كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

فيلم "الأيرلندي" رحلة داخل عقل قاتل بارد

صورة درامية لشهوة السلطة والمال والنزوع إلى السيطرة.

أمير العمري

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الثانية والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

يمكن القول إن فيلم “الأيرلندي” الذي عُرض في ختام مهرجان لندن السينمائي، هو أفضل أفلام مخرجه الشهير مارتن سكورسيزي وأكثرها إحكاما وتأثيرا وقوة، منذ فيلمه المرموق “رفاق طيبون” (1989). إنه ليس فقط عودة إلى أجوائه المفضلة داخل المافيا الإيطالية، بل وإلى العمل مع عدد من رفاق جيله من عظماء التمثيل في عصرنا.

يذكّرنا فيلم “الأيرلندي” The Irishman لمارتن سكورسيزي في بعض مشاهده، بما سبق أن شاهدناه في أفلام سابقة للمخرج ذاته مثل “رفاق طيبون” و”كازينو”، أو “الأب الروحي” لكوبولا، إلاّ أنه أقل اهتماما بالحبكة وبالإثارة، وأكثر تركيزا على شخصية بطله الفرد وكيف أصبح قاتلا محترفا يقتل دون تردد، بحيث يمكن اعتبار الفيلم دراسة في سيكولوجية قاتل محترف.

هذا فيلم يميل أكثر للتأمل، للتعمّق في عقل بطله وهو يتأمّل مسار حياته بعد أن أوشكت على نهايتها، إنه يحاول الاقتراب الحذر من التكوين النفسي للشخصية الرئيسية، أن يفهمها، دون الاحتفاء، على الصعيد البصري، بما تقوم به.

فهو ليس بطلا بل نقيض للبطل. ورغم نجاحه في مهامه القاتلة فهو مهزوم في داخله. بعد أن يبلغ من العمر أرذله، كما يقال، يظل عاجزا عن الاعتراف بالخطأ أو إبداء الندم. يعتبر رحلة حياته الحافلة بالقتل وسفك الدماء قدرا وجوديا كان مكتوبا عليه أن يعيشها!

سرد متعرج

لم يكن من السهل أن تقبل شركات هوليوود التقليدية بإنتاج “الأيرلندي” الذي ظل يداعب خيال سكورسيزي لسنوات، لذلك كان الخيار الوحيد إنتاجه عن طريق شبكة نتفليكس التي تعرض لمشتركيها عن طريق البث الرقمي، ليس فقط بسبب الميزانية الضخمة التي كانت مطلوبة للإنتاج (أكثر من 160 مليون دولار) بل والطموح الكبير لصنع فيلم ملحمي في ثلاث ساعات ونصف الساعة، أبطاله الرئيسيون من الرجال العجائز الذين يبدون أقل تهورا وأقرب إلى “الأجداد الطيبين” الذين يمكنك أن تجلس بين أيديهم لتستمع إلى ما يوجّهونه لك من نصائح بشأن الطعام الجيّد وطريقة الطهي بالخلطة الإيطالية، وكيف تضع القبعة على رأسك بحيث تكتسب نوعا من الأهمية، وكيف يجب أن تهتم أكثر بأسرتك وأبنائك.

يغيب عن الفيلم أيضا الدور النسائي الكبير الذي يضاهي أدوار أبطاله الرجال (على العكس من “كازينو” مثلا)، فالمرأة في حياة بطل الفيلم فرانك شيران (روبرت دي نيرو) كانت دائما على الهامش. وهي كذلك دائما في حياة رجال المافيا الذين لا يخلطون بين العمل والحياة الخاصة.

كتب سيناريو الفيلم ستيفن زاليان (“قائمة شندلر” لسبيلبرغ و”عصابات نيويورك” لسكورسيزي)، مستندا على ما ورد في كتاب “سمعت أنك تطلي المنازل” I Heard You Paint Houses للكاتب الأميركي المحقق السابق تشارلز براندت، الصادر عام 2004. وعنوان الكتاب والفيلم يشيران إلى طبيعة عمل القاتل المحترف الذي “يصبغ الجدران بالدماء”!

السيناريو يعتمد سردا متعرجا، ينتقل عبر 30 سنة، من الحاضر إلى الماضي، ليعود إلى الحاضر ويعبر فترات زمنية مختلفة في الماضي

يعتمد السيناريو سردا متعرجا، ينتقل عبر 30 سنة، من الحاضر إلى الماضي، ليعود إلى الحاضر ويعبر فترات زمنية مختلفة في الماضي، من حياة بطله الأيرلندي فرانك شيران في المافيا، وعلاقة المافيا برئيس اتحاد العمال في الولايات المتحدة جيمي هوفا، وكيف لعب فرانك دورا رئيسيا في تلك العلاقة، وخلال ذلك يعبّر الفيلم على موضوع الغزو الفاشل لكوبا الذي أمر به الرئيس كنيدي، وكيف شارك فرانك دون أن يعرف في نقل الأسلحة لفريق اللاجئين الكوبيين الذين شاركوا في عملية “خليج الخنازير” الفاشلة، ثم العلاقة المتوترة بين هوفا والبيت الأبيض، والإشارة إلى أن المافيا دعمت انتخاب كنيدي، لكنه تنكر لها وبدأ شقيقه روبرت كنيدي التحقيق مع عدد من رجالها بل ومع جيمي هوفا نفسه الذي اتهم بالتلاعب في أموال الاتحاد، وكان يقرض المال من صندوق تقاعد الأعضاء للمافيا، مقابل الحصول على مكاسب شخصية والاستعانة بهم لتصفية خصومه.

ويصوّر الفيلم اغتيال كنيدي من وجهة نظر بطله كما لو كان نتيجة مؤامرة اشتركت فيها المافيا. ويدعم سكورسيزي الفيلم بالكثير من الشرائط التسجيلية المصوّرة لتلك الأحداث وأهمها اغتيال كنيدي، مع رصد تأثيره على جيمي هوفا بوجه خاص الذي يصر على إعادة رفع العلم الأميركي فوق مبنى الاتحاد بعد أن كان مساعده قد أنزله في إبداء للحداد.

السير وسط الألغام

يبدأ الفيلم في الزمن المضارع، أي بعد 60 عاما من بداية الأحداث، وفرانك يروي لشخص لا نراه سوى قرب نهاية مسار حياته، من أول خدمته في الجيش الأميركي في إيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية، وكيف استطاع التحدث باللغة الإيطالية، وكيف أنه أصبح منذ تلك الفترة رجلا اعتاد طاعة أوامر رؤسائه، فهو يقتل الأسرى من جنود العدو دون تردّد، ثم يعود بعد الحرب إلى فيلادلفيا ليعمل كسائق شاحنة نقل لحوم لبعض المطاعم، قبل أن يتعرّف على راسل بافالينو (جون بيشي) أحد كبار زعماء المافيا ويصبح ذراعه اليمنى، ورجل المهام الخاصة، يجمع الإتاوات ويقتل المتقاعسين والمشاغبين.

عن طريق بافالينو يتعرف فرانك على جيمي هوفا (آل باتشينو) رئيس اتحاد عمال النقل القوي، وينتقل ليصبح مساعده وحارسه الشخصي ويرتبط معه بصداقة عميقة، يشاركه غرف الفنادق، يلتحق بالاتحاد ويصعد ليصبح أحد كبار المسؤولين النافذين فيه، لكن بعد أن يصل العناد والمكابرة بهوفا إلى تهديد مصالح المافيا يصدر القرار (من أعلى) بالتخلّص منه، ويتعيّن على فرانك نفسه قتله.

فرانك يروي ويعلّق بصوته من خارج الصورة بعد أن أصبح شيخا طاعنا في السن يقيم داخل أحد منازل المسنين. ويتّضح أنه يروي لقسّ كاثوليكي ما يعتبر اعترافا كاملا بما جنته يداه. لكنه رغم ذلك، لا يرى ما يمكن أن يدعوه للاعتذار أو إبداء التوبة وطلب الغفران.

يعذبه فقط انفصال ابنته الصغرى القريبة من قلبه (بيغي) عنه منذ سنوات طويلة، منذ أن أدركت مبكرا ضلوعه في عالم الجريمة، وخاصة بعد اختفاء صديقه الحميم الذي كانت تحبه جيمي هوفا وتركز الشبهات حول دور فرانك في تصفيته (اختفى هوفا في يوليو 1975 ولم يعثر قطّ على جثته، وظلت القضية مفتوحة حتى يومنا هذا). خدع فرانك صديقه هوفا وأقنعه بالاجتماع مع ممثلي المافيا لتسوية الخلافات بينهما، ثم أخذه إلى نزل مهجور وقتله وحرقت جثته في ما بعد.

يسأله القس عن سبب انغماسه في العنف وسفك الدماء، فيقول ببساطة إنه كان يريد أن يحمي أسرته. وعندما يسأله، حمايتها من ماذا؟ لا يملك إجابة، لكنه الشعور بعدم الأمان في مجتمع كل شيء فيه محفوف بالخطر.

صورة أميركا

إننا أمام صورة لأميركا؛ العنف والفساد والجريمة والرغبة الشرسة في السيطرة والعلاقة بين السياسة والجريمة المنظمة. أما فرانك فهو “عبدالمأمور”، رجل مطيع، يطأطئ رأسه، يستمع أكثر ممّا يتكلم، يميل للصمت والعمل في الخفاء. إنه “الأيرلندي” الذي يعمل في صفوف الإيطاليين من المرتبطين بالمافيا الصقلية.. غريب يبحث عن النجاة وهو يسير وسط الألغام. رجل المهام الصعبة الدموية لكنه أصبح يتمتع بحماية راسل بافالينو، إلاّ أن هوفا يحذره أيضا من احتمال أن يصبح هدفا لمن يتخيل أنه يحميه. ولكن حتى بعد موت كل من عرفهم وانقضاء أمرهم وبعد أن يتقاعد في منزله وحيدا، يزوره اثنان من الصحافيين يلحّان عليه أن يصرّح بما يعرفه عنهم، لكنه يمتنع.

أميركا هنا ليست أميركا الحلم الأميركي الوردي، بل الحلم الملوث بالدماء، الطموح السياسي الذي يستبد بشخص مثل هوفا فيدفعه إلى مصيره، والعلاقات المريبة بين البيت الأبيض والمافيا، والجشع الذي يدفع إلى المزيد من الجشع، وحياة اللهو والليل والانتقال من زوجة إلى أخرى، وتلك الحوارات العبثية الطريفة التي تميز أفلام سكورسيزي وتجعل الشخصيات التي نشاهدها تبدو بسيطة في عاديتها وتلقائيتها، كتلك التي تدور بين راسل بافالينو وزوجته التي تصر على التدخين داخل السيارة، بينما راسل يحدثها كثيرا عن أضرار التدخين؛ هل هي أكثر خطرا من سفك الدماء!

هذا أيضا فيلم عن الفرد في مواجهة آلة ضخمة أكبر منه كثيرا. يريد أن يشعر بالانتماء لهذا الكيان الأكبر (المافيا- السلطة- المؤسسة)، وأن يوفر حياة جيدة لأسرته، لكنه يشعر بالوحدة، فهو الغريب الذي ساقته الأقدار إلى عالم لم يكن منتميا إليه. وهو في هذا يذكّرنا بالاختيار الإنساني- الوجودي القدري لبطل “رفاق طيبون”. هذا الشعور بالوحدة يمتد معه إلى نهاية عمره عندما يذهب ويشتري النعش الذي سيرقد فيه رقدته الأخيرة.

براعة الإخراج

كعادة سكورسيزي، هناك اهتمام كبير بالحوار الطريف الخارج عن المألوف، وبمشاهد إعداد الطعام أو تناول الطعام في شهية حتى بعد القيام بعملية قتل، والمشاجرات ذات الطابع الطفولي نتيجة التشبّث بفكرة أو بسبب اختلاف الطباع وتناقض الشخصيتين (بين هوفا وخصمه اللدود توني الذي يتشاجر معه في السجن، ثم بعد ذلك عندما يتأخر عن موعده معه).

يركز سكورسيزي على النظرات وتعبيرات الوجه في لقطات قريبة جدا، لكنه يصوّر مشاهد القتل من بعيد في لقطات عامة، فهدفه ليس الصدمة، ويقطع الاندماج بواسطة التعليق البارد من خارج الشاشة، كما يكتب عناوين مضحكة على الشاشة تصف مصائر الكثير من الشخصيات وكيف ستلاقي مصيرها وتواريخ نهاياتها. يعتمد سكورسيزي أيضا على الكاميرا الثابتة واللقطات الطويلة والمشاهد التي تكشف لنا طبقة بعد أخرى من هذا العالم الغريب، كما تكشف التناقضات بين الطيبة الظاهرية والقسوة المفرطة، فالهدف هو المحافظة على “البيزنس” وليس مجرد الانتقام الشخصي.

أجواء الفترات المختلفة تتبدى بشكل شديد الدقة والإتقان، من الخمسينات إلى الستينات والسبعينات، من طرز السيارات، تصفيفات الشعر، الملابس، واجهات المحال التجارية والحركة في الشوارع. وينجح مدير التصوير المكسيكي رودريغو بريتو للمرة الثالثة مع سكورسيزي بعد “ذئب في وول ستريت” و”الصمت” في إضفاء ملامح الفترات القديمة من خلال توزيع الضوء في المشاهد الداخلية، وغلبة الألوان الداكنة (البني بدرجاته والأصفر).

وقد استخدم الحيلة الرقمية الحديثة لجعل الممثلين الثلاثة أصحاب الأدوار الرئيسية الثلاثة، الذين قاموا بأدوارهم في فترات سابقة من العمر (روبرت دي نيرو، آل باتشينو، جون بيشي)، يبدون أصغر سنا بالتخفيف من تجاعيد الوجه.

الفيلم يقدم صورة لأميركا؛ العنف والفساد والجريمة والرغبة الشرسة في السيطرة والعلاقة بين السياسة والجريمة المنظمة

ولا شك أن الأداء التمثيلي يعتبر عاملا أساسيا من عوامل جمال الفيلم. هنا يعود روبرت دي نيرو للعمل مع صديقه القديم سكورسيزي بعد غياب 15 عاما. إنه يحمل عبء الفيلم بأكمله فهو يظهر في غالبية المشاهد، ويتقمص شخصية فرانك شيران بنفس طريقته المعروفة في التقمّص الداخلي الذي يعتمد على معايشة الشخصية والنفاذ إلى سيكولوجيتها الخاصة، في أداء يجمع بين التحكم في حركات الجسد واليدين وتعبيرات الوجه ونبرة الصوت؛ بين التردّد والتلعثم والنغمة الاعتذارية والضعف الظاهري الذي يخفي قسوة مفرطة، وابتسامة الطفل والوجه الذي يمكن أن يُدهش لمرأى امرأة تعبر الطريق، يعرف متى يصمت ومتى يتكلم ومتى يغضب ويثور.

ينافس دي نيرو بقوة بل ويكاد ينتزع منه الأضواء آل باتشينو في دور جيمي هوفا. يبدو حينا واثقا بنفسه حد الغرور الذي يصل إلى الحماقة، وحينا آخر، يبدو طفلا كبيرا ينتشي وهو يرى أنصاره يهتفون باسمه في مؤتمرات اتحاد العمال، لكن حياته تهتزّ تماما بعد أن يرغم على التخلي عن رئاسة الاتحاد مقابل عفو رئاسي من الرئيس نيكسون.

 ومن ضمن ملامح الأداء عند آل باتشينو أيضا المغالاة والكاريكاتورية والنزعة الاستعراضية. فهذا رجل “الشو”، الذي تؤدي به حماقته إلى مصيره التراجيدي.

جون بيشي يعود من اعتزاله، ليدهشنا بسحر أدائه البسيط الواثق الهادئ تماما، فيبدو وكأنه يمنح رفيقه فرانك الحكمة التي يحتاجها، يوجهه ولكن لخدمة مصالحه دائما، وينصحه وكأنه يحذّره، ويكفي أن يشير إليه من طرف عينه لكي يفهم الآخر المطلوب منه.

الأيرلندي” احتفال كبير بالسينما وبفن التمثيل، يجعلنا نشعر بأننا نشاهد أوبرا عصرية في عالم الجريمة. ويظل المايسترو دائما هو مارتن سكورسيزي.

كاتب وناقد سينمائي مصري

 

العرب اللندنية في

14.10.2019

 
 
 
 
 

أبرز مراحل تطور شخصية الجوكر عبر تاريخ السينما والتلفزيون

حمزة الترباوي

احتفظ فيلم الحركة والجريمة "جوكر" للأسبوع الثاني بصدارة إيرادات السينما في أميركا مطلع الأسبوع، محققاً 55 مليون دولار. الفيلم بطولة خواكين فينيكس، وزازي بيتز، وروبرت دي نيرو، وفرانسيس كونروي، ومن إخراج تود فيلبس.

وجاء في المركز الثاني فيلم الرسوم المتحركة الجديد "عائلة أدامز"،  بإيرادات بلغت 30.3 مليون دولار. تلاه فيلم الخيال العلمي الجديد "رجل الجوزاء" (جيميني مان) بإيرادات بلغت 20.5 مليون دولار. 

ويعيدنا نجاح "جوكر" إلى هذه الشخصية الإشكالية، التي تطورت عبر التاريخ من خلال أعمال مختلفة، إذ شاهد الجمهور شخصية الجوكر عبر العديد من المنصات، من المسلسلات إلى الأفلام، مروراً بالكرتون وألعاب الفيديو. وأُحصي أكثر من 250 إنتاجاً تعرض شخصية الجوكر عبر التاريخ. وتطورت هذه الشخصية عبر العقود والسنوات، حتى صارت تلك الشخصية القاتمة التي ظهرت في فيلم Joker الأخير. 

وكأن أول ظهور لهذه الشخصية يعود إلى 1966 عندما تم إدراجها في مسلسل تلفزيوني حول "باتمان"، بالإضافة إلى فيلم لعب دور الجوكر فيه سيزار روميرو.

وعام 1968 ظهر الجوكر في مسلسل الكرتون The Adventures of Batman، والذي أدى فيه دور الجوكر لاري ستورتش. ثم تعدد ظهور الشخصية في أعمال كرتون أخرى مثل The New Adventures of Batman وGalactic Guardians وقائمة طويلة.

عام 1989، اختار المخرج تيم بيرتون الممثل الحائز على جائزة أوسكار، جاك نيكولسون، ليلعب دور "الجوكر". كانت نسخة أكثر قتامة وحقق الفيلم أكثر من 400 مليون دولار في شباك التذاكر العالمي. 

ظهر عنصر تشويقي في فيلم  Batman Begins عام 2005، لتظهر قوة الشخصية فعلاً في فيلم The Dark Knight عام 2008، وكانت هذه الشخصية الأشهر في تاريخها. 

ولعب دور الجوكر في الفيلم الممثل هيث ليدجر، الذي أتقن الفوضى والشر والدمار، وفاز بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد عن أدائه،  لكن بعد وفاته. 

ظهرت شخصية الجوكر في فيلم Suicide Squad عام 2016، وكانت من أداء جاريد ليتو. وكان خليطاً بين طبيب نفساني ومختل عقلياً. 

ثم جاءت الشخصية الأخيرة، الجوكر في فيلم خاص به من دون أخيار أو أبطال آخرين. وفي هذا الفيلم الذي تقمص فيه الممثل خواكين فينيكس، دور المهرج آرثر فليك، والذي يتحول من رجل يكافح من أجل العثور على طريقه في مجتمع مدينة غوثام، إلى قاتل مجنون يسعى للدمار والفوضى.

 

العربي الجديد اللندنية في

14.10.2019

 
 
 
 
 

بعد ترشيحه لـ"أوسكار".. "Parasite" في دور العرض الأمريكية

كتب: نورهان نصرالله

طرح فيلم "Parasite" للمخرج بونج جون هو، الحاصل على السعفة الذهبية بالدورة السابقة من مهرجان كان السينمائي، في دور العرض السينمائي بأمريكا الشمالية، وحقق إيرادات بلغت 376 ألف دولار، في 3 سينمات أمريكية، وذلك وفقا لما نشره موقع مجلة "فارايتي".

وعرضت الشركة الموزعة الفيلم في "ذا لاندمارك" و"أركلايت هوليوود" في لوس أنجلوس، بالإضافة إلى مركز "IFC" في نيويورك، حيث حطم الرقم القياسي الافتتاحي الذي حدده "Boyhood" لعام 2014، وسيجرى عرض الفيلم في سينمات إضافية في نيويورك ولوس أنجلوس الأسبوع المقبل، بالإضافة إلى افتتاحه في بوسطن وشيكاغو وسان فرانسيسكو وواشنطن العاصمة.

كما رشحت كوريا الجنوبية الفيلم لتمثيلها في مسابقة أوسكار الـ92 في فئة أفضل فيلم عالمي.  وتدور أحداث الفيلم في إطار من الكوميديا السوداء، فى 133 دقيقة، حول عائلة فقيرة مكونة من 4 أفراد، عاطلين عن العمل، يبذلون قصارى جهدهم لجمع أموال تساعدهم على البقاء في منزلهم المتواضع، ولكن عرض غير عادي يدفعهم إلى الاحتيال عندما يزور أحد أفراد العائلة شهادة لتمكن من إعطاء دورس لغة إنجليزية لابن عائلة أرستقراطية ثرية، لتبدأ بعدها سلسلة من الأحداث التي لا يمكن السيطرة عليها.

 

الوطن المصرية في

14.10.2019

 
 
 
 
 

الجوكر: عن جنون المجتمع الذي يفقد القدرة على تصحيح المسار

أحمد زكي

ينتمي فيلم الجوكر إلى نوع يمكن وصفه بـ"الاستقطابي"، إما أن تحبه وإما أن تكرهه، إما أن تجده مزعجًا وإما أن تجده تجربة سينمائية ممتعة.

رغم مضي ثلاثة عقود، لم أنس وقائع الليلة التي شاهدت فيها فيلم Batman للمخرج الأمريكي "تيم بيرتون" في السينما.

شهدت تلك الليلة بداية وعيي بطقوس صالة السينما. قبلها بأسبوع شاهدت فيلم "الإمبراطور الأخير" للمخرج الإيطالي، برناردو برتلوتشي، وبعدها بأسبوع شاهدت فيلم "إمبراطورية الشمس" لستيفن سبيلبيرغ، ثم فيلم "ذهب مع الريح" للمخرج، فيكتور فلمينج، والذي عرض لأول مرة عام 1939.

لفترة طويلة من الزمن ظلت الأفلام الأربعة، على تنوع مواضيعها، الأساس الذي يحكم قدرتي على تقييم الأفلام.

لكن ليلة مشاهدة فيلم باتمان ظلت تحمل ذكرى خاصة. ربما لارتباط الفيلم بفكرة الإبهار بحجم شاشة السينما الكبيرة. ومن بين كل مشاهد الأكشن التي ظهر فيها باتمان والذي لعب دوره "مايكل كيتون" احتفظت ذاكرتي بمشاهد "جاك نيكلسون" في دور الجوكر.

أضفى "نيكلسون" على الشخصية ملمحًا كوميديًا لطيفًا، جعل الشر في الفيلم ملائمًا لطبيعة قصص الكوميكس التي تعتبر باتمان عملاقها الثالث إلى جانب شخصيتي سوبرمان وسبايدرمان.

في الأفلام اللاحقة من سلسلة "باتمان" بدا الفراغ الذي تركه "جاك نيكلسون" كبيرًا، حتى جاء الممثل الراحل "هيث ليدجر" في عام 2008 وأخذ شخصية الجوكر إلى مناطق أكثر سوداوية ودرامية من "نيكلسون"، لكن ليدجر ظل وفيًا لملامح الشخصية كما وردت في قصص الكوميكس التي تناولتها.

تحذير: إذا لم تشاهد الفيلم وتنوي مشاهدته لا تكمل القراءة. أما إذا لم تشاهد الفيلم ولا ترغب، فالأمر متروك لك.

لا يمكن اعتبار فيلم The Joker الذي لعب بطولته "واكين فينيكس" وأخرجه "تود فيلبس"، استكمالًا لمسيرة أفلام باتمان لأنه لا ينتمي إلى قصص الكوميكس المعتادة.

فالفيلم أعاد زيارة جذور قصة باتمان من خلال شخصية الجوكر حيث يظهر كشاب محطم، يعاني من مشاكل نفسية وعقلية، ويسعى لمقاومة الجنون الذي يحيط به في مدينة "جوثام" خلال ثلاث مراحل: تبدأ من تجنب العنف، ثم ممارسته، وصولًا لقيادته.

هذه المراحل هي التي جعلت شخصية الجوكر هذه المرة أكثر قربًا من مساحات الدراما في الواقع، وبالتالي أكثر بعدًا عن طريقة قصص الكوميكس في رسم الشخصيات الرئيسية.

الجوكر هذه المرة ليس الشرير الذي اعتدنا رؤيته في أفلام الكوميكس، وإنما نسخة معاصرة من شخصية "ترافيس بيكل" التي جسدها روبرت دي نيرو في فيلم "Taxi Driver" لمارتن سكورسيزي عام 1976. شخصية تعاني الوحدة والعزلة وتقاوم واقعها القاسي من خلال تخيل علاقات ومواقف لم تحدث. لكن هذه المرة فإن شخصية "آرثر فليك"، التي تحولت إلى الجوكر لاحقًا، هي شخصية أكثر اضطرابًا من شخصية "ترافيس بيكل". شخصية قادرة على إثارة الرعب من خلال ردود أفعال غير متوقعة، مثل الرقص في حمام عمومي بعد قيامها بأول جريمة قتل في المترو، بدلًا من محاولة التخلص من آثار الجريمة والهرب.

من المفارقات أن مخرج الفيلم "تود فيلبسكشف أن هذا المشهد لم يكن مكتوبًا على النحو الذي شاهدناه في صالات السينما.

كان من المفترض وفق السيناريو أن يذهب آرثر إلى حمام عمومي ويغسل وجهه من مساحيق وجه البهلوان، وهو يتصبب عرقاً، وذلك كي يستطيع الهرب من كاميرات المراقبة بعد قتل ثلاثة شبان في المترو. لكن قبل تصوير المشهد، قام تود فيلبس بإسماع واكين فينيكس الموسيقى المصاحبة للمشهد والمكتوبة قبل تصوير الفيلم، على غير العادة، فقرر واكين بالتنسيق مع تود أن يرقص في الحمام كرد فعل لشخصية آرثر واحتفالها بارتكاب أول جريمة قتل.

خلال رحلة شخصية الجوكر وصراعاتها مع الذات ومع المدينة، نتابع تقاطع مصائر الجوكر/آرثر فليك مع "توماس واين"، الملياردير الذي يريد الترشح لمنصب عمدة مدينة "جوثام". لا يظهر توماس باعتباره شخصية الفيلم الطيبة ووالد شخصية "بروس واين" الذي سيتحول لاحقًا إلى باتمان، وإنما يظهر كشخص يعتقد أن سبب فقر وبؤس سكان المدينة هو استسلامهم لواقعها.

يبدو توماس واين خلال مشاهده في الفيلم كشخص شبيه برموز النخبة المالية المنفصلة عن واقعها والتي تؤمن أن الفقر في المجتمع سببه سلوك الفقراء وليس اختلال معادلات توزيع الثروة أو حجب فرص الحراك الاجتماعي عن قطاعات واسعة من المجتمع، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على آرثر الذي يتوقف عن تلقي جلسات العلاج والدعم النفسي التي كان يتلقاها بعد إيقاف التمويل من قبل سلطات مدينة جوثام.

هنا يقسّم الفيلم مدينة جوثام إلى عالمين؛ عالم النخبة التي تقود المدينة أو تلك التي تسعى لقيادتها ويمثلها توماس واين، وعالم طبقة المهمشين والفقراء ويمثله آرثر فليك.

يظهر في الفيلم أيضاً روبرت دي نيرو في دور "موراي فرانكلين"، مذيع برامج التلفزيون الليلية التي تعتمد على اسكتش "ستاند آب كوميدي" قصير ثم مجموعة من الحوارات. في الفيلم يزور دي نيرو من خلال دوره شخصية "روبيرت بابكين" في فيلم "King Of Comedy" الذي أخرجه مارتن سكورسيزي عام 1983.

لكن الاختلاف بين الشخصيتين يأتي من خلال النهاية الصادمة لشخصية موراي فرانكلين، والتي تجد في السخرية من المهمشين مثل آرثر فليك وسيلة لإضحاك الجمهور. يقتل آرثر موراي أمام الجمهور وعبر شاشات التلفزيون بعد ملاسنة معه بسبب اعترافه بقتل الشبان الثلاثة في المترو.

هذا المشهد الصادم يقودنا إلى مشهد النهاية حين يخرج آرثر من سيارة الشرطة التي كانت تقله بعد اصطدامها بسيارة إسعاف يقودها رجال يرتدون قناع الجوكر.

يقف آرثر/الجوكر على إحدى السيارات المحطمة ويحيي الجماهير الغاضبة التي بدأت في حرق المدينة وهي ترتدي قناع الجوكر.

نهاية الفيلم بدت وكأنها الإعلان الرسمي لميلاد عصر الجنون والعنف الذي سيجتاح جوثام سيتي، والتي ستحتاج بطلًا خارقًا من أبنائها لإنقاذها وهو "بروس واين" المتخفي وراء قناع باتمان.

ومن الطريف ملاحظة أن بروس واين، ابن الطبقة الغنية الذي يأتي في مهمات لإنقاذ المدينة، لا يعيش فيها وإنما في قصر معزول يقع خارجها. بينما سوبرمان يعمل كمصور صحفي واسمه "كلارك كنت" ويعيش داخل مدينته ميتروبولس، التي لا تبعد كثيرًا عن جوثام سيتي. أما سبايدرمان أو بيتر باركر فهو ابن الطبقة العاملة في نيويورك.

لا يقدم فيلم الجوكر تشريحًا لجذور العنف والجنون لدى شخصية الجوكر فقط. ولكن يقدم حالة تفسر صعود نزعات الغضب والعنف في المجتمعات التي تفقد القدرة على إعادة تصحيح مسارها ذاتيًا، خاصة عندما تفقد هذه المجتمعات قدرتها على نقل صراعاتها الطبقية إلى ساحات الصراع السياسي السلمي. وبالتالي يقدم الفيلم محاولةً لتفسير انحياز قطاعات من المجتمعات الغربية للتيارات الشعبوية المتطرفة.

ينتمي الفيلم إلى هذا النوع الذي يمكن وصفه بـ"الاستقطابي"، إما أن تحبه وإما أن تكرهه، إما أن تجده مزعجاً وإما أن تجده تجربة سينمائية ممتعة.

بالنسبة لي كانت مشاهدة الفيلم تجربة صعبة ومربكة، فقد شعرت وكأن الفيلم قد انحاز لفكرة تدمير المدينة دون أن يقدم بديلاً للحفاظ عليها أو إعادة بنائها بشكلٍ مغاير عن ماضيها. شعرت أيضاً أن الفيلم أدان النخبة المالية والسياسية ولكنه في نفس الوقت لم يعلن انحيازاً للفقراء والمهمشين. هذه المشاعر المزعجة هي التي جعلت الفيلم يبدو بالنسبة لي كرسالة تبرير لصعود التيارات الشعبوية، والتي أنتجت ظواهر سياسية مثل دونالد ترامب.

المخرج الأمريكي مايكل مور، على سبيل المثال، وجد أن الفيلم صرخة ضد "المؤسسة الحاكمة" وضد البنوك والمؤسسات المالية التي قامرت بأموال الطبقة الوسطى، وصرخة ضد السياسات التي تجعل ملايين المواطنين الأمريكيين بلا تأمين صحي، ورسالة احتجاج ضد الإعلام الذي يوجه الجماهير لصالح "المؤسسة"*.

على الرغم من المشاعر التي انتابتني بعد مشاهدة الفيلم، لكن ذلك لم يؤثر على تقديري العميق لأداء واكين فينيكيس في دور الجوكر، والذي بدا وكأن روح آرثر فليك قد اختطفته وجعلته يقدم شخصية مضطربة، باردة، قاسية، هشة، مزعجة، رقيقة، حنونة، وعنيفة في نفس الوقت.

موسيقى "هيلدر جوناناتير" عكست السمات المتناقضة لشخصية الجوكر ببراعة. ربما لأنها ألفت قبل صناعة الفيلم. ثم المفاجأة الكبرى التي تمثلت في قدرة "لورانس شير"، كمدير للتصوير، وتود فيلبس في إخراج فيلم شديد القتامة والسوداوية والرعب بعد أن تعاونوا من قبل في صنع سلسلة أفلام كوميديا العبث "The Hungover".

إذا كنت من محبي دخول السينما لمشاهدة الأفلام الممتعة والترفيهية، فإن هذا الفيلم لن يحقق لك ذلك، فهو فيلم بعيد عن المتعة والترفيه المصاحب لأفلام الكوميكس والتي أصبحت الأكثر اجتياحاً لصالات السينما حول العالم. لكن إذا كنت من محبي الغوص في الشخصيات المركبة فإن هذا الفيلم سيلبي لك ذلك، حتى وإن بدا ثقيلًا على النفس.

* المؤسسة: هي نخبة أو مجموعة مهيمنة تملك السلطة أو مصادر القوة والسيطرة داخل الأمة، وهي أيضًا مجموعة اجتماعية مغلقة تختار أعضائها بنفسها، سواء داخل الحكومة أو في القطاعات التي تهيمن على الأنشطة الأخرى في المجتمع.

 

موقع "منصة" في

15.10.2019

 
 
 
 
 

الجوكر ونظرة على المجتمع الأمريكي بلا رتوش

منال بركات

"الجوكر" فيلم يرضي العديد من الأذواق الفنية في آن واحد، نجح صانعه في إرسال إشارات عديدة للمتلقي عما يدور حولنا فى العالم من قسوة العيش وصعوبة الحياة التي نسجت بيد رجال المال والأعمال والسياسين.

يخدعك الفيلم من الوهلة الأولى بمشهد المهرج الذي يحمل لوحة للإعلان عن منتج ما، فتتوهم الإبتسامة من الأحداث المتتالية، ليصدمك الواقع الذي تراه بمجموعة من الصبية تخطف اللأفته"أكل عيش" المهرج وتجري وسط الطرقات ،وهويصرخ مستنجدا بمن حوله ليوقفوا الصبية ولكن هيهات كل مشغول بحاله، ويستدرج الصبية المهرج إلى أحد الأزقة، وينهالوا بالضرب عليه، بحجة "أن هذا الرجل ضعيف لا يمكنه عمل شىء". تلك هى الإشارة الأولى و"أفان تتر" أو ماقبل بداية تتر العمل الفني.

يختم المخرج اللقطة بانبطاح الإنسان مع آلآمه وحيدا على الأرض وبجواره اللافته مهشمه. التى هي في الأساس مصدر رزقه.

ذكاء كاتب السيناريو هنا أنه لم يحدد زمن بعينه للمدينة،إنما تركه للمشاهد، لم يتعرض للمرحلة الراهنة بل اشار إلى فترة مجهلة، وإن كان هناك من يري إنها الثمانينيات من القرن الماضي في إشارة لإسم السياسي "توماس وين" الذي يخوض الانتخابات. في تلك المرحلة.

صناع الفيلم ادركوا منذ البداية التخبط الذي يعيشه البسطاء فكان رهانهم عليه، فأشاروا إلى الخيط الرفيع بين المرض الذي يتمكن من الإنسان بسبب كثرة الإحباط وبين الجنوح للجريمة، فبطلنا "خواكين فينيكس" يظهر في المشهد التالى يجلس أمام طبيبة نفسية، متسائلا: هل أنا فقط، أم أن الوضع أكثر جنونا بالخارج. وتوضح له الطبيبة سر الأزمة التى يعاني منها هو والأخرين بجمل سريعة لا تشفي مريض، الأمر حاد بالتأكيد، هم يعانون ومنزعجون ويبحثون عن عمل إنها أوقات عصيبة.

وعلى الجانب الآخر من حياة "أرثر فليك"أو خواكين الإنسانية نجده يعيش في بيت كئيب، يعتني بأمه العجوز المريضة التى تتنظر خطابا من رجل خدمته ثلاثين عاما، ذلك السياسي البارز "توماس وين"، كما تقول الأم في سياق الأحداث إنه مدين لنا بالرد علينا ومساعدتنا، ونكتشف مع الأحداث أن أرثر ولده الذي يتبرأ منه
"
أرثر" هو أبن لكثير من السيدات، الكادحات من أجل الحياة وعلى الطرف الآخر من المدينة، نجد ابن "توماس وين" الصغير الذي يعيش محاطا بأسوار عالية وحراس يدفعون عنه الشرور
.  

تلك الخيوط هى ما نسجت الحياة الصعبة أمام "جوكر" 2019، صعوبة العثور على العمل والحياة الكريمة والمفارقة هنا أن مهنته الضحك وإضحاك من حوله فهو يعجز عن إسعاد نفسه ويصنع الماسك الذي يرسمه كل ليلة دونما أن يتأثر به في الواقع، وهو ما عبر عنه بعبارة صغيرة لم أسعد في حياتي، بعدما طحنت المدينةالبشر وانعزال الناس بعضهم عن البعض تحت الضغط اليومي للحاجة.  ونفاق السياسيين ورجال المال.

عكس السيناريو على مدار 40 دقيقة  الأولى معاناة الجوكر ومن حوله من البسطاء في جو ملئ بالكآبة والشجن، مستخدما إضاءة قاتمة لتضفي على الأحداث مصداقية ومعايشة.  وتقع الجريمة الأولى من الجوكر داخل مترو الأنفاق، لثلاثة مستثمرين للول ستريت، مثقفين وصالحين كما نعتهم رجل السياسة "توماس وين" مضيفا هذا الشعور المعادي للأغنياء في المدينة.

وأمام أكاذيب السياسي ورجل الإعلام تتفجر طاقة الجنوح داخل الجوكر لتتحول إلى طاقة مدمرة تكبر يوما بعد يوم، ويزيد الأمر سوءعندما تبلغه الطبيبة المعالجة أن المركز الذي يتلقى فيه العلاج النفسي سيغلق بعدما توقف رجال الآعمال عن دعمه. وهو الذي يتجرع سبع أنواع من الأدوية المهدئة ليتحمل قسوة المدينة.

وفي تصاعد درامي حاد تتطور شخصية الجوكر ليصبح قاتلا مضحا مبكيا، يغتال مذيع البرانامج الكوميدي على الهواء ويقتل جارته التى تبادل معها الغرام، ويشعل حربا سكنة داخل البسطاء لاستمرار الحياة.

الفكرة التى قدمها الفيلم ليست بالجديدة إن كان التناول والعرض جاء ليجعل المشاهد متعاطف مع الجاني وليس المجني عليه، فعندما يتعرف البوليس على الجوكر، يدافع عنه البسطاء و ينهالوا على رجل الشرطة بالضرب. من هنا نتفهم الموقف الذي احترزت منه شرطة لوس أنجلوس عندما تم عرض الفيلم في دور العرض خوفا من إشعال نارا خامدة.

وكا أشرت في بداية الحديث،نجح تود فليبس مخرج الفيلم  وصناعه في أن يرضي جميع الأذواق فمن يبحث عن صورة ومشاهده جيدة يجد ضآلته ومن يبحث عن عمقا وفكرا لمجريات الحياة يجده حتى الساسة والإعلاميين يجد من يدق لهم ناقوس الخطر.

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

15.10.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004