على هامش المهرجان
سكورسيزي: ربما أراكم في برلين مع فيلم جديد قريبا
ً
أحمد
العياد
إيلاف من برلين:
إذا كنتَ من محبي السينما، فلا بد أنك وقعتَ يومًا في حب اثنين أو ثلاثة
على الأقل من أعمال المخرج الشهير مارتن سكورسيزي، الابن البار لإيطاليا
التي تنثر السحر على أبنائها ليخرجوا إلى العالم محمّلين بهذا الكم من الفن
والإبداع.
وجاء تكريمه في الدورة الـ74 الحالية لمهرجان برلين
السينمائي الدولي، ومنحه جائزة "الدب الذهبي" للـ"برلينالة"، مستحقًا
ومثاليًا، ووصفته إدارة المهرجان عبر حسابها الرسمي على الإنستغرام بأنه
"تكريم واحد من أعظم صناع الأفلام في العالم على مر العصور".
التقى سكورسيزي محبيه، قبل تكريمه، في مؤتمر صحافي، وخاطبهم
بالكلمات التي تماثل عذوبتها أفلامه، وكان حديثه شيقًا، أكد فيه حبه
للأفلام وتطلعه الى التطوير واستخدام التكنولوجيا، إلى جانب تعلقه
بالذكريات التي عاشها في مهرجان برلين خلال دوراته السابقة.
سكورسيزي المفعم بالحياة يعد برلين بالعودة
بهجة كبيرة صنعها سكورسيزي الخاطف للأضواء، بمجرد ظهوره على
المسرح لتسلم الجائزة التكريمية التي تضاف إلى قائمة جوائزه الطويلة، فهو
أسعد الحضور بوعد العودة إلى مهرجان برلين بعد عامين، قائلًا: "ما زلت أرغب
في صنع أفلام جديدة، لذا ربما سأراكم بعد بضع سنوات، آمل ذلك، مع فيلم
آخر"، مؤكدا أنه سيحضر بعد عامين، وهي مدة قد تكون كافية لصنع إحدى تحفه
الفنية، التي كان آخرها فيلمه المرشح لعشر جوائز أوسكار، مع الثنائي المفضل
لديه، ليوناردو دي كابريو وروبرت دينيرو.
ذكريات لا تنسى في برلينالة
وبدا أن وجوده في المهرجان العريق، حفز ذاكرته على استعادة
أوقات سابقة عاشها المخرج الكبير في برلين، حيث قال بعد افتتاحية فيلم
المخرج فيم فيندرز، أحد أصدقائه المقربين، الذي قدم إليه الجائزة، إن
للـ"برلينالة" أثرا كبيرا عليه كمخرج سينمائي، خاصة دورة عام 1968، التي
كرم فيها المخرج براين دي بالما بجائزة "الدب الفضي" عن فيلمه "Greetings".
ووصف سكورسيزي ذلك الحدث بأنه كان مهمًا للغاية لهم، إذ شكل
نقطة تحول حقيقية للجميع لا سيما في هوليوود، حيث كانوا يعملون بميزانية
منخفضة، لافتًا إلى أن الأفلام المستقلة المنخفضة الميزانية كانت نادرة
جدًا في أميركا في ذلك الوقت.
أضاف: "ذلك التكريم ساعد في فتح الطريق أمام صانعي الأفلام
مثل جيم ماكبرايد وفيل كوفمان"، "لقد أعطانا مكانة كبيرة، بمعنى أن
الاستوديوهات بدأت تأخذنا على محمل الجد... لقد مهد الطريق لي للقاء روبرت
دينيرو واختياره في فيلم
Mean
Streets".
أردف أنه، بعد 10 سنوات، جاء إلى برلين ليلة الافتتاح عام
1980 مع فيلم
Raging
Bull،
ثم عاد مرة أخرى مع فرقة "رولينغ ستونز" بفيلم
Shine
a Light،
ثم مرة أخرى مع
The 50
Year Argument.
أهمية المهرجانات
وعن المهرجانات، قال سكورسيزي، إنها المكان الذي يلتقي فيه
صناع الأفلام للتعرف إلى ثقافات وأفكار مختلفة، من خلال السينما والحياة،
وهو لأمر شديد الأهمية لأي مبدع: "هنا نشاهد صور بعضنا بعضا، ونكمل بعضنا
بعضا، ونتجادل بعضنا مع بعض، ونسير في مساراتنا الخاصة. أعني، ماذا يمكن
للمرء أن يفعل عندما يصبح مهووسًا بأحد أشكال الفن الذي يسمى بالسينما؟"،
لافتًا إلى أن "المهرجانات هي المكان الذي يمكنك فيه مشاهدة أفلام لن تراها
مرة أخرى، ولكن من الممكن أن يظل أحدها عالقًا في ذاكرتك لسنوات طويلة"،
مؤكدًا أنها "فرصة حقيقية تُمنح للأصوات الجديدة والمواهب الواعدة".
لِمَ الخوف من التكنولوجيا؟
وعلى عكس الكثر من صنّاع السينما في العالم، أكد سكورسيزي
أنه يجب عدم الخوف من التكنولوجيا التي تطورت بشكل كبير. بل يجب تسخيرها
وتوجيهها في الطريق الصحيح لخدمة الفن وأغراضه.
وعن تطور وسائل مشاهدة الأفلام حديثًا، قال: "السينما لا
تموت لكنها تتطور"، مشيرًا إلى أنه نشأ في وقت كانت الوسيلة الوحيدة
لمشاهدة فيلم ما هي الذهاب إلى صالة العرض، وكأن مشاهدة الأفلام هي تجربة
جماعية، لا تصلح إلا لذلك.
إرث ممتد
في حديثه عن سبب اهتمامه بترميم الأفلام القديمة من خلال
مؤسسته المعنية بهذا الأمر، وعرض بعضها في دورات سابقة لمهرجان برلين، ضمن
قسم الكلاسيكيات، قال إنه يختار الأفلام التي أثرت فيه وشركائه المخرجين
ستيفن سبيلبيرغ وبراين دي بالما وبول شريدر.
وأوضح أن أكثر ما يفكر فيه أثناء اختيار تلك الأفلام هو
أنها ربما تؤثر في الأجيال الصغيرة خاصة الأطفال، مثلما فعلت فيه السينما
وغيرت حياته، متأملًا أن تغير حياة طفل ما أيضًا، ووصف اللحظة التي يحصل
فيها على فيلم نادر بأنها "لحظة ساحرة"، خاصة أنه كان يعاني هو ورفاقه في
الحصول على نسخ جيدة لتلك الأفلام التي أثرت فيهم.
حلم الطفولة بات قريبًا من التحقق
واختتم سكورسيزي حديثه في المؤتمر الصحافي، عن فيلمه الجديد
الذي يحضّر له عن السيد المسيح، قائلًا، إنه التقى بابا الفاتيكان من أجل
هذا الفيلم، كما كان التقى به مرات سابقة أثناء إعداد فيلمه
Silence.
وعن سبب إخراج فيلم عن المسيح، قال إنها فكرة راودته كثيرًا
منذ نعومة أظفاره، حتى قبل عمله في صناعة الأفلام، ولذلك قدم فيلم
Silence،
ويريد الآن إعادة التجربة، مؤكدًا أنه يرغب في صناعة فيلم لا مثيل له
ومتفرد عن المسيح. |