كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان الجونة الأول:

واحة سينمائية بين الصحراء والبحر

هوفيك حبشيان - الجونة - المصدر: "النهار"

مهرجان الجونة السينمائي

الدورة الأولى

   
 
 
 
 

يذكر تييري فريمو في كتابه "اختيار رسمي"، كيف ان المياه اضطلعت بدور مهم في بناء كيان المهرجانات الأعتق في العالم، من كانّ إلى البندقية فلوكارنو. في الجونة، البلدة التي أسستها أسرة ساويرس قبل أكثر من عقدين (تقع على بُعد 22 كلم شمال الغردقة)، مياهٌ ورمالٌ تتداخل بتناغم وانسجام. البقعة الجغرافية برمتها أشبه بواحة وسط الصحراء. ما الذي أوصل السينما إلى هذه الأرض القاحلة؟ هذا ما يحاول المرء فهمه فور وصوله إلى الجونة للمشاركة في الدورة الأولى من مهرجانها الذي دشّن نسخته التجريبية الأولى ليلة الجمعة الفائت.  

هكذا صحيفة مصرية عرّفت المهرجان الوليد: عين على السينما وأخرى على السياحة. هذه النظرية في ان الفنّ والثقافة يساهمان في تنشيط السياحة وتلميع صورة الجمهورية، لم يتم التأكد يوماً من صحّتها، وإن كانت "عدة النصب" للكثير من التظاهرات الثقافية العربية التي رفعت هذا الشعار لتبرير تبذير المال العام. في الجونة (تمويل خاص)، قد تأتي هذه النظرية بخلاصة مرضية، كونها أصلاً بلدة سياحية تعتاش من السيّاح الذين يسمّرون جلودهم تحت أشعة الشمس الحارقة، ويملأون الـ2200 غرفة التي لا تنتظر سواهم. فمنذ الإعلان الرسمي عن "الجونة" واستضافة حفنة من الصحافيين على يخت الملياردير نجيب ساويرس (مؤسس المهرجان مع الممثلة بشرى) في كانّ الماضي، تكرر اسم الجونة مئات المرات في صحف ومواقع غربية، والحبل لا يزال على الجرار. هذا الانتشار السريع نسبياً ليس فقط بسبب الموازنة الكبيرة التي وظّفها ساويرس في المهرجان، انما أيضاً بسبب العلاقات التي نسجها مدير الجونة العراقي انتشال التميمي في السنوات الأخيرة، منذ تاريخ تسلّمه ادارة البرمجة العربية في مهرجان أبو ظبي وقبله "روتردام للفيلم العربي".  

في الحقيبة التي وزّعها المهرجان على الضيوف (نحو 700 مدعو، بينهم 220 صحافياً) ثمة منشفة وقبّعة. أدركت الإدارة مبكراً انه في منتجع كالغونة، حيث لا يُمكن المرء مشاهدة أكثر من 3 أفلام يومياً حداً أقصى، ثمة وقت يخصصه بعض الضيوف للسباحة في البحر الأحمر والتنزه والجلوس في مقاهي الواجهة البحرية، ثم يحملون كلّ تلك اللحظات إلى غيرهم. وإذا كانت السينما دخيلة على الجونة، ففي السنوات الأخيرة، اشتهرت البلدة بأنشطة موازية (بعضها وضع الجونة على الخريطة)، أهمها أنواع عدة من الرياضات المائية: غطس وتزلج على المياه واسكواتش. ووهذه الأخيرة هي الرياضة التي يشغل أحد لاعبيها (عمرو منسي) منصب المدير التنفيذي في المهرجان.

تصريح الممثل الأميركي مايكل مادسن في زيارته الخاطفة للجونة، ضرب عصفورين بحجر واحد. فهو طمأن ودعا. قال: "عندما تمت دعوتي إلى هنا، الكلّ قال لي ان الذهاب إلى هناك خطر (ضحك). يحب أن أقول إنه ليس خطراً".

حفل الافتتاح جرى في فضاء مفتوح، مسرح المارينا الذي يستوعب نحو ألف شخص. ديكور باذخ جاء على نسق المهرجانات العربية من الجيل الأخير، الخليجي تحديداً. آنسات استقبال يُجبنَ بالإنكليزية وإن خاطبتهن بالعربية. ضيوف يمثلون المجتمع المخملي في مصر. أبّهة وأناقة. فيلم الافتتاح، "شيخ جاكسون" لعمرو سلامة، سبقه صيته. فهو العمل الذي رشّحته نقابة المهن السينمائية لتمثيل مصر في الـ"أوسكار"، قسم أفضل فيلم أجنبي. الترشيح أغضب مجدي أحمد علي، مخرج "مولانا"، الذي كان يتوقع أن يتم ترشيح فيلمه.  

إثنان تمّ تكريمهما ليلة الافتتاح: الكوميدي المصري عادل إمام الملقب بـ"الزعيم"، والناقد والصحافي اللبناني إبرهيم العريس. "خبّص" إمام كالعادة، عند تسلّمه جائزته، مستعيداً لازماته الشوفينية الشهيرة ("نحن البلد الوحيد في المنطقة الذي عندنا فنّ تراث بديع جميل"، الخ). مداخلته كانت طويلة. واستغل المنبر لتوبيخ أحمد الفيشاوي، فقال ان "أحمد ده كدّاب قوي"، بعدما كان الممثل الشاب قد قال عن إمام انه يشبه عزت أبو عوف، "الأقرع" بحسب الزعيم!

عندما اعتلى إبرهيم العريس المسرح لتسلّم “النجمة”، قال انه شعر بروح طلعت حرب وهو يلفّ شوراع الجونة. "أشم رائحة سينمائية حقيقية في هذا المهرجان منذ انطلاقه. أشعر بسعادة لأنه يتم تكريم النقد السينمائي من خلالي، وبالتالي تكرَّم مجموعة من الناس خدموا السينما وهم في الظل دائماً. هؤلاء مارسوا هذه المهنة التي لا يريدها أحد وتكاد تنقرض الآن". 

شخصية سينمائية ثالثة ستُكرَّم ليلة الختام: الممثل الأميركي فورست ويتكر الذي لم يضع أي شروط تعجيزية ككثر من النجوم مقابل مشاركته في مهرجان عربي وليد. ذلك ان اسرة ساويرس سبق ان تبرعت لإحدى مؤسساته الخيرية. ويتكر سيستقل طيارة سياحية من الولايات المتحدة، ثم سيأتي بطيارة خاصة من فرانكفورت. عليه، علمنا ان التكريمات ستستمر على هذا المنوال في الدورات المقبلة: مصري، عربي، وأجنبي.

أميركي آخر يزور الجونة اليوم: أوليفر ستون، المخرج الذي طالما شاكس النظام الأميركي. عملان يُعرضان له: "سنودن" و"حوارات بوتين" (4 أجزاء حققها للقسم الوثائقي في محطة "شوتايم")، وقد اشترط ستون عرض العملين معاً لحضور المهرجان. طوال سنتين، سجّل مخرج "بلاتون" خمسين ساعة حوارات مشوقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كاسراً الجليد الذي يلف شخصيته.  

الحفل شابته شوائب تنظيمية، على الرغم من الجهد الكبير الذي بُذل لخلق هذا الحدث في بيئة لا تتوافر فيها الكوادر البشرية والبنى التحتية التي تتيح احتضان مثل هذا المهرجان الطموح الذي لا يزال أمامه طريق طويلة لفرض حضوره بين عدد كبير من المهرجانات السينمائية في العالم. خصوصاً ان "الجونة" لا يدعّي تقديم شيء مختلف عن السائد، ولا يرفع عناوين فضفاضة (سوى شعار "سينما من أجل الإنسانية" الساذج بعض الشيء)، أو يتماهى مع تيمات. "الجونة" حتى الآن سلة عروض. اللافت قول التميمي ان الأهم ليس اختلاف المهرجان عن غيره، بل ان يشبه اصحابه والمكان الذي ينبثق منه.

لولا العاصفة الترابية التي هبّت على البلدة الساحلية ليلة الافتتاح، لجرت الأمور بسلاسة أكبر. حصل ما لم يكن في الحسبان، ربما: الشاشة الضخمة راحت تهتز. ثم، عندما انطلق العرض، ظهر انعكاس داخل الصورة، ما شوّش العرض وأثار امتعاض عمرو سلامة الذي سارع إلى ايقاف الفيلم، ثم تشغليه مجدداً بعد حلّ المشكلة. لكن الهواء ظلّ يلعب خلف الشاشة وارتفع الضجيج في باحة مسرح المارينا، وخصوصاً مع خروج الكثير من الضيوف فور انتهاء الافتتاح.

بعدما انسحبت الرياح في اليومين التاليين للافتتاح، بدت العروض الخارجية في مسرح المارينا مقبولة إلى حدّ كبير، صوتاً وصورة، وهذا ما أثار حماسة الناقد السينمائي أحمد شوقي الذي قال: "عروض الهواء الطلق أجمل طقس وشاشة وصوت وصورة رأيت في مهرجان مصري. يمكن أحدنا ان يشاهد ستة أفلام واحداً تلو الآخر بلا ملل".

ذروة الافتتاح كانت عندما نعت ممثل فيلم "شيخ جاكسون"، أحمد الفيشاوي، شاشة العرض بـ"البتاع الخرا". زلة عاد واعتذر عنها في اليوم التالي، الا انه لم يعلق في بال الكثير من المواقع الالكترونية الباحثة عن أخبار سطحية سوى هذه اللحظة، فراحت تقيم حدثاً ثقافياً وليداً انطلاقاً من حادثة عابرة أُعطيت من الاهتمام ما لا تستحقه.

كان واضحاً ان الدنيا ستقوم ولن تقعد منذ اللحظة التي تفوه فيها الفيشاوي بتلك الكلمة. فبعض الكلمات متل طلقة نارية، وخصوصاً اذا خرجت على مرأى ومسمع صحافة تبحث عن أمور كهذه لتضخيمها وتسويقها. في هذا الصدد، كتب الناقد السينمائي نديم جرجوره: "ما قاله أحمد الفيشاوي، رغم سوئه، أصدق بكثير من ترّهات عادل إمام و"قفشاته" المملة وزعامته الباهتة، وأصدق بكثير من بلاهة مادحيه في شريط تكريمي قبيح ومدّع".

لم يمر عرض "قضية رقم ٢٣" لزياد دويري المشارك في المسابقة الرسمية (فيها 14 فيلماً) بلا مناوشات وبعض الجدل. كالعادة، كلّ شخص قارب الفيلم انطلاقاً من اقتناعاته السياسية وموقفه من القضية المطروحة والأفكار المسبقة التي بدا ان بعضهم غير مستعد للتخلي عنها. فكان نقاشٌ حامٍ بعد العرض.

المهرجان ذو طابع دولي، ولكن الغلبة كانت في طبيعة الحال للضيوف المصريين والعرب. ولعل من الضروري رسم إتجاه واضح للمهرجان، على نحو لا يضع انفتاحه على العالم في دائرة الخطر. فالهيمنة المصرية خطر يهدد حدثاً من هذا النوع. ثم ان اكتساب أي تظاهرة سينمائية طابعاً دولياً ليس قراراً، ولا يتحقق فقط من خلال اختيار أفلام من القارات الخمس، وفي هذا المجال يجد المهرجان نفسه في المستقبل أمام تحديات كبيرة لاستقطاب أسماء كبيرة.

في مجال آخر، كان يمكن، على الأقل في دورة أولى ونظراً للامكانات المتوافرة، تشكيل لجان تحكيم من أسماء أرفع شأناً، رغم ادراكنا صعوبة هذا الأمر، نظراً لارتباطات الفنانين ومسائل تقنية اخرى. فمجموع أعضاء لجان التحكيم في المسابقات الثلاث يبلغ عددهم 15، نصفهم عرب ونصفهم أجانب.

عموماً، هذا حدث ثقافي يعمل على خلق مساحة مشتركة بين السينما والسياحة، أهدافه واضحة ونيّاته معلنة، وهو قادر على تجاوز العقبات بقرار سياسي. بين لحظتين، الافتتاح والختام الذي سيشهد عرض فيلم "تدفق بشري" للصيني آي وايواي - يضع الاصبع على جرح التشرد واللجوء - استطاع بعض السينيفيليين (منهم مَن جاء من القاهرة خصيصاً) معاينة مجموعة من الأفلام التي نالت التقدير في المهرجانات الدولية، منها "الساحة" للأسوجي روبن أوستلوند الفائز بـ"سعفة" كانّ هذه السنة.

يبقى التحدي الأكبر: كيفية جذب الجمهور في بلدة عدد سكانها عشرة الآف نسمة. الشروط التقنية من صوت وصورة متوافرة في الصالات التي تُعرض فيها الأفلام (نحو 2000 كرسي موزعة على خمس صالات). التزام مواعيد العرض وعدم الغاء أفلام أو استبدالها في اللحظة الأخيرة من الأشياء التي لاحظناها أيضاً، وهذا شرط أساسي لايصال أي مشروع إلى الاحترافية. حقيقة يدركها جيداً انتشال التميمي، اذ يقول ان تشكيل برنامج رائع يكون نجاحه ناقصاً اذا لم يوازه وجود دور عرض كافية وملائمة.

النهار اللبنانية في

27.09.2017

 
 

انتصار دردير تكتب:

«القضية رقم 23».. تكشف المكبوت اللبناني والوجع الفلسطيني

تشتعل النيران من مستصغر الشرر، هذا ما ينتهي إليه الفيلم اللبناني «القضية رقم 23» للمخرج اللبناني زياد دويري، الذي عرض مؤخراً في مهرجان فينيسيا وتوج بطله الممثل الفلسطيني كامل الباشا بجائزة أفضل ممثل، كما شارك في مهرجاني تورنتو وتيللورايد فيما رشح ليمثل لبنان في مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، ويشارك في مسابقة الأفلام الطويلة بالجونة السينمائي، ومنحت مجلة فارايتي الأمريكية مخرجه جائزة أفضل موهبة عربية في احتفال أقيم علي هامش المهرجان.

ساعتان من حبس الأنفاس هي مدة عرض الفيلم، الذي يستحوذ عليك وتتعاقب أحداثه ومشاهده في تطور مثير دون أن تطرف عينيك بعيداً عن الشاشة.

عبر موقف يتكرر كثيراً في حياتنا، تنطلق أحداث الفيلم التي تبدأ هادئة بين لبناني يمتلك ورشة لتصليح السيارات وزوجته الجميلة التي تنتظر قدوم مولودتها الأولي وزوجها يتطلع لذلك بشغف فيضع يده علي بطنها يتحسس حركة الجنين، ثمة حوارات عادية بين الرجل وزوجته التي تحثه علي الانتقال لبيت جديد لأجل طفلته القادمة، وتقترح الإقامة في بيت أسرته، فينفعل بشدة دون مبرر مفهوم سيتضح لاحقاً. وبينما يروي الزوج الزرع في شرفته تتساقط مياه الري علي جاره الفلسطيني ياسر سلامة الذي يصعد إليه ليعاتبه، إلا أن اللبناني يرد قائلاً: «ياريت شارون محاكم عن بكرة أبيكم»، مما يدفع الفلسطيني المكلف بمهمة إصلاح في المنطقة إلى كسر «المزراب» الخاص باللبناني، وتندلع معركة بينهما وتفشل محاولات الصلح حيث يطالبه طوني بالإعتذار، ويرفض ياسر، وحينما تلوح بادرة تقدم الفلسطيني باعتذار عن كسره مزراب المياه،  يبادره اللبناني قائلاً «أنتم شعب بلا أصل وليس غريباً أن ترفض الاعتذار»، مايثير ياسر ويضربه، مما يعرض طوني حنا لإصابات بالغة يُنقل علي أثرها للمستشفي، بينما تصدم زوجته وتتعرض لولادة مبكرة حيث يتم إدخال الطفلة الحضانة.

طوال أحداث الفيلم يستعين المخرج بلقطات أرشيفية للرئيس اللبناني الأسبق بشير جميل، وهو يؤكد سياسته التي تتلخص في «لقد أصبح الفلسطينيون مرفوضون بسبب توجهات قيادتهم والمهم آلا يبقوا هنا».

يتحول اعتداء ياسر تجاه طوني حنا إلي قضية في المحكمة، ويحاول القاضي معرفة أسباب تحول ياسر المسالم المفاجيء للعنف، إلا أنه يرفض الإشارة إلي شتائم طوني له، وعندما يتم الحكم بالبراءة للفلسطيني، يتهم اللبناني القاضي بالفساد ويتدخل أحد المحامين الكبار ليسانده وتتحول إلي قضية رأي عام.

وفيما يشتعل الشارع اللبناني بالحدث وينقسم بين مؤيد ومعارض، ويتدخل الإعلام ليفتح الملفات القديمة بين الفلسطينيين واللبنانيين، ويفند كلاً منهما حججهما ومبرراتهما، يزداد الموقف إثارة، بينما المتنازعان في حيرة ولا يتزحزحان عن موقفهما رغم أن زوجة كل منهما تحث زوجها عن التراجع وتؤكدان أن الأمر لم يكن يستحق كل هذه المعركة.

 ومن خلال سيناريو متدفق لاهث تتسارع وتيرة أحداثه داخل المحكمة العليا حين ينضم لصف طوني المحامي الشهير وجدي وهبة، والذي يجند كتيبة من المحامين لتأكيد إدانة الفلسطيني، ويبحث في تاريخه ويكشف عن مواقفه السابقة في اعتداءات مماثلة، ليثبت عنف الفلسطيني بينما المحامية الشابة التي تساند ياسر تدفع ببطلان كل هذه الإتهامات وتؤكد براءة موكلها.

من وقت لآخر يدفع المخرج بمفاجآت في الأحداث، حين نكتشف أن المحامي وجدي هو والد المحامية الشابة وهناك حالة تحدى بينهما من يكسب القضية.

دويري الذي يردد دائماً أن اللبنانيين رضعوا القضية الفلسطينية مع الحليب لا يتردد عن تعرية واقع مر يتقاسمه الجميع علي السواء .

 وتكشف وقائع المحاكمة حالة الانقسام في المجتمع، وقد عمد المخرج أن يقف علي مسافة واحدة من طرفي الأزمة، فما إن تميل كفة أحدهما حتي يسارع بكشف حقيقة جديدة تحسن موقف الآخر، ولم يكن ذلك في اعتقادي إلا لإيمانه وقناعته أن الطرفين وقع عليهما ظلماً، وهو مايثبته خلال المحاكمة مستغلاً براعة المحامين.

ومثلما تفاجئنا بأن محامية الفلسطيني هي ابنة محامي خصمها اللبناني، تُفاجئنا الأحداث بتغير موقف المحامي ذاته وابنته فكل منهما يلتمس العذر لخصم موكله وهو ما يؤكد عليه المخرج في النهاية، وإذا كان ياسر سلامة لاجئ فإن طوني حنا لاجئ مثله فقد أفراد أسرته خلال الحرب الأهلية ويرفض الذهاب إلي بيت عائلته الذي تم تدميره، وبالتالي لا أحد منهما يحتكر المعاناة، حيث ينأى الفيلم، الذي كتبه دويري وجويل توما، بنفسه عن تقسيم الحياة والساحة اللبنانية إلى ضحايا ومذنبين أو إلى أخيار وأشرار.

ومن ثم، لم تعد القضية قضية ياسر وطوني وأصبحت أي محاولة منهما للإقرار بالذنب بأي صورة من الصور «خذلاناً» للجانب الذي يؤيد ما يتبناه من فكر.

صحيح كانت هناك أكثر من نهاية في الربع الأخير من الفيلم، إلا أن ثمة تفاصيل إنسانية سلط المخرج عليها الضوء، فحين يدير ياسر سيارته بعد فاصل من المحاكمة يكتشف أنها معطلة ويلاحظ طوني ذلك فيعود بسيارته ويقف ليصلحها، وفي لقاء الرئيس بهما نتصور أن هناك أمراً رئاسياً سيصدر لينهي هذه المعركة لكنها تستمر مشتعلة، ثم يختار المخرج نهاية تؤكد عدم إدانة ياسر، وخارج المحكمة نلمح ابتسامة علي وجه كل من الفلسطيني واللبناني.

الفيلم ملئ بتفاصيل غنية نسجها المخرج الموهوب بإتقان، وعزفها معه فريق عمل بديع سواء التصوير أو المونتاج والموسيقي الموحية لايريك نوفوه، أما التمثيل فيستحق أيضاً الممثل اللبناني عادل كرم جائزة، فقد كان شديد التميز أمام كامل الباشا.

السجال الذي يرافق دائماً أفلام زياد دويري يبدو أن مؤشره ارتفع مع «القضية رقم 23» خصوصاً أنه نكأ جرحاً عرى الفساد الثقافي اللبناني قبل السياسي، وأزال حاجز  الكراهية ليكشف من وراء الستار مشاعر إنسانية دافئة.

####

غداً: الإعلان عن شراكة جديدة بين ويتكر وساويريس

الجونة ـ «سينماتوغراف»

أعلن مهرجان الجونة السينمائي اليوم عن إقامة مؤتمر صحفي على هامش فعالياته، بحضور الفنان العالمي فورست ويتكر ورجل الأعمال المصري نجيب ساويريس في قاعة أوديماكس بمبنى الجامعة الألمانية، حيث ينوي ويتكر وساويريس الإعلان عن إنشاء شراكة جديدة بينهما، وسيتم الإعلان عن تفاصيلها غداً الخميس في الثالثة عصراً.

####

انتصار دردير تكتب:

«الجانب الآخر للأمل» دعوة لإنسانية قوانين الهجرة

من القضايا التي شغلت السينما العالمية خلال الآونة الأخيرة قضية الهجرة التي باتت تؤرق الحكومات والشعوب علي السواء، ووضعت دولاً منها محاذير عديدة أمام المهاجرين جعلتهم يحتالون في سبيل البقاء، بعدما ضاقت عليهم بلادهم بالحروب  والدمار مما دفعهم للهرب بحثاً عن أمان مفقود.

من الأفلام المهمة التي تناولت تلك القضية الفيلم الفنلندي «الجانب الآخر للأمل» من اخراج أكي كوريسماكي، الذي فاز بالدب الفضي لأفضل مخرج في الدورة الأخيرة لمهرجان برلين. اشتهر كوريسماكي برؤيته الساخرة والتي ميزت أفلامه مثل «قاعدة اللعبة» و«الرجل بدون ماضي» الذي حصل علي الجائزة الكبري في مهرجان كان السينمائي 2002.

في أحدث أفلامه «الجانب الآخر للأمل» الذي يشارك في مسابقة الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة، يختار كوريسماكي قضية الهجرة  من خلال رحلة الشاب السوري خالد الذي يهرب من نار مدينته حلب، بعد أن فقد أسرته نتيجة الدمار وتفرقوا في رحلة هروبهم حتي أنه يفقد شقيقته مريم  خلال رحلة هروبهما معاً علي الحدود.

 يضطر الشاب لدخول هلسنكي عبر شاحنة فحم، ويتقدم بطلب اللجوء السياسي  إلي السلطات الفنلندية التي تحتجزه في مأوي يضم عشرات المهاجرين الذين ينتظرون تقنين أوضاعهم، ويتعرف علي أحدهم وهو عراقي سبقه إلي المجئ ولديه خبرة تفوقه بالإجراءات الطويلة، التي يستغرقها الحصول علي الإقامة القانونية.

بعد بحث حالته وأوضاع بلاده، وبينما تبث نشرات الأخبار ما يجري من دمار في حلب يأتي رد السلطات الفنلندية برفض طلبه، بدعوي أن بلاده يمكن العيش بها، ويتم حجز تذكرة طيران له للسفر إلي أنقرة علي نفقة السلطات ليعود لبلاده ويتم التحفظ عليه حتي موعد الرحلة، إلا أنه يغافلهم ويهرب ليبدأ سلسلة من المعاناة.

يبدو تعاطف كوريسماكي مع بطله واضحاً منذ البداية، لكنه لايكتفي بهذا التعاطف وإنما ينتقل إلي التحريض أيضاً علي مقاومة هذه الإجراءات اللانسانية، ويستعرض كيف يتعرض بطله لمواقف عنصرية حين يهاجمه بعض مواطنيهم ويعتدون عليه، ويتركونه مصاباً وهم يسخرون منه ويتوعدونه بقولهم «إلي اللقاء ياراكب الجمال»، ثم يتحول إلي مطارد من السلطات التي توقف المشتبه بهم للتحقق من هويتهم.

رغم سوداوية الواقع إلا أن الفيلم يوحي بكثير من الأمل، حين يلتقي الشاب بصاحب مطعم فنلندي، ويحدث بينهما اشتباك طارئ سرعان ماينتهي علي مشهد مناقض تماماً، حيث يأكل خالد بشراهة والرجل ينظر له بشفقة ويتعامل معه بتعاطف كبير، وحين يسمع قصته يجعله يقضي ليلته داخل المطعم ويضمه لفريق العمل، بل ويبدأ في رحلة بحث لاستخراج هوية له حتي لو تم بطرق غير قانونية، وكأنه يقول للسلطات المسؤولة أنتم بلا إنسانيتكم تدفعون اللاجئين لطرق غير قانونية، وأنتم الذين تزرعون الكراهية، وهو ما يؤكده علي لسان خالد الذي يقول لزميله العراقي «كتير حبيت فنلندا، لكن لو وجدت لي مكاناً آخر بعيداً عنها يكون ذلك أفضل».

الفيلم رغم مأساوية قضيته، إلا أن المخرج العبقري يقدم مشاهد تحقق متعة المشاهدة، فهناك الموسيقي الساحرة والأغاني التي تتقاطع مع الأزمة من خلال الفرق التي تقدم أغنياتها في المطعم والبارات التي يرتادها البطل، بل أنه يجعل من بطله عازفاً للعود في بعض المشاهد، ولا يخلو الفيلم أيضاً من لمحات كوميدية حين يقرر صاحب المطعم إضافة السوشي ضمن وجباته لجذب الصينيين المقيميين بالمدينة، وكيف يرتبك الطباخين في إعداده ثم يرتدون الزي الصيني التقليدي ويصطفون للترحيب بهم والانحناء لهم.

لا يكتفي ويكستروم صاحب المطعم بكل ذلك، وإنما ينجح في الوصول لمريم شقيقة خالد التي انقذتها عائلة أفغانية علي الحدود ويجمعها بشقيقها من جديد.

«الجانب الآخر للأمل» هو الجزء الثاني في ثلاثية كوريسماكي عن قضية الهجرة التي قدمه في فيلمه السابق «لوهافر»، حيث يؤكد بنزعة انسانية أن هناك دائماً جانباً آخر للأمل علينا أن نتمسك به، فهو لا يؤمن بأغنية اختارها ضمن أغنيات الفيلم تقول «الطيور التي لا تملك أجنحة عليها البقاء في الأرض الباردة»، بل علينا أن نساعدها علي التحليق من جديد.

####

رحلة كاتب السيناريو في مناظرة أميركية بـ«الجونة السينمائي»

الجونة ـ «سينماتوغراف»

جيف ستوكويل وريتشارد تان اثنين من كتاب السيناريو الأمريكيين من أجيال ومسارات وظيفية مختلفة، داخل وخارج الإنتاج في الاستوديوهات الكبيرة.

جيف ستوكويل هو كاتب ومنتج، والمعروف بأفلامه الناجحة ومنها جسر إلى تيرابيثيا (2007)، الحياة الخطرة لاولاد المذبح (2002) والملازم العثماني (2017).  كتب جيف العديد من السيناريوهات لمشاريع مستقلة كما كتب سيناريوهات لشركات الإنتاج الضخمة، بعض هذه المشاريع حالياً في مراحل الإنتاج منها : (السفر في الزمن) مع ديزني ، (حياتنا البرية ) مع نيو لاين، و رحلة  إدوارد تولان العجيبة مع بلاك لابيل / والدن. في الآونة الأخيرة، قضى جيف عام 2016 ككاتب بعقد في استوديوهات بيكسار للرسوم المتحركة، وكان مدربا مستمرا  مع مختبر كتابة السيناريو في فيلم إنديبندنت منذ عام 2004.

أما ريتشارد تان فهو مخرج وكاتب وممثل، اشتهر بسبب فيلمه الأول ( في الحي الجنوبي..معك) إنتاج 2016، الذي حصل على العديد من الجوائز والترشيحات، بما في ذلك جائزة جوثام لأفضل مخرج جديد للعام، وجائزة الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين لأفضل كتابة سينمائية. في عام 2014، تم تعيين تان لكتابة سيناريو أصلي لاستوديوهات بيكسار للرسوم المتحركة. أمضى بعدها عامين في العمل بشكل وثيق مع جون لاسيتر، الرئيس الإبداعي لديزني / بيكسار.

وفي هذا اللقاء تناقش الكاتبان حول الطرق المختلفة لكيف يصبح الشخص كاتب سيناريو في الصناعة السينمائية، وكيف أن الصناعة نفسها تتطور، وكيف أن هذا ينعكس على طبيعة القص والهيكل نفسه. هذه المحاضرة قدمت بالشراكة مع هيئة عرض الأفلام الأمريكية والسفارة الأمريكية بالقاهرة وشهدت مناقشات واسعة بين الكاتبين وبعض الحضور من كاتبي السيناريو في تجاربهم الأولي.

سينماتوغراف في

27.09.2017

 
 

"قضية رقم 23".. المحاكمة داخل الفيلم وخارجه

أحمد شوقي

أي حديث عن فيلم المخرج اللبناني الكبير زياد دويري الجديد "قضية رقم 23" لابد وأن يقوده صاحبه رغماً عن إرادته إلى محتوى الفيلم الفكري. الرغبة النظرية في الحديث عن السينما لا المضمون السياسي تتبدد في هذه الحالة مع عمل كل ما فيه مرتبط بالسياسة: موضوعه وشكله السردي وما أثير حوله من مشكلات وصلت لتخوين المخرج على صفحات الجرائد (بسبب فيلمه السابق في حقيقة الأمر).

بعد عرض "قضية رقم 23" في مسرح المارينا بالجونة (المسرح الذي ظُلم كثيراً بسبب أحداث حفل الافتتاح، والذي أثبت بعد انتهاء العاصفة الترابية أنه من أفضل قاعات العرض المصرية على مستوى الجودة ومتعة المشاهدة)، قوبل الفيلم باحتفاء كبير من حضور اقترب من الـ800 شخص، لم يعكر صفوه سوى اعتراضات بعض المثقفين الفلسطينيين الذي أدى لإنهاء المناقشة بشكل سريع منعاً لتطورها بشكل سلبي.
ما حدث قد لا يهم القارئ كثيراً، لكنه في رأيي مرتبط بالفيلم نفسه على مستوى الخطاب والصنعة، ففي صف واحد بقاعة العرض يجلس اثنان من المشاهدين، أحدهما يرى الفيلم منحازاً يطرح الخطاب "القواتي" بشكل ظالم للفلسطينيين، بينما يراه الجانب الآخر ـ وبينه كاتب السطور ـ عملاً تصالحياً من الطراز الأول، ينكأ جراح الماضي التي لم تطيب ليخبر جميع الأطراف أنهم بشكل ما نسخ من بعضهم: أبرياء ومخطئين في الوقت نفسه
.

أتفهم بطبيعة الحال أن من يعرف الخلفيات الكاملة للأمر يختلف رد فعله عادة عن الذي يسمع عن الصراع من خارجه، أمر صرنا معتادين عليه في كل عمل به شبهة جدل سياسي أو اجتماعي. لكن المثير في الأمر هو أن اعتراض رافضي الفيلم يمكن الرد عليه من داخل الفيلم لا خارجه، أي أن دويري ـ وهو المخرج المحنك ـ جعل رده على ما سيُقال عن فيلمه داخل الفيلم نفسه في فعل لا يمكن وصفه إلا بالذكاء.

"كان ينبغي أن تتحدث عن كذا"، "لماذا لم تشر لحقيقة كذا؟"، "الفيلم يبسط الأمور لأنه يتجاهل كذا".. هذه باختصار طبيعة أغلبية الاعتراضات الموجهة للفيلم، والتي يرد عليها الفيلم من داخله بأن أحد أسباب الاحتقان المزمن للمشكلة هو أن هذا الـ "كذا" هو فقط المسموح بتداوله، بينما يتعرض الخطاب المقابل لقدر المنهزمين: يصير ممنوعاً ملعوناً، ويُترك داخل نفوس أصحابه ليتقيح ويفرز المزيد من العنصرية والكراهية.

"ليس من حق أحد احتكار المعاناة" هي العبارة التي تُقال خلال المحاكمة وتعكس فلسفة الفيلم الرئيسية، ليبقى السؤال الموجه للغاضبين: إذا ما كان الفيلم قد سكت ـ وهو لم يفعل ـ عن تقديم الخطاب المواجه للبطل القوّاتي (عادل كرم)، فلماذا نتفهم جميعنا معاناة خصمه الفلسطيني (كامل الباشا) ونقع في غرام صلابته ونقائه وإمساكه عن التلفظ بما يجرح كرامته وإن تسبب في الإضرار بنفسه وموقفه القانوني؟

لماذا يتم تجاهل حقيقة أن هذا المهندس الصموت كمأساة هو أجمل وأنبل شخصية فلسطينية شوهدت على شاشة السينما لعقود؟ وهل كان من الأفضل أن نراه يلقي خطباً عصماء عن المعاناة الفلسطينية مثلاً كي يخلق التوازن الذي يتحدث عنه المعترضون؟

ياسر رجل بالغ ناضج شريف، يواجه طفلاً عنصرياً لا يتوقف عن إهانته فيحاول ألا ينزلق لمستواه رغم كل الساخطين والمتظاهرين في الخلفية. الفيلم يقول أن جوهر الرجلين واحد، لكن أحدهما أخذ الفرصة مئات المرات لأن يعاني ويحزن ويعبر عن ألمه فصار معجوناً بالمأساة، والآخر لم يُسمح له بالتعبير فصار قنبلة عنصرية موقوتة تنتظر لحظة للانفجار وإن كانت مشادة لفظية يمكن أن تنتهي في ثوان.

طوني وياسر رجلان كان من الممكن في عالم مواز أن يجمعهما أكثر ما يفرقهما. يجمعهما حبهما لإتقان العمل واعتداد كل منهما بنفسه وإخلاصه لأسرته، يجمعهما جوهر إنساني نبيل يختفي تحت ركام احتقان يعمل كل من حولهما على أن يظل باقياً. وفي لحظات عديدة يكاد أحدهما أن يعتذر أو يعترف وينهي كل هذه المهزلة، لكن القوى الخارجية تأبى أن تسمح لكل منهما إلا أن يصير رمزاً ولو على حساب سعادته وسعادة أحبائه.

فالمهم هي القضية ـ بطرفيها ـ وليذهب أصحابها للجحيم. أو كما قال المخرج الكبير يسري نصر الله في حوار حول فيلمه "باب الشمس": الجميع يحب القضية الفلسطينية لكن لا أحد يحب الفلسطينيين أنفسهم!

ما يفعله زياد دويري بنجاح كبير هو قلب ميزان تقييم الشخصيات من بداية الفيلم لنهايته. في البداية كان طوني وياسر ـ خاصة الأول ـ يتصرفان بغرابة وشطط أكبر من خلاف يمكن حله ببساطة، لكن مع المُضي قدماً يصيران هم الأكثر عقلاً في عالم كل ما فيه يدفعهما للجنون. فردية التجربة وتعلقها بحياة كل منهما وأسرته، والتفهم الجزئي والتدريجي الذي يتسلل لنفس كل طرف تجاه الآخر، يجعلهما يدركان ـ دون تصريح أو خطابة أو نهايات ميلودرامية ـ أن السير وراء الجماعة وقيمها ليس دائماً هو الخيار الأصوب أو الأنبل.

"قضية رقم 23" انتهت وطرفيها أكثر قرباً، بينما زاد من حولهم ـ ومن شاهدوا الفيلم ـ انقساماَ، وكأنه قدر هذه المنطقة أن تنتهي أي محاولة للتقارب إلى مزيد من التعصب والخطابة والتشرذم.

####

السيناريست هيثم دبور:

هذا المعنى الحقيقي لكلمة "فوتوكوبي".. تمنيت وجود والدي في قاعة العرض

حوار: أمل مجدي

نجح فيلم "فوتوكوبي" في لفت انتباه محبي ومتابعي السينما، منذ بدء الحملة الترويجية له، وطرح الملصقات الدعائية التي يتصدرها محمود حميدة، وشيرين رضا. المفاجأة كانت موافقة عدد من الفنانين الكبار على المشاركة في فيلم يعد العمل الروائي الطويل الأول لمخرجه تامر عشري، وكاتبه هيثم دبور.

ومع عرض الفيلم في مهرجان الجونة السينمائي في دورته الأولى، ومشاركته في المسابقة الرسمية المكونة من 15 فيلمًا، ازدادت رغبتنا في معرفة المزيد عن كواليس هذا الفيلم.

لذلك، أجرى FilFan.com حوار مع مؤلف العمل هيثم دبور، الذي سبق أن كتب عدد من الأفلام الروائية القصيرة مثل "فردي"، والتسجيلية مثل "التحرير 2011" الحائز على جائزة اليونسكو من مهرجان فينسيا، إلى جانب مشاركته في كتابة عدد من البرامج الساخرة التي حققت نجاحا كبيرا منها "نشرة أخبار الخامسة والعشرون"، و" Saturday Night Live بالعربي".

-كيف جاءتك فكرة كتابة فيلم يربط بين الإنسان والديناصور؟

الفكرة ببساطة تتحدث عن رجل متقدم في العمر، ويتمتع بصحة جيدة، يشعر أن كل شيء في الحياة من حوله بدأ في التغير والاختفاء. ورغم تشبثه بهذه الحياة، إلا أنها تختفي من حوله، هذا الأمر متمثل في الشوارع التي يألفها، والتفاصيل الصغيرة التي اعتاد عليها، حتى مهنته كمسؤول عن تجميع الأخبار في إحدى دور النشر لم تعد كما في السابق... باختصار العالم يتطور ويتقدم بشكل أو آخر، ولا يوجد مكان له بين كل هذا

النوستولجيا أصبحت مسيطرة على كل شيء، مثال على ذلك حزن البعض على هدم مدينة الملاهي "السندباد"، رغم انقطاعهم عن زيارتها منذ سنوات عديدة. الارتباط بالماضي أمر جيد، ولكن لا يجب أن نكون أسرى له، علينا التأقلم والتطور. إذا كانت مدينة "السندباد" استطاعت مواكبة التغير، كان سيتغير مصيرها وتصبح مثل مدينة "ديزني لاند" المتواجدة منذ منتصف القرن الماضي.

بطل الفيلم يشعر أنه بحاجة إلى التأقلم، ونظرًا للفراغ الذي يسيطر على حياته، يصبح مهووس بالديناصورات عندما يقرأ عنهم، وينشغل بمصيرهم.

-كلمة "فوتوكوبي" لها أكثر من معنى ودلالة في الفيلم، ما هو المعنى الأقرب لفكرة الفيلم بالنسبة لك؟

هو انعكاس لكل الشخصيات الموجودة في الفيلم، فإذا أصبح الأبطال نسخ مصورة من كل شيء حولهم، سيفقدون القدرة على التميز. مثلا شخصية "صفية" التي جسدتها الممثلة شيرين رضا، مسيطر عليها الأفكار التقليدية المتمثلة في أنها أصبحت سيدة عجوز، ومريضة، تعيش الأيام المتبقية من عمرها دون أي جديد. هذا هو معنى "فوتوكوبي" أنها تتعامل مع الوضع كما يتعامل الجميع، فهل ممكن رفض هذا المصير، والاقدام على التغير؟ الفيلم يدعو للتغير بشكل أو آخر، هذه الشخصيات تصارع من أجل ألا تصبح نسخ مصورة من بعضها البعض.

إلى جانب أنه اسم شخصية الممثل محمود حميدة في الفيلم، "محمود فوتوكوبي"، الرجل البسيط الذي يمتلك محل لتصوير الأوراق.

-هل التكنولوجيا ممكن أن تكون السبب في تحول الأشخاص إلى نسخ مصورة، أو أنها تجعلهم يشعرون بأنهم معرضون للانقراض؟

ليست التكنولوجيا وحدها، بل تغير الوقت، والتفاصيل، والحياة بشكل عام، هذا التغير الذي يجعلنا غير قادرين على معرفة المستقبل، وتوقع مصيرنا. نحن بحاجة إلى القدرة على تقبل التغيرات، التي تؤثر على كل ما يحيط بنا. هذا التقبل يمس الفيلم أيضًا، لأنه مختلف، في فكرته وإيقاعه، وأداء أبطاله... عليك أن تفتح عينيك على كل ما هو مختلف، وتحول تقبله، كي تتطور.

-العمل مع مخرج يخوض تجربته الأولى كان مغامرة بالسيناريو أم كان أفضل في الحوارات والنقاش عن التعامل مع مخرج لديه خبرات سابقة؟ 

أعتقد أن الفيلم ينادي صاحبه، فقد تعاونت مع تامر عشري في تجارب سابقة، وأعرفه جيدًا، وأفهم قدراته. لذلك، عندما كتبت النسخة الأولى من السيناريو، كنت متحمس أن يخرجه، ومتوقع أن يُعجب به لأنه يشبهه، السيناريوهات تشبه أشخاصها.

المهم إذا كانت هذه التجربة الأولى أم العاشرة، أن يكون المخرج قادر على قراءة أفكار الفيلم، واستيعابها، وليس منفذ فقط للسيناريو.

-ما السر وراء اختيار مكان الأحداث ليكون منطقة "عبده باشا" في العباسية؟

أولًا أنا نشأت في هذه المنطقة، كما أنها تتماشي مع طبيعة مهنة تصوير المستندات، المنتشرة بسبب قربها من جامعة عين شمس. هذه المنطقة تمثل مفردات مختلفة منها تحول الحي من مجموعة من القصور والفلل إلى عمارات غير متناسقة، وتغير الطبقة الاجتماعية القاطنة به، هذا يشبه "محمود" بطل الحكاية الذي تغير كل شيء من حوله.

-من الممثل الذي شعرت أنه جسد الدور بإتقان شديد وفوجئت بأدائه على الشاشة؟

الحقيقة أن جميع الممثلين قدموا أدوارهم بإتقان شديد، وبذلوا جهد كبير مع تامر عشري من أجل أن يخرج الفيلم بهذا الشكل. الفيلم يقوم على شخصيات بالأساس، لا يدعى أكثر من ذلك، نحن نقدم حياة هؤلاء الأشخاص في إطار حكاية مترابطة.

-بدأت بتأليف الكتب والروايات مثل "إشي خيال"، و"مادة 212"، ثم انتقلت لكتابة أفلام قصيرة وتسجيلية، والآن تقدم فيلمك الروائي الأول، ما الأمتع بين هذه الأنواع المختلفة من الكتابة بالنسبة لك؟

كل نوع يحمل متعة خاصة، ما زالت مهتم بكتابة الكتب، فهي تجربة ذاتية خالصة، فيما تعتبر كتابة السيناريو عمل جماعي. استمتع بكل ما أكتبه، لأني في الأساس أكتب لنفسي، لرغبتي في تقديم موضوعات محددة بشكل مختلف، وأسعى بعد ذلك لتنفيذها سواء في كتب أو أفلام.

-شاركت في كتابة عدد من البرامج الكوميدية، لماذا لم يكن أول فيلم روائي يحمل طابع كوميدي؟

أول فيلم ليس كوميديًا، ولن يكون الثاني ولا الثالث أيضًا. فالعمل الجديد الذي أعمل عليه حاليًا بعيد تمامًا عن الكوميديا. أفضل تقديم مجموعة من الأفلام التي من الممكن أن تعيش، وتجد لنفسها مكانًا مع الوقت، وهذا على الرغم من أن الأفلام الكوميديا أسهل في الكتابة بالنسبة لي، ومن المتوقع أن تكون تجارية، وتنجح في تحقيق إيرادات عالية.

في رأيي الفيلم الجماهيري هو الذي تتمكن من مشاهدته بعد مرور وقت على صدوره في دور العرض، نحن لا نتذكر إيرادات أفلام مثل "إشاعة حب"، أو "عائلة زيزي"، لكنها أفلام كلاسيكية بسيطة نجحت في أن تظل متواجدة حتى يومنا هذا. أتمنى تقديم هذه النوعية حتى لو كانت أفلام كوميدية، المهم أن تعيش مع الزمن.

-في وقت سابق، كتبت على حسابك الرسمي على موقع Facebook، أن والدك وصف أفلامك السابقة بأنها أفلام غير جادة نظرًا لأنها لا تُعرض في دور العرض، ما هو تقييمك أنت لتجربة "فوتوكوبي" واختلافها عن أفلامك السابقة؟

كنت أتمنى أن يكون والدي متواجدا معي عند عرض الفيلم في مهرجان الجونة السينمائي، نظرًا لحضور عدد كبير من صناع السينما، والفنانين الكبار، والجمهور أيضًا. تمنيت أن يرى ردود فعل الفنانين الذين أشادوا بالفيلم، ووصفوه بكلام إيجابي. بالتأكيد، شاهد أفلامي السابقة، وكان فخورا بما أقدمه، ولكن لأنه أكبر في السن، كان معياره أن الأفلام الحقيقية هي التي تًعرض في دور العرض السينمائي، ويشاهدها الجمهور.

####

ندوة صناع فيلم "فوتو كوبي":

محمود حميدة يكشف سبب مشاركته في العمل

مي فهمي

انتهت مساء الأربعاء ٢٧ سبتمبر ندوة خاصة بصناع فيلم "فوتو كوبي" بعد عرضه الثاني ضمن فعاليات الدورة الأولى من مهرجان "الجونة السينمائي".

وحضر الندوة كل من الفنان محمود حميدة وأحمد داش وعلي الطيب ويوسف عثمان والمخرج تامر عشري والمؤلف هيثم دبور والمنتج صفي الدين محمود.

ويقدم موقع FilFan.com لقرائه أبرز تصريحات صناع العمل في الندوة

أوضح محمود حميدة أن سبب قبوله المشاركة في فيلم "فوتو كوبي" حماسه الشديد للتعاون مع مخرج ومؤلف في عملهما الأول، كما أنه قصة العمل شدته منذ قرأته للمرة الأولى.

وأضاف محمود حميدة أنه لا يشعر بالخوف من مشاركة صناع عمل في بداياتهم ولا تقلقه خوض التجارب مع الجيل الجديد بل بالعكس أنه يحاول الاستفادة من رؤيتهم الشبابية ليرى من خلالها تجارب مختلفة في الحياة .

وقال المؤلف هيثم دبور أن كتابة السيناريو كانت رحلة طويلة لأن كل فرد من أفراد العمل له رؤية حقيقة حرص على إضافتها.

وكشف أحمد داش أنه استند على شخصية "عبد العزيز" من بعض الأشخاص الذين كان يلقاهم في الحياة ويراهم دون التعامل معهم.

والفيلم إخراج تامر عشرى، تأليف هيثم دبور، ويشارك في بطولته أيضا فرح يوسف، علي طيب، أحمد داش ومن إنتاج "ريد ستار" في ثالث أعمالها الروائية الطويلة بعد "نوارة" للمخرجة هالة خليل و"الأصليين" للمخرج مروان حامد.

تدور أحداث الفيلم حول شخصية محمود الذي في أواخر الخمسينيات من عمره، صاحب مكتبة لتصوير ونسخ المستندات فى حى عبده باشا، أحد أحياء الطبقة المتوسطة

وكان محمود يشتغل عامل جمع في إحدى مطابع الصحف المملوكة للدولة، هذه المهنة انتهت حين شرع العاملون في الصحافة باستخدام حواسيبهم الشخصية ويرسلون مقالاتهم عبر منظومة إلكترونية، ما أدى الى اعادة توزيع أبناء هذه المهنة المنقرضة على إدارات أخرى، مثل؛ الأرشيف والكافتيريا وغيرها.

بالنسبة لمحمود قرر تسوية تقاعده المبكر، وفتح محل خاص به، يقضي معظم وقته في توصيل الطابعة بالفلاشات وطبع محتوياتها، وفي أحد الأيام جاء اليه زبون وطلب منه طباعة ورقة بحثية موضوعها حول الأسباب التي أدت الى انقراض الديناصورات، وأصبح الرجل بعدها مهووساً بذلك الموضوع، وهو ما قد يفسر سبب تدهور وضعه المالي، وتضاؤل أعداد زبائنه.

موقع "في الفن" في

27.09.2017

 
 

فركة كعب

طارق الشناوي

هل من الممكن أن نختصر حالة مهرجان (الجونة) إلى مجرد أموال ترصد من الشقيقين ساويرس (نجيب وسميح) ولهذا تُفتح أمامهما كل الأبواب المغلقة؟ إنها الصورة الذهنية التى رسختها السينما، عن رجل الأعمال، الذى ينفق ببذخ لتحقيق أهدافه، بينما الحقيقة تؤكد أنه لا شىء يرصد بدون خطة ومردود، تسبقها دراسة جدوى.

تنقل (الميديا) صورا لأغلب النجوم حتى مشاهير المطربين وليس فقط نجوم السينما، الذين حرصوا على المجيء إلى (الجونة)، ومن غادر الموقع قبل الختام سيعود ليشارك فى ليلة الوداع، وهو ما منح قدرا من الوهج لا يمكن إنكاره للجونة فى نسخته الأولى.

صار نجومنا المصريون يلاحقهم تساؤل هل يدعمون أيضا مهرجان (القاهرة) الذى يفتتح دورته رقم 39 بعد أقل من شهرين، أم أن هذه نقرة وتلك نقرة؟.

لا فرق عندى بالمناسبة بين مهرجان خاص ومهرجان تقيمه الدولة، كل منهما يحمل اسم مصر للعالم، ونجاحه هو بمثابة دعم لنا على كل المستويات، (القاهرة) برغم كل شىء هو العنوان الرسمى، كان وسيظل، و(الجونة) من حقه أن يحتل مساحة على الخريطة، إلا أنه لا يمكن أن يُصبح بديلا له، انطلق (القاهرة) قبل نحو 41 عاما فتيا وقويا برئاسة كمال الملاخ (رئيس جمعية كُتاب ونقاد السينما) الكاتب والصحفى والأثرى والناقد الكبير من أجل تحقيق هدف عزيزالمنال وهو أن تقتنص مصر مساحة سينمائية مستحقة، على خريطة مهرجانات العالم، قبل أن تسطو عليها إسرائيل.

شابت التجربة بعض الأخطاء، وتولى سعدالدين وهبة القيادة بأستاذية واحترافية وصار للدولة تواجدها المباشر فى المهرجان منذ عام 85، كان وهبة، مستقلا اقتصاديا بمهرجانه عن الدولة، بينما أدبيا وسياسيا كان يدرك جيدا أين هى المحاذير؟ واستمرت المسيرة حتى رحيله 97، ليمسك حسين فهمى بعدها بدفة القيادة، حفر حسين بصمة خاصة، ليست هناك مقارنة بين وهبة وفهمى، كل منهما لديه منهج خاص، عندما اختلف حسين مع وزير الثقافة تقدم باستقالته.

وتتابعت الأسماء حتى تولى القيادة الناقد الكبير سمير فريد فى الدورة التى أقامها 2014، سمير يملك الكثير بخبرته العريضة إلا أنه اصطدم بالروتين وتقدم باستقالته، وجد نفسه لا يعزف ألحانه بقدر ما يدافع عن قيثارته، وعلى مدى ثلاث دورات متتالية تحاول ماجدة واصف رئيسة المهرجان ويوسف شريف رزق الله المدير الفنى الدفاع عن القيثارة، إلا أن هناك معوقات إدارية، لتحطيم القيثارة.

يحلو للبعض المقارنة بين (القاهرة) و(الجونة). الغاضبون من الجونة، يقولون إنها فقط فلوس نجيب وسميح ولو وضعناها فى أى يد أخرى ستحقق نفس النتائج إذا لم يكن أفضل، وهم بهذا يغفلون الدور الذى يؤديه بكفاءة انتشال التميمى المدير الفنى مع فريق العمل، بينما المتربصون بمهرجان القاهرة يقفون على الجانب الآخر مرددين على (القاهرة) أن يتعلم من (الجونة).

دعم المهرجانين أراه فرض عين علينا جميعا، فى نفس الوقت لا نغض الطرف عن الخطأ، مصر تستحق أن يحمل اسمها للعالم مهرجان يقيمه القطاع الخاص بكل ما يحمله من مرونة فى الحركة، وآخر تقيمه الدولة بكل ما تملك من إمكانيات، وعلى نجومنا أن يثبتوا أنهم كما سافروا إلى (الجونة) داعمين سيذهبون أيضا إلى (القاهرة)، بينهم و(القاهرة) مجرد (فركة كعب)، فهل يقطعونها؟.

tarekelshinnawi@yahoo.com

####

«فوتو كوبي» فيلم بشعار «سينما من أجل الإنسانية» في «الجونة السينمائي»

كتب: أحمد النجار

جاء عرض الفيلم المصرى «فوتو كوبى» كثانى الأفلام المصرية المشاركة فى مسابقة مهرجان الجونة السينمائى دعماً لشعار الدورة الأولى للمهرجان، وهو «سينما من أجل الإنسانية». الفيلم هو التجربة الأولى لمخرجه تامر عشرى ومؤلفه هيثم دبور، ومن بطولة محمود حميدة وشيرين رضا وعلى الطيب وفرح يوسف وبيومى فؤاد وأحمد داش ويوسف عثمان ومحمد عبدالرؤوف. أكد الفنان محمود حميدة أنه وافق على بطولة الفيلم بعد جلسة قصيرة جمعته بالمخرج تامر عشرى. وقال «حميدة» عقب عرض الفيلم بمهرجان الجونة السينمائى إنه تعرَّف على «تامر» أثناء تصوير فيلم «نوارة»، وكان يعمل مع طاقم إنتاج العمل، ولم يعرف وقتها أنه مخرج، وعندما عرض عليه الفيلم طلب قراءة السيناريو ووافق بعدها مباشرة. وأعرب «حميدة» عن سعادته بمستوى الفيلم وردود الأفعال عنه. وشدَّد المخرج تامر عشرى على أن التجربة الأولى دائماً تحمل الكثير من الطموح، وأيضاً الرهبة من الجمهور عند العرض. وقال: راهنت فى «فوتو كوبى» على أن يمسَّ الفيلم وشخصياته وجدان الجميع، وتعلمت الكثير من محمود حميدة أثناء تصوير الفيلم.

وكشف أن ملامح شخصية «صفية» التى جسَّدتها شيرين رضا فى الفيلم وضع المؤلف هيثم دبور جزءاً كبيراً منها فى السيناريو، وطوَّرها مع شيرين قبل التصوير من طريقة سيرها.

وقال المنتج صفى الدين محمود إنه لم يتردد فى قبول دعوة مهرجان الجونة لمشاركة فيلمه بمسابقته الرسمية لأنه يرى أن المهرجان خطوة فى طريق دعم صناعة السينما المصرية، وأنه واعد ومبشر. وقال المؤلف هيثم دبور إن الفيلم لا يتعمَّد تقديم فكرة النوستالجيا، وإنما يقدم نماذج إنسانية وحالة فنية خاصة جداً.

تدور أحداث الفيلم حول شخصية «محمود»، فى أواخر الخمسينيات من عمره، صاحب مكتبة لتصوير ونسخ المستندات فى حى عبده باشا، أحد أحياء الطبقة المتوسطة. كان «محمود» يعمل «عامل جمع» فى إحدى مطابع الصحف المملوكة للدولة، هذه المهنة انتهت حين شرع العاملون فى الصحافة فى استخدام حواسبهم الشخصية وإرسال مقالاتهم عبر منظومة إلكترونية، ما أدى إلى إعادة توزيع أبناء هذه المهنة المنقرضة على إدارات أخرى، مثل الأرشيف والكافيتريا.. وغيرهما.

بالنسبة لـ«محمود» قرَّر تسوية تقاعده المبكر وفتح محل خاص به، يقضى معظم وقته فى توصيل الفلاشات بالطابعة وطبع محتوياتها، وفى أحد الأيام جاء إليه زبون وطلب منه طباعة ورقة بحثية موضوعها حول الأسباب التى أدت إلى انقراض الديناصورات، وأصبح الرجل بعدها مهووساً بذلك الموضوع، وهو ما قد يفسر تدهور وضعه المالى وتضاؤل أعداد زبائنه.

حول أسباب اختيار «فوتوكوبى» ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة قال انتشال التميمى، مدير المهرجان: يأتى اختيار فيلم «فوتو كوبى» تأكيداً على اهتمام المهرجان بالسينما المصرية الشابة الواعدة، ولتكون الجونة متنفساً حقيقياً وكبيراً لانطلاق تلك التجارب نحو آفاق عربية ودولية واسعة.

وأضاف: الفيلم تجربة سينمائية مميزة بموضوعها غير التقليدى وفكرته العميقة مليئة بالمواقف الإنسانية، والأداء المميز لنجميه محمود حميدة وشيرين رضا وبقية الممثلين عزَّز كثيراً من قيمته.

####

محمود حميدة:

التقيت بوزير التعليم لمنع مضايقات تعرض لها طفل «بحب السيما»

كتب: أحمد النجار

قال الفنان محمود حميدة، إن الفنان الراحل عمر الشريف كان مرشحا لدور «طبل» فى فيلم «جنة الشياطين» وإنه أرسل إليه السيناريو لقراءته ولم يرد على الترشيح.

وأضاف «حميدة» فى «الماستر كلاس» الذى جمعه بالمخرج أسامة فوزى على هامش مهرجان الجونة السينمائى، إن تجربتهما التالية كانت فى فيلم «بحب السيما» وهو فيلم وصفه بـ«خاص جدا»، وكان مهموما بالطفل يوسف عثمان نتيجة التحول الذى سيعيشه فى حياته الطبيعية بعد الفيلم، وإنهم استعانوا بمتخصص فى علم النفس لمرافقة الطفل أثناء التصوير، لأن كل الأطفال الذين مثلوا وهم صغار لم يستكملوا مشوارهم باستثناء شيرلى تمبل وفاتن حمامة ولبلبة.

وأوضح إنه التقى وقتها بوزير التربية والتعليم الراحل، الدكتور حسين كامل بهاء الدين، بسبب بعض المضايقات التى تعرض لها يوسف أثناء الفيلم.

وطالب حميدة بضرورة إصدار قانون لتنظيم صناعة السينما لحمايتها وقال: إن قانون غرفة صناعة السينما أصدرته وزارة الصناعة ولذلك تخضع لها فى الوقت الذى تتولى فيه الغرفة مهمة الإشراف وتنظيم صناعة السينما المعنية بها أصلا وزارة الثقافة

وإنه فى ظل عدم وجود قوانين للصناعة فلن تكون هناك حقوق فكرية ولا مادية، وأشار إلى أنه كمنتج مان مهتم بحقوق الفنيين الذين يحصلون على أجور ضعيفة ولذلك قرر مضاعفة أجورهم فى فيلم جنة الشياطين الذى أنتجه والتقاه يوسف شاهين ذات مرة وقال له انت كده هتبوظ علينا السوق. وواصل: إن ما يميز أسامة فوزى عن المخرجين الآخرين هو أنه يعرف جيدا ما يريده من الممثل بخلاف مخرجين كبار تعاون معهم، مثل خيرى بشارة أو محمد خان الذى كان يرفض بعض الممثلين العمل معه لأنه يرهق الممثل فيما أن يوسف شاهين كان يجلس مع الممثل قبل التصوير ويستدعى معه أحداثا مرت بحياته ليأخذ منه الإحساس المطلوب، لذلك تأثر به عدد كبير من الممثلين الذين عملوا معه. وذكر حميدة موقفا جمع بينهما أثناء تصوير أحد المشاهد، وطلب منه شاهين أن ينظر إلى عينيه، فقال له حميدة «انظر أنت إلى أذنى وقول لى عاوز إيه فى المشهد».

وقال المخرج أسامة فوزى إن تجربته مع حميدة استمرت عبر 3 أفلام بدأت بعفاريت الأسفلت وجنة الشياطين وبحب السيما، وإنه أخرج أول أفلامه عفاريت الأسفلت بعد 11 عاما من تخرجه من المعهد العالى للسينما وعمل مساعدا لعدد كبير من المخرجين، وإنه اشتغل كثيرا على سيناريو الفيلم بسبب رفضه مرارا من الرقابة، وإنه كمخرج يعرف جيدا كيف يمرر عمله من الحواجز الرقابية وأنه عرض بطولة الفيلم على أحد النجوم الكبار وقتها فأخبره بأن الفيلم ده هو فيلم مخرج وليس ممثل ولذلك قرر إسناد بطولته لنجم آخر وكان محمود حميدة. وأضاف: إنه التقى بحميدة أثناء سفرهما إلى مهرجان قرطاج بفيلم عفاريت الأسفلت، وإنه أعطاه سيناريو جنة الشياطين لقراءته وفوجئ به وهما فى الطائرة يخبره بأنه سينتج الفيلم. وأوضح أن الفيلم مأخوذ عن رواية الرجل الذى قتل مرتين، للكاتب البرازيلى جورج ماماد، وأنه اصطدم بالرقابة ولكنه نجح فى التحايل عليها ونجح أيضا من خلال الفيلم فى رفع سقف الحرية.

####

شيرين رضا:

الممثل «الشاطر» يقدم كل الأدوار

كتب: ريهام جودة

قالت الفنانة شيرين رضا إن تجربتها فى فيلم «فوتو كوبى» مهمة ومختلفة بالنسبة لها، لأنها جسدت خلاله دور سيدة كبيرة فى السن، رغم أنها رأت حين عرض عليها الدور أنه غريب عليها وللمرة الأولى شخصية سيدة تجاوزت الـ60 من عمرها.

وحول تقديم شخصية عجوز، أكدت «شيرين» فى تصريحات لـ«المصرى اليوم» أنها فى الأول والآخر ممثلة، وليس من المفروض أن تظهر بمظهر جيد طوال الوقت وفى كافة أدوارها، سواء من مكياج وتسريحة شعر، فليس من السيئ أو العيب أن تقدم شخصية سيدة عجوز.

وأضافت «شيرين» أنه على الممثل تقديم جميع الشخصيات، واعتبرت الفيلم تجربة مهمة بالنسبة لها خاصة لوقوفها أمام الفنان محمود حميدة الذى تحب العمل معه لأنه شخص رائع وممثل موهوب.

وتابعت إن دور صفية كان بمثابة أمنية ولم تتردد فى تحقيقها، ولم تخش تقديم دور السيدة المسنة بظروفها الخاصة جداً.

وينافس الفيلم على جائزة النجمة الذهبية ضمن عروض المسابقة الرسمية فى الدورة الأولى لمهرجان الجونة السينمائى الدولى الذى انطلق قبل أيام.

المصري اليوم في

27.09.2017

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)