أفلام فلسطينية وإسرائيلية تنقل «الصراع» إلى «برلين
السينمائي»
«يلا
باركور» و«رسالة إلى ديفيد» من بينها
القاهرة
: أحمد
عدلي
نقلت أفلام وثائقية فلسطينية وإسرائيلية الصراع العربي -
الإسرائيلي إلى الدورة الـ75 من مهرجان «برلين السينمائي» التي تستمر حتى
23 فبراير (شباط) الحالي، في وقت لا تقتصر فيه الأفلام التي تتناول القضية
الفلسطينية بشكل أو بآخر على البلدين مع وجود الفيلم المصري القصير «آخر
يوم».
ويشهد قسم «البانوراما» عرض الفيلم الوثائقي الفلسطيني «يلا
باركور» الذي عُرض للمرة الأولى عالمياً في النسخة الماضية من مهرجان
«البحر الأحمر السينمائي» ضمن برنامج «رؤى عربية»، الذي تخرجه وتشارك فيه
الفلسطينية المقيمة في واشنطن عريب زعيتر.
تدور أحداث «يلا باركور» حول ذكرياتها مع ابتسامة والدتها
عندما كانت شابّة على الشاطئ في غزة خلال إحدى عطلات العائلة المعتادة إلى
فلسطين، حيث كان أبناء أعمامها يسخرون من لهجة عريب غير المألوفة، ولكنّ
والدتها كانت تقول إنّ هذا هو المكان الذي تنتمي إليه.
وتوثق عريب جانباً من الحياة في قطاع غزة قبل «طوفان
الأقصى»، فخلال تصفحها الإنترنت بحثاً عن صور تستحضر من خلالها شيئاً من
والدتها، وجدت المراهق «أحمد مطر» وأصدقاءه، وهم أعضاء فريق باركور، والذين
يستخدمون أنقاض المباني المدمّرة في غزة كمسارات عقبات في رحلة ممتدة على
مدار 89 دقيقة تقريباً.
في المقابل، يوجد الفيلم الوثائقي الإسرائيلي «رسالة إلى
ديفيد» ضمن برنامج «العروض الخاصة»، وهو الفيلم الذي قدمه المخرج
الإسرائيلي توم شوفال، ويتناول قصة بطليه الشقيقين ديفيد وإيتان اللذين
يعيشان في مستوطنة «نير عوز»، وبينما ينجو إيتان وعائلته بأعجوبة خلال
أحداث «طوفان الأقصى» يقع ديفيد مع زوجته وابنتيه في الأسر.
في رحلة الفيلم توثيق للإفراج عن زوجة ديفيد وابنتيه في
صفقة تبادل الأسرى الأولى، بينما يستمر وجوده في الأسر داخل قطاع غزة برفقة
أخيه الأصغر، بينما يعرض الفيلم جوانب من حياتهم المختلفة خلال رحلتهم
الفنية.
لكن الفيلم الإسرائيلي يتجنب التطرق للدمار الكبير الذي وقع
في غزة، أو تداعيات الاحتلال الإسرائيلي، وسجنه لآلاف الفلسطينيين بجانب
عدم طرح أي نقاش سياسي بشكل مباشر، ويقدم صوراً من كواليس تجربة ديفيد
الأولى للوقوف أمام الكاميرا.
ويوجد الفيلم المصري «آخر يوم» ضمن برنامج «الفورم الممتد»،
وهو من إخراج محمود إبراهيم، ويوثق في مدة لا تتجاوز 5 دقائق قيام شقيقين
بحزم الحقائب من منزلهما الذي ستجري إزالته بالتزامن مع سماعهم أخبار إزالة
المنازل في حي «الشيخ جراح» بالقدس من جانب القوات الإسرائيلية.
وأصبح لدى مهرجان برلين في السنوات الأخيرة مواقف واضحة من
الصراع في فلسطين وفق الناقد المصري طارق الشناوي، الذي يقول لـ«الشرق
الأوسط» إن «المهرجان يرفض الانتهاكات الإسرائيلية في غزة لكن في المقابل
أيضاً يقف ضد قتل أي مدني»، مشيراً إلى أنه رصد «تعاطفاً» ربما لم يكن
موجوداً من قبل بهذه الطريقة مع القضية الفلسطينية، لا سيما بعد أحداث
«طوفان الأقصى».
وأوضح أن هذا الأمر انعكس على السجادة الحمراء للمهرجان
بشكل واضح في ظل إعادة الاهتمام بالقضية الفلسطينية والمشكلات التي يواجهها
الشعب الفلسطيني من الممارسات «القمعية» التي ترتكب من الجانب الإسرائيلي،
مشيراً إلى أن المهرجان لديه نظرة أقرب للحيادية تحمل قدراً من التعاطف مع
الشعب الفلسطيني.
«لا
يمكن الفصل بين السينما والسياسة، لا سيما بالمهرجانات السينمائية الكبرى»،
حسب الناقد السعودي أحمد العياد الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن هذه
المهرجانات تشكل فرصة لطرح القضايا السياسية ومحاولة كسب تعاطف معها، سواء
كان الأمر بشكل مباشر أو غير مباشر عبر التركيز على الجوانب الإنسانية.
وأضاف أن هناك أعمالاً تمنحها الظروف السياسية فرصاً أكبر
في الاحتفاء الإعلامي والنقدي على غرار ما حدث العام الماضي في مهرجان
برلين مع الفيلم الوثائقي «لا أرض أخرى»، وهو الفيلم الذي وصل للقائمة
القصيرة بجوائز «الأوسكار»، مشيراً إلى أن الجانب السياسي الخاص بالصراع
العربي الإسرائيلي يشهد زخماً بهذه الدورة.
يشير الناقد السعودي إلى أن الإدارة الجديدة للمهرجان
الألماني تبدو أقل تشدداً تجاه الآراء السياسية والتفاعل معها، وهو أمر
يبدو واضحاً بالفعاليات التي يجري السماح بتنظيمها على هامش «البرلينالة»،
مشيراً إلى وجود إدراك لدى صناع السينما بقدرتهم على التأثير عبر المشاركة
في الدعم أو تقديم أعمال تتناول القضايا التي يؤمنون بها، وهو أمر برز في
«برلين» عبر دعم الموقف الأوكراني بالعام قبل الماضي.
الاهتمام بالصراع العربي - الإسرائيلي لم يكن قاصراً على
الأفلام فحسب، بل امتد أيضاً ليشمل تصريحات النجوم العالميين، من بينهم
الممثلة البريطانية تيلدا سوينتون التي منحت جائزة «الدب الذهبي» للإنجاز
مدى الحياة في حفل الافتتاح، وتحدثت عن القضية الفلسطينية و«الإبادة
الجماعية» التي يتعرض لها الفلسطينيون.
وشاركت أفلام مشروع «المسافة صفر»، وهي أفلام وثائقية
فلسطينية تتحدث عن تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في عدة مهرجانات
دولية، وحققت ردوداً مهمة بالأوساط السينمائية. |