حظيت الدورة الثانية لمهرجان بغداد السينمائي في دورته
الثانية - التي تُختتم اليوم - بعدد من الأفلام العربية الروائية الطويلة
التي تترجم أحوال الإنسان العربي من حيث آلامه وأحلامه، حيث عرض بالدورة 64
فيلما، اختارتها اللجنة التحضيرية، بقيادة د. حكمت البيضاني، مدير
المهرجان، من أصل 423 فيلما تقدم له. من أبرز الأفلام العربية المعروضة في
الدورة «أناشيد آدم» للعراقي عدي رشيد، ويقص حكاية الصغير آدم، بعد أن
يحاول إيقاف الزمن، دون أن يكترث لمروره الحتمي على الآخرين من حوله، إذ
يقرر ألا يكبر، في واقعية سحرية تعود إلى أول الخلق: آدم، حيث يقف في
مواجهة عالم قاس.
«القناني
المسحورة» فيلم للعراقي أنس الموسوي يمثل باكورة إنتاج نقابة الفنانين
العراقيين للأفلام الروائية الطويلة، ولا بد من الإشادة هنا بالجهد الكبير
الذي قدمه مخرج الفيلم ثلاثي الأبعاد، إذ حرص على إبراز الهوية المحلية من
خلال الحكاية التي تدور في مرحلتين تاريخيتين كانت مدينة بابل مسرحا لها
بطرق عدة أولاها من خلال الرسوم وتصميم البيئة، التي تتضمن تقاليد،
وشخصيات، أو أحداثا مستوحاة من الثقافة المحلية، في حكاية أخذت بناءها من
ملامح القص الشفاهي الشعبي الفولكلوري.
«ندم»
فيلم عراقي ثالث، إخراج ريكا برزنجى يدور في إطار من الدراما، في ثلاث حقب
زمنية مختلفة، يكتشف خلالها طفل شغفه بالإخراج السينمائي بعد مشاهدته طاقم
تصوير، فينطلق في رحلة لتحقيق حلمه، متحديًا العقبات والصراعات العائلية
والتقلبات المجتمعية، لنكتشف في النهاية أنها فتاة تربت كصبي!
الفيلم التونسي «برج الرومي»، للمنصف ذويب، يدور في
السبعينيات، حول حظر الحركة الشيوعية التونسية.
«عصفور
جنة»: فيلم ثان من تونس أيضا، لمراد بن شيخ، ويروي قصة الشابة بدرة،
وأماديوس، تاجر التحف الإيطالي البالغ من العمر 45 عاما، وهما حبيبان
يسعيان إلى الزواج ليجدا نفسيهما أمام تحديات ثقافية ودينية متعلقة بإشهار
إسلامه، وشدة الحب.
ومن المغرب يشارك فيلم «كمال كمال»، كصدى حقيقي لعلاقات
مغلقة رسمتها الحدود بين المغرب والجزائر، إذ ينقل المشاهد إلى قلب الصراع
بين الرسمي والإنساني، والسياسة والحب، من خلال قصص تتناثر كأنها شظايا ضوء
على وجوه عشاق ومهاجرين، وتجمع بين مغاربة وجزائريين، وتمتد بين القلوب إلى
ما يشبه الروابط العائلية الضاربة في التاريخ المشترك، لتقول إن الحب مهما
علا صوت الحدود لا يعرف القيد.
«كواليس»..
فيلم من إنتاج تونس والمغرب، ومن إخراج خليل بن كيران وزوجته عفاف بن
محمود، ويتناول قصة فرقة رقص تقوم بجولة فنية، وفي خلالها يُلحق هادي «أحد
أفراد الفرقة» إصابة بعايدة رفيقته في الحياة وعلى المسرح، وتتوالى الأحداث
عبر ليلة طويلة، اكتمل قمرها، فيضطرون لعبور غابة متوجهين نحو أقرب قرية
بحثا عن طبيب، ليجدوا أنفسهم أمام متاهة غير متوقعة، وأمام تحدي إنقاذ
العرض الأخير الحاسم.
ويجمع الفيلم بين الدراما والرقص والموسيقى، ويحمل رسائل
عدة، ويحاول أن يجرد أبطاله من العوالم التي تحيط بهم، وينزع عنهم الأقنعة
لنرى طبيعة كل منهم على حقيقته.
كما يشارك «فيلم «أرزة»، من لبنان، وهو تأليف لؤي خريش،
وإخراج ميرا شعيب، ويتناول معاناة سيدة لبنانية تتحمّل مسئولية تأمين لقمة
العيش لابنها وشقيقتها.
وتنطلق الأحداث من خلال معاناة «أرزة»، التي تعمل على إعداد
الشطائر المنزلية، في حين يقوم نجلها بإيصالها إلى طالبيها سيرا على
الأقدام، فيما تلح على شقيقتها الكبرى «ليلى» التي لا تغادر المنزل لبيع
مجوهراتها، من أجل شراء دراجة نارية، لتوصيل الطلبات، وبالفعل تشتريها
لكنها تتعرّض للسرقة؛ فتتحرك للبحث عنها بين أحياء بيروت المختلفة.
أما الفيلم السعودي «هوبال»، إخراج عبد العزيز الشلاحي،
فيبدأ مع اندلاع حرب الخليج الثانية عام 1990، حين يجد الجد «لِيام» أن في
هذه الحرب إشارة لقرب نهاية العالم، مما يدفعه لأخذ عائلته، واعتزال البشر
في صحراء قاحلة. طيلة الفيلم، تُطلّ الحرب برأسها إلى أن تبلغ الأحداث
ذروتَها مع تحرير الكويت، مما يُعطي دلالة مباشرة على تحرّر الفكر والروح
من لوثة التّحجر، والاستمساك بالخرافات، في عملٍ مليء بالرّمزيات والأفكار
العميقة.
أخيرا، يشارك فيلم «ابن أشور»، وهو إنتاج العراق والولايات
المتحدة، وإخراج فرانك جلبرت، ويتناول ما يتردد حول ما تعرّض له الآشوريون
من أهوال إبان الحرب العالمية الأولى، متناولاً قصة إنسانية تحاكي تلك
الفترة. |