ملفات خاصة

 
 
 

"عيش الأرض" و"حليب ساخن" في "برليناله 2025":

إيقاع إخراجي هادئ يكشف اضطرابات وقسوة

برلين/ نديم جرجوره

برلين السينمائي

الدورة الخامسة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

أول فيلمين يُعرضان للصحافة والنقد السينمائيّين، من أفلام المسابقة الرسمية للدورة الـ75 (13 ـ 23 فبراير/شباط 2025) لـ"مهرجان برلين السينمائي (برليناله)"، يبحثان، بصرياً وأخلاقياً وجمالياً، في أحوال المرأة، شابّة أو عجوزاً، وفي مصائب تحلّ بها وتحوّل عيشها إلى خرابٍ، نفسيّ أساساً، وفي المدى المُتاح لها، معنوياً وانفعالياً واجتماعياً، لمواجهة الآخر، والآخر أوّلاً رجلٌ يتحكّم، أو يختفي، أو يتنصّل، والتنصّل قاهرٌ كالاختفاء والتحكّم.

"عيش الأرض" (ترجمة حرفية للعنوان الإنكليزي Living the Land) للصيني هيو مينغ، و"حليب ساخن (Hot Milk)" للإنكليزية ريبيكا لنْكِوَيتش، يكشفان قهراً تعانيه المرأة، من دون مبالغة في كشفٍ كهذا، بقدر ما في الكشف السينمائي، وهذا أساسيّ في إنجازهما، من تفكيك بُنى متنوّعة تُشكّل مجتمعاً وبيئة، وتصنع أفراداً بفضل سلوك وتربية. كشف القسوة قاسٍ أيضاً، فالقسوة الشديدة غائصة في هذين المجتمع والبيئة، إنّ تكن (القسوة) نتاج سلطةٍ قامعة، سياسية أو حزبية أو اجتماعية (عيش الأرض)، أو حصيلة تراكمات كذب وخداع ومواربة وخيبات (حليب ساخن).

لكنّ قسوة العيش غير مختَزلةٍ بمعاناة المرأة، فللرجل حصّة من قهر وخضوع وعجزٍ، كما من نفور وابتعاد، ومن مسؤوليةٍ غير راغبٍ فيها، أو كارهٍ لها، وإنْ يظهر هذا كلّه مواربةً. ففي "عيش الأرض"، يتّضح تدريجياً أنّ السلطة الحاكمة تمارس شيئاً من نزوة التسلّط، عبر سلوك وتربية يحولان دون امتلاك حدٍّ معقول من حرية وتواصل و"عيش". وفي "حليب ساخن"، رغم الاحتيال الذي تمارسه المرأة (الأم/الزوجة/المُطلّقة) لتحصين نفسها من غدر زمن أو فرد، يُعاني الرجل خفية، فحضوره نادر، واختفاؤه (الأب/الزوج/المُطلّق) سببٌ لقسوة المرأة (أم، ابنة)، وفي الوقت نفسه نتيجة معاناة المرأة مع نفسها، وفي ذاتها أساساً.

"العائلة" الصينية (عيش الأرض) كبيرة بأفرادها الأقرباء والمحيطين/المحيطات بهم/بهنّ. موت عجوزٍ يفتتح نصّاً (هيو مينغ) مُشبعاً بآلام وخيبات وقهرٍ وتشتّت، ومحاولات دائمة لاكتساب لحظات هدوء وسكينة، غير ناجحة (المحاولات). في 132 دقيقة، يتّسم الإيقاع الإخراجي بسرد بصري هادئ لحكايات متداخلة مع يوميات بائسة، في قرية ريفية، عام 1991. موتٌ يؤدّي إلى انكشاف تدريجي لأحوال، بعضها غير ظاهرٍ في القرية. أناس يشتغلون في الأراضي، ويلتقون ممثلي السلطة، ويدخّنون كثيراً، وبعضهم يحتسي خمرةً حتى السُكْر. أطفال ومراهقون/مراهقات يتعلّمون في مدرسةٍ، يُغرم أحد أساتذتها بخالة صبيّ، يتركه والداه في البلدة الريفية تلك.

هذا مختلفٌ عن مناخ "حليب ساخن" (سيناريو ريبيكا لنْكِوَيتش): أمٌّ وابنتها في بلدة ساحلية يونانية، تنغلق كلّ واحدة منهما على نفسها، فالأسرار تبدو متراكمة، والانكشاف يحتاج إلى ضغوطٍ حادّة لتفجير المخبّأ في الذات. روز (فيونا شاو) أمٌّ مُقْعدة، وابنتها صوفيا (إيما ماكّاي) تبدو سليمة، لكنّها تعيش انهياراً روحياً ونفسياً بطيئاً، فكل ما يُحيط بها يصنع ضغوطاً إضافيةتسلّط روز على الابنة قاسٍ وقاهِر، فهي نفسها تعاني قسوة وقهراً، تحتدّ في مواجهتهما، أي في مواجهة ذاتها، لكشف المستور، والتصالح مع تلك الذات أساساً.

الرجل مُختَزلٌ بمُعالِج (نفسي فيزيولوجي) يُدعى غوميز (فنسنت بيريز)، يجهد في إنقاذ روز من غرقها في بؤرة تخشى الخروج منها، أو ترفضه. صوفيا تائهة، ولقاؤها إنغريد (فيكي كريبس) مُثير لتوتّرات وتبدّلات رغم أنّه (اللقاء) تأسيسٌ لعلاقة حبّ بينهما، غير سويةٍ البتّة. حبٌّ كهذا غير حاضر في "عيش الأرض"، فالبيئة تُحرِّمه، والسلطة تنبذه، والحمل غير الشرعي يؤدّي بالشابة المُغرَمة بالأستاذ إلى إجهاض الجنين بالقوة. بؤسٌ يسيطر على كثيرين وكثيرات، كذاك البؤس المسيطر على روز وصوفيا، وعلى إنغريد أيضاً، التي تروي حكايتها بكلمات قليلة، كأنّها (إنغريد) مرآة خفيّة لصوفيا، التي تنتبه إلى تفاصيل تجعلها تُخضع روز لامتحانٍ عسير.

الموت مشترك بين فيلمي هيو مينغ وريبيكا لنْكِوَيتش: في "عيش الأرض"، يحضر الموت (أفرادٌ عديدون) مباشرة، بسبب شيخوخة أو إثر حادثٍ غير متوقّع (بحث السلطة عن النفط في أراضي البلدة الريفية يُسبِّب انفجاراً في مُراهق "معتوه"، لإصابته بخلل عقلي). أمّا في "حليب ساخن"، فغائبٌ لوقوعه في أوقاتٍ سابقة، ولكونه أبرز مُحرّك للانغلاق والقسوة والارتباك والتوهان. موتٌ يُصيب أناساً، كما يقتات من أرواح مرتبكة وضائعة وسط دوّامات كثيرة، تُضفي على العيش اليوميّ ثقلاً مُتعباً، كأنْ لا خلاص منه (الثقل).

فالموت المباشر قدرٌ مفروض. أمّا الموت الآخر، أي قتل النفس والروح والانفعال، فنتاج تصرّفات بشرية، لعلّها (التصرّفات) متأتية من خلل في تلك النفس والروح، وفي ذاك الانفعال. التقاطه في "عيش الأرض" (تصوير غيو دامينغ) مترافق وكادرات (صغيرة وكبيرة) لطبيعةٍ عاصفةٍ أحياناً، ومُشمسة أحياناً أخرى. بينما تبيانه في "حليب ساخن" (تصوير كريستوفر بلوفِلت) منسجم وذاك الانكسار الرهيب الذي تعانيه روز وصوفيا وإنغريد (أتكون إنغريد خيالاً في ذهن صوفيا، الباحثة عن خلاصٍ؟).

 

####

 

"ضوء" يفتتح "برليناله 2025": عودة جدّية لتوكفار إلى عوالمه السينمائية

برلين/ محمد هاشم عبد السلام

بعد ابتعاده عن السينما ثمانية أعوام، أنجز الألماني توم توكفار (1965) فيلماً جديداً، عنوانه بسيط ومختصر ومُكثّف للغاية: "ضوء". لكنّ العنوان الخادع يحمل معانيَ وإحالات وتضمينات كثيرة، قَصَد أنْ تصف حالات ومشاعر معاصرة، اجتماعية ونفسية واقتصادية، وروحية أساساً، إلى درجة أثقلت على بساطة العنوان.

يرسم توكفار صورة للعالم المعاصر، بل لما شهدته وتشهده ألمانيا والمجتمع الألماني تحديداً من تغيّرات وتحوّلات عاصفة، تُهدّد الكيان الاجتماعي والنسيج الأسري، وفقاً لأسلوبه المهتم بالشكل والاشتغال الفني غير التقليدي، وإنْ أدّى هذا الاهتمام إلى تراجع المضمون إلى الخلفية، أو تخلّله قصوراً أو ضعفاً أو إطالة، وإلى مفارقة الواقع، والشطح صوب عوالم وخيالات مفارقة للمعهود، أو تركيبة ربما لا تتّسق مفرداتها، فتنصهر معاً خالقةً نسيجها المتجانس والمتناغم والمُقنع.

انطلاقاً من هذا، لا يحيد مخرج "العطر: قصة قاتل" (2006) عن آخر روائي طويل له "هولوغرام للملك" (2016): عوالم الفانتازيا والخيالات الجامحة والسفر، وحضور المغامرات الشخصية، والتعرّف على الذات أو اكتشافها. وأيضاً ما يخصّ الثقافات والشعوب واللغات المغايرة. كما تحضر الرغبة في العصرية والتجريب والتواصل، وأحدث صيحات التكنولوجيا، وتوظيف هذا في سياق الدراما، وإنْ ابتعد كثيراً عن الفنّيات السينمائية الصرفة، ولجأ إلى أحدث وسائل التكنولوجيا، موظّفاً برامج الكمبيوتر والخداع في تنفيذ المشاهد.

يتجلّى هذا في "ضوء"، الذي افتتح الدورة الـ75 (13 ـ 23 فبراير/ شباط 2025) لـ"مهرجان برلين السينمائي (برليناله)"، بنحو مغاير قليلاً، ومن دون إسراف ومبالغة في الاستعانة بالتكنولوجيا والكمبيوتر في تنفيذ مشاهد كثيرة. وأيضاً، في حضور بطلين من كينيا وسورية، ما يستدعي الحضور القوي للمملكة العربية السعودية، والثقافة العربية، والأجواء الخليجية الصرفة في "هولوغرام للملك". تناول هذا في "ضوء" يحمل معاني ضمنية عميقة وجدية، يحاول توكفار لفت الانتباه إليها، لا سيما بجعلها نموذج مقارنة في فيلم يضرب بقوة وعمق في صميم انتقاد الثقافة والمجتمع الألمانيّين المعاصرين.

في السيناريو (توكفار)، حاول نسج خيوط حبكته بجدية وعمق كبيرين. يكسب الفيلم ثقلاً فكرياً وفلسفياً وتحليلياً وفنياً، لا يخلو من الغناء، وبعض الاستعراضات الراقصة، وتغليف هذا كلّه بما يدين كُلّ ماديّ ونفعيّ ودنيوي وحسّي، وإنْ أغرق هذا الفيلمَ في قالب لم يرتقِ إلى الرؤية الروحية المُرادة، ولم يصب هدفه بقوة وعمق مؤثّرين. فالهدف اتّضح منذ الدقائق الأولى، وتأكّد بعد استعراض تفكّك الأسرة الألمانية البورجوازية، التي أدخلنا توكفار إلى عوالمها في 162 دقيقة.

رغم قدرة التخمين المسبق لمجريات الأحداث، ولخيوط الحبكة، ولإحالات توكفار وأهدافه، قدَّم الشخصيات وعوالمها، كلّ على حدة، والتداخل بينها، بانتقال مونتاجي كثير وسريع ومبالغ به أحياناً. قرّب الشخصيات من مشاهديها بطريقة غير تقليدية ومثيرة، من دون ملل أو تكرار.

إلى ذلك، يضطرّ المُشاهد إلى متابعة "ضوء" حتى النهاية، وإن انتابه تململ أو معرفة مسبقة، لتفسير خيوط كثيرة غامضة تتجلّى مع اللقطات النهائية، كتفسير التكرار البالغ لهطول الأمطار، والمياه عامة، من البداية إلى النهاية، ودلالات الأمر، واللقاءات الغريبة للأسرة السورية في مَشاهد تتّضح لاحقاً.

تتفسّخ الأسرة وينهار زواج دام 17 سنة بين تيم إنلز (لارس إيدينر، أداء متوسّط) وميلينا (نيكولت كريبتز، أداء رائع)، مع أولادهما فريدا (إلِكِ بيسندورفر) وجون (يوليوس غاوزا)، والابن الكيني غير الشرعي ديو (إلياس إلدريدج). تزداد وتيرة الأحداث بعد اختيار أسرة تيم المهاجرة السورية فرح (تالا الدين، أداء مقنع) للعمل لديها مدبّرة منزل، بعد وفاة المُدبّرة السابقة فجأة، بسبب سكتة قلبية، من دون أنْ يلاحظها أحد منهم، إلا لاحقاً. الاختيار الغريب لفرح لم تتضح دوافعه، ولم يلفت الانتباه كثيراً إلا لاحقاً، عندما يستثمره توكفار في الخاتمة، فيُفسّر الكثير من الغموض. وجود فرح، الهادئة والرزينة والمتماسكة والسوية نفسياً، رغم ما مرّت به من أهوال الهجرة، يساهم في ترتيب فوضى هذه العائلة البورجوازية المفكّكة، وفي تغيير نظرتها إلى أشياء كثيرة في العالم.

في "ضوء"، يؤكّد توم توكفار حاجتنا إلى الدعم والترابط والانتماء، والحوار ومعرفة الآخر، واستكشاف مكنونات الذات، وما تنطوي عليه من روحانية غائبة. أمّا مسألة طرحه عوالم الأرواح، وعلاقتنا بمن رحلوا، واتصالنا وتواصلنا معهم، إلخ، فكانت الحلقة الأضعف والأقلّ نضجاً وفنّية.

 

العربي الجديد اللندنية في

17.02.2025

 
 
 
 
 

برلين 75 - "حليب ساخن": رومنسيات صيفية بحسٍّ أنثوي

هوفيك حبشيان - المصدربرلين - النهار

النظرة إلى السينما تختلف من مهرجان سينمائي إلى آخر، ولو ان النظرات تتقاطع أحياناً. فيلم مثل "حليب ساخن"، باكورة ريبيكّا لنكيفيتس، الذي شاهدناه غداة افتتاح مهرجان برلين السينمائي (13 - 23 شباط)، كان على الأرجح ليُعرض في مهرجان مثل كانّ داخل قسم "أسبوع النقّاد". لكن إدارة البرليناله وجدته أهلاً لمسابقته الرسمية التي من المفترض ان تنطوي على أفضل ما يُنتَج حول العالم. هذا ليس اكتشافاً جديداً، لكن يجدر التذكير به في مناسبة الحديث عن هذا الفيلم المقتبس من بست سيللر لديبورا ليفي، ذلك انه يرينا مدى اختلاف كلّ مهرجان عن الآخر، بسبب اختلاف أذواق المنظّمين

تجري أحداث الفيلم ذات صيف، في بلدة ساحلية اسبانية. نتابع تفاصيل علاقة أم تدعى روز (فيونا شاو) وابنتها المراهقة صوفيا (إيما ماكي)، طالبة الأنثروبولوجيا المتحفظة، خلال اقامتهما في هذا المكان، تمهيداً لخضوع الأم لعلاج يشفيها من مرضها الغامض الذي جعلها مقعدة تتنقّل على كرسي كهربائي، علماً ان جذور اعاقتها تضرب في ماضيها الصعب

علاقة معقّدة تربط الواحدة بالثانية، تتخلّلها رغبة الأم في السيطرة على الابنة، وتزداد تعقيداً مع اصرار المخرجة على جعلها أكثر تعقيداً، أحياناً من دون ان نفهم الدافع. ماذا تعني مثلاً مقولة لويز بورجوا "ذهبتُ إلى الجحيم وعدتُ منها، ودعني أقول لكم انها كانت رائعة"، التي يُفتتح بها الفيلم؟ حتى بعد المشاهدة، تظلّ غامضة.

وسط هذه الأجواء، ستتعرف الابنة إلى سائحة اسمها إنغريد (فيكي كريبس) فتعيشان معاً علاقة عاطفية، ممّا سينقل الفيلم من مرحلة الرومنسيات الصيفية إلى جانر سينمائي مكرس، هو الأفلام التي تصوّر الانتقال من عالم المراهقة إلى عالم الراشدين وبداية الوعي بالجنس والمشاعر، وما يترافق معه من خيبة وشعور بالفقد والمرارة. بعض هذه الأحاسيس من شأنها ان تبني الإنسان إلى الأبد

إنغريد هي الشخصية الثائرة والمؤثّرة التي كان يحتاجها الفيلم، لتبثّ فيه بعض الاثارة النوعية، وهذا ما سيحدث. لكن الشرارة تحدث عند احتكاكها بصوفيا، الفتاة التي تجرجر خلفها احساساً بالتوجسّ من كلّ ما يحيط بها. يمكن قراءة تخبّطات جيل كامل في سلوكها. في أي حال، الفيلم يلمّح إلى هذا الجانب بخجل.  

ترى ماذا سينتج من هذا اللقاء الرباعي الذي سحدث بين الأم والابنة والسائحة والمعالج (فنسان بيريز)؟ هذا ما نكتشفه في فيلم حسّاس، ناعم، رقيق، لا يتخطى الساعة ونصف الساعة، ومع ذلك يبدو طويلاً، اذ تفتقر المخرجة إلى البصمة السينمائية، فتحملنا إلى الكثير من الأراضي القاحلة.

رغم بعض المزايا التي نجدها موزّعة في أرجاء الفيلم، يبقى "حليب ساخن" من هذه المشاريع التي تتولّد من الرغبة المتبلورة في السنوات الأخيرة للزج بالمرأة في كلّ شيء. بعض الغربيين يكتشفون ان هناك كائناً اسمه المرأة، معتقدين أنه لم يكن لها وجود في السينما سابقاً، بل يعود اليهم الفضل في اختراعها وفرضها وتكريسها على الشاشة

لكن، ما ان تنتقل قصصهن داخل البقعة المستطيلة أمامنا، حتى ندرك مدى رفاهيتهن، مقارنةً بنساء آخريات. وانسجاماً مع هذا المنطق، ينبغي التشديد على ان كلّ ما سنراه في "حليب ساخن" لزوم ما لا يلزم، لكنه مصوَّر بذلك الطموح العالي في بثّ الاعتقاد بأنها ضرورية وحاسمة

بالتأكيد، لا أحد عاقلاً ومحبّاً للسينما، لا يحب مشاهدة نساء، سواء قبالة الكاميرا أو خلفها أو في الموقعين معاً، المشكلة عندما يصبح هذا الأمر أهم من الفيلم نفسه، لا بل يتحول إلى السبب الأوحد لوجوده. في هذا الصدد، تقول المخرجة في الملف الصحافي بأنها أرادت تصوير مشاهد الشاطئ على نقيض الطريقة التي يصوّرها السينمائيون الرجال، انطلاقاً من شعورها بأنه يتعين عليها احداث قطيعة مع نمط "باي ووتش" في التقاط الأجساد.  

باختصار، "حليب ساخن" فيلم يتجول بين اللمسات الشعرية البسيطة، لا يستقر على حكاية، يترنّح بين قصّة الأم وحكاية الابنة، وفي النهاية لا يروي شيئاً يستحق ان يُروى، مكتفياً بالتقاط أحاسيس صغيرة وحميميات واضطرابات، مدفوعاً بمبدأ ان للمرأة قدرة أكبر على فهم المرأة.

 

####

 

فيلم غامض يحطّ في مهرجان برلين: هذه هي السينما!

هوفيك حبشيان - المصدربرلين - النهار

فيلم لا يشبه أي فيلم آخر شاهدناه، هبط علينا أو أُلقي أمامنا في اليوم الثالث من مهرجان برلين السينمائي (13 - 23 شباط). لم يتوقّع أحد ان المفاجأة الكبرى سيحقّقها فيلم غامض، ربما لو شارك في أقسام أخرى لما اهتم به أحد. هذا الفيلم جعل كلّ ما سواه يبدو بلا روح، باهتاً ومكرراً وتقليدياً. أتحدّث عن "انعكاس في ألماسة ميتة" (مسابقة) للفرنسيين المقيمين في بلجيكا إيلين كاتيه وبرونو فورزاني اللذين ينجزان فيلمها الرابع كثنائي. من الجنريك إلى الجنريك، يستحيل ابعاد النظر للحظة عن الشاشة. حتى من دون ان أكمل المشاهدات (لا نزال في اليوم الخامس للبرليناله)، أرشّحه بقوة لـ"الدب الذهبّ"، وسيكون صعباً على لجنة تود هاينز صرف النظر عنه، مع العلم ان أفرادها سيحتاجون إلى الكثير من الجرأة لاسناد الجائزة الكبرى إليه. من الضروري أيضاً التعبير عن الاعجاب بجرأة إدارة برلين في ضم فيلم "جانر" (مع انه يميل أكثر إلى محاكاة فيلم "الجانر") إلى المسابقة، في زمن يُراد من السينما، خصوصاً في المهرجانات، ان تنقل الواقع وتدين وتعبّر عن كذا وكذا وتشتكي وتخبر حال العالم، إلخ. هذا خيار رؤيوي غير مسبوق، ولو ان الآراء التي سمعتها من هناك وهناك في شأنه، لا تجعل من الفيلم محل اجماع، بل ثمّة مَن هم ضده ومن هم معه، وذلك نظراً إلى راديكالية الاطروحة.

الفيلم عن جاسوس (فابيو تستي) يتذكّر مغامراته في الستينات وهو جالس على شاطئ أحد فنادق الكوت دازور الفرنسية محتسياً المارتيني. هل ينفع ان نغوص في المزيد من التفاصيل ونحن نتناول فيلماً بصرياً، أجوائياً، تعبيرياً، مملوءاً بمرجعيات من السينما الجماهيرية، إلى هذا الحد؟ لا ضرورة لفهم أي شيء من مسرح العبث الذي نجده أمامنا على الشاشة، وهنا تكمن روعة الفيلم الأشبه برحلة، بأوديسّا، بفتح سينمائي يوفّر لنا متعة خالصة، وكأننا في سفينة تبحر بنا على أمواج متلاطمة ولا ينتهي التمايل المستمر على متنها، الا مع ظهور كلمة "نهاية" على الشاشة.

لا يتخطّى الفيلم الـ87 دقيقة، ليرينا في أقل من ساعة ونصف الساعة، بإيجاز وتكثيف لافتين، ما لا قدرة للكثير من الأفلام في قوله بساعتين وثلاث. فكلّ العناصر السينمائية مدفوعة إلى أقصى قدراتها وجهوزيتها. باختصار، يجسّد الفيلم ما لا يمكن أي فنّ آخر تجسيده. لا اللوحة ولا الموسيقى ولا الأدب فنون تجمع بين المونتاج المتوتّر والإيقاع المشدود واللغة البصرية الهائلة التي تحملنا من متاهة إلى أخرى بوتيرة جهنمية.

لا يتعلّق الأمر بأن نفهم ما نشاهده بقدر ما يتعلّق بأن نؤمن بهذه المشاهدة والمضي في احتملات لا تنتهي. انها سيادة المتعة التي لا توفّر بالضرورة لا أسئلة ولا أجوبة، وغير مشغولة بقضية تغيير العالم. وسيادة المتعة كافية لصناعة فنّ، وإن لم يرضَ عنه مَن يبحث عن مغزى وتأويل ورسالة لكلّ شيء وأي شيء. في هذا المعنى، يعيدنا الفيلم إلى واحدة من أساسيات السينما ليذكّرنا بأنها فنّ الترفيه والمتعة بامتياز. وللمناسبة، الفيلم مصوَّر بشريط سينمائي، وما يحضر مع ذلك من عيوب في الصورة تنتمي إلى زمن مضى، مستعاد هنا ببراعة.
نحن حيال فنّ خالص لديه قدرة مغناطيسية بالفطرة. هارمونيا تتولّد بشكل دائم بين الصورة والصوت. لا يترك الفيلم مصدراً بصرياً لا يستعير منه. يمد يده إلى كلّ ما يمكن تحويله وتحريفه واستغلاله: فنّ تشكيلي، قصص متسلسلة وغيرها. الأفلام نفسها أرض شاسعة يحصد منها، بدءاً من "ديفا" لجان جاك بينيكس الذي يحضر كتحية، وصولاً إلى كلّ المخرجين من راوول رويز وبراين دبالما وديفيد لينتش الذين يذكّرنا بهم الفيلم من دون ان تكون هناك بالضرورة أي صلة جوهرية بهم. فنحن في النهاية أمام فيلم عن الأفلام، داخل السينما وخارجها، حيث شد حبال لا ينتهي بين الواقع والخيال. ضربة معلّم
.

 

####

 

في مهرجان برلين يحزننا الألمان ويطربنا الأميركيون!

ما يتحدّث في فيلم "الضوء" هو ضمير مخرج يقول انه يعيش نتيجة عقود من اللامبالاة لم يحرك فيها ساكناً، وها انها تنتهي الآن.

هوفيك حبشيان - المصدرالنهار - برلين

غمرت الثلوج برلين في أول أيام انعقاد مهرجانها السنوي (13) - 23 شباط/ فبراير). أقدام الواصلين إلى البرليناله سرعان ما حولت البياض الناصع إلى وحل. ذاب الثلج في بقع معينة وبان المرج. نحن الذين نزور العاصمة الألمانية مرة كل عام، لم نشهد رداء بهذا البياض منذ 15 عاما، بسبب الاحتباس الحراري. أما الحرارة داخل الصالات، فتلك حكاية أخري نكتشف دراجتها يوماً بعد يوم وفيلماً بعد آخر. "الضوء" للمخرج الألماني توم تيكفر خارج المسابقة)، افتتح الدورة الـ75 مساء الخميس الماضي. نص اشكالي سيثير نقاشاً. يطرح تيكفر مواضيع مهمة: الواقع الافتراضي التغير المناخي، انهيار المجتمع الأوروبي المحتمل اللجوء، انتهازية المنظمات غير الحكومية، العلاقة بين الشمال والجنوب استبدال الرجل الأبيض في سوق العمل باسم التنوع والانفتاح على الوافد.

الفيلم أشبه بورشة مفتوحة استفزازي معارض، محمل غضباً وسخطاً. وشاءت المصادفة ان يتزامن مع الانتخابات التشريعية المبكرة التي ستقام بعد أيام وستحدد لون الائتلاف الذي سيحكم ألمانيا طوال السنوات الأربع المقبلة. نحن حيال فيلم يحاول توثيق الجو والمناخ العام السائدين في ألمانيا الراهنة، مبدياً رأياً فيهما، خصوصاً في ظل اللجوء السوري وأنواع أخرى من اللجوء. باختصار يعرف تيكفر عمّا يتحدّث، و"الضوء" يمكن ادراجه من ضمن أعماله الشخصية. المختلف في العمل هو انه كل ما يقدمه، يفعله بطريقة مخرجه الخاصة جداً، صانعاً هوية انطباعية لنفسه. وسواء أحببناه أم لا، استمتعنا بمشاهدته أم نفرنا منه، قدّرنا مجهوده الجبّار أم لم نكترث له فتوم تيكفر لا يحوّل القضايا التي يتناولها إلى عمل مرتهن رخيص، استغلالي، ممجوج. في البدء، هناك عائلة من خمسة أفراد. لا حاجة إلى القول ان العلاقات بين أفراد العائلة تحتاج إلي اعادة نظر كي تعود إلى طبيعتها. تزامناً مع تعرفنا إلى العائلة ينقل الفيلم أجواء لاجئات سوريات يتشاركن شقة، وستبرز من بينهن واحدة اسمها فرح (تالا الدين) ستعمل لاحقاً في منزل العائلة. ولكم ان تتخيلوا التتمة أو بالأحرى لن يتخيل أحد ما سيفضي اليه هذا اللقاء من تفاصيل توثق التعايش بين الألمان والوافدين إلى ألمانيا. يحرص تيكفر على عدم إلقاء اللوم على أحد أو الانحياز إلى طرف على حساب آخر.

ليس "الضوء" فيلماً تقليدياً عن اللجوء. ما يشرح شعور الخذلان عند بعض المشاهدين في نهاية العرض المخصص للصحافة، اذ لا يتماشى الفيلم مع توقعاتهم. ما يتحدّث في الفيلم هو ضمير مخرج يقول انه يعيش نتيجة عقود من اللامبالاة لم يحرك فيها ساكناً، وها انها تنتهي الآن. انها محاكمة للذات أكثر من أي شيء آخر بالنسبة لتوم تيكفر!

بعيداً من هذه الأجواء الضاغطة، شكّل عرض "مجهول تماماً" للأميركي جيمس منغولد (خارج المسابقة)، المرشح لثماني جوائز "أوسكار" لحظة بهجة خالصة. يحملنا الفيلم إلى نيويورك في أوائل الستينات، وسط مشهد موسيقي حيوي مزدهر، نابض بمحاولات التجديد والتحديث من حيث لا نتوقعه، يطل علينا بوب ديلان (تيموتي شالاميه)، آتياً من مينيسوتا، حاملاً غيتاره وأفكاره الطليعية. بموهبته الفذة وشغفه بالشعر والغناء والعزف، سيتمكّن من اعادة ترتيب بيت الموسيقى الأميركية التي كانت حتى ذلك الحين محصورة في مواضيع الحبّ البريء التي خلّدها أمثال إلفيس بريسلي.

بكلاسيكية يملك الأميركيون سرها، متفوقين فيها على غيرهم، يتناول الفيلم صعود دیلان من دون ان يتحوّل ولو للحظة إلى "دراسة في شخصية"، مع اصرار دائم على رواية الموسيقى والشعر والزمن الأميركي الستيناتي من خلاله. لعبة المرايا بين ديلان والزمن الذي عاصره وأحدث فيه تأثيراً عميقاً، واضحة في مقاربة منغولد. فيلمه استكشاف لهواجس وأسرار فنّان كان في قلب ثورة فنية، مما يمنح القصّة بعداً يتجاوز السيرة التقليدية خرجنا من العرض برغبة عارمة في الغناء والتمايل طرباً على أنغام الموسيقى.

 

النهار اللبنانية في

17.02.2025

 
 
 
 
 

رسالة برلين السينمائي: "لو كان لي سيقان لركلتك"

سليم البيك

كان الفيلم لكل لذلك، ومن خلال جودة كلام المرأة وردود أفعالها، كان بجودة استحقّها. كان كذلك بقدر ما كان مربِكاً بارتباك شخصيته.

لا يبتعد الفيلم في قدرته على التسبب بالتوتر، مما يمكن أن يوحي به عنوانه. يتساءل أحدنا: لمَ قد يرغب من لا سيقان له بالركل، وبركلي أنا تحديداً، كما يوحي العنوان (If I Had Legs I'd Kick You).

إن كان فيلم الأمريكية ماري برونشتاين مبتعداً تماماً عن الصورة التي يشكلها عنوانه، فإنه يستحضر الشعور ذاته الذي يمكن للعنوان أن يتسبب به، هو نوع من الارتباك والتساؤل في لحظة بالكاد يستوعب فيها أحدنا ما الذي يحصل. في الفيلم لا نرى سوى امرأة تدخل في أزمة قبل أن تخرج من سابقتها. كأنّ إرباكاً تسبب فيه تزاحم الأزمات، أو، ببساطة، تزاحم الحظوظ السيئة أو لحظات الشؤم.

هي معالجة نفسية وتعاني من انهيارات نفسية، تتبع جلسات علاج عند زميلها، من دون رغبة أي منهما بلقاء الآخر، ومن دون ثقة أحدهما بالآخر. ابنتها تعاني من مرض مجهول يتطلب علاجاً خاصاً ومستنزفاً. إحدى مريضاتها تهرب تاركة طفلها في العيادة، وتختفي. زوجها غائب دائماً ولا يكف عن لومها عبر التليفون. هذه وغيرها من الارتباكات الحياتية التفصيلية المتزامنة، بواعث لتنفجر المرأة في أكثر من مشهد، منهارة.

ثمّ، يبدأ هذا كله ويترافق مع انهيار سقف بيتها بعد انهمار المياه من خلاله، واضطرارها وطفلتها لتركه إلى فندق رخيص، لأشهر، من دون أي تقدّم من الشركة المعنية، في إصلاحه.

هذا كله، ضغوطات مهنية وعائلية وشخصية، مرفقاً بحساسية ناقصة للمرأة تجاه الآخرين، جعل من الفيلم سلسلة متراكمة من الحظوظ السيئة، المتجمعة مربكةً إياها، الأم الطائشة والمعالِجة المنهارة. بالكاد يخلو الفيلم من لحظات استرخاء أو استجماع لقوى.

"لو كان لي سيقان لركلتك" المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي، وهو ضمن ما يعرف بالسينما المستقلة الأمريكية، أعطى لبطلته مساحته كلّها، فشخصيات ثانوية كالزوج والطفلة، كانت صوتاً فقط حتى نهايات الفيلم.

كان الفيلم لكل لذلك، ومن خلال جودة كلام المرأة وردود أفعالها، كان بجودة استحقّها. كان كذلك بقدر ما كان مربِكاً بارتباك شخصيته.

محرر المجلة. روائي وناقد سينمائي فلسطيني

 

مجلة رمان الثقافية في

17.02.2025

 
 
 
 
 

مخرج فيلم "ميكي17": ميكي بارنز نموذج ساخر عن كل السياسيين السيئين

حبكة الفيلم تدور حول ملياردير مصاب بجنون العظمة يشبه ماسك، يستقل مركبة فضائية تسافر لاستعمار كوكب جليدي في مستقبل غير بعيد.

برلين – يشكل السفر إلى الفضاء والبحث عن الحياة في كواكب المجموعة الشمسية إلى جانب غرور أثرياء أوساط التكنولوجيا مثل إيلون ماسك وتعجرف بعض الزعماء السياسيين موضوع الفيلم الساخر الجديد للمخرج الكوري الجنوبي الشهير بونغ جون هو “ميكي 17” الذي عرض لأول مرة في الدورة الخامسة والسبعين لمهرجان برلين السينمائي الدولي.

وقال المخرج الكوري الجنوبي إن شخصية الشرير في فيلم “ميكي 17″، وهو سياسي شعبوي يلعب دوره مارك روفالو، مستوحاة من زعماء مستبدين في الماضي، لكنها قد تبدو مألوفة للمشاهدين لأن “التاريخ يعيد نفسه دائما”.

حبكة الفيلم تدور حول ملياردير مصاب بجنون العظمة، يستقل مركبة فضائية تسافر لاستعمار كوكب جليدي

وأوضح المخرج الحائز على جائزة أوسكار عبر مترجم للصحافيين خلال مشاركته في مهرجان برلين السينمائي “إنه يملك، بطريقة كوميدية، كل وجوه السياسيين السيئين الذين شهدناهم.”

دخل بونغ التاريخ في حفل توزيع جوائز الأوسكار لعام 2020 عندما أصبح فيلمه “باراسايت” أو “طفيلي” وهو كوميديا اجتماعية سوداء حول الفجوة بين الأغنياء والفقراء في سول المعاصرة، أول فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية يفوز بجائزة أفضل فيلم، وهي أعلى جائزة في صناعة السينما.

ويعرض فيلم “ميكي 17″، الذي يمزج بين الخيال العلمي والكوميديا السوداء ومن بطولة روبرت باتينسون، في قسم خاص خارج المنافسة في مهرجان برلين.

تدور حبكة الفيلم حول ملياردير مصاب بجنون العظمة يشبه ماسك، يستقل مركبة فضائية تسافر لاستعمار كوكب جليدي في مستقبل غير بعيد.

وقال بونغ “استوحيت هذه الشخصية من الماضي، وبما أن التاريخ يعيد نفسه دائما، فقد يبدو الأمر كما لو أنني أشير إلى شخص ما في الحاضر”، مشيرا إلى أن الفيلم “يتعلق بشخص عاجز، لكنه يتحول بشكل غير متوقع إلى بطل.”

وأوضح بونغ أن بطل القصة ميكي راكب من الطبقة العاملة يتم اختياره لأداء المهام الأكثر خطورة في المركبة. وأضاف “إنها المرة الأولى التي أتعمق فيها في مدى سخافة الناس وحماقتهم، وكيف يمكن لهذه الحماقة أن تجعلهم في الواقع محبوبين أكثر.”

والفيلم مقتبس من رواية “ميكي 7” للكاتب إدوارد أشتون، ويدور حول ميكي بارنز، الذي ينتمي إلى الطبقة العاملة ويتطوع دون علمه لكسب رزقه من خلال الموت على نحو متكرر.

في الكتاب، تخيل المؤلف 10 نسخ أقل من ميكي، لكن بونغ رفع العدد إلى 17، مما وضع الشخصية والنجم على حد سواء في مأزق. كان باتينسون رياضيا بشكل لا يصدق في كل هذه النسخ، وفي معظم الفيلم، كان عالقا في حلقة لا نهائية حيث يُحكم عليه إلى الأبد بتكرار نفس الحياة غير المجزية، وتجده طوال الوقت يُضايق بأسئلة مستفزة حول كيف يكون الموت.

وكما هو الحال في الكتاب، تدور أحداث الفيلم في مستقبل قاتم حيث لم تعد الأرض صالحة للسكن، ويجب على البشر استعمار كواكب أخرى، ويعتمد نجاح مهمة مدتها أربع سنوات إلى الكوكب الجليدي على نسخ بشرية يمكن التخلص منها تسمى “المستهلكون”.

تبدأ أحداث الفيلم بعد مرور أربع سنوات على مهمة استعمار كوكب آخر، حيث يُترَك ميكي 17 ليموت في كهف جليدي، بعد أن هجره تيمو (ستيفن يون)، وهو الصديق ذاته الذي أوقعه في هذا المأزق في المقام الأول. وآخر ما يراه هو الفم المفتوح لما يبدو وكأنه حيوان عملاق، وقد أطلق على هذه المخلوقات اسم “الزاحفين”.

وقال بونغ “على الرغم من أنها قصة مستقبلية، إلا أنها تبدو وكأنها قصة يمكن أن تحدث في الحاضر أو الماضي.” وأوضح أن بالنسبة للشباب الحاضرين، فإن ما يعتبر الآن خيالا علميا قد يصبح في يوم من الأيام موقفا يواجهونه.

ومن المقرر أن يبدأ عرض فيلم “ميكي 17″، الذي يشارك في بطولته أيضا توني كوليت وناعومي آكي وستيفن يون، في دور السينما في الثامن والعشرين من فبراير الجاري في كوريا الجنوبية، على أن يبدأ عرضه في دول أخرى في الخامس من مارس المقبل.

وبونغ جون المولود في العام 1969 هو مخرج أفلام، وكاتب سيناريو، وسياسي كوري جنوبي، تتناول أفلامه موضوعات الهوية والمجتمع والحرب الطبقية. قبل تخرجه من الأكاديمية الكورية لفنون السينما في دايجو العام 1996، درس بونغ علم الاجتماع في جامعة يونسي المسيحية. كانت فترة من الاضطراب السياسي والاجتماعي، وغيّرت الحركة الديمقراطية من صورة البلد. لذلك تظهر لدى أفلام بونغ قراءات سوسيولوجية مبطنة للواقع ومجريات الأحداث الاجتماعية ومصائر العلاقات الإنسانية.

في عام 2017، صنفه موقع ميتاكريتيك في المرتبة السادسة عشرة ضمن قائمة أفضل قائمة 25 مخرجا للسينما في القرن الحادي والعشرين. ويعتبر أول مخرج آسيوي يحصل على 4 جوائز أوسكار دفعة واحدة عن فيلم واحد، وثاني مخرج آسيوي يفوز بالأوسكار بعد المخرج التايواني أنغ لي، وصاحب أول فيلم غير أميركي يفوز بأوسكار أفضل فيلم.

 

العرب اللندنية في

17.02.2025

 
 
 
 
 

هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون تشارك بمهرجان برلين السينمائي

البلاد/ مسافات

تشارك هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون في فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الخامسة والسبعين، الذي يُقام في العاصمة الألمانية برلين خلال الفترة من 13 إلى 23 فبراير الجاري، وذلك في إطار تعزيز حضورها الإعلامي في مختلف الفعاليات الثقافية والمهرجانات السينمائية العالمية.

ويضم وفد الهيئة كلاً من إسماعيل عيسى الحوسني، مدير قناة الشرقية من كلباء، وسيف عبد الرحمن جمعة، مدير إذاعة بلس 95، والمنتج الفني أشرف علي، حيث عقد الوفد سلسلة من اللقاءات والاتصالات مع جهات إعلامية وصُنّاع محتوى سينمائي بهدف تبادل الخبرات واستكشاف آفاق التعاون المشترك.

وأكد إسماعيل الحوسني أن مشاركة هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون في المهرجان تأتي في إطار رسالتها الإعلامية الرامية إلى دعم الإنتاجات الإبداعية وتعزيز التبادل الثقافي، مشيراً إلى أن المهرجان يمثل منصة مهمة لاكتشاف أحدث الأعمال السينمائية والتفاعل مع رواد الصناعة السينمائية العالمية. وأضاف أن الهيئة تحرص على مواكبة الفعاليات السينمائية الكبرى والتواصل مع المبدعين لفتح آفاق جديدة تعزز المحتوى الإعلامي المقدم للجمهور، وتدعم المواهب السينمائية في المنطقة، لافتًا إلى أن مثل هذه المشاركات تعزز رؤية الشارقة الثقافية والإعلامية على المستوى الدولي.

ويعد مهرجان برلين السينمائي الدولي، أو "برليناليه"، من أبرز الفعاليات الثقافية في أوروبا والعالم، حيث يستقطب آلاف الزوار من عشاق السينما وصُنّاع الأفلام، ويقدم منصة لعرض أحدث الإنتاجات السينمائية والتواصل مع كبار المخرجين والنجوم العالميين.

 

البلاد البحرينية في

17.02.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004