عمرو سلامة: تأثير السوق السعودي على السينما المصرية صحي
أحمد
العياد
إيلاف: على
غير عادته المعروفة عنه، بالسير في خطوات متباعدة ومتأنية، يعيش المخرج
عمرو سلامة حالة من النشاط الفني، حيث خرج من تصوير "شماريخ" مع آسر ياسين
وأمينة خليل، مباشرة على "شمس الزناتي"، مع محمد إمام، العمل الذي يحمل اسم
أحد أفلام الزعيم عادل والذي قدمه مطلع التسعينات، ولكن بأحداث ورؤية
عصرية.. رؤية عمرو سلامة، أحد أبرز مخرجي جيله وأكثرهم انتقاء لأفكاره التي
يقدمها للجمهور من خلال الفن السابع.
حاورنا عمرو سلامة عن "شماريخ" و"شمس الزياتي"، وتطرقنا
للحديث عن السينما السعودية وأمور أخرى، نرصدها في الحوار التالي:
ذكرت سابقا أن مشروع فيلم "شماريخ" ظل معك لسنوات طويلة،
كيف أثر ذلك على الفيلم؟ وما هي أبرز العوائق أو الصعوبات التي واجهتك خلال
التصوير؟
أعتقد أن أفكار وأسلوب وذوق أي مخرج أو صانع سينما يتأثر
بمرور الزمن، وتطورهفنيا وإنسانيا، وبالتأكيد لو طرح الفيلم عام 2008، كان
سيشبه عمرو سلامة في ذلك التوقيت، ولكن تم طرحه في 2023 لذا فهو يمثل رؤيتي
وأفكاري الآن، لأن في كل فترة تجد نفسك أمام نسخة جديدة أو مختلفة عن
سابقتها، وتمسكك بفيلم أو مشروع معين يكون لإيمانك بفكرته أو جوهره لرغبتك
في أن تحكي شيء معين من خلاله، لذلك مهما تغير الشكل النهائي يظل جوهره كما
هو.
أصعب ما واجهنا في ذلك العمل هي تقنيات الفيلم، والأسئلة
التي كان من الصعب الإجابة عنها في البداية مثل الجرافيكس وكيفية خروج شكل
جديد ومختلف من الحركة والحفاظ على الممثلين خلال التصوير.
العرض الأول للفيلم كان في مهرجان "البحر الأحمر" السينمائي
الدولي، ولم تكن هذه هي المرة الأولى خاصة وأنك عرضت فيه فيلمك الأول (بره
المنهج) من قبل، لماذا ذلك الاهتمام والتواجد الدائم بهذا المهرجان؟
الحقيقة أنها كانت صدفة بحتة، فالمرة الأولى للمشاركة في
مهرجان البحر الأحمر في دورته الأولى، كانت من خلال فيلم "برة المنهج"،
وكان هناك اهتمام من مسؤولي المهرجان لعرض الفيلم، وقد أحببت تلك الفكرة
لأسباب شخصية وهي أنني كنت أود عرض الفيلم في المدينة التي عشت فيها طفولتي
-جدة- ولم أزرها منذ 25 سنة، وكان ذلك مؤثراً للغاية حين أتيت إليها كصانع
سينما ومخرج، وقمت وذهبت لمنزلي القديم بعد يوم كامل من البحث عنه في جدة،
وشاهدت غرفتي التي تربيت بها، وتذكرت كم كنا ننتظر الصيف لنسافر إلى مصر
ونشاهد الأفلام لأن السعودية لم تكن بها سينما وقتها، ولكنني الآن أزور
السعودية لعرض فيلم مصري بمهرجان سعودي بعد ربع قرن.
كيف ترى تأثير شباك التذاكر السعودي على السينما المصرية؟
وهل توافق الرأي الذي يقول بأن مايحدث حاليا ً هو تكرار لسينما المقاولات
في الثمانينات؟
لا يمكن بالتأكيد أن نقول أن الأفلام التي تعرض حاليا هي
أفلام مقاولات، فمن حيث الجودة هي أفضل بكثير من أفلام المقاولات، ورغم
وجود أفلام رديئة إلا أنه لا يمكن تعميم ذلك على صناعة السينما المصرية،
فأنا فخور بصناعة السينما المصرية، وكنت سعيداً للغاية بتأثير السوق
السعودي على صناعة السينما المصرية وأنه سيكون سبباً في ازدهارها لكن أصبح
لدي بعض التخوف في الفترة الأخيرة لإن كثير من المنتجين أصبح سؤالهم عند
التعاقد على الكثير من الأفلام هو "هل هذا الفيلم يتماشى مع السوق السعودي
أم لا؟"، لكن رغم كل ذلك فهناك شيء إيجابي من مكسب المنتجين في السينما
السعودية، لإنه بطبيعة الحال بعد تقديم خمسة أو ستة أفلام سيحتاج إلى فيلم
قوي أو ما نطلق عليه "فيلم برستيج" أو ذو قيمة لتقديمه، فغزارة الإنتاج رغم
سلبياتها إلا أنها ستساعد على خروج مواهب عديدة قوية في الإخراج والتمثيل،
فإغراق السوق السعودي بنوع معين من الأفلام سيدفع الجمهور السعودي إلى
البحث عن التجديد والتغيير.
إيرادات الفيلم تجاوزت في الأسبوع الأول 7 ملايين جنيها في
مصر ، فما الذي اختلف في هذا الفيلم عن غيره من أفلامك؟
أعتقد أن هناك عوامل جذب عديدة في ذلك الفيلم، لكن لا يمكن
أن أقول الأسباب في الوقت الراهن، هل بسبب أبطال الفيلم سواء آسر ياسين أو
أمينة خليل، أم بسبب نوع الفيلم؟ أم بسبب الإعلان الترويجي؟ أعتقد أننا
بحاجة لوقت أكبر لمعرفة الأسباب الأبرز التي جذب الجمهور بهذا الشكل للعمل
في دور العرض.
أنت مطلع على السينما السعودية ومتابع جيد.. هل ترى أنها من
الممكن أن تخرج من إطار محلي إلى إطار إقليمي؟
بالتأكيد أي فرصة يفوز بها فيلم سعودي بجائزة عالمية أو
يترشح لجائزة كبرى، سيجعل العالم كله يتابع السينما السعودية ويريد التعرف
عليها أكثر. من الممكن أن يكون هناك صعوبة بعض الشيء لدى الجمهور المصري في
متابعة الفيلم السعودي، لكن أعتقد أن ذلك يعود إلى أن المصريين يجدون صعوبة
في فهم اللهجات العربية الأخرى سواء في الخليج أو شمال إفريقيا، بعكس تقبل
المشاهد العربي وفهمه السريع للهجة المصرية، ولكن أعتقد أنه بمرور الوقت
سيكون لديه القدرة على فهمها بشكل أسرع مثلما حدث مع الدراما السورية أو
الدبلجة السورية، وأرى أنه طالما أن هناك نصاً جيداً وقضية أو فكرة مميزة
وتطور وهناك تواصل مع شعوب أخرى فإنها ستصل للعالمية.
هناك حلم أشبه بالهوس لدى بعض السينمائيين السعوديين من
خلال المشاركة في المهرجانات السينمائية الدولية لم في إعتقادك؟
أعتقد تفكير المخرجين السعوديين في المهرجانات والجوائز شيء
منطقي، لأنهم لسنوات كانوا منتظرين فرصة للظهور والعمل، وحينما أتت تلك
الفرصة أصبح كل منهم يبحث عن تحقيق أحلامه ومجده الشخصي، خاصة مع وجود دعم
حكومي قوي لهذه الصناعة، لكن بعد توقف ذلك الدعم أو تراجعه سيتجه صناع
السينما إلى البحث عن الاستمرارية وكيف يقدمون أعمال للجمهور للحصول على
تمويل والتحول عن فكرة الجوائز وهو ما يحقق التوازن.
هل من الممكن أن تقدم فيلم سعودي؟
أنا أتمنى أن أقدم فيلم إسباني.. فيلم سنغالي.. فيلم
سعودي.. أي فيلم يحمل جوهر إنساني مشترك، وأن يكون لدي قدرة على عمل مجهود
بحثي كافي لتقديم العمل أصيل يليق بوطنه ومجتمع، فليس لدي أي مانع
بالتأكيد، الأهم هو أن أقدم شيء صادق وأصيل ويعبر عن شيء يشغلني.
هل العمل مع محمد إمام كنجم شباك فيه اختلاف معك من حيث
التحضير للفيلم أو النظرة للإيرادات كونه نجم يهمه الجمهور بشكل أساسي؟
أحاول دائما أن أقدم شيئا مميزا سواء كان فيلم مهرجانات أو
فيلم للجمهور، ولكن ليس من الممكن أن أقدم فيلم مثل "أسماء" وأتطلع إلى
شباك التذاكر! أو افكر في فيلم "شمس الزناتي"، وأفكر في مهرجان كان!
كيف ترى المقارنة على مواقع التواصل الإجتماعي بين أبطال
النسخة القديمة من الفيلم التي قدمها عادل إمام وترشيحات الأبطال للنسخة
الجديدة منه؟
لا يوجد حتى الآن أي تأكيدات حول ترشيحات الأبطال المنتشرة
على منصات التواصل الاجتماعي، ولا يمكنني الحديث عن أي شيء حول الفيلم في
الوقت الراهن، سوى أننا بدأنا في التصوير ومن الممكن أن ننتهي منه خلال
2024.
الفيلم يتناول فكرة ما قبل تصوير "شمس الزناتي" الأصلي وهو
بعيد تماماً عن فكرة الفيلم الأصلي، ولا ضرورة لمشاهدة الفيلم القديم قبل
مشاهدة الفيلم الجديد.
الفترة الحالية تشهد نشاطا مكثفا.. هل ذلك يعود لأسباب
تتعلق بالتشجيع والإنتاج أم أنها لأسباب شخصية وأسرية؟
لم أستجب لضغوط السوق، ففي النهاية أنا أرغب في تقديم فيلم "شماريخ" من
سنوات وكذلك "شمس الزناتي" عندما علمت بنية إنتاجه كنت أود أن أخرجه.
بصفة شخصية لو الأمر بيدي فقط، كنت قدمت فيلما كل 6 أشهر.
بعد فيلم "برا المنهج" جلست مع نفسي وتابعت المشاريع التي كانت لدي سواء
على جهاز "اللاب توب" الشخصي أو خارجه، ووجدت أنني أعددت جدولا بكل الأفكار
التي كانت لديّ سواء لأفلام أو مسلسلات أو غيره، واكتشفت أن لدي 52 مشروعا
متوقفا. وفي نفس التوقيت فأنا اقترب من عامي الـ40 فوجدت أنني في صراع مع
الزمن لتنفيذ مشاريعي. لتلك الأسباب تجدني متحمسا تلك الفترة، وبالصدفة
تزامن ذلك مع عودة عمل السوق الإنتاجي بشكل جيد. حاليا التواجد في
المهرجانات العالمية أصبح أسهل من السابق ويوجد تقبل عالمي للأفلام
العربية. كل تلك الظروف ساهمت في أن تكون حركتي كمنتج أسرع.
هل سنشاهد مسلسل قريب لك؟
من المحتمل ذلك، ولكن ليس في رمضان، من المستحيل أن أقدم
مسلسلاً في شهر رمضان.
في العادة عندما ينجح المخرج في تقديم الأفلام الروائية
الطويلة ويصبح اسمه مقياسا لبيع الفيلم، لا يعود لتقديم تجارب الأفلام
القصيرة.. ما الذي دفعك لتجربة فيلم "60 جنيه"؟
لديّ شقين، أولهما أنني أرغب في تقديم مشروعات تجارية جدا،
وثانيهما شق فني يسعى للتجربة طوال الوقت وهو ما لا أجده في التجاري. فكان
لدي مساحة تجارب أسعى لتحقيقها دون وضع حسابات لنجاحه تجاريا أو تحقيقه
لأرقام معينة خاصة بالإيرادات ودون قيود.
والموضوع في البداية بدأ بأنني كنت سأعمل على فيديو موسيقي
لـ زياد ظاظا، وأحببت أن يظهر به أكثر من قصة، فجلست واستمعت إليه عما كان
يفكر به خلال كتابته للأغنية وحياته، فتحول الأمر أنني أريد صنع فيلما
قصيرا وطلبت منهم ذلك، وهم وافقوا على فكرتي. وبالفعل بدأنا التصوير دون أي
حسابات، ولم أكن أعلم أنني سأشارك في أي مهرجان سينمائي فكنا نسعى لطرحه
على اليوتيوب، وبعدها أٌعجبنا بالفيلم وأٌعجب به د. علاء وقررنا تقديمه في
المهرجانات، وبالفعل أٌعجب به مهرجان الجونة السينمائي الدولي وجعله فيلم
الافتتاح. لذلك الأمر كله لم يكن مقصودا.
من هم الأشخاص الذين تثق في رأيهم عند رؤيتهم لمشاريعك
الفنية في مراحلها الأولى؟
لديّ دائرة مقربة مكونة من 5 أصدقاء أعتمد عليها طوال
الوقت، نتحدث مع بعضنا في مشروعاتنا ونعرض السيناريوهات على بعضنا، ومن
الممكن أن نحضر تصوير أعمال بعضنا. واستمع لآرائهم ووجهة نظرهم.
هل يوجد شيء ندمت عليه عندما أخذت رأيهم في إحدى مشروعاتك،
واكتشفت أن وجهة نظرك كانت الأصح؟
في بعض الأحيان تحدث، أو يحدث العكس. وفي بعض الأوقات نتشاجر، فمثلا أنا
والمخرج محمد دياب نتشاجر في مونتاج أفلامنا كثيرا على وجهات النظر، وفي
فيلم "شماريخ" حدث ذلك النقاش بيننا واستمعت إلى وجهة نظره ونفذتها وأنا
سعيد بذلك.
شاركت من قبل في المهرجانات السعودية، ما رؤيتك لتأثير ما
يحدث في السعودية على المدى المتوسط على صناعة السينما في مصر، وهل هو مفيد
لصناعة السينما لدينا؟
أنا كل ما يُخيفيني أن تشعر بالتضييق عليك، في حين توفر لك
منطقة أخرى حرية أكبر، فتضطر رغما عنك أن تريح نفسك من العناء. في النهاية،
نحن في مناخ سينمائي مزدهر تجاريا لكن يوجد هناك بعض المعوقات تُحجم الفنان
وأفكاره الإبداعية، ويوجد معوقات في التصوير نفسه والحصول على تصاريح وكذلك
صعوبة تنفيذ بعض المشاهد. وفي نفس الوقت يوجد منطقة أخرى تخبرك بأن تأتي
وتنفذ كل ما لديك.
إلى الآن مرابط وأحاول صناعة الأفلام في بلدي لأنني أحبها
وهي الأقرب لقلبي، لكن أتمنى كل القائمين على الصناعة في مصر أن يشعروا
الفنانين بأن لديهم مناخ واسع للإبداع.
شهدنا مؤخرا أن موجة مواقع التواصل الإجتماعي مسيطرة على
الوضع السينمائي .. الرقابة المجتمعية يرى البعض أنها أشد وأكثر تأثيرا
رقابيا على الأفلام.. كيف نتعامل مع تلك الرقابة؟
صحيح.. تقبل رأي الشخص الآخر ليست موجودة لدينا إطلاقا، أنا
مع أن الجمهور يمكنه أن "يسلخ" أي عمل أو أي فنان، من جميع الجهات سواء فني
أو أخلاقي. لأن من قبل العمل العام تبرع للناس في عرضه، عندما ترتضي أن
تقدم عملا للشعب والجموع فعليك تقبل ما يحدث فيك.
الشيء الوحيد الذي لا أتقبله هو أن شريحة من الناس تمنع
شريحة أخرى أن تشاهد مشروعا فنيا، سواء كانت رقابة حكومية أو جمهور مواقع
التواصل الإجتماعي . أنا ضد أن تمنع شريحة ما باقي المجتمع من رؤية أي عمل
فني.
أنا لا أمانع أن يسب كل المجتمع إحدى الأعمال الفنية، فهو
حر. لكنه ليس حرا أن يحجر على إنسان بأن لا يُشاهد عمل معين.
لكن هناك تقييد للأعمال، وأتوقع أن لديك أفكارا أو لدى غيرك
لا تستطيع تقديمها لعدم تقبل المجتمع؟
صحيح.. أتمنى أن يكون لدينا المناخ أن يكون الأمر فيما يخص
العمل الفني مبني على قراري الشخصي ، قراري منفردا كمبدع أن أقدم عملا
مستعد لتلقي الهجوم بسببه أو السباب، أو لا.
فإذا قدمت عملا المجتمع يرفضه بشدة فلن تحقق إيرادات وكذلك
سأكون مكروها. فمن الممكن ألا أكون أفكر في الحصول على المال وأريد أن
أٌكره ففي النهاية أنا حر، فأنا مع فكرة أن يكون لكل مبدع مطلق الحرية في
تقديم ما يقدمه، وللجمهور مطلق الحرية في نقده والحجوب عنه أو النفور عن
أعماله، ولست مع المنع بأي شكل.
هل نعلم عدد الأشخاص الذين هاجموا فيلم "أصحاب ولا أعز"، في
الحقيقة لا نعلم، دعنا نُرجح أنهم نصف مليون مثلا، فمن شاهد أن الفيلم
يُدمر قيم المجتمع فهو حر لا يشاهده وأنت كشخص حر أيضا في مشاهدته لكن غير
مسموح بأن يصمم الشخص على عدم مشاهدتك للفيلم.
نحن في المجتمع العربي مجتمع قبلي وهرمي يوجد رأس وقاعدة
للهرم، فنجد تلك الأفكار مسيطرة على الوطن العربي أكثر من أي مكان آخر.
وإلى جانب ذلك يوجد رقابة الدولة أيضا التي تحمي نفسها من الهجوم المجتمعي،
فأنا مقتنع أن 90% من رفض الرقابة لبعض الأعمال يكون بسبب الخوف من المجتمع
أكثر من السُلطة، لأنه يخاف الهجوم والسؤال حول سماحهم لتلك النوعية من
الأفلام للخروج للنور.
في السعودية مثلاً لا زالت الرقابة تتعلم وفي بدايتها ولا
زالوا يكتشفون ما يمكن السماح به وما لا يمكن. وفي بعض الأحيان صانع
الأفلام السعودي يمكن أن توافق له الرقابة على عمل فني لكنه من داخله وبصفة
شخصية يخشى تقديمه. لكن في مصر يتبعون مبدأ "ينفخ في الزبادي" لأنه طوال
الوقت يتخيل السيناريو الكابوسي بشأن رفض الناس للعمل وتوجيه الأسئلة لهم
بشأن تمرير ذلك.
بجانب ذلك كله أصبح يوجد عالمياً شيئا يسمى بثقافة الإلغاء،
فإذا كنت فنانا أو مخرجا أو مبدعا بأي شكل وصرحت بتصريحات معينة مخالفة،
يمكن أن يجعل ذلك فيلمك يتوقف ويُسحب من الأسواق ويتم إقصاءك. كل ذلك مناخ
غير جيد، وكل ذلك يضايق المبدعين. وأنا بصفة شخصية كمبدع عندما أكتب أجد أن
لديّ مجلس إدارة داخل عقلي يتكون من: "الرقيب والدولة والأزهر وأمي وضميري
الإنساني ومن أقابلهم في الشارع والجمهور ومستخدمي تويتر"، لذلك كل مشهد
أكتبه من الممكن أن أعيده لأنني تخيلت أن واحدا من مجلس الإدارة رفضه.
وفي النهاية يمكن أن تكتب ما تريده، ولكن لن تجد منتجا ينتج
لك، ولن تجد رقيبا يوافق لك، أو جمهورا يدخل فيلمك، لذلك أنت تعمل في أضيق
المساحات. لذلك تعلمت مبدأ الرسائل الضمنية التي يمكن أن تُوضع داخل
الأفلام سواء وصلت للناس أم لا. |