ملفات خاصة

 
 
 

الأسبوع الأول في «برلين» السينمائي: نجاحات ونصف إخفاقات

جناحا الأفلام والسوق الفنية يحملانه من يوم إلى آخر

لندنمحمد رُضا

برلين السينمائي

الدورة الخامسة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

كثير من المهرجانات الدولية الكبرى، و«برلين» بالتأكيد من بينها، يطير بجناحين: الأول هو الأفلام التي يحشدها في شتى أقسامه ولو أن قسم المسابقة الرسمية يبقى رأس الحربة بالنسبة إليها، والثاني هو سوق الأفلام الهادفة لجمع منتجي وموزّعي الأفلام وأصحاب المشاريع التي لم تحط بعد على أرض الواقع في كيان واحد يتبادلون فيها الصفقات ويتناقشون في مآلات الأسواق واتجاه الجمهور السائد.

بينما يجهد المهرجان لتأمين أفضل ما تم تحقيقه على مدار العام، يجهد كذلك في إظهار مدى أهميته كسوق سينمائية. هذا الميزان معرض للخلل و«برلين» في أيامه الست الماضية نموذج على ذلك.

السوق يبحث عن منقذ

الحال أنه في الوقت الذي نجح في استدعاء حضور حاشد من الأفلام التي يسيل لعاب النقاد لها كونها فنيّة وغير تجارية، يبدو أن السوق السينمائية ما زالت تبحث هذا العام عن منقذ.

حسب ستيفن كاليهر، أحد مديري شركة «باكسايد»، فإن سوق الأفلام لم تعكس بعد ثقة كبيرة بين الموزّعين فيما هو معروض أمامهم من إنتاجات أو مشاريع. رأي يردده البلجيكي جيل دوفو من شركة Axxom Media الذي صرّح بأن تركيز الشركة هذه السنة، وربما بغياب عناوين كبيرة، هو على الأفلام الكورية واليابانية لأنها «تستهوي الجيل الجديد».

تُقام السوق في بناء كبير مؤلف من 3 طوابق؛ 2 منها مشغولان بأكثر من 100 شركة ومؤسسة سينمائية من كل أنحاء العالم، لكن بعض هذه المؤسسات تفضل احتلال غرف فندق «هايات»، القريب من قصر المهرجان، المتوفرة في طابقين. في سنوات سابقة كان الزحام أشد مما هو عليه هذا العام وذلك حسب ملاحظة أكثر من زائر أو مشترك.

ما يبدو حاصلاً هو أن السوق، تحت إدارة جديدة تسلمتها تانيا ملسنر، لم تستطع جذب تلك العناوين الكبيرة كما كان مأمولاً. بعض المنتجين والموزّعين يفضلون سوق «كان» السينمائي على سوق «برلين» لأكثر من سبب؛ أهمها، من وجهة نظر «البزنس»، العدد الضخم من المشاركين ما يوفر فرص بيع وشراء أكبر وأكثر. وحسب تقرير شاركت في وضعه اللبنانية منى طبارة ونشر في عدد أول من أمس في مجلة «سكرين» البريطانية فإن الحديث السائد هو عما إذا ما نجحت تانيا ملستر في تأمين نجاح هذه الدورة من السوق البرلينية.

في شتى الأحوال، ومن تحليل هذا الناقد لتاريخ المهرجانات و«برلين» على الأخص، سيتطلب الأمر سنوات قبل أن تفرض إدارة جديدة وجهتها وهويّتها، وبالتالي نجاحها، على ما تقوم به من نشاطات.

هذا يمكن أيضاً أن يُقال عن إدارة الرئيسة الجديدة للمهرجان ككل تريشا تاتل. لقد استثمرت كل طاقاتها واتصالاتها لتأمين أفلام أفضل من أفلام الدورات الأخيرة السابقة. على الرغم من نجاحها فإن الجهد المبذول لن ينتهي عند هذا الحد، بل سيستمر لدورتين لاحقتين على الأقل قبل أن يستعيد «برلين» مكانته التي كان عليها في العقد الأول من هذا القرن وقبله.

أفلام «برلين»

Reflection in a Dead Diamond

إخراج: هيلين كاتيه وبرونو فورزاني (المسابقة)

أنجز هذان المخرجان ثلاثة أفلام معاً توجّهت إلى الجمهور السائد. أفلام مصنّفة حسب نوعها لكن الغالب بينها أنها تشويقية وعنيفة.

في فيلمهما الرابع «انعكاس في ماسة ميّتة» يحشدان لمزيد من العنف، مع قدر أعلى من التفنن في الصنعة ذاتها. يقود الممثل الإيطالي فابيو تستي (أحد وجوه الستينيات المعروفة في السينما الإيطالية) بتمثيل شخصية جاسوس متقاعد يشغله اختفاء امرأة جميلة التقى بها على الشاطئ في جنوب فرنسا. خلال تحقيقاته يقفز الفيلم إلى الوراء كلما مرّت بباله أحداث الأمس عندما كان نشطاً ومغامراً ندّاً للأعداء. يغلب على الفيلم اعتماد المخرجين على سلسلة متتابعة من الانتقالات بين الأمس والحاضر الذي يبدو - من كثرة اعتماده - أكثر فوضوية مما يجب.

All I Had Was Nothingness

إخراج: غويلوم ريبو (عرض خاص).

في عام 1985 أنجز كلود لانزمان فيلماً تسجيلياً مدته تسع ساعات و43 دقيقة بعنوان «شواه» هو حصيلة 11 سنة من العمل في أكثر من 14 بلداً أوروبياً. غاية لانزمان كانت طرح كل ما له علاقة بالأيام السوداء المعروفة بالهولوكست. قام الفيلم على مشاهد طويلة لا تعرف التوليف المعتاد ولا الإيقاع الذي قد يساعد على هضم هذا الكم الكبير من مشاهد تمعن النظر في طرق وقطارات وسكك حديد ومبانٍ شهدت ضحايا النازية.

سريعاً ما اعتبر الفيلم تحفة بين الأعمال التي توثق للهولوكوست ولو أن مسألة إطالة المشهد الواحد لأكثر من ربع ساعة ومن بعد استيعابه الغاية منه ليس بالتأكيد فعلاً فنياً حتى ولو أدّى تراكمه إلى الشعور بعملقته وتميّزه.

في العروض الرسمية تم عرض فيلم هو بمثابة تذكير وتعليق على فيلم «شواه» عنوانه All I had was Nothingness. من حسن الحظ أنه من ساعة و34 دقيقة جمع فيها المخرج الفرنسي غويلوم ريبو عناصر عمله من ملاحظات وتقارير تاريخية حول كيف قام لانزمان بتحقيق عمله. ينطلق من العام الأول للمشروع سنة 1973 وينتهي بالقول إن العديد من الوثائق التي جمعها لانزمان وعرضها في فيلمه السابق اختفت. يقرر الفيلم الجديد، وبحق، أن لانزمان لم يصنع فيلماً لاحقاً أفضل من «شواه»، لكنه يغض النظر طوال الوقت عن تقييم أي عمل للانزمان مكتفياً بالتأهيل به.

What Marielle Knows

إخراج: فردريك همبالك (المسابقة)

الدراما التي يحيكها هذا الفيلم مرتبطة بحال يتراوح بين الغموض والتشويق وبين الماورائيات. فتاة شابة اسمها «ميراي» (لايني غازلر) تتمتع بقدرة على معرفة كل شيء يقوله أو يفعله والداها حتى عندما يخلوان معاً بعيداً عنها. تطالعهما بما اعتقدا أنهما وحدهما ناقشاه أو قاما به. هذا يبدو غريباً بالنسبة إليهما وأقل غرابة لمن شاهد أعمالاً عديدة من تلك التي تتحدّث عن غرائبيات لا معرفة بكيفية حدوثها. شيء من غرائبيات المخرج م. نايت شيامالان في Unbreakable أو Sight إنما مع تخفيف الهالة الكبرى لما هو غريب وتحديد المسألة بصراع سُلطة داخل البيت الواحد.

ذلك أن «ميراي» توظف هذه القدرة العجيبة لكي تتدخل في شؤون والديها وتدير حياتهما وفقاً لما تراه هي. حتى من قبل أن يبلغ الفيلم منتصفه تتهاوى أهمية ما نراه كمادة مثيرة ويبقى السرد ماثلاً لمن يرغب في معرفة ما سيؤول إليه هذا الوضع. إحدى مشاكل الفيلم أن حالة التعجّب لا يُراد لها أن تتوقف لصالح بديل مطلوب منذ معرفة كيف تمتعت الفتاة بتلك القدرة. هذا إلى جانب ثغرات أخرى في السيناريو يمر الفيلم بها ربما خوفاً من الفشل في تفسيرها.

 

####

 

«تجري من تحتها الأنهار»... يوثّق الجفاف في العراق

مخرج الفيلم قال لـ«الشرق الأوسط» إنه تعمّد أن يكون العمل صامتاً

القاهرةأحمد عدلي

وصف المخرج العراقي علي يحيى اختيار فيلمه الجديد «تجري من تحتها الأنهار» للعرض ضمن برنامج «أجيال +14»، في «مهرجان برلين السينمائي»، بـ«المفاجأة السارة»، مشيراً إلى أن تركيزه انصبّ على تقديم تجربة سينمائية مختلفة، توثق الجفاف في العراق، وأنه تعمّد أن يكون الفيلم صامتاً.

ويعدّ الفيلم الوثائقي، الذي لا تتجاوز مدته 16 دقيقة، الفيلم العراقي الوحيد المشارك في «مهرجان برلين»، وسيُعرض لأول مرة عالمياً الثلاثاء ضمن مجموعة من الأفلام القصيرة، فيما يحتضن المهرجان 4 عروض أخرى له أيام 19و20 و21 و23 فبراير (شباط) الحالي.

في حديث له مع «الشرق الأوسط»، قال يحيى إن «فكرة الفيلم بدأت قبل مدة طويلة، وذلك خلال رحلة ترفيهية مع مجموعة من الأصدقاء إلى مناطق الأهوار في جنوب العراق، وهي مناطق بدأت معدلات الجفاف فيها تزداد يومياً. ومع استمرار نقص المياه والتغيرات المناخية، أصبح أكثر من مليون شخص مطالبين بتغيير نظام حياتهم».

وأضاف مخرج العمل أن «طريقة التحضير للفيلم اعتمدت على زيارة المكان مرة أخرى من أجل الاستقرار على التفاصيل المراد تقديمها، وبدأ تنفيذ المشروع عام 2023 على مرحلتين: الأولى ارتبطت بزيارة من أجل الترتيب للفيلم، والثانية للتصوير في الموقع، فيما استمر التحضير الفعلي والتصوير 14 يوماً».

أحداث الفيلم تدور في منطقة مستنقعات بجنوب العراق، حيث يعيش «إبراهيم» وعائلته منعزلين عن بقية العالم، مترابطين بعمق مع النهر والقَصَب والحيوانات التي يعتنون بها، ويجد «إبراهيم»؛ الهادئُ والمنطوي، عزاءه الوحيد في جاموسته؛ الكائن الوحيد الذي يشعر برابطة حقيقية قوية معه.

وذات صباح، يغطي ضباب كثيف المستنقعات... ويشعر «إبراهيم» بنذير شؤم عندما تبدأ الأنهار في الجفاف، وتتشقق الأرض، ويتحول المشهد، الذي كان مزدهراً، أرضاً قاحلة. وحين ينهار عالم «إبراهيم» من حوله، يجد نفسه مضطراً إلى مواجهة قوى تفوق قدرته، لا تهدد أسلوب حياته وحده، بل يمتد ذلك التهديد إلى الكائن الوحيد الذي يفهمه حقاً.

يشير المخرج العراقي إلى صعوبات واجهتهم خلال التحضير؛ بينها الطريقة التي يريدون بها تقديم الفيلم عبر صورة غير تقليدية، بالإضافة إلى طريقة التناول التي أرادوها خارج المألوف، خصوصاً مع شعور أهالي المنطقة بعدم جدوى التصوير واللقاءات التي جرت معهم من جانب وسائل الإعلام سلفاً.

ويوضح المخرج أن «اختيار شخصية (إبراهيم) ليكون بطل الفيلم، الذي يجري السرد من خلاله، جاء بالمصادفة خلال لقاءاتنا مع الأهالي، وكان من الأشخاص المثيرين للاهتمام... ففي البداية، كان يشعر بالخوف من الكاميرا، لكن مع الوقت اعتاد وجودنا بصفتنا فريق عمل، والتعامل مع الكاميرا».

وتابع: «الفضول لديّ لاستكشافه بسبب محدودية حديثه؛ نظراً إلى المشكلات العقلية التي يعاني منها، من الأمور التي جعلتني أختاره بطلاً للعمل»، لافتاً إلى أنهم استقروا على قصة تعلُّق إبراهيم بـ«جاموسته» لتكون الإطار الذي يجري عبره شرح المعاناة التي يمر بها أهالي المنطقة.

ويؤكد المخرج العراقي أن فكرة تقديم الفيلم صامتاً كانت مقصودة وليست مصادفة؛ «لصعوبة إقناع إبراهيم بالحديث، بالإضافة إلى أن رحلاته ليست بحاجة إلى سرد، فهو يحرك الأحداث خلفه من خلال حركته وتنقله بين الأماكن... فحياته تشبه العالم الذي يعيش فيه».

وبشأن الصعوبات التي واجهتهم في موقع التصوير، يقول يحيى إن «الأهالي لم يكن لديهم ترحيب بفريق العمل طوال الوقت؛ لشعورهم بعدم جدوى ما يقدمونه»، واضطرارهم إلى الحديث معهم عن الاتفاق المسبق بشأن استضافتهم للتصوير، معرباً عن أمله أن يساهم الفيلم في تحسين وضع الناس بهذه المنطقة.

كما أشار المخرج إلى صعوبة التصوير داخل مستنقعات المياه، وإلى أن الميزانية التي أنجزوا بها الفيلم كانت محدودة، وأن معداتهم كانت متواضعة، لافتاً إلى أنهم ظلوا في مرحلة المونتاج نحو 7 أشهر ليظهر الفيلم بالصورة التي تشعرهم بالرضا.

 

الشرق الأوسط في

18.02.2025

 
 
 
 
 

"انعكاس في ألماسة ميتة" يحدث انقلابا في برلين

يعيد الفيلم الفرنسي تعريف متعة المشاهدة حين تصبح الشاشة بوابة الى عالم آخر

هوفيك حبشيان 

ملخص

هذا العام، في مهرجان برلين السينمائي (13 - 23 فبراير - شباط) أفلام لبعض السينمائيين المعروفين والمكرسين، تتعايش جنباً إلى جنب مع أولى أو ثاني التجارب لمخرجين شباب.

المفارقة أن ما توقعناه أحياناً من أشهر الأسماء المشاركة في المسابقة صنعه بعض من أحدث الوافدين إلى الشاشة. فمن كان يتأمل مثلاً أن يدهشه فيلم "انعكاس في ألماسة ميتة" للمخرجين الفرنسيين إيلين كاتيه وبرونو فورزاني؟ علماً أنهما ليسا جديدين في المهنة، وفي سجلهما ثلاثة أفلام روائية طويلة من بينها "مر" الذي لفت الأنظار قبل عقد ونيف. لكن، يبقى أن كان من الصعب المراهنة على هذا العمل "على الورق".

في النهاية تولى هذا الفيلم صناعة أهم مفاجأة في "برلين 75" وأصبح المفضل عند شريحة من النقاد، على رغم أن هناك أيضاً من نصب له العداء. وهذا مفهوم، فنحن نتحدث عن نص سينمائي يكاد يكون تجريبياً وتخريبياً، إما تعشقه وتدخل في دهاليزه مسلماً نفسك له كلياً، أو تبقى خارجه من دون أن يحرك فيك شيئاً، مثل عدد من الصحافيين الذين غادروا الصالة قبل نهاية العرض. وفي هذا الصدد يجب الثناء على قرار الإدارة الجديدة بقيادة الأميركية تريشا توتل في اختيارها إياه للمسابقة لا لقسم آخر. غالب الظن أنه لم يكن ليحظى بأي انتباه لو عرض في الفقرات الموازية. المسابقة أضاءت عليه وجعلته "نجم" الأفلام الانقلابية في نظر البعض، والأهم أنه أتاح المجال للمقارنة مع أفلام أخرى تنافسه على "الدب الذهبي".

الحبكة تكاد تكون غير مهمة نظراً إلى التجربة البصرية التي نغرق فيها. فأي كلام يمكن أن ينقل إلى القارئ الإحساس بالإيقاع والمونتاج والضوء واللون؟ مع ذلك يمكن اختصار القصة بكلمتين: جاسوس سبعيني (فابيو تستي) يعيش على ذكريات مغامراته القديمة، وهو جالس في أحد الفنادق الفخمة في الريفييرا الفرنسية. لكن ما يحدث فعلياً لا يهم كثيراً. الأهم هو كيف يحدث. الفيلم يعيد تعريف متعة المشاهدة حين تصبح الشاشة بوابة لعالم آخر، عالم يتحرك بإيقاعه ومنطقه الخاص غير مكترث بالقواعد أو التوقعات.

وعوضاً عن سرد قصة واضحة وتقديم شخصيات على نحو نمطي يمكن الارتباط بها والتماهي معها والاهتمام بمصيرها، ها إننا نجد أنفسنا نحلق على متن بساط ريح سينمائي. منذ اللحظة الأولى يمسك الفيلم بالمتلقي، مستحوذاً على حواسه. لا مجال هنا للمنطق أو التسلسل الخطي للأحداث. إنه غوص حر في عالم من التفاعلات والرموز. وكل هذا مستمد من عالم السينما القديمة: أفلام الجواسيس الأشبه بكومبينات درامية، السينما الإيطالية الرديئة، جيمس بوند، روايات القطار، وغيرها. هضم الفيلم كل هذه الأشياء وأعاد رميها في وجوهنا. ومن أجل إنجاز مشروعهما السينمائي استعان المخرجان بمصادر بصرية مختلفة: فن تشيكلي وقصص مصورة. ندخل من ثقب الحياة لنخرج من بوابة السينما العريضة.

في الواقع ليس من المستغرب أن ينقسم النقاد حول هذا الفيلم. البعض اعتبره تحفة فنية، في حين رآه آخرون من أصحاب الذوق التقليدي والمحافظ، مجرد عبث بصري. ومع ذلك من الصعب تجاهل قوة التجربة التي يقدمها. "انعكاس في ألماسة ميتة" رحلة في اللامعقول، مغامرة في أعماق المخيلة السينمائية. تجربة قد تكون مربكة، لكنها تجعلك تخرج من الصالة مزهواً. لكن بسبب العنف المفرط الذي ينطوي عليه، يمكن القول إن هذا الفيلم ليس لأصحاب القلوب الضعيفة. مع العلم أن العنف المجسد أمامنا، ما هو سوى عنف "كرتوني" لا يمكن أخذه على محمل الجد، عنف على نسق بعض أفلام كوانتن تارانتينو، لكن أقسى بدرجات.

في أقل من ساعة ونصف الساعة يكثف "انعكاس في ألماسة ميتة" رؤيته لفن العرض، متفوقاً في هذا المجال على أفلام أطول بكثير من دون أن تقترب من تأثيره. كل عنصر في هذا العمل محسوب بدقة وموجه لتحقيق أقصى تأثير بصري، فيكاد يقترب أحياناً من التجربة المغناطيسية. هذا فيلم درس في كيفية استخدام موارد السينما كلها لقول ما لا قدرة على الفنون الأخرى على قوله. لا لوحة تستطيع أن تلتقط ديناميكيته، ولا موسيقى قادرة على محاكاة مناخه، ولا نص أدبياً يمكنه نقل هذا الكم من الأجواء التي فيه.

في زمن يعيدنا إلى السينما الهادفة، يبحر هذا الفيلم عكس التيار. لا يسعى إلى تقديم أجوبة أو طرح قضايا كبرى، ولا يهتم بتقديم رسالة أخلاقية أو فلسفية. إنه احتفال خالص بالتعبير السينمائي. ولا عجب أنه تم تصويره بالشريط السينمائي الخام، وهذا خيار فني يعيد إحياء جماليات من حقبة مضت. أما الإشارات الكثيرة إلى السينما وتردد أصداء عوالم كبار السينمائيين فيه، فلا تنقص شيئاً من روعته، بل تجعله أشبه بأنشودة حب إلى الفن السابع، في استكشاف بارع للحدود بين الواقع والخيال.

 

الـ The Independent  في

18.02.2025

 
 
 
 
 

رسالة برلين السينمائي: "ما تعرفه مارييل"

سليم البيك

الحالات تتفاوت لكن الثابت في كل ذلك، في تغير الأزمنة والسياقات والغايات، الثابت يبقى الغريزة الإنسانية في ضرورة الإخفاء والتخفي، في الحاجة إلى الكذب والمراوغة.

يتقبّل أحدنا أفكاراً خارجة عن العادة، أو عادات خارقة، في التيليباثي مثلاً، التخاطر أو الحدس، وهو حال فيلمنا هذا، حيث تستطيع طفلة أن ترى وتسمع، عن بعد، ما يفعله ويقوله والداها، يتقبّل أحدنا هذه الفكرة في كوميديا أكثر مما يفعل في فيلم واقعي يكون درامياً.

عائلة ألمانية، يعمل كل من الأب والأم في شركة، الطفلة في المدرسة. تبدو الحياة سهلة وسعيدة في البداية، في بيت عصري، لا ينقص العائلة سوى قليل من الصدق، القليل الضروري، في علاقات أفرادها الثلاثة. هو ما لم يكن ليلاحَظ ما لم تشعر الطفلة بقدراتها الجديدة التي ستخبر والديها عنها.

فيلم الألماني فريدريك هامبليك، المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي، "ما تعرفه مارييل" (What Marielle Knows) وضعنا في سياق واقعي لكنه متمحور حول القدرة فوق العادية للطفلة، ما سيكشف كمّ الرّياء والكذب الذي يعيشه الزوجان، باعتقاد ظاهري لكليهما بأن الحياة سعيدة كذلك، من دون معرفة الكثير، أو الحقيقي، في حياة الشريك.

في كوميديا مفارقاتيّة خفيفة، كاشفة لواقع هذه العلاقة، ومن خلالها علاقات شريحة واسعة من الأزواج، تتكدّر الأحاديث. المتوقَّع صار مجهولاً، اليوميات الآمنة صارت مهدَّدة، كلام كل من الزوجين وسلوكه، في عمله، صار تحت كامرا مراقبة أو امتحان دائم للكذب.

فجأة تغيَّر كل منهما لمعرفة مسبقة أن الطفلة تسمع وترى، من حيث لا يدريان، وأنها ستخبرهما مساء، على طاولة العشاء، كيف أمضى كل منهما نهاره. هنا، تتبدى نوايا الخيانات مثلاً. فجأة تصبح حياة العائلة، من بَعد الاستقرار، أو ما بدى استقراراً، تصبح مليئة بالكذب والنفاق. كانت مليئة لكنها تكشّفت وحسب.

هي كوميديا اجتماعية، كوميدي أوف مانرز. هي استعادة لكوميديا راسخة في تاريخ المسرح، أبطالها برجوازية تمتلئ حياتها بالرياء، الهيبوكريسي، لكن الفيلم حمل هذا النوع من الكوميديا إلى زمن راهن، عصري، لأن الهفوات ومكامن الضعف الإنسانية متخطية للعصور، حملها من خلال حدس طفلة لا يخطئ، مستمد من تجربة إنسانية حديثة في التنصّت. الأخ الأكبر لدى جورج أورويل يصبح هنا الطفلة الصغرى، المراقَبة تصبح حدساً. يخاف أحد الأبوين من الكلام متلفّتاً حوله كأنّ للحيطان آذان.

الحالات تتفاوت لكن الثابت في كل ذلك، في تغير الأزمنة والسياقات والغايات، الثابت يبقى الغريزة الإنسانية في ضرورة الإخفاء والتخفي، في الحاجة إلى الكذب والمراوغة.

محرر المجلة. روائي وناقد سينمائي فلسطيني

 

مجلة رمان الثقافية في

18.02.2025

 
 
 
 
 

فيلم «الضوء»…

طرح ملتبس لقضية اللاجئين السوريين والمجتمع الألماني

نسرين سيد أحمد

برلين – «القدس العربي» : في افتتاح مهرجان برلين السينمائي في دورته الخامسة والسبعين (13 إلى 23 فبراير/شباط الجاري)، أتانا المخرج الألماني توم تيكفر صاحب فيلم «اركضي لولا، اركضي» بفيلمه الجديد «الضوء»، وهو فيلم مشوش لحد كبير، تتصارع فيه الأفكار والسرديات، ولا يمنحه الضوء الذي يعنونه أي وضوح أو استنارة. «الضوء» فيلم طويل مجهد، تصل مدته إلى 160 دقيقة، وكنا سنتفهم هذا الطول الذي يقارب الثلاث ساعات، إن كان الإسهاب سيمنحنا وضوحا في الرؤية، أو حتى مشاهدة ممتعة، ولكننا نمضي الوقت متململين على مقاعدنا، ريثما ينتهى الفيلم، أو نحصل منه على رؤية حتى إن كانت ضبابية. هو فيلم يحمل العديد من الرسائل السياسية المبطنة، ولاسيما ما يتعلق بوجود اللاجئين في ألمانيا.

تبدأ أحداث الفيلم في أجواء مطيرة، تسود الفيلم، بامرأة ذات ملامح شرق أوسطية تحدق في ضوء مصباح يضيء على شكل ومضات متقطعة. المرأة هي فرح (تالا الدين)، وهي لاجئة سورية في ألمانيا، تتقاسم منزلا مع العديد من اللاجئات السوريات، وهي لا تعمل، ولكنها تبحث عن فرصة سانحة للعمل. الضوء ذو الوميض الذي تتأمله تالا هو أحد ألغاز الفيلم وأسراره. ثم ننتقل إلى منزل أسرة ألمانية من الطبقة المتوسطة ميسورة الحال. تتكون الأسرة من تيم (لارس أيدنغر) وزوجته ميلينا (نيكوليت كريبيتز)، وابنهما وبنتهما التوأم فريدا ويون. هي أسرة تعيش في منزل بوهيمي الطابع في برلين. يعمل تيم في مؤسسة دعائية لصالح شركات وهيئات حكومية، بينما تعمل ميلينا مع هيئة حكومية تقدم مساعدات ومشاريع ثقافية في افريقيا. أما ابنهما يون (17 عاما)، فهو غارق في عالم من ألعاب الواقع الافتراضي، ولا يكاد يبرح غرفته. أما شقيقته التوأم فريدا، فهي تعيش فترة المراهقة بصخبها، بين أنشطة سياسية احتجاجية، وتجريب للعقاقير المهلوسة والمخدرات والتجريب الجنسي. ولميلينا ابن آخر صغير هو ديو، وهو نتيجة علاقة بين ميلينا ورجل نيجيري. تتقاسم ميلينا العناية بديو مع والده، المقيم في ألمانيا.

هي أسرة يمكننا القول إنها منفصلة/متصلة، يعيش كل من أفرادها في عالمه الخاص، وراء باب غرفته المغلق أو خارج المنزل. هي أسرة ينغمس كل فرد من أفرادها في ذاته، حتى إنهم لا يدركون أن مدبرة شؤونهم المنزلية، المنحدرة من أصول أوروبية شرقية، أصابتها أزمة قلبية وتوفيت في مطبخهم، إلا بعد مرور يوم على وفاتها. إلى هذا المنزل تأتي فرح، وهي التي تختار هذه الأسرة تحديدا. نعلم من كلام فرح مع إحدى المسؤولات عن توظيف اللاجئين، أن بإمكانها العمل في وظيفة أفضل بكثير، فهي تتحدث الألمانية بطلاقة كبيرة وهي ذات خلفية طبية واسعة في مجال الطب النفسي. ولكنها حين ترى صورة تلك العائلة الألمانية التي تبحث عن مدبرة لشؤون منزلها، تقبل على الفور تلك الوظيفة.

تشرع فرح في مهام عملها، ونجدها تكسب ثقة كل فرد من أفراد تلك الأسرة. بعد أن كان الصبي يون وحيدا غارقا بمفرده في عالم ألعاب الواقع الافتراضي، تصبح فرح صديقته وتشجعه على لقاء فتاة تشاركه اللعب الافتراضي على أرض الواقع. نراها أيضا تتقرب من فريدا، خاصة بعد أن مرّت بتجربة حمل وإجهاض، وتكسب ثقتها كأم وصديقة. كما أنها تتقرب لكل من توم وميلينا وتحاول الاستماع لمشاكلهما الزوجية وحلها. ولكن هل فرح حقا تحاول مساعدة الجميع؟ أم لها أهداف أخرى؟ وما هذا المصباح الذي تغمر ذاتها في ومضاته؟ ولم تفعل ذلك؟ نعلم لاحقا أن المصباح يبث موجات تمكن فرح من التخاطر والتواصل مع أفراد أسرتها، الذين لا نعلم في بادئ الأمر ما إذا كانوا في سوريا أم خارجها، أم إذا كانوا على قيد الحياة أم قُتلوا.

على الصعيد السينمائي، يسعى تيكفر لتضمين فيلمه العديد من الأساليب السينمائية، نجد بعض المشاهد الموسيقية الغنائية، وبعض مشاهد الواقعية السحرية، وبعض مشاهد التحريك (الرسوم المتحركة). ولكننا نتساءل عن جدوى هذه المشاهد، فهي لا تخدم الرؤية الكلية للعمل ولا تقدم جديدا، ولا تسعى لتطوير الأحداث. يبدو منها فقط أن تيكفر يود تجريب أدواته السينمائية أو استعراضها، بصورة تثقل كاهل العمل وتطيل مدته، دون أن تكون لها جدوى حقيقية. لا نعرف أيضا أهمية المطر الغزير الذي يغرق برلين طوال مدة الفيلم، وما أهميته الدرامية. كما أننا لا نجد مبررا دراميا للعاصفة الرعدية والمطبات الهوائية التي تواجهها طائرة ميلينا أثناء عودتها من نيروبي. خيوط كثيرة مفككة ومتناثرة يتركها مخرج الفيلم، ولا يحاول الاستفادة منها دراميا. نرى المشهد تلو الآخر والتفصيلة تلو الأخرى، ولكن تيكفر لا يعبأ بتقديم سردية واضحة متماسكة تجمع جميع الخيوط. يبدو لنا أن تيكفر مشغول بصورة أكبر باستعراض أدواته عن تقديم فيلم مترابط.

قد تكون هذه الخطوط السردية المفككة تعبيرا عن الخواء الفكري الذي يعيشه المجتمع الألماني كما يقدمه الفيلم. يتضح لنا مثلا أن ميلينا لا يعنيها تقديم العون حقا للمجتمع الافريقي في كينيا، بل يعنيها ترقيها الوظيفي، واستمرار الحصول على التمويل من الحكومة. أما تيم، فلا يحمل فكرا جديدا في حملاته الدعائية التوعوية، ولا يفقه شيئا عن روح الشباب الذين يفترض أنه يستهدفهم بالتوجيه، بل إنه يستمد كلمات أفضل حملاته الدعائية من حديث ابنته الغاضب أثناء مشاجرة بينهما. أما القضية الأكثر التباسا في الفيلم فهي رؤيته للاجئين، خاصة اللاجئ السوري. فنحن طوال الفيلم نرى لطف فرح ودماثة أخلاقها وتعاطفها وتفهمها. ونرى أنها لا تبخل بالوقت، أو الجهد للاستماع للجميع في عائلة تيم وميلينا ومساعدتهم، ولكن ما هدف فرح من ذلك؟ هل هي حقا شخص محب ومتفان؟ أم أن لها هدفا سريا آخر لا تفصح عنه إلا في نهاية الفيلم؟ هل يسعى تيكفر للقول إن اللاجئ حتى إن اتقن اللغة الألمانية، وتقرب للمجتمع الألماني لا يفعل ذلك إلا لمصلحة شخصية، وهي مصلحة قد تعني فناء المجتمع الألماني متمثلا في تلك الأسرة.

قد يكون مهرجان برلين أكثر المهرجانات السينمائية تسييساً، وقد يكون في دوراته السابقة الأكثر حرصا على الصوابية السياسية، ولكن هذا الفيلم يجعلنا نتساءل حقا عن الرسالة التي يود المخرج إيصالها في ما يتعلق باللاجئين والمهاجرين.

 

القدس العربي اللندنية في

18.02.2025

 
 
 
 
 

«انعكاس في ألماسة ميتة».. متعة العين والأذن

شفيق طبارة

تشكّل السينما الأوروبية الشعبية في الستينيات والسبعينيات مصدرًا لا ينضب للمخرجين الفرنسيين إيلين كاتيه وبرونز فورزاني، اللذين يعيشان في بلجيكا. أفلامهما ليس تكريمًا لأفلام الماضي، ولا تحديثًا لها، وبالتأكيد ليست عروضًا ما بعد حداثية، بل إنها مزيج من كل شيء، حيث صنعا عالمًا خاصًا بهما لا يشبه شيئًا. فيلمهما الجديد «انعكاس في ألماسة ميتة» (Reflection in a Dead Diamond)، الذي يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين، موجه إلى أفلام التجسس الأوروبية التي ضربت السينما في أعقاب النجاح العالمي لأفلام جيمس بوند الأولى. «انعكاس في ألماسة ميتة» انفجار سينمائي، منشغل بالاستمتاع بمتاهة الصور. هو فسيفساء من الأنماط والأنواع، تجربة غنية بصريًا وسمعيًا. ولتحقيق كل هذا، يستخدم المخرجان إشارات واضحة من جيمس بوند، وسلسلة صائدي الجوائز الأميركية، وكوميكس، وكتب على غرار كتب جون لو كاريه.

لا سياق في «انعكاس في ألماسة ميتة»، ولا حبكة بالمعنى الدقيق للكلمة، ومجرد الوصف هو أمر صعب وغير مفيد. القصة هي أنّ جاسوسًا مسنًّا يعيش في فندق على الكوت دازور، ينغمس في طوفان من الصور من الماضي. والماضي هنا، ليس مؤامرة منظمة بدقة، بل أرض عجائب من الفضول، لا يستطيع المرء دخولها أو الاستمتاع بها إلا بحرية. قد يكون هذا الرجل المسنّ يسترجع ذكرياته عن مهامه التجسسية ضد مجموعة تدعى «سيربنتك»، وربما لا يكون من المبالغة القول إنه يتخيل نفسه كبطل في فيلم تجسّس من حقبة الستينيات. باختصار، إن الصيغة اللازمة لوصف قصة الفيلم ليست متاحة.

ألماسة تلمع على حلمة ثدي، عيون تختفي في الرمال في البحر، وأظافر تتكسر مرارًا، وفستان مرصّع يتحول إلى قاعة مرايا، وأعداء ملثمون، ونينجا بشفراتهم الحادة، ومليونيرات بأخلاق غامضة، ونساء مغريات خطيرات… هناك أيضًا ماسات على المحك، وهوية قاتل مجهول، وجاسوس لا يقاوم رفقة النساء، وامرأة محاطة بالرجال الذين يتمنون لها الموت، تبدأ فجأة في الحركة والدوران والقطع والطعن حتى يلقى الرجال من حولها حتفهم. وفي بعض الأحيان، تمزق حناجرهم أو تقطع أجزاء أخرى من أجسادهم. من ناحية أخرى، إذا أصيبت امرأة ولمس شخص ما جرحها، فإنّ تحت جلدها جلداً آخر، مثل قناع مطاطي، تسحب بعد ذلك قطع الجلد من جسدها بنفسها. الجلد المكشوف حديثًا هو أيضًا قناع محتمل، وقد تمزقه بنفسها. بغض النظر عن عدد المرات التي تقشّر فيها نفسها أو تسمح لنفسها بأن تُقشر، فإننا لا نصل إلى جوهر المرأة الحقيقي

«انعكاس في ألماسة ميتة»، فضولي، موضوعي، ممتع، غريب ومهووس. فيلم يضع الشكل فوق المحتوى، وبالطبع يحتوي على حبكة، ولكن الحبكة ليست ما تفعله الشخصيات، الحبكة هي الفيلم نفسه. في الفيلم الشكل هو المحتوى، ومن خلال صوره يستشعر المشاهد طريقه، ويتنبّه إلى مشاعره، وشظايا الفكر الجامحة، مع الادراك بأنه لا يستطيع أبدًا تجسيد كل هذا الشيء بالكامل في كلمات. ولكن لا يحدث أي شيء من هذا في فراغ عشوائي، بل يصبح أكثر واقعيةً من خلال الإشارات التي لا حصر لها إلى الأنواع أو الحركات أو الأفلام. سواء كانت صورًا مقربة أو مقربة للعيون تذكرنا بأفلام الغرب، أو تقاليد أفلام التجسس، أو خشونة أفلام «ب» المختلفة وأفلام الاستغلال، أو بشكل أقوى، ميزات الموجة الجديدة مثل الانتقالات المفاجئة، والألعاب مع الوقت، والمونولوجات النموذجية أو المشاهد الكاملة على كوت دازور… يحتفل «انعكاس في ألماسة ميتة» بالسينما ويفكك اشكالها. ومهما كان غامضًا، فهو ممتع جدًا للعين والأذن.

 

####

 

الإعلان عن الفائزين بجوائز سوق برليناله للإنتاج المشترك 2025

فاصلة

شهدت النسخة الـ22 من سوق برليناله للإنتاج المشترك (15-19 فبراير 2025) تكريم مجموعة من المشاريع السينمائية المتميزة، حيث مُنحت خمس جوائز نقدية وجائزة عينية لدعم تطوير الأفلام الروائية المختارة. يهدف هذا الحدث إلى تعزيز التعاون بين صناع السينما من مختلف أنحاء العالم وربطهم بالممولين والشركاء المحتملين.

جائزة Eurimages لتطوير الإنتاج المشترك

حصل مشروع «Ibicaba – Visions of Paradise» للمخرجة أندريا شتاكا على جائزة «Eurimages» لتطوير الإنتاج المشترك، والتي تبلغ قيمتها 20,000 يورو. المشروع من إنتاج شركتي Cinédokké وOkofilm Productions السويسريتين. تشكلت لجنة التحكيم من ممثلين عن جهات تمويلية بارزة، وهم إيليني تشاندريو (اليونان)، أوستين ريفسيت (النرويج)، والمنتجة لابينا ميتيفسكا (مقدونيا الشمالية).

جائزة Eurimages الخاصة لمشروع أوكراني

تم منح جائزة Eurimages الخاصة لشركة «Tabor»، ممثلة بالمنتجة داريا زخاروفا، عن مشروع «The Earth Is Flat – I Flew Around and Saw It» للمخرج مكسيم ناكونيتشني. تأتي هذه الجائزة لدعم المواهب السينمائية في أوكرانيا.

جائزة جمهور الجيل Z

كما تم إطلاق جائزة جمهور الجيل Z لأول مرة هذا العام، حيث تبلغ قيمتها 5,000 يورو وتُمنح لمشروع سينمائي يستهدف الجمهور الشاب بين 20 و28 عامًا. فاز بالجائزة مشروع «30 Days of Summer» للمنتجة الأوكرانية ألكسندرا كوستينا (Bosonfilm). تألفت لجنة التحكيم من خمسة طلاب سينما من جامعات ألمانية وفرنسية، برعاية المكتب الفرنسي-الألماني للشباب (FGYO).

جائزة VFF للمواهب البارزة

ذهبت جائزة VFF للمواهب البارزة، التي تبلغ قيمتها 10,000 يورو، إلى مشروع «March 14th» للمخرج ألبرتو غروس مولو، والذي قدمته المنتجة لورا إيجيدوس بلاخا (Contraria Media، إسبانيا). كما حصلت المنتجتان أليس بلوخ (فرنسا) وجوليا ألفيس (البرازيل) على جوائز ترشيحية بقيمة 1,000 يورو لكل منهما.

جائزة ARTEKino الدولية

حصل مشروع «Dreamgirl» للمخرج كآن موجديجي (تركيا) على جائزة ARTEKino الدولية 2025، والتي تقدمها ARTE بقيمة 6,000 يورو لدعم المشاريع السينمائية المتميزة فنيًا في سوق برليناله للإنتاج المشترك.

جائزة استراتيجيات الجمهور من WCF

مُنحت جائزة استراتيجيات الجمهور، المقدمة من الصندوق العالمي للسينما (WCF)، إلى مشروع «The Sun Sees Everything» للمخرج وسام تنيّوس (لبنان)، والذي تنتجه شركة Abbout Productions. توفر هذه الجائزة استشارات موسعة حول استراتيجيات التسويق والتواصل مع الجمهور، مما يعزز فرص نجاح المشروع عالميًا.

إحصائيات سوق برليناله للإنتاج المشترك

شهد سوق برليناله 2025 مشاركة 35 مشروعًا سينمائيًا، اجتمع منتجوها مع شركاء تمويليين ومستثمرين محتملين. تم تنسيق أكثر من 1,500 اجتماع فردي لمساعدة أكثر من 600 مشارك على بناء شراكات إنتاجية جديدة. كما تم اختيار عشرة كتب للأعمال السينمائية وعشرة مشاريع مسلسلات جديدة لعرضها ضمن فعاليات «Books at Berlinale» و«Co-Pro Series».

على مدار السنوات الماضية، تمكن أكثر من 390 فيلمًا و25 مسلسلًا من إكمال إنتاجهم بعد المشاركة في السوق. من بين هذه الأعمال، يُعرض فيلمان هذا العام ضمن مهرجان برليناله: «Kein Tier. So Wild.» للمخرج برهان قرباني (Berlinale Special)، و«Ato Noturno» للمخرجين مارسيو ريولون وفيليبي ماتزمباخر (Panorama).

 

موقع "فاصلة" السعودي في

18.02.2025

 
 
 
 
 

لقاء دافئ فى بيت السفير المصرى

طارق الشناوي

مبنى مميز تم تشييده على الطراز الفرعونى، وكأنه يهتف بقوة (هنا مصر)، إنه مقر السفارة قبل نحو ٢٠ عاما.

دائما ما تفتح السفارة المصرية فى برلين أبوابها للمصريين، وعلى مدى ١٥ عاما أتلقى دعوة من السفير، عادة حميدة متأصلة، توارثها سفراؤنا فى ألمانيا، أتمنى أن تنتقل إلى مختلف السفارات المصرية والقنصليات فى العالم، يجب أن يحظى الوفد المصرى - مع اختلاف الأهداف- بقدر من الاهتمام لأننا نملك فى أيدينا سلاحا لا يمكن أن تعثر له على بديل، إنه سلاح الثقافة، بكل التنويعات فن ورياضة وأزياء وفولكلور وغيرها.

يحرص السفراء المصريون على هذا اللقاء، ودائما ما أشعر بالحفاوة التى يغمر بها الجميع.

سفيرنا الجديد محمد البدرى لم يمض عليه فى منصبه سوى شهرين فقط، خلفا لسفيرنا السابق خالد جلال، سبقهما فى نفس الموقع وزير الخارجية الحالى محمد بدر، دائما هناك لقاء، نتبادل فيه العديد من حكايات الوطن، إلا أننا هذه المرة كان لدينا فكرة ومشروع.

تواجد فى حفل الاستقبال بعض الفاعلين فى الحياة السينمائية، مثل حسين فهمى، رئيس مهرجان القاهرة، وماريان خورى، المديرة الفنية لمهرجان الجونة، والكاتب والمنتج ورئيس مهرجان القاهرة السابق محمد حفظى.

وعلى المائدة تحدث السفير عن إمكانية عقد أسبوع عن الثقافة السينمائية التى جمعت بين مصر وألمانيا على مدى التاريخ، واكتشفنا أن لدينا أفلاما مترجمة باللغة الألمانية، مصر منذ الخمسينيات وهى تشارك بأفلام فى (برلين) مثل المخرج يوسف شاهين، الأكثر حضورا، وهناك أيضا صلاح أبوسيف، وسبق أن شاركت أفلام لمحمد خان ورأفت الميهى وغيرهما، ناهيك عن الجيل الجديد، ووعدت ماريان أن تبحث عن أفلام خالها يوسف شاهين المتوفرة فى شركة أفلام (مصر العربية)، وماريان وشقيقها جابى ورثا (الجينات)، ومن أكثر المهتمين بترميم أفلام يوسف شاهين ومنحها الحياة، جزء من تلك الأفلام إنتاج مشترك مع فرنسا، وتم الترميم بالمعامل الفرنسية، وعلمت أن تلك الطريقة تحقق درجة عالية من الجودة، لكنها تحتاج إلى ميزانية ضخمة، لاتزال المعامل الفرنسية تطلب من جابى وماريان مبالغ طائلة لسداد باقى المستحقات. ملحوظة: يتم فى مصر ترميم الأفلام بتكلفة أقل، ساهمت فى إنقاذ عشرات من الأفلام، مؤكد أن حالة الشريط لا تتمتع بكفاءة عالية، إلا أنه (ليس كل ما لا يدرك كله يترك كله)، تاريخنا بالفعل على شفا التآكل، بل إن جزءا من أفلامنا تآكل بالفعل، فى العام الماضى تم إنقاذ ما يمكن إنقاذه، الأشرطة السينمائية لها عمر افتراضى، وتم ترميم جزء منها ويجرى العمل على الباقى.

المفروض فى المهرجانات أن نتجاوز مجرد أيام المهرجان العشرة، ليظل الحضور المصرى قائما طوال العام فى فعاليات أخرى، ويصبح وزير الثقافة بالطبع طرفا فيها. سفيرنا الجديد فى العاصة الألمانية، لديه اهتمامات أدبية وقدم أكثر من مؤلف تاريخى، ويسعى أن تتسع السفارة لكل ما يمكن أن يلعب دورا لنشر ثقافتنا.

أنتظر أن يسفر الأمر عن شىء ملموس، وأن ينتقل هذا الحماس الذى يتمتع به محمد البدرى إلى باقى سفرائنا فى العالم!!.

 

####

 

عرض عالمي أول لفيلم «Têtes Brûlées» بمهرجان برلين

كتب: أنس علام

في الدورة الـ 75 من مهرجان برلين السينمائي الدولي، شهد فيلم «Têtes Brûlées» للمخرجة ماية عجميه عرض عالمي أول مكتمل العدد في قسم أجيال +14، حيث عرض، أمس الإثنين، بحضور كل من المخرجة والبطلة ومنتجين الفيلم، ودار معهم ندوة نقاشية عقب العرض.

فيلم Têtes Brûlées هو قصة نضج تشكلها مأساة إيا البالغة من العمر 12 سنة وهي تتعامل مع الخسارة المفاجئة لأخيها الأكبر يونس، الذي تقاسمت معه رابطة قوية لا تنفصم. في خضم عملية حزن شديدة ومعقدة، تستعين إيا بمهاراتها الإبداعية وقدرتها على الصمود ودعم أصدقاء يونس للتكيف مع رحيله وشق طريقها نحو النضج.

الفيلم من بطولة صفاء غرباوي، مهدي بوزيان، منير عمامرة، عدنان الهرواتي، صابر طابي، نيكولاس ماكولا، مهدي زيلما، ومونيا طيب.

 

المصري اليوم في

18.02.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004