الرياض: في
وقت يتعرض النقد السينمائي لتقليص مساحاته وتهميشها في الصحف لصالح التركيز
على الأحداث العالمية المتلاحقة، وفي زمن أصبح من العادي أن يعلن بعض صناع
السينما إحجامهم عن قراءة الكتابات النقدية عن أعمالهم بدافع من كبرياء أو
من استخفاف، تأتي الدورة الثانية من "مؤتمر النقد السينمائي" التي أقيمت في
الرياض في الفترة من 6 إلى 10 نوفمبر/ تشرين الثاني، لتسلط الضوء على عمل
الناقد، وتشدّد على أهمية دوره في الإنتاج السينمائي والثقافي على حد
السواء.
كانت الرسالة واضحة من المؤتمر الذي تنظمه "هيئة الأفلام":
تحتاج صناعة السينما السعودية الجديدة إلى النقاد، يرافقون خطاها، ويفسرون
لجمهورها ومحبيها الأعمال التي يشاهدونها، حتى إن المؤتمر ضمّ ورشة عمل
مخصصة للصغار "لتعزيز مهارات النقد ومشاهدة الأفلام لديهم"، كما جاء في
بيانه الختامي.
المؤتمر الذي تعدّدت فاعلياته بين ورش عمل وندوات حوارية
وعروض للأفلام، جعل عنوانه هذا العام "الصوت في السينما"، والصوت في
السينما يشمل بمعناه المباشر: الحوار والموسيقى والمؤثرات الصوتية، أما
معناه المجازي فيحيل إلى الشخصية الفنية والأسلوب السينمائي، وتلك بصمة كل
صانع سينمائي التي لا يمكن تقليدها ولا تكرارها. غطت فعاليات المؤتمر،
الصوت بجانبيه، واستضافت نقادا متخصصين، من العالم العربي والهند وآسيا
وأوروبا الشرقية وغيرها من المناطق والدول للحديث حول تجربة الصوت في
سينمات هذه المناطق، وبالمثل سمحت لنا بأن نسمع أصوات مخرجين من أجيال
مختلفة من مصر والسعودية والمغرب، وهم يعبرون عن تجربتهم الإنسانية والفنية
ويشاركون أحلامهم حول مستقبل هذه الصناعة.
السطور التالية ليست حصرا لكل ما أتى به المؤتمر، هذه مهمة
مضنية، لا سيما أن البرنامج اتسم بتعدد الفعاليات في الزمن الواحد، مما
أجبر الحاضرين على اختيارات دون غيرها. على أي حال، في هذه المساحة، تأمُّل
لبعض الأفكار التي وردت خلال هذه الفعاليات، تمسّ التفكير النقدي وصناعة
الأفلام.
تحتاج صناعة السينما السعودية الجديدة إلى النقاد، يرافقون
خطاها، ويفسرون لجمهورها ومحبيها الأعمال التي يشاهدونها
النقد هو أيضا سؤال
لئن كان النقد يزعم عادة امتلاكه إجابات، فهو في حقيقة
الأمر، لا يمكن إلا أن ينطلق من أسئلة. كيف أقيِّم هذا الفيلم؟ كيف رأيته
أصلا؟ إن كنت انزعجت، فلماذا؟ وإن سررت فما مصادر هذا السرور؟ إنه الدور
التفسيري الذي أشار إليه الناقد المصري كمال رمزي خلال "الماستر كلاس" الذي
ألقاه، وتكلم فيه مع الناقد محمد طارق، عما سماه "رفعة عمل الناقد"، موجها
نصائح من خلاصة تجربته في الكتابة النقدية الممتدة في الزمن إلى شباب
النقاد، ومركزا على رؤيته لدور الناقد الحقيقي، الذي يتخطى بكثير مجرد
إصدار الأحكام بالسلب أو الإيجاب، إلى مساعدة المتفرج على استيعاب تجربته
في مشاهدة الأفلام، وإلى فهم أحاسيسه أثناء الفرجة. إلى هذا، يمكن القول إن
معظم عناوين الندوات التي ضمها المؤتمر، انطوت على نوع من السؤال، ولو
بطريقة غير مباشرة.
على سبيل المثل، كيف يمكن أن نتحدث عن الصوت في السينما، من
دون أن نتطرق في الحديث إلى تاريخها الأول، أي إلى حقبة السينما الصامتة؟
ونحن نعلم أن السينما احتاجت بعض الوقت ريثما تنطق كلماتها الأولى، فهي
تلعثمت حتى أجادت مهارة اللغة، ثم استوعبت الغناء والرقص، ومنذ ذلك الوقت
لا تكف عن الكلام إلى درجة الثرثرة أحيانا. هكذا جاء عنوان الندوة
المتميزة: "لماذا لا تزال الأفلام الصامتة مهمة؟"، ليعيدنا إلى بدايات
السينما، لا لإثارة الحنين، بل للبحث عن مقاربة نقدية جديدة للسينما
الصامتة. في الندوة جاءت مداخلة الناقدة السعودية مشاعل عبد الله، وهي أيضا
طبيبة، لتلفت الانتباه إلى استعمالات السينما الصامتة في بعض الممارسات
العلاجية النفسية، وفي تشكيل وجدان الأطفال من جميع اللغات والثقافات، كما
تحدثت عن قدرة بعض الفئات كالصم والبكم على التفاعل مع السينما الصامتة،
وعلى الاستمتاع بمحتواها من دون أن يعيقهم شيء.
في طبيعة الحال، لا يمكن الحديث عن السينما الصامتة
القديمة، من دون المرور بموضوع ترميم الأفلام، العمل المكلف الذي تتصدى له
مؤسسات كبرى، مثل "مؤسسة مهرجان البحر الأحمر"، ومؤسسة الفيلم الدانماركي،
ومؤسسة مارتن سكورسيزي. لكن حتى في حالة توفر المال اللازم، ليس الترميم في
ذاته سهلا، فحسب الناقد الأميركي غاي ويسبريغ، أحد المتحدثين، أن الصعوبة
الكبرى أمام ترميم الأفلام الصامتة هي حساسية التعامل مع الموسيقى
المصاحبة، وهي في الكثير من الأحيان سيئة تماما، مما يدفع المرممين إلى
البحث عن موسيقيين لتأليف موسيقى جديدة أقرب الى محتوى الفيلم. وهو يرى أن
الموسيقى "الصحيحة" حسب تعبيره، يمكن أن تجعل الفيلم يبدو شابا وأقرب الى
العصر. ويضرب ويسبريغ مثلا لافتا عن عملية ترميم الفيلم الصامت، "أرض
الميعاد"
The Land of promise،
وهو فيلم يروج في الأصل للسردية الإسرائيلية، ولا يبرز الصوت الفلسطيني،
وحين قرر الناقد الأميركي عرض الفيلم في سياق شرح الصراع على الأرض
المحتلة، لجأ إلى مؤلف موسيقي جديد وتوصّل معه إلى إنجاز موسيقى مصاحبة
اعتمادا على السلّم الصغير
Minor keys، خلقت
مسافة تأمّلية من محتوى الفيلم ونزعت عنه صفة البروباغندا الفجّة.
دور الناقد الحقيقي، يتخطى بكثير مجرد إصدار الأحكام بالسلب
أو الإيجاب، إلى مساعدة المتفرج على استيعاب تجربته في مشاهدة الأفلام
وعلى الصعيد نفسه، جاءت ندوة "الصوت في السينما السعودية"
لتطرح أسئلة مثيرة للاهتمام حول توظيف المخرجين السعوديين شريط الصوت في
السينما السعودية، لا سيما أنها أيضا صناعة تنطق كلماتها الأولى، غير أنها
لحسن الحظ لا تبدأ من السكوت، خلافا لتاريخ السينما العالمية، إنما من طفرة
تقنية كبيرة في مجال تصميم الصوت.
المخرجة سارة مسفر لفتت النظر، إلى أن ما يتلقاه المشاهدون
عادة كصمت محايد على شاشة السينما، يتطلب من المخرج عملا شاقا لاختيار أو
خلق هذا اللون المحدد من الصمت. وتحدث الأكاديمي والكاتب د. علي زعلة عن
الصمت في حد ذاته كلغة لا تزال مستخدمة في صناعة الفيلم الحالي، مدللا بكتم
الصوت الذي أحدثه نولان في مشهد تفجير القنبلة الذرية، في فيلم
"أوبنهايمر"، وربط زعلة النقد الأدبي بالنقد السينمائي مشيرا إلى أن تعدد
الأصوات في السينما أو "البوليفونية"، حسب المصطلح الأدبي، هو الذي يخلق
الصراع على الشاشة الكبيرة. بينما أشار د. محمد البشير إلى تجارب استثنائية
على صعيد الصوت في السينما السعودية، كفيلم "ناقة" لمشعل الجاسر والتعبير
المزدوج بالصوت عن غضب الناقة وغضب البطلة وحيرتها، وكذلك فيلم "مندوب
الليل" للمخرج علي الكلثمي.
ويمكننا أن نذكر نماذج أخرى بالطبع، كفيلم "هجان"، الإنتاج
المشترك بين السعودية ومصر، من إخراج أبو بكر شوقي، وهو الذي، مثل "ناقة"،
منح الإبل مساحة معتبرة من شريط الصوت، لكن كذلك للتهويدات السعودية،
وللأشعار، وللموسيقى التي استُخدمت بطريقة تخلق التشويق من جهة، وتتفاعل مع
الحالة الوجدانية للفتى مطر، بطل الفيلم، من ناحية ثانية.
بوليوود... السينما تغني وترقص
ثم كيف يمكن الحديث عن الصوت في السينما من دون أن نأتي على
سيرة السينما
الهندية؟
وهي التي حشدت الصوت بجميع مستوياته (من موسيقى، وأغنيات، ومؤثرات لكمات
وضربات طائشة وقفزات في الهواء، والحوارات بالطبع) في أفلامها، إلى حد
المبالغة، ثم ومن هذه الصفة الأخيرة، تكاد تكون شكلت صيتها العالمي،
ومحبتها في قلوب الجماهير العربية. من سؤال: "كيف مثلت أفلام بوليوود
الموسيقية الديناميكيات المتغيرة للمجتمع الهندي؟"، انطلقت محاضرة الناقدة
الهندية ريتا دوتا، وبيّنت أولا أن كل فيلم بوليوودي هو بالضرورة فيلم
غنائي، ورسمت لنا في عرضها البصري مقاطع من أغنيات شهيرة من السينما
الهندية، خطا زمنيا لتطور الأفكار التي كانت تعبر عنها تلك الأفلام. مثلت
الستينات عهد السينما الرومنسية، وتزامن هذا الاتجاه مع رغبة مجتمعية في
التشجيع على الزواج وتكوين العائلات في الهند بعد الاستقلال. ولاحقا مع
ظهور المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، ابتكرت بوليوود فكرتها الخاصة عن
البطل الخارق الذي يتخلص من جميع خصومه، وبالمثل تخلصت الأفلام من
رومنسيتها، لكن لا من أغنياتها ولا موسيقاها. كان نجم تلك الحقبة النجم
الشهير أميتاب شان.
صناعة السينما في السعودية لا تبدأ من السكوت، خلافا لتاريخ
السينما العالمية، إنما من طفرة تقنية كبيرة في مجال تصميم الصوت
في السبعينات، بدأت تؤدي أغنيات الأفلام الهندية ممثلات
يلعبن دور المرأة المخادعة السيئة
bad girl،
وساد هذا النمط لوقت طويل، إلى أن حدث التغيير وبدأت الأغنيات تُسنَد إلى
البطلة الطيبة التي تحب البطل. في الثمانينات، ومع بدء هجرة الهنود للعمل
في الخارج لا سيما دول الخليج، استوعبت أغنيات الأفلام الهندية كلمات
عربية، وبالتوازي احتوى الكادر المرئي على مفردات من الثقافة الإسلامية.
بدلا من الرقصات الهندية الشهيرة بالثياب التقليدية، بدأنا في التسعينات
نشهد دخولا منظّما للرقصات الغربية والهيب هوب إلى الأفلام، بما يتماشى مع
صعود العولمة، وانتشار الثقافة الأميركية بعلاماتها الكبيرة في الهند. وبلا
شك، أثار هذا العرض التاريخي لسينما بوليوود سؤالا عن نمطية هذه السينما
وتجاريتها، أيعني هذا أن لم يكن أبدا وجود ماض أو حالي للسينما الفنية
والمستقلة، أو "الآرت هاوس" في الهند، أي أفلام تتمرد على هذه القولبة،
وتبحث عن تعبيرات فنية خاصة بها؟
توجهتُ بهذا السؤال إلى ريتا دوتا، وأجابت أن في الهند
ثماني وعشرين ولاية لكل منها لغتها وثقافتها، وبالمثل أن لكل ولاية سينماها
التي تشمل بدورها التيارين، التجاري والفني. سوى أن بوليوود، سينما بومباي،
هي التي تبقى الأشهر والأضخم إنتاجا، لذا تستقطب العناصر الناجحة من سينمات
الولايات الأخرى، وتضمها إلى صناعتها، وأن الكثير من الأفلام البوليوودية
التجارية صارت اليوم تضم عناصر من السينمات الفنية المستقلة في الهند.
أصوات في السينما
من المغرب سمعنا صوت المخرجة الشابة أسماء المدير، وهي التي
حازت جائزة أفضل مخرج في فئة "نظرة ما" ضمن مهرجان كانّ السينمائي، عام
2023. إلى جانب الجائزة، حقق الفيلم التسجيلي تفاعلا مع جمهوره المغربي،
وحفاوة من النقاد العرب، وهو فيلم ذاتي، إذ تصور مخرجته فصولا أليمة من
حياة أفراد عائلتها، تعتقد أنها كانت في حاجة إلى التحرر منها، أي إن
الإخراج هنا يوازي الكتابة في قدرته على تحقيق نوع من الشفاء. ومع ذلك
تعترض أسماء المدير في حوارها مع الكاتب السعودي عبد الله العقيبي، على
فكرة أن "السينما تشفي"، وترى أن الإخراج بالنسبة إليها ليس مهنة، بل وسيلة
للحكي، بما أنها لا تجيد الكتابة، وأن العمل على هذا الفيلم الذي استغرق
عشرة أعوام هو الذي يمنحها الآن المساحة الذهنية للتفكير في أعمال أخرى،
أقل ذاتية من هذا الفيلم. أبانت أسماء المدير المولودة عام 1990، عن ثقافة
حقيقية في حوارها، تؤهلها بطبيعة الحال لاحترام عمل الناقد، وقالتها صريحة:
"لا سينما بغير نقد"، لأن في وسع الكتابة النقدية أن تقدم قراءات متعددة
يحتاجها صانع السينما لعمله، كما يحتاجها المتفرج عقب المشاهدة.
الرأي الذي خالفه بخفة ظل، المخرج المصري خيري بشارة في
حواره مع وائل أبو منصور، حين قال إن تركيزه الأول في أعماله لم يكن قط
الناقد، هذا أن الفيلم ظاهرة شعبية من وجهة نظره، وليس بضاعة نخبوية، ومع
ذلك، يرى بشارة أن بعض الأفلام النخبوية تستطيع في الكثير من الأحيان أن
تُحدث تطويرا في صناعة السينما، كأفلام تاركوفسكي وشادي
عبد السلام. عن تجربة انقلاب النقاد عليه بعد حفاوة، حكى بشارة عن استقبال
فيلمه "كابوريا"، وأن جيلا جديدا من المشاهدين أعاد مشاهدة الفيلم وأنصفه،
حسب تعبيره، في السنوات الأخيرة، ويفسر ذلك بأن الأجيال الجديدة تعيش سياقا
تاريخيا مغايرا. يمنح خيري بشارة الحق لكل متذوق للسينما أن يكتب نقده عنها
ويقول إن "فيسبوك" سمح لجمهور عريض بالتعبير عن آرائهم في الأفلام، وأن بعض
هذه الكتابات تترك تأثيرا عليه، قد لا تتركه ما نسميها نحن الكتابات
الاحترافية.
يمنح خيري بشارة الحق لكل متذوق للسينما أن يكتب نقده عنها
ويقول إن "فيسبوك" سمح لجمهور عريض بالتعبير عن آرائهم
وربما يمكن تفسير المسافة التي يتخذها خيري بشارة من النقد،
حسب تصريحاته في المؤتمر، إلى موقفه من أعماله السينمائية، فهو الذي قال
ذات يوم: "الماضي هو سجني"، وهو الذي يعلن باستمرار أنه لا يريد التوقف عند
أفلامه السابقة، وأن هناك أشياء تعنيه في الحياة غير السينما. ومن غير
المعقول أن يختصم مخرج كبير كخيري بشارة العمل النقدي في عمومه، أو أن
يزدريه، وهو الذي يستعد لإصدار كتاب يضم المقالات التي كتبها عن السينما في
أعوام السبعينات، قبل أن يصير مخرجا. إنه فقط يتحفظ على النقد "المُغرِض
والمستفز" حسب وصفه، الذي يشخصن، ويقول إنه كان يحترم مقالات سامي
السلاموني عن أفلامه، على الرغم من اختلافه مع آرائه.
الناقد كحلقة وصل
من الحوارات المثيرة للتأمل في المؤتمر، حوار مصعب العمري
مع المخرج السعودي محمد السلمان، صاحب فيلم "أغنية الغراب"، انطلاقا من
سؤال: "لمن تُصنع الأفلام... ما بين الفنية والجماهيرية؟". وهو سؤال مطروح
بطبيعة الحال في جميع الثقافات المهتمة التي تشهد إنتاجا سينمائيا. ويعرب
السلمان عن عدم اعترافه بالتصنيف بين الأفلام التجارية والفنية، قائلا إن
أفلاما كثيرة صُنعت كأعمال فنية، لكنها حققت لاحقا نجاحا كبيرا في شباك
التذاكر، مثل
Mulholland Drive
للمخرج ديفيد لينش. وبالنسبة إلى السينما السعودية، هي، كما يشير، تميل
حاليا أكثر إلى الترفيه، غير أن اتجاهاتها الفنية من المتوقع أن تتبلور
أكثر مع الوقت. وتكلم العمري والسلمان عن السياق المكاني لعروض الأفلام،
وتأثيرها على جماهيرية الفيلم، كالجزء الأخير من
Top gun
الذي حقق في المملكة ثالث أعلى إيراداته حول العالم، بينما لم يُقابَل مثلا
الكوري
Parasite
بالحفاوة نفسها في السعودية برغم نجاحه الكبير في شباك التذاكر الأميركي.
ولعلّ حلقة الوصل بين النوعين السينمائيين هما في طبيعة
الحال الناقد الفني، وفي ممارسته، كتابية كانت أم مسموعة أم مرئية. في
تاريخ السينما المصرية، يُنظَر إلى تجربة شادي عبد السلام في فيلمه الشهير
"المومياء"، على أنه أحد أكثر الأفلام فنية التي أُنتجت حتى الآن. حواره
بالعربية الفصحى، وكادراته التي تنهض على الإبداع التشكيلي لعبد السلام،
وبالطبع إيقاعه البطيء. هذه السمات وغيرها، ساهمت بشكل أو بآخر في فشله
التجاري حين عرضه للمرة الأولى. لكن بعد سنوات طويلة، ومع الكتابة النقدية
الكثيفة عن الفيلم، التي تناولت جمالياته وشرحتها للمتلقين، تغيّر موقف
الناس من الفيلم، وأقبلت أجيال جديدة على التفاعل مع العمل، وحتى الكتابة
عنه من جديد، فلم يعد مهجورا من الجماهير كما كان من قبل. إنه دور الناقد،
الذي لا غنى عنه، للسينما ولمحبيها، في كل زمان ومكان.
|