مهرجان الجونة... صخب وجدل يرافقان الانطلاق
الغموض يحيط بمنع فيلم الافتتاح "آخر المعجزات" وتكريم
محمود حميدة يكشف عن سر للمرة الأولى
نجلاء أبو النجا
المنع يصدم صناع السينما في الدورة السابعة من مهرجان
الجونة والصخب يسيطر على الأحداث.
بكثير من الصخب وعواصف من الجدل افتتح مهرجان
الجونة السينمائي دورته
السابعة، وانطلقت الفعاليات من مدينة الغردقة المصرية وسط حضور فني
وسينمائي من مختلف دول العالم.
منع صادم
وقبل ساعات من انطلاق الحياة بالمهرجان تفجرت مشكلة تصدرت
كل الأحداث وأصابت صناع
السينما بحال
من الغضب الشديد، إذ منع فيلم "آخر المعجزات" الذي كان يفترض أن يفتتح
الدورة الجديدة، وهو فيلم قصير مدته 20 دقيقة، وقام مدير الرقابة على
المصنفات الفنية المصرية خالد عبدالجليل باتخاذ القرار الصادم بمنع تراخيص
عرض الفيلم.
ويشارك في بطولة العمل خالد كمال وأحمد صيام وعابد عناني،
وهو من إخراج عبدالوهاب شوقي، وإنتاج أمجد أبو العلاء ومارك لطفي وباهو بخش
وعادل عبدالله، ومن تأليف مارك لطفي وعبدالوهاب شوقي.
والفيلم مقتبس عن القصة القصيرة "معجزة" من المجموعة القصصية "خمارة القط
الأسود" للأديب العالمي المصري نجيب محفوظ، وطرحها الأديب الراحل بالأسواق
وحققت وقتها نجاحاً كبيراً.
وتبدو حكاية الفيلم خيالية إلى حد كبير، لكنها تحوي بعداً
روحياً وتتناول العلاقة بين العالمين المادي والروحي، إذ تجمع القصة بين
صحافي مجتهد بصفحة الوفيات وشيخ صوفي، وعند وفاة الشيخ يخطئ الصحافي في
كتابة اسمه بخبر الوفاة، مما يعرضه للتوبيخ من رئيسه المباشر ويضعه في موقف
حرج، ويستشيط غضباً لدرجة أن ينزل من عمله ليجلس بخمارة ويتناول بعض
الكحول، فيتفاجأ باتصال هاتفي من الشيخ المتوفى، وتبدأ رحلته معه التي
يتداخل فيها الخيال مع الحقيقة والروح مع الجسد لتصل إلى نهاية غير متوقعة.
وحاولت "اندبندنت عربية" الحصول على الإجابة عن سبب المنع من مدير الرقابة،
لكنه اكتفى بالقول "إن الفيلم يحتاج إلى إعادة مشاهدة من الرقابة للبت
النهائي في عرضه".
واكتفى عبدالجليل بذلك التصريح المقتضب ورفض التوضيح أو ذكر
أسباب أخرى قد تكون استدعت إلغاء الترخيص بهذه الصورة المفاجئة، وبتلك
الطريقة التي صدمت فريق المهرجان على وجه الخصوص، الذي وجد بديلاً على رغم
حالة الغضب، فعرض فيلماً كرواتياً قصيراً مدته 17 دقيقة في حفلة الافتتاح
بعنوان "الرجل الذي لم يستطع أن يبقى صامتاً".
أسباب غير واضحة
وقال أحد المسؤولين عن برمجة الأفلام بمهرجان الجونة إن
أسباب منع فيلم
الافتتاح غير
واضحة، وحتى الآن لا يوجد تفسير، خصوصاً أن الفيلم ليس به أي تعد على أي
شيء يخص الرقابة وخطوطها الحمراء.
وعبر عدد من النقاد والصحافيين عن غضبهم من المنع، وقال
الناقد أحمد سعد "إن ما يحدث من قرارات مفاجئة لمنع الأفلام في دور العرض
قد يكون له وجهة نظر بحكم الرقابة، لكن كيف يمكن منع فيلم من العرض بمهرجان
سينمائي؟ وما نفوذ الرقابة لتفعل ذلك؟"، وأضاف سعد أن "الرقيب لم يوضح
السبب وراء إلغاء الترخيص بهذه الصورة المفاجئة، ولم يهتم بالتعليق على
حالة الغضب الشديدة التي نتجت من ذلك القرار غير المبرر".
وأشار سعد إلى أن "هناك لغزاً لا يمكن الكشف عنه وراء إلغاء
العرض، إذ صور الفيلم من دون أدنى مشكلات وحصل على كل التصاريح الرقابية من
المصنفات المصرية منذ عرض السيناريو عليها، وصور بالكامل تقريباً في منطقة
وسط البلد بالقاهرة، ولم يواجه أية مشكلات في الحوار أو المشاهد، وهذا يؤكد
أن الرقابة وافقت من دون اعتراض على السيناريو والتصوير، والرفض المفاجئ
للعرض أقرب إلى فكرة التعنت ليس إلا".
وقال الناقد الفني المصري طارق الشناوي "إن ما يحدث من
تصرفات غير مسبوقة من الرقابة ليس له مبرر ويضع السينما وصناعها في موقف
شديد الحرج أمام حرية الإبداع، فهذا ليس الفيلم الأول الذي تعامل معه بتعنت
غير مفهوم، وسبقه فيلم "الملحد" للمخرج محمد العدل، والاهتمام الزائد
بالخطوط الحمراء والحسابات المبالغ فيها من الرقابة موقف مهتز جداً وغير
مقبول ويعيدنا لعصور الظلام".
واختتم الشناوي أن "إدارة المهرجان تدرك جيداً قبل اختيار
العمل أنه حائز على الصلاحيات كافة والموافقات، لذلك يعد وقف عرض الفيلم في
اللحظات الأخيرة تصرفاً غامضاً، ويوحي برعب الرقابة من فكرة الحساسية
الدينية أو الروحية والأمر اقترب من فكرة الفزاعة، وليس من اللائق حدوث ذلك
في تجمع عالمي مثل مهرجان الجونة لأن الحدث وملابسات المنع من شأنه أن يسيء
إلى مستوى وعينا ومفاهيمنا أمام المحافل الدولية وصناع السينما في العالم".
83 فيلماً
ويشارك في مسابقات المهرجان بدورته السابعة نخبة من الأفلام
العالمية والعربية وصل عددها إلى نحو 83 فيلماً، ويتنافس في منصة دعم
مشاريع الأفلام الجديدة "سيني جونة" 21 فيلماً من 13 دولة عربية وتسع دول
غربية، وتقدم جوائز تصل قيمتها إلى 360 ألف دولار.
ومن الأفلام المميزة المتنافسة على جوائز مسابقة الأفلام
الروائية الطويلة فيلم "196 متر" من الجزائر للمخرج شكيب بن دياب، ويدور
حول إثارة قضية خطف فتاة، عاصفة من الشكوك والتوتر في المدينة، فتحاول
الاختصاصية النفسية البارعة دنيا ومحقق الشرطة سامي حل اللغز المحير.
والفيلم الفرنسي "أثر الأشباح" لجوناثان مييه، ويدور حول
حميد وهو عضو في جماعة سرية تلاحق قادة النظام السوري الهاربين، ويتكلف
بمهمة تأخذه إلى فرنسا، إذ يقتفي درب جلاده السابق ويتحتم عليه أن يواجهه.
وكذلك أفلام مثل "أضواء صغيرة" من التشيك، و"من الذي لا يحب تودا" من
المغرب، بطولة نسرين الراضي وإخراج نبيل عيوش، و"رحلة البحث عن الفستان
الأبيض" لياسمين رئيس وأحمد خالد صالح.
وينافس فيلم "حين تسمع صرصور الليل يحين دورك"، وهو للمخرجة
أولغا كوروتكو، وفيلم "سام" من ليتوانيا للمخرج سولي بلوايته.
وكذلك يشارك الفيلم الأسباني "السلام عليك يا ماريا" اخراج
مار كول، وفيلم "شكراً لأنك تحلم معنا" للمخرجة الفلسطينية ليلى عباس.
شخصيات بارزة
ومن مفاجآت الدورة السابعة انضمام شخصيات سينمائية مهمة
جداً للجان تحكيم مسابقات المهرجان، مثل الممثلة الهندية نانديتا داس التي
تترأس لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة، والمخرجة اللبنانية إليان
الراهب التي تترأس لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية الطويلة، والممثلة المصرية
منة شلبي، إضافة إلى الممثلة المصرية أمينة خليل والممثل المصري أمير
المصري، عضوي لجنة تحكيم الأفلام القصيرة.
تكريم حميدة
ووسط حضور كبير انطلقت حفلة ضخمة لبدء فعاليات الدورة
السابعة من مهرجان الجونة السينمائي، وانطلق المهرجان بحضور مؤسسه نجيب
ساويرس، ومؤسس مدينة الجونة رئيس مجلس إدارة المهرجان سميح ساويرس، وعضو
المجلس الاستشاري الدولي للمهرجان الفنانة يسرا، والمدير التنفيذي والمؤسس
المشارك للمهرجان عمرو منسي، والمديرة الفنية للمهرجان المخرجة ماريان
خوري.
ومن النجوم الذين حضروا الافتتاح هند صبري وغادة عادل
ونيللي كريم ولبلبة وحسين فهمي وبسمة ونجلاء بدر وهاني رمزي ويوسف الشريف
ومنة شلبي وإيناس الدغيدي وأحمد رزق ومكسيم خليل وقيس الشيخ نجيب ونسرين
طافش وسنتيا خليفة ومي وميس حمدان وأمينة خليل وأروى جودة وركين سعد وإلهام
شاهين ومحمود حميدة، الذي يحتفى به هذا العام بجائزة الإنجاز الإبداعي.
وبمناسبة تكريم الفنان محمود حميدة عرض في حفلة الافتتاح
شريط مصور يستعرض مسيرته الفنية التي بسببها منحه المهرجان جائزة "الإنجاز
الإبداعي"، تقديراً لعطائه الفني وإسهاماته البارزة في السينما العربية.
وقال حميدة "أشكر جميع النجمات والنجوم الحاضرين يسرا
ولبلبة وإلهام شاهين وحسين فهمي، الذين شاركوني في أعمالي وأحلامي حتى وصلت
إلى تلك الجائزة التي أشعر بامتنان كبير بسببها".
وأشار حميدة إلى أنه يخص بالتقدير صناع مهرجان الجونة
ومؤسسيه نجيب وسميح ساويرس خصوصاً أنه بحسب قوله، حلم بإنشاء مدينة وإقامة
مهرجان سينمائي كبير في مرسى علم، لكنه لم يتمكن من تحقيقه في حين نجح آل
ساويرس في تحقيق هذا الحلم، على رغم أنهما مهندسان من خارج مجال الفن، لكن
شغفهما بالسينما كان كبيراً ودفعهما لعمل شيء مهم لصناعة السينما، على حد
تعبيره.
أصل الحكاية
وقدمت الحفلة الممثلة بسمة وصدقي صخر، وتضمنت عرض فيلم قصير
بعنوان "أصل الحكاية" عن صناعة السينما وأهم مراحلها ونجومها ومبدعيها في
القطاعات كافة.
وكعادة المهرجانات السينمائية التي تشير إلى مبدعي الفن
الراحلين، في لمسة إنسانية مؤثرة، عرض فيديو لنجوم رحلوا عن عالمنا بعنوان
"ذكرى الراحلين" تكريماً لرموز غابت عن عالمنا وتركت علامة لا تنسى في الفن
العربي مثل صلاح السعدني وشيرين سيف النصر وجميل برسوم، والمنتجين الراحلين
حسام شوقي وفتحي إسماعيل ومحمود كمال وتامر فتحي والملحن حلمي بكر والفنانة
ناهد رشدي والفنان أحمد فرحات.
وقدم المذيع أحمد الغندور، المعروف بشخصية "الدحيح"، فقرة كوميدية خاصة
ناقش فيها تاريخ صناعة السينما.
وشهدت الحفلة عرضاً غنائياً عبر مجمع "ميدلي" قدمه محمد الشرنوبي ونوران
أبو طالب وهنا يسري، إذ أعادوا إحياء مجموعة من أشهر أغاني السينما
المصرية، بتوزيع من ماهر الملاخ. وتضمن الميدلي مجموعة متنوعة من الأغاني،
منها: "برضاك" و"تمر حنة" و"طير بينا يا قلبي" و"احنا التلاتة" و"والله
ولعب الهوى" و"الكيمي كا" و"مسمعتش يا غايب" و"قالك إيه" و"كابوريا" و"بس
انت تغني" و"ولا بنخاف" و"أصحاب أنا وأنت ولا؟" و"النور مكانه في القلوب"
و"هي إيه الحياة" و"ياللي نسيت الغرام" و"علي صوتك" و"ده مكانا في حتة
تانية" و"عيش".
صحافية @nojaaaaa |