اضغط للتعرف على صاحب "سينماتك" والإطلاع على كتبه في السينما وكل ما كتبه في الصحافة Our Logo
 

    حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار   

مهرجان دمشق السينمائي الدولي

 

دمشق

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

 

التشيكي والألماني والمغربي والسوري الأفلام الفائزة في مهرجان دمشق

الضجــر لا يصنــع فيلمــاً

راشد عيسى

 
     
  

اختُتم مهرجان دمشق السينمائي أمس الأول بإعلان الجوائز في حفل أقيم في دار الأوبرا السورية. وربما كان الحدث الأبرز في الحفل رفض المستشار الثقافي الإيراني بدمشق مصافحة نجمتين سلّمتاه بالنيابة جائزتين للفيلم الإيراني »أغنية العصفور الدوري« من إخراج مجيد مجيدي، الأولى جائزة أفضل ممثل التي حازها بطل الفيلم رضا ناجي، وأحجم المستشار الثقافي عن مصافحة الممثلة المصرية سوسن بدر التي سلمته الجائزة، أما الثانية فكانت جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم الإيراني نفسه، وحين همّت النجمة اليونانية كاترينا ديفاسكابل بمصافحة المستشار أخذ الجائزة وأحجم عن مصافحتها، فرفضت بدورها تقديم باقة الورد التي كانت تقدم تلقائياً لكل الفائزين، وظهر أنها تردّ على تصرف المستشار، حين قالت إنها تود أن تحتفظ بالورد لنفسها.

الجائزة الذهبية في مسابقة الفيلم الروائي الطويل حازها الفيلم التشيكي »قوارير مستعادة« لمخرجه جان سفيراك (راجع »السفير« ٨ تشرين الثاني الجاري). أما الجائزة الفضية فقد ذهبت إلى الفيلم الألماني »براعم الكرز« للمخرجة دوريس دوري. والفيلم يحكي عن زوج مسن يكتشف بعد وفاة زوجته أنه لم يتمكن من معرفة زوجته كما يجب، ولم يعبر عن عواطفه نحوها بالطريقة الصحيحة، ولا يلبث أن يشعر بمزيد من المعاناة والألم حين يكتشف حجم التضحيات التي قدمتها الزوجة من أجله. ولذلك يكرس آخر أيام حياته لتحقيق الأحلام التي لم تتمكن زوجته من تحقيقها فيسافر إلى طوكيو للاحتفال بذكراها خلال مهرجان تفتح أزهار الكرز.

الجائزة البرونزية ذهبت للفيلم المغربي »قلوب محترقة« من تأليف وإخراج أحمد المعنوني. الفيلم يحكي عن شاب مغربي مقيم في فرنسا يعود إلى المغرب لزيارة خاله الذي يشرف على الموت، وهو ينوي مساءلة ذلك الشخص الذي تبناه بعد فقدانه لوالدته. إلا أنه يجد نفسه مرغماً على الغوص في ذكريات أليمة، يتلقى إثرها النصيحة بأن يكف عن الحفر في الماضي، وأن يتطلع إلى المستقبل. أما جائزة مصطفى العقاد للفيلم الطويل فحازها الفيلم الكولومبي »كلب يأكل كلباً« سيناريو وإخراج كارلوس مورينو. والفيلم رحلة رهيبة إلى عالم الجريمة المروع في كولومبيا.

اللافت في هذه الدورة من مهرجان دمشق السينمائي ابتكار لجنة خاصة لمسابقة الفيلم العربي، رأسها دريد لحام، وبعضوية كل من فاطمة خير من المغرب، والفنانة لبلبة من مصر، وإلسي فرنيني من لبنان، وبسام الذوادي من البحرين. أما الأفلام العربية في المسابقة فلم تتعد السبعة أفلام، هي »مال وطني« من الجزائر، و»صياد اليمام« و»خلطة فوزية« من مصر، »جنون« من تونس، »عيد ميلاد ليلى« من فلسطين، و»حسيبة« و»أيام الضجر« من سوريا. وفي الوقت الذي اعترف السوريون أنفسهم بسوء مستوى »حسيبة« لريمون بطرس، هو الذي لم ينل سوى تنويه بالممثلة سلاف فواخرجي عن دورها في الفيلم، نقل عن مناقشات اللجنة استماتة رئيسها دريد لحام في انتزاع جائزة لعبد اللطيف عبد الحميد عن فيلمه »أيام الضجر« في مواجهة أقطاب لجنة الأفلام العربية، ومن الواضح أن اللجنة مركبة بحيث تحسم الجائزة لصالح السوريين. الأمر الذي يصعب حدوثه مع لجنة تحكيم الفيلم القصير التي رأسها الألماني رونالد تريش، الذي شغل من قبل منصب مدير مهرجان لايبزغ الدولي للأفلام التسجيلية وأفلام الرسوم المتحركة، وقد شهد زملاؤه في اللجنة أنه كان ألمانياً بالفعل في التحكيم. ذهبية الفيلم القصير ذهبت للقبرصي ـ اليوناني »تعليمات«، والفضية للجزائري »أختي« سيناريو وإخراج ينيس كوسيم، والبرونزية للصربي »الأرجوحة«، كما نال جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم القصير فيلم »خبرني يا طير« للسوري سوار زركلي.

جوائز بالقوة

جائزة أفضل فيلم عربي إذاً ذهبت لـ»أيام الضجر«. وبحسب مصدر مطلع على مناقشات التحكيم فإن الجائزة انتزعت من الفيلم الفلسطيني »عيد ميلاد ليلى« لرشيد مشهراوي. وإذا كان الفيلم الفلسطيني ذا مقصد واضح ومتماسك، على بساطته، فإن الفيلم السوري، على بساطته أيضاً، غير مفهوم، وقد خرج كثيرون من الفيلم يتساءلون ماذا يريد الفيلم؟ دريد لحام كان نوّه، حين سلّم الجائزة لعبد الحميد، بأن اللجنة لاحظت أن تُوائِم بين ذوق الجمهور وذائقة النخبة والمهرجانات، لكن هذا التنويه بذاته يعكس سجالاً حاداً بين المتحزّبين لسذاجة »أيام الضجر« الجماهيرية ونخبوية غيره. شخصياً رحت أسرد لنفسي، لعلّي أفهم، حكاية »أيام الضجر«: عائلة مساعد في الجيش تسكن على الجبهة، قرب ثكنة عسكرية في العام ،١٩٥٨ أي في بداية عهد الوحدة المصرية السورية. رب الأسرة، المساعد، يمضي في مهمات عسكرية استطلاعية داخل فلسطين، حينذاك وحسب تغدق عليه القيادة ما تحرمه إياه حين يعود. لكن تأزم الأحوال السياسية والعسكرية في المنطقة يدفعها إلى حافة الحرب؛ الرئيس اللبناني كميل شمعون يستدعي الأسطول الأميركي السادس إلى شواطئ لبنان، الولايات المتحدت تدعم الحكومة اللبنانية (من المفروض أن نلاحظ الشبه بين تلك الأيام والمرحلة الراهنة)، الاتحاد الهاشمي، وحلف بغداد الذي يهدد الوحدة السورية المصرية.. كل ذلك، بالإضافة إلى غياب الأب المساعد في مهمة عسكرية، يدفع إلى ترحيل أسرته إلى الضيعة. هناك سيشعر الأبناء بالضجر، وهذا هو معنى الضجر في عنوان الفيلم، إن الاستعمار من شأنه أيضاً أن يصيبنا بالضجر. سوى ذلك سنجد أجواء عبد الحميد نفسها؛ اللهجة، والقفشة الكوميدية المنفصلة عن سياقها (مثلاً رحت أتأمل طويلاً في مشهد مطاردة الدجاج المضحك ولكن الذي بلا معنى). نعرف أن هناك من سيفسر الإجهاض المبكر للمرأة على أنه إجهاض للوحدة وللأحلام (ولا أدري إن كان أربعة أطفال لها نجوا من الإجهاض يمثلون انتصارات أربعة!)، وأن الفيلم عميق في بساطته، وأن التصوير مبهر (مدير التصوير إلزو روك)، ولكن ماذا يعني التصوير الجيد لسيناريو بلا هدف؟

فيلم مشهراوي »عيد ميلاد ليلى« فيلم عادي، لكنه مفهوم، أقرب إلى جولة بانورامية في مدينة رام الله القابعة تحت الاحتلال، وتحت حكم العسكر، والأوضاع الاجتماعية والمعاشية الصعبة. يتخذ الفيلم ذريعة لذلك سائق تاكسي يحاول أن يعود إلى بيته مبكراً ليحتفل بعيد ميلاد ابنته، وفي سبيل ذلك يمرّ بمصاعب عديدة؛ القصف، وغلظة بعض الركاب، وسوء أحوال بعضهم الآخر، ثم مشكلته هو كقاض عاطل عن العمل يشغل نفسه بالعمل كسائق. الفيلم يبدو كوثائقي يرصد أحوال المدينة، وكمرافعة غاضبة ضد احتلال سماء المدينة. يوجه السائق غضبه إلى »فوق، وتحت، وجوّا، وبرّا..«، في محاولة لإدانة العالم بأسره وتحميله مسؤولية ما يجري في المدينة.

لا ينبغي أن تعقد المقارنة فقط بين »أيام الضجر« و»عيد ميلاد ليلى«، فالذين شاهدوا الجزائري »مال وطني«، والتونسي »جنون« تحدثوا عن أفلام عالية السوية. لكن لا ندري ما المغزى من دفع المغربي »قلوب محترقة« إلى مسابقة الفيلم الروائي الطويل، لا إلى مسابقة الأفلام العربية، وهو الحائز برونزية المسابقة، هل لإزاحته من طريق »أيام الضجر«، أم لإزاحة المغرب من الخارطة السينمائية؟!

)دمشق(

السفير اللبنانية في 13 نوفمبر 2008

 
     
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2008)