ملفات خاصة

 
 
 

«ليست وحشًا. شرسة للغاية»:

رشيدة لانكستر أو الهوس بالعرب كموضوع للأفلام

محمد طارق

برلين السينمائي

الدورة الخامسة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

ضمن قسم العروض الخاصة «برلينالي سبيشيال» قدم مهرجان برلين السينمائي فيلم المخرج الألماني من أصل أفغاني برهان قرباني الأحدث «ليست وحشًا. شرسة للغاية – No Beast. So Fierce». قرباني الذي قدم سابقًا «شهادة- Shahada» و«برلين ألكسندر بلاتز-Berlin Alexanderplatz» وكلاهما عُرضا في دورات سابقة لمهرجان برلين، ويُعد حاليًا من الأصوات السينمائية الألمانية المتحققة والمنتظر جديدها بشكل دائم

شاهدت فيلمه السابق «برلين ألكسندربلاتز» وأُعجبت به حتى وإن كان به بعض المبالغات، إلا أن اقتباسه الفائت لرواية ألفريد دوبلن بذات الاسم كان موفقًا في تحديث القصة ونقلها إلى عالم معاصر. في فيلمه الجديد يحاول فعل ذات الشيء، اقتباس أدبي آخر لكن هذه المرة لمسرحية لشكسبير هي ريتشارد الثالث. تدور أحداث المسرحية الأصلية حول ريتشارد الثالث، ذو الإعاقة المتلهف للسلطة لدرجة أنه يقتل كل من يعيق طريقه ليصبح ملكًا، ربما كتعويض عن إعاقته. يتحول ريتشارد في الاقتباس الحر لقرباني إلى رشيدة، محامية شابة، تعرضت لأهوال في طفولتها، وهي ابنة لعائلة من اثنتين تحكمان عالم الجريمة في برلين هما عائلتي لانكستر ويورك، ورغم أسمائهما المستوحاة من المسرحية إلا أنهما عائلتين عربيتين. هنا ربما يكون تعويض رشيدة المماثل لتعويض ريتشارد عن عجزه، هو أنها امرأة، يصعب أن تصل إلى أي سلطة مع وجود أي رجال في أي من العائلتين، ما يدفعها للبدء في عمليات قتل متكررة لكل المرشحين المحتملين للسلطة، حتى الأطفال. يُصور كل ذلك بديكور ومواقع تصوير وأداء مسرحي للغاية بلغة منضبطة سواء في الألمانية أو العربية مع إنتاج ضخم وتصوير متميز.  

يبدأ الفيلم بلقطة لفتيات صغيرات في صحراء، بالتأكيد ترمز لعالم بعيد كل البعد جغرافيًا عن ألمانيا، وبه يحدث انفجار تراه الطفلة الصغيرة، التي سرعان ما نراها محامية تقف في محكمة تتحدث بالألمانية وسط جلسة قضائية محتدمة بين عائلتين من المافيا. تنتهي الجلسة، وتخرج رشيدة، لتنظر من الأعلى إلى العائلة الغريمة لعائلتها، وترتكب جريمة اغتيال لعدد من رؤوس تلك العائلة عن بُعد، وتنظر بتشفٍ إلى أرملة تلك العائلة التي فقدت زوجها وأخيها في الحال.

من كل ذلك، يبدو فيلم قرباني للوهلة الأولى محمسًا، نص أدبي شكسبيري، عالم معاصر، امرأة قوية، أسلوب مسرحي واضح وإنتاج ضخم وتمكن تقني أظهره في أفلامه السابقة. لكن مجرد أن تبدأ رشيدة في خوض رحلتها للتخلص من كل الأعداء، فإن الفيلم يفقد بريقه تدريجيًا، ويتحول إلى مشاهد مسرحية مطولة تخلو من أي دراما حقيقية، بل ومن أي منطق لمقدمات ذلك الفيلم

انطلق هذا الفيلم في رحلته قبل خمسة أيام بالتحديد من الانتخابات الألمانية، والمرجح فوز اليمين بها بمكاسب عالية، ووفقًا لحديث برهاني ذاته فإن ذلك الفيلم هو نوع من الصرخة للحرية الحقيقية، وأن رشيدة تستخدم كل ذلك العنف لتتعامل مع الصدمة التي تعرضت لها صغيرة، لكن رشيدة لا تبدو أنها تحارب أي أحد غير ذاتها، فجميع الذين تود التخلص منهم يبدون أقل ذكاء أو حكمة أو قوة منها، وما هذه البطلة التي لا تتعرض لمأزق أبدًا، أين تقع نقاط ضعفها؟ ولماذا تحب أرملة من قتلتهم؟ هل لأنها تحاول من خلال مثليتها أن تعبر إلى عالم تحكمه النساء؟ من هنا تبدأ نقطة الضعف الأولى وهي أن قرباني لا يصور لنا ما هي مدى العقبات الحقيقية التي تواجه رشيدة في رحلتها نحو الحُكم، وإنما نراها تنتصر على أعدائها بكل سهولة وبخطابات مُحكمة ربما تكشف الدراما بشكل كلامي مزعج

في وسط كل الديكورات المصممة بشكل مسرحي، والحركة والكلام المتكلفين للغاية، نشعر أننا نرى عملًا لمخرج مهووس بشكل ما بأشياء عدة لا تقدم أي شعور حقيقي. الهوس الأول هو هوس شكلاني بحت، ففي أحيان كثيرة يبدو الفيلم كفنون الفيديو التي تركز على العناصر البصرية فقط دون الدراما، إضافة إلى تكوينات الممثلين والممثلات داخل الكادر، والهوس الثاني هو ربما هوس بالثقافة العربية، لكنه نظر إليها من الخارج، فنشعر أنه إذا استبدلت البطلة العربية بأي بطلة من أي دولة عالم ثالث تعرضت لموجات هجرة أو حروب، فإن الفيلم لن يتأثر بشكل كبير، لكن يمكننا بشكل ما أن المخرج يضيف ملمحًا إكزوتيكيا للثقافة العربية أو الإسلامية تحديدًا في عناصر حكيه، لكنه بشكل ما لا يُحسن استغلال ذلك، وأكثر ما يؤكد ذلك، هو أنه إذا كانت الأسرتين العربيتين تتحدثان الألمانية فإننا لا نرى فيهما أي شيء عربي إلا أسمائهم!

فيلم قرباني فرصة مُهدرة بالتأكيد، إذ امتلك طاقم تمثيل ممتاز من عوالم المسرح والسينما، ونص أدبي يقتبسه، وإنتاج ضخم، وموقع مثير للأحداث (برلين) لا يُظهر منه أي شيء فعلي. لماذا أُهدرت الفرصة؟ لأن الفيلم لا يحرك داخلك ساكنًا ناحية بطلته، ذو دراما مُسطحة، ولأن مخرجه يبدو مفتونًا بوضع عناصر شكلانية وحكائية كبيرة دون النظر إلى منطق القصة الأساسية، فتظهر رشيدة كوحش لا نعرف مدى شراسته لأن أعداؤه ضعفاء

 

####

 

أحلام ميشيل فرانكو المُبددة

محمد طارق

بعد تعاونهما الأول في فيلمه الفائت «ذاكرة – Memory»، يعود ميشيل فرانكو، المخرج المكسيكي الشهير للعمل مع جيسيكا شاستين في فيلمه الأحدث «أحلام – Dreams» المعروض في المسابقة الرسمية للدورة الـ75 لمهرجان برلين السينمائي، والتي اتضح حتى الآن، أنها تحتفظ بهوية المهرجان السياسية المعُلِقة على شؤون العالم، ورغم أن فيلم فرانكو، الأكثر سياسية حتى الآن، قد أُنجز قبل وصول ترامب للسلطة إلا إنه بالتأكيد يُعلق على علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بجارتها الجنوبية المكسيك بشكل ذكي للغاية في علاقة حب ملتبسة بين امرأة أمريكية وشاب مكسيكي

يفتتح الفيلم بشاشة زرقاء بالكامل، ثم تظهر أحرف كلمة «أحلام» بالإنجليزية، وبداخل الحروف نبدأ في رؤية أجزاء من المشهد الأول للفيلم. شاحنة كبيرة على الشاشة، نراها في البداية ساكنة ثم قطع إليها مجددًا في الليل وهي تهتز لنسمع أصوات صراخ قوية بها، ثم قطع إلى داخلها: أجساد بشرية كبيرة مكدسة في مساحة ضيقة. بعدها نسمع صوت سيارة أخرى، وأخيرًا يُفتح باب الشاحنة لنبدأ في رؤية من بداخلها بوضوح أكبر، ضوء كبير يصدر من كشاف مسلط إلى من بداخل الشاحنة، ومن ثم نرى البشر يخرجون منها بينما رؤيتهم مشوشة بشكل ما. من وسط الجمع، يخرج شاب فتي بسرعة ليأخذ طريقه إلى أرض الأحلام: الولايات المتحدة الأمريكية

نتابع الشاب بينما يحاول إيجاد طريقه إلى سان فرانسيسكو سائلًا السيارات لتصطحبه، ولا نعرف تحديدًا أين يذهب أو ماذا يفعل، لا يبدو عليه التيه، بل معرفة طريقه بوضوح، فلا يضيع وقتًا لبحث عن عمل أو إيجاد مسكن في منتصف رحلته أو أي شيء آخر عدا الهروب من أعين شرطة الحدود، وأخيرًا يصل إلى بيت فخم في سان فرانسيسكو، يبحث عن المفاتيح بجانب أرجاء المنزل الفسيح، ثم يجد المفاتيح، يدخل فينام. نقطع إلى إمراة جميلة بيضاء في منتصف عمرها تدخل إلى المنزل ثم إلى الغرفة لتجد الشاب عاريًا، وسرعان ما نراهما يمارسان الحب، يعرفان بعضهما، لكن تلك المعرفة لا تبدو  أسبابها واضحة منذ البداية

هكذا يبدأ ميشيل فرانكو المخرج المكسيكي المعروف بأعمال مثل و«مزمن- Chronic» و«نظام جديد – New Order» فيلمه الأحدث بمقدمة تعطينا مفاتيح لفهم الدراما، فمشهد ظهور الصورة من خلال كلمة الأحلام مع بقاء الشاشة على لونها الأزرق ربما يوحي بشكل ما بأن هذه قصة ليست بالواضحة الجلية، ثم مشهد افتتاح الشاحنة حيث توجه الأضواء إلى وجه المهاجرين غير الشرعيين ربما يُذكرنا بكهف أفلاطون، حيث عاش أهل ذلك الكهف فترة طويلة بداخله، واعتقدوا الظلال الآتية من النار داخله حقيقة، ثم عند خروجهم آلمهم الضوء الشديد أو آلمتهم المعرفة فلم تستطع عيونهم تحملها

تتكشف الأحداث تدريجيًا فنعرف اسم الشاب المكسيكي فرناندو راقص الباليه المكسيكي، الذي عرفته جينيفير مكارثي (جيسيكا شاستين) عن طريق مؤسسة والدها التي تمول مدرسة رقص في مكسيكو سيتي. تبدو لنا العلاقة منذ البداية ذات توتر حسي واجتماعي وسياسي، فجينيفر، المطلقة التي لا تنجب، يبدو عليها أنها تعشق فرناندو وجسده الفتي، لكنها في ذات الوقت تخشى ظهورهما سوية في العلن، تود أن يكون لها عشيقًا سريًا مقابل أن تمول أحلامه وطموحاته. على الجانب الآخر يرفض فرناندو ذلك بشكل ما ويتحسس منه، ويحاول عن طريق مهاراته المذهلة في فن الباليه أن يخرج من تلك العباءة وأن يحظى بعلاقة علنية مع جينيفر وهو أمر بالتأكيد لا يرضي عائلتها الثرية، التي ربما تدعم المكسيكيين في تحقيق طموحاتهم، لكنهم بالتأكيد لا يرون فيهم أكفاء للمصاهرة

على غرار معظم أفلام فرانكو، تتطور تلك العلاقة تدريجيًا ببطء، نراه في تفاصيل صغيرة للغاية أثناء ممارستهما للجنس أو أثناء لحظاتهما المخطوفة في مطعم هنا أو هناك، حتى نصل إلى نقطة الغليان، التي ينقلب فيها كل شيء إلى حقيقته الكاملة، فتظهر الشخصيات دون أي أقنعة، في الفصل الأخير من الفيلم، وهو كعادة أفلام فرانكو لا يقدم أي شيء عدا نهاية مؤلمة صادمة. إلى جانب ذلك، فللفيلم جانب حسي، تظهر فيه الأجساد أثناء ممارسة الجنس كملعب للتعبير عن علاقات القوى، هنا الأجساد جغرافيات ممتدة لبلدان أصحابها، وطرق ممارسة الحب كل مرة ترينا تفاصيل تلك العلاقة دون حوار وبتفصيل دقيق ربما لا تستطيع الكلمات وصفه

فيلم فرانكو الأحدث هو عمل ممتاز، كباقي أعمال مخرجه، ربما يستخدم فيه أسلوبه المُقل المينيمالي وتصاعده البطيء مع نكهة حسية إيروتيكية، وربما يُقرأ على عدة مستويات، أولها يبدأ من كلمة أحلام، إذ تتبدد أحلام الشخصيتين الرئيسيتين في الفيلم فلا أحد منهم يحصل على ما يريد في النهاية، وثانيها سياسي يتعلق بعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالمكسيك، وثالثها وهو ربما الأبسط أن هذه علاقة سامة بين عاقر وشاب، وفي كل الأحوال، فإن الفيلم ممتع ومُحكم مهما كان استقبال المشاهد له على أي من المستويات الثلاثة.  

 

####

 

«آري» ليونور سيريال… مثال للسينما الحرة!

شفيق طبارة

بعد فيلهما الأول «امرأة شابة» (2017، Young Woman)، عن شابة أصيبت بانهيار عصبي، بعدما طردها صديقها الثري من المنزل في أحد أحياء باريس الراقية، وفوزها بجائزة «Camera d’or» في مهرجان كان، تركز المخرجة الفرنسية ليونور سيريال، في فيلمها الثالث المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين، على انهيار شاب في مدينة ليل الفرنسية. بعدما طرده والده من المنزل لفقدانه وظيفة وفرصة أخرى لإعطاء معنى لحياته، يبدأ آري (أندرانيك ماني) في التجول على أطراف عالم غير إنساني بحثاً عن تجليات، يقوم بحركات غير خطية، في فضاء العواطف، وأيضاً في فضاء الذاكرة الشخصية والجماعية، في محاولة لاستعادة حياته من خلال أولئك الذين كانوا جزءاً منها.

الاسم، آري «Ari»، يشير إلى فعل حب الأم، التي توفيت قبل أوانها، والتي اعطته لابنها نفس اسم الابن الثاني لأوديلون ريدون، الذي سيكسب الرسام الفرنسي الفرح ليعود بالرسم بالألوان الزاهية، بعد أن تعودت لوحاته على ضربات الفرشاة الداكنة بسبب الظلام والمعاناة التي تسبب فيها موت ابنه البكر. تترك والدة آري لابنها إرثاً عاطفياً مشبعاً بالألوان والجمال والحرية، ليكبر آري ويصبح شخصاً غير متكيّف أصيب باكتئاب مفاجئ. رؤيوي ملتهب بعاطفة لا يمكن السيطرة عليها، ومخلوق سحقه الذعر من كل شيء حوله.

في «آري»، الفيلم الذي يأخذ اسم بطله، تحكي سيريال قصة بائسة أخرى، قطعة جديدة في معرضها للشخصيات الحرة، لكنها هنا تأخذ مساراً أكثر جذرية، وتدخل عناصر السينما الشعرية وتستخدم شظايا من التاريخ والفنون، خارج الزمان والمكان باستمرار. من التأمل الغامر والمبهج في لوحة “الرجل النائم” لكارلوس دوران، إلى المشي حافياً في حوض الماء في المتحف، يستمر آري في الهرب، ويعيش شدة الحدث قبل أن يتبلور، ثم يأتي بعد ذلك تدفق شاعري متموج، حيث تتداخل الكلمات والايماءات في مكان بين الوعي والذاكرة.

«آري» مثال للسينما الحرة، المصنوعة من المشاهد المتقطعة والكثافة المفاجأة. هو الحياة البالغة، التي تنظر إلى شبح الطفولة من مسافة بعيدة. «آري» فيلم لطيف، لا توجد فيه حواف خشنة، يمكنك من خلاله أن تكون سعيداً للشخصية الرئيسية، التي كانت ضائعة في البداية، لأنها وجدت قدراً معيناً من الشجاعة للعيش مرة أخرى.

بعيداً عن وجه آري الذي كانت الكاميرا تراقبه باستمرار عن قرب، فإن الفيلم هو صورة فضفاضة البنية لجيل الألفية، الذي ولد بين عامي 1981 و1995، في وقت أصبحت مشاكل العالم، التي تجاهلتها الأجيال السابقة لفترة طويلة، واضحة تدريجياً. هو الجيل الذي يسأل عن أسباب الاستمرار في العيش في مواجهة هذه المشاكل العالمية والشخصية المزعجة، وفي الوقت نفسه يجد إجابات تصالحية مدهشة، تماماً كآري.

 

####

 

في مؤتمر «ميكي 17»…

المخرج بونج جون هو يستعيد غرابة المأساة وكوميديتها

منى شديد

خيال علمي.. مغامرة.. كوميديا سوداء.. وقصة حب وتضحية، تركيبة مبدعة مزجها المخرج الكوري الجنوبي الحائز على الأوسكار بونج جون هو في أحدث أفلامه «ميكي 17.. Mickey 17» الذي احتفى به مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته 75 المقامة حاليًا ضمن قسم عروض البرلينال الخاصة «Berlinale Special».

يقف وراء فيلم بونج جون هو الأحدث، استوديوهات ورانر براذرز الشهيرة، بعد أن حقق فيلمه السابق «طُفيل Parasite» نجاحًا نقديًا وجماهيريًا هائلاً، حد أنه تصدر إيرادات الإنتاجات الكورية على مر تاريخها، وحصد أربع جوائز أوسكار من بينها أفضل مخرج وأفضل فيلم، كما أصبح أول فيلم غير ناطق بالإنجليزية يحصل على جائزة الأوسكار أفضل فيلم ويجمع بينها وبين جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي.

استقبلت سجادة برلين الحمراء فريق عمل الفيلم وعلى رأسهم بونج جون هو، وبطل الفيلم روبرت باتينسون الذي اشتهر بعد تقديم سلسلة أفلام توايلايت، إضافة إلى ناعومي أكي وستيفن يون وتوني كوليت وأناماريا فارتولومي، بينما تغيب عن عرض الفيلم في برلين النجم الأمريكي مارك رافالو.

يلعب باتينسون دور (ميكى) شاب يهرب من خطر يهدده على الأرض بالانضمام الى رحلة استكشافية في كوكب جديد يقودها سياسي نرجسي، وتعرف وظيفة ميكي في الرحلة بأنه «expendable» أي شخص غير مهم الحفاظ عليه و«قابل للاستهلاك» حيث يُعرَّض لتجارب خطرة متعددة يموت خلالها ثم يعاد طباعته في جسد جديد بجهاز مخصص لذلك.

فكرة الفيلم مقتبسة عن رواية «ميكي 7» للكاتب الأمريكي إدوارد آشتون الصادرة في عام 2022، وأشار بونج خلال المؤتمر الصحفي الذي صاحب عرض الفيلم في برلين إلى أنه يعتمد في الإلهام على مصادر مختلفة، وحتى من مجرد النظر إلى وجوه البشر يحظى بعدة أفكار، فهو ككاتب ومخرج يكتب في عقله باستمرار، مشيرًا إلى أن نقطة البداية لهذا الفيلم، كانت رواية آشتون التي أرسلتها إليه شركتي الإنتاج بلان بي ووارنر براذرز، ومن هنا بدأ كتابة السيناريو اعتمادًا على فكرة إعادة طباعة البشر التي تضمنتها الرواية، مضيفا أنها في رأيه فكرة غريبة ومأساوية وكوميدية جدًا في الوقت نفسه.

يصف بونج الفيلم بأنه رحلة استكشافية وخيال علمي عن هؤلاء البشر الذين يذهبون في محاولة لاحتلال كوكب أخر، ورغم أن أحداثها تدور في المستقبل لكن يمكن النظر إليها أيضا على أنها مرتبطة بالحاضر والواقع الذي نعيشه، بل وحتى الماضي، رغم أنها قصة خيالية. مضيفًا أنه يحب العمل على نوعية الأفلام التي تعتمد على قصص خيالية، إلا أنه يرى ميكي وكل الشخصيات الأخرى باعتبارها شخصيات واقعية جدًا، وأضاف: «لذلك أرى أن الخيال العلمي ليس قاصرًا على إطار محدد وحاولت أن أجعله أكثر إنسانية وعاطفية».

خلال الندوة أكد فريق عمل الفيلم سعادتهم بالعمل مع مخرج مثل بونج جون هو. قال روبرت باتينسون أنه كان على رأس قائمة المخرجين الذين تمنى العمل معهم، وكان يعتقد أن هذه الأمنية لن تتحقق، لذلك وافق فورًا على الانضمام للفيلم بمجرد أن عُرض عليه حتى قبل أن يقرأ السيناريو، «لأن العمل مع مخرج متميز مثله تجربة مهمة لا بد من خوضها».

بينما قالت ناعومي أكي أنها لم تتوقع حالة المرح واللطف والدفء الذي كان يملأ كواليس التصوير، فهو ليس مخرجًا متمكنًا من أدواته ولديه قدة هائلة على سرد حكايات مثيرة وممتعة فقط؛ لكنه أيضا قادر على خلق أجواء مريحة في التصوير تساعد كل فريق العمل على تقديم أفضل ما لديهم والتفوق على أنفسهم، وهو ما تشكره عليه.

أما تونى كوليت فقالت إنها لم يسبق لها أن وافقت على المشاركة في عمل دون قراءة السيناريو، وكان هذا الفيلم استثناء لأن بونج مؤلف وصانع أفلام مبدع لا يمكن تفويت فرصة العمل معه. مؤكدة أنه صاحب رؤية وقائد رائع ومتعاون في الوقت نفسه، بالإضافة إلى أن عطفه وكرمه واحترامه للجميع يشعرهم بالثقة فيه وفى أنفسهم وهو شعور رائع جدا.

وقال روبرت باتينسون عن أدائه الكوميدي في الفيلم، إنه استخدم مرجعية من أفلام التحريك، خاصة فيما يتعلق بالتحول السريع في مزاج الشخصية، مثل ما يحدث مع ميكي 18 وتصاعد درجة الانفعال لديه من صفر الى 180 درجة من الغضب المفاجئ في لحظة واحدة، وأنه طالما أحب هذا التكنيك في أفلام التحريك «فكثيرا ما نرى فيها شخص هادي وفى لحظة ينفجر غضبا»، وهو ما حاول أن يستوحيه في أدائه لشخصية ميكي 18، النقيض لشخصية ميكي 17. وأضاف أنه استرجع أيضًا تجارب سابقة لبونج كان يحب مشاهدتها، ويحب استخدامه للكوميديا الجسدية فيها مثل فيلم ” مذكرات جريمة قتل «Memories of Murder». مشيرًا إلى أن بونج قادر على تحريك الممثلين حتى في المشاهد الجماعية بطريقة «تمنح الفيلم حسًا فكاهيا ممتعًا»، مثل مشهد الكافتيريا في «ميكي 17» الذي يبدو فيه كل شخص وكأنه يتحرك بطريقة معينة تخصه وحده، وتضفي حيوية على المشهد ويجد كل منهم نفسه يقوم بها بسهولة. لذا حاول استخدام الكوميديا الجسدية في أدائه لـ«ميكي 17» ويبدو أنها ناسبت الشخصية بشكل جيد.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

16.02.2025

 
 
 
 
 

السينما المصرية تشرق في «برلين» مع «ضي»!!

طارق الشناوي

«المليح يبطئ»، مثل لبنانى ينطبق على أفلام مهرجان برلين. عُرضت حتى كتابة هذه السطور، خمسة أفلام داخل المسابقة الرسمية، من بين 19، لن تجد فيها الفيلم الذى يجبرك على أن تستعيده مجددا، ربما تشهد الأيام القادمة شيئا آخر.

هذا العام هو الأكثر حضورا للوفد المصرى، من مخرجين ومنتجين ونقاد وصحفيين، تتناثر فى فعاليات المهرجان، أفلام مصرية، روائية وتسجيلية، طويلة وقصيرة، السينما العربية يمثلها داخل المسابقة الرسمية فيلم واحد «يونان»، يحمل مشاركات إنتاجية متعددة، بينها فلسطين والسعودية والأردن. تواجد فلسطين فى الإنتاج بنسبة كبيرة يدفعنا لكى نعتبره يحمل هذه الجنسية العزيزة علينا، المخرج السورى أمير فخر الدين والبطل الممثل الفلسطينى على سليمان واللبنانى جورج خباز والنجمة الألمانية هانا شيكولا والفنانة اللبنانية المخضرمة نضال الأشقر.

السينما المصرية نادرة التواجد داخل المسابقة الرسمية طوال تاريخ المهرجان، أشهرها قبل نصف قرن «إسكندرية ليه» يوسف شاهين.

من بين الأفلام المصرية التى تمثلنا هذه الدورة «ضى»، شاهدت الفيلم فى مهرجان البحر الأحمر عندما افتتح عروض المهرجان، ديسمبر الماضى. من المرات القليلة بل والنادرة التى يوافق فيها مهرجان عريق مثل «برلين» على عرض فيلم سبق أن تمت برمجته فى مهرجان آخر، وهو ما يحسب قطعا لصناع فيلم «ضى»، الذى يعرض بعد أيام فى قسم «أجيال»، الذى يولى اهتماما خاصا بالأفكار الجديدة.

أغلب أفلامنا التى تشارك فى المهرجانات خارج الحدود، بناؤها الفنى فى العادة، خارج عن «الأبجدية» المتعارف عليها، وهو ما ينطبق على «ضى»، لا تتحمس عادة شركات الإنتاج والتوزيع التقليدية فى مصر للوقوف خلف هذا النوع، إلا أن «ضى»، وجد على العكس حفاوة إنتاجية مصرية وأيضا سعودية، ليشارك فى المهرجان العريق.

توجهت بوصلة المخرج الموهوب كريم الشناوى، إلى الجنوب وتحديدا «النوبة»، شريط سينمائى يحاول أن يجسد الفكرة التى عايشها بكل الأبعاد الموضوعية والشكلية والنفسية مع كاتب السيناريو المجتهد هيثم دبور، التعامل مع الآخر، ليس بوصفه آخر، ولكن بكونه أنت، وهذا هو الخيط الرفيع.

العمق الحقيقى للمصريين هو امتزاج الحضارات والأديان وانصهارها فى بوتقة واحدة، تؤكد هيمنة الروح المصرية عميقة الجذور، حتى طقوس الأديان تلمح فيها هذا التفرد، نعم نرى أحيانا نشازا هنا أو هناك إلا أنه لا يصل أبدا للروح.

أن تكون مختلفا فى بيئة لها ملامحها ولونها ونبرتها، حالة نعرفها فى عشرات من الأفلام العالمية والمصرية، فيلم «ضى» تنويعة درامية عليها.

المكان والزمان يلعبان دور البطولة عندما ينتقل الأبطال من النوبة إلى القاهرة، لدينا قيد زمنى 48 ساعة، حتى يتمكن «ضى» من المشاركة فى برنامج للأصوات الجديدة، ويصبح حلم البطل أن يسمعه كاظم الساهر ونانسى عجرم لينال جائزة أفضل صوت شاب.

الشخصية الرئيسية، بدر محمد يعانى مرض«البينو» وهو «المهق»، نطلق عليه شعبيا «عدو الشمس» حالة وراثية، يحدث بسبب طفرة جينية، ويظل ملازما للإنسان فى مختلف مراحل العمر.

الأحداث كخط عام من الممكن أن تلمحها فى عشرات من الأفلام، التى تجعل المتلقى جزءا حميما من الحكاية متوحدا مع الأبطال، لدينا أسيل عمران الممثلة السعودية، التى تؤمن بموهبة «ضى»، وتلعب دور مدرسة الموسيقى، أما أمه الفنانة السودانية إسلام مبارك فهو الأقرب إلى قلبها، مؤمنة بموهبته أيضا، إلا أن خوفها عليه أكبر من إيمانها بموهبته.

نرى فى المدرسة حالة التنمر التى يعانيها من زملائه، الإنسان فى طبيعته يشعر عادة بعدم ارتياح يصل أحيانا إلى مرحلة النفور من المختلف، مع النضج ندرك أن الاختلاف هو قانون الحياة. من الممكن أن يتجسد ذلك بوضوح فى المشهد الذى أداه أحمد حلمى باقتدار لأنه أيضا أصيب بحروق شوهت وجهه، وصار يضع قناعا حتى يخفى ملامحه على الجميع.

هل يقبل الجمهور على الفيلم عند طرحه تجاريا؟.. هذا هو السؤال الذى بادرنى به المنتجان السعودى فيصل والمصرى جابى؟، وجاءت إجابتى أن المشاهد لم يتعود على السينما المغايرة، ولكن للفيلم مفتاح خاص، من الممكن أن تصنع دائرة جماهيرية تراكمية تتسع مع استمرار لعرض، على السينمائى بين الحين والآخر التشابك مع الجمهور والمغامرة أيضا مع الجمهور.

هل تغير شركات الإنتاج البوصلة التقليدية، وتتوجه للسينما المغايرة القابلة لكى تتسع أمامها الدائرة الجماهيرية، وتضيق بعدها المسافة الافتراضية بين سينما المهرجانات وسينما الشارع؟.. أتمنى أن يفعلها «ضى»!!.

 

المصري اليوم في

16.02.2025

 
 
 
 
 

«مهرجان برلين» يطرح أفلاماً مهمّة وتساؤلات كثيرة

المحكمة منعقدة بشأن مستقبل «هوليوود»

لندنمحمد رُضا

الممثلة جيسيكا شستاين تُبهر في «أحلام». فيلم «ميكي17» يُذهل. «كانال بلوس» الفرنسية تهدد. فيلم نيكول كيدمان «بايبي غيرل» يُثير اهتمام الأوكرانيين... الأخبار كثيرة، لكن وحده ترمب ما زال نجم الدورة الحالية من «مهرجان برلين» حتى الآن.

«هناك أجواء قلقة، وكل من جاء إلى برلين هرباً من سطوة ترمب، وجد أنه غير محظوظ في برلين»... كتب مراسل مجلة «ذَ هوليوود ريبورتر»، أمس، ملاحظاً أن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، هو الحديث اليومي الفعلي بين كثير من المشاركين، ويتراءى كذلك بين مشاهد بعض الأفلام المعروضة.

دلالات

فيلم «ميكي17»؛ جديد المخرج بونغ جون هو، صاحب فيلم «Parasite» الفائز بأربع جوائز «أوسكار» قبل 5 سنوات وباقة من الجوائز المهمّة الأخرى، يقدّم، بين شخصياته، شخصية رجل متهوّر يرتدي قبعة حمراء تشبه تلك التي يرتديها ترمب. في «أحلام»، لمايكل فرنكو، يهرب راقص باليه مكسيكي يعيش في أميركا عائداً إلى المكسيك التي قد لا يستطيع العودة منها إلى الولايات المتحدة.

في سوق الفيلم حديث متواصل بشأن تأثير سياسة البيت الأبيض على «هوليوود». ما تأثير سياسة ترمب في المرحلة المقبلة على صناعة السينما... هل سيقوّض ليبراليتها؟ إحدى حلقات النقاش التي دارت بين عدد من الموزّعين الأميركيين تساءلت: هل ما زال من الممكن تصوير الأفلام في كندا أو المكسيك؟ سابقاً، ومنذ سنوات بعيدة، أمّت الإنتاجات الأميركية هذان البلدان لأسباب اقتصادية؛ لأن التصوير فيهما (تبعاً للحكايات المناسبة) أرخص من التصوير في «هوليوود» أو جوارها.

من منبره في الكونغرس، صرّح برني ساندرز قبل 3 أيام بما يُفيد بأن كل شيء ممكن؛ لأن «الرئيس ونخبته» يسعون إلى السيطرة الكاملة على شؤون الاقتصاد والمجتمع لمصلحة القلة... والمشاركون في دورة «مهرجان برلين» كلهم آذان صاغية... يرددون بعض هذا الاتهام؛ لكنهم في الأساس يتساءلون عن حال التوجه الجديد للبيت الأبيض بالنسبة إلى صناعة السينما.

تهديد فرنسي

لا بد من أن يترك كل هذا وضعاً محرجاً بالنسبة إلى نشاطات سوق الأفلام، الشبيهة بتلك التي تُقام في مهرجان «كان» والمقامة على الهامش. في السنوات الماضية، تفاوت الإقبال على هذه السوق، لكنها بقيت أساساً داعماً للمهرجان الألماني الكبير. هذه لا تزال حالها اليوم، لكن الحذر الناتج عن عدم وضوح الرؤية حاضر، وفق مجلة «سكرين» البريطانية.

علاوة على ذلك، هددت إحدى كبرى شركات الإنتاج الفرنسية، وهي «كانال بلوس (+Canal)»، بخفض دعمها للإنتاج الفرنسي إذا ما وافق المعنيون على منح شركة «ديزني» الأميركية إذناً بتمديد عروض واستثمار أفلامها على النت في فرنسا لـ9 أشهر بدل 6 أشهر كما هي الحال الآن.

الدعم الذي توفره «كانال بلوس» لا يُستهان به؛ إذ يبلغ سنوياً 220 مليون يورو (نحو 230 مليون دولار).

من وجهة نظر الشركة العملاقة، كما كتب مدير مجلس إدارتها ماكسيم سعادة (Saada) في صحيفة «لوموند»، أول من أمس، متسائلاً: «هل من العدل منح (ديزني) حق بث أفلامها 9 أشهر مقابل 35 مليون يورو؟ بينما نصرف نحن أضعاف ذلك لدعم السوق الفرنسية؟».

الحال أن «هوليوود» تتمتع بسيطرة كبيرة على السوق الفرنسية للأفلام؛ إذ لا تزال أفلامها تستحوذ على ما بين 40 و50 في المائة من إيرادات السوق الفرنسية كل عام، وفق مجلة «لو فيلم فرنسيه». وإذا ما احتلت «هوليوود» سوق العروض المباشرة على «الأون لاين»، فإن خللاً سيصيب العملية الاقتصادية بكاملها، كما يؤكد سعادة في خطابه التحذيري.

مستقبل قريب

بعيداً عن كل ذلك، تثير الأفلام المعروضة الاهتمام، فيما يبدو نجاح الإدارة الجديدة في استحواذ عدد من الأعمال المثيرة للاهتمام. بعضها قد يعيش لموعد الأوسكار في عام 2026.

بداية؛ هناك «رسالة إلى ديڤيد»، من إخراج توم شوڤال وإنتاج نانسي سبيلبرغ؛ شقيقة ستيڤن. هو فيلم تسجيلي يمثل إسرائيل خارج المسابقة، ويدور عن الممثل ديڤيد كونو؛ أحد الرهائن لدى منظمة «حماس».

مدخل الفيلم هو مقاربة الحاضر والماضي بالنسبة إلى ديڤيد وشقيقه إيتان، وذكريات الثاني بشأن أخيه وخطواتهما في العمل السينمائي التي بدأت بفيلم «شباب (Youth)» سنة 2013، وهو فيلم سبق لـ«مهرجان برلين» أن عرضه في ذلك العام.

لا تطرّق يُذكر خارج الإطار التعريفي والنوستالجي المنسوج بعاطفة. لا يوجد أي طرح للحديث عن الوضع السياسي أو الوقوف مع أو ضد أي جهة في ذلك الوضع القائم حالياً.

بينما استأثر الفيلم بتغطية إعلامية غالباً من قِبل من اعتقدوا أن للفيلم جنوحاً بشأن تحليل واقع ما، فقد تجاوز فيلم الكوري بونغ جون هو، «ميكي17»، التوقعات، وجمع من حوله إعجاب الجمهور العام والنقاد، كما تشير الأخبار الواردة.

في «ميكي17» يؤدي الأميركي روبرت باتنسن دوراً مزدوجاً في حكاية مستقبلية ذات حبكة سياسية بشأن توجه البعض إلى السيطرة على الكوكب وجعل الحياة فوقه متاحة للعنصر الأبيض وحده. في خضم حضور قوي لليمين المتطرّف في أميركا ودول أوروبية عدّة، يقدم «ميكي17» بعض التوقعات المحتملة، لكن المخرج يستخدم حبكته هذه ليسخر من المدّ الفاشي عبر موضوع جاد يعالجه بأسلوب كوميدي.

من ناحيته، لا يشكو «أحلام» مايكل فرنكو من قوّة الإيحاء السياسي من دون الابتعاد عن القيمة الدرامية المتمثلة في قصّة راقص الباليه المكسيكي «فرناندو» (أيزاك هرنانديز) الذي نتعرّف عليه في مطلع الفيلم وهو يحاول - وآخرون - الخروج من حافلة في مكان ما من الأراضي المحاذية للمكسيك. ما يتبدّى أن ركاب الحافلة وجدوا أنفسهم في هذا المكان الخالي والشاسع داخل حافلة مقفلة عليهم.

سندرك سريعاً أن الحافلة دخلت الولايات الأميركية بالتهريب حاملةً مهاجرين غير نظاميين. بعد حين سيجد «فرناندو» طريقه إلى مدينة سان فرنسيسكو حيث تعيش «جنيفر» (جيسيكا شستاين) ليكتشف أنها لم تعد ما اعتاده منها، فهي الآن لا ترغب في أن تبدو صديقة لشاب مكسيكي. سيقود كل ذلك إلى أحداث عاطفية واجتماعية محورها حال المهاجرين المكسيكيين اليوم، علماً بأن المخرج مايكل فرنكو كان صوّر الفيلم قبل انتخابات الرئاسة الأميركية.

 

الشرق الأوسط في

16.02.2025

 
 
 
 
 

فيلم Dreams عن الهجرة بين المكسيك وأميركا

البلاد/ مسافات

في مهرجان برلين السينمائي، سلطت النجمة الأميركية الحائزة على الأوسكار، جيسيكا شاستين، الضوء على الطابع السياسي العميق لفيلمها الجديد (Dreams) الذي يحكي قصة راقص باليه مكسيكي يحلم بالانتقال إلى الولايات المتحدة، يتزامن عرض الفيلم مع ولاية دونالد ترامب الثانية التي شهدت تصعيداً في سياسات الهجرة؛ ما يضفي على الفيلم بُعداً إضافياً في سياق الجدل الأميركي المكسيكي المستمر.

الفيلم الذي أخرجه المكسيكي ميشيل فرانكو، يروي قصة فيرناندو (إسحاق هيرنانديز)، راقص الباليه الشاب من مكسيكو سيتي، الذي يطمح إلى الشهرة العالمية، يؤمن فيرناندو أن حبيبته جينيفر (شاستين)، وهي اجتماعية ثرية تعيش في سان فرانسيسكو، ستساعده في تحقيق طموحاته، فيقرر الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة للوصول إليها.

في رحلة محفوفة بالمخاطر، يعبر فيرناندو الحدود داخل شاحنة مكتظة، وكاد أن يفقد حياته عندما تُرك على قارعة الطريق في يوم شديد الحرارة، لكنه سرعان ما يواجه واقعاً مختلفاً عند وصوله إلى سان فرانسيسكو، حيث يجد صعوبة في التأقلم مع عالم جينيفر النخبوي؛ ما يؤدي إلى تصاعد التوتر بينهما.

رسالة سياسية في ظل سياسات ترامب

خلال مؤتمر صحفي سابق لعرض الفيلم في برلين، أكدت شاستين أن العمل “يتناول بشكل عميق العلاقة بين الولايات المتحدة والمكسيك”، ووصفت قصته بأنها “لا يمكن إنكار طابعها السياسي”، خاصة في ظل الأحداث الجارية.

تأتي هذه التصريحات في وقت صعّد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب من سياساته تجاه الهجرة مع بداية ولايته الثانية في يناير، حيث أصدر سلسلة أوامر تنفيذية تهدف إلى إعادة تشكيل سياسة التعامل مع المهاجرين، خصوصاً من المكسيك، كما أعلن ترامب حالة الطوارئ الوطنية على الحدود، متوعداً بإرسال قوات لوقف ما وصفه بـ”الغزو الكارثي”.

المخرج ميشيل فرانكو، المعروف بأفلامه المثيرة للجدل مثل “النظام الجديد” و” (Chronic)، أشار إلى أن العلاقة بين الشخصيتين في الفيلم تعكس العلاقة المعقدة بين البلدين، وقال: “العلاقة بين المكسيك والولايات المتحدة معقدة، فنحن بحاجة إلى بعضنا البعض، لكننا نستغل بعضنا أيضاً”.

في الفيلم، تتخذ جينيفر قراراً مصيرياً للحفاظ على علاقتها بفيرناندو، مع محاولة التمسك بحياتها في سان فرانسيسكو، إلا أن تداعيات هذا القرار تأتي كارثية.

شاستين، البالغة من العمر 47 عاماً، والتي عُرفت بأدوارها التي تحمل طابعاً نسوياً، وصفت تجربتها في تجسيد شخصية جينيفر بأنها “مغامرة شيّقة”، وأضافت: “لم أستطع تصفية الشخصية من خلال قناعاتي الأخلاقية أو السياسية، لأن ذلك كان سيغير القصة بالكامل”.

وأكدت أنها تنجذب للأدوار التي تجسد شخصيات ترتكب الأخطاء وتتخذ قرارات مثيرة للجدل، قائلة: “لا يهمني إن كانت الشخصيات محبوبة أو لا، لكنني أريد أن تثير النقاش”.

بهذا الطرح، يبدو أن “أحلام” ليس مجرد دراما رومانسية، بل نافذة على جدل سياسي مستمر حول الهجرة، خاصة في ظل ولاية ترامب الثانية؛ ما يجعله أكثر إثارة للجدل في هذا التوقيت الحساس.

 

البلاد البحرينية في

16.02.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004