«مهرجان
برلين» يطرح أفلاماً مهمّة وتساؤلات كثيرة
المحكمة منعقدة بشأن مستقبل «هوليوود»
لندن: محمد
رُضا
الممثلة جيسيكا
شستاين تُبهر في «أحلام». فيلم «ميكي17» يُذهل. «كانال بلوس» الفرنسية
تهدد. فيلم نيكول كيدمان «بايبي غيرل» يُثير اهتمام الأوكرانيين... الأخبار
كثيرة، لكن وحده ترمب ما زال نجم الدورة الحالية من «مهرجان برلين» حتى
الآن.
«هناك
أجواء قلقة، وكل من جاء إلى برلين هرباً من سطوة ترمب، وجد أنه غير محظوظ
في برلين»... كتب مراسل مجلة «ذَ هوليوود ريبورتر»، أمس، ملاحظاً أن الرئيس
الأميركي، دونالد ترمب، هو الحديث اليومي الفعلي بين كثير من المشاركين،
ويتراءى كذلك بين مشاهد بعض الأفلام المعروضة.
دلالات
فيلم «ميكي17»؛ جديد المخرج بونغ جون هو، صاحب فيلم
«Parasite»
الفائز بأربع جوائز «أوسكار» قبل 5 سنوات وباقة من الجوائز المهمّة الأخرى،
يقدّم، بين شخصياته، شخصية رجل متهوّر يرتدي قبعة حمراء تشبه تلك التي
يرتديها ترمب. في «أحلام»، لمايكل فرنكو، يهرب راقص باليه مكسيكي يعيش في
أميركا عائداً إلى المكسيك التي قد لا يستطيع العودة منها إلى الولايات
المتحدة.
في سوق الفيلم حديث متواصل بشأن تأثير سياسة البيت الأبيض
على «هوليوود». ما تأثير سياسة ترمب في المرحلة المقبلة على صناعة
السينما... هل سيقوّض ليبراليتها؟ إحدى حلقات النقاش التي دارت بين عدد من
الموزّعين الأميركيين تساءلت: هل ما زال من الممكن تصوير الأفلام في كندا
أو المكسيك؟ سابقاً، ومنذ سنوات بعيدة، أمّت الإنتاجات الأميركية هذان
البلدان لأسباب اقتصادية؛ لأن التصوير فيهما (تبعاً للحكايات المناسبة)
أرخص من التصوير في «هوليوود» أو جوارها.
من منبره في الكونغرس، صرّح برني ساندرز قبل 3 أيام بما
يُفيد بأن كل شيء ممكن؛ لأن «الرئيس ونخبته» يسعون إلى السيطرة الكاملة على
شؤون الاقتصاد والمجتمع لمصلحة القلة... والمشاركون في دورة «مهرجان برلين»
كلهم آذان صاغية... يرددون بعض هذا الاتهام؛ لكنهم في الأساس يتساءلون عن
حال التوجه الجديد للبيت الأبيض بالنسبة إلى صناعة السينما.
تهديد
فرنسي
لا بد من أن يترك كل هذا وضعاً محرجاً بالنسبة إلى نشاطات
سوق الأفلام، الشبيهة بتلك التي تُقام في مهرجان «كان» والمقامة على
الهامش. في السنوات الماضية، تفاوت الإقبال على هذه السوق، لكنها بقيت
أساساً داعماً للمهرجان الألماني الكبير. هذه لا تزال حالها اليوم، لكن
الحذر الناتج عن عدم وضوح الرؤية حاضر، وفق مجلة «سكرين» البريطانية.
علاوة على ذلك، هددت إحدى كبرى شركات الإنتاج الفرنسية، وهي
«كانال بلوس
(+Canal)»،
بخفض دعمها للإنتاج الفرنسي إذا ما وافق المعنيون على منح شركة «ديزني»
الأميركية إذناً بتمديد عروض واستثمار أفلامها على النت في فرنسا لـ9 أشهر
بدل 6 أشهر كما هي الحال الآن.
الدعم الذي توفره «كانال بلوس» لا يُستهان به؛ إذ يبلغ
سنوياً 220 مليون يورو (نحو 230 مليون دولار).
من وجهة نظر الشركة العملاقة، كما كتب مدير مجلس إدارتها
ماكسيم سعادة
(Saada)
في صحيفة «لوموند»، أول من أمس، متسائلاً: «هل من العدل منح (ديزني) حق بث
أفلامها 9 أشهر مقابل 35 مليون يورو؟ بينما نصرف نحن أضعاف ذلك لدعم السوق
الفرنسية؟».
الحال أن «هوليوود» تتمتع بسيطرة كبيرة على السوق الفرنسية
للأفلام؛ إذ لا تزال أفلامها تستحوذ على ما بين 40 و50 في المائة من
إيرادات السوق الفرنسية كل عام، وفق مجلة «لو فيلم فرنسيه». وإذا ما احتلت
«هوليوود» سوق العروض المباشرة على «الأون لاين»، فإن خللاً سيصيب العملية
الاقتصادية بكاملها، كما يؤكد سعادة في خطابه التحذيري.
مستقبل
قريب
بعيداً عن كل ذلك، تثير الأفلام المعروضة الاهتمام، فيما
يبدو نجاح الإدارة الجديدة في استحواذ عدد من الأعمال المثيرة للاهتمام.
بعضها قد يعيش لموعد الأوسكار في عام 2026.
بداية؛ هناك «رسالة إلى ديڤيد»، من إخراج توم شوڤال وإنتاج
نانسي سبيلبرغ؛ شقيقة ستيڤن. هو فيلم تسجيلي يمثل إسرائيل خارج المسابقة،
ويدور عن الممثل ديڤيد كونو؛ أحد الرهائن لدى منظمة «حماس».
مدخل الفيلم هو مقاربة الحاضر والماضي بالنسبة إلى ديڤيد
وشقيقه إيتان، وذكريات الثاني بشأن أخيه وخطواتهما في العمل السينمائي التي
بدأت بفيلم «شباب
(Youth)»
سنة 2013، وهو فيلم سبق لـ«مهرجان برلين» أن عرضه في ذلك العام.
لا تطرّق يُذكر خارج الإطار التعريفي والنوستالجي المنسوج
بعاطفة. لا يوجد أي طرح للحديث عن الوضع السياسي أو الوقوف مع أو ضد أي جهة
في ذلك الوضع القائم حالياً.
بينما استأثر الفيلم بتغطية إعلامية غالباً من قِبل من
اعتقدوا أن للفيلم جنوحاً بشأن تحليل واقع ما، فقد تجاوز فيلم الكوري بونغ
جون هو، «ميكي17»، التوقعات، وجمع من حوله إعجاب الجمهور العام والنقاد،
كما تشير الأخبار الواردة.
في «ميكي17» يؤدي الأميركي روبرت باتنسن دوراً مزدوجاً في
حكاية مستقبلية ذات حبكة سياسية بشأن توجه البعض إلى السيطرة على الكوكب
وجعل الحياة فوقه متاحة للعنصر الأبيض وحده. في خضم حضور قوي لليمين
المتطرّف في أميركا ودول أوروبية عدّة، يقدم «ميكي17» بعض التوقعات
المحتملة، لكن المخرج يستخدم حبكته هذه ليسخر من المدّ الفاشي عبر موضوع
جاد يعالجه بأسلوب كوميدي.
من ناحيته، لا يشكو «أحلام» مايكل فرنكو من قوّة الإيحاء
السياسي من دون الابتعاد عن القيمة الدرامية المتمثلة في قصّة راقص الباليه
المكسيكي «فرناندو» (أيزاك هرنانديز) الذي نتعرّف عليه في مطلع الفيلم وهو
يحاول - وآخرون - الخروج من حافلة في مكان ما من الأراضي المحاذية للمكسيك.
ما يتبدّى أن ركاب الحافلة وجدوا أنفسهم في هذا المكان الخالي والشاسع داخل
حافلة مقفلة عليهم.
سندرك سريعاً أن الحافلة دخلت الولايات الأميركية بالتهريب
حاملةً مهاجرين غير نظاميين. بعد حين سيجد «فرناندو» طريقه إلى مدينة سان
فرنسيسكو حيث تعيش «جنيفر» (جيسيكا شستاين) ليكتشف أنها لم تعد ما اعتاده
منها، فهي الآن لا ترغب في أن تبدو صديقة لشاب مكسيكي. سيقود كل ذلك إلى
أحداث عاطفية واجتماعية محورها حال المهاجرين المكسيكيين اليوم، علماً بأن
المخرج مايكل فرنكو كان صوّر الفيلم قبل انتخابات الرئاسة الأميركية. |