مهرجان برلين السينمائي الدولي يحاول التخفيف من طغيان
السياسة عليه
هل يستعيد المهرجان بريقه برئاسة أميركية لدورته الجديدة.
لا يمكن فصل السينما عن السياسة تحت أي حجة كانت، فالسينما
فن سياسي بالمعنى الواسع للكلمة، إذ تتشابك مع ما يطرأ من أحداث ومع
التاريخ والقضايا الاجتماعية وغيرها مما يندرج تحت دفة السياسة، ولعل
محاولة مهرجان برلين السينمائي التخفيف من الجرعات السياسية فيه لن تجدي
نفعا.
برلين
- انطلقت
فعاليات الدورة الخامسة والسبعين من مهرجان برلين السينمائي الدولي
(برليناله) مساء الخميس في العاصمة الألمانية.
وافتتح الحدث بعرض الفيلم الجديد “الضوء” للمخرج الألماني
توم تيكفير، بينما حصلت الممثلة البريطانية الفائزة بالأوسكار تيلدا
سوينتون على جائزة الدب الذهبي الفخرية تكريما لإنجازها طيلة حياتها في حفل
الافتتاح.
◙
منظمو المهرجان يأملون ألا تطغى السياسة على الأفلام لإنعاش
الحدث الذي خفت بريقه خلال السنوات القليلة الماضية
هيمنة السياسة
في هذا العام تترأس المهرجان لأول مرة الأميركية تريشيا
توتل، بينما يرأس مواطنها المخرج تود هينز لجنة التحكيم الدولية. ويأمل
منظمو المهرجان ألا تطغى السياسة على الأفلام المشاركة في هذه الدورة، حرصا
منهم على إنعاش الحدث الذي خفت بريقه خلال السنوات القليلة الماضية.
ولطالما كان مهرجان برلين الأكثر تناولا للقضايا السياسية
بين المهرجانات السينمائية الدولية الكبرى، ويأتي موعده هذا العام قبل أيام
على الانتخابات الألمانية. كما تلوح من بعيد الصراعات في الشرق الأوسط.
وقال سكوت روكسبورو، رئيس المكتب الأوروبي لصحيفة هوليوود
ريبورتر، “العام الماضي كان المهرجان سياسيا بشكل لا يصدق. سيطرت السياسة
على السينما، وأعتقد، وربما أخشى، أن يحدث هذا العام أيضا.”
ويستمر المهرجان حتى الثالث والعشرين من فبراير الجاري، وهو
نفس اليوم الذي يصوت فيه الألمان في الانتخابات العامة التي قد تمنح اليمين
المتطرف مكاسب كبيرة.
وأقرت تريشيا توتل، المولودة في الولايات المتحدة، بالتاريخ
السياسي للمهرجان لكنها لا تريد أن يطغى مثل هذا الخطاب على الأفلام نفسها.
ولن يصدر المهرجان بيانا بشأن الانتخابات إلا أنها شخصيا
تشجع الألمان على التصويت.
وقال روكسبورو إن المناقشات بشأن الحرب بين إسرائيل
والفلسطينيين ربما لا يكون هناك مفر منها حتى مع محاولات المنظمين تجنب ذلك.
وأثار حفل ختام العام الماضي انتقادات ساسة ألمان بعد أن
أبدى عدة فائزين تضامنهم مع الفلسطينيين وانتقدوا أفعال إسرائيل في غزة.
وأوضح المهرجان في مذكرة أن الملابس أو الرموز التي تعبر عن
التضامن مع الفلسطينيين مسموح بها، لكن بعض العبارات تتطلب الحذر.
ودعت جماعات داعمة للفلسطينيين صناع الأفلام إلى مقاطعة
المهرجان هذا العام بسبب دعم الحكومة الألمانية لإسرائيل.
ويعرض المهرجان فيلمين عن الإسرائيليين الذين أخذتهم حركة
المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) رهائن في السابع من أكتوبر 2023،
وهناك أيضا فيلم عن ممارس رياضة الباركور من غزة.
وقال روكسبورو إن توتل تواجه مهمة إعادة المهرجان إلى قالبه
السينمائي بعد أن تراجعت مكانته لدى مشاهدي الأفلام في السنوات القليلة
الماضية.
وأضاف “ستكون هناك جهود هذا العام لمحاولة إعادة مهرجان
برلين إلى مساره.”
◙
تريشيا توتل تواجه مهمة إعادة المهرجان إلى قالبه السينمائي
بعد أن تراجعت مكانته لدى الجماهير في السنوات الأخيرة
التحذير من ترامب
المحاولات لفصل السياسة عن الحدث السينمائي قد لا تكون ذات
جدوى، إذ لطالما ارتبطت السينما بالأحداث السياسية ولا يمكن تجريدها من
تقاطعها مع ما يحدث. وتؤكد ذلك التصريحات الأخيرة لرئيس لجنة تحكيم
المهرجان المخرج تود هينز الذي حذر من عواقب الولاية الثانية للرئيس
الأميركي دونالد ترامب على المجتمع والثقافة.
وقال هينز، في تصريحات لمحطة “3 سات” الألمانية، “في الوقت
الحالي، على الأقل في الولايات المتحدة، ما زلنا في حالة صدمة كاملة بشأن
مآلنا الآن كأمة، وكيف أمكن إعادة انتخاب هذا الرئيس لمنصبه.”
ويعرف المخرج بأعماله التي تتناول بشكل نقدي قضايا مثل
الهوية الجنسية. وقال هينز “لقد بدأنا نشهد ظهور أشياء لم نشهدها من قبل…
ومن الصعب علينا أن ننظر إلى الوراء ونتعلم من أمثلة تاريخية كيف يمكن أن
تكون الثقافة في بعض الأحيان غير مستعدة لحركات راديكالية وقمعية – أيا كان
ما نريد تسميتها، فاشية أو استبدادية.”
وفي مقابلة مع صحيفة “دي تسايت” الألمانية قال هينز “كيف
نعيش كل هذا الآن، وكيف يمكننا مواجهة كل هذا، وكيف ننجح في عدم السماح
لأنفسنا بالانكسار، وما إذا كنا سننجح في نقل الأجواء الحالية في الولايات
المتحدة إلى الشاشة، هذه هي الأسئلة الكبرى الآن.”
وذكر هينز في تصريحاته لـ”3 سات” أن إنكار الواقع بما أنه
جزء من الغريزة البشرية للحفاظ على الذات، فإن الأميركيين غير مستعدين بشكل
جيد ولا يعرفون كيف يتفاعلون بشكل مناسب مع هذه التطورات، وقال “وأحيانا
يكون الأوان قد فات: دعونا ننظر إلى التاريخ الأوروبي وخاصة في منتصف القرن
العشرين كمثال جاد.”
تصريحات رئيس لجنة التحكيم لا تنفصل عن الجو العام للمهرجان
الذي يأتي في ظروف ساخنة هذا العام، خاصة ما يتعلق بالأحداث السياسية في
ألمانيا وخارجها لاسيما في أوكرانيا وفلسطين وتصريحات الرئيس الأميركي
المثيرة للجدل هنا وهناك، وهو ما يرجح أن تنعكس هذه الأحداث على تفاصيل
الحدث السينمائي البارز. |