ملفات خاصة

 
 
 

تقام دورته الثامنة بمشاركة 70 فيلماً من 42 دولة

«الجونة السينمائي» يحتفي بمئوية يوسف شاهين ويكرم منة شلبي

القاهرةانتصار دردير

الجونة السينمائي

الدورة الثامنة

   
 
 
 
 
 
 

يحتفي مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثامنة التي تنطلق الشهر المقبل (16 - 24 أكتوبر «تشرين الأول» 2025) بمئوية ميلاد المخرج يوسف شاهين، التي تحل في 27 يناير (كانون الثاني) 2026، وذلك عبر برنامج خاص يتضمن عروضاً استعادية لأبرز أفلامه، إلى جانب مجموعة من الأفلام التي قدمها مخرجون آخرون تأثروا بفنه، وأكد المهرجان أن تكريم شاهين يأتي ليؤكد مكانته باعتباره «الأب الروحي» لموجة جديدة من السينما العربية.

ويكرم المهرجان الفنانة منة شلبي بمنحها جائزة «الإنجاز الإبداعي»، التي تُمنح سنوياً «للسينمائيين الذين ترك عملهم بصمة لا تمحى في مسيرتهم الإبداعية»؛ وفق المهرجان، وقد قدمت 40 فيلماً و20 عملاً درامياً، جسدت خلالها أدواراً تراوحت بين الكوميديا والتراجيديا والدراما الاجتماعية، لتصبح واحدة من أبرز نجمات جيلها وأكثرهن تأثيراً، وحازت على جوائز عدة، مصرية وعربية.

وكشفت إدارة مهرجان الجونة السينمائي عن تفاصيل دورته الثامنة، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، وقال المهندس نجيب ساويرس، مؤسس المهرجان: «بعد سبع دورات ناجحة فإن وجودنا معاً يؤكد أن الجونة السينمائي أصبح علامة مميزة على خريطة المهرجانات السينمائية بالعالم العربي، ووجهة مهمة لصناع السينما وعشاقها من كل مكان»، مؤكداً أن شعار «سينما من أجل الإنسانية» يُعد التزاماً مستمراً في عالم مليء بالصراعات والتحديات.

وأعلن عمرو منسي، المؤسس المشارك والمدير التنفيذي للمهرجان، عن إقامة مسرح «الجزيرة» في قلب مدينة الجونة؛ ليستضيف ورش عمل وحوارات «سيني جونة»، مشيراً إلى أن سوق المهرجان تشهد زيادة عدد العارضين هذه الدورة إلى 30 شركة تمثل 10 دول.

وقالت ماريان خوري، المدير الفني للمهرجان، إن الدورة الثامنة ستشهد عرض 70 فيلماً من 42 دولة حتى الآن، لافتة لإمكانية استقبال أفلام أخرى قبل انعقاده، وإن 10 أفلام تتنافس في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، و10 أفلام في مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة، و17 فيلماً قصيراً ضمن مسابقة الأفلام القصيرة، مشيرة إلى أن جوائز المسابقات الثلاث تبلغ قيمتها 230 ألف دولار.

ولفتت ماريان إلى إقامة معرض ضمن الاحتفاء بمئوية المخرج يوسف شاهين حيث يتخذ شكل تجربة حسية مستوحاة من فيلم «باب الحديد»، بحيث يدخل الزائر وكأنه يستقل قطاراً يمر بمحطات مختلفة تمثل مراحل «فيلموغرافيا» لمسيرة يوسف شاهين، وأكدت على إتاحة عروض أفلام الجونة السينمائي عبر سينما «زاوية» بالقاهرة في خطوة هدفها توسيع دائرة المشاهدة لجمهور آخر بالتزامن مع عروض المهرجان.

ويواصل «الجونة السينمائي» اهتمامه بعروض السينما الفلسطينية عبر برنامج «نافذة على فلسطين»، الذي يُخصص هذا العام مجموعة من عروض الأفلام الروائية والوثائقية لتسليط الضوء على المأساة المستمرة في قطاع غزة، وفتح نافذة جديدة على أفلام تعكس الصمود في مواجهة الإبادة، وفق إدارة المهرجان.

وتشهد منصة «سيني جونة» مشاركة 19 مشروعاً سينمائياً من بينها 12 فيلماً في مرحلة التطوير، و7 في مرحلة ما بعد الإنتاج تمثل 12 دولة عربية، بالشراكة مع 5 دول غربية، وقد تم اختيارها من بين 290 مشروعاً استقبلها المهرجان.

وتتنافس على جوائز مسابقة الأفلام الروائية الطويلة 10 أفلام، حيث تضم الفيلم الياباني «APALE VIEW OF HILLS» من إخراج كي إيشكياوا وإنتاج كل من اليابان والمملكة المتحدة وبولندا، والفيلم الإسباني الألماني المشترك «الحج - ROMERIA» من إخراج كارلا سيمون، وفيلم «شاعر» A POET من إخراج سيمون ميسا سوتو وإنتاج كل من كولومبيا وألمانيا والسويد، الذي حاز جائزة لجنة التحكيم بمهرجان «كان» خلال دورته الماضية، و«المحاصر SHADOWBOX» للمخرجين تانوشري داس وساومباوناندا ساهي وإنتاج كل من الهند وفرنسا والولايات المتحدة وإسبانيا، وفيلم «مدعيان عامان - TWO PROSECUTORS» للمخرج سيرجي لوزنيستا الحائز على جائزة «فرانسوا شاليه» من مهرجان «كان»، و«من أجل آدم - ADAM SAKE» إخراج لورا واندل الذي افتتح مسابقة أسبوع النقاد بمهرجان «كان»، والفيلم الفرنسي «نينو NINO» إخراج بولين لوكيه الذي حاز جائزة النجم الصاعد بمسابقة «أسبوع النقاد» بمهرجان «كان» خلال دورته الماضية، والفيلم التونسي «وين يأخذنا الريح - WHERE THE WINDS COMES FROM» إخراج آمال الفلاتي الذي شارك في منصة سيني جونة لدعم الأفلام، وتشارك السينما المصرية بفيلمين ضمن المسابقة وهما «المستعمرة - THE STSTTLEMENT» إخراج محمد رشاد وإنتاج كل من مصر وفرنسا والسعودية وألمانيا وقطر، وشهد عرضه الأول بقسم وجهات نظر بمهرجان «برلين» السينمائي، وفيلم «كولونيا – MY FATHER S SCENT» إخراج محمد صيام.

ويشهد برنامج أفلام «خارج المسابقة» تنوعاً غنياً يجمع بين الروائي والوثائقي والأعمال الأولى لمخرجين شباب وأخرى لأسماء راسخة، من بينها فيلم «حادث بسيط» للمخرج الإيراني جعفر بناهي الحائز على جائزة «السعفة الذهبية» بمهرجان «كان» في دورته الماضية، والفيلمان المصريان «عيد ميلاد سعيد» الذي يفتتح المهرجان و«ولنا في الخيال حب» في عرضه العالمي الأول.

وكان «الجونة السينمائي» قد كشف الاثنين عن استقبال النجمة الأسترالية كيت بلانشيت ضيفة شرف دورته الثامنة، ومنحها جائزة «بطلة الإنسانية» تقديراً لعطائها الإنساني، كما تُعقد لها جلسة حوارية ضمن منصة سيني جونة، ويقيم المهرجان حوارات مع كل من الفنانة منة شلبي والمخرج شريف عرفة.

 

الشرق الأوسط في

16.09.2025

 
 
 
 
 

نافذة على فلسطين ومئوية يوسف شاهين في الدورة الثامنة من مهرجان الجونة

إيمان كمال

كشفت إدارة مهرجان الجونة السينمائي عن تفاصيل دورته الثامنة، التي تقام في الفترة من 16 إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تحت شعار "سينما من أجل الإنسانية"، حيث يركز المهرجان هذا العام على قضيتي الأمن الغذائي ودعم القضية الفلسطينية.

نافذة على فلسطين

يواصل المهرجان تقديم برنامج الفيلم الفلسطيني، في خطوة تعكس التزامه بإبراز قضايا الشعب الفلسطيني وما يعيشه من مآس مستمرة في قطاع غزة. يتضمن البرنامج عروضا لمجموعة من الأفلام الطويلة والقصيرة التي تفتح نافذة على الواقع الفلسطيني.

هذه الأعمال تقدم شهادات حية عن الصمود والإنسانية في مواجهة الإبادة، وتؤكد أهمية أن تصل أصوات الفلسطينيين إلى العالم وأن تُروى قصصهم من خلال السينما.

ويكتسب الحضور الفلسطيني بُعدا إضافيا هذا العام من خلال اختيار المخرج الفلسطيني مهدي فليفل رئيسا للجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة، في تأكيد جديد على دعم المهرجان للإبداع الفلسطيني.

كما أعلن المهرجان عن اختيار النجمة العالمية كيت بلانشيت ضيفة شرف دورته الثامنة، وهي الحائزة على جائزتي أوسكار وتشغل منصب سفيرة النوايا الحسنة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وجاء في بيان المهرجان أن اختيارها يعكس التزامها الإنساني بالدفاع عن قضايا اللاجئين والمهجّرين قسرا، فضلا عن انسجام مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية مع شعار المهرجان: "سينما من أجل الإنسانية".

يتضمن برنامج المهرجان هذا العام ورشة عمل خاصة بالمؤلف الحائز على جائزة "إيمي" ليونارد ديك، حيث يتولى تدريب المشاركين والإشراف على فعاليات الورشة، بما يتيح لهم فرصة الاستفادة من خبراته في صناعة الدراما والسينما العالمية.

جائزة الإنجاز الإبداعي لمنة شلبي

يكرّم مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثامنة الممثلة المصرية منة شلبي بمنحها جائزة الإنجاز الإبداعي، تقديرا لمسيرتها الفنية وإسهاماتها في السينما المصرية والعربية. وقد بدأت منة رحلتها مطلع الألفية مع فيلم "الساحر" إلى جانب الفنان محمود عبد العزيز، لتواصل بعدها تقديم أعمال بارزة مع مخرجين كبار مثل أسامة فوزي (بحب السيما)، محمد خان (بنات وسط البلد)، يسري نصر الله (بعد الموقعة)، ومروان حامد (الأصليين وتراب الماس).

وخلال مسيرتها نالت منة شلبي العديد من الجوائز، كما أصبحت أول ممثلة مصرية تُرشح لجائزة "إيمي" الدولية عام 2021 عن دورها في مسلسل "في كل أسبوع يوم جمعة".

وإلى جانب تكريمها، تشارك منة شلبي في جلسة نقاشية خاصة ضمن فعاليات المهرجان، للحديث عن تجربتها ومسيرتها في عالم التمثيل.

مئوية يوسف شاهين

من منطلق تأثيره الكبير على صناع السينما العربية، يحتفي مهرجان الجونة السينمائي بمئوية المخرج المصري الراحل يوسف شاهين، التي تحل في 25 يناير/كانون الثاني 2026.

وقالت المخرجة ماريان خوري، المديرة الفنية للمهرجان، إن شاهين شكّل علامة فارقة في تاريخ السينما العربية، إذ ألهم جيلا كاملا من السينمائيين، خاصة بعد فيلمه الشهير "إسكندرية ليه". وأشارت إلى أن الاحتفال لن يقتصر على مصر فقط، بل سيمتد إلى مهرجانات دولية أخرى، من بينها مهرجان مونبليه في فرنسا، الذي يخصص قسما يتيح للشباب اختيار أحد المخرجين لمناقشة أفلامه، وقد وقع اختيارهم هذا العام على يوسف شاهين.

من جانبها، أعربت الفنانة يسرا عن سعادتها بعرض أفلام المخرج الكبير الراحل ضمن فعاليات المهرجان، مؤكدة أن هذه العروض تمنح الأجيال الجديدة فرصة للتعرف على إبداعاته الخالدة.

مشاركة مصرية قوية

تشهد الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي حضورا بارزا للسينما المصرية من خلال 5 أفلام. يتصدرها فيلم الافتتاح "عيد ميلاد سعيد" للمخرجة سارة جوهر، وبطولة نيللي كريم وحنان مطاوع، والذي اختير مؤخرا أيضا لتمثيل مصر في الأوسكار ضمن قائمة أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية.

كما يشارك من الأفلام المصرية: "كولونيا" للمخرج محمد صيام، و"المستعمرة" للمخرج محمد رشاد. وفي مسابقة الأفلام الوثائقية يعرض فيلمان: "50 متر" للمخرجة يمنى خطاب، و"ولما في الخيال.. حب" للمخرجة سارة زريق.

وفي بيان رسمي، كشفت المديرة الفنية للمهرجان ماريان خوري عن وجود مشاورات لاستضافة المغرب كضيف شرف في سوق المهرجان، تعزيزا للتعاون العربي في مجال السينما.

تحديات وصورة جديدة للمهرجان

أما المدير التنفيذي للمهرجان عمرو منسي فأكد أن التحدي المالي يظل من أبرز العقبات التي تواجه إدارة المهرجان. لكنه شدد في الوقت ذاته على أهمية الحفاظ على الهوية السينمائية للمهرجان، وعدم اختزاله فقط في مشهد "السجادة الحمراء".

وقال منسي "بدأنا بالفعل منذ العام الماضي في تغيير هذه الصورة، حيث بات أوضح للجمهور أن المهرجان يشكل منصة لصناعة حقيقية، وملتقى للقاءات والمشروعات والنتائج الملموسة التي تعود بالنفع على السينما العربية".

المصدرالجزيرة

 

الجزيرة نت القطرية في

16.09.2025

 
 
 
 
 

لقاء مع عمرو منسي

الشريك المؤسس والمدير التنفيذي للمهرجان

حوار ناهد نصر

· دعم صناعة السينما بكل عناصرها أولوية مهرجان الجونة. توسع دورنا بتطوير دعم الأفلام، والملتقى، وإطلاق السوق، وسيني جونة للمواهب الناشئة ليصبح المهرجان شاملة لصناع السينما

· اختيار 14 فيلمًا مدعومًا من المهرجان للمشاركة في كبرى المهرجانات الدولية يؤكد الثقة في أن دعم الجونة مؤثر ويذهب إلى مشروعات واعدة

· شراكاتنا الجديدة مع الأمم المتحدة، نتفليكس، MBC، جامعة إسلسكا، ومؤسسة ساويرس الثقافية، تعكس فلسفة المهرجان في جعل الداعمين جزءًا من رسالته الإنسانية والثقافية، وليس مجرد ممولين

· هدفنا أن يشعر ضيوف المهرجان وزواره أن الجونة منصة دولية بحق، تفتح أمامهم أبواب الشراكات، والتسويق العالمي للأفلام، وتبادل الخبرات مع صناع السينما من مختلف أنحاء العالم

· نفخر بالتعاون مع مهرجان القاهرة السينمائي وهيئة الأفلام المصرية في جناح موحّد بسوق كان، وهي خطوة تعكس قوة العمل المشترك وتؤكد أن هدفنا جميعًا هو خدمة السينما المصرية والعربية أولًا

رغم التحديات الكبيرة خلال العامين الماضيين، استطاع مهرجان الجونة أن يرسّخ أسسًا جديدة تعزز دوره كمنصة رئيسية لدعم صناعة السينما في مصر والعالم العربي. فقد توسّع جناح الصناعة ليشمل سوقًا تنطلق هذا العام برؤية متطورة وآفاق أوسع، إلى جانب برنامج لدعم المواهب الناشئة يحوّل المهرجان إلى ساحة حرة لانطلاق طاقات إبداعية شابة. كما واصل المهرجان عبر منصته لدعم إنتاج الأفلام تقديم إسهامات مؤثرة، حيث خرج من عباءتها خلال عام واحد أكثر من 14 فيلمًا شاركت في كبرى المهرجانات الدولية.

ويعتبر عمرو منسي، المدير التنفيذي لمهرجان الجونة، أن الدورة الثامنة تبني على ما تحقق خلال العامين الأخيرين وتمثل اختبارًا حقيقيًا لبداية جديدة تعزز حضور المهرجان الدولي كمنصة رئيسية لدعم صناعة السينما العربية. وهو يرى أن الشراكة والتعاون — لا المنافسة — إلى جانب مواكبة متطلبات صناع الأفلام وتطلعاتهم للانفتاح على العالم، هي المفتاح الحقيقي للتطور في مواجهة التحديات.

·  بعد سنوات متتالية من النجاح والتطور، تميّز مهرجان الجونة بقدرته على ترسيخ التقاليد التي شكّلت هويته منذ البداية، وفي الوقت نفسه الحفاظ على حيوية تسمح له بالتجدد المستمر من دورة إلى أخرى. في دورته الثامنة، ما أبرز التقاليد التي ترى أن المهرجان قد رسّخها ويواصل تثبيتها، وما البدايات الجديدة التي تولد في هذه الدورة لتعكس استمراريته وتطوره؟

أعتقد أننا هذا العام نواصل البناء على ما تأسس خلال العامين الماضيين بعد سنة التوقف، وفق رؤية واضحة تضع دعم الصناعة بكل مفرداتها كأولوية أولى للمهرجان. فإلى جانب المكونين الأساسيين لدعم الصناعة منذ انطلاقة المهرجان، وهما سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام، وملتقى سيني جونة لصناع الأفلام، واللذان يشهدان تطورًا مستمرًا، أسسنا في الدورة السادسة سوق سيني جونة الذي بدأ بداية واعدة وتوسع العام الماضي في دورته الثانية.

هناك أيضًا مركز الجونة للمؤتمرات والثقافة التي جرى تطوير تصميمها لتصبح نقطة محورية تجمع فعاليات وبرامج المهرجان المختلفة، وتشكل مساحة لقاء بين صناع السينما من مصر والعالم العربي والدولي، وبين الشباب الساعين إلى تعلم السينما من مختلف المحافظات من خلال برنامج سيني جونة للمواهب الناشئة الذي انطلق كذلك في الدورة السادسة.

خلال العامين الماضيين، تمكّن المهرجان من استقطاب جمهور أوسع من صناع السينما، وخاصة الشباب، وتضاعفت طلبات المشاركة في قسم الصناعة، بحيث لم تعد صورة المهرجان مقترنة فقط بكونه "مهرجان النخبة". هذا التوسع ساعد أيضًا على جذب مزيد من الشركاء المؤثرين للتعاون معنا، وهو ما يظهر أثره بوضوح في هذه الدورة التي تشهد شراكات مع كيانات كبرى.

أنا سعيد أننا نواصل ما بدأناه، وبالاهتمام المتزايد بالمشاركة من أنحاء العالم، سواء من صناع الأفلام أو لجان التحكيم أو الزوار المهتمين بفعاليات المهرجان المختلفة.

·  يحتفي مهرجان الجونة هذا العام بشكل واضح بنتائج جهوده في دعم الصناعة. فبالإضافة إلى فوز أحد المشاريع المدعومة من "سيني جونة" بجائزة فاينال كات في مهرجان فينيسيا، اختير نحو 14 فيلمًا لصناع مصريين وعرب تلقوا دعمًا من المهرجان في سنوات مختلفة للمشاركة في كبرى المهرجانات الدولية مثل برلين، فينيسيا، كان، تورنتو، صندانس، روتردام، كوبنهاجن وغيرها. ما الذي يعكسه هذا الحضور عن تأثير دور مهرجان الجونة في دعم صناعة السينما العربية؟

بالتأكيد هذا أمر مشرف جدًا، ويؤكد جودة وفاعلية المعايير التي يعتمدها مهرجان الجونة في اختيار مشروعات الأفلام. كما يعكس أيضًا ثقة الجهات المانحة والداعمة ـ من شركات إنتاج وما بعد الإنتاج والتوزيع ـ في أن الدعم الذي يقدمونه يذهب إلى أفلام تمتلك مستقبلًا حقيقيًا، وأن هذا الدعم يمثل إسهامًا فعليًا في خروج هذه الأفلام إلى النور. وقد ظهر هذا التأثير بوضوح خلال العامين الماضيين على وجه الخصوص.

·  في العام الماضي شكّل مركز الجونة للمؤتمرات والثقافة أحد أبرز إنجازات المهرجان، كساحة شاملة ومتكاملة بفضل تصميمها العملي والصديق للجمهور، حيث وفّرت مساحة واسعة للالتقاء والترفيه والتشبيك، وجمعت بين مختلف أقسام المهرجان من منصة الصناعة وبرامج دعم المواهب إلى عروض الأفلام. هذا بالإضافة إلى الفعاليات الموسيقية اليومية التي أضفت طاقة وحيوية وتفاعلًا. ما الجديد هذا العام في فضاءات المهرجان، لتعزيز هذا الطابع الفريد؟

بالفعل شكّل مركز الجونة للمؤتمرات والثقافةا نقلة حقيقية في التفاعل بين جمهور المهرجان والتواصل مع فعالياته. هذا العام نواصل البناء على ما تحقق في الدورة الماضية، مع تطوير جوانب عديدة استنادًا إلى دراستنا لتجربة العام الماضي والخبرات التي اكتسبناها منها. سيحظى الجمهور بتجربة أكثر سلاسة وفاعلية في كل تفاصيل المهرجان.

إلى جانب ذلك، نشهد توسعًا ملحوظًا في المعارض الفنية التي تقام في مركز الجونة للمؤتمرات والثقافة من حيث التصميم والعرض، بالإضافة إلى تطوير سوق سيني جونة بما يعزز من فرص التشبيك والتعاون. هدفنا أن تكون تجربة الحضور أكثر ثراءً وتنوعًا، بحيث يظل المهرجان مساحة نابضة تجمع بين السينما، والصناعة، والجمهور في أجواء مفعمة بالطاقة والحيوية.

·  عبر السنوات طوّرت فلسفة مميزة في تسويق رسالة المهرجان وبناء شراكات تجعل الداعمين جزءًا من روح ورسالة المهرجان، وليس مجرد ممولين ماليين. من هم الشركاء المستمرون الذين حافظوا على حضورهم في المهرجان، ومن هم الشركاء الجدد هذا العام، وما الذي يضيفونه على مستوى الدعم والرسالة معًا؟

جميع شركاء المهرجان مستمرون في دعمهم، وهذا في حد ذاته رسالة قوية تعكس الثقة المتبادلة بيننا وبينهم. هذا العام أيضًا أبرمنا شراكات جديدة نشعر جميعًا بالفخر تجاهها. على سبيل المثال، شعار "سينما من أجل الإنسانية" الذي يحمله المهرجان منذ دورته الأولى يتجسد هذا العام عبر اتفاقية شراكة مع الأمم المتحدة، تنص على أن يدعم المهرجان في كل دورة إحدى هيئات الأمم المتحدة من خلال الأفلام والفعاليات وحملات الدعم. هذه الدورة نتبنى قضية برنامج الأغذية العالمي، وهو تعاون سيظهر بوضوح في أنشطة المهرجان بدءًا من حفل الافتتاح الذي يتزامن مع اليوم العالمي للغذاء.

هناك أيضًا شراكات مهمة مع كيانات كبرى مثل نتفليكس وMBC، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم استراتيجية مع جامعة إسلسكا مصر، تمتد لثلاث سنوات، وتهدف إلى تمكين الشباب ورعاية المواهب الإبداعية. بموجب هذه الشراكة سيتم إطلاق عدة مبادرات مشتركة، من بينها ثلاث منح للمشاركين في برنامج سيني جونة للمواهب الناشئة على مستوى محافظات الجمهورية، وفرص تدريب عملي لطلاب جامعة إسلسكا خلال المهرجان، فضلًا عن مشاركتهم في الإصدارات الرسمية للمهرجان. هذه الخطوة تمثل محطة مهمة لأنها تمنح الطلاب منصة للنمو والتواصل والمشاركة الفاعلة في المشهد الثقافي والسينمائي.

كما نفتخر بشراكتنا مع مؤسسة ساويرس الثقافية التي تقدم دعمًا مباشرًا لبرنامج سيني جونة للمواهب الناشئة والمعرض، إلى جانب رعايتها لجائزة "سينما من أجل الإنسانية".

·  مع استمرار التأثير القوي لمهرجان الجونة في المشهد السينمائي المصري والعربي، وامتداد صداه إلى الساحة العالمية، يصبح الحفاظ على هذا التأثير وتوسيعه وتطويره تحديًا متزايدًا. ما أبرز التحديات التي واجهتكم في هذه الدورة، وكيف تعاملتم معها أو تغلبتم عليها؟

من أكبر التحديات التي نواجهها دائمًا هو الجانب المالي، فتكلفة تنظيم مهرجان بهذا الحجم عالية جدًا. ورغم الدعم الكبير الذي نحظى به، إلا أنه لا يغطي نصف التكاليف، لذلك يظل التمويل تحديًا مستمرًا. التحدي الآخر هو كيف نحافظ على مكانة المهرجان كمنصة دولية في ظل وجود مهرجانات عربية جديدة تتمتع بقدرات مالية ضخمة، مثل مهرجان البحر الأحمر ومهرجان الدوحة. هنا يصبح الابتكار والتفكير خارج الصندوق ضرورة، مع خلق مساحات للحوار والتعاون مع هذه المهرجانات، فنحن نؤمن أن العلاقة لا يجب أن تكون قائمة على المنافسة، بل على التكامل في دعم السينما العربية. بالفعل لدينا علاقات جيدة مع ممثلي هذه المهرجانات وهناك استعداد للتعاون المشترك.

التسويق يمثل تحديًا إضافيًا: كيف نعزز من حضور المهرجان عالميًا؟ نعتمد في ذلك على نقاط قوتنا: الاهتمام الإعلامي الكبير الذي يحظى به المهرجان، مما يجعل مشاركة أي فيلم أو موهبة فيه فرصة تسويقية مضاعفة؛ إلى جانب الحضور الجماهيري الواسع، والمكان نفسه — مدينة الجونة بطابعها الساحلي وأجوائها المميزة — التي تمنح تجربة التواجد في المهرجان طاقة إيجابية تشجع الضيوف على العمل والإبداع.

ونفخر هذا العام بخطوة التعاون مع مهرجان القاهرة السينمائي وهيئة الأفلام المصرية. مشاركتنا بجناح واحد في سوق مهرجان كان، إلى جانب مهرجان القاهرة والهيئة، أعطى رسالة إيجابية قوية عن تضافر الجهود لصالح السينما المصرية والعربية، ونجحنا بالفعل في الحصول على جائزة أفضل جناح. مثل هذه الشراكات تمثل مفتاحًا أساسيًا لمواجهة التحديات والمضي قدمًا.

· بوصفك المدير التنفيذي للمهرجان، لطالما كانت الإدارة المرنة واستقرار وتناغم العمل من أبرز ملامح إدارة الجونة منذ نشأته. بعد عامين متتالين من التحديات: 2023 وما شهده من عدم استقرار في المنطقة، و2024 كمحاولة للعودة بقوة، كيف تبدو الصورة اليوم على صعيد الفريق؟ هل هناك جديد في الهيكل الإداري؟ وكيف تسير الأمور مع وجود ماريان خوري كمديرة فنية للعام الثالث على التوالي؟

من أبرز نقاط قوة مهرجان الجونة أننا نعتمد على جيل من الشباب المتحمس، كثير منهم قادم من داخل صناعة السينما نفسها، ولديهم شغف حقيقي بالمجال الذي يعملون فيه. هذه الطاقة، والأفكار الجديدة التي يقدمونها، تخلق روحًا مختلفة تميزنا عن أي مهرجان آخر. نحن نصغي إليهم ونعطيهم مساحة، وهذا عنصر حيوي في ديناميكية الفريق.

أما على صعيد الإدارة الفنية، فوجود ماريان خوري للعام الثالث يمثل إضافة مهمة. أفكارها دائمًا مبتكرة وتحمل رسائل مؤثرة، وأنا أحرص على تبني هذه الأفكار وإيجاد حلول واقعية لتنفيذها حتى في ظل محدودية الإمكانيات. في كثير من الأحيان، نتمكن من تحقيقها بفضل حماس بعض الرعاة ودعمهم، وهو ما يثري المهرجان ويمنحه أبعادًا جديدة.

مع ذلك، هناك تحديات لا يمكن إغفالها. طبيعة العمل في المهرجانات ليست مثل أي مؤسسة أخرى، إذ يتغير جزء من الفريق كل عام، مما يفرض علينا إعادة تدريب ودمج أفراد جدد باستمرار. كذلك توقيت انعقاد المهرجان بعد موسم الصيف يمثل تحديًا إضافيًا، سواء في مصر أو أوروبا، حيث تكون وتيرة العمل أبطأ بسبب الإجازات. كل هذه العوامل تجعل التنظيم مهمة معقدة، لكنها أيضًا تمنحنا خبرة متراكمة ومرونة أكبر عامًا بعد عام.

·  بذلتم خلال السنوات الماضية جهودًا مهمة لترسيخ الصورة الإعلامية لمهرجان الجونة، بما يتناسب مع ما يبذل من جهد ضخم على صعيد دعم صناعة السينما وتعزيز الثقافة السينمائية، وكذلك إبراز مدينة الجونة كملتقى ثقافي وفني وترفيهي إقليمي وعالمي. مع انطلاق الدورة الثامنة، كيف ترى صورة مهرجان الجونة في الإعلام؟ وما الذي تطمحون أن ينعكس في هذه الدورة تحديدًا على مستوى التناول الإعلامي؟

أعتقد أننا نجحنا بدرجة كبيرة جدًا في ترسيخ صورة المهرجان إعلاميًا، وهذا يجعلني مطمئن أننا نسير في الاتجاه الصحيح. كان من المهم بالنسبة لي أن يدرك الناس معنى المهرجان الحقيقي، لا أن يُختزل فقط في السجادة الحمراء والاحتفالات. بدأنا بالفعل في تغيير هذه الصورة منذ العام الماضي، حيث أصبح أوضح للجمهور أن المهرجان هو منصة لصناعة حقيقية، ولقاءات، ومشروعات، ونتائج ملموسة تعود بالنفع على السينما العربية.

بالطبع، الشراكات الإعلامية التي عقدناها، والقنوات التي تنقل فعاليات المهرجان، لها دور كبير ومباشر في إيصال الصورة الحقيقية للمهرجان إلى أوسع جمهور ممكن، وهو أمر نواصل العمل على تطويره.

· ما الأثر الذي تطمح أن تتركه الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائي؟

هدفنا أن يصل لزوار المهرجان وضيوفه أن الجونة هو مهرجان دولي بالمعنى الكامل، وذلك من خلال توسيع قاعدة المشاركين الدوليين في فعالياته، وهو من أهم ما نركز عليه هذا العام. فالحضور الدولي لا يحقق فقط صورة أقوى للمهرجان، بل يضيف قيمة حقيقية للمشاركين: إذ يفتح أمامهم آفاقًا لشراكات جديدة والتعرّف على خبرات متنوعة من دول مختلفة، وتسويق أفلامهم إلى ما يتجاوز الحدود، وخلق تعاون مع جهات خارجية.

تحقيق ذلك يرتبط بالطبع بالإمكانيات، لأن استضافة ضيوف من الخارج تعني تكاليف سفر ومتطلبات لوجستية، لكنها تعتمد أيضًا على رغبتهم في المشاركة، وهو ما يتحقق عندما يرون في الجونة مهرجانًا مهمًا يستحق الحضور، مع توفير الظروف الملائمة لاستقبالهم.

وبسبب توقف المهرجان في 2022 ثم تداعيات أحداث غزة عام 2023، تأثر الحضور الدولي في الدورة الماضية. لكنني أعتبر تلك الدورة بداية جديدة، إذ ساعدت فعالياتها وأنشطتها بشكل كبير في إعادة تسويق المهرجان عالميًا، وهو ما يمنحنا هذا العام فرصة لاستعادة رونقه الدولي ورؤية نتائج هذا الجهد بشكل أوضح.

 

####

 

لقاء مع ماريان خوري

المدير الفني لمهرجان الجونة

حوار ناهد نصر

· على المسار الصحيح في بناء مجتمع سينمائي مؤثر.. ومستعدون لخطوات مدروسة في دعم الصناعة

· مهرجان الجونة أصبح طرفًا مؤثرًا في المجتمع السينمائي في مصر والمنطقة العربية، وعلى الطريق الصحيح نحو خطوات أكبر في دعم الصناعة تواكب المتغيرات في المنطقة 

· في احتفالنا بمئوية يوسف شاهين نقدمه للشباب باعتباره أبًا روحيًا لموجات السينما العربية الجديدة من خلال أثره على مخرجين عرب من مصر وتونس والمغرب والجزائر في أفلامهم الأولى الذاتية

· مهرجان الجونة رسخ هويته كطرف فاعل ومؤثر في المشهد السينمائي  العربي والعالمي

· العالمية ليست مجرد سجادة حمراء بل شراكات وخبرات عالمية مؤثرة في جميع أقسام المهرجان   

· وجود معمل للأفلام، وصندوق دائم للدعم أصبح ضرورة حتمية ندرك أهميتها

 

· على مدى دوراته السابقة، رسّخ مهرجان الجونة ملامح واضحة لهويته، وجعل من التجدد المستمر إحدى سماته البارزة. في دورته الثامنة، ما الذي يضيفه هذا العام لأقسامه وفعالياته ليؤكد استمرارية تطوره؟

استطاع مهرجان الجونة في السنوات الأخيرة أن يطوّر ملامح هويته، مع تركيز أكبر على الصناعة وعلى الشباب. وكلا الجانبين مترابطان بالضرورة ويحتاجان إلى عمل متواصل وتراكم. هذا العام نواصل البناء على ما بدأناه، فنوسّع ونطوّر أقسام دعم الصناعة: سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام وملتقى سيني جونة لصنّاع الأفلام، اللذان انطلقا مع الدورة الأولى عام 2017. وتشهد هذه الدورة توسعًا ملحوظًا في برنامجي سيني جونة للمواهب الناشئة وسوق سيني جونة، وهما الأحدث في برامج المهرجان منذ تأسيسهما في الدورة السادسة عام 2023.

ما يميز رؤية مهرجان الجونة لدوره كواحد من أهم المهرجانات السينمائية في المنطقة هو حرصه على قياس موقعه ومكانته، داخليًا وخارجيًا، والاستجابة باستمرار للمتغيرات التي يفرضها الواقع. وهو ما يتجلى في مختلف فعالياته وأقسامه. جزء من قدرة المهرجان على التطور راجع أيضًا إلى مرونته الإدارية وقدرته الدائمة على تبنّي المبادرات، مهما كانت التحديات المرتبطة بتنفيذها. هذه التحديات تتحول غالبًا إلى نقطة انطلاق للبحث عن طرق جديدة لتجاوزها. جوهر هذه الإدارة المرنة قائم على الثقة، وهو ما أجده حاضرًا داخل الفريق، خصوصًا في علاقتي بالمدير التنفيذي للمهرجان عمرو منسي، الذي يدعم المبادرات التي أطرحها ويجد دائمًا السبل لتنفيذها. بيننا تكامل واضح يحول الأفكار إلى حقائق على أرض الواقع، وهكذا وُلدت مبادرات مثل سوق سيني جونة وسيني جونة للمواهب الناشئة، التي أصبحت اليوم من أبرز نقاط الجذب للجمهور والرعاة.

· باعتبارهما من أحدث أقسام المهرجان، ما الجديد الذي يقدمه في الدورة الثامنة سوق سيني جونة، وسيني جونة للمواهب الناشئة  هذا العام؟

بعد أن رسّخ سوق سيني جونة وجوده في الدورة الماضية، يتقدم هذا العام إلى مرحلة أبعد، ليكون لاعبًا أساسيًا في خلق الشراكات، وتعميق التعاون، وعقد اتفاقات بين كبرى الهيئات السينمائية على مستوى الدول. وبذلك يغدو السوق ذراعًا مهمة لتوسيع العلاقات في صناعة السينما، ليس فقط محليًا وإقليميًا، بل دوليًا أيضًا.

وجود الهيئة المصرية للأفلام يضيف ثقلًا كبيرًا، خاصة بعد الدور البارز الذي قامت به في جناح مصر بسوق مهرجان كان، حيث روّجت للإنتاج المشترك وسوّقت لمشاريع أجنبية سيتم تصويرها في مصر، وهو ما يشكل خطوة محورية لصناعة السينما المصرية.

هذا العام، هناك مشاورات لاستضافة دولة المغرب كضيف شرف في السوق، بتمثيل من الهيئة المغربية للأفلام وعدد من الشركات والهيئات الأخرى. كما يشهد سوق الجونة هذا العام حضورًا مؤثرًا للمراكز الثقافية الأجنبية وممثلين عن الصناعة من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب فاعليات عديدة على هامشه.

بهذا، يتحول سوق سيني جونة إلى منصة حقيقية للتعاون بين المراكز السينمائية، ولدفع الإنتاج المشترك، وتبادل الخبرات والخدمات في مجال صناعة السينما.

في هذه الدورة أيضًا ينتقل سيني جونة للمواهب الناشئة إلى مرحلة جديدة، تترسخ فيها رؤيتنا لمهرجان الجونة كجزء فاعل من المجتمع السينمائي الشاب في مصر. المساهمة في تنمية هذا المجتمع ودعمه جهد تكاملي نؤمن بأهميته، ونحرص أن يكون المهرجان طرفًا أساسيًا فيه.

الشباب المهتمون بالسينما يحرصون على التواجد في كل الفعاليات السينمائية على مستوى الجمهورية، بما في ذلك مهرجان الجونة. خلال العامين الماضيين استطعنا أن نمد جسورًا حقيقية معهم، ليصبح المهرجان منصة جاذبة وداعمة عبر حزمة متكاملة من الأنشطة: تدريب، ثقافة سينمائية، تطوير، وتشبيك.

لكن تنمية هذا المجتمع لا تعني فقط تقديم الفعاليات، بل متابعة تطور مشروعات المشاركين وتصميم برامج ترافقهم في مراحل مختلفة. نحن سعداء أن بعض الشباب الذين شاركوا في البرنامج في الدورتين السابقتين يعودون هذا العام للمشاركة كمدربين للمجموعة الجديدة.

جزء مهم من قياس مكانة المهرجان يتمثل في مدى مساهمته في صناعة السينما بالبلد، ودعم الشباب وتنمية المجتمع السينمائي هو ركن أساسي من هذه المساهمة.

· بالإضافة إلى جائزة فاينال كت التي ذهبت إلى فيلم مدعوم من سيني الجونة، هناك 14 فيلمًا هذا العام في المهرجانات الدولية الكبرى كانت قد حصلت على دعم من سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام، من مصر ودول عربية مختلفة. ما الذي يعكسه هذا الحضور عن تأثير دور مهرجان الجونة في دعم صناعة السينما العربية؟ 

من خلال سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام، التي تتطور باستمرار في آليات عملها، استطاع المهرجان أن يرسّخ مكانته كمنصة مرموقة يتطلع إليها صنّاع الأفلام والشركاء. وهذا النجاح يحتّم الانتقال إلى خطوات أبعد، خاصة في ظل التحولات الجارية في خريطة دعم صناعة السينما بالمنطقة.

النموذج السائد للدعم اليوم لم يعد يقتصر على منح الجوائز أو تقديم دعم مؤقت، بل يقوم على بناء علاقات طويلة الأمد مع صنّاع الأفلام، عبر معامل الأفلام التي ترافق المشاريع منذ بدايتها حتى اكتمالها، وصناديق الدعم التي توفر إمكانيات مالية وفنية ولوجستية أوسع، إلى جانب ورش بناء القدرات التي تستمر على مدار العام.

هنا تبرز الحاجة إلى تصميم أشكال دعم أكثر استدامة، لا تقوم فقط على العلاقة المؤقتة بل تسعى لخلق ولاء حقيقي بين صنّاع الأفلام والمنصات الداعمة. هذا التحول بات ضرورة حتمية، خاصة وأن الولاء أصبح يقاس بمدى الدعم المالي والفني الملموس الذي يساهم في إنجاز الأفلام. لم يعد الأمر أن يذهب صانع الفيلم إلى المهرجان ليحصل على جائزة وينصرف، بل يتكوّن لديه ولاء حقيقي لأنه وجد هناك مساحة للتدريب، والتطوير، والاحتكاك بالاضافة إلى الدعم الإنتاجي. وكذلك من خلال ما يتيحه له المهرجان من فرص للقاء مديري مهرجانات ومبرمجين آخرين يقررون اختيار فيلمه لبرمجته في مهرجانات جديدة.

هناك إرادة حقيقية داخل مهرجان الجونة لتبنّي الخطوة المقبلة على صعيد الصناعة، من خلال إنشاء نموذج دعم يلبّي تطلعات صنّاع الأفلام ويتماشى في الوقت نفسه مع آليات العمل السائدة في المنطقة القائمة على تنوع فرص الدعم ووجود أشكال أكثر استدامة مثل معمل الأفلام الذي يتابع تطوير مشروعات الأفلام من الفكرة إلى التوزيع، وصندوق دعم قادر على المساهمة الفعلية في إنتاج الأفلام من خلال زيادة قيمة الدعم الإنتاجي ومتابعة تطور المشاريع، وورش مستمرة طوال العام، بالإضافة إلى اكتشاف مشاريع أفلام جديدة وليس الاكتفاء بالمساهمة في دعم مشروعات تلقت الدعم بالفعل من جهات أخرى. هذه الخطوات صارت حتمية لتعزيز وجود مجتمع سينمائي مرتبط بالمهرجان عضويًا ويعتبر المهرجان شريكًا فاعلًا.  كما أن هناك ضرورة لتعزيز حوار أوسع مع المهرجانات الشقيقة لضمان تكامل الجهود، فجميعنا شركاء في مشروع واحد: دعم صناعة السينما العربية.

· يحتفل مهرجان الجونة هذا العام بمئوية المخرج الكبير يوسف شاهين. ما أبرز ملامح الاحتفال؟

من أبرز فعاليات المهرجان هذا العام الاحتفال بمئوية ذكرى ميلاد المخرج يوسف شاهين، الذي لم يكن فقط مخرجًا استثنائيًا، بل الأب الروحي لموجات السينما العربية الجديدة. في 25 يناير 2026، ستمر مئة سنة على ميلاده، ولا يقتصر الاحتفال بالمناسبة على مصر فقط، بل سيجوب العالم من فرنسا إلى اليابان وسويسرا وغيرها. بعض المهرجانات العالمية بدأت فعلًا استعداداتها كاحتفال مبكر بمئوية يوسف شاهين مثل مهرجان مونبلييه الذي يخصص قسمًا يختار فيه الشباب من مختلف أنحاء فرنسا مخرجًا لمناقشة أفلامه، وكان اختيارهم هذا العام ليوسف شاهين.

قررنا في مهرجان الجونة أن نحتفل بالمناسبة في هذه الدورة من خلال اختيار زاوية مختلفة للنظر إلى مسيرة شاهين، وهو تسليط الضوء على أثره في جيل كامل من السينمائيين العرب، الذين حذوا حذوه في صناعة أفلام ذاتية. فهو لم يفتح الطريق فقط أمام السيرة الذاتية في السينما العربية بفيلمه إسكندرية ليه؟، بل ألهم مخرجين من تونس والمغرب والجزائر ومصر أن يصنعوا أفلامهم الأولى في هذا الاتجاه. نسعى لتقديم برنامج يضم مجموعة مختارة من هذه الأعمال سنعلن عنها قريبا.

جانب آخر من الاحتفال سيكون معرضًا مهمًا على مستوى المحتوى والتصميم من تنسيق شيرين فرغل، وهي مبدعة بصرية وسينمائية لديها أسلوب مميز في الربط بين السينما والأرشيف. يأتي المعرض في شكل تجربة حسية شبيهة بمحطة مصر. يدخل الزائر كأنه يركب قطارًا يمر بمحطات مختلفة تمثل مراحل فيلموغرافيا شاهين. تصميم بصري وسمعي وحركي، وفيه اشتباك استثنائي بين الفن والتقنية. أحب أن أؤكد أيضًا أن جانبًا مهمًا من إرث شاهين هو التركيز على تقديم المرأة من زاوية مختلفة، سواء عبر الأدوار الكبيرة التي قدم من خلالها ممثلات مثل محسنة توفيق ويسرا، أو الحضور القوي لشخصيات نسائية استثنائية مثل المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد، أو عبر وجود نساء مهمات في فريقه مثل المونتيرة رشيدة عبد السلام. بالتأكيد أحدث شاهين فارقًا في النظر للمرأة في السينما ليس فقط أمام الكاميرا بل خلف الكاميرا أيضًا كشريكة في المعنى والتجربة. هذا كله يجعل احتفالية يوسف شاهين في الجونة أكثر من مجرد تكريم. إنها قراءة جديدة لإرثه، من خلال تأثيره على جيل كامل من السينمائيين العرب، ومن خلال إعادة تقديمه للشباب كرمز حيّ يلهمهم ليصنعوا هم أيضًا سينما ذاتية، جريئة، وصادقة.

·  يفتتح مهرجان الجونة هذا العام فيلم مصري طويل 'عيد ميلاد سعيد' هو الأول للمخرجة سارة جوهر، هناك أيضًا 5 أفلام مصرية طويلة في أقسام المهرجان المختلفة، بالإضافة إلى الأفلام المصرية في مسابقة الأفلام القصيرة. ما دلالة وجود هذا العدد من الأفلام المصرية في دورة واحدة؟ 

فيلم عيد ميلاد سعيد، الذي أعلن منذ أيام قليلة عن أنه الاختيار المصري للترشح لمسابقة الأوسكار،  يتميز بتركيبته اللافتة بين القصة واختيار النجوم، ما يجعله اختيارًا مثاليًا لافتتاح الدورة الحالية. افتتاح المهرجان بفيلم مصري طويل يُعد حدثًا مهمًا بحد ذاته، خاصة عندما يكون الفيلم الأول لمخرجة مصرية شابة مثل سارة جوهر. الحضور النسائي أمر مهم جدًا يحرص عليه مهرجان الجونة. نسعد مثلًا هذا العام بتكريم النجمة المصرية منة شلبي. كما تحضر مجموعة مميزة من الأفلام المصرية في مختلف أقسام المهرجان: فيلمان في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة (كولونيا لمحمد صيام والمستعمرة لمحمد رشاد)، فيلمان في مسابقة الأفلام الوثائقية (50 متر ليمنى خطاب والحياة بعد سهام لنمير عبد المسيح)، إلى جانب "ولنا في الخيال… حب" لسارة زريق في قسم خارج المسابقة. وبالطبع هناك حضور للأفلام المصرية القصيرة ضمن مسابقة الأفلام القصيرة.

حرص مهرجان الجونة دائمًا على دعم الأفلام الأولى والثانية لصنّاع السينما، لأنها تمثل صوتًا جديدًا يحتاج إلى مساحة للتقييم والعرض للجمهور. لذلك تركز المسابقتان الرئيسيتان على هذه الأفلام، بينما تُعرض أعمال كبار المخرجين الحاصلة على جوائز في مهرجانات كبرى في أقسام خارج المسابقة. المزج بين هذه الأصوات الشابة والتجارب الراسخة هو ما يمنح برمجة الجونة حيويتها وفرادتها.

إلى جانب الحضور المصري، تضم دورة هذا العام أفلامًا عربية بارزة وأفلامًا عالمية حصدت جوائز مرموقة، من بينها الفيلم الحائز على السعفة الذهبية هذا العام 'كان مجرد حادث' للمخرج الإيراني جعفر بناهي، والفيلم الكولومبي  'شاعر' إخراج سيمون ميسا سوتو. 

 لكن اختيار هذه الأفلام لم يعد مهمة سهلة، خاصة مع الزخم الكبير الذي تشهده المنطقة العربية من خلال مهرجانات كبرى. هذا التعدد في المنصات السينمائية أمر إيجابي للغاية، لكنه يفرض في الوقت نفسه المزيد من التنسيق والتعاون بين المهرجانات للحفاظ على التوازن وتكامل الأدوار.

· ما الأثر الذي تطمحين أن تتركه الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائي؟

 كما ذكرت، فإن مكانة المهرجان تُقاس بمدى قدرته ليس فقط على أن يكون جزءًا فاعلًا في المجتمع السينمائي المحلي والعربي، بل والعالمي أيضًا. والعالمية لا تتمثل فقط في السجادة الحمراء، بل تشمل جميع أقسام المهرجان. وهو أمر نطمح أن يكون ملموسًا في هذه الدورة من خلال الشراكات الجديدة، أو عبر تطوير وتعزيز شراكات قائمة.

إعلان الشراكة بين مهرجان الجونة وهيئات الأمم المتحدة ضمن شعار المهرجان "سينما من أجل الإنسانية" خطوة بالغة الأهمية. في سوق الجونة مثلًا، سيلمس ضيوف المهرجان وشركاؤه وجود طيف واسع من الهيئات الثقافية والسينمائية الدولية، إلى جانب استضافة خبراء مرموقين من صناعة السينما العالمية في سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام، وكذلك في ملتقى سيني جونة لصنّاع الأفلام، الذي يقدم هذا العام مجموعة من الورش القيّمة عبر شراكات مهمة، من بينها التعاون مع نتفليكس وجمعية مديري الكاستينج الأمريكية وغيرها.

نسعد أيضًا هذا العام بوجود المخرج والمؤلف ومدير التصوير الفرنسي الكبير نيكولا فيليبير، أحد أبرز مخرجي السينما الوثائقية في العالم، رئيسًا للجنة تحكيم مسابقة الأفلام الوثائقية. وهناك كذلك تكريم النجمة العالمية المحبوبة كيت بلانشيت، الحاصلة على جائزتي أوسكار، والتي أعلنت بوضوح موقفها الداعم للقضية الفلسطينية. العالمية ليست مجرد حضور، وفي زمننا هذا لا يمكن لمهرجان أن يكون عالميًا إن لم يعلن موقفه، فجوهر السينما هو الصمود والموقف.

وقد رأينا الأثر المدوي الذي أحدثه فيلم كوثر بن هنية في مهرجان فينيسيا، وكيف انضم إلى فيلمها "صوت هند رجب" مخرجون ومنتجون عالميون كبار لدعم الموقف الذي يعلنه الفيلم. كما رأينا كيف استطاع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي أن يوصل صوت غزة إلى أكثر من 150 مهرجانًا عالميًا عبر سلسلة أفلامه "من المسافة صفر"، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للأوسكار. وفي هذه الدورة، نعرض مجموعة من هذه الأفلام التي لم تُعرض من قبل ضمن برنامج "نافذة على فلسطين" المستمر للعام الثالث على التوالي، كما نتشرف باستضافة المخرج الفلسطيني مهدي فليفل رئيسًا للجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة.

مهرجان الجونة هو جزء من المشهد السينمائي ليس فقط المصري، بل العربي والعالمي أيضًا. هذا هو الأثر الذي نطمح لتحقيقه، وهو في الوقت نفسه تحدٍّ كبير.

 

الملف الصحفي للمهرجان في

16.09.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004