تونسية وفلسطينية ضمن القائمة النهائية للأوسكار
"الرجل
الذي باع ظهره" و"الهدية" يمثلان العرب في أعرق الجوائز العالمية.
تمكّنت مخرجتان عربيتان، هما التونسية كوثر بن هنية
والفلسطينية فرح نابلسي، من بلوغ القائمة النهائية لجائزة أوسكار أفضل فيلم
أجنبي بصنفيه الروائي الطويل والقصير، ليمثلا العرب في أعرق الجوائز
العالمية التي سيعلن عن نتائجها في الخامس والعشرين من أبريل القادم بلوس
أنجلس.
تونس
- وصل
الفيلم الروائي “الرجل الذي باع ظهره” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية إلى
القائمة النهائية لجائزة أوسكار أفضل فيلم دولي، والتي تضم خمسة أفلام،
وهي: “جولة أخرى” من الدنمارك و”أيام أفضل” من هونغ كونغ و”عمل جماعي” من
رومانيا و”إلى أين تذهبين يا عايدة” من البوسنة والهرسك.
وكتبت مخرجة الفيلم باللغة الإنجليزية على صفحتها الشخصية
بفيسبوك “يشرفني أن أقدّم لتونس أول ترشيح للقائمة النهائية لأوسكار أفضل
فيلم دولي.. أمر لا يصدّق، لكنه حقيقي”.
وقالت بن هنية من مقر إقامتها في العاصمة الفرنسية باريس إن
ترشيح فيلمها حدث تاريخي غير مسبوق في السينما التونسية. وأضافت “إنه حلم
يتحقّق وإنجاز توصلنا إليه بمفردنا وبعرق جبيننا”.
تلاق عنيف
في الفيلم تصوّر بن هنية قصة الشاب السوري سام علي الذي
اضطر بعد تعرضه للتوقيف اعتباطيا إلى الهرب من بلده سوريا الغارق في الحرب
تاركا هناك الفتاة التي يحبها ليلجأ إلى لبنان.
ولكي يتمكن سام من السفر إلى بلجيكا ليعيش مع حبيبته فيها،
يعقد صفقة مع فنان واسع الشهرة تقضي بأن يقبل بوشم ظهره وأن يعرضه كلوحة
أمام الجمهور ثم يُباع في مزاد ممّا يفقده روحه وحريته.
ويؤدّي أدوار البطولة في الفيلم الممثل الكندي من أصل سوري
يحيى مهايني والفرنسية ديا ليان والبلجيكي كوين دي باو والنجمة الإيطالية
مونيكا بيلوتشي والفنانة اللبنانية السورية دارينا الجندي والتونسيين نجوى
زهير وبلال سليم، وحصد في 2020 و2021 العديد من الجوائز في مهرجانات
سينمائية عربية وغربية.
واستوحت بن هنية فيلمها من أعمال الفنان البلجيكي المعاصر
ويم ديلفوي الذي رسم وشما على ظهر رجل وعرض العمل للبيع. وقالت إن “البضائع
يمكن أن تنتقل بحرية في العالم ولكن ليس الأفراد، حتى عندما يتعرّضون لأبشع
أشكال الاضطهاد”.
وأكّدت المخرجة التونسية أنها حين انطلقت في كتابة الفيلم،
كانت مهتمة بآلية عالم الفن، فهو في نظرها عالم مذهل بالنسبة لها، ولديها
وجهة نظرها الخاصة حول الفن.
كوثر بن هنية: ترشيح
فيلم تونسي إلى الأوسكار أمر لا يصدّق، لكنه حقيقي
وعن ذلك تقول “ماذا يعني الفن المعاصر اليوم؟ ولماذا يقتصر
على النخبة. لديك مجموعة من الأشخاص السعيدين والقادرين على دخول هذا
العالم الذي تحوّل إلى سوق يستثمرون فيه أموالهم. فهو أكثر وأكبر من مجرد
فن. كنت كذلك مهتمة للغاية بمصير أولئك اللاجئين في أوروبا. لذلك جمعت بين
الموضوعين اللذين شغلا تفكيري، ممّا أتاح لي فرصة مواجهة هذين العالمين
المتباعدين”.
وتضيف “هما نقيضان، لا يجمعهما إلاّ مخيلتك كفنان تروي هذه
القصة، فماذا لو أصبح اللاجئ البسيط جزءا من عالم الفن، هل نستطيع فهمه
بشكل أفضل لأنه لا يقدّم وجهة النظر الرسمية والمعتمدة؟ هكذا تحدث الأمور،
فأنا لا أفكّر بالمواجهة، وإنما أفكّر بالمواضيع التي تشغلني وتشدّني.”
وهو ما أثارته المخرجة التونسية في فيلمها الأخير، حيث قبل
بطلها تحويل جسده إلى تحفة فنية كي يتمكّن من السفر إلى أوروبا ومن ثمة
تحقيق حريته المحلوم بها، ليدرك في الأخير أنه فقد حريته نهائيا بسبب
القرار الذي اتخذه، بعد أن أصبح مجرّد بضاعة بين أيدي سماسرة الفن.
ودعت المخرجة وكاتبة السيناريو الأربعينية سلطات بلدها إلى
تعزيز الاهتمام بالسينما، معربة عن أملها في أن يشكّل هذا “التميز حافزا
لمزيد من دعم السينما والإحاطة بالسينمائيين”. وقالت “غالبية أعمالنا
ننجزها تقريبا بمفردنا” في تونس.
وتنتمي بن هنية المولودة في 27 أغسطس 1977 في سيدي بوزيد
(وسط تونس) إلى جيل السينمائيين التونسيين الشباب الذين نقلوا إلى الشاشة
الكبيرة قضايا مجتمعية وسياسية كانت تخضع للرقابة المشددة قبل ثورة 2011
وتقديمها في طرح جريء، مساهمين في ظهور “سينما جديدة”.
وأخرجت بن هنية عددا من الأفلام القصيرة والوثائقية وحصد
فيلمها “على كف عفريت” إعجاب الجمهور خلال عرضه ضمن قسم “نظرة ما” في
مهرجان كان الفرنسي العام 2017، وهو يتناول قصة فتاة اغتصبها رجال الشرطة
وتكافح لتقديم شكوى في حقهم.
أما المنتج حبيب عطية، فلاحظ أن “السينما التونسية تتميّز
وتشقّ طريقها نحو فرض وجودها عالميا”.
وكان الممثل الفرنسي من أصل تونسي سامي بوعجيلة فاز مؤخرا
بجائزة سيزار أفضل ممثل (المعادل الفرنسي لجائزة الأوسكار) عن دوره كأب
يحاول إيجاد متبرّع بالكبد لابنه في فيلم “بيك نعيش” للمخرج التونسي مهدي
البرصاوي.
هدية مفخّخة
فرح نابلسي: جميل
أن يُعترف بفنك وعملك وعرقك ودموعك ويتم تقديرها
بدوره وصل فيلم “الهدية” للمخرجة الفلسطينية فرح نابلسي إلى
القائمة القصيرة لجائزة أوسكار أفضل فيلم قصير، والتي تضم خمسة أفلام أيضا،
أبرزها فيلم “صوت الإنسان” للمخرج الإسباني الشهير بيدرو ألمودوفار ومن
بطولة النجمة تيلدا سوينتون، والذي سبق وأن شارك بمهرجان فينيسيا السينمائي
الدولي العام الماضي.
وقالت نابلسي “إنه لأمر جميل عندما يُعترف بفنك وعملك الجاد
وعرقك ودمك ودموعك ويتم تقديرها. لذلك، بطبيعة الحال، أشعر بسعادة كبيرة
حيال ذلك، ومن الرائع مشاركة لحظات النصر في رحلتي، مع الآخرين.. أحاول
ألاّ أفكر بشكل خاص في جائزة الأوسكار نفسها، إلاّ أنه بالطبع من الرائع أن
يتم ترشيحي حتى ينتهي المطاف بأكبر عدد ممكن من الأشخاص لمشاهدة الفيلم،
وهو هدفي الأعلى والأساسي، وليس جائزة الأوسكار نفسها.”
وحول قصّة الفيلم، قالت نابلسي “يدور العمل حول رجل فلسطيني
مجتهد يعيش في الضفة الغربية، ينطلق مع ابنته الصغيرة لشراء هدية عيد زواج
لزوجته. ولكن عندما تعيش في ظروف نقاط التفتيش والجنود وحواجز الطرق، كما
هو الحال بالنسبة لجميع الفلسطينيين، فإن هذه المهمة البسيطة لا تكون بهذه
السهولة. إنها قصة بسيطة تتحدّث عن الواقع العبثي الموجود في فلسطين اليوم”.
و”الهدية” من بطولة صالح بكري في دور “يوسف”، ومريم كنج
“ياسمين” ومريم باشا “نور”. وفاز الفيلم بعدة جوائز من مهرجانات من بينها:
مهرجان كليرمون فيران للفيلم القصير، ومهرجان بروكلين للأفلام، والمهرجان
الدولي للأفلام القصيرة في بالم سبرينغ، ومهرجان كليفلاند للأفلام الدولية.
وسبق أن عرضت نابلسي الظلم الذي يختبره الفلسطينيون في
ثلاثة أفلام قصيرة أخرى هي “كابوس في غزة”، “اليوم أخذوا ابني” و”محيطات من
الظلم”.
ويقام حفل توزيع الدورة 93 للأوسكار يوم 25 أبريل المقبل في
هوليوود بمدينة لوس أنجلس ويبثّ عالميا عبر شبكة “إيه.بي.سي” التلفزيونية. |