ملفات خاصة

 
 
 

غياب مُريب لأفلام التاريخ العربي والإسلامي

هل كان «أسد الصحراء» آخرها؟

لندنمحمد رُضا

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الخامسة والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

يُقيم «مهرجان القاهرة» الذي بدأ دورته الـ45 يوم أول من أمس، ندوة خاصة عن المخرج والمنتج مصطفى العقاد الذي كان رحل في مثل هذه الأيام ضحية عملية إرهابية في عمّان قبل 19 سنة.

مُخرج «الرسالة»، عن نشأة الإسلام، و«عمر المختار»، عن مناضل في سبيل استقلال بلاده، كانا، ولا يزالان، أكبر إنتاجين عربيين- عالميين عرفته السينما.

المناسبة تستحق الاهتمام أولاً لإعادة التّذكير بمخرج عربي اخترق الجدار الصّامت حول تاريخ العرب والإسلام في فيلميه «الرسالة» (1976)، و«أسد الصحراء» (1980). وثانياً، لأنه المخرج العربي الوحيد الذي نجح في تحويل أحداث تاريخية عربية إلى الشاشة بنظام 70 مللم بانافيجين كما أفلام البريطاني ديڤيد لين، وفي مقدّمتها «لورنس العرب» (1962) الذي جمع ممثلين عالميين (أنطوني كوين، وبيتر أو تول، وأليك غينس، وجاك هوكينز، وكلود رينز) إلى جانب عمر الشريف وجميل راتب من مصر.

بعد عرضه الخاص في «مهرجان القاهرة» سينطلق في عروض عربية عديدة في جدّة، والدوحة، ودبي، والقاهرة والسعي جارٍ لتوسيع الرقعة عربياً وعالمياً.

خبرات ومواهب

لم يكن سهلاً على الممثلين الذين ظهروا في فيلمي العقاد تسليمَ مقادير مهنتهم آنذاك لمخرج عربي غير معروف، كلّ ما كان لديه لتقديمه - لجانب طموحه - أنه اشتغل مساعد إنتاج وإخراج في بعض المحطات التلفزيونية الأميركية. لكن العقاد فاز بالثقة سريعاً مع احتمال أن يكون الموضوعان المثاران في هذين الفيلمين عنصرَي جذب إضافي. الأول دار حول رسالةٍ (عن الدين الإسلامي) لم يتعرّف عليها الغرب في فيلم سابق، بل بقيت مودوعة في دراسات أكاديمية وكتب. الثاني ثورة ليبية ضدّ الاستعمار الإيطالي صاغها العقاد بعناية وتوازن. وراعى فيه جودة التقديم أيضاً.

«الرسالة» تم بنسختين منفصلتين واحدة عربية أمّ تمثيلها بعض أفضل الخبرات المصرية والمغاربية والسورية واللبنانية، وواحدة بالإنجليزية وكلاهما كانا نجاح عمل مدروس رغم صعوبة تنفيذه.

الفيلم الثاني حكى أن هناك ثورات أخرى وقعت خلال احتلال أجزاءٍ من العالم العربي وأن الموت الجماعي حاذى سواه ممّا حول العالم.

ما إن وقّع أنطوني كوين وإيرين باباس على العقد المبرم لهما، حتى تداعى الآخرون أمثال مايكل أنسَارا وداميان تومس ومايكل فورست.

لاحقاً، عندما خرج «الرسالة» إلى عروض عالمية شملت بلداناً عربية وغربية عديدة، حتى صار من الأسهل جذب نجوم آخرين تقدَّمهم، مرّة ثانية، أنطوني كوين في دور عمر المختار. حينها قال كوين لهذا الناقد في مقابلة: «لم أكن أعرف شيئاً عن التاريخ العربي. العقاد فتح عينيّ على هذا التاريخ المجهول بفيلميه، وبرؤية ثاقبة، وكيفية إنتاج مناسب لفيلم تاريخي كبير. بصفتي ممثلاً أرى أن كلّ شيء كان في مكانه الصحيح».

محاولات غير مجزية

لا يمكن إغفال حقيقة أن الأفلام التاريخية - الدينية العربية كان لها حضور سابق لـ«الرسالة». نتحدّث عن «واإسلاماه» للأميركي أندرو مارتون الذي أُنتج في مصر سنة 1961 وخاض بطولته كلٌ من لبنى عبد العزيز (في دور شجرة الدر)، وأحمد مظهر ورشدي أباظة ويوسف وهبي ومحمود المليجي وكاريوكا وعماد حمدي وفريد شوقي.

قبله بعشر سنوات أقدم إبراهيم عز الدين على تحقيق «ظهور الإسلام» بإمكانات محدودة مع كوكا وعماد حمدي وأحمد مظهر وسراج منير بين آخرين. ثم بعد 10 سنوات على ظهور «واإسلاماه» أنجز صلاح أبو سيف «فجر الإسلام». الذي استفاد من خبرة أبو سيف ولو أنه في النهاية بقي إنتاجاً محلياً للسوق العربية.

هناك أيضاً «الناصر صلاح الدين» ليوسف شاهين (1963)، الذي وظّف فيه المخرج أفضل طاقاته وطواقمه ما ساهم، بجانب اسمه المعروف، في انضمام هذا الفيلم إلى باقي ما ذُكر في عالمٍ عربيٍّ كان يتطلّع إلى مثل هذه الأفلام الترويجية لموضوعاتها باهتمام كبير يناسب كل ذلك الجهد الذي شهدته هذه الأعمال.

أدركت السينما العراقية أن هناك طريقاً لإنتاجات تصبو للعالمية بموازين ونُظم إنتاج برهن العقاد أنها ممكنة. في هذا الصّدد حقّق المخرج صلاح أبو سيف «القادسية» في عام 1981 بطلب من الحكومة خلال الحرب العراقية الإيرانية. الفيلم جاء كبير الإنتاج كما أُريد له أن يكون، ركيكاً في نواحيه الفنية، ودعائياً فيما تبقى.

مؤسسة السينما العراقية التي أنتجته كانت التفتت سنة 1980 إلى المخرج المصري الآخر توفيق صالح، وأصرّت على أن يُنجِز «الأيام الطويلة»، الذي عاد إلى تاريخٍ أقرب ليسرد جزءاً من سيرة حياة الراحل صدّام حسين.

في عام 1983 حقّق العراقي محمد شكري جميل «المسألة الكبرى» (1983) عن ثورة العراقيين ضد الاحتلال البريطاني. جلب المخرج مدير التصوير جاك هيلديارد، الذي كان عمل مع العقاد على فيلميه، والممثل أوليڤر ريد الذي كان اشترك في بطولة «أسد الصحراء»، لكن هذه الأفلام بقيت محدودة الانتشار ولم تتجاوز حدود العرض في بعض الدول العربية.

ما حدّ من انتشار هذه الأفلام عالمياً هو معضلة إنتاجات عربية كثيرة حينها، هي سطو «القضية» على المعالجة الفنية، هذا إلى جانب أن العقاد فَهِم وهضم قواعد الإنتاجات العالمية أكثر من سواه.

 

####

 

شاشة الناقد: حرب ومجرم

لندنمحمد رُضا

ISRAEL PALESTINE ON SWEDISH TV 1958-1989

تاريخ القضية الفلسطينية على الشاشة السويدية

حسب المخرج السويدي غوران أوغو أولسن فإن هذا الفيلم استغرق 5 سنوات قبل إتمامه. 200 دقيقة من أرشيف التلفزيون السويدي الذي تابع الوضع الفلسطيني- الإسرائيلي منذ وثيقة هرتزل وتأييد بريطانيا لها حتى عام 1989 الذي كانت القضية ما زالت تبرح مكانها ما بين نازحين فلسطينيين وسُلطة إسرائيلية حاكمة.

يعرض المخرج مراحل مختلفة، بما فيها مرحلتا الحروب الصعبة التي خاضتها بعض الدول العربية، كما تلك العمليات الفدائية التي قام بها الفلسطينيون في ميونيخ وسواها. هذه التغطية الموسّعة تشمل الدور الذي لعبه ياسر عرفات خلالها والمحاولات الجادة أحياناً لإيجاد حلٍّ ما لقضية شعبين. أحدهما نزح من قراه ومدنه والآخر نزح إليها واحتلها.

كثيرٌ ممّا يعرضه الفيلم مرّ، مثل تاريخ في الأفلام الوثائقية المنتجة في الغرب (وبعض ما أُنتج في سوريا والعراق والأردن ولبنان في السبعينات والثمانينات). لذلك ليس هناك جديدٌ يُضاف فعلياً إلّا لمن فاتته تلك الأفلام ويتطلّع إلى عمل يستعرضها كاملة. هذا هو الدور المُناط بالفيلم الذي يوفّر أسبابه.

نقطتا اهتمام هنا، الأولى أنه مؤلّف من وثائقَ استخرجها أولسن من أرشيف ضخم للتلفزيون السويدي (SVT) وانكبّ عليها فحصاً ومحصاً حتى ألَّف هذا الفيلم الذي يُعيد الاعتبار لنوعٍ من العمل الصّحافي والريبورتاجات التلفزيونية في تلك الفترة. الثانية أن الفيلم يقف على الحياد غالباً، لكنه لا يُخفي أحياناً تعاطفاً مع الفلسطينيين في مشاهد عدّة تحيط بما عانوه.

* عروض مهرجان ڤينيسيا.

DON’T MOVE

تشويق يسود رغم ثغرات حكايته

الطلب بعدم الحركة موجه إلى بطلة الفيلم (كيلسي أسبيل). شابة خطفها مجرم (فين ويتروك) وحقنها بما يشلّ حركتها. تستطيع أن ترى وترمش وبالكاد تحرّك أصابع يديها لكنها، في غالب أحداث الفيلم، حبيسة هذه التركيبة التي وضعها المخرجان برايان نيتو وآدم شيندلر بعناية وبإخراج جيدٍ إلى حدٍ مقبول.

ينطلق الفيلم من لحظات حاسمة. تقف بطلته على حافة جبلٍ تفكّر بإلقاء نفسها بعدما فقدت ابنها الصبي. يُنقذها الرجل نفسه الذي يريد قتلها. بذلك، المرأة التي كادت أن تنتحر هي نفسها التي باتت تصارع من أجل بقائها حيّة.

يختفي من الفيلم التبرير المطلوب للطريقة التي يتّبعها القاتل للتخلص من ضحاياه. إذا كان سيقتلهن لماذا لا يفعل ذلك مباشرة؟ هناك مفارقات أخرى كانت تتطلّب سدّ ثغرات، واحدة منها، أن المرأة تنطق لأول مرّة منذ اختطافها بعد دقائق من اكتشاف شرطي للحالة المريبة. لم تستطع أن تنطق بالكلمة المأثورة «Help» حينها، لكنّها نطقت بعد دقائق قليلة وتكلّمت بلا عناء. لو نطقت بها في الوقت المناسب لما تغيّر المشهد لأن المجرم سيقتل الشرطي في جميع الأحوال، ولكان الفيلم استفاد من تبريرٍ أقوى لشكوك رجل الأمن.

* عروض منصّات.

ذكرياتي مليئة بالأشباح ★★

الحرب السورية في ذكريات الذين عانوا

يتبع هذا الفيلم التسجيلي السوري، من إخراج أنَس زواهري، سلسلة الأفلام التي تناولت الحرب، مثل «آخر رجال حلب» و«العودة إلى حمص» و«لأجل سما»، التي دارت في مرحلة ما عُرف بـ«ثورة الربيع» قبل أكثر من 15 سنة. يختلف عنها بأنه لا يتقرّب من الجماعات التي حاربت الحكومة ويشيد بها، لكنه - في الوقت نفسه - بعيدٌ عن أن يصفّق لنظام أو يشيد به.

إنه عبارة عن ذكريات عدد من المتحدّثين وحكاياتهم خلال الحرب التي دارت حول وفي مدينة حمص خلال تلك السنوات. يوفّر صور دمار الأحياء ومقابلات مع أصحاب تلك الذكريات وهم ينبشون في ماضٍ قريب وما يحمله من آلام نفسية وعاطفية على خلفية ذلك الدمار. يختار الفيلم أن نستمع لأصوات أصحاب الذكريات في حين تتولّى الكاميرا تصويرهم صامتين ينظرون إليها أو بعيداً عنها. هذا بالطبع لجانب صور الأحياء والمباني والشوارع التي لا تعجّ بالحياة كسابق عهدها.

معظم ما يسرده الفيلم من ذكريات لا يُضيف جديداً ولا ينبش عميقاً. هو وصف مؤلم لحالات يمكن تقدير مصادر أحزانها وأسبابها، لكن الإخراج يختار أن يمضي في خطٍ غير متصاعدٍ ولا يتجنّب تكرار السّرد بالوتيرة نفسها (ولو بذكريات مختلفة). طبعاً لا يتوخّى المرء فيلماً يسرد ما هو حزين ومؤلم بفرح وغبطة أم بإثارة، لكن اعتماد توالي تلك الذكريات يؤدّي بعد سماعها إلى استقبالٍ يبدأ مثيراً للفضول وينتهي فاتراً.

* عروض مهرجان الجونة‫‫

ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز

 

####

 

«القاهرة السينمائي» يطلق «دورة التحدي» ويدعم فلسطين ولبنان

بمشاركة 190 فيلماً من 72 دولة

القاهرةانتصار دردير

يسعى مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45 التي انطلقت، الأربعاء، بدار الأوبرا المصرية، وتستمر حتى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لتعويض غيابه العام الماضي؛ إثر اندلاع الحرب على غزة، معتمداً برنامجاً ثرياً بالأفلام والفعاليات والمسابقات، والتوسع في دور العرض، لتتجه إلى جمهور جديد في أطراف القاهرة، واستقطاب رعاة مصريين، في دورة وصفها نقاد بأنها «دورة التحدي».

وتشهد هذه الدورة مشاركة 190 فيلماً من 72 دولة، منها 37 فيلماً في عرضها العالمي الأول، و8 عروض دولية أولى، و18 فيلماً في عرضها الأول بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

وافتتح المهرجان أعماله بعرض غنائي فلسطيني لفرقة «الفنون الغزاوية» التي غنّت «أنا دمي فلسطيني»، ونالت إعجاب الحضور، وأشعلت حماسهم.

وأعلن الفنان حسين فهمي، رئيس المهرجان، عن تضامنه مع الأشقاء في فلسطين ولبنان، في حين أكد وزير الثقافة المصري، الدكتور أحمد فؤاد هنو أن مهرجان القاهرة السينمائي سيظل شامخاً برسالته السامية، موجهاً التحية لكل مَن ترك بصمة بالمهرجان، منذ مؤسسه كمال الملاخ وحتى رئيسه الحالي حسين فهمي، الذي وصفه بأنه رمز للفن الرفيع.

وتعاطف الجمهور مع رئيس المهرجان وهو يرثي زملاءه الراحلين هذا العام، ويؤكد أنه على الرغم من غيابهم سيظلون حاضرين في ذاكرتنا أثناء تعاقب صورهم على الشاشة، ومن بينهم صلاح السعدني وحسن يوسف. وعندما أطلّت صورة مصطفى فهمي، علا التصفيق، وأخفى حسين فهمي دموعه، وتغلّب على الموقف ليواصل كلمته في الحفل، الذي قدّم نصفه الأول، ثم واصلت الإعلامية جاسمين طه زكي تقديم النصف الثاني للحفل.

وتحدّث فهمي عن ترميم 10 أفلام مصرية وترجمتها، ومن بينها «القاهرة 30»، و«الزوجة الثانية»، و«شيء من الخوف»، و«بين القصرين»، و«قصر الشوق»، وعُرضت لقطات من كل فيلم توضح الفارق الكبير بين ما قبل وما بعد الترميم، ودعا ضيوف المهرجان الأجانب لمشاهدة تلك الأفلام للتعرّف على تاريخ السينما المصرية. لافتاً إلى وجود 12 فيلماً أخرى يجري ترميمها من خلال «الشركة القابضة للسينما».

وخلال الحفل، كرّم وزير الثقافة ورئيس المهرجان المخرج والمنتج البوسني دانيس تانوفيتش، رئيس لجنة تحكيم المسابقة الدولية، الذي عبّر عن سعادته لوجوده في مصر، وتكريمه بالقاهرة، كما منح المهرجان المخرج يسري نصر الله جائزة «الهرم الذهبي التقديرية لإنجاز العمر»، التي كان مرشحاً لها في الدورة التي ألغيت، وقد بدا متأثراً، مؤكداً أن تكريمه هذا العام أفضل لأنه يواكب حراكاً سينمائياً كبيراً، موجّهاً تحية خاصة للمخرجين الفلسطينيين.

وشهد الحفل ظهوراً خاصّاً للفنان أحمد عز على المسرح، وتحدّث عن بداياته قبل ربع قرن، وكيف كان يسعى لحضور افتتاح المهرجان ولم يكن يعرفه أحد، وأنه الآن يكرم من المهرجان العريق. ووجّه عز التحية لكل من شاركوه وساندوه في مشواره، وعدّ الجائزة حافزاً له في مشواره، ليهديها في النهاية للنجم عادل إمام.

كما شهدت الـ«ريد كاربت» حضور عدد من النجوم، من بينهم: إلهام شاهين، وليلى علوي، ونيللي، وصفية العمري، ومحمود حميدة، ولبلبة، وصابرين، وشريف منير، والمخرجون خيري بشارة، وإيناس الدغيدي، وخالد يوسف، كما حضرت الفنانة بشرى وزوجها خالد حميدة، ورانيا يس وزوجها الفنان محمد رياض، وغلبت ملابس السهرة السوداء على أزياء الفنانين والفنانات.

وقالت إلهام شاهين في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إن حفل افتتاح المهرجان كان من أجمل وأرقى ما شهده مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، مؤكدة أن «الفرقة الفلسطينية كانت مفاجأة، وغناؤها بحماس شديد ولّد لدينا جميعاً مشاعر خاصة، كما أن ظهور حسين فهمي مع الفرقة، ثم كلمته وتأكيده تضامننا مع فلسطين ولبنان أمر مهم، ما يشير إلى أن المهرجانات ليست الـ(ريد كاربت) والحفلات فحسب، لكن الفن يقول كلمته ورأيه يصل للعالم».

ووجّهت إلهام تحية كبيرة لحسين فهمي على قيادته الناجحة، وللمخرج رشيد المشهراوي عن فيلم «أحلام عابرة» قائلة: «أشكره من كل قلبي، فقد استمتعت بمشاهدته، وقد كتبه وأخرجه وأنتجه، مقدماً قضية فلسطين عبر حكاية رائعة ومؤثرة للغاية».

وعُرض فيلم «أحلام عابرة» للمخرج الفلسطيني رشيد المشهراوي بحضور حسين فهمي وأعضاء لجنة تحكيم المسابقة الدولية وضيوف المهرجان، في عرضه العالمي الأول، وهو من بطولة عادل أبو عياش وأميليا ماسون وأشرف برهوم، وينتمي لأفلام الرحلة؛ إذ تدور أحداثه في يوم وليلة، من خلال بطله الصبي سامي (12 عاماً)، الذي يعيش ووالدته في أحد المخيمات بالضفة الغربية بعد سجن والده في السجون الإسرائيلية.

ويروي الفيلم حكاية الصبي سامي، الذي يفقد طائراً كان يتعلق به كثيراً، أهداه له خاله، ويعلم من أحد سكان المخيم أن الطائر يعود إلى بيته الأصلي، فيسافر إلى خاله -الذي على خلاف مع شقيقته (والدة سامي) منذ سنوات- في «بيت لحم» حيث يعيش خاله «كمال»، الذي يتعاطف معه ويذهب بحثاً عمن أعطاه الطائر، الذي يؤكد له بدوره أنه من حيفا، فيقطع الطريق لحيفا برفقة الصبي وابنة كمال التي تدرس الإعلام، وتتواصل رحلتهم التي تعكس كثيراً من معاناة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال، ويتضمن الفيلم رسائل كثيرة غير مباشرة عبر حوارات ذكية.

ويرصد الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين مظاهر «لافتة» شهدها حفل الافتتاح، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «حسين فهمي ألقى كلمة مركزة وعميقة، أكد فيها ريادة مصر ودعمها القضية الفلسطينية -التي يُحتفى بها بشكل خاص هذه الدورة- سواء بعرض فيلم فلسطيني في حفل الافتتاح، أو من خلال عدم قبول رعاة من شركات المقاطعة»، ويضيف أن «فيلم (أحلام عابرة) يرصد مظاهر الحياة في المدن والشوارع الفلسطينية المحتلة، وأهمية تصالح الفلسطينيين؛ حيث أنهى المخرج رشيد المشهراوي الفيلم والأشقاء ما زالوا على خصامهم».

ويصف سعد الدين دورة هذا العام لمهرجان القاهرة السينمائي بأنها «دورة التحدي ودعم القضية الفلسطينية».

 

الشرق الأوسط في

14.11.2024

 
 
 
 
 

من مهرجان القاهرة السينمائى.. هنا فلسطين

أحمد فاروق

-        فرقة من غزة تبدأ حفل الافتتاح باستعراض الدبكة على أغنية «أنا دمى فلسطينى».. وإهداء الضيوف «دبوسًا» بخريطة فلسطين ولون علمها.. وعرض «أحلام عابرة» للمخرج رشيد مشهراوى.. وحسين فهمى يؤكد: القضية الفلسطينية كانت ولا تزال قضية مصر

-        تقديم تحية للراحلين بكلمات مؤثرة لرئيس المهرجان الذى فقد شقيقه قبل أيام.. وتكريم رئيس لجنة التحكيم دانيس تانوفيتش

-        أحمد عز يهدى تكريمه لعادل إمام.. ويسرى نصر الله: نحن حراس الوجدان والسينما وحب الصناعة يغلب وينتصر دائما رغم الصعوبات

«على عهدى على دينى، على أرضى تلاقينى.. أنا لأهلى أنا أفديهم أنا دمى فلسـطينى».. بهذه الأغنية الشهيرة، المرتبطة فى الأذهان بدعم غزة المحاصرة منذ أكتوبر 2023، اختار مهرجان القاهرة السينمائى، أن يبدأ حفل افتتاح دورته الـ45 مساء أمس الأول، حيث اكتسى مسرح الأوبرا الكبير بألوان الشال الفلسطينى، مع إسدال الستار، لتقدم فرقة «وطن الفنون» الفلسطينية، والتى جاء كل أعضائها من غزة، الاستعراض الرئيسى لهذه الليلة، وسط تفاعل كبير من الحضور.

الحضور الفلسطينى الطاغى فى حفل الافتتاح لم يكن فقط فى العرض الافتتاحى، فقد كانت البداية على مدخل السجادة الحمراء للمهرجان، حيث تم توزيع «دبوس» على شكل خريطة فلسطين وبألوان علمها، تم توزيعه على الحاضرين، ليضعه الجميع على ملابسهم ويلتقطون به الصور، كما حرص كثير من الحضور على ارتداء الشال الفلسطينى أو ملابس مستوحاة من ألوانه فى الحفل، لتكون فلسطين حاضرة بقوة فى الحفل، الذى اختتمت فعالياته بعرض فيلم من فلسطين أيضا بعنوان «أحلام عابرة» للمخرج رشيد مشهراوى، هذا إلى جانب الكثير من الفعاليات والجوائز التى يخصصها المهرجان هذا العام لأفلام فلسطين، وكأن المهرجان يرفع هذا العام شعار «من مهرجان القاهرة السينمائى.. هنا فلسطين».

الفنان حسين فهمى رئيس المهرجان، قال فى كلمته الترحيبية، بعد توجيه الشكر للفرقة الفلسطينية، إن القضية الفلسطينية كانت ولا تزال قضية مصر، بل وقضية كل إنسان يحارب من أجل معانى العدل والحرية والكرامة، مؤكدا أن هذه الدورة تم تأجيلها العام الماضى تضامنًا مع غزة، وتقام هذا العام أيضًا تضامنًا مع غزة، دون أن ننسى إخوتنا فى لبنان التى ظلت تعانى سنوات طويلة، وحاليًا فى اختبار جديد صعب، فالمهرجان كذلك يعلن تضامنه مع الشعب اللبنانى، وأوضح حسين فهمى، أنه حرص على أن يكون المهرجان هذا العام فى منتهى البساطة، وفى الوقت نفسه يكون له كلمة وتواجد.

وصعد إلى خشبة المسرح، وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، لإلقاء كلمته؛ حيث قال إن مهرجان القاهرة السينمائى أصبح رمزًا للفن السابع وسجل اسمه بحروف من نور بين المهرجانات العالمية لتكون مصر ضمن الريادة فمصر حاضنة للمواهب وهنا نحكى حكاياتنا ونستمع لصوت الإنسان عبر إبداعات فنية من مختلف أنحاء العالم، وحرص الوزير على أن يوجه تحية وفاء لكل من ترك بصمة فى هذا المهرجان منذ نشأته حتى الآن بداية من مؤسسة كمال الملاخ مرورًا بسعد الدين وهبة وعزت أبو عوف وسمير فريد ومحمد حفظى وماجدة واصف وصولا لحسين فهمى.

وبكلمات مؤثرة، قدم الفنان حسين فهمى التحية لأرواح الفنانين الراحلين هذا العام، مؤكدا أن المسئولية أحيانا تجبرنا على استكمال العمل رغم مشاعر الحزن، لأننا تعلمنا أن «العرض لازم يستمر»، لتظهر بعدها وسط تصفيق حاد، قائمة الراحلين على الشاشة بشكل متتالٍ، بداية من الفنان أشرف عبد الغفور والمنتجة ناهد فريد شوقى، والفنان صلاح السعدنى، والمخرج عصام الشماع، والكاتب عاطف بشاى، والفنان حسن يوسف، لتختتم القائمة بصورة شقيقه مصطفى فهمى، الذى رحل يوم 30 أكتوبر الماضى.

عقب التحية التى قدمت للراحلين، تحدث حسين فهمى عن اهتمام المهرجان بترميم أفلام السينما المصرية العريقة، التى يصل عمرها إلى 120 سنة، مشيرا إلى التعاون مع مدينة الإنتاج الإعلامى فى ترميم 10 أفلام مهمة من كلاسيكيات السينما، ليستعرض خلال كلمته مشاهد من هذه الأفلام قبل الترميم وبعده، بعد أن تم إصلاحها ومعالجتها وتحسين جودتها، وهى «قصر الشوق» و«بين القصرين» و«السمان والخريف» و«الحرام» و«شىء من الخوف» وغيرها، مؤكدا أن فكرة الترميم تهدف لتحسين الجودة والحفاظ على تاريخنا وتراثنا السينمائى الذى ليس له مثيل.

وبعد مرور أكثر من نصف ساعة على بداية الحفل، ظهرت لأول مرة مقدمته الإعلامية جاسمين طه زكى، لتدير الجزء المتعلق بالتكريمات، والتى بدأت بتكريم رئيس لجنة التحكيم المخرج والمنتج البوسنى دانيس تانوفيتش، والذى استغل وجوده على المسرح، ليقدم أعضاء لجنة التحكيم.

التكريم الثانى كان للمخرج يسرى نصر الله، الذى يمنحه المهرجان جائزة الهرم الذهبى التقديرية لإنجاز العمر، والذى استقبله الحضور باحتفاء كبير، لحظة الإعلان عن تكريمه، قبل أن يصعد إلى المسرح ليتسلم التكريم ويلقى كلمة قال فيها، إنه سعيد باستلام جائزته هذا العام وليس العام الماضى، لأن السينما المصرية تعافت و«شدت حيلها» هذا العام، سواء فى عدد الأفلام أو فى الإيرادات أو فى المحافل الدولية، بالإضافة إلى ترميم الأفلام، مؤكدا أنه رغم الصعوبات التى تواجهها الصناعة من التمويل والرقابة لكن حب السينما فى مصر هو الذى يغلب وينتصر، وهذا شىء ملهم، مؤكدا أن السينمائيين هم حراس الوجدان والسينما، الشىء الملهم الآخر هو أن هناك بلادًا لم يكن فيها سينما يبدأ زملاء فيها يحكوا حواديت ناسها، ويصنعون أفلاما حرة جميلة، لكن أكثر ناس ألهمونى ويمنحونى الشجاعة، هم صناع السينما الفلسطينيين الذين يصنعون أفلامهم فى ظرف شديد الصعوبة والقسوة، ورغم ذلك استطاعوا أن يضيفوا لفلسطين القضية والبنى آدمين، ويجعلون العالم يشعر بها وبهم ويحبهم، وهؤلاء لهم تحية من قلبى، ليختتم كلمته بتوجيه الشكر للسينما ولكل من شاركه المغامرة الخاصة به على مدار سنوات عمله بالسينما.

أما الفنان أحمد عز الذى منحه المهرجان جائزة فاتن حمامة للتميز، فاختار له مخرج الحفل ظهورًا مميزًا عن غيره من المكرمين، فهو لم يكن جالسًا فى القاعة بين الحضور عند سماع اسمه على منصة التكريم، وإنما انشق له المسرح، ليخرج من باطنه، وسط أجواء احتفالية، وتصفيق من الحضور، ليلقى كلمة، تحدث خلالها عن بداياته الفنية، قبل 24 سنة، وتخييره بين أن يكمل فى وظيفته وبين تقديمه أول فيلم سينمائى، فاختار دخول مجال التمثيل على غير رغبة أسرته، لكن فى منتصف التصوير جاء موعد مهرجان القاهرة السينمائى، فتمنى أن يحضر المهرجان وأن تأتيه دعوة على عنوان بيته مكتوب عليها الفنان أحمد عز، حتى يثبت لوالديه أنه اختار الطريق الصحيح، لكن لم تأتِ الدعوة، واضطر يذهب إلى مقر المهرجان يوم افتتاحه، فأعطوه دعوة، واستعد بشكل كامل ليظهر بشكل لائق، حتى تلتقطه عدسات المصورين أو تصور معه كاميرات التلفزيون ليشاهده والداه، لكنه مر على كل الكاميرات ولم يعرفه أحد فلم يهتموا بتصويره.

يتابع عز الذى أقسم أن هذه القصة حقيقية: كان نفسى أجلس فى منتصف القاعة حتى أظهر فى الكاميرا إلى جانب النجوم ويشاهدنى أبى وأمى ويفخرا بى، لكن عند دخولى القاعة، قال لى المسئول عن تنظيم الدخول، أن مكانى فى الدور العلوى من مسرح الأوبرا الكبير، وهذا معناه أنه لن يرانى أحد، وعندما عدت إلى البيت كنت حزينًا جدا، فعندما رأتنى أمى دعت لى وقالت: «ربنا ينولك مرادك»، وبالفعل مرت الأيام وأكون واقفًا هنا مكرمًا فى مهرجان القاهرة، بجائزة تحمل اسم فاتن حمامة، الذى أعتبر اسمها وحده تكريمًا، وأتسلم الجائزة من وزير الثقافة ومن النجم الذى لم يأتِ مثله حسين فهمى، ولكن للأسف كل هذا يحدث بعد رحيل أبى وأمى، ولكنى متأكد أنهما لو كانا موجودين لكانا فخورين بى الآن.

وحرص عز خلال كلمته على أن يهدى الجائزة لكل من تعلم منه فى السينما من مخرج وزميل وعامل، مؤكدا أنهم جميعا أصحاب فضل وجميلهم سيظل على رأسه طوال العمر، ولولاهم لما كان هنا، مؤكدا فى الوقت نفسه أنه يعتبر هذه الجائزة حافزًا للقادم، لأنه يشعر أنه حتى هذه اللحظة لم يقدم شيئًا، ولا يزال يتذكر جلوسه فى مكتب المنتج وائل عبد الله مع المخرجة ساندرا نشأت وهما يفكران، كيف يتم تقديمى للناس فى فيلم «ملاكى إسكندرية».

واختتم عز كلامه بإهداء الجائزة للفنان عادل الإمام، مؤكدا أنه عزيز عليه وملهم، كاشفًا عن أنه قال له ذات يوم نصيحة يعمل بها وينصح بها كل النجوم الجدد وهى: «الالتزام والورق هما أبوك وأمك فى هذه الصناعة».

يذكر أن الحفل أقيم بحضور عدد من نجوم السينما والشخصيات العامة، منهم نيللى، وليلى علوى، وإلهام شاهين وصفية العمرى، ومحمود حميدة، ونبيلة عبيد، ولبلبة وخالد النبوى، وأشرف عبد الباقى، وشريف منير، وبسمة، وهنا شيحة، وإنجى المقدم، وناهد السباعى، وداليا البحيرى وأروى جودة، وهنادى مهنا وأحمد خالد صالح، ودينا، ورانيا يوسف، ولقاء الخميسى، ومن المخرجين خيرى بشارة ومحمد فاضل، وعمرو عرفة وخالد يوسف وإيناس الدغيدي، وساندرا نشأت، وخالد الحجر، ومن المنتجين محمد حفظى ومحمد العدل، وشاهيناز العقاد، ومن الإعلاميين هالة سرحان، ولميس الحديدى، وسهير جودة، وريهام السهلى، وعمرو الليثى، وعماد الدين حسين رئيس تحرير جريدة الشروق، ومن الشخصيات العامة د. زاهى حواس، ود. خالد عنانى وزير السياحة والآثار السابق، والدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة السابقة، بالإضافة إلى الموسيقار هانى شنودة، وغيرهم من الشخصيات الفنية والعامة.

 

الشروق المصرية في

14.11.2024

 
 
 
 
 

مهرجان القاهرة السينمائي… 45 عاماً من الدوران حول العالم

كمال القاضي

ربما تكون الدورة الخامسة والأربعون لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، هي الحدث الفني الأهم الذي يأتي في نهاية السنة من كل عام، ولعله الختام المسك للفعاليات والأنشطة الثقافية التي جرت على الساحة خلال الفترة الماضية، فهي على كثرتها باتت تُعاني من بعض الأمراض المُزمنة التي تلاحقها، خاصة ذلك المرض العُضال الذي يتمثل في ضعف الإمكانيات وعدم توافر موارد مالية كافية لتغطية التكلفة المُتفاقمة باستمرار.
وتُعد هذه الإشكالية، الأكثر أهمية بالنسبة لأي نشاط ثقافي دولي أو محلي، فالنجاح يتوقف على مدى قُدرة القائمين على المهرجان على توفير الحد المطلوب من التكلفة لزوم الدعاية والتنظيم والدعم العيني واللوجستي، لإعادة الثقة والحفاظ على المكانة الإبداعية والأدبية والتصنيف الدولي بين المهرجانات الأخرى المنافسة.
يأتي ذكر هذه الجزئية بالتحديد على خلفية التصريح الأخير لرئيس المهرجان الفنان حسين فهمي، الذي أكد أنه رفض أي دعم من جانب الشركات العالمية المُدرجة في قائمة المقاطعة بقرار شعبي، تضامناً مع الشعب الفلسطيني في حرب الإبادة الظالمة، التي اشتعلت ضده منذ ما يزيد عن العام داخل الأراضي الفلسطينية المُحتلة، سواء في غزة أو أي من المُدن الأخرى. ولأن الدورة 45 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي تُعلن تضامنها الكامل مع الشعب الفلسطيني الشقيق وتُدين بلا مواربة العدوان الإسرائيلي السافر على الأراضي والسيادة الفلسطينية، يأتي تصريح رئيس المهرجان بعدم قبول الدعم من أي جهة متورطة في الحرب، بشكل مباشر أو غير مباشر، مُتسقاً مع السياسة العامة للمهرجان العريق ومتوافقة بكل تأكيد مع قناعات الفنان حسين فهمي، واللجنة العُليا التي تُحدد سياسات المهرجان الرسمي للدولة وتُعبر عن رأي الجماعة الثقافية في الأحداث الجارية.

وقد ثبت صدق الرؤية التضامنية للحدث الثقافي والإبداعي الكبير، من خلال اختيار الفيلم الفلسطيني «أحلام عابرة» للمخرج رشيد مشهراوي للعرض في حفل الافتتاح كعنوان رئيسي مهم ودال للدورة الـ45 الفارقة، التي تُقام وسط أجواء سياسية عاصفة تشهدها المنطقة العربية بصفة خاصة ومنطقة الشرق الأوسط بصفة عامة. وربما يأتي التزامن الدقيق لفعاليات المهرجان الرسمي لمصر واختيار فيلم فلسطيني بالتحديد للعرض في حفل الافتتاح، مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية كهامش مهم وموحٍ بموقف القاهرة من القضية الفلسطينية، كنقطة أساسية وجوهرية في العلاقات المصرية الأمريكية، فالمهرجان ليس حدثاً عابراً، وإنما هو ترجمة حرفية لرأي الكُتاب والمُثقفين والفنانين والمُبدعين وعموم الشعب المصري في ما يحدث في غزة من مجازر وحرب عرقية يُديرها نتنياهو بقسوة ووحشية ضد الصغار والكبار والنساء والشيوخ في الأراضي الفلسطينية المُحتلة. لذا فإن الإشارات السياسية التي تحملها الأنشطة الثقافية، لا بد أن تؤخذ مأخذ الجد، ويكون لها الاعتبار الأهم كرسالة ضمنية تحمل الكثير من الدلالات، وبالقطع سيكون لها أثر واضح في وسائل الإعلام العالمية، خاصة أن الحرب ما زالت مُستمرة والشهداء في فلسطين يرتقون بالمئات على مدار الساعة.

تركز الدورة الخامسة والأربعون لمهرجان القاهرة السينمائي هذا العام على بعض الجوانب المهمة، أولها كما أسلفنا المُشاركة الفلسطينية القوية في العروض، سواء في المسابقة الرسمية أو في مسابقة آفاق السينما العربية كتقليد سنوي ضروري ومُعتاد لإلقاء الضوء على نوعية الأفلام العربية ومستواها الفني الجيد والمتطور، حيث اللافت في هذه الدورة هو الإنتاج العربي ـ الأوروبي المشترك أو الإنتاج العربي ـ العربي كما هو الحال في فيلم «أرزة» للمخرجة ميرا شعيب، كنموذج للتعاون الإنتاجي اللبناني المصري المُشترك وفيلم « الإجازات في فلسطين « للمخرج مكسيم لندون إنتاج فلسطيني ـ فرنسي.

وكذلك فيلم «قنطرة» للمخرج وليد مطار إنتاج تونسي ـ فرنسي، وبالإضافة إلى الأفلام ذات الإنتاج المُشترك توجد أفلام أخرى بإنتاج مستقل كالفيلم السوري «سلمى» للمخرجة جول سعيد والفيلم المصري «مين يصدق» للمخرجة زينة عبد الباقي والفيلم السوداني « مدنياااااااو للمخرج السوداني محمد صبحي، الذي يُسلط من خلال رؤيته السينمائية الضوء على كفاح الشعب السوداني في أحداث الثورة السودانية. ويأتي الفيلم الفلسطيني الإنساني «حالة عشق» للمخرجتين كارول منصور ومنى خالدي كحالة سينمائية خاصة، تعتني برحلة ومسيرة طبيب فلسطيني يقطع مسافات طويلة من أجل أداء رسالته الطبية المُقدسة في تفان منقطع النظير يضرب به البطل أروع الأمثلة في احترام الإنسان لعملة ومهنته.

ويبلغ عدد الأفلام المشاركة في مهرجان القاهرة خلال دورته الخامسة والأربعين 194 فيلماً من 72 دولة، حيث تتميز الأفلام بالتنوع ما بين السياسي والاجتماعي والإنساني، ويخصص المهرجان أيضاً حفلات معينة لعرض الأفلام الكلاسيكية المهمة، كـ»بداية ونهاية» و»القاهرة 30» و»السمان والخريف» و»شيء من الخوف» و»الحرام» و»الزوجة الثانية» و»بين القصرين» و»قصر الشوق»، لإبراز التحولات الاجتماعية والسياسية الفارقة والمؤثرة في حياة الشعب المصري. ومن الجدير بالذكر حرص المهرجان هذا العام على تكريم المخرج يسري نصر الله بمنحة جائزة الهرم الذهبي، لإنجاز العُمر وتكريم الفنان أحمد عز بمنحة جائزة فاتن حمامة للتميز. وسوف تنتهي فعاليات المهرجان الذي يستمر حوالي عشرة أيام في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

 

القدس العربي اللندنية في

14.11.2024

 
 
 
 
 

فلسطين حاضرة في افتتاح الدورة 45 لمهرجان القاهرة السينمائي

القاهرة -خيري الكمار

انطلقت الدورة 45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، برئاسة الفنان حسين فهمي، على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، الأربعاء، وسط حضور عددً من نجوم وصُنّاع الفن في مصر والوطن العربي، أبدى بعضهم التضامن مع القضية الفلسطينية، من خلال ارتدائهم "بروش" العلم الفلسطيني.

بدأ الحفل، الذي قدّمته الإعلامية جاسمين طه زكي، بالسلام الجمهوري، تلاه فقرة غنائية استعراضية، لفرقة "وطن الفنون" من قطاع غزة، والتي قدّمت إحدى الأغاني الفلسطينية الشهيرة، وهي "أنا دمي فلسطيني"، بما يعكس موقف المهرجان الداعم للقضية.

وشدد الفنان حسين فهمي، خلال كلمته في حفل الافتتاح، على "مواصلة مهرجان القاهرة السينمائي، للتضامن مع أشقائنا في فلسطين المحتلة، ولن نقدر أنّ ننسى أشقاءنا في لبنان أيضاً، والذي يُعاني منذ سنواتٍ طوال"، مُشيرًا إلى أنّ "الفن حاضر في كل الأزمات المحيطة، إذ أنّ السينما قادرة على سرد وحكي قصص واقعية عن شخصيات قاومت وتجاوزت المحن وانتصرت بالنهاية".

وأشار حسين فهمي، إلى عرض 10 أفلام مصرية قديمة في نسخ مرممة، ضمن فاعليات الدورة الحالية، وذلك ضمن المبادرة التي أطلقها المهرجان قبل نحو عامين، قائلًا إنّ: "السينما المصرية عريقة، عمرها أكثر من 120 عامًا، وحرصت على ترميم الأعمال القديمة، لإيماني الشديد بأن السينما المصرية يجب أن تبقى وتظل، لأنها جزءاً من تاريخ هذا الوطن، لذلك يجب الحفاظ على هذا التراث السينمائي الذي لا مثيل له".

كما تضمن حفل الافتتاح، فقرة خاصة لرثاء الفنانين وصنّاع الفن الذين رحلوا عن عالمنا خلال العام الجاري، ولا زالت أعمالهم حاضرة بين الجمهور، وهم: أشرف عبد الغفور، وناهد فريد شوقي، وصلاح السعدني، وعصام الشماع، وعاطف بشاي، ومصطفى فهمي وحسن يوسف.

التكريمات

وشهد حفل الافتتاح، تكريم المخرج يسري نصر الله، بمنحه جائزة الهرم الذهبي التقديرية لإنجاز العمر، وذلك تقديراً لما قدمه طوال مسيرته الفنية الحافلة، قائلاً إنّ: "شيء ملهم رغم الصعوبات والتمويل، إلا أنّ حبنا للسينما هو الغالب، إذ أعتبر أنفسنا بمثابة حراس لها"، مُشيراً إلى بعض صُنّاع السينما في فلسطين، والذين استطاعوا صناعة أفلام رغم الظروف المحيطة بهم شديدة القسوة.

أما الفنان أحمد عز، حصل على جائزة فاتن حمامة للتميز، حيث استعاد بداية دخوله عالم الفن، مؤكدًا أنه دخل مجال التمثيل دون رغبة أسرته، قائلاً: "وقتها كنا على مقربة من انطلاق دورة جديدة من مهرجان القاهرة السينمائي، وكنت أطمح لتوجيه دعوة لي، لحضور الحفل، وبعد طول انتظار لم تُرسل لي دعوة، حتى توجهت للمقر، وحصلت على دعوة، واستعديت جيدًا لتلك المناسبة، ومررت على السجادة الحمراء، لكن لم يعرفني أحداً آنذاك، إلى أن دخلت القاعة وجلست في البلكون، وبعدها عُدت إلى المنزل وأنا في ضيق شديد، ودخلت عليّا والدتي، ودعت لي: (ربنا ينولك مرادك)، وتحققت دعوتها بعد كل هذه السنوات".

وأضاف "جاءت لحظة التكريم، لكن والديّ قد رحلوا عن عالمنا، فيما أشعر أنهما يشعران بتلك الحالة التي أنا فيها الآن"، موجهاً الشكر لكل شخص دعمه في مسيرته الفنية، "أعتبر تلك الجائزة حافرًا لي في السنوات المقبلة، خاصة وأنني أشعر بأنني لم أحقق الكثير"، إذ أهدى تلك الجائزة، لشخصية ملهمة بالنسبة له، وهو الفنان عادل إمام.

كما جرى تكريم المخرج دانيس تانوفيتش، رئيس لجنة تحكيم المسابقة الدولية، وهو كاتب سيناريو ومرج ومنتج،  من البوسنة والهرسك، حيث قال عقب تكريمه: "كنت أتطلع منذ فترة للتواجد في القاهرة، وعقد صداقات جديدة مع صُنّاع السينما، والتي طالما تفتح آفاق جديدة"

فيلم الافتتاح

واختتم حفل الافتتاح، بعرض الفيلم الفلسطيني "أحلام عابرة " في عرضه العالمي الأول، وهو تأليف وإخراج رشيد مشهراوى، وبطولة عادل أبو عياش، واميليا ماسو وأشرف برهوم.

وتدور أحداث الفيلم التى صورت فى بيت لحم بفلسطين، حول "سامي" البالغ من العمر 12 عاماً، يأخذنا في رحلة ليوم واحد، برفقة عمه وابن عمه الأكبر، بحثاً عن طائره المفقود، وقد أخبره جيرانه أنه ربما عاد إلى موطنه  الأصلي. وتمتد الرحلة من مخيم للاجئين في الضفة الغربية إلى مدن فلسطينية مختلفة بما في ذلك بيت لحم والقدس القديمة وحيفا، و نكتشف من خلالها ما يحدث لهم وبينهم، من عبث الواقع، والحياة اليومية الصعبة للفلسطينيين وتأثيرها على شخصياتهم وعلاقاتهم بأنفسهم والآخرين.

مهرجان عريق 

ومن جانبه، شدد المخرج خالد يوسف، على أهمية وقيمة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، واصفاً إياه بقوله: "ملتقى السينما العربية، وهو مهرجان عريق ومهم بالنسبة لنا كصُنّاع أفلام".

وقال خالد يوسف، لـ"الشرق"، إن الدورة الجديدة تشهد مشاركة العديد من الأفلام المتنوعة من حول العالم، فيما أشاد بأجواء حفل الافتتاح، والتي غلب عليها التميز.

أما الفنان شريف منير، قال لـ"الشرق"، "سعيد جداً بالحالة الفنية، والتجمع الفني والعربي الذي يحدث في مصر، فهو من أهم المهرجانات التي تحتضن صنّاع السينما على مستوى الوطن العربي كله".

ورأى أن "الدورة الجديدة تشهد العديد من الفعاليات المهمة، بداية من فيلم الافتتاح (أحلام عابرة)، فضلاً عن وجود أفلام مميزة في مسابقة آفاق السينما العربية".

فيما اعتبرت الفنانة لقاء الخميسي، "مهرجان القاهرة السينمائي، بمثابة مساحة مميزة لالتقاء صنّاع السينما في العالم العربي"، لافتة إلى حرصها على حضور فعاليات المهرجان، لوجود أعمال متنوعة ومهمة، مشيدة باختيار المخرج يسري نصر الله والفنان أحمد عز، لتكريمهما في حفل الافتتاح.

كما قالت الفنانة صابرين، لـ"الشرق"، إن "المهرجان بمثابة حلم لكل فنان، أن يقف على السجادة الحمراء، وعلينا دعمه دوماً والوقوف بجانب القائمين عليه، خاصة رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي، فهو نجم كبير وأعطى للحدث رونقاً خاصاً"، مشيرة إلى أن "المهرجان هذا العام يضم مجموعة من الأفلام المتميزة، والتي أسعى لمتابعة غالبيتها".

ومن جهته، أشاد الفنان محمد رياض، بأجواء حفل افتتاح الدورة 45، قائلاً لـ"الشرق"، "نأمل أن تكون كل الفاعليات جيدة ومتميزة، وأن تصنع الأفلام حالة صدى كبيرة".

كما أثنى على الدور الكبير الذي يلعبه المهرجان في دعم القضية الفلسطينية، والاحتفاء بصنّاع السينما هناك، من خلال عرض مجموعة كبيرة من الأفلام، أبرزها "أحلام عابرة".

أما المنتج جابي خوري، قال لـ"الشرق"، إن "هناك مجموعة من الأفلام غير التقليدية وجيدة الصنع، تم اختيارها للمشاركة في المهرجان هذا العام، ومنها أفلام شاركت في مهرجانات دولية، فضلاً عن وجود عروض أولى لبعض الأفلام، وأفلام عربية في مسابقة آفاق سأكون حريصاً على متابعتها".

 

الشرق نيوز السعودية في

14.11.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004