.. ووجود أسماء مثل وينسلت وكابريو ومينديز يعني أننا بصدد فيلم مختلف خاصة ان قصة الفيلم مأخوذة عن رواية تحمل الاسم ذاته للكاتب الاميركي الراحل ريتشارد ياتس يعود تاريخها الى عام 1961. وقد صنفت الرواية في فترة الستينات ضمن أهم مائة رواية صدرت باللغة الانكليزية. ومن أهم روايات الكاتب: «بكاء القلوب الصغيرة 1984»، «موكب عيد الفصح 1976» إضافة الى مجموعته القصصية «أحد عشر نوعاً للوحدة 1962»..

ويذكر ان كيت وينسلت قد فازت بجائزة الغولدن غلوب كأفضل ممثلة عن دورها في هذا الفيلم كما ان مايكل شانون احد أبطال الفيلم مرشح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد.

الأحداث تدور في فترة الخمسينات حيث نتعرف على فرانك (ليوناردو دي كا بريو) وهو متزوج من أبريل (كيت وينسلت)، بعد تعارف قصير في احدى الحفلات. تعمل أبريل كممثلة هاوية بينما يعمل فرانك كرجل مبيعات في شركة لتصنيع الأجهزة الكهربائية وينتقلان للعيش في بيت جميل يقع على شارع عريض يعرف بالطريق الثوري ربما كنوع من الإسقاط على الحالة الروحية والنفسية للزوجين.

ابريل يمارس عمله بشكل روتيني مثل الاف الموظفين الدائرين في حلقة البيروقراطية اللعينة وهو يرغب في التحرر والانطلاق لكنه بمرور الأيام يفقد الأمل في ذلك وفي الليلة التي يخون فيها زوجته ويعود إلى البيت يجد في انتظاره مفاجأة حيث تخبره زوجته أنها قررت السفر إلى باريس للعمل هناك في احدى المنظمات الحكومية الدولية براتب كبير. أخيرا تحقق حلم فرانك لكن تظهر العقبات في تحقيق الحلم فالزوجة تكتشف أنها حامل والزوج تأتيه ترقية من العيار الثقيل تغريه بالبقاء.

تتوتر العلاقة بين الزوجين وتندفع الزوجة ابريل وهي في حالة إحباط شديد لخيانة زوجها مع الجار القريب الذي طالما عبر عن إعجابه بها في الخفاء. من الطبيعي أن يتحطم الحلم وتنهار العلاقة الروحية بين فرانك وابريل وتقرر ابريل ان تجهض نفسها للتخلص من الجنين.. تهبط بعد زمن إلى غرفة الجلوس، تقف أمام النافذة العريضة لتنظر إلى الطريق العريض، طريق الأحلام، الطريق الثوري.

بعد برهة يبدأ الدم في التساقط منها، تلاحظه قليلا في صدمة ثم تطلب الإسعاف في المستشفى يهرع الجار - الذي خانت زوجها معه - ليجد فرانك منهارا في حالة يرثى لها، يقول له كلاما كثيرا عن زوجته التي وجدوا الجنين خارج بطنها، ونزفت كثيرا مما أدى إلى دخولها في غيبوبة، ويصارحه بأنها قد فعلت ذلك بنفسها، يذهب الجار ليأتيه بكوب من القهوة، ويعود ليجد فرانك خارجا من غرفة العمليات باكيا ومذهولا، لقد رحلت أبريل.

صمت وطموحات

يسكن المنزل زوجان جديدان تحكي لهما زوجة الجار قصة آل ويلر، وأن فرانك الآن يعمل الآن في شركة للحواسيب، لم يتزوج وكرس نفسه للأولاد، تضيف زوجة الجار القديم بأن آل ويلر كانا «غريبي الطباع»، يتركهم الزوج وحين تتبعه زوجته، ليطلب منها أن لا تأتي على ذكر آل ويلر مجددا وهو يتأمل منزلهما السابق، تبتسم الزوجة في سعادة، فهي تدرك منذ زمن إعجاب زوجها بالزوجة ويلر.

في المشهد الختامي سنقترب من السيدة جيفينجز - وكيلة العقارات - وهي تتحدث لزوجها عن أن السكان الجدد هم أنسب من سكن المنزل، فهم أناس طبيعيون، زوجها العجوز الذي يستخدم سماعة أذن يذكرها برأيها السابق في أن آل ويلر كانوا هم الأنسب، وبمقدار حبها لهم، تصارحه بأنهم «كانوا غريبين» ولم يكونوا مناسبين أبدا، كما أنهم أهملوا العناية بالمنزل مما حط من قيمته المادية.

وتبدأ في سرد مظاهر الإهمال، الدهان، المقابض النوافذ و... يخفض الرجل العجوز من صوت السماعة شيئا فشيئا، حتى يختفي صوت زوجته تماما وهي ما زالت مستمرة في الانتقاص من آل ويلر، وينتهي الفيلم في صمت، ربما يعترض على كلام زوجته وربما يقول ان الحياة الروتينية لا تتحمل التغيير وان طموحات سكان الطريق الثوري انتهت الى لا شيء.

رغبة في الهرب

الفيلم السيناريو يرسم شخصياته بدقه ففرانك يجسد صورة الرجل الاميركي في فترة الخمسينات والستينات الذي يحلم بتحقيق ذاته بعيدا عن التكرار والنمطية ويرغب في الترحال معتمدا على طبيعة مجتمع متجدد.

والزوجة ابريل تجسد أيضا نموذجا للمرأة الأميركية المنطلقة التي تبحث عن تحقيق وجودها ولا يعني ذلك أننا بصدد نماذج سوية طبيعية فنموذج الرجل والمرأة عموما في كتابات ريتشارد ياتس هي نماذج تشعر بالخواء الروحي ورغم قوتها الظاهرة فهي قابلة للكسر في اي لحظة ويمكن العودة إلى بعض جذور كتابات ياتس في أعمال غوستاف فلوبير مثل «مدام بوفاري» وأيضا بعض كتابات ابسن مثل «بيت الدمية» ويمكن الإشارة إلى الشخصيات الثانوية التي أجاد كاتب السيناريو رسمها لتلقي بحواراتها وأفكارها ضمن الحكاية ككل، وهنا يمكن الإشارة إلى شخصية جون جيفينغز، ابن وكيلة العقارات المختل، فهو يبدو المدرك لمأساة الزوجين الخارجين عن طوع وأعراف مجتمعهما ، في زيارته الأولى يصارحهما بأنه يتفهم تماما رغبتهما بالهرب من كل هذا الهراء، يتقبل فرانك ذلك جيدا.

أما في الزيارة الثانية، التي يبلغان فيها آل جيفينغز بعدولهما عن الانتقال إلى باريس، يبدأ بالصراخ واتهام فرانك بأنه هو السبب، انه قد أوقع بأبريل لتحمل ومن ثم لتتوقف عن الحلم، ثم يواجهه بحقيقة أنه قد خسر زوجته إلى الأبد.

ولأننا نتعامل مع دراما شخصيات صعبة كان من المهم وجود مثل هذه الشخصيات الثانوية لتساعد على فهم مواقف الشخصيات وتناقضاتها. ويمكن القول ان كاتب السيناريو نجح إلى حد كبير في توصيل الرسائل التي اراد كاتب الرواية توصيلها وهي رسائل تصور الحياة الأميركية التي تخفي تحت مظهرها البراق الكثير من العذابات الإنسانية والكثير من الأحلام المتكسرة على صخرة واقع يحفل أحيانا بالكذب والنفاق والرياء.

إشارات

الفيلم «الفن» يقدم المخرج سام مينديز الذي يبدو إعجابه بمعالجة مظاهر الحياة الأميركية والخوض في أعماقها ويحسب له فيلمه «الجمال الاميركي» الذي حاز العديد من الجوائز الاوسكارية ونجح في تقديم معالجة مرئية رائعة عن حياة أسرة أميركية أيضا تعاني من بعض الأمراض المزمنة للزواج العصري. في «الطريق الثوري» يركز مينديز على أداء الممثل باعتباره الحاضر دائما وينجح في استخلاص أقصى ما يمكن من طاقه دي كابريو التمثيلية وينجح أيضا في إدارة زوجته كيت وينسلت لتقدم احد أدوارها المميزة.

وإذا كان يحسب على الفيلم في بعض مشاهده بطء الإيقاع فان ذلك كان مقصودا لضرورات درامية. وتغلب اللقطات المتوسطة والقريبة على الفيلم نظرا إلى أننا نتعامل مع شخصيات كثيرة الانفعال ومن المطلوب إبراز ملامحها لنسبر أغوارها الداخلية طوال الوقت. وهناك إشارة إلى مجموعة الممثلين الذين جسدوا الأدوار الثانوية خاصة مايكل شانون في دور جون جيفينغز وإشارة أيضا إلى القدرة على خلق أجواء الخمسينات من خلال مونتاج متوازن لا يلهث لتقديم اللقطة أو تقديم المشهد ككل.

القبس الكويتية في 18 فبراير 2009

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)